تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كلام الامام الطبري في مسألة العذر بالجهل


ابوزيدالجزائري
2011-11-10, 11:27
قال رحمه الله و طيب ثراه في مطلع كتابه (التبصير بمعالم الدين):
القول في المعاني التي تدرك حقائق المعلومات من أمور الدين، وما يسع الجهل به منه، وما لا يسع ذلك فيه، وما يعذر بالخطأ فيه المجتهد الطالب، وما لا يعذر بذلك فيه.

اعلموا –رحمكم الله- أن كل معلومٍ للخلق من أمر الدين والدنيا أن تخرج من أحد معنيين:

(أ) من أن يكون إما معلوماً لهم بإدراك حواسهم إياه.

(ب) وإما معلوماً لهم بالاستدلال عليه بما أدركته حواسهم

ثم لن يعدو جميع أمور الدين –الذي امتحن الله به عباده- معنيين:

أحدهما: توحيد الله وعدله.

والآخر: شرائعه التي شرعها لخلقه من حلالٍ وحرامٍ وأقضيةٍ وأحكام.

(أ) فأما توحيده وعدله: فمدركةٌ حقيقة علمه استدلالاً بما أدركته الحواس.

(ب) وأما شرائعه فمدركةٌ حقيقة علم بعضها حساً بالسمع، وعلم بعضها استدلالاً بما أدركته حاسة السمع.

ثم القول فيما أدركت حقيقة علمه منه استدلالاً على وجهين:

أحدهما: معذورٌ فيه بالخطأ والمخطئ، ومأجورٌ فيه على الاجتهاد والفحص والطلب؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجرٌ)) .
وذلك الخطأ فيما كانت الأدلة على الصحيح من القول فيه مختلفةً غير مؤتلفةٍ، والأصول في الدلالة عليه مفترقةً غير متفقةٍ،
وإن كان لا يخلو من دليل على الصحيح من القول فيه، فميز بينه وبين السقيم منه، غير أنه يغمض بعضه غموضاً يخفى على كثير من طلابه، ويلتبس على كثيرٍ من بغاته.

والآخر منهما غير معذورٍ بالخطأ فيه مكلفٌ قد بلغ حد الأمر والنهي، ومكفرٌ بالجهل به الجاهل، وذلك ما كانت الأدلة الدالة على صحته متفقةً غير مفترقة، ومؤتلفةً غير مختلفةٍ، وهي مع ذلك ظاهرةٌ للحواس.
وأما ما أدركت حقيقة علمه منه حساً، فغير لازمٍ فرضه أحداً إلا بعد وقوعه تحت حسه، فأما وهو واقعٌ تحت حسه فلا سبيل له إلى العلم به، وإذا لم تكن له إلى العلم به سبيلٌ، لم يجز تكلفيه فرض العمل به، مع ارتفاع العلم به؛ وذلك أنه من لم ينته إليه الخبر بأن الله تعالى ذكره بعث رسولاً يأمر الناس بإقامة خمس صلواتٍ كل يومٍ وليلةٍ، لم يجز أن يكون معذباً على تركه إقامة الصلوات الخمس. لأن ذلك من الأمر الذي لا يدرك إلابالسماع، ومن لم يسمع ذلك ولم يبلغه؛ فلم تلزمه الحجة به، وإنما يلزم فرضه من ثبتت عليه به الحجة.
فأما الذي لا يجوز الجهل به من دين الله لمن كان في قلبه من أهل التكليف لوجود الأدلة متفقةً في الدلالة عليه غير مختلفةٍ،

ظاهرةً للحس غير خفية، فتوحيد الله تعالى ذكره، والعلم بأسمائه وصفاته وعدله، وذلك أن كل من بلغ حد التكليف من أهل الصحة والسلامة، فلن يعدم دليلاً دالاً وبرهاناً واضحاً يدله على وحدانية ربه جل ثناؤه، ويوضح له حقيقة صحة ذلك؛ ولذلك لم يعذر الله جل ذكره أحداً كان بالصفة التي وصفت بالجهل وبأسمائه، وألحقه إن مات على الجهل به بمنازل أهل العناد فيه تعالى ذكره، والخلاف عليه بعد العلم به، وبربوبيته في أحكام الدنيا، وعذاب الآخرة فقال –جل ثناؤه-: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً} .

فسوى –جل ثناؤه- بين هذا العامل في غير ما يرضيه على حسبانه أنه في عمله عاملٌ بما يرضيه في تسميته في الدنيا بأسماء أعدائه المعاندين له، الجاحدين ربوبيته مع علمهم بأنه ربهم، وألحقه بهم في الآخرة في العقاب والعذاب. وذلك لما وصفنا من
استواء حال المجتهد المخطئ في وحدانيته وأسمائه وصفاته وعدله، وحال المعاند في ذلك في ظهور الأدلة الدالة المتفقة غير المفترقة لحواسهما، فلما استويا في قطع الله –جل وعز- عذرهما بما أظهر لحواسهما من الأدلة والحجج، وجبت التسوية بينهما في العذاب والعقاب.

وخالف حكم ذلك حكم الجهل بالشرائع، لما وصفت من أن من لم يقطع الله عذره بحجة أقامها عليه بفريضة ألزمه إياها من شرائع الدين، فلا سبيل له إلى العلم بوجوب فرضها؛ إذ لا دلالة على وجوب فرضها، وإذا كان ذلك كذلك لم يكن مأموراً، وإذا لم يكن مأموراً لم يكن بترك العمل لله –عز ذكره- عاصياً، ولا لأمر ربه مخالفاً؛ فيستحق عقابه؛ لأن الطاعة والمعصية إنما تكون باتباع الأمر ومخالفته.

و قال ص 122:
فلذلك افترق القول في حكم الخطأ في التوحيد، وحكم الخطأ في شرائع الدين وفرائضه.

و قال ص123 :

وإذا كان صحيحاً ما قلنا بالذي عليه استشهدنا، فواجبٌ أن يكون كل من بلغ حد التكليف من الذكور والإناث وذلك قبل أن يحتلم الغلام أو يبلغ حد الاحتلام، وأن تحيض الجارية أو تبلغ حد المحيض - فلم يعرف صانعه بأسمائه وصفاته التي تدرك بالأدلة بعد بلوغه الحد الذي حددت، فهو كافرٌ حلال الدم والمال، إلا أن يكون من أهل العهد الذين صولح سلفهم على الجزية وأقهروا فمن عليهم ووصف عليهم خراجٌ يؤدونه إلى المسلمين، فيكون من أجل ذلك محقون الدم والمال وإن كان كافراً.

فائدة:

1-ذكر سماحة العلامة الامام عبد العزيز بن باز أن من غيرت فطرته لحال مجتمعه و فرضنا أن الآيات لم تصله فله حكم أهل الفترة (لا حظ لم يجعله مسلما)

2-اعترض الشيخ على قتل من لم يحتلم .

الشريط الاول من شرح التبصير .

جمال البليدي
2011-11-10, 11:58
بارك الله فيك على الفائدة أخي أبو زيد ...ولزيادة فائدة أنقل كلام ماتع لشيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال رحمه الله:
((فإن كثيرا من المسائل العملية عليها أدلة قطعية عند من عرفها وغيرهم لم يعرفها وفيها ما هو قطعي بالإجماع كتحريم المحرمات ووجوب الواجبات الظاهرة ثم ((لو أنكرها الرجل بجهل وتأويل لم يكفر حتى تقام عليه الحجة))؛ كما أن جماعة استحلوا شرب الخمر على عهد عمر منهم قدامة [أي: ابن مظعون] ورأوا أنها حلال لهم ؛ ولم تكفرهم الصحابة حتى بينوا لهم خطأهم فتابوا ورجعوا.
وقد كان على عهد النبي http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif طائفة أكلوا بعد طلوع الفجر حتى تبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ؛ ولم يؤثمهم النبي http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif فضلا عن تكفيرهم وخطؤهم قطعي ... وفي زماننا لو أسلم قوم في بعض الأطراف ولم يعلموا بوجوب الحج أو لم يعلموا تحريم الخمر لم يحدوا على ذلك وكذلك ((لو نشئوا بمكان جهل)).
وقد زنت على عهد عمر امرأة فلما أقرت به قال عثمان: إنها لتستهل به استهلال من لا يعلم أنه حرام. فلما تبين للصحابة أنها لا تعرف التحريم لم يحدوها واستحلال الزنا خطأ قطعا. ... فمن قال: إن المخطئ في مسألة قطعية أو ظنية يأثم؛ ((فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع القديم))...؛ فكون المسألة قطعية أو ظنية هو أمر إضافي بحسب حال المعتقدين ليس هو وصفا للقول في نفسه؛ فإن الإنسان قد يقطع بأشياء علمها بالضرورة، أو بالنقل المعلوم صدقه عنده وغيره لا يعرف ذلك لا قطعا ولا ظنا؛ ... فالقطع والظن يكون بحسب ما وصل إلى الإنسان من الأدلة وبحسب قدرته على الاستدلال والناس يختلفون في هذا وهذا.
فكون المسألة قطعية أو ظنية ليس هو صفة ملازمة للقول المتنازع فيه حتى يقال: كل من خالفه قد خالف القطعي بل هو صفة لحال الناظر المستدل المعتقد وهذا مما يختلف فيه الناس»اهـ«مجموع الفتاوى» (19/ 209)

ابوزيدالجزائري
2011-11-10, 12:52
هناك قدر لا يصح الاسلام الا به كالايمان بنبوة محمد و مثله بل أعظم منه افراد الله بالعبادة وتوحيده فهذا لا يعذر فيه الجاهل ،لأن هذا مقدار من العلم لا يصح الاسلام الا به كما يقول العلامة صالح آل الشيخ .
يقول شيخ الاسلام رحمه الله:
(وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّوْحِيدَ أَصْلُ الْإِيمَانِ وَهُوَ الْكَلَامُ الْفَارِقُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَهُوَ ثَمَنُ الْجَنَّةِ وَلَا يَصِحُّ إسْلَامُ أَحَدٍ إلَّا بِهِ.)
(مجموع الفتاوى) ج24ص235.

و هذا محل اجماع و انما اختلفوا في حكم من لم تبلغه الحجة يوم القيامة فذهب بعضهم الى أنه غير معذور وهم الذين أطلقوا القول بعدم الاعذار في أصول الدين كالقرافي و غيره ،أو الذين قالوا بعدم العذر في الأمور التي لا يتوقف ثبوتها على النقل فقط كالطبري وغيره ،و آخرون قالوا بأن له حكم أهل الفترة و هو قول أكثر أئمة الدعوة .
و أما في أحكام الدنيا فلا يجب الشك في نكفيره .
على أن أكثر مشركي زماننا قامت عليهم الحجة .
سأل سائل العلامة الفوزان :
السائل : أحسن الله إليكم يقول السائل : هل عباد القبور كفار بأعيانهم وذلك لأننا نسمع من يقول: "إن هؤلاء مسلمون جهال تلبسوا بالكفر فلا يحكم عليهم بأعيانهم" ، فهل هذا الكلام صحيح؟
الشيخ : من قال الكفر فهو كافر ونحن ليس لنا إلا الظواهر فنجري عليهم أحكام الكفار ماداموا يعبدون غير الله ويذبحون لغير الله ويستغيثون بالأموات فنحن نحكم عليهم بالكفر ونجري عليهم أحكام الكفار فلا نستغفر لهم بعد موتهم {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}[التوبة:113] ولا نصلي على جنائزهم ولا ندفنهم في مقابر المسلمين ، نجري عليهم أحكام الكفار ، نعم.
وأما أنهم جهال فليسوا جهلاً ، القرآن يتلى ويسمعونه ويقرأونه ويحفظونه و أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تقرأ وتعلم ، كلام أهل العلم يسمعونه ، فلم يبقى جهل إلا المعاندة ، عاندوا، لأنه قامت عليهم الحجة ، فمادامت قامت عليهم الحجة فلم يبقى لهم جهل يعذرون به ، الجهال لو لم يسمعوا شيئاً ، لو عاشوا منقطعين عن العالم ولم يبلغهم شيئ هؤلاء هم الجهال أما الذين يعيشون في بلاد المسلمين ويحفظون القرآن أو يسمعونه ويسمعون كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ويسمعون كلام أهل العلم فلم يبقى عندهم عذر إلا أنهم يريدون البقاء على ما هم عليه ، يقلدون فلاناً وعلاناً فهؤلاء لا عذر لهم ، نعم.
http://al-afak.com/showthread.php?t=4127

ابوزيدالجزائري
2011-11-10, 12:55
قال ابن القيم رحمه الله: والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاءَ به، فما لم يأْت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل.

جمال البليدي
2011-11-10, 13:02
هناك قدر لا يصح الاسلام الا به كالايمان بنبوة محمد و مثله بل أعظم منه افراد الله بالعبادة وتوحيده فهذا لا يعذر فيه الجاهل ،لأن هذا مقدار من العلم لا يصح الاسلام الا به كما يقول العلامة صالح آل الشيخ .
يقول شيخ الاسلام رحمه الله:
(وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّوْحِيدَ أَصْلُ الْإِيمَانِ وَهُوَ الْكَلَامُ الْفَارِقُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَهُوَ ثَمَنُ الْجَنَّةِ وَلَا يَصِحُّ إسْلَامُ أَحَدٍ إلَّا بِهِ.)
(مجموع الفتاوى) ج24ص235.

و هذا محل اجماع و انما اختلفوا في حكم من لم تبلغه الحجة يوم القيامة فذهب بعضهم الى أنه غير معذور وهم الذين أطلقوا القول بعدم الاعذار في أصول الدين كالقرافي و غيره ،أو الذين قالوا بعدم العذر في الأمور التي لا يتوقف ثبوتها على النقل فقط كالطبري وغيره ،و آخرون قالوا بأن له حكم أهل الفترة و هو قول أكثر أئمة الدعوة .
و أما في أحكام الدنيا فلا يجب الشك في نكفيره .
على أن أكثر مشركي زماننا قامت عليهم الحجة .
سأل سائل العلامة الفوزان :
السائل : أحسن الله إليكم يقول السائل : هل عباد القبور كفار بأعيانهم وذلك لأننا نسمع من يقول: "إن هؤلاء مسلمون جهال تلبسوا بالكفر فلا يحكم عليهم بأعيانهم" ، فهل هذا الكلام صحيح؟
الشيخ : من قال الكفر فهو كافر ونحن ليس لنا إلا الظواهر فنجري عليهم أحكام الكفار ماداموا يعبدون غير الله ويذبحون لغير الله ويستغيثون بالأموات فنحن نحكم عليهم بالكفر ونجري عليهم أحكام الكفار فلا نستغفر لهم بعد موتهم {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}[التوبة:113] ولا نصلي على جنائزهم ولا ندفنهم في مقابر المسلمين ، نجري عليهم أحكام الكفار ، نعم.
وأما أنهم جهال فليسوا جهلاً ، القرآن يتلى ويسمعونه ويقرأونه ويحفظونه و أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تقرأ وتعلم ، كلام أهل العلم يسمعونه ، فلم يبقى جهل إلا المعاندة ، عاندوا، لأنه قامت عليهم الحجة ، فمادامت قامت عليهم الحجة فلم يبقى لهم جهل يعذرون به ، الجهال لو لم يسمعوا شيئاً ، لو عاشوا منقطعين عن العالم ولم يبلغهم شيئ هؤلاء هم الجهال أما الذين يعيشون في بلاد المسلمين ويحفظون القرآن أو يسمعونه ويسمعون كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ويسمعون كلام أهل العلم فلم يبقى عندهم عذر إلا أنهم يريدون البقاء على ما هم عليه ، يقلدون فلاناً وعلاناً فهؤلاء لا عذر لهم ، نعم.
http://al-afak.com/showthread.php?t=4127

بارك الله فيك أخي أبو زيد وزادك الله علما وفهما.

ابوزيدالجزائري
2011-11-10, 13:07
و فيك بارك ،وفقك الله لكل خير.