تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المعرب في القرآن الكريم


ساجدة الروح
2008-12-06, 00:09
م ن ق ول للامانة
المعرب والكلِماتِ غيرِ العربيّة الوارِدَةِ في القرآن الكَريم
وذِكْرِ عَدَدِها وأصولِها ...

والجوابُ يبتدئ بالسُّؤالِ :
هل في القرآن الكريم كلمات أو جملٌ بغيرِ لغة العرب ؟
طبعاً، استوعَبَ النّسيج اللّغوي القرآنيّ كلماتٍ غيرَ عربيّة وصَهرَها في قالبٍ عربيّ
فانتهى بِها الأمرُ إلى أن احتلّت مكانَها في البناءِ اللغوي للقرآن الكريم
وأصبحت جزءا من اللّسان العربي (كالقسطاس والإستبرق والسّندس... )

فمع أنّ عربيةَ القرآن الكريم قضيّةٌ محسومة ومعلومة بالضّرورة
فقد دار جدلٌ بين علماء الدّراساتِ القرآنيّة واللغوية قديما ،
وأثار الباحثون المعاصرون حِجاجا طويلا في ما إذا كان في القرآن الكريم ألفاظ دخيلة أو مولّدَة أو معرّبَة؛

فمنهم مَن رفض فكرة وجود الدّخيل أو المعرّب في القرآن الكريم كالإمام الشّافعي
وقالوا إنّ ما ظاهرُه ألفاظ معرّبَة إنّما هو من قبيل المشتَرَك بين اللغات السّامية
فلا تستأثر به لغة سامية على أخرى،

ومنهم من أقرّ بوجود ألفاظ معدودة ذات أصول غيرِ عربيّة، ووجودُها لا يطعن في عربيّة القرآن
وقد ألف العلماء في هذا الباب كثيرا من الكتب لتأصيل عربيّة القرآن والرّدّ على الشّبهاتِ
التي كان يُثيرُها الشّعوبيّون، مثلا كتاب "لغات العرب" للأصمعيّ والفراء و"المهذّب في ما وقع في القرآن من المعرَّب" للسيوطي(1) ...

بل استغلّ المستشرقونَ في العصر الحديثِ هذه القضيّة فدخلوا بثقلِهم الدّيني ليزعموا أنّ القرآن اقتبس كثيرا من الألفاظ السريانية،
والتعصب الديني واضح في مذاهبهم لتعزيز فكرة اقتباس القرآن من الكتب السابقة وتثبيت الزّعم ببشريّة أصول القرآن الكريم
وقد نبّه القرآن الكريم على احتمال إثارة هذه الشبهاتِ والأراجيف عبر التّاريخ فردّ على مَن قال إنّ النبي صلى الله عليه وسلّم
كان يتردّد على أهل الكتاب ليتعلّم منهم (لِسانُ الذي يُلْحدون إليه أعجميّ وهذا لسانٌ عربيّ مبين)

والحقيقة أنّ توافقَ اللغات واقتباسَ بعضها من بعض أمر طبيعيّ غيرُ مستغرَب ولا يحكمُه ههنا منطق الصراع والغلَبَة ،
بل يحكمه منطق التقارُض والتبادل وهو أمر طبيعيّ لا ينبغي أن يُتَجاوزَ بِه إلى تأويلات بعيدة
ومن الحكمة أيضا في اختلاف الألسنة أن يتعلّم الناس من الألسنة ما هم بحاجة إليه، فالمسلم يتعلّم من لسان العرب
ما بلغه جهده حتّى يشهَدَ ألاّ إله إلا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله ويتلو بِه كتابَ الله ويؤدّي الصّلواتِ والفرائض ،
وكلّما ازداد المسلم تعلّما للسانِ العربي ازداد علما وفقها وفهما.

فخرج اللسان العربي من لسان القبائل المعدودة المحدودة وتَجاوَزَها إلى لسان الأمّة وأصبح لسانا ثقافيا يَبْني ويؤسس لثقافة عالمية مشتركة،
ويعبّر عنها ، وصار وسيلةَ الانتماء لثقافة الأمّة وحضارتِها


أمّا عن الإحصاء فهذا أمرٌ يمكن أن ترجعَ فيه إلى البرهان للزّركشي والإتقان للسيوطي والمُعَرَّب للجواليقيّ (2)
ولغات القرآن لأبي عبيْدٍ القاسِم بنِ سلاّم لتطّلعَ بنفسِك على الكلماتِ المولَّدَة والدّخيلَة وعددِها

أمّا مصطلَح "المشترك اللّغويّ" فإذا أطلِقَ بلا قيدٍ فالمُرادُ بِه اشتراكُ عدّةِ معانٍ في لفظٍ واحدٍ، و من المشترك اللفظي في القرآن كلمة (القضاء)
التي تدلّ على الفصل والهَلاك والإعلام والوصيّة والعهد وغيرِها من المعاني المُحتَمَلَة...
وكلمة (الأمّة) و كلمة (الدّين) ...

أمّا إذا قُيِّدَ بالمُعرَّبِ فالمفهومُ منه الكلماتُ المُعَرَّبَةُ التي تحتملُ أكثَرَ من مَعْنى.

والله أعلَم
ـــــــــــــــــــــــ

(1) المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب، جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، شرح: سمير حسين حلبي، *دار الكتب العلمية-بيروت، 1988م
(2) المعرب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم، الجواليقي، وضع حواشيه خليل عمران المنصور، *دار الكتب العلمية-بيروت، 1998م

- المعرب والدخيل في المعاجم العربية، جهينة نصر علي، دار طلاس، دمشق، 2001م في القرآن الكريم

ساجدة الروح
2008-12-06, 00:40
انشاء الله

طالب المعالي
2008-12-12, 10:19
جزاك الله خيرا على هذا المنقول