تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : طلب مساعدة في بحث بسرعة


azadinkaka
2008-12-04, 14:03
طلب مساعدة في بحث بسرعة عن علماء العصر العباسي الأول وجزاكم الله خيرا

dia24
2010-03-03, 22:43
هذا هو بحثي أتمنى أن يعجبك
الرازي الطبيب العالم
http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file32275/1_918_1455_22.jpg
هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي أحد العلماء المسلمين البارزين في مجال الطب، تنوعت مجالات المعرفة لهذا العالم العظيم في العديد من المجالات التي نبغ بها والتي تمكن من تحقيق التكامل بين أفرع العلوم المختلفة لتكمل أحداهما الأخرى ويفوز هو بالنتائج التي يقدمها لخدمة العلم والطب.
نبغ الرازي كما سبق أن ذكرنا في العديد من العلوم منها الطب، الفلسفة، الكيمياء، الرياضيات، العلوم الطبيعية وغيرها الكثير، وكانت من ثمار هذا الجهد المتواصل للرازي مجموعة المؤلفات الضخمة التي تركها إرث من بعده لأجيال من العلماء والدارسين في العديد من المجالات العلمية والتي أخذوها كمرجع لهم في الكثير من المسائل العلمية والطبية.

النشأة
ولد الرازي في عام 865 م في مدينة الري بإيران " تقع شرقي مدينة طهران حاليا "، عرف عن الرازي منذ الصغر عشقه للإطلاع والمعرفة فاتجه نحو الدراسة والبحث وتحصيل العلوم المختلفة، حيث كان يقضي وقت طويل فيهم.
فعمل على دراسة الرياضيات والموسيقى وعندما بلغ الثلاثين من عمره أتجه إلي دراسة الطب والكيمياء، وكانت القراءة هي رفيقه الدائم في رحلته العلمية والتي كان يستغرق فيها أوقاتاً طويلة، وخاصة في فترة المساء فكان يمكث في فراشه يقرأ قبل أن يخلد للنوم.
رحل الرازي إلي بغداد حيث عكف فيها على دراسة الطب واقبل على هذه الدراسة بشغف كبير وإصرار وعزيمة أن يحقق بهذه الدراسة الكثير، وبعد أن أتم دراسته قام بترأس البيمارستان العضدي في بغداد، ثم عاد مرة أخرى إلي موطنه الأصلي في الري حيث شغل هناك منصب رئيس الأطباء في البيمارستان الملكي فيها.

إنجازاته
http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file32275/2_918_1455_22.jpgساهم الرازي بالعديد من الاختراعات والابتكارات في مجال الطب والكيمياء هذا نظراً لذكائه وأبحاثه وسعيه الدائم من أجل العلم مما جعله مساهم أساسي في العديد من الأمور الطبية والعلمية التي يسير عليها الأطباء والعلماء إلي الآن، نذكر من إنجازات الرازي العلمية ما يلي:
- ابتكاره خيوط القصاب من أمعاء القطط هذه الخيوط التي تستخدم في العمليات الجراحية.
- قام باستعمال الفتائل في الجروح.
- كان هو أول من فرق بين كل من الجدري والحصبة وقام بوصف كل منهما وصفا دقيقا.
- قام بتركيب مراهم الزئبق.
وغيرها العديد من الإنجازات الطبية الهامة، فكان الرازي هو أول من استخدم الكيمياء لخدمة الطب فقام بتحضير عدد من المركبات الكيميائية التي تخدم الصيدلية مثل أنه أول من قام بتحضير مادة الكحول من مخمرات محاليل سكرية، وحمض الكبريتيك بتقطير كبريتات الحديد.
كما عمل الرازي على تقديم شرح لعدد كبير من الأمراض منها أمراض الأطفال والنساء والولادة، وجراحة العيون وأمراضها، ومارس الرازي العديد من الأمور الطبية المتخصصة التي نعرفها اليوم في الطب الحديث حيث كان يعتمد في دراساته وأبحاثه على إجراء التجارب والتحقق العملي منها للحصول على النتائج وكان يختبر الدواء أولاً على القرود قبل أن يعطيه للإنسان، كما عمل على متابعة الحالة المرضية وتسجيل التطورات التي تطرأ عليها لكي يتمكن من تقديم العلاج المناسب لها، وعمل على إجراء التحاليل للمريض وقياس النبض لكي يتمكن من تشخيص المرض.
وكان يدعو دائماً للعلاج بالدواء المفرد وعدم اللجوء للدواء المركب إلا في حالات الضرورة، وكان يقول في ذلك " مهما قدرت أن تعالج بدواء مفرد، فلا تعالج بدواء مركب".

شهرته العالمية
نال الرازي شهرة عالمية وذاعت شهرته في العديد من البلاد الأوربية كما لاقت مؤلفاته انتشار هائل وتم ترجمتها لعدد من اللغات الأوربية مثل اللاتينية والفرنسية والألمانية، كما أعيد طبعها أكثر من مرة وضمت المكتبات الأوربية هذه النسخ والتي قاموا باستخدامها كمراجع طبية هامة، ومصدر للدراسة والعلم، وظلت هذه المؤلفات هي المراجع الرئيسية للطب في أوروبا حتى القرن السابع عشر الميلادي.
ومما يدل على مدي تأثير هذا العالم الطبي العظيم على الساحة العلمية هو احتفاظ جامعة "برنستون" الأمريكية بمؤلفاته في واحدة من أعظم قاعاتها، كما قامت بإطلاق أسمه عليها كنوع من التكريم والتبجيل لهذا العالم العظيم نظراً لجهوده العلمية المؤثرة في العلوم الطبية.

مؤلفات الرازي
http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file32275/4_918_1455_22.jpg
أثرى الرازي المكتبة الطبية والعلمية بالعديد من المؤلفات الهامة التي شملت العديد من المجالات فيوجد له مؤلفات في الطب والكيمياء والفلسفة والمنطق نذكر من مؤلفاته الطبية :
الحاوي في علم التداوي، الجدري والحصبة، المنصوري في التشريح، الكافي في الطب، سر الطب، منافع الأغذية، دفع مضار الأغذية وغيرها العديد من الكتب في المجال الطبي، أما بالنسبة لمؤلفاته في الطبيعيات فمنها كيفيات الإبصار، شروط النظر، الهيولي المطلقة والجزئية، هيئة العالم، اشتهر الرازي في علم الكيمياء كواحد من رواد هذا العلم والذي استغرق في دراسته وأجراء العديد من التجارب الكيميائية والتي وظفها في خدمة الطب وعرف الرازي كواحد من تلاميذ العالم العربي الكبير جابر بن حيان رائد علم الكيمياء، ومن مؤلفات الرازي في علم الكيمياء هي سر الأسرار، التدبير، الأكسير، رسالة الخاصة، الحجر الأصفر، هذا بالإضافة إلي مؤلفاته في مجال الفلسفة ومنها المدخل إلي المنطق، المدخل التعليمي، المدخل البرهاني، ويوجد الكثير من المؤلفات الأخرى والتي تضمها أعظم المكتبات حول العالم.

الوفاة
توفى الرازي في عام 936 م، وذلك بعد أن قدم العديد من الخدمات العلمية الجليلة وبعد أن بذل الكثير من الجهود من أجل أبحاثه وتجاربه حتى أنه فقد بصره في أواخر حياته نتيجة لشغفه بالإطلاع المستمر واستغراقه في القراءة لفترات طويلة من الليل.

من أقواله
- عالج أول العلة بما لا يسقط القوة, وما اجتمع عليه الأطباء وشهد عليه الناس وعضدته التجربة وليكن أمامك.
- إن استطاع الحكيم أن يعالج بالأغذية دون الأدوية فقد وافق السعادة.
- ينبغي للمريض أن يقتصر على واحد ممن يوثق به من الأطباء فخطؤه في جنب صوابه يسير جدا.
- الحقيقة في الطب غاية لا تدرك والعلاج بما تنصه الكتب دون إعمال الماهر الحكيم برأيه خطر.

zaki eleulma B
2010-03-03, 23:52
من أبرز علماء ،،،،


العصر العباسي الأول 132-232هـ


أبو العباس السفاح أول خلفاء العباسيين 132-136هـ

هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، ولد بالحميمة من الشراة في الأردن عام 105هـ.
توفي والده محمد بن علي عام 125هـ بالحميمة، وهو الذي بدأ بالدعوة العباسية، وكان السفاح قد ناهز العشرين من العمر، وعرف الكثير من الدعوة وأسرارها، وعهد والده من بعده لابنه إبراهيم (أخي السفاح) الذي عرف فيما بعد بالإمام، وقد عمل على نجاح الدعوة فقوي أمره؛ فأظهر نفسه في الموسم فعرف، كما وقع كتابٌ وجَّهَه إلى أبي مسلم الخراساني في يد مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية؛ فأرسل إلى واليه على دمشق، فبعث من أخذه إلى حران (1) (قاعدة مروان) فسجن هناك، وكان قد أوصى من بعده لأخيه السفاح، وأمره أن يسير بأهله إلى الكوفة وذلك عام 129هـ.
سار السفاح من الحميمة باتجاه الكوفة عن طريق دومة الجندل (2) ومعه من أهله ثلاثة عشر رجلاً هم أعمامه وأخواه، وأبناء إخوته وأبناء عمه..
وفي الكوفة بُويِع له بالخلافة يوم الجمعة الثاني عشر من شهر ربيع الآخر عام 132هـ..
وألقى أبو العباس على عادة الخلفاء لدى انتخابهم خطبة في مسجد الكوفة أوضح فيها الهدف الذي من أجله قامت الثورة العباسية وندد بالأمويين الذين وصفهم بمغتصبي الخلافة، ووعد الكوفيين الذين ساندوا الثورة، بزيادة أعطياتهم. (3)
ولم ينس أن يذكرهم بأنه:"السفاح المبيح، والثائر المبير".. (4)

الدعائم التي اعتمد عليها السفاح في خلافته

كان الخليفة أبو العباس مقيمًا بالكوفة، ويبدو أنه أدرك وضعها الشاذ بفعل عدم تأييد غالبية سكانها للثورة العباسية، وكانوا من شيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه فانتقل منها إلى مكان قريب عُرِفَ بهاشمية الكوفة، غير أنه لم يمكث فيها طويلاً، وانتقل إلى الأنبار شمالي الكوفة، على نهر الفرات في عام 134هـ، وبنى بجوارها مدينة لنفسه عرفت باسم "هاشمية الأنبار" أقام بها حتى وفاته في عام 136هـ..
قضى أبو العباس معظم عهده في تثبيت حكمه، فحارب القادة العرب الذين ناصروا الأمويين، ثم تخلص من بعض القادة الذين ساندوه في الوصول إلى الحكم بعدما بدرت منهم بوادر انفصالية مثل أبي سلمة الخلال.. (5)
كان السفاحُ جوَّادًا يُضرَب المثلُ بجوده فقد أعطى عبد الله بن حسن بن الحسن ألفي ألف درهم، وكان عفيفًا عنيفًا متعبدًا..
تُوُفي بالجدري عام 136هـ في شهر ذي الحجة، وبذا فقد عاش إحدى وثلاثين سنة، ولى الخلافة منها أربع سنوات وبقي بين بيعته ووجود مروان بن محمد حيًا ثمانية أشهر، أي وجود خليفتين في آنٍ واحد.. (6)
ويبدو من خطبة أبي العباس، ومن كلمة عمه داود بن عليٍّ ثلاث نقاط هي:
1ـ محاولة إظهار أحقية بني العباس بالخلافة دون غيرهم على اعتبار أن الخلافة وراثية، ولم تكن الخلافة في الإسلام ملكًا متوارثًا وإنما هكذا أصبح بعد الحكم الراشدي..
2ـ الهجوم على بني أمية، وعَدُّهم ظالمين مستبدين، أخذوا بغير حق وساروا فيه بكل عسف، وهذا شأن كل حاكم جديد بالنسبة لسابقه يبرر قيامه، ويمكِّن لنفسه..
3ـ الوعد بالحكم بما أنزل الله، واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بالصحابة والسلف الصالح، وهذه قناعة الخلفاء، الذين يظنون أن من سبقوهم لم يطبقوا الإسلام بشكل صحيح،والواقع أن الإسلام لم يُتَّبَعْ في صورته الكاملة بعد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما حدث تغيير، ولكنه كان تغييرًا طفيفًا تزداد فيه زاوية الانحراف وتتسع أحيانًا، وتضييق أحيانًا أخرى، ويبقى المظهر العام إسلاميًا كل مدة الخلافة، فالخلفاء متمسكون عامَّةً بتعاليم الإسلام، ويفخرون بذلك؛ لذا فهم يأخذون على غيرهم، ويظنون بأنفسهم أنَّ بإمكانهم أن يطبقوا الإسلام بشكلٍ أفضل، ويعملوا له بصورة أحسن، والواقع أن العباسيين في أيامهم الأولى بصورة عامة كانوا أكثر تدينًا من الأمويين، وأكثر تمسكًا بالإسلام، ولكنهم أقل خدمة للأمة، وقد ظهر هذا من كلمة داود بن عليٍّ من اليوم الأول "ولا نحفر نهرًا" وليس معنى هذا أن الأمويين كانوا جملة أمور دينهم مهملين، وأن العباسيين كانوا تاركين أمور رعيتهم، وإنما القضايا نسبية، فقد كان الأمويون أهل فضل ودين وإن وقعت في أيام بعضهم حوادث كان يجب ألا تقع أما ما نُسِبَ لهم، وما قبل فيهم فهو بمجمله محضُ افتراء من صنع الدساسين والخصوم..
وأشار داود بن عليّ إلى أن منبر الكوفة لم يخطب عليه خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي كان قد اتخذ الكوفة مقرًا له، وبعده كانت الكوفة مهملة من قبل الخلفاء حتى قام الخليفة السفاح هذا، وفي هذا الكلام إثارة لأبناء الكوفة ليعضدوا الحكم الجديد الذي هو حكمهم إذ أن بلدتهم قد أصبحت قاعدة الخلافة الإسلامية كلها.. (7)
وفي اليوم الثاني سار السفاح إلى معسكر حمام أعين، واستخلف على الكوفة عمه داود بن علي، وبعث عمه عبد الله بن علي في قوة دعمًا لأبي عون عبد الملك بن يزيد لقتال مروان بن محمد..
وانتصر عبد الله بن علي بن محمد في معركة الزاب (8) ففر مروان إلى مصر واختبأ ببوصير حتى قتل فيها في ذي الحجة عام 132هـ، وبمقتله خلت إمارة المؤمنين للسفاح إذ ليس للمؤمنين إلا أمير واحد لهم في دار الإسلام..
لم تقم حركة قوية ضد السفاح بعد عام 134هـ، وفي الوقت نفسه لم تكن دولته موطدة الأركان...
الدعائم التي اعتمد عليها السفاح في خلافته:
اعتمد السفاح في خلافته على دعائم ثلاث هي:
1ـ أسرته:
لقد كانت أسرة السفاح كبيرة فكانت دعمًا له، ومن يريد أن يؤسس أسرة حاكمة فإن عدد أفراد أسرته يلعب دورًا كبيرًا في تسهيل مهمته فنلاحظ أن سيدنا معاوية رضي الله عنه أسس أسرة لكن لم يطل عهدها، ولم يحكم بعده سوى ابنه يزيد، على حين أن أسرة بني مروان قد استمر أمرها ما يقرب من سبعين سنة لكثرة أولاد عبد الملك بن مروان..
لقد كان للسفاح سبعة أعمام تسلموا له قيادة الجيوش وإمرة الولايات، فضبطوا الأمر..
كما كان السفاح يحب أن يكون دائمًا أحد أهل بيته على الإمارة أو قيادة الجيوش ليضمن الأمر، فعندما أرسل أخاه أبا جعفر دعمًا للحسن بن قحطبة كتب إليه: "إن العسكر عسكرك، والقواد قوادك، ولكن أحببت أن يكون أخي حاضرًا، فاسمع له وأطع، وأحسن مؤازرته"..
2ـ أبو مسلم الخراساني:
الذي استطاع بحكمته وحزمه وقوته أن ينجح في الدعوة للعباسيين وأن يقود الجيوش ضد نصر بن سيار والي الأمويين على خراسان، وأن ينتصر عليه رغم حداثة سنة؛ إذ قامت الدولة العباسية، ولم يتجاوز الثانية والثلاثين، وقُتِل ولم يناهز السابعة والثلاثين من عمره، وبقيت خراسان على عهدها ما بقي فيها أبو مسلم بل كان سيف الدولة المصلت تضرب به من يخرج عن طاعتها..
3ـ العصبية القبلية:
بزغ قرن العصبية أمام الدولة الأموية، وهذا ما أضعفها، وهدّ كيانها، وكان سببًا في سقوطها وزوالها، وأفاد العباسيون منها، إذ رأوا الفرقة والخلاف بين القيسية واليمنية؛ فلما كان آخر ولاة بني أمية من القيسيين فقد ضم العباسيون اليمنيين إلى صفوفهم، فلما قامت دولتهم بقوا محافظين على هؤلاء اليمنيين لذا نجد أكثر قادتهم منهم.. (9)

عبد الله أبو جعفر المنصور 136-158هـ

التعريف به:
هو عبد الله بن محمد بن علي العباسي، أبو جعفر المنصور، ولد في الحميمة عام 95هـ، وأمه أم ولد تدعى سلامة، ترعرع في وسط المجتمع الهاشمي، وطلب العلم وهو شاب من مظانة وتفقه في الدين، ونال قسطًا من علم الحديث، فنشأ أديبًا فصيحًا ملمًا بسِيَر الملوك..
انتقل أبو جعفر مع أخيه وأهله من الحميمة إلى الكوفة، وعندما أفضت الخلافة إلى أخيه أبي العباس، كان ساعده الأشد في تدبير أمور الخلافة، فولاه الجزيرة وأرمينيا وأذربيجان، ووجهه إلى خراسان لأخذ البيعة له، كما عهد إليه من بعده..
توفي السفاح، وأبو جعفر في الحجاز أميرًا على الحج، فأخذ له البيعة ابن أخيه عيسى بن موسى في الأنبار، وكتب إليه بذلك..
اتصف المنصور بالشدة والبأس، واليقظة والحزم والصلاح والاهتمام بمصالح الرعية، كَرِهَ سفك الدماء إلا بالحق، وعرف بالثبات عند الشدائد، ولا شك أن هذه الصفة كانت من أبرز الصفات التي كفلت له النجاح..
الأوضاع الداخلية في عهد المنصور:
عصيان عبد الله بن علي:
تولى أبو جعفر المنصور الخلافة ولم تكن قد توطدت دعائمها بعد، وقد خشي من منافسة عمه عبد الله بن علي الذي كان يطلب الخلافة، كما انتابه الخوف من تعاظم نفوذ أبي مسلم الخراساني، ومن خروج بني عمه آل علي بن أبي طالب على حكمه فكيف واجه المنصور هذه المشاكل الثلاث؟
الواضح أن الخليفة كان يجمع الجرأة وبُعد الهمة والمكر والدهاء، فعزم على ضرب أعدائه بعضهم ببعض، حتى تخلو له الساحة السياسية..
كان لعبد الله بن علي رؤية خاصة في مشكلة الحكم، فهو بالإضافة إلى طمعه بالخلافة، فإنه انزعج من ابني أخيه أبي العباس وأبي جعفر بفعل ميلهم الشديد للفرس..
وكان أبو جعفر على حقٍّ حين خشي من طموحات عمه الذي خرج غازيًا البيزنطيين في عهد أبي العباس على رأس جيش ضم عددًا كبيرًا من العرب، وعندما وصل إلى دلوك بنواحي حلب، علم بوفاة السفاح وبيعة المنصور، فتوقف عن الزحف، ورحل إلى حران حيث اجتمع بأركان حربه، وتقرر ترشيح نفسه للخلافة فبايعه الجند، ومن ثم راح يزحف متجهًا نحو الجزيرة.
وهكذا استخدم عبد الله هذا الجيش الذي أعد أساسًا لغزو البيزنطيين لتحقيق أطماعه في الخلافة، مدعًيا أن أبا العباس أقامه وليًا لعهده حينما أرسله لقتال مروان الثاني..
تصرف المنصور تجاه هذا الخطر تصرفًا حكيمًا، دلَّ على أنه لا يحكِّم العواطف في القضايا الأساسية، فندب أبا مسلم لقتاله رغم حقده عليه، مظهرًا بذلك براعة سياسية، لضرب أعدائه بعضهم ببعض، بالإضافة إلى أنه كان يأمل باستقطاب الخراسانيين في جيش عمه عن طريق حاكم خراسان الذي أبدى استعدادًا للتصدي لحركة التمرد..
وتمكن أبو مسلم بدهائه السياسي والعسكري من التغلب على عبد الله بن علي في معركة جرت بينهما قرب نصيبين في منطقة الجزيرة، وفر عبد الله بعد هزيمته إلى البصرة ملتجئًا إلى أخيه سليمان بن علي، وظل متواريًا عنده إلى أن علم المنصور بذلك فأرسل يطلبه، وأعطاه من الأمان ما وثق به، وعندما جاءه قبض عليه وسجنه، وذلك عام 139هـ وظل مسجونًا حتى عام 147هـ حين قتله المنصور.. (10)
كما نجح أبو جعفر المنصور في القضاء على أبي مسلم عام 137هـ، والطالبيين الخارجين عليه عام 145هـ (محمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم) وقد سبق الحديث عن هذه الحركات..
الأوضاع الخارجية في عهد المنصور:
العلاقة مع البيزنطيين:
اتسمت الحروب بين المسلمين والبيزنطيين في عهد المنصور بالمهادنة إذ لم تتعد المناوشات الحدودية المحدودة وذلك يعود إلى اهتمام العباسيين بتدعيم مركزهم الداخلي.. بالمقابل كان اهتمام الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الخامس منصبًا على التجهيزات لحرب البلغار في البلقان من جهة، ومشكلة عبادة الأيقونات من جهة أخرى..
حيال هذا الواقع، كان الخليفة العباسي يتطلع إلى إعادة بناء ما تهدم من حصون، وثغور مستغلاً الهدوء النسبي المتوقع..
والواضح أن المنصور اتبع تجاه الدولة البيزنطية، السياسة التي تتفق مع الوضع الهجومي الذي نفذه الإمبراطور البيزنطي، وهي محاولة إيقاف الهجوم عن طريق إعادة تحصين الثغور، وترميم المخربة منها وإعادة بناء المهدمة، ثم تنظيم وسائل الدفاع عنها، والجدير بالذكر أن مناطق الثغور كانت تنقسم إلى قسمين:
الأولى: منطقة الثغور الجَزَرِيَّة، وهي التي خصصت للدفاع عن الجزيرة أي شماليها، ومن أهم حصونها ملطية، المصيصة، ومرعش..
الثانية: منطقة الثغور الشامية، وتقع غربي الثغور الجزرية، وقد خصصت للدفاع عن بلاد الشام، ومن أهم حصونها طرسوس وأذنة وعين زربة..
لقد حصن المنصور هذه المناطق وخصصها بحكم إداري مستقل وحشد فيها آلاف المقاتلين والمرابطين، ومنحهم الإقطاعات، والمزارع وبني لهم البيوت والإصطبلات، وأنفق عليهم الأموال، ووضع لهم نظامًا عسكريًا ينفذونه..
هذا وقد امتازت منطقة الثغور الشامية بأن الحملات التي كانت تخرج منها برية وبحرية في آنٍ واحد، وقد أدت أساطيل مصر والشام دورًا مشتركًا مهمًا انطلاقًا من هذه المنطقة..
وبهذا النظام الثغري استطاع المنصور أن يضع حدًا لمطامع البيزنطيين.. (11)
بناء مدينة بغداد:
كان من بين أهم الأعمال التي قام بها الخليفة أبو جعفر المنصور،وتركت أثرها في مستقبل الدولة الخلافة العباسية، بناؤه مدينة بغداد والواقع أن تاريخ هذه المدينة باعتبارها قاعدة من القواعد الإسلامية يسير جنبًا إلى جنب مع قيام دولة الخلافة العباسية وسقوطها، وقد ظل العباسيون قبل ذلك ثلاثة عشر عامًا منذ وصولهم إلى الحكم دون عاصمة لملكهم حتى بنوا بغداد..
لقد أدرك المنصور المخاطر التي أحاطت بدولته الناشئة، والتي تهدف إلى تقويض حكم الأسرة العباسية، لذا عمد إلى البحث عن مكان يكون ملائمًَا لعاصمة جديدة تكون تعبيرًا عن سيادة أسرته فاختار موضعًا عند التقاء نهر الصراة بنهر دجلة وأقام فيه مدينة بغداد..
واسم بغداد مشتق على الأرجح من صيغة فارسية مركبة من كلمتين هما "باغ" و"داد" تعني عطية الله، وذكر المؤرخون والجغرافيون العرب عدة اشتقاقات لهذا الاسم، وسماها المنصور "مدينة السلام" تيمنًا بجنة الخلد، أو لأن وادي دجلة كان يقال له: وادي السلام، وكان هذا هو الاسم الرسمي الذي يذكر في الوثائق وعلى المسكوكات والأوزان..
وقد شرع المنصور في بناء عاصمته عام 145هـ، وقد استغرق بناؤها أربعة أعوام تقريبًا انتهى عام 149هـ..
ويعتبر المخطَّط الذي نفذه المنصور مبتكرًا، فقد جعل المدينة مستديرة تحيط بها أسوار مزدوجة تؤلف حلقتين متتابعتين، وهذا اتجاه جديد في فن بناء المدن الإسلامية، ويبدو أنه قد تأثر ببناء بعض المدن الفارسية القديمة مثل: همذان..
شيدت مدينة بغداد على شكل حصن كبير وتألفت من ثلاثة عناصر معمارية هي: التحصينات، الأسوار الخارجية، ثم المنطقة السكنية الداخلية، وضم وسط المدينة قصر الخليفة والجامع وقصور أولاده ودواوين الحكومة، ولم يكن يُسمح لأحد بركوب الخيل أو غيرها من الدواب داخل المدينة الداخلية إلا للخليفة، وإن من يريد القصر عليه الترجل عند مداخل المدينة الداخلية، ويسير على الأقدام باستثناء المهدي، وداود بن علي عم المنصور الذي سمح له بأن يحمل في محفة نظرًا لمرضه..
وعندما فرغ المنصور من بناء بغداد أقطع أهل بيته وأعيان دولته قطائع من الأرض بجوار الأبواب خارج مدينته، ومنح جنوده الأرباض ليبنوا عليها دورهم، وذلك رغبة في تخفيف الضغط عن المدينة من جهة، ومكافأة لهم على ما قدموه من الخدمات الجليلة من جهة أخرى، وسرعان ما عمرت القطائع وازدحمت بالسكان، وأضحت كل قطيعة تعرف باسم الرجل أو الطائفة التي تسكنها..
ويظهر الأثر الفارسي في تخطيط المدينة، إذ فُصِل الخليفةُ عن الرعية، وجُعِل له مقامٌ سامٍ يصعب الوصول إليه،كما أن ضخامة القصر والإيوان تظهر روعة الملك، ثم إن فكرة الاستدارة، وحصر بيوت السكان في أحياء منفصلة، يمكن غلقها ليلاً وحراستها بصورة دقيقة، يشير إلى السلطة المطلقة المتأثرة بالفرس والتي تتعارض مع سماحة الإسلام وما عُرِف عن الأمويين..
وبنى المنصور في عام 151هـ مدينة الرصافة أو بغداد الشرقية لابنه المهدي على الجانب الشرقي من دجلة مقابل مدينة بغداد الغربية، وقد عرفت باسم "عسكر المهدي"، وتعود الأسباب الاستراتيجية لتبرز من جديد في بنائها حيث وضع المهدي جنده فيها ليكون من في خارج مدينة المنصور عونًا في قمع الاضطرابات التي قد تنشب داخلها، ويبدو أن الخليفة أدرك أنه لن يكون آمنًا كل الأمن على نفسه بإقامته في بغداد، وجهزت الرصافة بسور وميدان وبستان وأجرى عليها الماء وربط بين المدينتين بثلاثة جسور على نهر دجلة، ومنح القواد فيها القطائع، وسرعان ما عمرت الرصافة حتى قاربت بغداد في الاتساع، وانتهى بناء الرصافة في عام 159هـ في عهد الخليفة المهدي.. (12)
ولاية العهد:
من الأحداث المؤثرة التي وقعت في عهد المنصور خلعه لابن أخيه عيسى بن موسى من ولاية العهد، وأخذه البيعة لابنه المهدي، بالرغم من أن هذا الأول كان قد أنفذ له ملكه أكثر من مرة، ويبدو أن الخليفة فكر في خلع ابن أخيه في بداية عهده، فيذكر الطبري أنه أوفد عيسى بن موسى لمحاربة العلويين وفي نيته أن يتخلص إما من ولي عهده ليحوِّل الخلافة إلى ابنه المهدي، أو من محمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم، وقال: ".لا أبالي أيهما قتل صاحبه"..
لكن كبار رجال الدولة كانوا قد أقسموا في حياة السفاح على بيعة عيسى بن موسى، ولم يكن من السهل عليهم نقضها، ولم يكن ثمة مناص لتحللهم منها إلا بحمل عيسى بن موسى على الانسحاب طوعًا والتخلي عن ولاية العهد، ويبدو أنه لم يكن راغبًا في ذلك مما دفع المنصور إلى استعمال وسائل الترغيب والترهيب التي أدت بدورها إلى اضطراره إلى خلع نفسه، ومبايعة المهدي في عام 147هـ، وأضحت ولاية العهد للمهدي أولاً ثم لعيسى بن موسى من بعده..
وأسرع المنصور فحمل الناس على بيعة المهدي، وأوصاه بوصية تكشف عن السياسة الرشيدة التي يجب عليه تطبيقها تجاه رعيته فحثه على الرأفة بهم، والسهر على راحتهم، وبسط العدل بينهم، والتقرب إلى الله بحسن السيرة وإجلال أهل العلم والدين، وعمارة الأرض وتخفيف الخراج، ونشر الإسلام والجهاد في سبيل إعلاء كلمته..
وفي عام 158هـ تُوُفي المنصور، وهو في طريقه لأداء فريضة الحج... (13)

الخليفة العباسي هارون الرشيد 170-193هـ
التعريف به:
هو أمير المؤمنين هارون الرشيد بن المهدي محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبو محمد، ويقال: أبو جعفر، وأمه الخيزران أم ولد، بويع له بالخلافة بعد موت أخيه موسى الهادي سنة 170هـ بعهد من أبيه المهدي..
روى الحديث عن أبيه وجده، وحدث عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"..
وقد غزا الصائفة في حياة أبيه مرارًا، وعقد الهدنة بين المسلمين والروم بعد محاصرته القسطنطينية، وقد لقي المسلمون من ذلك جهدًا جهيدًا وخوفًا شديدًا، وكان الصلح مع امرأة ليون وهي الملقبة "بأغسطة" على حمل كثير تبذله للمسلمين في كل عام، ففرح المسلمون بذلك، وكان هذا هو الذي حدا بأبيه إلى البيعة له بعد أخيه في سنة 166هـ، ثم لما أفضت إليه الخلافة في سنة 170هـ كان من أحسن الناس سيرة، وأكثرهم غزوًا وحجًا... (14)
ولهذا قال فيه أبو المعالي الكلابي:
فمن يطلب لقاءك أو يرده فبالحرمين أو أقصى الثغور
ففي أرض العدو على طمر وفي أرض الترفه فوق كور
وما حز الثغور سواك خلق من المتخلفين على الأمور (15)
كان الرشيد يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق لدنيا إلا أن تعرض له عِلَّة، وكان يتصدق من صلب ماله في كل يوم بألف درهم بعد زكاته، وكان إذا حجَّ حج معه مائة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج أحجَّ ثلاثمائة رجل بالنفقة السابغة والكسوة الباهرة... (16)
كان يحب التشبه بجده أبي جعفر المنصور إلا في العطاء، فإنه لم ير خليفة قبله كان أعطى منه للمال ثم المأمون من بعده، وكان لا يضيع عنده إحسان محسن، ولا يؤخر ذلك في أول ما يجب ثوابه، وكان يحب العلم وأهله، ويعظم حرمات الإسلام، ويبغض المراء في الدين، والكلام في معارضة النص ويقول: هو شيء لا نتيجة له وبالحري ألا يكون فيه ثواب..
وبلغه عن بشر المريسي القول بخلق القرآن، فقال: لئن ظفرت به لأضربنَّ عنقه، كما قتل الرشيد رجلاً آخر قال بخلق القرآن، وحدثه أبو معاوية يومًا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بحديث احتجاج آدم وموسى، فقال عَمُّ الرشيد: أين التقيا يا أبا معاوية؟ فغضب الرشيد من ذلك غضبًا شديدًا، وقال: أتعترض على الحديث؟ عليَّ بالنطع (17) والسيف، فأحضر ذلك فقام الناس يشفعون فيه؛ فقال الرشيد: هذه زندقة ثم أمر بسجنه، وأقسم أن لا يخرج حتى يخبرني من ألقى إليه هذا، فأقسم عمه بالأيمان المغلظة ما قال هذا له أحد، وإنما كانت هذه الكلمة بادرة مني، وأنا أستغفر الله وأتوب إليه منها؛ فأطلقه... (18)
وقد قال له بعض أهل العلم يومًا: يا أمير المؤمنين انظر هؤلاء الذين يحبون أبا بكر وعمر، ويقدمونهما فأكرمهم بعز سلطانك، فقال الرشيد: أولست كذلك؟! أنا والله أحبهم، وأحب من يحبهم، وأعاقب من يبغضهما..
دخل عليه ابن السماك يومًا؛ فاستسقى الرشيد فأُتِيَ بقُلة فيها ماء مبرد، ثم قال لابن السماك: عظني، فقال: يا أمير المؤمنين !!
بكم كنت مشتريًا هذه الشربة لو مُنِعْتَها؟ فقال: نصف ملكي، فقال: اشرب هنيئًا، فلما شرب قال: أرأيت لو منعت خروجها من بدنك بكم كنت تشتري ذلك؟ قال: بنصف ملكي الآخر، فقال: إن ملكًا قيمة نصفه شربة ماء، وقيمة نصفه الآخر بولة، لخليق أن لا يُتَنَافس فيه.. فبكى هارون الرشيد.. (19)
كان الرشيد يحب المديح ولا سيما من شاعر فصيح ويشتريه بالثمن الغالي، فقد ذكر أن مروان بن أبي حفصة دخل عليه ذات يوم فأنشده شعره الذي يقول فيه:
وسُدت بهارون الثغور فأحكمت به من أمور المسـلمين المرائـــرُ
وما انفك معقودًا بنصر لـواؤه له عسكر عنه تُشَظَّى العسـاكـرُ
وكل ملوك الروم أعطـاه جزية على الرغم قسرًا عن يدٍ وهو صاغرُ
إلى آخر الأبيات، فأعطاه خمسة آلاف دينار، وكساه خلعته، وأمر له بعشرة من رقيق الروم، وحمله على برذون من خاص مراكبه. (20)
تعظيمه لأهل العلم:
لقد كان الرشيد معظمًا لأهل العلم محبًا لهم، فقد روى أبو معاوية الضرير قائلاً: ما ذكرتُ عنده ـ أي الرشيد ـ حديثًا إلا قال صلى الله عليه وسلم على سيدي، وإذا سمع فيه موعظة بكى حتى يبلَّ الثرى، وأكلت عنده يومًا، ثم قمت لأغسل يدي فصبَّ علي الماء وأنا لا أراه، ثم قال: يا أبا معاوية أتدري من يصب عليك الماء؟ قلت: لا.. قال: يصب عليك أمير المؤمنين قال أبو معاوية: فدعوت له، فقال: إنما أردت تعظيم العلم. (21)
الأوضاع الداخلية في عهد الرشيد:
العلاقة مع الطالبيين:
أراد الرشيد في مستهل حكمه أن يستميل الطالبيين عن طريق الرفق بهم بعد سياسة الهادي العنيفة تجاههم، فمال إلى التساهل، والتعاطف معهم، وبذل لهم الأمان، ورفع الحَجْر عمَّن كان منهم في بغداد، وأعادهم إلى المدينة باستثناء العباس بن الحسن بن عبد الله، وعزل والي المدينة الذي اضطهدهم. (22)
لكن الطالبيين لم يُعدِّلوا اعتقادهم الراسخ بأحقيتهم بالخلافة ولم يتوقفوا عن النضال في سبيل الوصول إليها، ومن أجل ذلك لم يدم الصفاء بين الجانبين العباسي والعلوي، وعاد الصراع عنيفًا بينهما..
وكانت موقعة "فخ" بعيدة الأثر، فقد نجا منها اثنان من زعماء الطالبيين هما: إدريس بن عبد الله بن الحسن، وقد ذهب إلى إفريقية، وأخوه يحيى الذي يمم وجهه شطر بلاد الديلم في المشرق..
أما إدريس فقد استقر في إقليم طنجة بالمغرب الأقصى، وحظي بالتفاف البربر حوله، وأقام لنفسه دولة مستقلة هي دولة الأدارسة، وهي أول دولة طالبية تنفصل عن جسم الخلافة العباسية..
لقد هددت هذه الدولة النفوذ العباسي في شمالي إفريقية؛ لذلك قرر الرشيد القضاء عليها، ولكنه تردد في إرسال جيش بفعل بُعْدِ المسافة، وخشيته من امتداد نفوذ إدريس إلى مصر وبلاد الشام إن هو تغلب على الجيش العباسي، وبالتالي القضاء على دولة الخلافة العباسية..
فلجأ عندئذ إلى الحيلة ليتخلص من إدريس، ووقع اختياره على رجل مشهور بالدهاء هو سليمان بن جرير المعروف بالشماخ، فاستخدمه لاغتياله، وفعلاً تمكن هذا الرجل من قتل إدريس بالسم في عام 177هـ..
ولكن موته لم يقضِ على دولة الأدارسة فقد كان متزوج من أمة بربرية، حملت منه فانتظر أتباعه حتى وضعت، وكان مولودًا ذكرًا فأسموه إدريس، ولما بلغ الحادية عشرة من عمره ولاه البربر أمورهم وبايعوه بالخلافة، وأصبح المؤسس الحقيقي لدولة الأدارسة في المغرب..
وعندما ازداد خطر هذه الدولة أقطع الرشيد إبراهيم بن الأغلب ولاية إفريقية ليقف في وجهها. (23)
وأما يحيى فقد اشتدت شوكته في بلاد الديلم، وقوي أمره بمن التف حوله من الأتباع، ثم أعلن خروجه في عام 176هـ (24) وبذلك هدد يحيى دولة الخلافة العباسية وأقلق بال الرشيد، ومما أعطى حركته قوة، بُعْدَ المنطقة التي خرج فيها عن بغداد، ومناعتها الطبيعية..
واستقر رأي الخليفة على القضاء على حركة يحيى، فندب الفضل بن يحيى البرمكي لهذه الغاية الذي نجح في استمالته، بعد أن انفضَّ أتباعه من حوله، فمال إلى الصلح على أن يكتب له الرشيد أمانًا بخطه على نسخة يبعث بها إليه، فكتب الفضل بذلك إلى الرشيد؛ فسره وعظم موقعه عنده وكتب أمانًا ليحيى بن عبد الله أشهد عليه الفقهاء والقضاة وجِلَّة بني هاشم ومشايخهم، واستقبله الرشيد في بغداد.. (25)
ويبدو أن الخليفة لم يطمئن إلى نوايا يحيى، وأدت الحاشية دورًا في إفساد العلاقة بينهما، فوضعه تحت رقابة الفضل بن يحيى وقد أثر يحيى عليه حتى أطلقه بدون علم الخليفة وذهب إلى الحجاز، ثم بلغ الرشيد أن يحيى يدعو إلى نفسه في الحجاز، فوافق ذلك ما كان في نفسه، فقبض عليه وسجنه ثم قتله..
وكان الرشيد يراقب تحركات الطالبيين في الحجاز، فعلم بالتفاف الناس حول الإمام موسى الكاظم بن جعفر، وأنهم يحملون إليه خُمْسَ أموالهم، وهذا يعني أنهم يعتقدون بإمامته، فقبض عليه وسجنه، وتوفي عام 183هـ، والراجح أنه قُتِل..
حركة الخوارج:
لم يكن الاضطراب الذي ساد بعض أجزاء دولة الخلافة العباسية ناشئًا عن حركات الطالبيين وحدهم، بل وُجِدَ فريقٌ من المسلمين أنكر على الخلفاء العباسيين استبدادهم، وخروجهم على الأحكام الشرعية، وهؤلاء هم الخوارج الذين نشطوا في عهد الرشيد في منطقة الجزيرة في عام 178هـ، بقيادة طريف الشاري وبسطوا هيمنة فعلية على أرمينيا وأذربيجان، وهددوا السواد في العراق على نهر ديالي، ووصلوا إلى حلوان..
اهتم الرشيد بأمر هذه الجماعة فأرسل قوة عسكرية في عام 179هـ، بقيادة يزيد بن مزيد الشيباني اصطدمت بها في حديثة الفرات على بعد فراسخ من الأنبار، وقضت عليها وعلى زعيمها. (26)
الاضطرابات في أفريقية:
سادت الاضطرابات في أإفريقية اعتبارًا من عام 171هـ بفعل خروج الخوارج وقادة الجند والبربر، فأرسل الرشيد هرثمة بن أعيَن واليًا على إفريقية، وأمره بقمع الانتفاضات وتوطيد الأمن، فنجح في مهمته، ودخل القيروان وأمَّن الناس..
ويبدو أن الخلافات بين الفئات الإسلامية المتعددة كانت واسعة فتجددت القلاقل، ولم يتمكن هرثمة من رأب الصدع، فعزله الخليفة بناء على طلبه عام 180هـ، كما لم يتمكن الولاة الذين جاؤوا من بعده من السيطرة على الموقف فاستغل إبراهيم بن الأغلب عامل إقليم الزاب (في الجزائر اليوم) هذه الأوضاع القلقة، وطلب من الخليفة توليته على إفريقية، ووعده بتهدئة الوضع..
استجاب الخليفة لطلب عامله وعهد إليه بالولاية على أفريقية عام 184هـ، ونجح إبراهيم في تحقيق الاستقرار متبعًا في ذلك سياسة معتدلة، وازدهرت إفريقية في عهده، وشهدت حركة عمرانية واسعة ونشاطًا اقتصاديًا كبيرًا، وقد مهَّد إبراهيم هذا لقيام دولة الأغالبة التي ما لبثت أن استقلت عن الإدارة المركزية في بغداد واتخذت القيروان حاضرة لها.. (27)
الاضطرابات في المشرق:
أطلق الرشيد يد عماله على الأقاليم ولم يتهمهم في تصرفاتهم فاشتاط بعضهم،
وحجَّ الرشيد في عام (186هـ/ 802م) واصطحب معه ولديه لتنفيذ ما اتفق عليه.. فأخذ العهد عليهما بألا يتدخلا في شؤون بعضهما البعض، وفي شؤون أخيهما المؤتمن.. وعلَّق نسخة من العهد في فناء الكعبة ليزيد في قدسيته وليؤكد تنفيذه..
خرج الرشيد من بغداد في عام (193هـ/ 808م) قاصدًا خراسان لوضع حَدٍّ لثورة رافع بن الليث، واستخلف ابنه محمد الأمين على بغداد، واصطحب معه ابنه عبد الله المأمون، وكان الرشيد يشكو من عِلَّة في بطنه ويرتدي حزامًا من حرير لتسكين الألم، ولما وصل إلى طوس في شهر صفر، اشتدت عليه العلة حتى عجز عن القيام..
وتوفي ليلة السبت لثلاث خلون من شهر جمُادَى الآخرة 193هـ/ شهر آذار عام 809م..

شبهات حول الخليفة العباسي هارون الرشيد
عندما نقرأ في تاريخ القادة والزعماء الأوروبيين، وأصحاب الإمبراطوريات والممالك، لا نجد أحدًا من المؤرخين يلقى بالاً للسيرة الشخصية، أو يُعْنَى بتفاصيلها لواحد من الملوك أو الأباطرة، فلا يحكم على الرجل إلا بما قام من أعمال عامة تضر بالدولة أو ترفع من شأنها..
أما التاريخ الإسلامي فإننا نرى العجب في العناية بالسير الخاصة والأخلاق الشخصية المحضة للأعلام البارزين في تاريخ المسلمين، حيث يدخلون معهم في حجرة نومهم، ويتبعونهم في مجالسهم الخاصة ليسردوا من أخبارهم التي تستمد ـ غالبًا ـ من محض الخيال الذي يشتهي الحط من شأن تلك الشخصيات، أو من طريق الخدم الذين لا يُعتمد على أخبارهم، لأن أخبارهم لا تعدوا أن تكون أخبار آحاد، دفعتهم أغراض خاصة للتوسع في هذه الشائعات الكاذبة..
ومن هذا النوع ما ذكروه عن الخليفة العباسي هارون الرشيد، قالوا: إنه كان يتعاطى الخمر، ويسكر مع الندماء، وأبرزوه ـ على صفحات التاريخ ـ في صورة العِرْبيد الذي لا يفيق، وأفاضوا في الحديث عن وصف مجالس اللهو والمجون التي كانت تُعقد في قصره إلى طلوع الشمس حتى التصقت قصة ألف ليلة وليلة بحياة الرشيد..
دفع الشبهة:
فإذا كان الفتى ابن بيئته، فإننا نجد أن الرشيد وُلِد، وتربى في بيت يحرص أهله على التقيد بأحكام الشريعة الإسلامية، حيث كان جده أبو جعفر المنصور من كبار فقهاء عصره، وكان أبوه محمد المهدي من أشد الخلفاء طاعة لرجال الدين، وأعنفهم على الزنادقة والمارقين، أما أساتذته فإنه درس على أيدي كبار الشيوخ الذين عرفوا بالورع والتقوى، أمثال: علي بن حمزة الكسائي أحد شيوخ القراءات السبع، وإمام أئمة أهل الكوفة في اللغة والنحو والأخبار، كما جالس ـ في شبابه ـ فقهاء عصره، الذين منهم: أبو يوسف القاضي صاحب الإمام أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، وغيرهما من العلماء والقضاة، وظل على صلة وثيقة بهم حتى آخر أيامه..
وعلى الرغم من أن المصادر الموثوق بها من كتب التاريخ أبرزت جانب الصلاح والتقوى لهارون الرشيد، إلا أن بعض هذه المصادر اعتمدت على الروايات المدسوسة التي تغض من كرامة الرشيد، وتحط من قدره..
ولننظر مثلاً إلى قول إمام من أئمة المؤرخين المسلمين ألا وهو ابن خلدون حيث قال بعد ما ذكر حديث المفترين على الرشيد: "وأين هذا من حاله وقيامه بما يجب لمنصب الخلافة من الدين والعدالة، وما كان عليه من صحبة العلماء والأولياء، ومحاورته للفضيل بن عياض، و ابن السماك، والعمري، ومكاتبته لسفيان الثوري وبكاؤه من مواعظهم، ودعاؤه بمكة في طوافه، وما كان عليه من المحافظة على أوقات الصلاة، وشهود صلاة الصبح لأول وقتها"..
ثم يقول: حكى الطبري وغيره أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة نافلة، وكان يغزو عامًا ويحج عامًا..
أما ابن الأثير فإنه ينقل المناقضات والأخبار المتضاربة عن الرشيد فيقول في مجونه عندما تحدث عن نكبة البرامكة، كما أنه كان لا يصبر عن جعفر بن يحيى البرمكي، كما أنه كان لايصبر عن أخته عباسة بنت المهدي، وكان يحضرهما إذا جلس للشراب"..
بينما يذكر في مكان آخر هذه العبارة: "كان الرشيد يصلي كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا إلا من مرض، وكان يتصدق من صلب ماله كل يوم بألف درهم بعد زكاته، وكان إذا حج أحج ثلاثمائة رجل بالنفقة السابغة والكسوة الظاهرة، وكان يحب الشعر والشعراء، ويميل إلى أهل الأدب والفقه، ويكره المراء في الدين"..
ويستمر ابن الأثير يقدم الأدلة على تقوى الرشيد وورعه فيقول: "إن الرشيد اعتمر في شهر رمضان وعاد إلى المدينة عام 179هـ وأقام بها إلى وقت الحج، وحج بالناس ومشى من مكة إلى منى ثم منها إلى عرفات، وشهد المشاعر كلها ماشيًا على قدميه"... (28)
ومن المتناقضات العجيبة في كتب التاريخ أيضًا ما ذكره ابن طباطبا الشيعي في كتابه "الفخري في الآداب السلطانية" حيث قال: "إن الرشيد لما أراد أن يقتل جعفر بن يحيى البرمكي أرسل إليه مسرورًا الخادم ليقتله، فلما دخل مسرور على جعفر، وأخبره بأمر الرشيد، وقع على قدميه، وقال له: عَاوِدْ أمير المؤمنين، فإن الشراب قد حمله على ذلك"..
وهذا القول واضح في الدلالة على أن الرشيد كان يشرب الخمر..
ولكننا نرى بعد ذلك بصفحة واحدة قولاً آخر عن ابن طباطبا يناقض قوله السابق حيث قال: "إن الرشيد كان قد أقام الحدَّ على ابنه المأمون في جارية وُجِدَ معها... أو في خمر شربه"..
فتأمل معي أيها القارئ الكريم ما بين الروايتين من التناقض: إذ كيف يبيح الرشيد لنفسه شرب الخمر، ثم يقيم الحد على ابنه في شربها؟!
المستشرقون ينصفون الرشيد:
في الوقت الذي يتناقض فيه المؤرخون العرب في أمر الرشيد، ولا يقطعون برأي في الحكم عليه، نجد أحد المستشرقين لم يطاوعه قلمه ليخوض فيما خاض فيه المؤرخون المسلمون بالنسبة لهارون الرشيد وترفَّع ـ بعقله وعلمه ـ عن الهوى النازل عن مستوى الشرفاء..
هذا المستشرق هو: ل.أ. سيدبو في كتابه "تاريخ العرب العام" حيث قال في الرشيد ما يأتي: "وكان الرشيد ـ وهو المتدين المتصدق ـ قائمًا بجميع الفروض، كأشد المسلمين إيمانًا، وكان لصفات الرشيد العالية، أبلغ الأثر في العرب، ولا يزال مجد الرشيد يتألق في سماء المشرق بأسطع نور". (29)
شهادة الفضيل بن عياض لهارون الرشيد:
وتلك شهادة عالم ناسك من أهل الورع والتقوى كان معاصرًا للرشيد، نقلها أبو المحاسن في كتابه"النجوم الزاهرة" حيث قال: "قال عبد الرازق بن همام: كنت يومًا مع الفضيل بن عياض بمكة، فمَرَّ هارون الرشيد، فقال الفضيل: الناس يكرهون هذا، وما في الأرض أعز عليَّ منه "لو مات لرأيت أمورًا عظامًا"..
ويذكر السيوطي: أن الرشيد كان من عادته في كل حجة يحجها، أن يوزع أموالاً طائلة وصدقات عظيمة على سكان الحرمين الشريفين وفقراء الحجيج.. ثم يقول: "ولم يسبقه في مثل هذا خليفة قبله، وربما كان السبب في عنايته بالحج واهتمامه بالترفيه عن أهل مكة المكرمة والمدينة المنورة، أنه قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قبل توليته الخلافة؛ فقال له: إن هذا الأمر صائر إليك، فاغزُ، وحِجَّ، ووَسِّعْ على أهل الحرمين"..
مظاهر تدين الرشيد:
لم يكن التدين في سلوك الرشيد صلاة يظهر بها أمام الناس، أو حجًا يباهي به في كل موسم أو صدقات يعلنها ليمدحه رجال الدين.
وإنما كان الوازع الديني يقظًا في سر الرشيد وعلانيته، ويتمثل ذلك في تصرفاته وحرصه على سيطرة الدين في المجتمع الإسلامي بالصور الآتية:
1ـ كراهيته لعلماء الكلام:
فقد كان ـ لشدة تمسكه بالدين ـ يكره المراء والجدل فيه ويقول: "إن الجدال في الدين شيء لا فائدة فيه.. وبالأحرى لا ثواب فيه"..
وسمع أن رجلاً يقول بخلق القرآن، فأحضره وسأله عما قيل عنه؛ فاعترف الرجل برأيه في القرآن بأنه مخلوق؛ فضرب عنقه في الحال"..
ولقد وصل كرهه للجدل في الدين حدًا جعله يفهم أن كثرة المناقشة في المسائل الدينية تسبب التشويش والخلط عند البسطاء من العامة، فتفتح عليهم طرق الانحراف بالدين عن وجه الصواب..
بل وصل به الأمر إلى وضع العلماء الذين عُرِفُوا بالجدل في السجن حتى لا ينشروا البلبلة والتردد في المسائل الدينية..
2ـ انقياده للصواب كلما تبين له وجه الحق:
ظل الرشيد يحول بين علماء الكلام وبين عامة الناس حتى تبين له أنه في حاجة إلى مثل هؤلاء العلماء للدفاع عن الدين بتفوقهم في الجدل، وقدرتهم على إقامة الحجة، وقد ظهرت له هذه الحقيقة بسبب القصة الآتية: وهي أن أحد ملوك السند طلب من الرشيد أن يبعث إليه من يناظره في الدين الإسلامي ليرى فيه رأيه، فبعث إليه الرشيد أحد القضاة، وجرت بين هذا القاضي وبين رئيس علماء السند مناظرة أمام الملك، حيث سأل كبير علماء السند قاضي المسلمين قائلاً: أخبرني عن معبودك: هل هو القادر؟ قال القاضي: نعم، قال السندي: قادر على أن يخلق مثله؟ فامتنع القاضي عن الإجابة، وقال: هذه المسألة من علم الكلام وهو بدعة، وأصحابنا ينكرونه فاتجه السندي للملك، وقال له: قد كنت أعلمتُك دينهم، فكتب ملك السند بذلك إلى الرشيد فغضب غضبًا شديدًا، وقال: أليس لهذا الدين من يناضل عنه؟! فقالت الحاشية: بلى يا أمير المؤمنين هم الذين نهيتهم عن الجدل فيه، وألقيت جماعة مهم في السجن؛ فقال: أحضروهم، فلما حضروا سألهم: ما تقولون في هذه المسألة؟ فقال أحدهم: هذا السؤال محال لأن المخلوق لا يكون إلا محدثًا، والمحدث لا يكون مثل القديم، فقد استحال أن يقال: يقدر أن يخلق مثله أو لا يقدر، كما استحال أن يقال: يقدر أن يكون عاجزًا أو جاهلاً، فاختار الرشيد أحد هؤلاء العلماء فأرسله إلى ملك السند، ثم أطلق سراح العلماء المسجونين، واختار من بينهم حاشيته وفي مقدمتهم "ثمامة بن الأشرس"..
3ـ حرصه على تراث المدينة وبره بأهلها:
يروي ابن قتيبة أن الرشيد ـ عندما حج في عام 174هـ ـ حضر مجلسه في المدينة الإمام مالك بن أنس، وقال له: "إن أباك يا أمير المؤمنين بعث إليّ في هذا المجلس، كما بعثت إليّ، وحدثته بما حدثتك به من شأن أهل المدينة، وما يصبرون عليه من البلاء وشدة الزماة وغلاء الأسعار، صبرًا على ذلك واختيارًا لجوار الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقال الرشيد: ذلك أبي وأنا ولده، وسوف أفعل ما فعل، وأمر في الحال لأهل المدينة بعشرة أبيات مال، وهو ما كان أمر لهم به أبوه، ثم قال الرشيد للإمام مالك: ما تقول في منبر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا، فإني أريد أن أنزع ما زاد فيه معاوية بن أبي سفيان وأرده إلى الثلاث درجات التي كانت على عهد رسول الله؟ فقال مالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإنما هو من عود ضعيف قد تخرمته المسامير، وقد ذهب أكثره، ومع هذا يا أمير المؤمنين فإنك لو أعدته إلى ثلاث درجات لم آمن عليه أن ينتقل من المدينة، إذ قد يأتي بعدك أحد فيقول: أو يقال له: ينبغي لمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون معك حيث كنت، فإنما المنبر للخليفة؛ فيُنقَل ـ كما نقل من المدينة ـ كل ما كان بها من آثار النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه ما تُرِك له بها نعلٌ ولا شعرٌ، ولا فراش، ولا عِصِي ولا قدح ولا شئ مما له هنا من آثار..
فأطاعه الرشيد وانتهى عن تغيير منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم..
4ـ بكاؤه عند الموعظة الحسنة:
خصوم الرشيد وأصدقاؤه اتفقوا على أنه كان أرقَّ الخلفاء وجهًا وأكثرهم حياءً، وأخشعهم قلبًا، وأغزرهم دمعًا عند سماع الموعظة الحسنة وكثيرًا ما كان يسمع بواعظ زاهد فيعمل على اللقاء معه فيرسل إليه، فإن لم يحضر ذهب إليه بنفسه ليسمع منه ما يبكيه بين يديه؛ من ذلك ذهابه إلى زاهد عصره الفضيل بن عياض. (30)
لماذا كان الرشيد يبكي عند كل موعظة؟
كان الرشيد يبكي عند كل موعظة بسبب:
ـ تأثره بالموعظة المخلصة التي تنبع من قلب رجل مخلص أو عالم زاهد..
ـ لعل الرشيد وقد كانت الدنيا كلها بين يديه كان يأخذ حظه مها ويندفع في استمتاعه بها، اندفاع أمثاله من أصحاب الملك والسلطان، ثم ينازعه بعد ذلك شعوره الديني، ويستيقظ ضميره فيداخله الخوف من الله ويتوقع العقاب العاجل فيتراجع عن زخارف الدنيا، ويتذكر ما وقر في نفسه من تتبعه لحياة الزاهدين، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتمثل الدنيا بمتاعها الفاني، فيخشى أن يضيع عليه المتاع الباقي في الآخرة، وهنا يطلب خاصته أن يحضروا أحد الزهاد من العلماء المعروفين ليعيد إليه شعوره المبدد ويعطيه شحنة من الإيمان بالله، ويفتح له أبواب الرجوع إلى الله، فحين يحضر إليه من يثق به من أهل الصلاح والتقوى يقول له: عظني، فيعظه بمنطق سليم، وبيان عذب، وديباجة رقيقة، فيخشع قلبه، ويمتليء صدره بالإيمان، وتدمع عيناه؛ فترتاح بعد ذلك نفسه..
5ـ شدة حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإتقانه لرواية الحديث:
يروي أبو معاوية الضرير، محمد بن حازم فيقول: كنت أجالس الرشيد وأروي له، الأحاديث فما ذكرت أمامه كلمة "النبي صلى الله عليه وسلم" إلا سمعته يقول: صلى الله على سيدي رسول الله..
كما ذكر ابن كثير أيضًا أنه يروي في خطبته الأحاديث النبوية بأسانيدها، وأن عددًا من الناس أخذوا عنه تلك الأحاديث، أمثال سليمان الهاشمي، ونباتة بن عمرو وغيرهما..
ولعل هذا يبدو غريبًا عند من يعرف أن الرشيد لم تسعفه الظروف بنصيب وافر من العلم في صغره، بسبب انشغاله بالغزو والجهاد، وتولى بعض شئون الإدارة من بداية نشأته، ولكن نزعته الشديدة إلى تحصيل العلم ورغبته الملحة في الاستزادة من المعرفة، كانت تدعوه إلى انتهاز الفرص للقراءة والمطالعة ومجالسة العلماء، وسؤالهم عن كل ما يخفي عليه جعلته يكتسب ثروة كبيرة من الثقافة العامة..
ولم يقف عند هذا الحد من حرصه على بلوغ الغاية المرجوة من العلم في خلافته، بل زادت عنايته بمجالسة العلماء، وشعر بلذة شديدة في سماع مناقشة العلماء والفقهاء، وارتياحه إلى إشارات الزُّهَّاد والنُّسَّاك؛ فدعاه كل ذلك إلى أن يعقد في قصره ندوات يحضرها أقطاب العمل وأهل الورع، فكانت تلك المجالس والندوات أشبه بمدرسة تلقَّى فيها الرشيد قدرًا وافرًا من الثقافة والمعرفة تناسب مع ما عرف به عصره من النهضة الحضارية التي بلغت أَوْجَ عزها في مختلف المجالات. (31)
يتضح مما سبق أن الرواة الذين تحدثوا عن مجون الرشيد وفسقه، هم بأنفسهم رواة تعبده وتهجده فكيف جاز في أذهانهم أن حياة امريء مسئول تتسع لهذين اللونين من الحياة مع وضوح الأدلة على تقواه، وظهورها لكل ذي عينين؟!!
أما لون حياته الآخر ـ وهو حياته الشخصية بعيدًا عن الناس ـ فكان سرًا لا يعلمه أحد، ومن هنا ـ ومن هذا الباب ـ يسهل الافتراء على أي إنسان ما دام الافتراء لا يحتاج إلى بينة..
ويقول الدكتور شَعْوَط: ويغلب علي الظن أن الذي تولى كبر هذا الدس في حياة الرشيد هم جماعة الشيعة الذين كانوا حريصين على تلويث تاريخ الشخصيات العظيمة من العباسيين حتى يتقربوا إلى العلويين وآل البيت..
كما أن هناك طائفة أخرى من الشعوبيين الفرس، الذين أصابتهم نكبة البرامكة بالحرمان من النفوذ والعطاء، فأخذوا يتقولون على الرشيد ما لم يقله، وينسبون إليه ما لم يفعله من الأمور التي تزري به، وتطمس محاسنه من صفحات التاريخ. (32)

الخليفة العباسي أبو موسى الأمين 193-198هـ
التعريف به:
هو محمد الأمين بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور، أبو موسي الهاشمي العباسي وأمه أم جعفر زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، وُلِدَ بالرصافة عام ( 170 هـ / 786 م2) بويع له بالخلافة بعد وفاة والده الرشيد وبعهد منه. اشتهر بحسن الأدب، وكان عالما بالشعر، فصيح اللسان لكن غلب عليه الهوى واللعب وضعف الشخصية، وتأدَّب على الكسائي وقرأ عليه القرآن.اشتُهِرَ بحبه لأصحابه وعطفه عليهم، ولكنه فشل كقائد وكحاكم.
أسباب النزاع بين الأمين والمأمون
ترجع جذور النزاع بين الأخوين الأمين والمأمون إلى ثلاثة أسباب هي: مشكلة ولاية العهد – الصراع العنصري العربي والفارسي – أطماع الحاشية.
مشكلة ولاية العهد:
تعتبر هذه المشكلة أحد أقوى الأسباب بفعل الطموح إلى السلطان، والعوامل النفسية التى انتابت الأمين تجاه أخويه، فكان الباديء بنقض بنود العهد، واتخذ عدة خطوات كانت كفيلة بتفجير الوضع، منها: محاولاته في بادئ الأمر، بسط نفوذه على ولايات أخويه، ثم تقديم ابنه موسى عليهما في البيعة.
في الوقت الذي كتب فيه والده العهد عليه وعلى أخيه المأمون وعلقه في فناء الكعبة، نوى الأمين الغدر. إذ عندما طلب منه جعفر البرمكي أن يحلف بعدم نقض البيعة أجابه إلى ذلك: " خذلني اللهُ إن خذلتُه " ورددها ثلاث مرات. ولما خرج قال للفضل بن الربيع "يا أبا العباس، كنت أحلف وأنا أنوي الغدر "
تصريحات الأمين حين عزم على خلع المأمون ومبايعة ابنه موسى إذ قال ليحيي بن سليم الذي استشاره في هذا الأمر، وحاول أن يثنيه عن عزمه " إن رأي الرشيد كان فلتة شبهها عليه جعفر بن يحيي بسحره واستماله بِرُقَاه، فغرس لنا غرسا مكروها لا ينفعنا ما نحن فيه إلا بقطعه، ولا تستقيم لنا الأمور إلا باجتثاثه والراحة منه،وقال للفضل بن الربيع يوما: " ويلك يا فضل، لا حياة مع بقاء عبد الله وتعرضه، ولابد من خلعه.."
نستنتج من ذلك أن نية الغدر كانت موجودة عند الأمين، ومبيتة في نفسه منذ اللحظة الأولى، التى عين فيها والده أخاه المأمون وليًّا للعهد من بعده، وهذه المشكلة،هي التى فجرت النزاع بين الأخوين، وقد كان ما بينهما متباعدا في حياة أبيهما،فلما مات لم يُرِدْ أحدهما الآخر، أما المأمون فظل قابعا فى خراسان لم يبرحها، وأما الأمين فقد خشي عاقبة هذا الاعتكاف، فكان طبيعيا أن تسوء ظنون الأخوين أحدهما بالآخر.
صراع الحزبين العربي والفارسي:
أخذت ملامح الدور السياسي الذي أداه كل من الفضل بن سهل كاتب المأمون ومدبره الذي مثل العنصرية الفارسية في الإدارة العباسية، والفضل بن الربيع الذي مثَّل التطلعات العربية، تظهر بشكلها المحدد في الفترة التي سبقت وفاة الرشيد مباشرة.
فأخذ الأول، مدفوعا بنزعته العنصرية، وخشيته من وفاة الرشيد بعد تفاقم مرضه يسعى ليضمن حق المأمون في الخلافة، ويحميه من استبداد أخيه وحاشيته، ولعل أول خطوة أقدم عليها لتحقيق آماله أنه أقنع المأمون بمرافقة والده إلى خُرَاسان ليلتمس فيها الأنصار، وليبعده عن سطوة الأمين وحزبه.
وانكشفت نوايا كل من الطرفين بعد وفاة الرشيد، وظهر التناقض بينهما واضحًا في وجهات النظر السياسية، وكان الرشيد، لدى اشتداد المرض عليه، قد جدَّد البيعة للمأمون بعد الأمين.. ولما علم الأمين بشدة مرض والده أرسل بكرا بن المعتمر إلى خراسان ومعه كتب ظاهرها عيادة والده، وباطنها أمر إلى القوم بالعودة إلى بغداد مع الأعتدة.
ولم يتردد الفضل بن الربيع وكان على نفقات الرشيد وتدبير أموره، في العودة بالعسكر والأعتدة بعد وفاته، ولم يُعَرِّج على المأمون، ولم يلتفت إليه بالرغم من محاولة هذا الأخير مناشدته ومن معه بعدم المغادرة، وذكرهم بالعهود والمواثيق التى أخذها الرشيد عليهم، وقد ضايق ذلك المأمون فعلا وآلمه، وشعر بعدم صفاء نية الأمين تجاهه.
والواقع أن النصر الذي أحرزه العنصر العربي في تغلبه على البرامكة، وسعيه الدائم لكسب مزيد من تأكيد النفوذ والسلطان ’ قد لا يتحقق إلا في ظل خليفة كالأمين وذلك ما دفع الفضل بن الربيع لإلقاء ثقله خلفه معتبرا أن هذه فرصته لكسب جولة أخرى من الصراع.
أما ابن سهل فقد رفض طلب الأمين، ولطَّف الأمر للمأمون، فخاطبه قائلا: "نَازِلٌ في أخوالك، وبيعتك في أعناقهم؛ فاصبر قليلا وأنا أضمن لك الخلافة.
ولاشك بأن ابن سهل هذا بتشجيعه المأمون على البقاء في خراسان، ومساندته ورفضه طلب الأمين بالعودة الى بغداد كان مدفوعا بمطامع عنصرية، وأخرى شخصية وقد أوضح لأبي محمد اليزيدي أنه خدمه "ليحوز طابع هذا، يشير إلى الخاتم، في الشرق والغرب، لهذا خدمته، ولهذا صحبته " والحقيقة أن ابن سهل الذي كان يسعى لإيصال صاحبه إلى منصب الخلافة، أملا بأن تكون (مرو) عاصمةً لهذه الخلافة بدلا من بغداد، وأن تعود لخراسان عظمتها، وأدى دورًا بارزًا في تكتيل الخراسانية خلف قضيته، وقد رفضت هذه أن تعود إلى الظل بعد نكبة البرامكة؛ فوقفت بشدة خلف المأمون متمسكة به، فكان هو الإمام الذي التفت حوله الخراسانية الجديدة.
وهذكا اتخذت قضية النزاع بُعدا شعوبيا بين العرب والفرس، وراح يوجه الأحداثَ أشخاصٌ يتعصبون لأحد الفريقين، فظاهر العرب الأمين، وأخذ الفرس بيد ابن أختهم المأمون يشدون أزره.
جـ - أطماع الحاشية:
وقفت حاشية الأمين، خاصة الفضل بن الربيع وعلى بن عيسي بن ماهان، وراءه بقوة ودفعاه إلى نكث العهد، في حين كانت الدلائل تشير إلى ميله للوفاء لأخويه رغم تصريحاته السابقة، ونصحه الفضل بن الربيع بأن يستدعي أخاه المأمون إلى بغداد حتى يظفر به كرهينة، ويفضل بيته وبين جنده، تمهيدا لخلعه وصرف ولاية العهد من بعده إلى ابنه موسى.
ومن جهته، فقد وقف الفضل بن سهل خلف المأمون، وأوعز إليه بالاعتذار عن الذهاب إلى بغداد بحجة أن أمور خراسان تستدعي بقاءه فيها.
وهكذا أدى تدخل رجال الحاشية إلى تأجيج النزاع الذي وصل إلى حد عدم العودة عن الصدام.
مراحل النزاع بين الأمين والمأمون
مَرَّ النزاع بين الأمين و المأمون بمرحلتين: مرحلة المفاوضات السلمية التى انتهت في عام (195 هـ/ 811 م) ومرحلة الحسم العسكري التي انتهت بمقتل الأمين في عام (198 هـ / 813 م )
مرحلة المفاوضات:
اتخذ النزاع، في باديء الأمر، شكل سفارات ومراسلات متبادلة بين الأخوين حول قضية ولاية العهد، والصلاحيات الخاصة بالخليفة. ونهج الأمين السلوك السياسي المخادع لاستمالة أخيه، واستقطاب حاشيته وفي نيته عزله من ولاية العهد.
ومن جهته، فقد تصرف المأمون بشكل يبعث الطمأنينة في نفس أخيه، فبعث إليه بمراسلات تعظمه، وأهدى إليه هدايا كثيرة من طرف خراسان.
ثم حدث أن انتزع الأمين من أخيه المؤتمن كل ما بيده، واستقدمه إلى بغداد، وكتب في الوقت نفسه إلى جميع العمال بالدعاء لابنه موسي بالإمرة بعد الدعاء له وللمأمون وللقاسم، ولما سمع المأمون بذلك، أدرك أن الأمين ينوي تغيير العهد فقطع البريد عنه، وأسقط اسمه من الطرز.
ومضى الأمين في تودده دون أن يظهر نواياه؛ فكتب إلى المأمون يستدعيه إلى بغداد لحاجته إليه في تسيير شؤون الدولة، وفي نيته الغدر به.
ويبدو أن المأمون مال إلى إجابة طلب أخيه وكاد أن ينخدع، لولا تحذير وزيره الفضل بن سهل له، ونصحه بالاعتذار عن تلبية الدعوة، والعمل على تقوية جيشه، وتوطيد مركزه في خراسان.
لم ييأس الأمين من محاولاته الإيقاع بأخيه المأمون، وقرر تجريده تدريجيًّا من كل ما بيده؛ فكتب إليه يطلب منه أن يتخلَّى له عن بعض كور خراسان سَمَّاها له، وأنه عازم على تعيين موظف من قِبَلِه على البريد ليكتب إليه بخبرها باعتباره خليفة للمسلمين، ويستطيع التصرف في أمور خراسان كما تقضي المصلحة العامة.
استشار المأمون شيعته في طلب أخيه؛ فأشاروا عليه جميعا بإجابته، باستثناء الفضل بن سهل الذي رفض العرض، فوافقه المأمون وكتب إلى أخيه بذلك، ورسم هذا الوزير الفارسي للمأمون السياسة التي يجب عليه اتباعها وهي:
-الاعتصام في خراسان، لأن الخراسانية لن ينقضوا بيعتهم له بحكم قرابتهم له.
-انتهاج سياسة دينية رزينة.
-الاهتمام شخصيا بأمور الدولة ورد المظالم.
فأحبه الناس، والتفوا حوله.
نتيجة لهذا الجفاء، اشتد التوتر بين الأخوين، وأُغلِقَتِ الحدودُ بينهم، واتخذ المأمون بعض الاحتياطات لقطع الطريق على الدعاية التى راح يبثها الأمين ضده لاستماله أهل خراسان، فأقام حراسة مشددة على طول الطريق بين العراق وخراسان، وأعطى الأوامر باعتقال المشبوهين الذين يفدون من العراق.
أوشكت دولة الخلافة العباسية أن تنقسم إلى قسمين ينازع كل منهما الآخر، القسم الغربي حيث مدينة بغداد وعلى رأسه الأمين تسانده العرب وعلى رأس قواته القائد العربي على بن عيسي بن ماهان، والقسم الشرقي أى خراسان والولايات الشرقية حيث يقيم المأمون في مدينة مرو بمساندة الفرس، وعلى رأس قواته طاهر بن الحسين.
وتفاقم النزاع بمرور الأيام، وفشل الأمين في حمل أخيه المأمون على التنازل عن ولاية العهد لصالح ابنه موسي، مما دفعه إلى خلعه في عام (195هـ، وجلب كتابي العهد من فناء الكعبة وحرقهم، بالرغم من تحذير بعض بطانته.
أغضب هذا التصرف الخراسانيين، وغيرهم من أهالي الأمصار، فقاموا فى وجهه، واشتعلت الاضطرابات، وأضحى التحول إلى النزاع المسلح أمرا محتم، وأخذ كل طرف يستعد له.
مرحلة الحسم العسكري:
سيَّر الأمين جيشا بقيادة علي بن عيسى بن ماهان، والي خراسان السابق لقتال أخيه، تقدم إلى الري حيث كان جيش المأمون، بقيادة طاهر بن الحسين بانتظاره، والتحم الجيشان في رحى معركة قاسية، أسفرت عن انتصار جيش المأمون، ومقتل علي بن عيسى ولم تكد أنباء النصر تصل إلى مقر المأمون في مرو، حتى بايع الناسُ المأمونَ بالخلافة.
والواقع أن الأمين أخطأ تقديره الموقف السياسي والعسكري، أو غُرِّرَ به لتعيين علي بن عيسى على رأس قواته؛ لأن هذا التعيين كان قاضيًا على الأمل في استمالة الخراسانيين، نظرا لكراهيتهم له مما أثار حميتهم؛ فاستماتوا بالقتال.
ويبدو أن الأهواء الشخصية أدَّت دورًا في هذا الأختيار. فعلي كان يطمع في العودة إلى منصبه القديم، كحاكم لولاية خراسان، وربما عمد الأمين إلى إغاظة سكانها فولاه القيادة نكاية بهم. والراجح أن أحد عيون الفضل بن سهل، وهو العباس بن موسى هو الذي أشار على الأمين أن يؤمِّر عليا ليثير حمية الخراسانيين على القتال،
أثارت أنباء هزيمة جيش الأمين الفزع في بغداد مما دفع الخليفة إلى تجهيز جيش آخر، وأرسله إلى خراسان بقيادة عبد الرحمن بن جبلة الأنباري، للتصدى لزحف طاهر.
ووقعت المعركة الثانية بين القوتين في همذان، وانتصر فيها جيش المأمون أيض، وسيطر طاهر على المدينة، ثم واصل زحفه باتجاه بغداد يرافقه هرثمة بن أعين، ولما وصلها، ضرب عليها حصارًا مركزًا، فدبت فيها الفوضى، وشهدت شوارعها اصطدامات داخلية بين مؤيدي الطرفين، وتمكنت قوة خراسانية من دخولها وأسرت الأمين، وأعلنت خلعه، لكن العناصر العربية قامت بهجوم مضاد وتمكنت من إطلاق سراحه، وأخرجت الخراسانية من المدينة.
ونتيجة لضغط الحصار، خارت قوة الأمين، بعدما انهارت معنويات جنده وانتهت المقاومة، ودخل طاهر المدينة عنوة، ووجد الخليفة نفسه أمام أحد الخيارين إما القيام بمحاولة أخيرة لاختراق صفوف الخراسانية، وإما الاستسلام وطلب الأمان، ولما لم يكن معه من الرجال ما يساعده على المقاومة، فقد فضل الاستسلام للقائد هرثمة بن أعين، وقد اختاره بسبب قوة طاهر، ولكن هذا الأخير كمن له في النهر، وقبض عليه وسجنه، ثم اقتحم عليه سجنه عددٌ من الجنود الخراسانية وقتلوه، وكان ذلك في الخامس والعشرين من شهر المحرم عام 198هـ، وسيطر طاهر على بغداد وأَمَّنَ أهله، وانتهت بذلك خلافة الأمين.

الخليفة العباسي أبو جعفر المأمون 198-218هـ
التعريف به:
هو عبد الله المأمون ابن هارون الرشيد القرشي الهاشمي، أبو جعفر، أمير المؤمنين، وأمه أم ولد يُقال لها: مراجل الباذغيسية. وُلِدَ عام(170هـ/786م)، ولاه والده العهد وهو في سن الثالثة عشرة من عمره. بُويِع له بالخلافة في عام(198هـ/813م)، وكان بالري، وقدم بغداد في عام(204هـ/819م).
اشتهر المأمون بصفات ميزته عن سائر الخلفاء العباسيين منها: ميله إلى العفو، وكراهيته للانتقام، وكرمه الذي فاق كرم كافة الخلفاء العباسيين، وقوة حُجَّة الإقناع لديه. كان حاضر البديهة، سريع الجواب. أديبً، يعرف جيد الشِّع من رديئه. ويحب سماع الغناء.

zaki eleulma B
2010-03-03, 23:54
ان شاء الله يكون مليح و يفيدك

تقبل مروري

وشكرا

zaki eleulma B
2010-03-03, 23:57
عالم الفيزياء
الاسم : محمد بن الحسن بن الهيثم أبو علي البصري
ميلاد : 965 م – 345 هـ ( البصرة )
وفاة : 1040 م – 420 هـ
منطقة: عراق - بصرة
الاهتمامات الرئيسية: تشريح، فلك، هندسة، رياضيات، ميكانيكا، طب، بصريات، فلسفة، فيزياء، علم النفس
أعمال: رائد في علم البصريات، المنهج العلمي،
ملحوظة التجربة، الإدراك البصري، هندسة اهليليجية، هندسة لاإقليدية
أعمال: كتاب المناظر:الذي يعد ثورة في عالم البصريات ، فقد رفض فيه عددًا من نظريات بطليموس في علم الضوء ، بعدما توصل إلى نظريات جديدة غدت نواة علم البصريات الحديث.
تأثر بـ: أرسطو، إقليدس، بطليموس، غالينوس، محمد بن عبد الله، بني موسى، ثابت بن قرة، الكندي، ابن سهل، الكوهي
تأثر به: عمر الخيام، الخازني، شرف الدين الطوسي، قطب الدين الشيرازي، كمال الدين الفارسي، ابن الشاطر، روجر بيكون، جون بيكهام، دافنشي، كاردانو، فرانسيس بيكون، فيرما، يوهانز كبلر، رينيه ديكارت، كريستيان هويجنز، جون والّيس، إسحاق نيوتن





عالم الرياضيات
الاسم : أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي
ميلاد : ولد في خوارزم سنة 780 م – 162 هـ
وفاة : 850م – 232 هـ
اسهامته : ساهم الخوارزمي في الرياضيات، الجغرافيا، علم الفلك ، وعلم رسم الخرائط، و أرسى الأساس للابتكار في الجبر وعلم المثلثات. له أسلوب منهجي في حل المعادلات الخطية والتربيعية أدى إلى الجبر ، وهي كلمة مشتقة من عنوان كتابه حول هذا الموضوع، (المختصر في حساب الجبر والمقابلة
مؤلفاته : (الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة)
مؤلفات أخرى : لعديد من المخطوطات العربية في برلين واسطنبول وطشقند والقاهرة وباريس تحتوى على المواد أكيدة أو محتمله للخوارزمي. تتضمن مخطوطة اسطنبول ورقة عن الساعات الشمسية، التي ورد ذكرها في كتاب الفهرس. أوراق أخرى، مثل واحدة عن تحديد اتجاه مكة المكرمة، عن علم الفلك الكروي.
تناول نصين اهتماما بحساب مسافة عرض الصباح وهم (معرفة ساعة المشرق في كل بلد)، و(معرفة السمت من قبل الارتفاعʿ). ، كما ألف أيضا كتابين عن بناء واستخدام الأسطرلاب . ذكرهم ابن النديم في كتابه (فهرس الكتب العربية) وهم (كتاب المزولات) و (كتاب التاريخ) ، ولكن الكتابين فقدوا.
تشكل الرياضيات لدينا يمكن أن يعود إلى الخوارزمي. فكتابه "حساب الجبر والمقابلة "، غطي المعادلات الخطية والتربيعية، حل الخلل في التوازن التجاري والميراث والمسائل والمشكلات الناجمة عن مسح وتخصيص الأرضي. بصورة عابرة ، كما أدخل استخدام النظام العددي الذي نستخدمه حاليا ، والتي حل محل النظام الروماني القديم.
طريقة الخوارزمي في حل المعادلات التربيعية الخطية عملت في البداية بخفض لمعادلة لواحدة من ست نماذج قياسية (حيث ب و ج أرقام إيجابية صحيحة)
• ترابيع تساوي الجذور (ax2 = bx)
• ترابيع تساوي عدد (ax2 = c)
• جذور تساوي عدد (bx = c)
• ترابيع وجذور تساوي عدد (ax2 + bx = c)
• ترابيع وعدد تساوي جذور (ax2 + c = bx)
• جذور ورقم تساوي ترابيع (bx + c = ax2)



عالم الفلك
الاسم: أبو ريحان محمد بن أحمد البيروني
اللقب: أبو ريحان البيروني
ميلاد: 15 سبتمبر، 973 م
وفاة: 13 ديسمبر، 1048 م
نظام المدرسة: أشاعرة
الاهتمامات الرئيسية: علم الإنسان، علم التنجيم، فلك، كيمياء، جيوديسيا، جيولوجيا، تاريخ، رياضيات، طب، فلسفة، صيدلة، فيزياء،
أعمال ملحوظة: أب علم الإنسان، جيوديسيا. مؤسس علم الميكانيكا التجريبي، والفلك التجريبي.
أعمال: القانون المسعودي / تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة / لاستيعاب في تسطيح الكرة / التعليل بإجالة الوهم في معاني النظم / التفهيم لأوائل صناعة التنجيم / تجريد الشعاعات والأنوار / الجماهر في معرفة الجواهر / التنبيه في صناعة التمويه / الآثار الباقية عن القرون الخالية في النجوم / الإرشاد في أحكام النجوم / الاستشهاد باختلاف الأرصاد / الشموس الشافية / العجائب الطبيعية والغرائب الصناعية / كتاب الأحجار / مختار الأشعار والآثار / كتاب استخراج الأوتار في الدائرة بخواص الخط المنحني فيها
تأثر بـ: أرسطو، بطليموس، محمد بن عبد الله، براهماغوبتا، أبو بكر الرازي، أبو سعيد السجزي، منصور بن عراق، ابن سينا
تأثر به: عمر الخيام، الخازني، زكريا القزويني

zaki eleulma B
2010-03-03, 23:58
أرجو أن، تنال اعجابك وأن تستفيد

ان شاء الله