المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرويبضة ومطاولة العلماء


جمال البليدي
2011-11-17, 21:29
الرويبضة ومطاولة العلماء


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم :




فقد صَحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إِنَّ بَينَ يَدَيِ السَّاعَةِ سِنِينَ خَدَّاعَةً، يُصَدَّقُ فيها الكاذِبُ، ويُكَذَّبُ فيها الصادِقُ، ويُؤتَمَنُ فيها الخَائِنُ، ويُخَوَّنُ فِيها الأَمِينُ، ويَنطِقُ فيها الرُّوَيبِضَةُ))، قِيلَ: وما الرُّوَيبِضَةُ؟ قال: ((المَرءُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ في أَمرِ العَامَّةِ)).
اللهُ أَكبرُ وهو المُستَعَانُ أيها المسلمون، وَعِشنَا وَعِشتُم وَطَالَ بِبَعضِكُمُ العُمُرُ حتى رَأَينَا مِصدَاقَ هذا الحديثِ وَاقِعًا حَيًّا بَينَ أَظهُرِنَا وَمِن حَولِنَا، نَقرَؤُهُ في جَرَائِدِنا وَصُحُفِنَا، وَنَرَاهُ في الكَثِيرِ من قَنَواتِنَا، وَنَسمَعُهُ في إِذَاعَاتِنا وَوَسَائِلِ إِعلامِنَا، وَإِذَا لم تَكُنْ هذِهِ السَّنَوَاتُ التي نَعِيشُها دَاخِلَةً في السِّنِينَ الخَدَّاعَةِ فمتى تَكُونُ؟!
وَإِنَّهُ بِمَوتِ كَثِيرٍ مِنَ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ وَذَهَابِ الجَهَابِذَةِ المُخلِصِينَ بَدَأَ أَولَئِكَ الحَمقَى المَأفُونُونَ يَظهَرون وَيَبرُزُونَ، وَعَلى صَفَحَاتِ الجَرَائِدِ يَسرَحُونَ وَيَمرَحُونَ، وَبِكُلِّ خَبِيثٍ مِنَ القَولِ يَتَقَيَّؤُونَ وَلا يَستَحيُونَ، وَصَدَقَ صلى الله عليه وسلم إِذ قَالَ: ((إِنَّ اللهَ تعالى لا يَقبِضُ العِلمَ انتِزَاعًا يَنتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقبِضُ العِلمَ بِقَبضِ العُلَمَاءِ، حتى إِذَا لم يُبقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفتَوا بِغَيرِ عِلمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)). هَذِهِ هِيَ الحَالُ اليَومَ لَولا رَحمَةُ رَبِّي، بَلْ إِنَّ السُّفَهَاءَ مِن َأَدعِيَاءِ الكِتَابَةِ اليَومَ لم يَكتَفُوا بِضَلالِهِم وَإِضلالِ مَن سِوَاهُم مِنَ العَوَامِّ وَالمُغَفَّلِينَ حتى أَضَافُوا إلى ذلك ـ ولا سِيَّمَا في الأَيَّامِ المُتَأَخِّرَةِ ـ رِقَّةً في الدِّينِ وَسُوءًا في الأَدَبِ وَصَفَاقَةً في الوُجُوهِ، فَجَادَلُوا أَئِمَّةَ الهُدَى وَكَذَّبُوهُم، وَرَدُّوا على عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ وخَطَّؤُوهُم، وَسَارُوا حَسْبَمَا تُملِيهِ عَلَيهِم أَمزِجَتُهُمُ الفَاسِدَةُ، وَتَبَجَّحُوا بما تُملِيهِ عَلَيهِم شَهَوَاتُهُم العَارِمَةُ وَأَهوَاؤُهُم الزَّائِغَةُ، مُعَرِّضِينَ أَنفُسَهُم بِذَلِكَ لما صَحَّ عَن إِمَامِ العُلَمَاءِ صلى الله عليه وسلم حَيثُ قال: ((لَيسَ مِنَّا مَن لم يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ)).
وَمِن أَسَفٍ أَنْ يُكَذَّبَ العُلَمَاءُ الرَّبَّانِيُّونَ، وَتُنسَفَ أَقوَالُهُم وَتترَكَ فَتَاوَاهُم، وَيُصَدَّقَ أُولَئِكَ الخَوَنَةُ وَتُتَّبَعَ آرَاؤُهُم، وَيُؤخَذَ بِمَا يُلَبِّسُونَ بِهِ مَعَ تَفَاهَتِهِم وَحَقَارَتِهِم.
أُغَيلِمَةٌ صِغَارٌ مَا شَمُّوا رَائِحَةَ العِلمِ وَلا ذَاقُوا حَلاوَتَهُ، يَفتِلُونَ عَضَلاتِهِم أَمَامَ جَهَابِذَةٍ مِن كِبَارِ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ وَمُفَكِّرِيهَا، مِنَ الذينَ أَفنَوا عَشَرَاتِ السِّنِينَ في تَعلُّمِ العِلمِ وَتَعلِيمِهِ، وَتَألِيفِ الكُتُبِ فِيهِ وَالدَّعوَةِ إِلى اللهِ، فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ، وَللهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ، لَكِنَّهَا سُنَنٌ إِلهِيَّةٌ جَارِيَةٌ، وَأَقدَارٌ رَبَّانِيَّةٌ مُحْكَمَةٌ، وَفِتَنٌ مُمَيِّزَةٌ مُمَحِّصَةٌ، لِيَتَبَيَّنَ الصَّادِقُ مِنَ الكَاذِبِ، وَيَتَمَيَّزَ الخَبِيثُ مِنَ الطَّيِّبِ، وَيَذهَبَ الزَّبَدُ جُفَاءً غَيرَ مَأسُوفٍ عَلَيهِ، وَلا يَبقَى في الأرضِ إِلاَّ مَا يَنفَعُ الناسَ، قال سُبحانَه: ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُم لا يُفتَنُونَ * وَلَقَد فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعلَمَنَّ الكَاذِبِينَ))، وقال تعالى: ((أَم حَسِبتُم أَن تُترَكُوا وَلَمَّا يَعلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُم وَلَم يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ المُؤمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ))، وقال جل وعلا: ((لِيَمِيزَ اللهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجعَلَ الخَبِيثَ بَعضَهُ عَلَىَ بَعضٍ فَيَركُمَهُ جَمِيعًا فَيَجعَلَهُ في جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ))، وقال جَلَّ مِن قَائِلٍ: ((أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَت أَودِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحتَمَلَ السَّيلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيهِ في النَّارِ ابتِغَاء حِليَةٍ أَو مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمكُثُ في الأَرضِ كَذَلِكَ يَضرِبُ اللهُ الأَمثَالَ ، وقال عز وجل: أَم حَسِبَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِم مَرَضٌ أَن لن يُخرِجَ اللهُ أَضغَانَهُم)).
يَتَدَافَعُ الحَقُّ وَالبَاطِلُ، وَيَتَصَارَعُ الصِّدقُ وَالكَذِبُ، وَيَتَبَارَى الخَيرُ وَالشَّرُّ، وَيَتَكَلَّمُ المُؤمِنُونَ وَيَتَشَدَّقُ المُنَافِقُونَ، وَيُدلي العُلَمَاءُ بِالأَدِلَّةِ النَّاصِعَةِ وَالحجَجِ الدَّامِغَةِ، وَيُلقِي السُّفَهَاءُ بِالشُّبُهَاتِ الفَاسِدَةِ وَالتَّلبِيسَاتِ الوَاهِيَةِ، ((فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهدِيَهُ يَشرَحْ صَدرَهُ لِلإِسلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجعَلْ صَدرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ في السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجعَلُ اللهُ الرِّجسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ))، وَلَكِنَّ الأَمرَ كَمَا قال إِلهُ الحَقِّ سبحانَه: ((أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجعَلَهُم كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحيَاهُم وَمَمَاتُهُم سَاء مَا يَحكُمُونَ))، وكما قال تعالى: ((أَم نَجعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالمُفسِدِينَ في الأَرضِ أَم نَجعَلُ المُتَّقِينَ كَالفُجَّارِ))، وكما قال سبحانه: ((أَفَنَجعَلُ المُسلِمِينَ كَالمُجرِمِينَ * مَا لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ))، وكما قال جل وعلا: ((هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيكَ الكِتَابَ مِنهُ آيَاتٌ مُّحكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنهُ ابتِغَاءَ الفِتنَةِ وَابتِغَاءَ تَأوِيلِهِ وَمَا يَعلَمُ تَأوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّن عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الألبَابِ)). إنهم وَاللهِ لا يَستَوُونَ، ((فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِم أُجُورَهُم وَيَزيدُهُم مِن فَضلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ استَنكَفُوا وَاستَكبَرُوا فَيُعَذِّبُهُم عَذَابًا أَلُيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا ، قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَد جَاءكُمُ الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَنِ اهتَدَى فَإِنَّمَا يَهتَدِي لِنَفسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيهَا وَمَا أَنَا عَلَيكُم بِوَكِيلٍ)).
إِنَّ مَا يُنشَرُ هذِهِ الأَيَّامَ في صُحُفِنَا ممَّا يَنطقُ به الرُّوَيبِضَةُ وَيَكتُبُهُ التَّافِهُونَ وَتِلكَ الرُّدُودَ التي يَتَطَاوَلُونَ بها على الرَّاسِخِينَ مِن عُلَمَاءِ الدِّينِ دُونَ تَقدِيرٍ وَلا إِجلالٍ لهو عَجَبٌ مِنَ العَجَبِ، إِذْ كَيفَ تُطَاوِلُ التِّلالُ الجِبَالَ؟! بَل كَيفَ يُقَارِعُ الجُبَنَاءُ الأَبطَالَ؟! وَشَتَّانَ بَينَ الغُيُومِ وَالنُّجُومِ! لَكِنَّهَا السّنُونَ الخَدَّاعَةُ التي ذَكَرَهَا مَن لا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى، حَيثُ تَنقَلِبُ المَوَازِينُ وَتَختَلُّ المَفَاهِيمُ، وَيُصَدَّقُ الكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ الصَّادِقُ، وَيُخَوَّنُ الأَمِينُ وَيُؤتَمَنُ الخَائِنُ، وَتَنطِقُ الرُّوَيبِضَةُ. إِذَا عَيَّـرَ الطَّائِـيَّ بِالبُخلِ مَـادِرٌ *** وَعَيَّـرَ قِسًّـا بِـالفَهَاهَـةِ بَاقِـلُ


وَ قَالَ السُّهَا لِلشَّمسِ أَنْتِ كَسِيفَةٌ *** وَقَالَ الدُّجَى لِلبَدرِ وَجهُكَ حَائِـلُ


وَطَاوَلَتِ الأَرضُ السَّمَاءَ سَفَاهَـةً *** وَفَاخَرَتِ الشُّهبَ الحَصَى وَالجَنَادِلُ


فَيَا موتُ زُرْ إِنَّ الْحَيَـاةَ ذَمِيمَـةٌ *** وَيَا نَفسُ جِدِّي إِنَّ دَهرَكِ هَـازِلُ

إِنَّ المُتَابِعَ بَلِ النَّاظِرَ في الجَرَائِدِ والانترنت والمجلات في هذِهِ الأَيَّامِ لَيَرَى إِلحَاحًا وَاضِحًا مِن كُتَّابِها عَلَى النَّيلِ مِنَ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ، وَتَنَقُّصًا ظَاهِرًا لأَشخَاصِهِم وَمَا يَحمِلُونَ، وَاتِّهَامًا لهم بِالجَهلِ وَعَدَمِ التَّفَقُّهِ في الوَاقِعِ، وَتحمِيلاً لِكَلامِهِم مَا لا يَحتَمِلُهُ، وَإِذَا أَعيَتْهُمُ الحِيَلُ وَسُدَّت في وُجُوهِهِمُ السُّبُلُ زَعَمُوا خِدَاعًا وَتَضلِيلاً وَإِمعَانًا في رَدِّ الحَقِّ أَنَّ مَا يَذكُرُهُ هَذَا العَالمُ أَو ذَاكَ لا يَعدُو أَن يَكونَ رَأيَهُ الشَّخصِيَّ وَفَهمَهُ الذَّاتيَّ، وَكَأَنَّ أَحكَامَ الدِّينِ المَبنِيَّةَ عَلى مَا قال اللهُ وقال رسولُهُ أو على إِجماعِ الأُمَّةِ، كَأنَّهَا قد أَصبَحَت قَضَايَا سُوقِيَّةً يَكتُبُ فِيهَا مَن هَبَّ وَدَبَّ، أَو آراءَ يُنَاقِشُها مَن هَرَفَ وَمَا عَرَفَ.
أَلا فَلْيَعلَمِ المُسلِمُونَ أَنَّ اللهَ مُبتَلِيهِم بِهَؤلاءِ الأَفَّاكِينَ التَّافِهِينَ، وَأَنَّهُم في سِنِينَ خَدَّاعَةٍ وَيَتَعَرَّضُونَ لِفِتَنٍ مُتَوَالِيَةٍ، وَأَنَّ الأَمرَ قَد وُسِّدَ إِلى غَيرِ أَهلِهِ وَالأَمَانَةَ قَد ضُيِّعَت، وَحِمى الشَّرِيعَةِ قَد صَارَ مُستَبَاحًا لِكُتَّابِ الجَرَائِدِ وَمُرتَزِقَةِ الصَّحَافَةِ، وَأَنَّهُ لا عِبرَةَ بِمَن فَسَدَ ذوقُهُ أَو سَقُمَ فَهمُهُ. فَكَم مِن عَائِبٍ قَولاً صَحِيحًا***وَآفَتُهُ مِنَ الفَهمِ السَّقِيمِ


وَمَن يَـكُ ذَا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ ***يَجِدْ مُرًّا بِهِ المَاءَ الزُّلالا


قَد تُنكِرُ العَينُ ضَوءَ الشَّمسِ مِن رَمَدٍ***وَيُنكِرُ الفَمُ طَعَمَ المَاءِ مِن سَقَمِ

أَلا فَلْيَتَّقِ اللهَ أولئك الأصاغر، وَلْيَعرِفُوا قَدرَ عُلَمَائِهِم وَلْيَحفَظُوا مَكَانَةَ مَشَايِخِهِم، فَإِنَّهُم لَن يَزَالُوا بِخَيرٍ مَا دَامُوا عَلَى ذَلِكَ، وَالأَمرُ عَقِيدَةٌ وَدِينٌ، وَالنِّهَايَةُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، وَالخَاتِمَةُ فَوزٌ أَو خَسَارَةٌ.
وَلَقَد تَوَافَرَتِ الأَدِلَّةُ وَتَظَاهَرَت على إِبرَازِ فَضلِ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ، وَجَاءَ مَدحُهُم على لِسَانِ الصَّادِقِ الأَمِينِ، حَيثُ قَال سبحانَه: ((قُلْ هَل يَستَوِي الَّذِينَ يَعلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبَابِ))، وقال عليه الصلاةُ والسلامُ: ((مَن سَلَكَ طَرِيقًا يَطلُبُ فِيهِ عِلمًا سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيقًا مِن طُرُقِ الجَنَّةِ، وَإِنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أَجنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلمِ رِضًا بِمَا يَصنَعُ، وَإِنَّ العَالمَ لَيَستَغفِرُ لَهُ مَن في السمواتِ وَمَن في الأرضِ والحِيتَانُ في جَوفِ المَاءِ، وَإِنَّ فَضلَ العَالمِ على العابِدِ كَفَضلِ القَمَرِ لَيلَةَ البَدرِ على سَائِرِ الكَواكِبِ، وَإِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَنبِيَاءَ لم يُوَرِّثُوا دِينَارًا ولا دِرهمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلمَ، فَمَن أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ))، وَقَال عليه الصلاةُ والسلامُ: ((الدُّنيا مَلعُونَةٌ مَلعُونٌ مَا فِيها، إِلاَّ ذِكرَ اللهِ وَمَا وَالاه وَعَالِمًا وَمُتَعَلِّمًا))، وقال: ((فَضلُ العالمِ على العابِدِ كَفَضلِي عَلَى أَدنَاكُم، إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهلَ السمواتِ والأرضِ حتى النملةَ في جُحرِها وَحتى الحوتَ لَيُصَلُّونَ على مُعَلِّمِ الناسِ الخَيرَ))، وقال: ((إِنَّ مِن إِجلالِ اللهِ إِكرَامَ ذِي الشَّيبَةِ المُسلِمِ وَحَامِلِ القُرآنِ غَيرِ الغَالي فِيهِ ولا الجَافي عَنهُ، وَإِكرَامَ ذِي السُّلطَانِ المُقسِطِ))، وقال: ((البركَةُ مَعَ أَكَابِرِكُم))، وَصَحَّ عَنِ ابنِ سِيرِينَ رحمه اللهُ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ هَذَا العِلمِ دِينٌ، فَانظُرُوا عَمَّن تَأخُذُونَ دِينَكُم". وَأَمَّا هؤلاءِ المُتَشَدِّقُونَ الأَصَاغِرُ الخَائِضُونَ فِيمَا لا يَعلَمُونَ فَإِنَّهُم مِن أَجهَلِ النَّاسِ وَإِنْ حَسَّنُوا العِبَارَةَ وَزَيَّنُوا المَقَالَةَ، وَقَد صَحَّ فِيهِم حَدِيثُ الحَبِيبِ حَيثُ قال: ((إِنَّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيكم بَعدِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلَيمِ اللِّسَانِ))، وَانطَبَقَ عَلَيهِم قَولُ مَن قَالَ: زَوَامِلُ لِلأَسفَارِ لا عِلمَ عِندَهُمْ***بِجَيِّدِهَا إِلاَّ كَعِلـمِ الأَبَاعِـرِ


لَعَمرُكَ مَا يَدرِي البَعِيرُ إِذَا غَدَا***بِأَوسَاقِهِ أَو رَاحَ مَا في الغَرَائِرِ

وَمَا حُبُّهُم لِلجَدَلِ وَاللَّجَاجَةِ وَتَمَادِيهِم في الخُصُومَةِ وَالنِّقَاشِ العَقِيمِ إِلاَّ دَلِيلُ ضَلالِهِم، حَيثُ قال صلى الله عليه وسلم: ((مَا ضَلَّ قَومٌ بَعدَ هُدًى كَانُوا عَلَيهِ إِلاَّ أُوتُوا الجَدَلَ)) ، ثم قَرَأَ: ((مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً))[ حسنه الألباني سنن ابن ماجة].، وَإِلاَّ لَو كَانُوا صَادِقِينَ فِيمَا يَدَّعُونَهُ مِنَ النَّزَاهَةِ وَالبَحثِ عَنِ الحَقِّ لَوَقَفُوا عِندَ المُحكَمِ مِن آيَاتِ التَّنزِيلِ وَمَا صَحَّ مِن أَحَادِيثِ الرَّسولِ، فَإِنَّ تِلكَ هِيَ حَالُ المُؤمِنِينَ الذين قال اللهُ تعالى فيهم: ((إِنَّمَا كَانَ قَولَ المُؤمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحكُمَ بَينَهُم أَن يَقُولُوا سَمِعنَا وَأَطَعنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ))، أَمَّا المُنَافِقُونَ فقد قال اللهُ فِيهِم وَهُوَ أَصدَقُ القَائِلِينَ: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُم تَعَالَوا إِلى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلى الرَّسُولِ رَأَيتَ المُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا)). تِلكَ حَالُهُم، وَذَاكَ ضَلالُهُم، وَلَو تَرَكُوا الأَمرَ لأَهلِهِ لأَرَاحُوا وَاستَرَاحُوا، ((وَلَو رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلى أُولي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم)).
وَاعلَمُوا أَنَّ الدِّينَ اتِّبَاعٌ وَلَيسَ ابتِدَاعًا، وَتَسلِيمُ قَلَوبٍ مُؤمِنَةٍ لا هَوَى نُفُوسٍ مَرِيضَةٍ، وَأَنَّ مَن بَانَ لَهُ الدَّلِيلُ فَلا يَسَعُهُ إِلاَّ اتِّبَاعُهُ، وَمَن كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَلَيسَ لَهُ إِلاَّ اتِّبَاعُ العُلَمَاءِ وَتَقلِيدُ المُفتِينَ الذين عُرِفَ عَنهُمُ العِلمُ وَالتَّقوَى وَخَشيَةُ اللهِ، أَمَّا السَّيرُ وَرَاءَ كُلِّ نَاعِقٍ وَتَتَبُّعُ الرُّخَصِ وَزَلاَّتِ العُلَمَاءِ فَمَا هِيَ حَالَ مَن نَصَحَ لِنَفسِهِ وَطَلَبَ لها النَّجَاةَ، وَأَمَّا آخِذُو دِينِهِم وَأَحكَامِ شَرِيعَتِهِم مِنَ الصُّحُفِ وَكُتَّابِها فَمَا لِخَسَارَتِهِم وَاستِبدَالِهمُ الأَدنى بِالذي هُوَ خَيرٌ وَصفٌ أَدَقُّ مِن قَولِ الشَّاعِرِ: وَمَن يَكُنِ الغُرَابُ لَهُ دَلِيلاً يَمُرُّ بِهِ عَلَى جِيَفِ الكِلابِ


ويقول الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تحت عنوان: (( خطر الوقوع في أهل العلم )):
الوُقُوعْ فِي أَعْرَاضِ المُسْلِمِينْ كَمَا يَقُول ابْنُ دَقِيق العِيدْ يقُول: "أَعْرَاضُ المُسْلِمِينْ حُفْرَة مِنْ حُفَر النَّارْ، وَقَفَ عَلَى شَفِيرِهَا العُلَمَاءُ والحُكَّامْ" فَعَلَيْكَ أَنْ تَحْفَظَ لِسَانَك وتَصُون مَا اكْتَسَبْتَهُ مِنْ حَسَنَاتْ، لا تُوَزِّعْ حَسَنَاتِكْ عَلَى فُلانْ وفُلانْ و فُلانْ، فَاحْرِصْ عَلَى مَا جَمَعْتْ يَعْنِي لَوْ أَنَّكَ اجْتَهَدْتَ فِي يَوْمِكَ وكَسِبْتَ دَرَاهِمَ مَعْدُودَة مِئَاتْ أَوْ أُلُوفْ أَو عَشَرَاتْ ثُمَّ وَضَعْتَهَا فِي صُنْدُوقٍ عِنْدَ البَابْ وَلَمْ تَنْوِ بِذَلِكَ التَّقَرُّبْ إِلَى اللهِ -جل وعلا- إِنَّمَا مِنْ بَابِ السَّفَه فَجَاءَ الصِّبْيَان وجَاءَ الأَطْفَالْ وأَخَذُوهَا و رَمَوْهَا أَوْ مَزَّقُوهَا مَاذَا يُقَالُ عَنْك؟ يُقُال: مَجْنُونْ مَا فِيه أَحَد بيترَدَّدْ أَنَّ مَنْ يَصْنَعْ هَذَا العَمَلْ مَجْنُونْ، لَكِنْ هَذِهِ الحَسَنَاتْ التِّي تَعِبْتَ عَلَيْهَا وهِيَ زَادُكَ إِلَى الآخِرَة عَلَيْكَ أَنْ تُحَافِظَ عَلَيْهَا والنَّبِي -عليه الصلاة والسلام- يَقُول لِصَحَابَتِهِ الكِرَام:((أَتَدْرُونَ مَنِ المُفْلِسْ؟)) قَالُوا: المُفْلِسُ مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ ولا مَتَاعْ، قَال: ((إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ))فَعَلَيْكَ أَنْ تَحْفَظ لِسَانَك لا بِالنِّسْبَةِ لِلْعُلَمَاءْ ولا لِغَيْرِهِمْ، والعُلَمَاء أَوْلَى مِنْ أَنْ تَحْفَظَ أَعْرَاضِهِمْ؛ لِأَنَّ الكَلامَ فِيهِمْ يُهَوِّنُ مِنْ شَأْنِهِمْ، والتَّهْوِينُ مِنْ شَأْنِهِمْ لا لِأَنَّهُم فُلانْ أوعِلاَّنْ هَذَا لا يَضُرُّ كَثِيراُ مِثْلْ مَا يَضِر مِنْ التَّهْوينْ مِنْ أَهْلِ العِلْمْ الذِّينَ هُمْ فِي الحَقِيقَة قُدُوَاتْ لِلنَّاسْ.
يقُول: وإِنْ صَدَرَ مِنْهُم بَعْضِ الفَتَاوَى التِّي تُخَالِفُ إِجْمَاع أَهْلِ العِلْمْ؟
إِذَا لاحَظْتَ مِثْلَ هَذِهِ الفَتْوَى فَعَلَيْكَ أَنْ تَتَثَبَّتْ بِالفِعْل هَلْ قَالَ هَذَا العَالِمْ؛ لِأَنَّ بَعْض النَّاسْ يَتَسَرَّعْ فِي النَّقْل وقَدْ يَنْقُلْ خَطَأْ، فَأَنْتَ تَتَثَبَّتْ مِنْ صِحَّةِ نِسْبَتِهَا ومِنْ صِحَّةِ مَفَادِهَا ومِنْ صِحَّةِ حَقِيقَتِهَا، ومِنْ صِحَّةِ نِسْبَتِهَا إِلَى القَائِلْ ومِنْ صِحَّةِ القَوْل فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِك عَلَيْكَ أَنْ تُنَاقِشْ هَذَا القَائِلْ وبِأُسْلُوبٍ مُؤَدَّبٍ ومُحْتَرَم وتقُول لَهُ: سَمِعْنَا كَذَا فَهَل هُو صَحِيح، وإِنْ كَانَ صَحِيح فَمَا وَجْهُهُ، وأَهْلُ العِلْمِ سَلَفاً وخَلَفاً يقُولُونْ كَذَا وتَصِلْ إِلَى مُرَادِكْ مِنْ غَيْرِ أنْ تَضُرَّ نَفْسَك.[ موقع الشيخ حفظه الله ].
وإن من أهم الأسباب التي تؤدي الى الوقوع في أعراض أهل العلم من قبل الرويبضة هو التصدر قبل التأهل، يقول العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في كتابه العلم تحت عنوان: (( التصدر قبل التأهل )):
مما يجب الحذر منه أن يتصدر طالب العلم قبل أن يكون أهلا للتصدر؛ لأنه إذا فعل ذلك كان هذا دليلا على أمور:
الأمر الأول : إعجابه بنفسه حيث تصدر فهو يرى نفسه عَلَم الأعلام.
الأمر الثاني : أن ذلك يدل على عدم فقهه ومعرفته للأمور؛ لأنه إذا تصدر، ربما يقع في أمر لا يستطيع الخلاص منه، إذ إن الناس إذا رأوه متصدرًا أو ردوا عليه من المسائل ما يبين عواره.
الأمر الثالث: أنه إذا تصدر قبل أن يتأهل لزمه أن يقول على الله ما لا يعلم؛ لأن الغالب أن من كان هذا قصده، أنه لا يبالي ويجيب على كل ما سُئِلَ ويخاطر بدينه وبقوله على الله - عز وجل - بلا علم.
الأمر الرابع: أن الإنسان إذا تصدر فإنه في الغالب لا يقبل الحق؛ لأنه يظن بسفهه أنه إذا خضع لغيره ولو كان معه الحق كان هذا دليلا على أنه ليس بعالم.

منقول
يتبع...

جمال البليدي
2011-11-18, 02:53
وسئل رحمه الله هذا السؤال:
ما رأي فضيلة الشيخ في بعض الشباب ومنهم بعض طلبة العلم الذين صار ديدنهم التجريح في بعضهم البعض وتنفير الناس عنهم والتحذير منهم ، هل هذا عمل شرعي يثاب عليه أو يعاقب عليه ؟
فأجاب:
الذي أراد أن هذا عمل محرم، فإذا كان لا يجوز لإنسان أن يغتاب أخاه المؤمن. وإن لم يكن عالماً فكيف يسوغ له أن يغتاب إخوانه العلماء من المؤمنين ، والواجب على الإنسان المؤمن أن يكف لسانه عن الغيبة في إخوانه المؤمنين . قال الله تعالى { يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً ، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه . واتقوا الله .. } الآية ، وليعلم هذا الذي ابتلى بهذه البلوى أنه إذا جرح العالم فسيكون سبباً في رد ما يقوله هذا العالم من الحق . فيكون وبال رد الحق وإثمه على هذا الذي جرح العالم لأن جرح العالم في الواقع ليس جرحاً شخصياً بل هو جرح لإرث محمد صلى الله عليه وسلم .
فإن العلماء ورثة الأنبياء فإذا جرح العلماء وقدح فيهم لم يثق الناس بالعلم الذي عندهم وهو مورث عن رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، وحينئذ لا يثقون بشيء من الشريعة التي يأتي بها هذا العالم الذي جرح ، ولست أقول إن كل عالم معصوم ، بل كل إنسان معرض للخطأ ، وأنت إذا رأيت من عالم خطأ فيما تعتقده ، فاتصل به وتفاهم معه ، فإن تبين لك أن الحق معه وجب عليك اتباعه، وإن لم يتبين لك ولكن وجد لقوله مساغاً وجب عليك الكف ، وإن لم تجد لقوله مساغاً فاحذر من قوله لأن الإقرار على الخطأ لا يجوز ..لكن لا تجرحه وهو عالم معروف مثلاً بحسن النية ، ولو أردنا أن نجرح العلماء المعروفين بحسن النية لخطأ وقعوا فيه من مسائل الفقه ، لجرحنا علماء كباراً ، ولكن الواجب هو ما ذكرت ، وإذا رأيت من عالم خطأ فناقشه وتكلم معه ، فإما أن يتبين لك أن الصواب معه فتتبعه أو يكون الصواب معك فيتبعك .. أو لا يتبي الأمر ويكون الخلاف بينكما من الخلاف السائغ وحينئذ يجب عليك الكف عنه وليقل هو ما يقول ولتقل أنت ما تقول ..
والحمد لله .. الخلاف ليس في هذا العصر فقط .. الخلاف من عهد الصحابة إلى يومنا ، وأما إذا تبين الخطأ ولكنه أصر انتصاراً لقوله وجب عليك أن تبين الخطأ وتنفر منه ، لكن لا على أساس القدح في هذا الرجل وإرادة الانتقام منه ، لأنه هذا الرجل قد يقول قولاً حقاً في غير ما جادلته فيه .فالمهم أنني أحذر إخواني من هذا البلاء وهذا المرض وأسأل الله لي ولهم الشفاء من كل ما يعيبنا أو يضرنا في ديننا ودنيانا (( فتوى الشيخ ابن عثيمين)) .[ فتاوى اسلامية / محمد عبد العزيز المسند ج4].


وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في سؤال وجه اليها:
نسمع ونجد أناسا يدعون أنهم من السلفية ، وشغلهم الشاغل هو الطعن في العلماء واتهامهم بالابتداع ، وكأن ألسنتهم ما خلقت إلا لهذا ، ويقولون : نحن سلفية .
والسؤال يحفظكم الله :
ما هو مفهوم السلفية الصحيح ، وما موقفها من الطوائف الإسلامية المعاصرة ؟ وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء إنه سميع الدعاء .
الجواب:
إذا كان الحال كما ذكر ، فإن الطعن في العلماء ورميهم بالابتداع واتهامهم مسلك مرد ليس من طريقة سلف هذه الأمة وخيارها ، وإن جادة السلف الصالح هي الدعوة إلى الكتاب والسنة ، وإلى ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين لهم بإحسان بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ، مع جهاد النفس على العمل بما يدعو إليه العبد ، والالتزام بما علم بالضرورة من دين الإسلام من الدعوة إلى الاجتماع والتعاون على الخير ، وجمع كلمة المسلمين على الحق ، والبعد عن الفرقة وأسبابها من التشاحن والتباغض والتحاسد ، والكف عن الوقوع في أعراض المسلمين ، ورميهم بالظنون الكاذبة ، ونحو هذا من الأسباب الجالبة لافتراق المسلمين وجعلهم شيعا وأحزابا يلعن بعضهم بعضا ، ويضرب بعضهم رقاب بعض ، قال تعالى : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }[ سورة آل عمران الآية 103] { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }[ سورة آل عمران الآية 104] { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }[ سورة آل عمران الآية 105].
، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض »[ متفق عليه] ، والآيات والأحاديث في ذم التفرق وأسبابه كثيرة ؛ ولهذا فإن حماية أعراض المسلمين وصيانتها من الضروريات التي علمت من دين الإسلام ، فيحرم هتكها والوقوع فيها ، وتشتد الحرمة حينما يكون الوقوع في العلماء ، ومن عظم نفعه للمسلمين منهم ؛ لما ورد من نصوص الوحيين الشريفين بعظيم منزلتهم ، ومنها : أن الله سبحانه وتعالى ذكرهم شهداء على توحيده ، فقال تعالى : { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [سورة آل عمران الآية 18] ، والوقوع في العلماء بغير حق تبديعا وتفسيقا وتنقصا وتزهيدا فيهم- كل ذلك من أعظم الظلم والإثم ، وهو من أسباب الفتن ، وصد المسلمين عن تلقي علمهم النافع وما يحملونه من الخير والهدى ، وهذا يعود بالضرر العظيم على انتشار الشرع المطهر ؛ لأنه إذا جرح حملته أثر على المحمول ، وهذا فيه شبه من طريقة من يقع في الصحابة من أهل الأهواء ، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم شهود نبي هذه الأمة على ما بلغه من شريعة الله ، فإذا جرح الشاهد جرح المشهود به . فالواجب على المسلم التزام أدب الإسلام وهديه وشرائعه ، وأن يكف لسانه عن البذاء والوقوع في أعراض العلماء ، والتوبة إلى الله تعالى من ذلك ، والتخلص من مظالم العباد ، ولكن إذا حصل خطأ من العالم فلا يقضي خطؤه على ما عنده من العلم ، والواجب في معرفة الخطأ الرجوع إلى من يشار إليهم من أهل العلم في العلم والدين وصحة الاعتقاد ، وأن لا يسلم المرء نفسه لكل من هب ودب ، فيقوده إلى المهالك من حيث لا يشعر .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .


اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس


بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز


[الفتوى رقم ( 16873 ) ج 2 ص 317]

يتبع...

جمال البليدي
2011-11-18, 02:57
علماء الحيض والنفاس

كلمة قبيحة دائما ما نسمعها من أعداء السنن وأعداء العلم وأعداء أهل العلم، فإذا ما ارداوا أن يتنقصوا من أهل العلم وصفوهم بعلماء الحيض والنفاس!!!! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون الا كذبا.فما حكم قول هذا الكلام؟
لا شك لدي بأن قائل هذا الكلام جاهلٌ متغطرس ، لا يعرف منزلة العلم ولا العلماء ، ولا يعرف شيئاً عن جهود العلماء والفقهاء في نشر العلم وتبيانه للناس وأكبر دليلٍ على ذلك كتب العلماء التي خلفوها ، وهي ناطقة بصدق حالهم ، وأنهم أخذوا الإسلام جملةً واحدة ، فما قصروه على جانب واحد من جوانبه ، فإذا استعرضت أي كتاب من كتب فقهائنا وعلمائنا لوجدتها تتحدث عن الأحكام الشرعية في جميع أبواب الفقه ، وليست مقصورة على أحكام الحيض والنفاس ، كما زعم القائل .
إن هذا التطاول على العلماء والفقهاء حرامٌ شرعاً ، و إن من عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم يدينون الله سبحانه وتعالى باحترام العلماء الهداة ولا بد أن نعرف لعلمائنا فضلهم .
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم*** على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه*** والجاهلون لأهل العلم أعداء

فالتطاول على العلماء والفقهاء وإيذاؤهم حرامٌ شرعاً ، ويودي بالمتطاول المؤذي للعلماء ، وقد قال بعض أهل العلم : " أعراض العلماء على حفرةٍ من حفر جهنم ".
وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما : " من آذى فقيهاً ، فقد آذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن آذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد آذى الله عز وجل " .
ويضاف لما سبق ، أن المتطاول ما عرف مكانة أحكام الحيض والنفاس في الفقه الإسلامي ، وأهميتها وكثرة الأحكام المترتبة على معرفة أحكام الحيض والنفاس .
فقد قال الإمام النووي يرحمه الله : (( إعلم أن باب الحيض من عويص الأبواب ومما غلط فيه كثيرون من الكبار لدقة مسائله واعتنى به المحققون وأفردوه بالتصنيف في كتب مستقلة .
وأفرد أبو الفرج الدارمي من أئمة العراقيين مسألة المتحيرة في مجلد ضخم ليس فيه إلا مسألة المتحيرة وما يتعلق بها ، وأتى فيه بنفائس لم يُسبق إليها ، وحقق أشياء مهمة من أحكامها ، وقد اختصرت أنا مقاصده في كراريس ، وسأذكر في هذا الشرح ما يليق به منها إن شاء الله .
وجمع إمام الحرمين في النهاية في باب الحيض نحو نصف مجلد وقال بعد مسائل الصفرة والكدرة:لا ينبغي للناظر في أحكام الإستحاضة أن يضجر من تكرير الصور وإعادتها في الأبواب .
وبسط أصحابنا رحمهم الله مسائل الحيض أبلغ بسط وأوضحوه كامل إيضاح واعتنوا بتفاريعه أشد اعتناء وبالغوا في تقريب مسائله بتكثير الأمثلة وتكرير الأحكام ، وكنت جمعت في الحيض في شرح المهذب مجلداً كبيراً مشتملاً على نفائس ، ثم رأيت الآن اختصاره والإتيان بمقاصده ، ومقصودي بما نبهت عليه ، ألا يضجر مطالعه بإطالته فإني أحرص إن شاء الله على ألا أطيله إلا بمهمات وقواعد مطلوبات وما ينشرح به قلب من به طلب مليح وقصد صحيح ، ولا ألتفت إلى كراهة ذوي المهانة والبطالة ، فإن مسائل الحيض يكثر الإحتياج إليها لعموم وقوعها وقد رأيت ما لا يحصى من المرات من يسأل من الرجال والنساء عن مسائل دقيقة وقعت فيه ، لا يهتدي إلى الجواب الصحيح فيها ، إلا أفراد من الحذاق المعتنين بباب الحيض ، ومعلوم أن الحيض من الأمور العامة المتكررة ويترتب عليه ما لا يحصى من الأحكام ، كالطهارة والصلاة والقراءة ، والصوم والإعتكاف والحج ، والبلوغ والوطء ، والطلاق والخلع والإيلاء ، وكفارة القتل وغيرها والعدة والإستبراء ، وغير ذلك من الأحكام ، فيجب الإعتناء بما هذه حاله ، وقد قال الدارمي في كتاب المتحيرة : الحيض كتاب ضائع لم يصنف فيه تصنيف يقوم بحقه ويشفي القلب ، وأنا أرجو من فضل الله تعالى أن ما أجمعه في هذا الشرح يقوم بحقه أكمل قيام وإنه لا تقع مسألة إلا وتوجد فيه نصاً أو استنباطاً ، لكن قد يخفى موضعها على من لا تكمل مطالعته وبالله التوفيق )) المجموع 2/344 - 345 .
وقال العلاّمة البركوي: " فقد اتفق الفقهاء على فرضية علم الحال على كل من آمن بالله واليوم الآخر من نسوة ورجال .
فمعرفة أحكام الدماء المختصة بالنساء واجبة عليهن ، وعلى الأزواج والأولياء ولكن هذا العلم كان في زماننا مهجوراً ، بل صار كأن لم يكن شيئاً مذكوراً ، لا يفرقون بين الحيض والنفاس والإستحاضة ...." .
ونقل ابن عابدين عن ابن نجيم قال: " واعلم أن باب الحيض من غوامض الأبواب خصوصاً المتحيرة وتفاريعها ، ولهذا اعتنى به المحققون .
وأفرده محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة رحمه الله في كتاب مستقل ومعرفة مسائله من أعظم المهمات ، لما يترتب عليها مما لا يحصى من الأحكام ، كالطهارة والصلاة وقراءة القرآن والصوم والاعتكاف والحج والبلوغ والوطء والطلاق والعدة والإستبراء ، وغير ذلك من الأحكام ، وكان من أعظم الواجبات لأن عظم منزلة العلم بالشيء بحسب منزلة ضرر الجهل به ، وضرر الجهل بمسائل الحيض أشد من ضرر الجهل بغيرها ، فيجب الاعتناء بمعرفتها وإن كان الكلام فيها طويلاً ، فإن المحصل يتشوف إلى ذلك ولا التفات إلى كراهة أهل البطالة " انظر الرسالة الرابعة من مجموعة رسائل ابن عابدين المسماة منهل الواردين من بحار الفيض ، على ذخر المتأهلين في مسائل الحيض ص69 - 70 .
وأخيراً ، فإن على طلبة العلم أن يتأدبوا مع العلماء ، ويعرفوا للعلماء مكانتهم وفضلهم: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعلَمُونَ ) سورة الزمر /9 .
وقال تعالى:( يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )سورة المجادلة 11
قال الحافظ ابن عساكر يرحمه الله: " اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلني وإياك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب( فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) سورة النور /63 .
[ يسألونك / حسام الدين عفانة / ج3].

مشكاة الهدى
2011-11-18, 07:04
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على اشرف المرسلين نبي الله ومعلم البشرية وعلى اله وصحبه اجمعين

اشكرك اخي على الموضوع الطيب رغم طوله هو اول موضوع انهيه منذ اول قراءة
جزاك الله كل الخير عنا وبارك فيك ولك
لله حق التقوى وعلينا ان نتقي يوما نرجع فيه لخالقنا فنحاسب على كل صغيرة وكبيرة واهل العلم هم ارفع درجة اخي ولا يجوز التعرض لهم وقد نهانا ديننا عن التعرض لعلماء ومشايخ الامة الاسلامية

جواهر الجزائرية
2011-11-18, 08:59
بارك الله فيك اخي جمال
يا ناطح الجبل العالي ليثلمه ** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
و:
كناطح صخرة يوما ليوهنها ** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل


الأمة الإسلامية بحاجة للعلماء كالشمس بل أشد من احتياجهم للشمس فهم صمام أمان للأمة من الفتن والنار وهم ورثة الأنبياء كما ورد في حديث أبي الدرداء قال الرسول صلى الله عليه وسلم وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما وإنما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر) رواه أبو داود والترمذي
وقد يسأل أحد, ما موقفنا من أخطاء العلماء؟ فيقال بين الخطأ لأن الخطأ لا ينسب للإسلام ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة وقدر مكانة ذلك العالم ومراعاة الغير في محبته وعدم القدح في أي عالم واطرح الشبهة بأدب لآن لكل عالم زلة فيبين الخطأ بالطريقة المناسبة مع حفظ مكانتة العالم فهذه كتب العلماء مملوءة بالردود فيما بينهم في كتب الفقه والحديث وغيرها ولا تجدهم يضللون بعضهم البعض بل يحفظون مكانة العالم وهكذا كان السلف الصالح والأئمة يتعاملون مع العالم. وفي الختام أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن يحفظ لنا أهل العلم وأن يلحقنا بهم في جنته إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

chromato
2011-11-18, 10:34
السلام عليكم إِذَا عَيَّـرَ الطَّائِـيَّ بِالبُخلِ مَـادِرٌ وَعَيَّـرَ قِسًّـا بِـالفَهَاهَـةِ بَاقِـلُ وَ قَالَ السُّهَا لِلشَّمسِ أَنْتِ كَسِيفَةٌ وَقَالَ الدُّجَى لِلبَدرِ وَجهُكَ حَائِـلُ وَطَاوَلَتِ الأَرضُ السَّمَاءَ سَفَاهَـةً وَفَاخَرَتِ الشُّهبَ الحَصَى وَالجَنَادِلُ فَيَا موتُ زُرْ إِنَّ الْحَيَـاةَ ذَمِيمَـةٌ وَيَا نَفسُ جِدِّي إِنَّ دَهرَكِ هَـازِلُ كن عالماً أو متعلماً أو مستمعاً أو محباً ولا تكن الخامس فتهلك

جمال البليدي
2011-11-18, 10:43
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على اشرف المرسلين نبي الله ومعلم البشرية وعلى اله وصحبه اجمعين

اشكرك اخي على الموضوع الطيب رغم طوله هو اول موضوع انهيه منذ اول قراءة
جزاك الله كل الخير عنا وبارك فيك ولك
لله حق التقوى وعلينا ان نتقي يوما نرجع فيه لخالقنا فنحاسب على كل صغيرة وكبيرة واهل العلم هم ارفع درجة اخي ولا يجوز التعرض لهم وقد نهانا ديننا عن التعرض لعلماء ومشايخ الامة الاسلامية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أختاه
شكرا على مرورك وأسأل الله تعالى أن يجعلني وإياك من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه فاللهم ارزقتا التقوى وجعلنا ممن يتقيك في السر والعلن ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

جمال البليدي
2011-11-18, 10:45
بارك الله فيك اخي جمال
يا ناطح الجبل العالي ليثلمه ** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
و:
كناطح صخرة يوما ليوهنها ** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل


الأمة الإسلامية بحاجة للعلماء كالشمس بل أشد من احتياجهم للشمس فهم صمام أمان للأمة من الفتن والنار وهم ورثة الأنبياء كما ورد في حديث أبي الدرداء قال الرسول صلى الله عليه وسلم وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما وإنما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر) رواه أبو داود والترمذي
وقد يسأل أحد, ما موقفنا من أخطاء العلماء؟ فيقال بين الخطأ لأن الخطأ لا ينسب للإسلام ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة وقدر مكانة ذلك العالم ومراعاة الغير في محبته وعدم القدح في أي عالم واطرح الشبهة بأدب لآن لكل عالم زلة فيبين الخطأ بالطريقة المناسبة مع حفظ مكانتة العالم فهذه كتب العلماء مملوءة بالردود فيما بينهم في كتب الفقه والحديث وغيرها ولا تجدهم يضللون بعضهم البعض بل يحفظون مكانة العالم وهكذا كان السلف الصالح والأئمة يتعاملون مع العالم. وفي الختام أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن يحفظ لنا أهل العلم وأن يلحقنا بهم في جنته إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



وفيك بارك الله أختاه ولك جزيل الشكر على ما أفدتنا به وسيأتي الكلام عن النقطة التي ذكرتها إن شاء الله.

جمال البليدي
2011-11-18, 10:47
السلام عليكم إِذَا عَيَّـرَ الطَّائِـيَّ بِالبُخلِ مَـادِرٌ وَعَيَّـرَ قِسًّـا بِـالفَهَاهَـةِ بَاقِـلُ وَ قَالَ السُّهَا لِلشَّمسِ أَنْتِ كَسِيفَةٌ وَقَالَ الدُّجَى لِلبَدرِ وَجهُكَ حَائِـلُ وَطَاوَلَتِ الأَرضُ السَّمَاءَ سَفَاهَـةً وَفَاخَرَتِ الشُّهبَ الحَصَى وَالجَنَادِلُ فَيَا موتُ زُرْ إِنَّ الْحَيَـاةَ ذَمِيمَـةٌ وَيَا نَفسُ جِدِّي إِنَّ دَهرَكِ هَـازِلُ كن عالماً أو متعلماً أو مستمعاً أو محباً ولا تكن الخامس فتهلك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل :
أحسن الله إليك وأفادني وإياك بالعلم النافع.

جمال البليدي
2011-11-18, 10:48
موقفنا من العالم اذا أخطأ

ليست العصمةُ لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلا يسلم عالِمٌ من خطأ، ومن أخطأ لا يُتابَع على خطئه، ولا يُتخذ ذلك الخطأ ذريعة إلى عيبه والتحذير منه، بل يُغتفر خطؤه القليل في صوابه الكثير، ومن كان من هؤلاء العلماء قد مضى فيُستفادُ من علمه مع الحذر من متابعته على الخطأ، ويُدعى له ويُترحَّم عليه، ومَن كان حيًّا سواء كان عالماً أو طالب علم يُنبَّه على خطئه برفق ولين ومحبَّة لسلامته من الخطأ ورجوعه إلى الصواب.
ومن العلماء الذين مَضوا وعندهم خلل في مسائل من العقيدة، ولا يستغني العلماء وطلبة العلم عن علمهم، بل إنَّ مؤلَّفاتهم من المراجع المهمَّة للمشتغلين في العلم، الأئمة: البيهقي والنووي وابن حجر العسقلاني.
فأمَّا الإمام أحمد بن حسين أبو بكر البيهقي، فقد قال فيه الذهبي في السير (18/163 وما بعدها): "هو الحافظ العلامة الثبت الفقيه شيخ الإسلام"، وقال: "وبورك له في علمه، وصنَّف التصانيف النافعة"، وقال: "وانقطع بقريته مُقبلاً على الجمع والتأليف، فعمل السنن الكبير في عشر مجلدات، ليس لأحد مثله"، وذكر له كتباً أخرى كثيرة، وكتابه (السنن الكبرى) مطبوع في عشر مجلدات كبار، ونقل عن الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل كلاماً قال فيه: "وتواليفه تقارب ألف جزء مِمَّا لم يسبقه إليه أحد، جمع بين علم الحديث والفقه، وبيان علل الحديث، ووجه الجمع بين الأحاديث"، وقال الذهبي أيضا: ً"فتصانيف البيهقي عظيمة القدر، غزيرة الفوائد، قلَّ مَن جوَّد تواليفه مثل الإمام أبي بكر، فينبغي للعالم أن يعتني بهؤلاء، سيما سننه الكبرى".
وأمَّا الإمام يحيى بن شرف النووي، فقد قال فيه الذهبي في تذكرة الحفاظ (4/259): "الإمام الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء... صاحب التصانيف النافعة"، وقال: "مع ما هو عليه من المجاهدة بنفسه والعمل بدقائق الورع والمراقبة وتصفية النفس من الشوائب ومحقها من أغراضها، كان حافظاً للحديث وفنونه ورجاله وصحيحه وعليله، رأساً في معرفة المذهب".
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (17/540): "ثم اعتنى بالتصنيف، فجمع شيئاً كثيراً، منها ما أكمله ومنها ما لم يكمله، فمِمَّا كمَّل شرح مسلم والروضة والمنهاج والرياض والأذكار والتبيان وتحرير التنبيه وتصحيحه وتهذيب الأسماء واللغات وطبقات الفقهاء وغير ذلك، ومِمَّا لم يتممه ـ ولو كمل لم يكن له نظير في بابه ـ شرح المهذب الذي سمَّاه المجموع، وصل فيه إلى كتاب الرِّبا، فأبدع فيه وأجاد وأفاد وأحسن الانتقاد، وحرر الفقه فيه في المذهب وغيره، وحرَّر فيه الحديث على ما ينبغي، والغريب واللغة وأشياء مهمَّة لا توجد إلاَّ فيه... ولا أعرف في كتب الفقه أحسن منه، على أنَّه محتاجٌ إلى أشياء كثيرة تُزاد فيه وتُضاف إليه".
ومع هذه السعة في المؤلفات والإجادة فيها لم يكن من المعمَّرين، فمدَّة عمره خمس وأربعون سنة، ولد سنة (631هـ)، وتوفي سنة (676هـ).
وأمَّا الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فهو الإمام المشهور بتآليفه الكثيرة، وأهمُّها فتح الباري شرح صحيح البخاري، الذي هو مرجع عظيم للعلماء، ومنها الإصابة وتهذيب التهذيب وتقريبه ولسان الميزان وتعجيل المنفعة وبلوغ المرام وغيرها.
ومن المعاصرين الشيخ العلاَّمة المحدِّث محمد ناصر الدين الألباني، لا أعلم له نظيراً في هذا العصر في العناية بالحديث وسعة الاطِّلاع فيه، لَم يسلم من الوقوع في أمور يعتبرها الكثيرون أخطاء منه، مثل اهتمامه بمسألة الحجاب وتقرير أنَّ ستر وجه المرأة ليس بواجب، بل مستحب، ولو كان ما قاله حقًّا فإنَّه يُعتبر من الحقِّ الذي ينبغي إخفاؤه؛ لِمَا ترتَّب عليه من اعتماد بعض النساء اللاَّتي يهوين السفور عليه، وكذا قوله في كتاب صفة صلاة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ وضع اليدين على الصدر بعد الركوع بدعةٌ ضلالة" وهي مسألة خلافية، وكذا ما ذكره في السلسلة الضعيفة (2355) من أنَّ عدم أخذ ما زاد على القبضة من اللحية من البدع الإضافية، وكذا تحريمه الذهب المحلَّق على النساء، ومع إنكاري عليه قوله في هذه المسائل فأنا لا أستغني وأرى أنَّه لا يستغني غيري عن كتبه والإفادة منها، وما أحسن قول الإمام مالك رحمه الله: "كلٌّ يؤخذ من قوله ويُردُّ إلاَّ صاحب هذا القبر، ويشير إلى قبر النَّبيِ صلى الله عليه وسلم".
وهذه نقول عن جماعة من أهل العلم في تقرير وتوضيح اغتفار خطأ العالم في صوابه الكثير:
قال سعيد بن المسيب (93هـ): "ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلاَّ وفيه عيب، ولكن مَن كان فضلُه أكثرَ من نقصه ذهب نقصه لفضله، كما أنَّه من غلب عليه نقصانه ذهب فضله. وقال غيره: لا يسلم العالم من الخطأ، فمَن أخطأ قليلاً وأصاب كثيراً فهو عالم، ومن أصاب قليلاً وأخطأ كثيراً فهو جاهل". جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (2/48).
وقال عبد الله بن المبارك (181هـ): "إذا غلبت محاسنُ الرَّجل على مساوئه لَم تُذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ عن المحاسن لَم تُذكر المحاسن". سير أعلام النبلاء للذهبي (8/352 ط. الأولى).
وقال الإمام أحمد (241هـ): "لَم يعبر الجسر من خراسان مثل إسحاق (يعني ابن راهويه)، وإن كان يخالفنا في أشياء؛ فإنَّ الناسَ لم يزل يخالف بعضُهم بعضاً". سير أعلام النبلاء (11/371).
وقال أبو حاتم ابن حبان (354هـ): "كان عبد الملك ـ يعني ابن أبي سليمان ـ من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالب على من يحفظ ويُحدِّث من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبْتٍ صحَّت عدالتُه بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة؛ لأنَّهم أهل حفظ وإتقان، وكانوا يحدِّثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات، بل الاحتياط والأولى في مثل هذا قبول ما يروي الثبت من الروايات، وترك ما صح أنَّه وهم فيها ما لم يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه، فإن كان كذلك استحق الترك حينئذ". الثقات (7/97 ـ 98).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728هـ): "ومِمَّا ينبغي أن يُعرف أن الطوائفَ المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدِّين والكلام على درجات، منهم مَن يكون قد خالف السنَّةَ في أصول عظيمة، ومنهم مَن يكون إنَّما خالف السنَّةَ في أمور دقيقة.
وَمن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعدُ عن السنَّة منه، فيكون محموداً فيما ردَّه من الباطل وقاله من الحقِّ، لكن يكون قد جاوز العدل في ردِّه بحيث جحد بعضَ الحقِّ وقال بعضَ الباطل، فيكون قد ردَّ بدعةً كبيرة ببدعة أخفَّ منها، ورد باطلاً بباطل أخفَّ منه، وهذه حالُ أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنَّة والجماعة.
ومثل هؤلاء إذا لَم يَجعلوا ما ابتدعوه قولاً يفارقون به جماعةَ المسلمين يوالون عليه ويعادون كان من نوع الخطأ، والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأَهم في مثل ذلك.
ولهذا وقع في مثل هذا كثيرٌ من سلف الأمة وأئمتها لهم مقالات قالوها باجتهاد وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنة، بخلاف مَن والى موافقَه وعادى مخالفَه، وفرَّق بين جماعة المسلمين، وكفَّر وفسَّق مخالفَه دون موافقه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحلَّ قتال مخالفه دون موافقه، فهؤلاء من أهل التفرق والاختلافات". مجموع الفتاوى (3/348 ـ 349).
وقال (19/191 ـ 192): "وكثيرٌ من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنَّه بدعة، إمَّا لأحاديث ضعيفة ظنُّوها صحيحة، وإمَّا لآيات فهموا منها ما لَم يُرَد منها، وإمَّا لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتَّقى الرَّجل ربَّه ما استطاع دخل في قوله: َ{بَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وفي الصحيح أنَّ الله قال: "قد فعلتُ".
وقال الإمام الذهبي (748هـ): "ثم إن الكبير من أئمَّة العلم إذا كثر صوابُه، وعُلم تحرِّيه للحقِّ، واتَّسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعُرف صلاحُه وورعه واتِّباعه، يُغفر له زلَله، ولا نضلِّله ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم! ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك". سير أعلام النبلاء (5/271).
وقال أيضاً: "ولو أنَّا كلَّما أخطأ إمامٌ في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفوراً له قُمنا عليه وبدَّعناه وهجَرناه، لَمَا سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن منده ولا مَن هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحقِّ، وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة" السير (14/39 ـ 40).
وقال أيضاً: "ولو أنَّ كلَّ من أخطأ في اجتهاده ـ مع صحَّة إيمانه وتوخِّيه لاتباع الحقِّ ـ أهدرناه وبدَّعناه، لقلَّ مَن يسلم من الأئمَّة معنا، رحم الله الجميعَ بمنِّه وكرمه". السير (14/376). من كتاب:[ رفقا أهل السنة بأهل السنة للشيخ عبد المحسن العباد البدر].
وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله في كتابه الرائع: (( رفقا أهل السنة بأهل السنة ص65)):
ومن البدع المنكرة ما حدث في هذا الزمان من امتحان بعض من أهل السنة بعضا بأشخاص، سواء كان الباعث على الامتحان الجفاء في شخص يُمتحن به، أو كان الباعث عليه الإطراء لشخص آخر، وإذا كانت نتيجة الامتحان الموافقة لِما أراده الممتحِن ظفر بالترحيب والمدح والثناء!!!!، وإلا كان حظه التجريح والتبديع والهجر والتحذير!!!!.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [3/415]: " وكذلك التفريق بين الأمة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ".
وقال [20/164]: " وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون ".
وقال [28/15-16]: " فإذا كان المعلم أو الأستاذ قد أمر بهجر شخص أو بإهداره وإسقاطه وإبعاده ونحو ذلك نظر فيه: فإن كان قد فعل ذنباً شرعياً عوقب بقدر ذنبه بلا زيادة، وإن لم يكن أذنب ذنباً شرعياً لم يجز أن يعاقب بشيء لأجل غرض المعلم أو غيره.
وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء، بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى، كما قال الله تعالى: (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )).
والواجب على الأتباع والمتبوعين الذين وقعوا في ذلك الامتحان أن يتخلّصوا من هذا المسلك الذي فرَّق أهل السنة وعادى بعضهم بعضا بسببه، وذلك بأن يترك الأتباعُ الامتحان وكلَّ ما يترتب عليه من بُغض وهجر وتقاطع، وأن يكونوا إخوةً متآلفين متعاونين على البِّر والتقوى، وأن يتبرَّأ المتبوعون من هذه الطريقة التي توبعوا عليها، ويُعلنوا براءتهم منها ومن عمل من يقع فيها، وبذلك يسلم الأتباع من هذا البلاء والمتبوعون من تبعة التسبُّب بهذا الامتحان وما يترتب عليه من أضرار تعود عليهم وعلى غيرهم. أ هـ. يتبع...

جواهر الجزائرية
2011-11-18, 13:17
بارك الله فيك اخي الفاضل وأضيف ولما احتشدت حشود الأهواء زمن المأمون وبعده من الجهمية والمعتزلة ومن سار على نهجهم ، وعلى رأسهم ابن أبي دؤاد ، تصدى لهم إمام السنة وقامع البدعة الإمام أحمد بن حنبل ، فكسرهم كسرة لم ينهضوا بعدها إلا متعثرين بحمد الله .

- ولما تجمعت فلول الجهمية المعتزلة في آخر القرن الثالث ، وصالت صولتها ، قيض الله لها أبا الحسن الأشعري ، وكان الخبير بعوارها ، لأنه كان معتزليا فهداه الله للسنة ، فحشر المعتزلة في قمع السمسمة – كما قيل – وكسرهم ، فانهزموا هزيمة منكرة .

- ولما نبغت نابغة الكلام وريثة الجهمية والمعتزلة ، وبدأ أهل الكلام يخوضون في صفات الله تعالى والإيمان والقدر ، تصدى لهم أئمة السلف في القرنين الرابع والخامس الهجريين : كالبربهاري ، وابن خزيمة ، وابن بطة ، والهروي واللالكائي ، وابن مندة ، والملطي ، والصابوني ، والآجري وابن وضاح ، والبغوي ، وابن عبد البر ، وأمثالهم .

- وفي القرن : السادس والسابع والثامن الهجرية ، عمت البلوى بالبدع والأهواء والافتراق ، وهيمنة الفرق في سائر البلاد الإسلامية ، واستحكمت الصوفية ببدعها ، وساد الكلام والفلسفة والباطنية والدجل ، وتسلط الكفار على كثير من بلاد المسلمين في الشام وغيرها .

فقيض الله أمثال : الشاطبي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه ( كابن القيم والذهبي وابن كثير وابن رجب ) فتصدى شيخ الإسلام لجحافل البدع وعساكر الضلالة وجاهد في كل ميدان بلسانه وقلمه ويده ، فقد تصدى لأهل الكلام ، والفلاسفة ، والباطنية ، والصوفية ، والرافضة واليهود ، والنصارى ، والصابئة

كما كان مجاهداً بعلمه ولسانه وسيفه للكفار والتتار والنصارى الصليبيين والبغاة ، وكان يشجع المسلمين على الجهاد في كل ميدان ، وله في ذلك إسهامات مشهورة مشهودة .

وكان ناصحاً لولاة المسلمين وأئمتهم ، يذكرهم ويعظهم ، ويحثهم على الجهاد ويأمرهم بالمعروف ، وينهاهم عن المنكر بحكمة وقوة ، كما كان ناصحاً لعامة المسلمين وعلمائهم ، وكان آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر ، هو وأتباعه يصدع بذلك ، ولا يخاف في الله لومة لائم ، حتى أبان الله به سنة ، ونصر الله به راية السلف

، وكشف الله به أهل البدع وعقائدهم ومناهجهم ، وحتى أقام الحجة ، وأبان المحجة ، ونصر الملة ، ولا تزال آثاره ومؤلفاته مرجعاً لكل صاحب سنة ، وقذى في عين كل صاحب بدعة ، وفيها فرقان بين الحق وأهله ، وبين الباطل وأهله ، رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء .

- وفي العصور المتأخرة : استحكمت البدع والشركيات ، وانتشرت الطرق الصوفية والمقابرية والعادات الجاهلية حتى في جزيرة العرب . فتصدى لها ناصر السنة وقامع البدعة : الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه فطهر الله بدعوته المباركة أرض جزيرة العرب خاصة الحجاز ونجد وما حولها من البدع

والشركيات والمقابرية والصوفية الضالة ، كما نفع الله بدعوته سائر أقطار المسلمين ، حيث اعتزت بها السنة وأنصارها ، وانتصرت السلفية ، واحتمت وآوت إلي ركن شديد ، حيث قامت لها وعليها دولة نشرتها وحمتها بالسيف والقلم وهي الدولة السعودية أعزها الله بالإسلام ونصر السنة وأهلها .

ولا نزال – بحمد الله – نرى ثمار هذه الدعوة في كل مكان ، رغم تكالب جحافل البدعة ، وما أجلبوه عليها بخليهم ورجلهم : بالسب ، والهمز ، واللمز ، وإعلان العداوة ، وصد الناس بشتى الوسائل ، والله غالب على أمره .

ولما نبغت نابغة ( سب السلف ) في القرن الماضي ( الرابع عشر الهجري ) على لسان الكوثرية ، معلنة انتقاص بعض أئمة السلف ، ورافعة راية الكلام والتجهم ، واتهام السلف وأتباعهم ، ورميهم بالألقاب المشينة والألفاظ المقذعة مثل : ( الحشوية ، والمشبهة ، والحمقى ، والجهلة ، والأوباش والرعاع ) قيض الله لهم أمثال : المعلمي ، والألباني ، وبكر أبو زيد ، وسائر مشايخنا حفظهم الله .

- ولما أخرجت البدع أعناقها في البلاد الطاهرة على يد أحد المنتسبين للعلوية وأتباعهم ، تصدى لها طائفة من المشايخ وطلاب العلم وفقنا الله وإياهم ، ولا يزال مشايخنا لهم جهود مشكورة في هذا المضمار ، وفقهم الله وسدد خطاهم ، والآن وقد بدأ ( نبّاشة القبور ) يثيرون المتشبهات ويشككون أبناء المسلمين بالمسلّمات ، وينهشون علماء السلف , وينبِّشون في كتبهم عن الزلات ، ويطعنون في سلف الأمة ويبكون على أطلال

الفرق والبدع ، ويمجدون رؤوس الضلالة والأهواء ، ويرددون مطاعن الزنادقة في خيار الأمة ، وإنّا لمنتظرون – تحقيقاً لوعد الله بحفظ دينه – من يتصدى لهذه النابتة الخبيثة كفانا الله شرها . ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل .

ومما ينبغي التنبه له ، أن أهل الأهواء – قديماً وحديثاً – يضيقون ذرعاً بإنكار البدع والتصدي للمبتدعة ، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويجعلون ذلك – حسب موازينهم التي تقوم على الأهواء – من الظلم والشتم والسب ، والحجر ، وكتم الحريات ، والاستعداء ضد الخصوم ، والتضييق على المخالفين .

ويتهمون السلف الذين ينهون عن البدع والآثام ويحذرون منها ومن أهلها : بالتكفير والتبديع والتفسيق ونحو ذلك ، وكل ذلك من التلبيس والبهتان ، فإن هذه أحكام شرعية يطلقها المجتهدون من العلماء الثقات على من يستحقها شرعاً ، حسب اجتهادهم ، وقد يخطئ الواحد منهم ، لكن ليس ذلك من منهجهم .

ولذلك فإن أهل الأهواء يتهمون السلف بالسب والشتم واللعن ونحو ذلك من هذا المنطق ، أعني أنهم يسمون إطلاق الأحكام الشرعية من الكفر والبدعة والفسق ونحوها على من يستحقها شرعاً:شتماً ولعناً وسباً وهذا هو منهج أعداء الرسل في كل زمان.

مع العلم أن السب للكفر والشرك والبدع والأهواء والفسوق مشروع ومطلوب شرعاً بالضوابط الشرعية . وقد جاء ذلك في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم كما كان يأمر بالتوحيد ، كان كذلك ينهى عن الشرك ويذم عبادة الأصنام والأوثان ، وقد وصفه المشركون بأنه صلى الله عليه وسلم حين ينهى عن الشرك ( يسبُّ آلهتهم ) وهو سبٌ مشروع ومن دعائم الدين الكبرى في كل زمان

للكلام بقية .

ام زينب2
2011-11-18, 14:05
ياأخي لقد اقشعر بدني وأنا أقرا موضوعكم المميز والذي اتمنى أن يطلع عليه الجميع.بارك الله فيك .
انني بحق اغتاظ بشدة عندما اقرا او اسمع تطاولا على أحد العلماء .هدانا الله والجميع لما فيه خير الامة وصلاحها.

pro24
2011-11-18, 15:39
http://up12.up-images.com/up/viewimages/cd1fec8aad.gif
اظن أخي ان تنقل المواضيع لكنك لاتقراها اوانك قراءتها ولم تفهم او على ما أظن ان لك قصر في الفهم انت تكتب على الرويبضة ولكن عند قراءة مواضعيك أجدد هذه الكلمة تنطبق عليك والعياذ بالله

طهراوي ياسين
2011-11-18, 15:56
بارك الله فيك..........

جواهر الجزائرية
2011-11-19, 02:40
جواهر من أخلاق العلماء وعلمهم وتواضعهم..!!!!
http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=714571

محب السلف الصالح
2011-11-19, 10:01
بارك الله فيك

جمال البليدي
2011-12-01, 22:07
بارك الله في الجميع وجزاكم الله خيرا.

مواضيع ذات صلة:

من هم العلماء:
http://www.burjes.com/click/go.php?id=4

التفريق بين العلماء والمتشبهين بهم
http://www.echoroukonline.com/montada/showpost.php?p=542722&postcount=1

احذر فان لحومهم مسمومة
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=7548042&postcount=1

بيان منبع ثقافة التجريح وبراءة السادة السلفيين مما يفتريه جهلة الإعلاميين:
http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=182996

الرد على أسطورة :السلفيون يسبون ويغتابون العلماء:
http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=750510

من هم الجراحون السبابون لا منازع :
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=7645310&postcount=4

حمل كتاب: «الإبانة عن كيفية التّعامل مع الخلاف بين أهل السّنّة والجماعة»
http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=780279
حمل رسالة: «رفقًا أهل السنة بأهل السنة» بصيغة PDF ـ
تأليف: فضيلة الشيخ العلامة عبد المحسن العباد البدر

http://www.archive.org/download/RefkanAhlussunah/RefkanAhlussunah.pdf
أو
http://www.pdfshere.com/up/index.php?action=viewfile&id=3604

◄ توضيح ((مهم)) للشيخ عبد المحسن العباد بخصوص رسالته «رفقًا أهل السنة» ـ صوتي ومفرغ:
http://www.ahl-elathar.net/vb/showthread.php?t=3751

الإرشاد في كشف المبطلين الذين يستترون خلف رسالة الشيخ العبَّاد
http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=27719