المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشركات المتعددة الجنسيات


المسير213
2008-12-01, 16:56
الشركات المتعددة الجنسيات (بالإنجليزية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%A5%D9%86%D8%AC%D9%84%D9%8A% D8%B2%D9%8A%D8%A9): Multinational Company)، هي الشركات التي ملكيتها تخضع لسيطرة جنسيات متعددة كما يتولى إدارتها أشخاص من جنسيات متعددة وتمارس نشاطها في بلاد أجنبية متعددة على الرغم من أن إستراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها تصمم في مركزها الرئيسي الذي يوجد في دولة معينة تسمى الدولة الأم Home Country ، إلا أن نشاطها يتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية لهذه الدولة وتتوسع في نشاطها إلى دول أخرى تسمى الدول المضيفة Host Countries . ولكن في مرحلة لاحقة رأت لجنة العشرين ، والتي شكلتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85_%D8%A7%D9 %84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9&action=edit&redlink=1) في تقريرها الخاص بنشاط هذا النوع من الشركات إن يتم استخدام كلمة Transnational بدلا ًمن كلمة Multinational وكلمة Corporation بدلاً من كلمة Enterprise ، واتضح بأن هذه الشركات تعتمد في أنشطتها على سوق متعدد الدول ، كما أن استراتيجياتها وقراراتها ذات طابع دولي وعالمي ، ولهذا فهي تكون شركات متعددة الجنسيات ، حيث تتعدى القوميات ، ذلك لأنها تتمتع بقدر كبير من حرية تحريك ونقل الموارد ومن ثم عناصر الإنتاج من رأس المال والعمل فضلاً عن المزايا التقنية أي نقل التكنولوجيا بين الدول المختلفة وهي مستقلة في هذا المجال عن القوميات أو فوق القوميات Supra National ، وهي بالتالي تساهم ومن خلال تأثيرها في بلورة خصائص وآليات النظام الاقتصادي العالمي الجديد والتأكيد على عالميته و تعد من العوامل الأساسية في ظهور العولمة، ومن أهم سماتها أنها تعدد الأنشطة التي تشتغل فيها دون أدنى رابط بين المنتجات المختلفة. ويرجع السبب الرئيسي الذي دعاها إلى تنويع نشاطها ، فهي تستند إلى اعتبار اقتصادي مهم ، وهو تعويض الخسارة المحتملة في نشاط معين بأرباح تتحقق من أنشطة أخرى ، وأيضاً تعمل هذه الأسواق للسبب ذاته ، وتعدد أساليب إنتاجها بحيث إذا ارتفعت قيم أحد عناصر الإنتاج التي يعتمد عليها أسلوب إنتاجي ما يمكن الانتقال إلى أسلوب إنتاجي آخر يعتمد على عنصر إنتاجي ذات ثمن منخفض نسبياً ، ومن هنا جاءت تسمية هذه الشركات باسم متعددة الجنسيات
خصائص الشركات المتعددة الجنسيات

يتسم النظام الاقتصادي العالمي الجديد بتعميق عالمية الاقتصاد Globalization وتزداد فيه دور المؤسسات الاقتصادية الدولية ، وتبرز فيه عدد من الملامح الهيكلية. تتمتع الشركات المتعددة الجنسيات والتي تعد من أهم ملامح ظاهرة العولمة أو النظام الاقتصادي المعاصر بالعديد من الصفات والسمات التي تميزها وتتحدد دورها وتأثيرها على النظام الاقتصادي العالمي، ومن أهم هذه الصفات : 1 ضخامة الحجم : تتميز هذه الشركات بضخامة حجمها وتمثل كيانات اقتصادية عملاقة ، ومن المؤشرات التي تدل على هذا ، حجم رأس المال وحجم استثماراتها وتنوع إنتاجها وأرقام المبيعات والإيرادات التي تحققها ، والشبكات التسويقية التي تملكها ، وحجم إنفاقها على البحث والتطوير ، فضلا عن هياكلها التنظيمية وكفاءة أدارتها . ولكن أهم مقياس متبع للتعبير عن سمة الضخامة لهذه الكيانات الاقتصادية العملاقة، يتركز في المقياس الخاص برقم المبيعات Sales Figure أو ما يطلق عليه " رقم الأعمال". كذلك يستخدم حجم الإيرادات لنفس الهدف ، ووفقاً لهذا المقياس احتلت شركة ميتسوبيشي ، بإجمالي إيراداتها الذي بلغ 184,4 مليار دولار ، المرتبة الأولى بين أكبر خمسمائة شركة متعددة الجنسيات في عام 1995 م ، والتي يصل أجمالي إيراداتها إلى نحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كذلك تستحوذ هذه الشركات على نحو 80% من حجم المبيعات على المستوى العالمي. أن نشاط الشركات المتعددة الجنسيات حقق معدلات نمو مرتفعة تجاوزت 10% سنوياً أي نحو ضعف معدل النمو في الاقتصاد العالمي ومعدل نمو التجارة العالمية . 2 ازدياد درجة تنوع الأنشطة : تشير الكثير من الدراسات والبحوث، إلى إن الشركات المتعددة الجنسيات تتميز بالتنوع الكبير في أنشطتها ، فسياستها الإنتاجية تقوم على وجود منتجات متنوعة متعددة ، ويرجع هذا التنوع إلى رغبة الإدارة العليا في تقليل احتمالات الخسارة ، من حيث أنها إذا خسرت في نشاط يمكن أن تربح من أنشطة أخرى . وقد قامت هذه الشركات بإحلال وفورات مجال النشاط économies of Scope محل وفورات الحجم économies of Scale والتي انتهجتها الشركات الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية. ونتيجة لذلك تتشعب الأنشطة التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات قطاعياً وجغرافياً ن وهذا بالتالي يؤدي إلى تحقيق التكامل الأفقي والرأسي . 3 الانتشار الجغرافي – الأسواق : من الميز التي تتميز بها الشركات المتعدية الجنسيات هي كبر مساحة السوق التي تغطيها وامتدادها الجغرافي ، خارج الدولة الأم ، بما لها من إمكانيات هائلة في التسويق ، وفروع وشركات تابعة في أنحاء العالم. لقد ساعدها على هذا الانتشار التقدم التكنولوجي الهائل، ولاسيما في مجال المعلومات والاتصالات. وتكفي الإشارة إلى أن شركة ABB السويسرية، تسيطر حالياً على أكثر من 1300 شركة تابعة منتشرة في معظم أنحاء العالم، مع العلم أن السوق السويسرية لا تستوعب إلا نسبة بسيطة للغاية من إجمالي مبيعات الشركة . وقد ساعدت على ذلك كله إبداعات الثورة العلمية والتكنولوجية في مجالي المعلومات والاتصالات ، حيث أصبح ما يسمى الإنتاج عن بعد Teleportation حيث توجد الإدارة العليا وأقسام البحث والتطوير وإدارة التسويق في بلد معين ، وتصدر أوامر بالإنتاج في بلاد أخرى . 4 القدرة على تحويل الإنتاج والاستثمار على مستوى العالم : أن هذه الخاصية ناتجة عن كون هذه الشركات تتميز بنشاطها الاستثماري الواسع في العالم، وكذلك كونها كيانات عملاقة متنوعة الأنشطة تسودها عمليات التكامل الأفقي والرأسي . على الرغم من ضخامة الاستثمارات الدولية التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات ، فإن أكثر من ثلثي استثماراتها تتركز في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي ( إنجلترا وألمانيا وفرنسا ) وسويسرا واليابان، ويعود هذا التركز إلى العوامل التالية : - المناخ الجاذب لهذه النوعية من الاستثمارات ، - ارتفاع العائد على الاستثمارات ، - تزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة والتي تتحقق عادة من خلال انخفاض تكلفة عنصر العمل وتوافره وارتفاع مستواه التعليمي ومهاراته وإنتاجيته ، - توافر البنية الأساسية وتسهيلات النقل وتقدم شبكات الاتصالات ، - والطاقة الاستيعابية للاقتصاد القومي . 5 إقامة التحالفات الإستراتيجية : وهي تعتبر من السمات الهامة للشركات متعددة الجنسيات والتي تسعى دوماً إلى إقامة تحالفات إستراتيجية فيما بينها ومن أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية المشتركة وتعزيز قدراتها التنافسية والتسويقية. أن هذه التحالفات هي نتاج المنافسة المحتدمة والتي صارت سمة أساسية للأسواق المفتوحة وثورة الاتصالات والمعلومات . أن التحالفات الإستراتيجية بين الشركات المتشابهة تتم في الصناعات المتماثلة بدرجة أكبر، وفي بعض الأحيان يأخذ هذا التحاف شكل الاندماج ، وهذا يظهر بوضوح في مجال البحث والتطوير بما يحتاجه إلى تمويل ضخم ، ومن الأمثلة على هذا التعاون ، التمركز الأوروبي لبحوث الحاسوب والمعلومات والاتصالات التي تشترك فيه ثلاثة شركات أوروبية كبرى تنتج الحاسبات الآلية ، وهي بول الفرنسية Bull و TCL البريطانية و سمنز الألمانية ، وقد يتحول التحالف الاستراتيجي أيضاً إلى شركات تابعة مشتركة ، للشركات متعددة الجنسيات. وكل هذا يمثل صيغ للتعاون لتحقيق الأهداف الإستراتيجية لكل شركة متعددة الجنسية تدخل في التحالف الاستراتيجي الذي يتم الاتفاق عليه . 6 المزايا الاحتكارية : تتمتع الشركات متعددة الجنسيات بمجموعة من المزايا الاحتكارية ، وترجع هذه السمة إلى أن هيكل السوق الذي تعمل فيه هذه الشركات ، يأخذ شكل سوق احتكار القلة في الأغلب الأعم، ومن أهم عوامل نشأته تمتع مجموعة الشركات المكونة له من احتكار التكنولوجيا الحديثة والمهارات الفنية والإدارية ذات الكفاءات العالية والمتخصصة . وهذا الوضع يتيح للشركات المتعددة الجنسيات الفرصة لزيادة قدراتها التنافسية ومن ثم تعظيم أرباحها وإيراداتها . وتتحدد المزايا الاحتكارية في أربعة مجالات هي التمويل ، والإدارة ، والتكنولوجيا ، والتسويق. وتنبع المزايا التمويلية من توافر موارد عالية كبيرة لدى الشركة المتعددة الجنسية، وتمكنها من الاقتراض بأفضل الشروط من الأسواق المالية العالمية نظراً لوجود عنصر الثقة في سلامة وقوة مركزها المالي . تتمثل المزايا الإدارية في وجود الهيكل التنظيمي الذي يكون على أعلى مستوى من الكفاءة ، ويسمح بتدفق المعلومات وسرعة الاتصالات ، ويؤدي بالتالي إلى اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب . أن توافر المزايا الإدارية يتيح لهذه الشركات التمييز والتفوق ، لذلك تحرص على وجود وحدات متخصصة وقادرة في مجالات التدريب والاستشارات والبحوث الإدارية . وتحصل الشركات على المزايا التقنية، من خلال التطوير التكنولوجي المستمر، للاستجابة لمتطلبات السوق، والحد من دخول منافسين جدد وتقرير وضعها الاحتكاري، ولذلك تحرص هذه الشركات على التجديد والابتكار وتحسين الإنتاجية وتطويرها وزيادتها وتحقيق مستوى عال من الجودة. تأتي المزايا التسويقية للشركات المتعدية الجنسيات من خلال الشبكات التوزيعية والتسويقية ، التي تعمل على توفير منتجاتها بحالة جيدة في الوقت المناسب . إن هذه الشركات تهتم بأبحاث السوق والتركيز على أساليب الترويج والدعاية والإعلان لمنتجاتها لضمان طلب متزايد ومستمر عليها . 7 تعبئة المدخرات العالمية : أن كل شركة من الشركات متعددة الجنسيات تنظر إلى العالم كسوق واحدة ، ومن ثم تسعى إلى تعبئة المدخرات من تلك السوق في مجموعها بالوسائل التالية :
1. طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في كل من الأسواق المالية العالمية الهامة وكذلك الأسواق الناهضة، وغيرها . #تعتمد الشركات متعددة الجنسيات، عند الإقدام على عمليات كبرى مثل شراء أسهم شركة منافسة بالقدر الذي يسمح بالسيطرة على إدارتها مثلاً، إلى الاقتراض من البنوك متعددة الجنسيات وبمعدلات عالية
2. تستقطب الشركات متعددة الجنسيات الجزء الأعظم من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتوجهه أساساً إلى أسواق الدول الصناعية التي تمثل ثلاثة أرباع السوق العالمية
3. إلزام كل شركة تابعة بأن توفر محلياً أقصى ما يمكن لتمويل اللازم لها، من خلال وسائل مختلفة مثل المشروعات المشتركة، طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في الأسواق المالية العالمية، الاقتراض من الجهاز المصرفي المحلي وغيرها .
وبهذه الوسائل يمكن للشركات متعددة الجنسيات أن تقوم بتعبئة مقادير متزايدة من المدخرات العالمية . 8 تعبئة الكفاءات : تتميز الشركات متعددة الجنسيات بعدم تقيدها بتفضيل مواطني دولة معينة عند اختيار العاملين بها حتى أعلى المستويات ، فالمعيار الغالب الذي تأخذ به هو معيار الكفاءة. و النمط المعمول به في اختيار العمالة في هذه الشركات هو الاستفادة من الكادر المحلي لكل شركة تابعة بع اجتياز سلسلة من الاختيارات والمشاركة في الدورات التدريبية . 9 التخطيط الاستراتيجي والإدارة الإستراتيجية : يعتبر التخطيط الاستراتيجي أداة لإدارة الشركات متعددة الجنسيات ، وهو المنهج الملائم الذي يضمن ويؤدي إلى تحقيق ما تهدف إليه الشركة متعددة الجنسية والتعرف على ما ترغب أن تكون عليه في المستقبل . يكثر استخدام التخطيط الاستراتيجي في الشركات المتعددة الجنسيات وهي تسعى من خلال ذلك اقتناص الفرص وتكبير العوائد ، وتحقيق معدلات مرتفعة في المبيعات والأرباح ومعدل العائد على رأس المال المستثمر. أن التخطيط الاستراتيجي هو الأداة الأساسية التي تستخدمها وتقوم بها الإدارة الإستراتيجية في تلك الشركات ، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية . وتعد الخطط الإستراتيجية في غالبية الشركات المتعدية الجنسيات في المراكز الرئيسية، ويترتب على ذلك أن قواعد التخصيص ووضع الأهداف الخاصة بكل شركة تابعة يرتبطان بتحقيق الأهداف الإستراتيجية للشركة وخدمة إستراتيجيتها العالمية . تعاظم الشركات المتعددة الجنسيات هناك العديد من المؤشرات والتي تدل على تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات والعالمية النشاط ومن أهمها : _ أن حوالي 80% من مبيعات العالم تتم من خلال الشركات متعدية الجنسيات، وهو ما يعكس ضخامة قدرتها التسويقية والإنتاجية التي مكنتها من السيطرة على جزء هام من حركة التجارة الدولية . _ الدور الكبير الذي تلعبه هذه الشركات في تسريع الثورة التكنولوجية ، فبفضلها زادت نسبة الاكتشافات التكنولوجية الحديثة والتي كانت نتيجة لجهود البحث والتطوير Research and ) (development التي قامت بها هذه الشركات _ تجاوزت الأصول السائلة من الذهب والاحتياطيات النقدية الدولية المتوافرة لدى الشركات المتعددة الجنسيات نحو ضعفي الاحتياطي الدولي منها، ويدل هذا المؤشر على مقدار تحكم هذه الشركات في السياسة النقدية الدولية والاستقرار النقدي العالمي . أن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن هناك رابطة سببية بين كل من العولمة والشركات متعددة الجنسيات ، فكل منها غذي الآخر واستفاد منه خلال السنوات الماضية. تساهم العولمة في زيادة حجم الشركة ، ومؤدية إلى توسع حجم الدمج والتملك Marger & Acquisition عبر الحدود . فعلى سبيل المثال في عام 1996 م، بلغ حجم الدمج والتملك 247,6 بليون دولار ويمثل هذا أكثر من 80% من أجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي. ومن ثم فإن العامل الرئيسي وراء الزيادة القياسية في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي في عام 1998 م مرجعه الزيادة السريعة في عدد وحجم عمليات الدمج والتملك على المستوى الدولي التي ارتفعت بنسبة 75% في عام 1998م، لتصل 586,8 بليون دولار. و ساهمت العولمة في إزالة العقبات التي وضعت في السابق لحماية السوق المحلي ، ومن ثم يمكن للشركة التوجه للاستثمار واستيراد متطلبات الإنتاج دون عقبات تجارية. وبالتالي ، فأن كل من العولمة والشركات متعددة الجنسيات قد أثر كل منهما في تطور والتأثير بالأخر، والمستفيد في النهاية الشركات متعددة الجنسيات . وخلال السنوات الأخيرة من القرن الماضي شهد عالمنا تغيرات كبيرة وضخمة وعلى جميع المستويات وكلها قادتنا إلى ما نسميه اليوم بالعولمة .

المسير213
2008-12-01, 16:59
تابع
دور الشركات المتعددة الجنسيات


لقد نتج عن التغيرات الإقليمية والدولية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية نظام عالمي جديد بمضامينه وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والمالية والثقافية والسياسية المبني على اقتصاد السوق وتقليص دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي وتنامي دور الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات المالية الدولية التي أخذت تفرض على الدول النامية سياسات وبرامج إعادة الهيكلة والإصلاح الاقتصادي وإحداث تغييرات جوهرية في طبيعة العلاقات الدولية وصياغة علاقات مجتمعية إنسانية جديدة . ولقد ازداد عدد الشركات متعددة الجنسيات حيث أصبحت في أواسط التسعينات 35 ألف شركة تتوزع على الولايات المتحدة الأمريكية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA_% D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9_%D8%A7%D 9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9) وأوروبا الغربية واليابان، وفي مستوى هذه الشركات تسيطر /100/ شركة الأكبر فيما بينها على معظم الإنتاج العالمي، وقد أكسبت الثورة العلمية والتكنولوجية الحديثة قوة إضافية لهذه الشركات وقدرة على الإنفاق على البحث العلمي . ويتضح من خلال نشاط هذه الشركات أنها قد ساهمت بشكل كبير في تفكيك عملية الإنتاج على الصعيد الدولي التي تتسم بعدم الاستقرار وبقابلية الإنقطاع والتي تهربت من أية رقابة أو اتفاقيات ملزمة وأنها نسقت مع المؤسسات المالية والمنظمات الدولية في الدخول إلى الدول النامية ولقد تجسدت ممارسة هذه الشركات في نشاطاتها في الاقتصاد الدولي بنمو دورها في تدويل الاستثمار والإنتاج والخدمات والتجارة والقيم المضافة والمساهمة في تشكيل نظام تجارة دولية حرة والتسريع في نمو أكبر للاستثمار المباشر العالمي والتطور السريع للعولمة المالية وتنامي التأثير على السياسات الاقتصادية للدول والمساهمة في تعميق الفقر في العالم وهجرة الأدمغة وتعميق الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة والدول النامية. ويمكن إيجاز أثر هذه الشركات على الاقتصاد الدولي بإضعاف سيادة الدول المتصلة وتقليص دورها الاقتصادي والاجتماعي وخلق شريحة اجتماعية طفيلية وإضعاف ميزان المدفوعات وحرمان الدول المضيفة من أنشطة البحث العلمي والتطوير وإغرائها بمنحها عائداً أكبر لاستثماراتها لإبعادها عن إرساء قاعدة إنتاجية لها وبنفس الوقت استغلال المزايا النسبية للدول المضيفة ولجوء هذه الشركات للتمويل من السوق المحلية في المرحلة اللاحقة والمساهمة بمعدلات منخفضة في العبء الضريبي وزيادة الفساد في المجتمع . ومن هنا تبدو أهمية تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد عن طريق إيجاد تعاون إقليمي بين الدول وإعادة هيكلية صندوق النقد الدولي وضرورة إصلاح نظام التجارة العالمي وتعزيز التعاون الصادق بين دول الجنوب ودول الشمال وبمراقبة مناسبة على تحرك رؤوس الأموال الخاصة وتشجيع تعاون عالمي في العلوم ونقل التكنولوجيا إلى الدول النامية وهذا يقودنا إلى الإجراءات الواجب اتخاذها في الإطار العربي لمواجهة الاقتصاد لعالمي الجديد عن طريق تعزيز الدور التنموي للدول العربية واحترام حقوق الإنسان وإطلاق الحريات الديمقراطية والتأكيد على زيادة الإنتاج والإنتاجية وتحقيق عدالة التوزيع وإعادة توزيع الثروة لتحقيق العدالة الاجتماعية والحد من نفوذ رأس المال الأجنبي ووضع معايير وضوابط لحركة رأس المال المحلي بما يخدم عملية التنمية وضرورة تطوير وتعميق التكامل والتعاون الاقتصادي العربي وتفعيل الاتفاقيات العربية في المجال الاقتصادي وتنسيق وتوحيد المواقف العربية في مواجهة المشروعات المطروحة من المنظمات الدولية ولاسيما المالية. ومن الأهمية بمكان أيضا إبراز دور النقابات وهيئات المجتمع الأهلي في مواجهة النظام الاقتصادي العالمي الجديد وشركاته متعددة الجنسيات بضرورة تفعيل مشاركتها الحرة والمستقلة وأهمية اكتسابها مركز تفاوضي قوي و اجاد موقع إعلامي بما يعزز قوتها وتأثيرها وإرساء تضامنها تأثير الشركات المتعددة الجنسيات على الاقتصادي العالمي الجديد للشركات المتعددة الجنسيات تأثيراً كبير وعميق على آليات ومكونات النظام الاقتصادي العالمي الجديد، وهو ينحصر في النقاط التالية :

التأكيد على صفة العالمية : من الطبيعي ، أن الشركات المتعددة الجنسيات قد قامت بدور رئيسي في تعميق مفهوم العالمية والذي يتمثل بصفة أساسية في تطوير إطار أعمال منظم عابر القوميات يؤدي إلى عولمة الاقتصاد ، بما في ذلك الدفع نحو توحيد وتنافس أسواق السلع والخدمات وأسواق رأس المال وأسواق التكنولوجيا والخدمات الحديثة ، ويدعم بنية أساسية هائلة للاتصالات والمواصلات والمعلومات والإعلام والفنون والثقافة. أن الشركات متعددة الجنسيات حولت العالم إلى كيان موحد غلى حد بعيد من حيث كثافة الاتصالات والمعاملات فيه ، وبالتالي من خلال هذه الشركات بدأت تنتشر العالمية أو العولمة على كافة المستويات الإنتاجية والتمويلية والتكنولوجية والتسويقية والإدارية
التأثير على النظام النقدي الدولي : من الواضح جداً وهو يتبين من الحجم الضخم من الأصول السائلة والاحتياطات الدولية المتوافرة لدى الشركات المتعددة الجنسيات ن مدى التأثير الذي يمكن أن تمارسه هذه الشركات على السياسة النقدية الدولية والاستقرار النقدي العالمي . أن الأصول الضخمة المقومة بالعملات المختلفة للدول التي تعمل بها الشركات المتعددة الجنسيات ، من شأنها أن تؤدي إلى زيادة إمكانيات هذه الشركات في التأثير على النظام النقدي العالمي. فإذا أرادت هذه الشركات ، وبقرار يتخذ من جانب المسؤولين عن إدارة الشركات المتعددة الجنسيات بتحويل بعض الأصول من دولة لأخرى من شأنه أن يؤدي إلى التعجيل بأزمة نقدية عالمية
التأثير على التجارة العالمية : من المعروف وكنتيجة لاستحواذ الشركات المتعددة الجنسيات على نسبة كبيرة من حجم التجارة وحركة المبيعات الدولية فإنها تؤثر بلا شك على منظومة وهيكل التجارة الدولية من خلال ما تمتلكه من قدرات تكنولوجية عالية وإمكانيات وموارد قد تؤدي إلى إكساب الكثير من الدول بعض المزايا التنافسية في الكثير من الصناعات والأنشطة . من الممكن ملاحظة تأثير الشركات المتعددة الجنسيات على حجم التجارة العالمية حيث ازدياد درجة التنوع في الأنشطة ووجود التكامل الرأسي إلى الأمام وإلى الخلف قد أدى ويؤدي إلى ازدياد حجم التبادل التجاري بين تلك الشركات ومشروعاتها التابعة أو فروعها في الدول المختلفة . *التأثير على توجهات الاستثمار الدولي : تشير تقديرات تقرير الاستثمار الدولي الصادر من الأمم المتحدة عام 2003 م ، أن حجم الاستثمار الدولي المتدفق في العالم في تلك السنة قد بلغ أكثر من 300 مليار دولار والتي تدفقت في مختلف مناطق العالم . إن الشركات المتعددة الجنسيات تنفذ الجزء الأكبر من الاستثمارات الدولية سنويا. ويلاحظ في هذا المجال أن الخريطة الاستثمارية للاستثمار الدولي تتأثر بتوجهات النشاط الاستثماري للشركات المتعددة الجنسيات حيث لوحظ أن من أهم سمات أو خصائص تلك الشركات هي تلك الخاصية المتعلقة بالتركز الاستثماري ، فقد لاحظنا أن هذه الشركات تتركز استثماراتها في الدول المتقدمة بل وفي عدد محدود من الدول المتقدمة ، حيث تستحوذ هذه الدول على 85% من النشاط الاستثماري لتلك الشركات و من ناحية أخرى تحصل الدول النامية على نسبة 15% فقط من النشاط الاستثماري للشركات المتعددة الجنسيات
تكوين أنماط جديدة من التخصص وتقسيم العمل الدولي : أن تفاعل تأثير الشركات المتعددة الجنسيات على التجارة العالمية وتوجهات الاستثمار الدولي ، قد أدى يؤدي إلى تكوين أنماط جديدة من التخصص وتقسيم العمل الدولي ، وأصبحت قرارات الإنتاج والاستثمار تتخذ من منظور عالمي وفقاً لاعتبارات الاقتصادية فيما يتعلق بالتكلفة والعائد . أن كبر النشاط الاستثماري والإنتاجي والتسويقي والتجاري للشركات متعدية الجنسيات وما أحدثته الثورة التكنولوجية من إتاحة إمكانيات جديدة للتخصص ، كلها أدت إلى وجود أنماط جديدة للتخصص وتقسيم العمل ، ولاشك أن هذه الشركات تلعب دوراً رئيسياً في تعميق هذه العملية وأصبحت مشاهدتها متزايدة بين الدول الصناعية والنامية . ولعل هذا الاتجاه يتيح للكثير من الدول النامية فرصة لاختراق السوق العالمية في الكثير من المنتجات، حيث تتيح الأنماط الجديدة لتقسيم العمل الدولي لتلك البلدان اكتساب مزايا تنافسية في دائرة واسعة من السلع في الصناعات الكهربائية والالكترونية والهندسية والكيماوية ، وخير دليل ومثال على ذلك هو تجربة النمور الآسيوية في جنوب شرق آسيا ، ولهذا ومن وجهة نظرنا فعلى البلدان النامية الأخرى أن تستغل هذا الاتجاه في تعظيم صادراتها وأن تعرف أن من آليات التعامل مع الشركات المتعددة الجنسيات هي جذب تلك الشركات لتعمل وتوطن بعض الصناعات في الدول النامية التي تسمح بخروجها من دائرة إنتاج السلع الأولية والاستخراجية إلى الصناعات الأكثر فائدة من ناحية القيمة المضافة التصديرية
التأثير على نقل التكنولوجيا وإحداث الثورة التكنولوجية : تقوم الشركات المتعددة الجنسيات بدور فعال ومؤثر في إحداث الثورة التكنولوجية.أن العالم يعيش اليوم الثورة الصناعية الثالثة ، والتي نطلق عليها الثورة العلمية في المعلومات والاتصالات والمواصلات والتكنولوجيا العالية. و لهذا السبب فان التحدي المطروح أمام البلدان النامية، هو ضرورة تنمية قدراتها على خلق آليات للتعامل مع الشركات المتعددة الجنسيات . أن نقل التكنولوجيا من خلال الشركات المتعددة الجنسيات يتأثر بتوجهات الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تقوم به تلك الشركات عبر مناطق العالم المختلفة ، ومع الأخذ في الاعتبار العوامل المتعلقة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر ، فأن هيكل النظام الاقتصادي العالمي الجديد من منظور تكنولوجي يتأثر بشكل واضح بهيكل الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تقوم به الشركات المتعددة الجنسيات ، فهي تقوم بدور فعال ومؤثر في إحداث الثورة التكنولوجية نظراً لما تتمتع به من إمكانيات وموارد بشرية ومادية ضخمة توجه نحو البحوث والتطوير .
إستطاعت الشركات المتعددة الجنسيات أن تقيم مشاريع لها خاضعة لسيطرتها في واحد أو أكثر من مجموعـة البلدان النفطية وغير النفطية، وأن تستفيد من حرّية التجارة ما بينها لفتح أسواقهـا جميعاً أمام منتوجات هذه المجموعات. وقد أدّى ذلك، في غالبية الحالات، إلى تكامل اقتصادات هذه البلدان مع السوق العالمية في إطار ستراتيجية الشركات المذكورة، بدون تحقيق التكامل الاقتصادي ما بين البلدان المذكورة. حصل ذلك تحت تأثير توجيهات التنمية التي طبّقتها البلدان العربية خلال الخمسينات والستينات من هذا القرن، والتي أهملت التنمية الزراعية، وركّزت على التصنيع من أجل التصدير إلى الخارج، معتمدة على استيراد التكنولوجيا الجاهزة من هذه السوق، من دون محاولة تنمية قدراتها التكنولوجية من خلال الاهتمام بالموارد البشرية، من تأهيل وتدريب لها وزيادة الاعتمادات المالية للدراسات ومراكز البحوث، إضافةً إلى توجيه التنمية نحو إشباع الحاجات الأساسية للسكان من تعليم وطبابة وصحّة وسكن. إن دخولنا عصر التكنولوجيا يفرض على بلداننا أن تقوم بإصلاحات تطال كل البنى التحتيّة، مع المحافظة على دور دولة الرعاية في المجتمع بإحلال العدالة الاجتماعية بين كافة فئات الشعب، وكذلك القيام بتحديث القوانين لتفعيل جباية الضرائب، والقيام بتعديل المناهج والبرامج التربوية لتتلاءم مع حاجات العصر، واستخدام نظم الإدارة الحديثة الفعّآلة بهدف ضخ إداراتنا المهترئة بالعقول والخبرات التقنية والمعارف والثقافة العامة، وإدخال المكننة والأجهزة الحديثة إليها لتتمم إنجاز المشاريع بأقل كلفة ممكنة، والاستفادة من كل الموارد المتاحة بشرياً ومالياً


أرجو أن ينال هذا البحث رضاكم ........................... بالتوفيق للجميع

لا تنسونا بدعائكم

حسين1988
2008-12-01, 17:59
مشكوووووووووووووور اخي العزيز على المعلومات الهامة والقيم الله يحفظك ويوفقك ويجعلها في ميزان حسناتك

mimer85
2008-12-01, 18:18
بارك الله فيك

المسير213
2008-12-02, 07:16
تحية شكر و تقدير لكل من حسين 1988 و الأخmimer85

شكرا لكل من اطّلع على الموضوع

hocine sepultura
2009-12-07, 19:48
شكراااااااااااااااااااا

chelsearamzi
2009-12-09, 22:08
البحث مقدمة
المبحث الأول :1- ظهور الشركات المتعددة الجنسيات
2- تاريخ الشركات المتعددة الجنسيات
3- التعرف الاقتصادي للشركات المتعددة الجنسيات وخصائصها
المبحث الثاني: الأدوات والأساليب القانونية لتكوين الشركات المتعددة الجنسياتالاندماج الدولي للشركات المتعددة الجنسيات
تكوين شركات وليدة على المستوى العالمي
الآثار الاقتصادية للشركات المتعددة الجنسيات على الدول النامية
النتائج المترتبة على مباشرة الشركات المتعددة الجنسيات لنشاطهادور الشركات المتعددة الجنسيات في ظل العولمةالخاتمة


شهد مطلع النصف الثاني من ق 20 بداية مرحلة جديدة في تطور النظام الرأسمالي تتميز بما يمكن أن تسمية دولية الإنتاج إذ أصبحت العملية الإنتاجية داخل المشروع الرأسمالي تتم لا على المستوى القومي كما كان يحدث في الماضي وإنما على المستوى العالمي بحيث أصبح الاقتصاد العالمي يحل تدريجياً محل الاقتصاديات القومية المختلفة كإطار لعملية الإنتاج الرأسمالي ولقد كانت أداة هذا التحول والوسيلة هي الشركات المتعددة الجنسيات فهي تمثل مرحلة جديدة من مراحل التركز الرأسمالي يتم لا على المستوى القومي كما كان يحدث من قبل وإنما على المستوى العالي ،بحيث تتوزع المراحل المختلفة للعلمية الإنتاجية داخل المشروع الواحد على مختلف دول العالم مع استمرار خضوعها لسيطرة مركزية قومية موحدة ,فالذي يميز الشركات أو المشروعات المتعددة القوميات من الوجهة الاقتصادية هو تعدد الوحدات الإنتاجية على المستوى العالمي من ناحية ومركزية السيطرة من ناحية أخرى وتشكل مجموعات الشركات المتعددة الجنسيات التغير القانوني عن هذه الكيانات الاقتصادية الجديدة،حيث تتخذ الوحدات الإنتاجية شكل شركات وليدة أو تابعة تخضع كلها لسيطرة شركة واحدة هي الشركة الأم التي تتولى إدارتها مركزياً في إطار إستراتجية إنتاجية موحدة فالذي يميز الشركات المتعددة القوميات من الوجهة القانونية هو من ناحية تعدد الوحدات القانونية المستقلة (الشركات الوليدة) على المستوى العالمي ،كل منها يعمل في إطار قانونياً قومي مختلف ، ومن ناحية أخرى مركزية السيطرة التي تخضع لها هذه الوحدات القانونية فترى كيف نشأة الشركات المتعددة الجنسيات وكيف تكونت وما هي إسترتيجتها؟
المبحث الأول:
1- ظهور الشركات المتعددة الجنسيات:
لقد ظهرت الشركات المتعددة الجنسيات على يد الشركات الأمريكية الكبرى التي دأبت منذ نهاية الحرب العالمية , وبشكل خاص منذ الخمسينات على زيادة استثماراتها المباشرة خارج الولايات المتحدة وذلك بإنشاء وحدات إنتاجية في كند وأوربا وأمريكة اللاتينية في إطار إستراتجية إنتاجية عالمية موحدة وسرعان ما حذت الشركات الأوربية حذو الشركات الأمريكية بعد أن استردت أوربا أنفسها بعد الحرب وأعادت بناء قوتها وبدأت تنتقل من الإقليمية إلى العالمية بإنشاء وحدات إنتاجية خارج حدودها بل أن بعض هذه الشركات قام بإنشاء شركات صناعية تابعة لها في أمريكا وبعدها جاء دور اليابان لتدخل هي الأخرى معترك الدولية ورغم أن هذا الدخول جاء متأخرا بعض الشيء فإن العالم تنبأ بأن هذه الشركات اليابانية سوف تلعب دورا متعاظما في المجال العالمي وتستمد هذه الشركات المتعددة الجنسيات قدرتها على السيطرة على الاقتصاد العالمي من قوتها الاقتصادية الذاتية ومن قوتها الفنية والتكنولوجية الهائلة ، وما يميز الشركات المتعددة الجنسيات ليس هو قيامها بنشاط اقتصادي على المستوى الدولي ، وإنما طبيعة هذا النشاط والأسلوب الذي يتم به وكم أن طبيعة وأسلوب نشاط الشركات يختلف اختلاف جذريا عن طبيعة وأسلوب نشاط كل ما سبقها من الشركات التي عرفتها الرأسمالية طوال حياتها وما يميزها كذلك أنها تقوم بنقل وحدات إنتاجية من الدولة التابعة لها ، أي الدولة الأم إلى دول أخرى مختلفة مع استمرار سيطرتها على هذه الوحدات الإنتاجية وإدارتها مركزيا في إطار إستراتجية إنتاجية عالمية موحدة
2- تاريخ الشركات المتعددة الجنسيات:
يرجع تاريخ العديد من الشركات المتعددة الجنسيات التي نعرفها اليوم إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية وبشكل أكثر تحديد إلى نهاية ق 19 فمنذ ذلك التاريخ بدأت بعض الشركات الكبرى في أمريكا وأوربا تقيم وحدات إنتاجية خارج حدودها الأصلية ففي عام 1865 أنشأت شركة باير الألمانية للصناعات الكيميائية مصنعا لها في نيويورك إلى أن أول شركة تستحق وصف (المتعددة القوميات) بالمعنى الدقيق هي شركة سنجر الأمريكية لصناعة مكنات الخياطة التي أقامت في عام 1867 مصنع لها في جلاسكو وتبعته بعدة مصانع أخرى في النمسا وكندا وسرعان ما حذت الكثير من الشركات الأمريكية حذو سنجر.
ورغم ظهور واستقرا العديد من الشركات المتعددة الجنسيات فقد بقيت أهميتها في الاقتصاد العالمي محدودة للغاية من ناحية لان القطاعات التي كانت تعمل فيها هذه الشركات وبشكل أساسي البترول ، السيارات و الألمنيوم ، رغم أهميتها في الاقتصاد اليوم ، أم تكن تلعب دور أساسيا في اقتصاديات الدول الرأسمالية آنذاك إذا كانت الرئيسية هي الفحم ، السكك الحديدية ، الحديد والصلب ...الخ وبقيت هذه الصناعات بعيدة عن عمل الشركات المتعددة الجنسيات ومن ناحية أخرى لضيق حجم النشاط الدولي لهذه الشركات
والظروف الدولية الاقتصادية في فترة مابين الحربين العالميتين لم تكن لتسمح بنمو أكبرى الاستثمارات الدولية المباشرة من ناحية بسبب عدم استقرار الأوضاع النقدية في أوربا نتيجة لتضخم الهائل على أن هذه الأوضاع تغيرت تماما بعد الحرب الثانية بإبرام الاتفاقية العامة لرسوم الجمركية والتجارة المعروفة باسم (gatt) والتي تولت وضع أسس ومبادئ عامة لتنظيم التبادل التجاري الدولي فأزاحت بذلك واحدا من أهم العوائق التي كانت تعترض سبيل الشركات المتعددة الجنسيات.
وكذلك اتفاقية إنشاء المجموعة الاقتصادية الأوربية المعقودة في روما سنة 1957 أعطت دفعة هائلة لنشاط هذه الشركات وهكذا فإن الظروف كلها كانت مهيأة منذ نهاية الحرب العالمية لظهور الشركات المتعددة الجنسيات
3- التعريف الاقتصادي للشركات المتعددة الجنسيات وخصائصها:
الشركة مفهوم قانوني وليست مفهوما اقتصادي لذلك فأن أغلب الاقتصاديين يستخدمون في تحليلا للظاهرة تعبر المشروعات المتعددة الجنسيات، ويختلف الاقتصاديون في تعريف المشروع المتعددة الجنسيات بحيث يمكننا أن نقول دون مغالاة أن لكل اقتصادي عكف دراسة هذا الموضوع تعريفه الخاص به , ومع ذلك يمكننا أن نرد كل هذه التعريفات إلى ثلاث رئيسية:
وفقا للتعريف الأول فإن المشروعات المتعددة الجنسيات هي تلك التي تتملك أو تسيطر على وحدات إنتاجية في الدوليتين اثنين على الأقل أما التعريف الثاني فيضيف إلى سابقة عنصراً جديداً هو الإستراتيجية الإنتاجية الموحدة ، أما التعريف الثالث فيضيف إلى ما سبق عناصر أخرى تتعلق بمدى اتساع نشاط المشروع على المستوى العالي وبمدى أهمية النشاط الإنتاجي الخارجي بالنسبة للحجم الكلي لنشاط المشروع .
وتتميز الشركات أو المشروعات المتعددة الجنسيات بعدة خصائص هامة:
أولها كبر حجم هذه المشروعات فهي تتمتع كلها بدرجة عالية جداً من التركيز الرأسمالي فمثلا فهي تنتج اليوم الحجم الكلي للإنتاج العالمي خارج المعسكر الاشتراكي.
أما الخاصية الثانية فهو الطابع الاحتكاري لهذه المشروعات إذ تعمل في إطار ما يسمى بنظام احتكار القلة حيث يخضع السوق عدد قليل من المشروعات الكبيرة.
أما الخاصية الثالثة فهو أن العمل بنظام احتكار القلة يزيد من قوتها الاقتصادية ومن قدرتها على السيطرة خاصة وأنها تستخدم في إنتاجها أحداث الأساليب التكنولوجية والفنية حيث تسيطر على كل جديد في هذا المضمار مما يدعم طابعها الاحتكاري وتتميز كذلك بمرونتها وبقدرتها على التكيف إزاء تغير لا الظروف الاقتصادية والسياسية والقانونية ويرجع ذلك على اتساع مجال نشاط الاقتصادي ونقدية المتعددة
المبحث الثاني: الأدوات والأساليب القانونية لتكوين الشركات المتعددة الجنسيات
1- الاندماج الدولي للشركات
الاندماج هو فناء شركة أو أكثر في شركة أخرى وقيام شركة جديدة تنتقل غليها ذمم الشركات التي فنيت ، وهو يتم بطريقتين الأولى بطريقة الابتلاع أو الضم بمعنى أن أحدى الشركات تظل قائمة وتبتلع الشركات الأخرى والثانية بطريق المزج حيث تفنى الشركات وتنشأ شركة جديدة تنتقل غلها ذمم الشركات الثانية ، والاندماج المقصود في حياة الشركات المتعددة الجنسيات هو الاندماج الدولي أي ذلك الذي يتم بين شركتين مختلفتي الجنسية ويمكن أن يقع الاندماج بين أحدى الشركات الوليدة الداخلة في مجموعة متعددة الجنسيات والتي تعمل في بلد ما وتتمتع بجنسية وبين أحدى الشركات الوطنية في نفس هذا البلد , والواقع أن الاندماج الداخلي هو أحد الأدوات القانونية التي تستخدمها الشركات المتعددة الجنسيات للقضاء على منافسيها في الدول المضيفة ولإحكام سيطرتها على السوق الداخلي في هذه الدول، وبهذا فإن الاندماج الدولي أداة لتكوين شركة متعددة الجنسيات.
ويواجه الاندماج الدولي العديد من الصعوبات التي تفوق إتمامه منها عدم وجود قواعد موحدة تحكم عمليات الاندماج وصعوبة تحديد المسائل التي تخضع لقانون دولة الشركة الدامجة وتلك التي تخضع لقانون دولة الشركة المندمجة فالاندماج الدولي لا يتم إلا إذا كان مبدأ الاندماج مقبولا في كلا القانونين.
إذن فالاندماج بالمعنى السليم يحقق انتقال ذمة الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة دون حاجة إلى تصفية الشركة المندمجة مقدما وسداس ما عليها من ديون وهذا ما يقرره العديد من التشريعات المعاصرة مثل ألمانيا ،النمسا ، فنزويلا ، ...الخ.
ولقد تمت بالفعل في غضون هذه الحقبة عدة عمليات" اندماج" هامة بين شركات أو مجموعة شركات تابعة لدول أوربية مختلفة .
أضف إلى ذلك أن الاندماج الدولي تعترضه صعوبة سياسية ترجع أولا وأخيرا إلى أن عملية الاندماج الدولي بالرغم من طابعها الدولي إنما تفرغ في نهاية الأمر في شكل شركة وطنية تخضع لقانون وطني معين لذلك ومن أجل تخطي هذا العائق فقد وضعت مجموعة دول السوق الأوربية المشتركة مشروعا بتكوين شركة ذات طابع دولي هي الشركة الأوربية تكون بمثابة قالب قانوني تفرع فيه عمليات الاندماج الدولي التي تتم داخل إطار السوق وتكون الشركة الأوربية أداة هامة لتكوين شركات أوربية متعددة الجنسيات.
2- تكوين شركات على المستوى العالمي:
تكوين شركة وليدة لا يتطلب إلا توافر شرطين أساسيين:
أولهما أن يكون للشركة الأم وفقا لأحكام قانونها الوطني الحق في تملك أسهم شركة أخرى وثانيها أن يكون من الممكن وفقا لا حكام قانون الدولة المضيفة أن تمتلك الشركة الأم أسهم الشركة الوليدة بنسبة تسمح بالسيطرة عليها وتكوين هذه المجموعات لا يتم في حرية كاملة ودون أدنى قيود بل أن هناك قيوداً هامة تحد من هذه الحرية والقيد الأول يرتبط بقضية تمويل نشاط الشركات الوليدة التابعة للشركات المتعددة الجنسيات فللحصول على رؤوس الأموال لتمويل أنشطتها المتلفة تستطيع الشركة الأم اللجوء إلى عدة طرق مثل اللجوء إلى السوق العالمي الداخلي في بلدها أو الاقتراض حيث أن الشركة الوليدة باعتبارها شركة وطنية في الدولة المضيفة وذلك على الرغم من خضوعها للسيطرة الأجنبية تستطيع الاقتراض من السوق المحلي لأنها تتمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها المواطن في الدولة المضيفة ، وبما أن مصالح الدول المضيفة تتعارض تماما مع مصالح الشركة الوليدة فيجيء من التنظيمات القانونية التي تضعها الدول المضيفة لاستثمارها رؤوس الأموال الأجنبية داخل أرضيها فقد تتعارض هذه القواعد مع السياسات الشركات المتعددة الجنسيات ونضيف إلى أن الخط العام لسياسة الشركات المتعددة الجنسيات يقوم على أساس الإنفراد بملكية أسهم شركتها الوليدة على النطاق العالي
وقد يثور النزاع أيضا بين الشركة المتعددة الجنسيات وبين ممثلي الأقلية في الشركات الوليدة فيما يتعلق بسياسة الشركة الأم الخاصة بتوزيع أسواق التصدير المختلفة بين شركتها الوليدة , فقد نعمد الشركة الأم لأسباب إستراتيجية خاصة بها إلى قصر الحق في التصدير إلى أسواق معينة على بعض شركتها الوليدة دون الأخرى وإلى تحديد الإنتاج في بعض شركتها الوليدة مما يؤدي إلى الأضرار بمصالح هذه الشركات ومن ثم المساهمين ومن ثم بمصلحة الدول المضيفة.
لكل هذه الأسباب تتجنب الشركات المتعددة الجنسيات بقدر الإمكان الدخول في مشروعات مشتركة مع الرأسمالية المحلين في الدول المضيفة مفضلة الإنفراد بملكية أسهم شركتها الوليدة.



المبحث الثالث : إستراتيجية الشركة المتعددة الجنسيات
المطلب الأول : إستراتيجية الشركة المتعددة الجنسيات ومصالح الدول المضيفة
إن ما يميز الشركة المتعددة الجنسيات هو أنها تعمل تحت سيطرة مركزية موحدة وفي إطار إستراتيجية عامة كلية تهدف إلى زيادة أرباح الشركة الأم ومن ثم فإن نشاط الشركات الوليدة في المجالات المختلفة لا يتحدد وفقا لمقتضيات السياسات القومية للدول المضيفة وهذه الأخيرة ليست لها السيطرة الكاملة على القطاعات الاقتصادية التي تهيمن عليها الشركات الولية العاملة داخل أرضيها وتلجا الشركة المتعددة الجنسيات إلى سياسة نقل الأرباح بين الشركات الوليدة عن طريق التحكم والتلاعب في أسعار السلع الوسيطة والخدمات التي تتبادلها هذه الشركات وهذه الأسباب متعددة أهمها الحد من الأعباء الضريبة للمشروع المتعدد الجنسيات التي تفرضها الدول المضيفة على نشاط الشركات الوليدة وهذا الهدف زيادة أرباح المشروع ولتحقيق ذلك تلجا إلى استغلال الاختلافات القائمة بين الأنظمة الضريبة في الدول المضيفة للتهرب من الضرائب ولزيادة أربحها الصافية وتعمد أيضا إلى استغلال التناقضات بين الأنظمة المالية والنقدية المتعددة على المستوى العلي من أجل فرض إستراتيجيتها عاملان أساسيان أوله تجنب مخاطر تقلبات أسعار صرف العملات المختلفة بل والعمل على استغلال هذه التقلبات لصالحها بقدر الإمكان وثانيتها البحث على أرخص المصادر المالية لتمويل نشاط شركتها الوليدة المتناثرة في مختلف أنحاء العالم
وأخطر مظاهر التناقص بين إستراتيجية الشركات المتعددة الجنسيات ومصالح الدول المضيفة تتمثل في تلك القيود التي تفرضها الشركات الأم على نشاط شركاتها الوليدة في مختلف أنحاء العالم وبالذات على حريتها في تصدير منتجاتها للدول الأخرى لأسباب تتعلق بالإستراتيجية السياسية والعسكرية للدولة الأم
المطلب الثاني: إستراتيجية المشركة المتعددة الجنسيات و مصالح
المساهمين المحلين في الشركات الوليدية
إن ما يميز الشركة المتعددة الجنسيات هو خضوع الشركات الوليدة المنتشرة على الصعيد العالي لا سيطرة مالية وإدارية موحدة وذلك لتحقيق الإستراتيجية العالمية الموحدة للشركة المتعددة القوميات و كذلك توجد عدة أساليب تتبع الشركة المتعددة القوميات لتحقيق إستراتيجيتها مثل أن تنقل الأرباح و الأصول المالية المختلفة مكن شركة الأخرى وذلك من خلال عمليات المبادلة التي تتم بين هذه الشركات أو من خلال العقود الأخرى التي تبرمها الشركات الوليدة فيما بينها أو بينها و بين الشركة الأم ، وان انتقال الأرباح يذر بالمصالح المساهمين المحلين في الشركة الأولى وذلك بحرمانهم من جزء من الأرباح التي حققوها ولقد حاول الفقه و القضاء في الكثير من الدول توفير أكبر قدر ممكن من الحماية للمساهمين وذلك باستخدام الأدوات الفنية التقليدية مثل نظرية التعسف في استعمال الحق وهذا الأبطال قرارات الجمعيات القومية لشركات المساهمة التي تصدر بحقوق الأقلية
إن الشركة المتعددة القوميات تشكل وحدة اقتصادية قائمة بذاتها وتخضع لسيطرة موحدة من أجل تحقيق إستراتيجية إنتاجية عالمية موحدة و مع ذلك فإن هذه الوحدة المتكاملة تبقى حتى الآن خارج إطار القانون الوضعي الذي لا يرى فيها إلا مجموعة من الشركات المستقلة و المنفصلة و التي تخضع كل منها لنظام قانوني مستقل تتمتع بجنسية مستقلة و من هنا تجيء كافة الصعوبات التي تحول دون إمكانية توفير الحماية اللازمة للمساهمين المحلين في الشركات الوليدة و للدول المضيفة أيضا لكل هذه الأسباب يقترح بعض الفقهاء إخضاع الشركات المتعددة الجنسيات لتنظيم ذي طبيعة دولية تنشأ خسيسا لذالك و تتولى إلى جانب الرقابة على نشاط هذه الشركات نشر كافة البيانات المتعلقة بهذا النشاط والتي تهتم الأطراف المختلفة التي ترتبط مصالحها بمصالح هذه الشركات إلا أن هذه الاقتراح يبدو صعب التحقيق للغاية في الظروف الحالية لتعارض المصالح الدول المختلفة في هذا الشأن ثم إن هذا الاقتراح يقوم في حقيقة الأمر على افتراضي وهمي وخاطئ و هو أن الشركات المتعددة الجنسيات طابع دولي على الأقل من الناحية الواقعية ، ويريد أن ينقل هذا الواقع إلى ميدان القانون . إلا أن الحقيقة غير ذلك تماما فدولية نشا ط هذه الشركات لا يجب أن ينسينا إطلاقا أنها في نهاية الأمر امتداد على المستوى العالمي لاقتصاديات الدول الأم التي ترتبط بها . لما يترتب على ذلك من ارتباطات سياسية بهذه الدول
المطلب الثالث : إستراتيجية الشركة المتعددة الجنسيات المصالح دائني الشركات الوليدة
أن الإستراتيجية العالمية الكلية للشركة المتعددة الجنسيات كما تهدد مصالح المساهمين فهي أيضا تضر بمصالح دائني هذه الشركات و ترجع المخاطر التي يتعرض لها الدائنون إلى التداخل أو الاختلاط بين الذمم المالية للشركات الوليدة و الشركة الأم بما يترتب على ذلك من إمكانية انتقال الأصول المالية من شركة لأخرى على النحو الذي أشرنا إليه أي في نهاية وفقا لما تقتضيه مصلحة الشركة الأم كل هذا في الوقت الذي يقتصر فيه ضمان دائني الشركة الوليدة على أموالها دون غيرها باعتبارها شخصا معنويا مستقلا، له ذمته المالية المنفصلة
ولقد حاول الفقه و القضاء جاهدين للبحث عن وسيلة لحماية دائني الشركات الوليدة في مجموعة الشركات من المخاطر التي تهدد مصالحهم وذلك بإيجاد نوع من المسؤولية الاستثنائية عن ديون الشركات الوليدة على عاتق الشركة الأم وذلك للحالات التي تؤدي فيها ممارسة الشركة الأم لسيطرتها إلى المساس باستغلال وليدتها
ولتطبيق هذه المسؤولية الاستثنائية يجب توافر شرطين: أولهما أن تمارس الشركة الأم سيطرة مطلق على شركتها الوليدة فلا يكفي مجرد وجود السيطرة العادية بل ينبغي أن تصل السيطرة إلى حد أن تتحكم الشركة الأم بشكل مطلق في شركتها الوليدة أما الشرط الثاني فهو أن تكون الشركة الوليدة متوقفة عن دفع ديونها أو على الأقل معسرة ، فإذا توفر هذان الشرطان فليس معنا هذا أن يحكم القضاء مباشرة بمسؤولية الشركة الأم عن الديون وليدتها وبهذا نعرض الحالات الاستثنائية لمسؤولية الشركة عن ديون وليدتها في القضاء المقارن و أول هذه الحالات هي التي تؤدي ممارسة السيطرة فيها إلى اختلاط الذم المالية للشركة الأم بالذمة المالية للشركة الوليدة أما الحالة الثانية فالقضاء يقرر مسؤولية الشركة الأم عن ديون وليدتها في حالة اختلاط إدارتي الشريكين و العبرة هنا للإدارة الخارجية لا الداخلية ، فلا يكفي مثلا وجود حسابات موحدة للشركتين لتمرير مثل هذه المسؤولية ، أما الحالة الاستثنائية الثالثة فتتعلق بتلك الشركات الوليدة التي تتأسى برأس مال منخفض بشكل مبالغ فيه لممارسة بعض الأنشطة التي كانت تزاولها الشركة الأم إذن فلحماية دائني الشركات الوليدة فلابد من النظر إلى مجموعات الشركات باعتبارها وحدة متكاملة ترتبط السلطة فيها بالمسؤولية

خــاتـمة
تعتبر الشركات المتعددة الجنسيات دون حبل واحد من أهم الظواهر الاقتصادية والقانونية بل والسياسية أيضاً في العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية
فمن الناحية الاقتصادية تسيطر الشركات المتعددة الجنسيات سيطرة كاملة على السوق العالمي وتقود التقسيم الجديد للعمل الدولي القائم على أساس التفرقة بين المراحل المختلفة للعملية الإنتاجية بحيث تتم بعض هذه المراحل في دول معينة والبعض الأخر في دول مختلفة كل هذا في إطار سيطرة مركزية موحدة مساهمة بذلك في إعادة تشكيل الوجه الاقتصادي لعالمنا المعاصر . أما من الناحية القانونية فالشركات المتعددة الجنسيات هي شركات دولية النشاط ذات كيان يتعدى الحدود الإقليمية للدول التي تعمل فيها ، في حين أن القانون مازال وسيبقى لوقت طويل إقليمياً وقوميا ، بما يترتب على ذلك من عجز المفاهيم والأدوات القانونية المستمرة عن استيعاب هذه الظاهرة والإحاطة بالمشاكل المختلفة التي تثيرها ويبدو هذا التفاوت بين القانون والواقع واضحا أيضا فيما يتعلق بمفهوم الشركة المتعددة الجنسيات وبيانها الداخلي وهذا التفاوت ينتج للشركة المتعددة الجنسيات إمكانية ممارسة سيطرتها الكاملة على الذمم المالية للشركات الوليدة التابعة لها والمنتشرة في مختلف أنحاء العالم دون أن يقابل هذا أية مسؤولية استثنائية في مواجهة مساهمي هذه الشركات ودائنيها والعاملين فيها
والشركات المتعددة الجنسيات تقاوم بشدة كل اقتراح يرمي إلى تغير الأوضاع القانونية القائمة لغير صالحها خاصة فيما يتعلق بمشكلة الإعلام عن نشاطها على المستوى الدولي لكل هذا فليس هناك من سبيل أمام الدول المضيفة إلا أن تتكاثف معا وأن تتخذ موقفاً موحداً تجاه هذه الشركات بشكل بكلف حماية مصالحها القومية ومن الممكن في مرحلة أولى أن يتم اتخاذ مثل هذه المواقف الموحدة , على نطاق محدودة في إطار التجمعات ل ا


المراجع المعتمدة
- للدكتور: حسام الدين عيسى، الشركات المتعددة القوميات :دراسة في الأوجه القانونية والاقتصادية للمركز الرأسمالي المعاصر - للدكتور: عبد السلام أبو متحف، السياسات والأشكال المختلفة للاستثمارات الأجنبية