المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إني في جـوار من هو أعـز منك


intissarat
2008-11-29, 20:41
عثمان بن مظعون – رضي الله عنه – حول المسلمين وهم يعذبون .. وقد كان بجوار الوليد بن المغيرة .. والجوار هو أن يكون بحمايته
وعثمان عندما يكون بجوار واحد من سادات قريش فبلا شك بأنه سيكون في مأمن على نفسه وماله ، ولن يصيبه أذى من الكفار ..
ولكن منظر تعذيب المسلمين آلم عثمان بن مظعون أشد الألم .. فأراد أن يعيش بتلك الآلام والاضطهاد .. بكل شعور يحمله هؤلاء المؤمنون الصادقون . فهتف عثمان – رضي الله عنه – وقال :
" والله إن غدوي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك ، وأصحابي وأهلي يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي "
لا يود الأمن وإخوانه المسلمون يعانون من الألم .. حقا إنها النقلة الإيمانية ..
واعتبر عدم مشاركتهم في التعذيب نقصا .. وليس نقص فقط إنما نقصا كبيرا في نفسه ، وكأن الدرر تناثرت من هذه المقولة .
فانطلق إلى الوليد بن المغيرة فقال له عثمان بن مظعون – رضي الله عنه - : يا أبا عبد شمس وفيت ذمتك ، وقد رددت إليك جوارك
فقال الوليد : لم يا بن أخي ؟ لعل أذاك أحد من قومي " . فكانت نظرة الوليد الضعف التام للمسلمين ونسى التآخي ، فأوعز في رد الجوار في أن أحد الكفار آذى عثمان ... فقال له عثمان – رضي الله عنه - : " والله لكأني لم أرض إلا بجوار الله ولا أريد أن أستجير بغيره ، فقال له الوليد : انطلق إلى المسجد فأردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية "
فذهبا إلى المسجد .. فأراد عثمان – رضي الله عنه – أن يشيع فسخ الجوار من العبد إلى رب العبد علانية أمام عباد الله عز وجل .
فقال الوليد : " هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري " . فقال عثمان : " قد وجدته وفيا كريم الجوار ، ولكنني أحببت ألا أستجير بغير الله فقد رددت عليه جواره .. "
فالمسلم دائما عند حسن الظن وهذا عثمان يذكر المروءة والوفاء وحسن جوار الوليد بن المغيرة .. والمسلم لا ينكر الحق أبدا ولكن استجارته بالله تذوب أمامها معطيات أهل الشرك ..
وما أن رد عثمان رضي الله عنه جوار الوليد بن المغيرة حتى قام إليه رجل من المشركين فلطمه على عينه فخضرها ، والوليد قريب يرى ما بلغ عثمان .
فقال الوليد : أما والله يا بن أخي إن كانت عينك فيما أصابها لغنية لقد كنت في ذمة منيعة .
فقال عثمان رضي الله عنه : " والله إن عيني الصحيحة لفقيرة لمثل ما أصاب أختها في الله ، وإنني في جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عد شمس " .
فخيب عثمان – رضي الله عنه – آمال الوليد بن المغيرة الذي قال عنه تبارك وتعالى : " ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا " .
وهكذا انتكس جوار الوليد صاحب المال والجاه ، وفاز عثمان بجوار الواحد الوهاب ...