مشاهدة النسخة كاملة : من أين جاءت الصوفية
intissarat
2008-11-30, 20:18
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أين جاءت الصوفية
لإبليس شركان:
الشرك الأول: هو الجنس ولواحقه، يمنع به ابن آدم -ابتداءً- من الدخول في الإسلام، والإسلام هو الدين الذي جاءت به جميع الرسل.
الشرك الثاني: هو الإشراق الصوفي أو التحشيشي، ينصبه إبليس لابن آدم الذي سار في طريق الإسلام، ولم ينغمس في غواية الجنس، فيغريه ويقنعه أن أوهام الإشراق هي الخلد وملك لا يبلى، أو هي المعرفة أو الغوثية أو الحلول أو الاتحاد أو الوحدة، حسب استعداده الثقافي والنفسي، ((فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)) [الأعراف:16].
إن دراسةً لأي وثنية من الوثنيات ترينا الدور الرئيسي الذي يلعبه الإشراق في عقائدها وطقوسها، فالحشيش والأفيون يقدِّم للمبتدئين أو الذين لا يريدون إجهاد أنفسهم من السالكين، والرياضة الصوفية يمارسها الذين يريدون أن يكونوا رؤساء دينيين.
ويلاحظ أن الوثنيات المنعزلة تعتمد أساساً في إشراقاتها على الحشيش أو بعض زمرته (كالأفيون أو فطر المكسيك أو الكوكا أو غيرها) ويقل فيها دور الرياضة الصوفية. وكلما تطورت الوثنية، كلما قل دور الحشيش وزمرته (لكنه لا ينعدم)، وكلما زاد دور الرياضة والمجاهدة وصار أكثر بروزاً.
ولا يكون الكاهن كاهناً إلا إذا وصل إلى الجذبة، وأشرق عليه سناها الخداع.
وأكرر القول: إن دراسة كافية لوثنيات التاريخ تؤكد هذه الظاهرة، مما يجعلنا مطمئنين إلى القول بأن الصوفية وجدت منذ أن نزل إبليس إلى الأرض، أو بعد ذلك بقليل.
وهذا يعني أن الصوفية لو لم تنحدر إلى المسلمين من الأمم السابقة لأوجدها فيهم إبليس باستدراج العبَّاد السذَّج ذوي القلوب الطيبة إلى الجذبة، إما باستعمال المورفين الخارجي (شجر الهلوسة) أو بعض زمرته، أو باستعمال المورفين الداخلي (الإندورفين). وهناك من الواصلين من استُدرج إلى الصوفية بالإندورفين مرضياً، وهو الذي يسمونه (المراد)، لكن هؤلاء يشكلون استثناءً في المسيرة؛ لأن الواقع هو أن الصوفية انحدرت إلى المسلمين من الأمم السابقة:
intissarat
2008-11-30, 20:19
أولاً: من عرب الجاهلية:
كانت الصوفية منتشرة في جزيرة العرب قبل الإسلام، وكانت معروفة باسم (الكهانة)، حيث كان في كل قبيلة كاهن.
روى ابن أبي حاتم في تفسير: ((يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ)) [النساء:51] عن جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري، سئل عن الطواغيت، فقال: إن في جهينة واحداً، وفي أسلم واحداً، وفي هلال واحداً، وفي كل حي واحداً، وهم كهان كانت تنزل عليهم الشياطين.
وكانوا يسمون الكاهن أيضاً (العراف)، والمعنى واحد؛ لأن معنى كلمة (الكاهن) هو (العارف)، جاء في لسان العرب: ...والعرب تسمي كل من يتعاطى علماً دقيقاً كاهناً، ومنهم من كان يسمي المنجم والطبيب كاهناً...الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار....
ومن أشهر كهان الجاهلية شق بن صعب القسري (من نسله خالد بن عبد الله القسري وأخوه أسد)، ويوحي الاسم (شق) أنه لقب وليس اسماً، وكذلك (سطيح)، واسمه ربيع بن ربيعة المازني الأزدي، ومما تذكره الكتب عنهما، نستطيع أن نظن أنهما، مثل أحمد البدوي، جُذبا جذبة استغرقتهما إلى الأبد.
ومن عارفي الجاهلية الذين دخلوا في صراع مع الإسلام: مسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، وسجاح.
* ثانياً: من الهند:-
حيث يقدَّر أن الهندوسية عرفت هناك منذ حوالي ثمانمائة سنة قبل المسيح، والكهانة الهندوسية هي نفس الكهانة في كل مكان، عقيدة وطريقة، وهي نفس الصوفية، حيث تقوم عقيدتها على وحدة الوجود، وطقوسها هي نفس الطقوس الإشراقية في كل مكان: الخلوة، والجوع، والسهر، والصمت، وتركيز الفكر والبصر والجلسة الثابتة، أو ضبط التنفس حسب إيقاع معين.
ثالثاً: من فرس الجاهلية:-
وقد كان الفرس قبل الإسلام يدينون بالزرادشتية (المجوسية)، المبنية على وحدة الوجود، منحدرة من اتحاد أو حلول بين انبثاقات صادرة عن إلهين اثنين (النور والظلمة)، وكان مذهب الأكثرية المجوسية يرجع المبدأين (النور والظلمة) إلى كائن أعلى واحد، منه انبثق الوجود، ثم جاءت المانوية متفقة مع الزرادشتية في أصل العقيدة.
رابعاً: من اليونان:
حيث كانت تسيطر الإيلوسية، التي هي نفس الكهانة الهندوسية ونفس الغنوصية ونفس الصوفية عند المسلمين، مع فوارق يقتضيها اختلاف الظروف والثقافات والإشراقات.
وعندما سيطر اليونانيون بقيادة الإسكندر بن فيليب المكدوني على بلاد الشام ومصر والعراق وفارس وبعض الهند، سيطرت ثقافتهم، بعد أن امتزجت بالثقافة الشرقية على البلاد، منذ القرن الثالث قبل الميلاد، فانتشرت الإيلوسية وكهانتها وثقافتها، بما في ذلك الأوفاق والزايرجة والطلاسم واستنطاق الحروف واستخدامها وأسرارها، هذه العلوم التي لم تزل علوماً أساسية عند متصوفة المسلمين، والتي هي نفس السحر وأبوابه، والتي انبثقت أصلاً من الكهانة المصرية الفرعونية.
ثم انحدرت الإيلوسية إلى الرومان، وانتشرت في الإمبراطورية الرومانية، حتى إن بعض القياصرة كانوا يحجون إلى إيلوسيس.
وعندما ظهرت المسيحية، حاربت الإيلوسية (شأن دين الإسلام في أي عصر كان)، فتسترت بالكتمان، حتى ظهرت في القرن الثاني الميلادي باسم (الغنوصية)، أي: المعرفة، (باليونانية Gnosis)، ومنها الغنوصي، أي العارف، وانتشرت الغنوصية حيث انتشرت المسيحية، وخاصة في بلاد الشرق: مصر والشام والعراق واليمن وبعض فارس، وهي البلاد التي دخلت في الإسلام قبل غيرها، وكان بين غنوصية سورية وغنوصية الإسكندرية بعض الفوارق، لتأثر الأخيرة بشيء من اليهودية.
intissarat
2008-11-30, 20:20
خامساً: من اليهودية:-
مر في الصفحات السابقة أن الصوفية كانت منتشرة بين اليهودية، وكانت تسمى (التنبؤ)، ويسمى الواصل من السالكين فيها (نبياً)، ويسمى شيخها (صوفياً)، وتسمى مراكزها (المسفايات)، واحدها (مسفا).
وكانت التجمعات اليهودية متناثرة في كل البلاد التي دخلها الإسلام، وكانت مسفاياتها منتشرة معها، ولعل هذه المسفايات كانت المنطلق الرئيسي للصوفية في المجتمعات الإسلامية.
- وبعث الله سبحانه محمداً، فحارب الأوثان والأوهام، وكانت الكهانة في مقدمة الأوهام الشركية التي حاربها الإسلام: ((فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ)) [الطور:29] ((وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)) [الحاقة:42]، ((وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)) [الأنعام:128]، حيث لا يجدي التأويل ولا تزكية النفس ولا ادعاء القربى، ولا افتراء الكذب على الله.
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن حفصة: {من أتى عرافاً فسأله عن شيء، فصَدَّقَهُ بما يقول، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً}. وفي روايةٍ بِدُوْنِ: (صَدَّقَهُ).
وقال فيما رواه الأربعة وأحمد والبيهقي والحاكم (وقال صحيح على شرطهما) عن أبي هريرة مرفوعاً: {من أتى عرافاً أو كاهناً فصَدَّقَهُ بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم}.
ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله مرفوعاً.
أقول: لعل هذا الحديث هو الذي جعلهم يستبدلون كلمة العراف، بالعارف.
وفي البزار عن عمران بن الحصين مرفوعاً، والطبراني في (الأوسط) عن ابن عباس: {ليس منا من تَطَيَّرَ أو تُطُيِّرَ له، أو تَكَهَّنَ أو تُكُهِّنَ له، أو سَحَرَ أو سُحِرَ له}.
وتحرك الكهنة ليدافعوا عن وجودهم، ومن أشهرهم مسيلمة وسجاح والعنسي، فخذلهم الله له المنة، ولزم الكهنة الباقون الصمت واعتصموا بالكتمان.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن توبة العارف متعذرة، أو صعبة جداً على الأقل، لسبب بسيط؛ لأنه يعتقد أن هلوساته الشيطانية هي إشراقات إلهية! وللحق، هي خَدَّاعَةٌ خَدَّاعَة.
intissarat
2008-11-30, 20:22
ولهذا بقيت الكهانة تسري في غيابات الغرف المظلمة، ووراء الأبواب الموصدة، والكهنة يتحاشون إظهار رءوسهم خوفاً من أن تختطفها سيوف الردة، حتى فطن بعضهم إلى أن تغيير الاسم (الكهانة) يمكن أن يساعدهم على التحرك بحرية، وكانت الترجمات من اليونانية، وانتشرت كلمة (سوفيا) بمعنى الحكمة، ممزوجة بالكلمة (فيلو سوفيا) بمعنى حب الحكمة (أي: الفلسفة)، أو غير ممزوجة، وحدث أن وصل واحد ممن تسلك في (المسفا)، إلى مقام (سوفي)، أي: المرشد، ورأى أحد مثقفيهم أن هذه الكلمة العبرية تتوافق مع الكلمة اليونانية (سوفيا)، بمعنى الحكمة، ورآها مناسبة لمقتضى الحال، ولعله عرضها على شيخه أو مريديه، فحازت القبول، فتبنَّوها ونشروها بين طائفتهم التي كانت محدودة العدد في ذلك الوقت، وسرعان ما خضعت للذوق العربي في لفظ الكلمة، فأصبحت (صوفية)، والمنتسب إليها (صوفي).
ورفعت الكهانة رأسها بعد أن وضعت عنواناً جديداً لها، ولافتات دعائية ذكية، فصارت الصوفية والقربى والإحسان والصديقية...وتحركت لتكون معول الهدم الذي دمر العقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين، الذين صاروا يأخذون عقائدهم من الهلوسات ومن شياطين الجن، بعد أن كان مصدرها القرآن والسنة لأولي النهى ولقوم يعقلون ويعلمون ويبصرون ويسمعون ويتفكرون. وكانت معول الهدم الذي دمر المجتمعات الإسلامية، لأنها كانت، وما زالت، تنشر الجهل والخرافة والانحراف عن الصراط المستقيم. وكانت معول الهدم الذي أفسد الأمة الإسلامية؛ لأنها مسخت الفرد المسلم الذي تأثر بها، فجعلته جاهلاً خرافياً ذليلاً خانعاً تواكلياً، يعبد الشيخ بدلاً من عبادة الله، ولا يشغل تفكيره إلا الوصول إلى ساعة الصفا والمتعة التي يسمونها: (روحانية وولاية...)، حيث يقضي ساعة أو ساعات متمتعاً بالذهول (مسطولاً) سادراً في هلوساته وأوهامه الجذبية، الإشراقية أو التحشيشية لا فرق.
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir