تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مالك بن نبي والصحوة الإسلامية المعاصرة في الجزائر


الأمير
2011-11-07, 18:32
مالك بن نبي والصحوة الإسلامية المعاصرة في الجزائر
بقلم: يوسف بوعجيلة



معظم الذين تناولوا مالك بن نبي رحمه الله ركزوا على الجوانب الفكرية والنظرية في شخصية هذا المفكر الكبير الذي يشكل علامة بارزة في تاريخ المسلمين في القرن العشرين، وتكاد تخلو الدراسات والمقالات من ذكر جوانب أخرى لا تقل إشراقا في شخصية هذا الرجل الذي رفض أن يوجه أصابع الاتهام لجهة أخرى خارج دائرة الذات الإسلامية التي أصابتها الغثائية القاتلة للأمم والحضارات.

إن أي عارف بالساحة الجزائرية يدرك وزن العلامة مالك بن نبي رحمه الله كأحد رواد الفكر الإسلامي المعاصر، الذي اعتبر جوهر المشكلة التي يتخبط فيها المسلمين منذ عصر ما بعد الموحدين هي مشكلة الحضارة، وليست مشكلة جزئية محدودة، سواء كانت اقتصادية، أو سياسية، أو تربوية سلوكية، أو حتى عقائدية، وإنما شاملة لجوانب الحياة المختلفة.

وقد أجمع الدارسون والمتتبعون لجذور العمل الإسلامي المعاصر في الجزائر أن مالك بن نبي ليس فقط باعثَ الخط الإسلامي المعاصر وملهمه على مستوى المفاهيم والأفكار ونظرية التغيير ولكن أيضا كمفكر عملي أدرك أن خط التغيير الحضاري المنشود لا يتأتى إلا بتكوين نخبة متميزة ومتشبعة برؤية التغيير السننية فعمل بكل إخلاص على تجسيد هذا المعنى عندما باشر إلى تنظيم ندوات فكرية في بيته أواسط الستينات والتي تشكل الزاوية التاريخية التأسيسية للعمل الإسلامي المعاصر في جزائر ما بعد الاستقلال.
والغرض من هذه المقاربة التأريخية السريعة ليس الإلمام بمختلف المنعطفات التاريخية التي مر بها العمل الإسلامي في الجزائر ولكن الوقوف باقتضاب عند محطة مالك بن نبي رحمه الله كأحد الرواد المتميزين وكأحد المفكرين العمليين، الذين تركوا بصماتهم واضحة في صفحة الشعب الجزائري المسلم إلى جانب رواد جمعية العلماء الاماجد وقادة الثورة التحريرية الأبطال.


بين الأمير عبد القادر وابن باديس
كان الغزو الاستعماري الفرنسي زلزالا عنيفا أحاط بالشعب الجزائري المسلم من كل جانب وسقطت دولة العثمانيين بسرعة مذهلة تركت جموع الجزائريين دون حماية. وعلى الرغم من خطورة الموقف وانعدام الإمكانيات وضعف الأمة عموما لم يجد الشعب المنكوب سوى القيادات الشعبية التي انطلقت بسرعة لتنقذ الموقف وترفع راية الجهاد وعلى رأسها الأمير عبد القادر بن محي الدين الجزائري، الذي استمر حاملا لواء الجهاد وأسس دولته المستقلة طيلة 17 سنة (1832- 1847). وأهمية تجربة الأمير عبد القادر رحمه الله وحضورها في الذاكرة الجماعية للصحوة الإسلامية المعاصرة نابعة من العوامل التالية:
أولا إنها أطول مقاومة منظمة لجيش الاحتلال وثانيا لان الأمير استطاع ان يؤسس الدولة الجزائرية المستقلة عن الإدارة الفرنسية الإستعمارية وهي تجربة مهمة في سياق التراكم التاريخي لخبرة المجتمع الجزائري وأخيرا لان آلامي قاد المقاومة باسم الإسلام واعتبر مقاومته للاستعمار جهادا في سبيل الله، لأن الإسلام هو الإطار المنهجي الوحيد القادر على تعبئة عموم الشعب.
واستمرت المقاومة الشعبية طيلة القرن التاسع عشر وإن كانت شلت كلها في إحراز نصر حقيقي أمام المستعمر الفرنسي بسبب عدم تكافئ الإمكانات الحضارية ولكن شكلت رصيدا معنويا هائلا تم استثماره لاحقا. ففي 1845 انطلقت ثورة بو معزة في جبال الظهرة وبعدها بسنة ثورة بو زيان في بسكرة والأوراس والحضنة وثورة محمد الحاج المقراني وثورة الشعانبة وغيرها من الصفحات المجيدة. واستمرت هذه الثورات حتى مطلع القرن العشرين ولكن كانت دائما نتائجها متماثلة بسبب التفاوت الكبير في القدرات الحضارية. ثم كان التحول نحو العمل السياسي والثقافي بعد أن أدركت قيادات المجتمع أن التفاوت الحضاري لا يمكن التغلب عليه إلا بتغيير العالم الثقافي للمجتمع مصداقا لقوله تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" وهذه الآية الكريمة كانت القاعدة الذهبية للحركة الإصلاحية التي استلمت مشعل التغيير مطلع القرن العشرين كما يقول مالك بن نبي رحمه الله.
وفي آواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين انتشرت الأفكار الإصلاحية لكبار المصلحين أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا ومحمد بن عبد الوهاب وقد تأثر قطاع من الجزائريين المثقفين بهذه النزعة الإصلاحية وعلى رأسهم رواد جمعية العلماء المسلمين الجزائرين أمثال العلامة ابن باديس والبشير الإبراهيمي ومبارك الميلي والطيب العقبي والعربي التبسي وغيرهم من الأعلام عليهم الرحمة والرضوان.
وكان تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في 5 مايو 1931 وقبل ذلك حزب نجمة شمال افريقيا إيذانا بان الشعب الجزائري قد أخذ زمام المبادرة بيديه. في بيانها التأسيسي ركزت جمعية العلماء على كونها جمعية ذات طابع أخلاقي لمحاربة الآفات الاجتماعية وتسعى إلى فتح المدارس والنوادي والجمعيات. ونجحت نجاحا باهرا ومنقطع النظير ففي ظرف سنتين أصبح لها حضور فعلي في كل مدن الجزائر المعروفة في ذلك الوقت. ولا يسعنا المقام للحديث أكثر عن جمعية العلماء ولنكتفي فقط بذكر مقتطفات من تقرير الحاكم الفرنسي المؤرخ في 16 فبراير 1933 الذي يشير إلى تخوف الإدارة الفرنسية من نمو نشاط العلماء.:"ليس من المقبول التسامح مع الدعاية التي تختفي وراء الإسلام للتستر على توجهات سرية، ولذلك أطلب منكم – والخطاب موجه لرجال الشرطة الفرنسية- مراقبة كل الاجتماعات والمحاضرات التي تنظمها جمعية العلماء برئاسة ابن باديس". وبالفعل فقد تم التضييق على أنشطة العلماء وتوقيف بعض منابرها الإعلامية في 1934 مما أدى إلى مسيرات شعبية احتجاجية في كل من تلمسان وقسنطينة والتي ضمت 5 ألف إلى 10 ألف متظاهر على التوالي.
ثم كانت ثورة التحرير المجيدة التي انطلقت في الفاتح نوفمبر 1954 والتي انتهت باستقلال الجزائر في 5 يوليو 1961.

الاستقلال المصادر
في الواقع العنوان أعلاه أخذناه من كتاب الزعيم فرحات عباس رحمه الله وهو يعكس الأزمة الرهيبة التي صاحبت نشوء الدولة الجزائرية الحديثة بعد ليل الاستعمار الطويل.
ولدت الدولة الجزائرية بعملية جراحية قيصرية عن الجسد الاستعماري، وولدت سلطة دولة الاستقلال في بحر من التنافس الشديد بين قادة الثورة. هذه السلطة ولدت مأزومة ومختنقة بتناقضاتها الداخلية الناتجة عن تنافس مختلف الزمر ومراكز القوى داخل الثورة لاستيلاء على مقاليد الحكم، وعلى الأقل الحصول على أكبر قدر من المنافع و الامتيازات المرافقة للحكم.
ولقد عارض كبار جمعية العلماء وعلى رأسهم الشيخ البشير الإبراهيمي التوجه العام الذي سارت عليه الدولة الجزائرية المستقلة حديثا وعبر عن ذلك في بيان مشهور كتبه في 16 ابريل 1964 في ذكرى وفاة العلامة ابن باديس محتجا عن الوجهة التي اتخذتها الدولة اليافعة مما كلفه وضعه في الاقامة الجبرية من طرف نظام أحمد بن بلة.


جمعية القيم الإسلامية
كانت تلك هي الأجواء التي أعقبت الاستقلال، وشعر كثير من الاطراف والمجاهدين بخيبة الأمل، مما دفعهم للتفكير في مسارات تاريخية جديدة لإحداث النقلة النوعية المنشودة بدل الإنشداد إلى النموذج الإشتراكي الذي تبنته السلطة بعد الاستقلال دون وعي تاريخي راسخ، وإنما لمجرد مسايرة الموجة العالمية والتيار السائد.
ففي يناير/جانفي 1964 بادر نخبة من الشباب والمجاهدين بتأسيس جمعية القيم الإسلامية والتي اعتبروها بمثابة إحياء وامتداد لرسالة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، برئاسة المرحوم الشيخ الهاشمي تيجاني طيب الله ثراه (توفي قبل بضعة أشهر فقط). وأسست هذه الجمعية مجلة بالفرنسية سميت التهذيب الإسلامي. وكان من أبرز أعضائها الدكتور الخالدي أحد أصدقاء مالك بن نبي، والشيخ عباسي مدني، والدكتور عمار طالبي وثلة من الرجال الذين كان لهم دور بارز فيما بعد. ومن أهداف هذه الجمعية هي الدعوة إلى القيم الإسلامية الرشيدة، وقد رسمت لنفسها طريق نشر الفضائل الإسلامية، وتقديم الدراسات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية على ضوء العقيدة الإسلامية.
بيد أن هذه الجمعية سرعان ما توقيف نشاطها في سبتمبر 1966 من طرف السلطة بعد أن أصدرت بيانا تحتج فيه على إقدام حكومة مصر على إعدام سيد قطب رحمه الله، وتم تسليم هذا البيان الاحتجاجي إلى السفارة المصرية في الجزائر.


الندوات الفكرية في بيت مالك بن نبي
ولقد عاد أستاذ الجيل مالك بن نبي رحمه الله إلى أرض الوطن قادما من القاهرة، وأصبح المدير العام للتعليم العالي، وهو منصب آنذاك يعد بمرتبة منصب الوزير حاليا. وفي 1966 شرع في إقامة ندوات ببيته يختار فيها نخبة من الطلبة والمهتمين ويقومون بطرح بعض القضايا ومناقشتها بما فتح الله عليه، مركزا على تمرين الطلبة التحليل والمعالجة المنهجية للأفكار والأطروحات المعاصرة، ونقد مختلف التيارات التغريبية الزاحفة على المجتمع. وقد ركز مالك بن نبي رحمه الله على فئة الجامعيين لما تملكه من سطوة ونفوذ معنوي وأدبي على القطاعات الشعبية وخصوصا في بلد مثل الجزائر خرج منهك القوى من حرب استنزاف رهيبة دامت سنوات. فطلاب الجامعة في ذلك الوقت كانوا يعتبرون محركي المجتمع بكل المقاييس.
وفي نفس الفترة انطلقت دروس وحلقات شرعية في المسجد الكبير في الجزائر العاصمة، وبدأ الجامعيون يحضرون هذه الدروس ويكتشفون جزءا مهما من شخصيتهم الوطنية وتراثهم الإسلامي.


مالك بن نبي وتأسيس مسجد الجامعة
يعد تأسيس مسجد الجامعة المركزية محطة تاريخية هامة في انطلاق الحركة الإسلامية المعاصرة. وتتضافر الروايات التاريخية الشفهية على أن فكرة مسجد الجامعة كانت من بنات أفكار مالك بن نبي رحمه الله، حيث وجه الشباب الذين كانوا ملتفين حوله أواخر الستينات إلى ضرورة العمل داخل الجامعة وفتح مسجد هناك.. وبعد أن حاول الشباب ذلك والتقوا بالمسئولين اقترحوا عليهم بناء مسجد خارج الجامعة يكون أوسع وأكبر.. ففرحوا بهذا الاقتراح وعادوا مهللين لمالك بن نبي.. ولكنه قال لهم، وهو المتبصر بقضايا التغيير ويعرف الثغور التي أوتيت منها أمة الإسلام عندما انحرفت نخبتها وأصبحت علمانية جاهلة بدينها.. قال لهم كلمة تكتب بماء الذهب:" جحر في الجامعة خير لكم من قصر خارجها"..
وقد تأسس بالفعل هذا المسجد وافتتح في سبتمبر 1968 وقد قام بتأسيسه مجموعة من رواد ندوة مالك بن نبي رحمه الله نذكر منهم الأساتذة الفضلاء، عبد العزيز بوليفة (الذي كان طالب صيدلة)، محمد جاب الله (الطب)، عبد القادر حميتو، وعبد الوهاب حمودة حفظهم الله وغيرهم من الرواد الأوائل.
وفي نفس السنة أي 1968 عاد أوائل الطلبة الجزائريين الذين درسوا في الولايات المتحدة الأمريكية، نذكر منهم الدكتور عبد الحميد بن شيكو (دكتوراه في الفيزياء)، والدكتور محمد بوجلخة (دكتوراه في الرياضيات). وقد اكتسب هؤلاء العائدين تجارب ثرية في الغرب خصوصا إذا علمنا أنهما من مؤسسي اتحاد الطلبة المسلمين في أمريكا الشمالية وأعطوا بخبرتهم الإدارية دفعا للجهود الدعوية العفوية غير المنتظمة في صيغتها الأولى مع مالك بن نبي. وقد كان دور هؤلاء بارزا أيضا بحكم مناصبهم الجامعية التي حصلوا عليها باعتبار أنهم من أوائل إطارات الدولة الجزائرية المستقلة.



ملتقى التعرف على الفكر الإسلامي
وبعد بضعة أشهر أي في ديسمبر 1968 أقيم الملتقى الأول للتعرف على الفكر الإسلامي في ثانوية عمارة رشيد (ابن عكنون) بسعي من الأستاذ رشيد بن عيسى. وقد شارك فيه نخبة من المفكرين والأساتذة الذين استجابوا لدعوة مالك بن نبي لما يملكه من رصيد وروابط ثقافية، رغم محدودية الإمكانات آنذاك.
وفي السنة الموالية أي 1971 استولت الحكومة على ملتقى التعرف على الفكر الإسلامي، ورغم ان العملية كانت مبنية على حسابات سلطوية ضيقة حتى لا تسمح بوجود منابر مؤثرة يشارك فيها كبار المفكرين والعلماء من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، ولكن كان ذلك الاستيلاء منحة ربانية لأن ملتقى التعرف على الفكر الإسلامي أصبح الجزء الأساسي من برنامج وزارة الشؤون الدينية ومحور نشاطها السنوي، بقيادة الوزير الراحل ملود قاسم آيت بلقاسم رحمة الله عليه الذي أعطى دفعا لمشروع الملتقى، لأن إمكانيات الدولة تفوق إمكانيات الأفراد مهما كانوا مخلصين في خدمة قضيتهم.
ولقد استمر هذا اللقاء السنوي الوطني ما يزيد عن عشرين سنة إلى أن تم توقيفه مطلع التسعينات، لأن رؤوس العلمانيين اعتبروه مؤسسة شعبية إسلامية ممولة من خزينة الدولة وخدمت التيار الإسلامي، وليس خطاب السلطة الديني.
وجهد وزير الشؤون الدينية والأوقاف، آيت بلقاسم نايت بلقاسم رحمه الله وجزاه عن الشعب الجزائري خير الجزاء، في حشد الإمكانيات والميزانية الضخمة لإنجاح هذا الملتقى سنويا، وطبع أعماله وتوزيعها بالدينار الرمزي تعميما للفائدة على جمهور الشباب الذين فاتهم حضور أشغال الملتقى مباشرة. وقد ضم له نخبة من رواد مجسد الجامعة المركزية إلى وزارة الشؤون الدينية، الذين كانوا يشتغلون في لجنة الملتقى ويقومون بتحضير أشغاله وتنظيم لقاءاته سنويا. وكان لهذا الملتقى فضلا عن النشاط الرسمي، نشاطات موازية ليلية في الأحياء الجامعية والثانويات والمساجد والقاعات العامة. وهذا الملتقى المبارك الذي بدأ مبادرة محدودة ومتواضعة مع مالك بن نبي رحمه الله، أصبح من أشهر الملتقيات العالمية ويحاضر فيه كبار العلماء والدعاة والفلاسفة والمستشرقيين، ويتمتع جمهور الحاضرين بمطارحات مختلفة بروح علمية سامية.
وفي هذا الملتقى تعرف شباب الجزائر وربما قبل غيرهم من الشباب في كثير من بلاد المسلمين بجمهور الدعاة والعلماء الذي سجلوا أسماءهم في النصف الثاني من القرن العشرين. ومن فاته حضور الجلسات أو بعدت عليه الشقة فما عليه سوى انتظار كتب الملتقى التي تطبع فيها أعماله، ويتم توزيعها على المكتبات العامة ومكتبات الثانويات والجامعات والمساجد، فعمت الفائدة وكثر النفع وانتشرت الصحوة الواعية في مختلف الأرجاء. والمتابع المنصف يستطيع أن يلمس أثر ذلك الملتقى وتلك المحاضرات والجلسات الطيبة مع الدعاة والمشايخ وكذلك مع أساتذة الفكر والفلسفة وكبار المستشرقين، أمثال المستشرقة الألمانية الفاضلة زغريد هونكه صاحبة شمس الله تسطع على الغرب، والفيلسوف البارع رجاء جارودي، والعلامة أبو الحسن الندوي، والمشايخ الدعاة القرضاوي والغزالي والبوطي.. والأساتذة نور الدايم حاطوم، وعبد العزيز الحبحابي، وأبو السعود وغيرهم من الأساتذة والمشائخ والدعاة واللغوين والشعراء والمستشرقين وأساتذة الفلسفة..
وأثر هذا الملتقى السنوي كان عظيما أيضا باعتبار أنه ملتقى متنقل من مدينة إلى أخرى ومن عاصمة ولاية إلى أخرى، بحيث أن أهم المدن الجزائرية قد احتضنت أشغاله على الأقل مرة واحدة، وعلى كل شخص أن يتصور الأثر البالغ لمثل هذا الحشد من الدعاة والمشايخ الذين يستمروا بقاءهم لأزيد من أسبوع وكثير من شباب المدن المجاورة يقومون باستضافة الدعاة والعلماء إلى مدنهم وقراهم ومداشرهم، في أجواء احتفالية ربانية ساهمت في إنضاج الصحوة الإسلامية وتحويلها إلى حالة شعبية جماهيرية.
ومن الإنجازات التاريخية بمقاييس تلك الفترة التي تحققت هي بث محاضرات ملتقى التعرف على الفكر الإسلامي على شاشة التلفزيون لفترة قد تصل لنصف سنة وهذا أسبوعيا، تعرض فيها العديد من المحاضرات وقد كان التلفزيون أهم وسائل التثقيف في تلك السنوات، وكانت عملية البث التلفزيوني لمحاضرات الملتقى بمثابة جامعة شعبية.

معرض للكتاب الإسلامي
ومرة ثالثة أيضا وباقتراح من مالك بن نبي رحمه الله ينظم مسجد الجامعة لأول مرة سنة 1971 معرضا للكتاب الإسلامي في الحي الجامعي لبن عكنون بالجزائر العاصمة، وكان ذلك إيذانا ببداية انتشار الثقافة الإسلامية وتعرف الشباب على الخطاب الإسلامي، وفي نفس الوقت دخول البعد التنظيمي الواعي بنفسه بشكل أكثر دقة وتخطيط. كما قام مسجد الجامعة بتأسيس مجلة فرنسية بعنوان ما ذا أعرف عن الإسلام؟ (Que sais-je de l’islam) وبالرغم من أن أعدادها لم تتجاوز العشرين عددا ولكن لم يكن يخل بيت من بيوت رواد الحركة الإسلامية من تلك الأعداد التي بارك الله فيها. ونفس السنة شهدت بعث العمل الإسلامي في الجنوب الجزائري عن طريق رواد مسجد الجامعة، وبدأت عملية فتح المساجد في الثانويات التي كانت بمثابة الجامعات في أيامنا هذه، بما كانت تزخر به من جدية وحيوية وديناميكية في أنشطة الشباب ومعارض فكرية ولوحات تعريفية بالالتزام الإسلامي. كما أن مسجد الجامعة في ذلك الوقت المبكر من الوعي الإسلامي والالتزام الحركي لم يهمل البعد العالمي في مناشطه وسجل حضوره منذ 1972 بإظهار الاهتمام بقضايا الأمة الإسلامية. فلقد شهدت تلك السنة النزاع المسلح بين باكستان والهند فقام مسجد الجامعة، وهو الغطاء التنظيمي/الإداري الذي كان ينشط من خلاله هؤلاء الرواد الأوائل بمساندة باكستان وجمع التبرعات وتسليمها للسفير الباكستاني بـالجـزائـر.
كما انطلقت الهيئة المشرفة على مسجد الجامعة في تنظيم الورشات الثقافية والعلمية أثناء العطل الجامعية في الأرياف والمدن المختلفة والتي يقوم بتأطيرها كوادر الجامعة، والشباب الملتفين حول المساجد الجامعية ومساجد المعاهد المتخصصة.. وكان يقوم بمهام محو الأمية وتقديم الخدمات الطبية وغيرها من المناشط العامة التي كان لها تأثير كبير في الأوساط الشعبية في تلك السنوات المتميزة بالبراءة، وسلامة فطرة الناس وإقبالهم الشديد على التدين والالتزام بمجرد فهمهم الفكرة الإسلامية، واستيعابهم لأبجديات التغيير الإسلامي الهادئ.



حرق مسجد الجامعة
وبالرغم من هذا النهج السلمي بدأت المضايقات من بعض فلول اليسار وتعرض مسجد الجامعة المركزية في العاصمة في بداية 1973 إلى الحرق، حيث ألتهبت النيران في القاعة المخصصة للنساء، و بدؤوا بحرق مصاحف وضعت على الطاولة و ذلك قبل السادسة صباحا، و لكن رعاية الله حالت دون مقصدهم، فلم يلتهب كل المسجد..
وكتب الراحل بن نبي على اثر هذا الحدث افتتاحية مؤثرة في مجلة "ماذا أعرف عن الإسلام" الفرنسية رقم 9 (Qsji) تحت عنوان " الكتاب المحفوظ" وبعد أن ذكر تكفل المولى تبارك وتعالى بحفظ لكتابه، أضاف يقول: "إن حرق بعض المصاحف، في مسجد الجامعة، من طرف مجنون أم مجرم مسير، يعتبر أمرا جزئيا و مبتذلا (banal) إذا أرجعناه إلى السلسلة التاريخية لكل المحاولات التي استهدفت القرآن، التي فشلت كلها.. لم تفشل فقط، و لكن من منظور آخر، فهي نافعة بحيث تعتبر تحديا للضمير الإسلامي، و نتيجة ذلك فإن طلبة مسجد الجامعة، بدلا من أن يصيحوا و يتباكوا، فقد نظموا أسبوع القرآن الكريم (بالحي الجامعي بالقبة ENS) ابتدأ بصلاة الجمعة بالجامعة، صلاة جمعت عددا غفيرا لم ير قبل هذا الحدث.
والأستاذ مالك بن نبي نفسه لم يسلم من المضايقات، بل تعرض إلى اعتداء سنة 1973 حيث تعرض له إثنين أو ثلاثة فضربوه قرب منزله حتى أغمي عليه وتركوه مرميا في الطريق دامي الوجه، فاقد الوعي، لولا رحمة الله به أن جاء بعض الناس و ذهبوا به إلى المستشفى. وبعد هذا الإعتداء الغادر نـُظمت مداومة في بيته من أجل حمايته، فكان الطلبة يتناوبون على حراسته في بيته، وفي احدى الليالي بينما كان الطلاب المداومون على حراسته يدرسون الكهرباء و بالأخص المحولات الطاقوية، قال لهم رحمه الله: " إن وظيفة المسلم تجاه مجتمعه هي مثل وظيفة المحول، يمكن تحويل طاقة كامنة في القرآن ويبعثها في النفوس في المجتمع".
وبعد مرض دام بضعة أشهر توفاه الأجل عليه رحمة الله، وصليت عليه صلاة الجنازة في المسجد الذي أسسه، مسجد الجامعة يوم 31 أكتوبر 1973، و تبعه عدد غفير من المسلمين إلى مقبرة سيدي امحمد..
كتب عنه الأستاذ رشيد بن عيسى كلمات تأبينية نشرت في العدد العاشر من المجلة يقول فيها: "كان لمالك بن نبي إيمان الغزالي، و الإتساع الثقافي لابن خلدون و التوتر البروميتي لجمال الدين الأفغاني، و عزم حسن البنا. ينتمي مالك إلى سلسلة المفكرين و المجددين مثل رشيد رضا، و محمد إقبال و ابن باديس، حيث كان تلميذهم و موصلا لجهدهم.
وفي فراش مرضه في المستشفى، حينما استفاق قليلا، أخبرته بأن العرب قد انتصروا على أنفسهم وعلى عدوهم في حرب بدر 1393 المسماة بحرب رمضان 1973 (أي ضد اليهود)، فأجابني باطمئنانه المعهود و بكل يقين: "سنتغلب عليهم".
وجدت في يوميات مالك بن نبي الشخصية كلمات كتبها قبل وفاته بعنوان "إني أحيي نهايتي...". جاء فيها: "إني أشعر أكثر فأكثر، في هذه السنة التاسعة و الستين من حياتي بشعور ارتياح- و إني كرجل على ظهره حمل ثقيل، يشكر المولى تعالى أن وفقه على نقل الحمل أبعد و أطول ما يمكن، و لكنه يتنتظر وقت وضعه. إن حياتي كانت ثقيلة الحمل، وقرب السبعين من عمري فإني أستشف نهايتي بارتياح...." رحمه الله برحمته الواسعة.
توفي مالك بن نبي بعد أن وضع أسس البناء وقد نمت الدعوة وأصبحت واعية بنفسها أكثر وتدرك مهامها بأوضح سبيل وطريق.


تم إدراج هذا المقال بمناسبة الذكرى الـ 38 لوفاته
المصدر (http://www.chihab.net/modules.php?name=News&file=article&sid=255)

باهي جمال
2011-11-07, 20:46
مالك بن نبي له فضل كبير في الصحوة الاسلامية بصفة خاصة وقد الف العديد من الكتب خاصة التي تتناول شروط النهضة والحضارة ومقوماتها وترك لنا مكتبة عامرة من اهم محتوياتها مايلي

كتاب : شروط النهضة..(مالك بن نبي) .........................
تلخيص كتاب شروط النهضة لمالك بن نبي.......................
كتاب : الظاهرة القرآنية..(مالك بن نبي)............................
كتاب : مشكلات الحضارة: المسلم في عالم الاقتصاد..(مالك بن نبي)
كتاب : مشكلات الحضارة في مهب المعركة..(مالك بن نبي).........
كتاب : مشكلات الحضارة: القضايا الكبرى..(مالك بن نبي)...........
كتاب : مشكلات الحضارة: وجهة العالم الاسلامي..(مالك بن نبي)...
كتاب : مشكلات الحضارة: تأملات..(مالك بن نبي) ..................
كتاب : مشكلات الحضارة: مشكلة الثقافة..(مالك بن نبي) ...........
كتاب : مشكلات الحضارة: بين الرشاد والتيه..(مالك بن نبي)..........
كتاب : مشكلات الحضارة: فكرة الإفريقية الآسيوية ..(مالك بن نبي)
كتاب : مشكلة الأفكار في العالم الاسلامي..(مالك بن نبي) ........
كتاب : مشكلات الحضارة: ميلاد مجتمع ..(مالك بن نبي) .........
كتاب : مشكلات الحضارة: ميلاد مجتمع لمالك بن نبي ..(قراءة وتلخيص للكتاب)

رَكان
2011-11-07, 21:18
وإنه لحصاد السنين أيها الفاضل..
لم آت على المقالة كلها ..سأتابع ما تبقى لاحقا...
شدني جزء من مقال مررت به على صفحة بجريدة الفجر على ما أعتقد..وكان مضمونه..

ماليزيا تطبق فكر مالك بن نبي والجزائر لا تزال في تبعية للخارج
من جهته، أشار الدكتور ياسين طيب، إلى غياب الرقابة الاقتصادية وسلطة الدولة، ما خلف أزمة قد تتحول إلى زلزال يهدد الأمن القومي، ودعا إلى ضرورة تبني النظام المصرفي الإسلامي للخروج من دائرة "الربا" الحرام، والتعامل بهذا النمط الذي دعا إليه سابقا
مالك بن نبي
"إلا أن الجهل وراء عدم تطبيقه محليا"، يضيف ذات المتحدث، الذي قال إن الجزائر أدركت مؤخرا أن العولمة لا تفيدها ولابد من تطبيق فكر بن نبي مثلما طبقته ماليزيا ونجحت في ذلك ونادت إليه الدول الصناعية خلال قمة العشرين بسيول. وهو ذات رأي رئيس الحكومة السابق، أحمد بن بيتور، الذي أكد على بُعد السلوك التكنولوجي الذي غيّر باقي القطاعات مثلما غيرت الصناعة سابقا تفكير العالم، لذلك نشبت أزمة تدفع الجزائر ثمنها غاليا، لعدم تحكمها في هذه التكنولوجيات.
ـــــــــــــــ
دمتَ أيها الشهم ودام عطاؤك ولاحرمنا طيّب تواجدك ..

محبة الحبيب
2011-11-07, 21:46
بارك الله في الأمير و قد سبقني الأخ عمر الإشارة إلى فكر مالك بن بني الذي استفادت منه ماليزيا و ليس هذا فقط في الوقت الذي لا يعرف حتى الجامعيين مالك بن نبي رحمة الله عليه تخصص جامعة تل أبيب باسرائيل جناح خاص لكل كتب مالك بن نبي سبحان الله، و سبقني أيضا الأخ جمال التذكير بالكتب القيمة التي تركها و التي أعتز أني املكها كلها في مكتبتي الخاصة
قد يجهل الكثير أن مالك بن نبي رحمه الله كان له الفضل بعد الله في فتح أول مصلى و مسجد في جامعة الجزائر في نهاية الستينات و بداية السبيعات و أول من تحجب على يديه أول طالبات جامعيات

هذا بالضبط ما كتبته منذ عام في هذا المنتدى عن مالك بن نبي رحمه الله

مع مالك بن نبي

يجهل الكثير قيمة مالك بن نبي-رحمه الله- العلمية و الفكرية و كيف سطع و مازال يسطع نجمه في الحراك الحضاري بإعتباره أسس المنهج الرشيد للتغيير الإجتماعي و البعث الحضاري من وحي الشريعة الإسلامية ،و لعل كتابه شروط النهضة دليل على ذلك و الظاهرة القرآنية حجة أخرى فلا نستغرب إذن تخصيص جناح خاص لكتبه اللامعة في جامعات تل أبيب بإسرائيل ..
لكن الذي أستوقفني حقا و أنا أقرأ لهذا المفكر هو تعرفي عن قرب عن مالك بن نبي الإنسان و ذلك لما قرأت مذكراته الشخصية التي جاءت في كتابه المعنون "مذكرات شاهد على القرن "،كان إعجابي كبير بل شديد بشخصية هذا المفكر الذي كانت له مميزات أخلاقيه و سلوكية منذ الصغر فكان يتميز بالعاطفة و شدة الحساسية لدرجة أنه كان لا يتمالك نفسه عن البكاء عندما يستمع لذكريات جدته عن الحج .إضافة إلى تقديسه لقيمة والديه ..
و كان رحمه الله ذا همة عالية و طموح جدا فقد فكر في الهجرة إلى السعودية و إقامة مشروع للاستفادة من الطاقة الشمسية على قلة إمكاناته و فقره .إضافة لحبه لطلب العلم حتى أنه كان يسهر في حل تمارين الرياضيات للثالثة صباحا..
و لعل هذا الأمر أثر في خصائصه الذهنية و العقلية فكان يحب الدقة و الاستدلال و يدعوا إلى ضبط المصطلحات و المفاهيم.
و لعل ما أعجبني في سيرته الذاتية أنه كان كثير المطالعة شديد الشغف بها يحب القراءة في كل شيء فكان يقرأ بالفرنسية و العربية إضافته إلى حفظه القرآن الكريم ...
و الحقيقة كم أتالم عندما أتذكر هذا الرجل و كم قصرنا في حقه لأن حقه علينا أن نهتم بفكره من خلال دراسات يمكن تحويلها لمشاريع علمية و عملية و لعل ما قصرنا فيه نجح فيه من عرفوا قدر هذا الرجل في أندونيسيا و ماليزيا عندما ركزوا على الإهتمام بالفرد كما دعى إلى ذلك دائما مالك بن نبي و لننظر الفرق بيننا و بينهم ...

الأمير
2011-11-07, 22:01
مالك بن نبي له فضل كبير في الصحوة الاسلامية بصفة خاصة وقد الف العديد من الكتب خاصة التي تتناول شروط النهضة والحضارة ومقوماتها وترك لنا مكتبة عامرة من اهم محتوياتها مايلي

كتاب : شروط النهضة..(مالك بن نبي) .........................
تلخيص كتاب شروط النهضة لمالك بن نبي.......................
كتاب : الظاهرة القرآنية..(مالك بن نبي)............................
كتاب : مشكلات الحضارة: المسلم في عالم الاقتصاد..(مالك بن نبي)
كتاب : مشكلات الحضارة في مهب المعركة..(مالك بن نبي).........
كتاب : مشكلات الحضارة: القضايا الكبرى..(مالك بن نبي)...........
كتاب : مشكلات الحضارة: وجهة العالم الاسلامي..(مالك بن نبي)...
كتاب : مشكلات الحضارة: تأملات..(مالك بن نبي) ..................
كتاب : مشكلات الحضارة: مشكلة الثقافة..(مالك بن نبي) ...........
كتاب : مشكلات الحضارة: بين الرشاد والتيه..(مالك بن نبي)..........
كتاب : مشكلات الحضارة: فكرة الإفريقية الآسيوية ..(مالك بن نبي)
كتاب : مشكلة الأفكار في العالم الاسلامي..(مالك بن نبي) ........
كتاب : مشكلات الحضارة: ميلاد مجتمع ..(مالك بن نبي) .........
كتاب : مشكلات الحضارة: ميلاد مجتمع لمالك بن نبي ..(قراءة وتلخيص للكتاب)

بارك الله فيك أخي جمال

للمفكر الإسلامي كتاب جديد تم طبعه مؤخراً تحت عنوان: العفن pourriture، أول ما كتبه مالك بن نبي عن سيرته الذاتية من حيث الفترة الزمنية قبل مذكراته "الطالب" و "الكاتب"....





ماليزيا تطبق فكر مالك بن نبي والجزائر لا تزال في تبعية للخارج

جزاك الله خيرا أخي عمر


و لمزيد من الفائدة حول هذه النقطة، و خلال الملتقى الدولي الأول حول فكر مالك بن نبي، الذي عقده المجلس الإسلامي الأعلى أيام 18، 19، 20 من أكتوبر 2003 اعترف المحاضرون القادمون من ماليزيا بدور أفكار مالك بن نبي في تحقيق ازدهار هذا النمر الأسيوي، فقد استوعبتها النخبة هناك وسعت إلى تجسيدها قدر الإمكان.
ويقول محمد نور منوطي مدير معهد إسلامي في ماليزيا :سمع مهاتير بن محمد رئيس الوزراء بمالك بن نبي وبأفكاره عن طريق أنور إبراهيم، فأمر بنشر فكره باللغة الانجليزية


فيما

يقول د.عثمان شهاب (أندونيسي مقيم بماليزيا) : الآن في ماليزيا، في جامعة "مالايا"، يعتبر مالك بن نبي من أهم المراجع الدراسية وخاصة في مادة الفكر الإسلامي المعاصر.



المشكلة أن شبابنا يعرفون خصوصيات اللاعبين و الفنانين بالتفاصيل المملّة، و لا يعرفون أسماء علماءهم و مفكريهم




قال فيه الدكتور محمد المبارك العميد السابق لكلية دمشق :


أنا لا أقول إنه "نبي" ، لكني أقول أنه ينهل من نفحات النبوة ويتابع الحقيقة الخالدة

الأمير
2011-11-07, 22:15
بارك الله في الأمير و قد سبقني الأخ عمر الإشارة إلى فكر مالك بن بني الذي استفادت منه ماليزيا و ليس هذا فقط في الوقت الذي لا يعرف حتى الجامعيين مالك بن نبي رحمة الله عليه تخصص جامعة تل أبيب باسرائيل جناح خاص لكل كتب مالك بن نبي سبحان الله، و سبقني أيضا الأخ جمال التذكير بالكتب القيمة التي تركها و التي أعتز أني املكها كلها في مكتبتي الخاصة
قد يجهل الكثير أن مالك بن نبي رحمه الله كان له الفضل بعد الله في فتح أول مصلى و مسجد في جامعة الجزائر في نهاية الستينات و بداية السبيعات و أول من تحجب على يديه أول طالبات جامعيات

هذا بالضبط ما كتبته منذ عام في هذا المنتدى عن مالك بن نبي رحمه الله




بارك الله فيك الأخت محبة الحبيب

هذا ما نسعى له في منتديات الجلفة، بالتعريف بعلماء و مفكري هذا الثغر من الأمة الإسلامية، مثل الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد النهظة، و الأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة ...

و لقد كان لي مقال في السنة الأولى للمنتدى لما تفضلتِ به الآن حول تأسيس أول مسجد ، و ظهور الحجاب في الجامعة الجزائرية بتأثير من الأستاذ مالك بن نبي

مالك بن نبي : في ذكرى تأسيس أوّل مسجد بالجامعة الجزائرية (http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=15430)

بارك الله فيكم على المتابعة

محبة الحبيب
2011-11-07, 22:40
تزخر الجزائر بحمد الله و منته بالكثير من العلماء الأقطاب الذين تركوا أثرا جليلا في مسار الدعوة الإسلامية فإصافة لما ذكرت :
الشيخ أحمد حماني الذي لا يضاهيه أحد في الفقه المالكي ليس فقط في الجزائر بل العالم الإسلامي و هذا بشهادة كبار العلماء
نتمنى ان نرى مثل هذه المواضيع الهادفة و المهمة التي تعرف بمثل هؤلاء

بارك الله فيك و نتمنى تثبيت الموضوع حتى تعم الفائدة أكثر

الأمير
2011-11-07, 23:06
بارك الله فيك أخي عمر على تثبيت الموضوع، و جزاكم الله خيراً على الردود

أبوطه الجزائري
2011-11-07, 23:54
جزاك الله خيرا ...

رحم الله علماء المسلمين و رواد نهضتنا الأكارم

==============

 إن أمام كل مجتمع غاية, فهو يندفع في تقدمه إما إلى الحضارة وإما إلى الانهيار

 كل تفكير في مشكلة الإنسان هو في النهاية تفكير في مشكلة الحضارة

 ليست المشكلة أن نعلِّم المسلم عقيدة هو يملكها،

وإنما المهم أن نرد إلى هذه العقيدة

فاعليتها، وقوتها الإيجابية، وتأثيرها الاجتماعي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مالك بن نبي رحمه الله

مشكاة الهدى
2011-11-08, 06:29
بسم الله الرحمن الرحيم

عيدكم مبارك وشكرا على الموضوع المفكر مالك ابن نبي لا يختلف اثنان انه كبير في في عالم الفكر لكنه ضغير في وطنه
يكرم مطربون هواة ولا يسمع به احد اليس هذا انحطاطا نحو الدرك الاسفل
انه مدرسة فكرية وفيلسوف ومشروع حضاري

اريد ان اساهم باضافة للموضوع بعد اذن صاحب النص من اجل الاثراء
كتاب الظاهرة القرانية الذي يعتبر من اهم كتب الفكر الاسلامي لست مختصة او مؤهلة للنقد لكن اعجبني ما قرات منه



يقع الكتاب الَّذي ألَّفه مالكٌ بن نبي في فرنسا - وباللغة الفرنسية http://www.alsakher.com/vb2/images/smilies/smile.gif - في 328 ورقة ، وهو إحدى منشورات " دار فكر " الَّتي قامت بنشر أغلب مؤلَّفاتِ المفكِّر رحمه الله .

قام بتقديم الطبعة الفرنسية للكتاب الدكتور الشيخ محمَّد عبد الله دراز - رحمه الله - أستاذ في الأزهر الشريف ، وقام اللواء الغنِّي عن التعريف الأستاذ / محمود محمَّد شاكر إلى تقديم فصلٍ في إعجاز القرآن في 33 صفحة مشوقة تناول فيها - رحمه الله - الإعجاز في القرآن الكريم وفصَّل فيه كثيرًا ، لكنَّه خالف مالك بن نبيّ حين ارتكز الأخير على نظرية المستشرق " مرجليوث " الَّتي أصبحت فيما بعد قضية طه حسين في كتابه " في الشعر الجاهلي " وارتكز على أثرها في العقل الحديث ، وخرج منها إلى نتيجة وجوب التعديل بروية وحكمة في المنهج القديم للتفسير الَّذي يقوم - حسب رأي مالك - على الموازنة بين أسلوب القرآن الكريم وأسلوب الشعر الجاهلي .

مع العلم أنَّ مالكًا كان من أشدِّ معارضي فكرة " مرجليوث " ، لكنَّه كان يرغب باستحداث نهجٍ جديدٍ يوافق العقل الحديث في تفسير القرآن .
فنحن - كما يقول مالك : " منذ وقتٍ طويل لم نعد نملك في أذواقنا عبقرية اللغة العربية ، ليمكننا أن نستنبط من موازنةٍ أدبية نتيجةً عادلة حكيمة ، ومنذ وقتٍ طويل تكتفي عقائدنا في هذا الباب بالتقليد الَّذي لا يتفق وعقول المتعلقين بالموضوعية " .

وعلى الرغم من هذه المخالفة إلاَّ أنَّ الأستاذ محمود قد أبلغ الثناء على الكتاب في مقدمته حيث قال :

" هذا كتاب ( الظاهرة القرآنية )
وكفى ، فليس عدلاً أن أقدِّم كتابًا هو يُقدِّم نفسه إلى قارئه . وبحسب أخي الأستاذ مالك بن نبيّ وبحسب كتابه أن يُشار إليه ، وإنَّه لعسيرٌ أن أقدِّم كتابًا هو نهجٌ مستقل ، أحسبه لم يسبقه كتابٌ مثله من قبل . وهو منهجٌ متكامل يفسره تطبيق أصوله ، كما يفسِّره حرص قارئه على تأمُّل مناحيه . "

.
.

يقول مالكٌ :
" لم يُتح لهذا الكتاب أن يرى النور في صورته الكاملة ، فالواقع أنَّنا قد أعدنا تأليف أصوله الَّتي أُحرقت في ظروفٍ خاصَّة . وهو كما هو الآن ، لا يكفي في علاج فكرتنا الأولى عن المشكلة القرآنية ، فإنَّ الموضوع يتطلَّب عملاً شاقًا طويل الأنفاس ، ومراجع ذات أهميَّة قصوى "

يبدأ كتاب " الظاهرة القرآنية " بالحديث عن الظاهرة الدينية والمذهب الغيبي والمذهب المادي كمقدمةٍ عقلانية لما سيتمُّ عرضه بعد ذلك .

ثمَّ يبدأ بالحديث عن الحركة النبويَّة ومبدأ النبوَّة وادِّعاء النبوَّة والأنبياء ويتناول النبي " أرمياء " الَّذي ذُكر في كتب بني إسرائيل وقدَّم مالكٌ في فلسفةٍ عميقةٍ ومدهشة الظاهرة النفسية عند أرمياء .

ثمَّ يحدُّثنا بن نبي عن أصول الإسلام في دراسة نقدية لا تغفل - كما يقول - أهمية فحص الوثائق المدونة أو التاريخيَّة الَّتي يمكن أن تلقي ضوءًا على الظاهرة القرآنية .

ويقوده الحديث عن أصول إلى الإسلام إلى إفراد مساحةٍ كبيرة من كتابه للحديث عن نبي الإسلام محمَّدٍ صلى الله عليه وسلَّم فيتناول حياته ثمَّ يعرج إلى الحديث عن الوحي واقتناع النبي صلى الله عليه وسلَّم بنبوته .

وفي بقية صفحات الكتاب ، نجد عناوين لافتة ومهمَّة وجديرة بالتمحيص والقراءة بتعمَّق ، مثل الصورة الأدبية في القرآن والعلاقة بينه وبين الكتاب المقدَّس والقمية الإجتماعية لأفكار القرآن ، والعديد من القضايا المهمَّة الَّتي لا يسعنا في حديثٍ ضيِّقٍ أن نتحدَّث عنها كلها .


وكتاب " الظاهرة القرآنية " متميُّزٌ في طرحه الَّذي يخاطب العقل والقلب معًا في مزجٍ فريدٍ لا يقدره إلاَّ متمكِّنٌ فلسفي من الروح الإنسانية .

فأنا كـ " مسلمة " حين قرأتُ هذا الكتاب ، اكتشفتُ جهلاً عميقًا في ما أؤمن به في قراري وأعترف به كليًا في ذاتي ، نحن نؤمن لأنَّنا " تعوَّدنا " ذلك ! ، تعوَّدنا أن نصلِّي ونقرأ القرآن ونحفظ سيرة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلَّم ، مالكٌ يخاطب عقولنا بلغة قلوبنا ، يحدثنا كيف اقتنع صلى الله عليه وسلَّم بنبوته ، يشرح لنا المنهج الغيبي والمنهج المادِّي وظاهرة النبوة وأصول الإسلام بعقلٍ فريدٍ جمع بين دراسة الماديات والتعمُّق في دراسة الروح .

وأجزم بأنَّ الكتاب يخاطب في ثناياه أشدَّ الملحدين حُمقًا ، فهو لا يقدِّم العقيدة الإسلامية كمسلَّماتٍ يؤمن بها القلب تحت عمىً عقلي ، بل كـ حقائق يتشربها القلب تحت إشرافٍ عقلي ! .

قرأتُ " الظاهرة القرآنية " أكثر من مرَّة ، وفي كلِّ مرَّةٍ أعيد قراءته فيها أشعر بأنَّني أقرأ كتابًا مختلفًا ، في كلِّ سطرٍ وفي كلِّ كلمة يقدِّم لنا مالكٌ " حياةً " بمجملها وليس مجرَّد كلمات ! .

.
.

ربَّما يكون أكثر ما شدَّني في كتاب مالكٍ وأوَّل ما قرأته فيه هو مقارنة فريدة وذكية بين آيات سورة يوسف في القرآن الكريم ، وبين ذات القصَّة في التوراة ، محاولاً تبيين أوجه الشبه والإختلاف بين الكتاب السماوي الَّذي تعهد الله بحفظه ، وبين الكتاب السماوي الَّذي تنقلته أيدِ اليهود المحرِّفة .
لكنَّه لم يغفل أبدًا الجانب السماوي الباقي في هذه الكتب والخالد بين ثناياها .

وعلى الرغم من أنَّ مالكًا كان فيلسوفًا مؤمنًا بأنَّ العقول الراكدة مثل الماء الآسن ، إلاَّ أنَّه أفرد صفحاتٍ في كتابه تحت عنوان :" ما لا مجال للعقل فيه " وضع تحتها كمثال فواتح السور وقال :
" ... ولكنَّ أكثر المفسرين تعقلاً واعتدالاً هم أولئك الَّذين يقولون في حالٍ كهذه بكلِّ تواضع : (( الله أعلم )) . "
معترفًا - وهذا الإعتراف يندر أن يصدر عن فيلسوف - بمحدودية العقل البشري وضيق إدراكه .

.
.

أجزم بأنَّ كلَّ الَّذين تحدَّثوا عن هذا الكتاب لم يوفوه حقه ، ولم يرفعوه منزلته ، فالبحار مهما بلغت به الخبرة لن يستطيع أن يصف لك البحر الَّذي قطعه في سفره ، فكيف إذا كان بحَّارًا جاهلاً مثلي ، وكيف إذا كان البحر كتابًا خالدًا مثل " الظاهرة القرآنية " ؟!.

إنَّما أردتُ أن أعرِّف ولو بشكلٍ بسيطٍ عن أعظم الكتب الَّتي قرأتها ، لأعظم المفكرين الَّذين عرفتهم :
مالك بن نبي


للامانة مازلت لم انهي قراءة الكتاب عندما اكملله ساضع رابط تحميله لمن يريد ذلك
سلامي لجميع الاعضاء وشكر وامتنان لصاحب الموضوع

محبة الحبيب
2011-11-08, 09:12
بين محمد الغزالي ومالك بن نبي:
عبد الباقي صلاي



قبل نصف قرن من الزمان صاغ الشيخ محمد الغزالي رحمه الله معادلة جبرية اعتبرت فيما بعد من أفضل المعادلات الجبرية التي فسّرت الواقع الحياتي للعرب المسلمين، وتتمثل هذه المعادلة الجبرية تحديدا في: العرب ناقص الإسلام يساوون صفرا. بعبارة أخرى إن العرب من دون الإسلام هم مجرد قيمة صفرية، إذا جاز لنا أن نقول بأن للصفر قيمة، أي لا يمثلون شيئا من حيث القيمة في ميزان الحضارة، أو الثقل في ميزان العلم في حال ما أبعدوا الإسلام عن حياتهم.

فالشيخ محمد الغزالي رحمه الله - وقد توفي إثر سكتة قلبية في مهرجان جندارية الثقافي الذي ينظم كل سنة في المملكة العربية السعودية، وسبب هذه السكتة القلبية أنه طلب أن يرد على صمويل هنتنغتون صاحب ما يسمى بصدام الحضارات عندما انغمس مع بعض من يسمونهم «المنظرون العالميون» في قلب الحقائق ولما وجد الشيخ أن لا أحد يلتفت نحوه، أخذ الكلمة وبمجرد أن بدأ الحديث خر مغشيا ليفارق الحياة بعد ذلك- من خلال هذه المعادلة الجبرية اعتبر أن الإسلام هو الجامع للعرب، وهو القادر على أن يذيب كل الفوارق ويزيل كل الحواجز.

وكان رحمه الله كلما سئل عن العرب ومستقبلهم إلا وصاح بأن لا مستقبل لهم إلا في كنف الإسلام، لأن الإسلام هو من أعطاهم قيمة حضارية بين الأمم الأخرى، وهو من وحدهم بعد أن كانوا قبائل تتناحر من أجل بعير ومن أجل امرأة ومن أجل غمز وهمز شاعر.

لأن العرب قبل الإسلام كانوا مجرد مجموعات من الأفراد لا يجتمعون إلا ليتفرقوا، ولا يتفقون إلا لينفضوا على وقع المشاحنات والضغائن، ولما جاء الإسلام جمع كلمتهم وأعطاهم طابعا على أنهم بإمكانهم أن يكونوا جنسا مغايرا يعلم الدنيا كيف تبنى الأمة وكيف تكون الحضارة.

وكما حرص الغزالي على رسم المنهاج الذي يتوجب على المسلمين أن يكونوا ضمنه، شدد على أن ما خذل الدين الإسلامي سوى أهله، بحيث قال:" إن هذه الأمة عبء على الدين وعائق أمام انطلاقه".

وقبل الشيخ محمد الغزالي صاغ المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله- الذي تخرج من كلية الهندسة كمهندس كهربائي في فرنسا ورغم ذلك لم يشتغل في تخصصه، وعندما سئل عن ذلك أجاب بأن الهندسة الكهربائية لا تفيد الأمة في الوقت الحالي، بل الذي يفيدها هو فكر نير يضيء لها الطريق في دجى الليل الذي طال- معادلة جبرية هو الآخر، وإن كانت تختلف في الجوهر لكنها تتفق مضمونا مع المعادلة الجبرية للشيخ محمد الغزالي رحمه الله.

وكان مالك بن نبي كما كان الشيخ محمد الغزالي قد أخذها من الواقع الحياتي للأمة العربية الإسلامية، هذه المعادلة تعرف بالمعادلة الحضارية، أو ما يسميها مالك بن نبي أيضا بمكونات الحضارة وهي العناصر الثلاثة، الإنسان، الزمن، والتراب.

فمن خلال هذه العناصر الثلاثة تتكون الحضارة بكل تفرعاتها، وغياب أي عنصر من هذه العناصر هو إخلال بالتوازن المطلوب لبناء الحضارة.
ومالك بن نبي لا يعتبر هذه المعادلة تخص أمة دون أخرى، فهو عندما صاغها أو ربط عناصرها بعضها ببعض، لم يقل إنها تخص أمة العرب والمسلمين، أو تخص أمة دون أخرى، ولكن اعتبرها أي المعادلة الحضارية، كمعادلة تدخل في سياق عام من أجل بناء الحضارة.

لكن أعطى في النهاية إجابة السؤال، ومن أحق بهذه المعادلة وأولى، وكان طبيعيا أن يكون المسلمون الذين يملكون ذخرا عظيما لو استغلوه فيما ينفعهم لكفاهم ذل السؤال، والتسقط على أبواب الحضارات الأخرى.

كما يرى مالك بن نبي أن التآلف لا يكفي إذا لم يأت عامل خارجي آخر يمارس دور المركب لهذه العناصر من أجل بلوغ الغاية المرجو ة، هذا العامل الخارجي هو في حقيقة الأمر لازم، ويعزوه مالك بن نبي إلى عنصر العقيدة الدينية.

والتأكيد على عنصر الدين في تمتين التآلف بين العناصر الثلاثة: الإنسان، الزمن، التراب، من أجل بناء الحضارة - الشق المادي من الثقافة- أو ذلك الهدف المنشود آنف الذكر. وبغير الدين والعقيدة الدينية فإن تلاقي هذه العناصر الثلاثة لا جدوى منه، وستظل على الحالة الذر ذرية التشتتية، أو هو مجرد لا شيء.وفي هذا يقول مالك بن نبي::" إننا لكي نتوصل إلى التركيب الضروري حلا للمشكلة الإسلامية، أعني مزج الإنسان، والتراب، والوقت-الزمن-، يجب أن يتوافر لدينا مؤثر الدين الذي يغير النفس الإسلامية... والدين وحده هو الذي يمنح الإنسان هذه القوة، فقد أمد بها أولئك الحفاة العراة من بدو الصحراء الذين اتبعوا هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وبهذه القوة وحدها يشعر المسلم- على الرغم من فاقته وعريه الآن- بثروته الخالدة التي لا يدري من أمر استخدامها شيئا". ويسمي مالك بن نبي هذا المؤثر الديني بالمركب الحضاري، وهو بمثابة الحرارة اللازمة لكي تتحد ذرتا الأوكسجين والهيدروجين لتكوين جزيء الماء.يقول مالك بن نبي: "ومن المعلوم أن جزيرة العرب مثلا لم يكن بها قبل نزول القرآن إلا شعب بدوي، يعيش في صحراء مجدبة يذهب وقته هباء لا ينتفع به، لذلك فقد كانت العوامل الثلاثة: الإنسان، التراب، والوقت راكدة خامدة، وبعبارة أصح مكدسة لا تؤدي دورا ما في التاريخ، حتى إذا ما تجلت الروح بغار حراء- كما تجلت من قبل بالوادي المقدس، أو بمياه الأردن- نشأت من بين هذه العناصر الثلاثة المكدسة حضارة جديدة، فكأنما ولدتها كلمة "اقرأ" التي أدهشت النبي الأمي وأثارت معه العالم.فمن تلك اللحظة وثبت القبائل العربية على مسرح التاريخ، حيث ظلت قرونا طوالا تحمل للعالم حضارة جديدة، وتقوده إلى التمدن والرقي ومما هو جدير بالاعتبار أن هذه الوثبة لم تكن من صنع السياسيين ولا العلماء الفطاحل، بل كانت بين أناس يتسمون بالبساطة، ورجال لا يزالون في بداوتهم، غير أن أنظارهم توجهت في تلك اللحظات إلى ما وراء أفق الأرض أو إلى ما وراء الأفق القريب، فتجلت لهم آيات في أنفسهم وتراءت لهم أنوارها في الآفاق.

نعم إنه لمن الغريب أن يتحول هؤلاء البسطاء ذوو الحياة الراكدة، عندما مستهم شرارة الروح، إلى دعاة إسلاميين، تتمثل فيهم خلاصة الحضارة الجديدة وأن يدفعوا بروحها وثبة واحدة، إلى تلك القمة الخلقية الرفيعة التي انتشرت منها حياة فكرية واسعة متجددة نقلت من علوم الأولين ما نقلت، وأدخلت علوما جديدة، حتى إذا بلغت درجة معينة، انحدرت القيم الفكرية التي أنتجتها دمشق وبغداد وقرطبة وسمرقند".

إذا ما حاولنا الإحاطة بما قاله الشيخ محمد الغزالي ومالك بن نبي رحمهما الله، نصل إلى مصب حضاري واحد، وهو إلزامية الدين الذي هو الإسلام من دون أي شيء آخر.
ومادفع مالك بن نبي رغم تكوينه الأكاديمي التقني الصرف إلى دخول المعترك الحضاري الخاص بعالم الأفكار، وبعده الشيخ محمد الغزالي هو الجمود الذي اتسمت به الأمة الإسلامية واتجاهها من غير أن تدري نحو مشارب مفاهيمية مسمومة أخرى، تدعي أنها البديل الأوفر للمعتقد الديني.

ومن يحاول أن يجعل مقارنة صريحة بين فكر الشيخ محمد الغزالي وفكر مالك بن نبي يجد أن الرجلين عاشا ينهلان من معين واحد، وعاشا يتأملان سكون وحركة هذه الأمة من عدة زوايا، ورغم أن تكوين كل واحد مخالف للآخر، بيد أن المحصلة كانت تتجه نحو تحريك المادة الرمادية للعرب المسلمين الذين لم يفهموا بعد أنهم من حيث القيمة لا يمثلون شيئا عندما أداروا ظهورهم للإسلام، وتنكروا لمبادئه النيرة.

وإذا كان الشيخ محمد الغزالي اعتمد على ما كان يترجم له للغة العربية بحكم جهله باللغات الأجنبية، فإن مالك بن نبي كان يكتب باللغة الفرنسية ويترجم له إلى اللغة العربية، وهنا يكمن التكامل الحقيقي، أو ما يمكن أن يسمى بالمعادلة المعرفية الفكرية التي يخشاها أذناب الاستعمار في الداخل، ويموت غيظا منها أحفاد غورو واللمبي، وعملاء نظرية سايكس بيكو، وتابعو بوش وبلير.


منقول للأهمية

محبة الحبيب
2011-11-08, 09:19
و هذه بعض كتب مالك بن نبي للفائدة

http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/83/83280.gif



الظاهرة القرآنية
http://www.4shared.com/file/67737931..._____.html?s=1 (http://www.4shared.com/file/67737931/c6bb9f77/_____.html?s=1)


http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/83/83542.gif


القضايا الكبرى
http://www.4shared.com/file/65331559...__-__.html?s=1 (http://www.4shared.com/file/65331559/be454544/___-__.html?s=1)


http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/83/83254.gif


شروط النهضة
http://www.4shared.com/file/65331988...__-__.html?s=1 (http://www.4shared.com/file/65331988/75f6f2fb/___-__.html?s=1)


http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/83/83701.gif


مشكلة الثقافة
http://www.4shared.com/file/65331993...__-__.html?s=1 (http://www.4shared.com/file/65331993/fb3f1a32/___-__.html?s=1)


http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/83/83941.gif


وجهة العالم الإسلامي
http://www.4shared.com/file/35268150..._____.html?s=1 (http://www.4shared.com/file/35268150/f6c44807/______.html?s=1)
http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/83/83700.gif
مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
http://www.4shared.com/file/65331996..._____.html?s=1 (http://www.4shared.com/file/65331996/8b55eebd/___-_____.html?s=1)


http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/83/83014.gif


بين الرشاد والتيه
http://www.4shared.com/file/35263305..._____.html?s=1 (http://www.4shared.com/file/35263305/2f5c1ba2/______.html?s=1)


http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/83/83043.gif


تأملات
http://www.4shared.com/file/65331990...___-_.html?s=1 (http://www.4shared.com/file/65331990/62364b88/___-_.html?s=1)

http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/83/83410.gif
في مهب المعركة
http://www.4shared.com/file/35266132..._____.html?s=1 (http://www.4shared.com/file/35266132/ae4ff99e/_____.html?s=1)


http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/83/83397.gif



الفكرة الأفريقية الآسيوية


http://www.4shared.com/file/35265715..._____.html?s=1 (http://www.4shared.com/file/35265715/1425dde3/______.html?s=1)
http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/83/83696.gif
المسلم في عالم الاقتصاد
http://www.4shared.com/file/35263008..._____.html?s=1 (http://www.4shared.com/file/35263008/53abd946/______.html?s=1)

مشكاة الهدى
2011-11-08, 11:27
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الظاهرة القرانية لمالك بن نبي

كتاب مثير وغير عادي في آن معاً، صح عزم مؤلفه على معاناة دراسته دراسة الحريص المتغلغل، وهَدَف من خلاله إلى بيان انفصال الظاهرة القرآنية عن الظاهرة النبوية. إنه كتاب "الظاهرة القرآنية" للأستاذ مالك بن نبي، فماذا عن مضمون الكتاب؟


لعل أهم ما يبين قيمة هذا الكتاب وأهميته، ما ذكره الأستاذ محمود شاكر في مقدمة تقديمه لهذا الكتاب، حيث قال رحمه الله: "فليس عدلاً أن أقدم كتاباً، هو يقدم نفسه إلى قارئه...وإنه لعسير أن أقدم كتاباً هو نهج مستقل. أحسبه لم يسبقه كتاب مثله من قبل. وهو منهج متكامل يفسره تطبيق أصوله. كما يفسره حرص قارئه على تأمل مناحيه".


تقديم الكتاب


جاء تقديم الشيخ محمود شاكر لهذا الكتاب ليضفي على الكتاب قيمة فوق قيمته الحقيقة، وقد انصب تقديم الشيخ شاكر على قضيتين أساسيتين:


الأولى: قضية الشعر الجاهلي التي أثارها طه حسين ، والتي تركت في العقل الحديث أثراً لا يمحى إلا بعد جهد جهيد. وقد بين الشيخ باختصار القول الفصل في هذه القضية.


والثانية: حقيقة الإعجاز القرآني، حيث قرر الشيخ شاكر أن معرفة (إعجاز القرآن) أمر لا غنى عنه لمسلم ولا لدارس، وأن القرآن المعجز هو البرهان القاطع على صحة النبوة، أما صحة النبوة فليست برهاناً على إعجاز القرآن.


والشيء المهم الذي يقرره الشيخ شاكر بهذا الصدد أن وجه الإعجاز القرآني إنما كان من جهة أن القرآن طلب من العرب - الذين نزل بلغتهم القرآن - أن يستبينوا في نظمه وبيانه انفكاكه من نظم البشر وبيانهم، من وجه يحسم القضاء بأنه كلام رب العالمين.

فكرة الكتاب


يذكر مالك أنه هدفه من هذا الكتاب دراسة الظاهرة القرآنية وفق منهج تحليلي، يبين من خلاله مباينة الظاهرة النبوية للظاهرة القرآنية، ليصل في النهاية إلى أن القرآن من عند الله، وليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم.

وهذا المنهج الذي يسلكه مالك لدراسة الظاهرة القرآنية، يحقق من الناحية العملية - بحسب مالك - هدفاً مزدوجاً: الأول: أنه يتيح للشباب المسلم فرصة التأمل الناضج للدين. الثاني: أنه يقترح إصلاحاً مناسباً للمنهج القديم في تفسير القرآن.


وقد استهل مالك دراسته للظاهرة القرآنية بمدخل فصل فيه محنة العقل الحديث في العالم الإسلامي، بين من خلاله افتتان العقل المسلم بالتقدم العلمي الذي أحرزه الغرب، ودور المستشرقين في التمهيد لهذا الانبهار، ومما قاله بهذا الصدد: إن الأعمال الأدبية لهؤلاء المستشرقين، قد بلغت درجة خطيرة من الإشعاع، لا نكاد نتصورها" .
وهذا الإشعاع - بحسب مالك - كان من أعظم الأسباب وأبعدها خطراً في "العقل" الحديث، الذي يريد أن يدرك الظاهرة القرآنية إدراكاً يرضى عنه، ويطمئن إليه. وفي هذا السياق، ينتقد مالك بشدة ما ذكره المستشرق مرجليوث عن الشعر الجاهلي.


فصول الكتاب


تضمن الكتاب بين دفتيه عشرة فصول، خصص المؤلف الفصل الأول (الظاهرة الدينية) للحديث عن طبيعة الظاهرة الدينية. وكان الهدف من هذا الفصل المقارنة بين المذهب الغيبي، الذي يعتبر الدين للإنسان ظاهرة أصلية في طبيعته، ومكون أساس في بناء الحضارة. والمذهب المادي الذي يعتبر الدين مجرد عارض تاريخي للثقافة الإنسانية.


الفصل الثاني (الحركة النبوية) تحدث فيه المؤلف عن مبدأ النبوة، وخصائص النبوة. وبيَّن من خلال الفصل الطبيعة البشرية والنفسية لظاهرة النبوة عموماً.


الفصل الثالث (أصول الإسلام) تحدث فيه مالك عن مصادر دين الإسلام، وقرر في هذا الفصل نقطتين رئيستين:

الأولى: أن الإسلام هو الدين الوحيد بين جميع الأديان الذي ثبتت مصادره منذ البداية، على الأقل فيما يختص في القرآن.


والثانية: أن القرآن خلال تاريخه لم يتعرض لأدنى تحريف أو تبديل، وليست هذه حال العهدين القديم والجديد .

الفصل الرابع (الرسول)، في هذا الفصل يقرر مالك أنه لا يمكن الاستغناء في دراسة الظاهرة القرآنية عن معرفة الذات المحمدية، ومن هنا عكف على دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بدءاً بطفولته، ومروراً بزواجه بخديجة رضي الله عنها، وصولاً إلى بعثته والوحي إليه.


الفصل الخامس (كيفية الوحي)، سعى مالك في هذا الفصل إلى تميز السمات الخاصة بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لكي يتوصل من خلال ذلك إلى أن ظاهرة الوحي خارجة عن شخصه، وأنها ليست ظاهرة ذاتية، كما ذهب لذلك كثير من المستشرقين. ثم يحدد معنى الوحي بأنه: "المعرفة التلقائية والمطلقة لموضوع لا يشغل التفكير، وغير قابل للتفكير".


الفصل السادس (اقتناعه الشخصي)، يحاول مالك من خلال هذا الفصل أن يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم من ظاهرة الوحي، كان بحاجة إلى التثبت من مقياسين يدعم بهما اقتناعه: مقياس ظاهري للتحقق من وقوع الظاهرة، وهذا مقياس ذاتي محض، يقتصر على ملاحظته وجود الوحي خارج الإطار الشخصي. ومقياس عقلي لمناقشتها، وهذا مقياس موضوعي، يقوم على المقارنة الواقعية بين الوحي المنزل، وما ورد من تفاصيل محددة في كتب اليهود والنصارى.


الفصل السابع (مقام الذات المحمدية في ظاهرة الوحي)، ينطلق المؤلف في معالجته لظاهرة الوحي من منهج تحليلي، فيحلل خطاب جبريل للرسول، بقوله: { اقرأ } (العلق:1)، وجوابه صلى الله عليه وسلم: ( ما أنا بقارئ ). ويخلص المؤلف من معالجته لهذا الفصل أن الظاهرة القرآنية مفاصلة تماماً ومنفصلة عن الظاهرة النبوية؛ وبالتالي فثمة فصل قاطع بين الذات المحمدية، والوحي القرآني.


الفصل الثامن (الرسالة)، في هذا الفصل يدفع المؤلف قول الذين يريدون أن يفسروا الظاهرة القرآنية وفق نظرية (اللاشعور).


الفصل التاسع (الخصائص الظاهرية للوحي)، هذا الفصل من أهم فصول الكتاب وأطولها، وقد عالجه المؤلف وفق العناوين التالية: (التنجيم، الوحدة الكمية، مثال على الوحدة التشريعية، مثال على الوحدة التاريخية، الصورة الأدبية للقرآن، مضمون الرسالة، العلاقة بين القرآن والكتاب المقدس، ما وراء الطبيعة، أخرويات، كونيات، أخلاق، اجتماع، تاريخ الوحدانية).


يؤكد مالك أن الوحي من حيث كونه ظاهرة تمتد في حدود الزمن، يتميز بخاصتين ظاهرتين هامتين: تنجيم الوحي. ووحدته الكمية.


يقصد مالك بـ (تنجيم) الوحي نزوله على دفعات وفترات. وهو يقرر بهذا الصدد أن القرآن لو نزل جملة واحدة، لتحول سريعاً إلى كلمة مقدسة خامدة، وإلى فكرة ميتة، وإلى مجرد وثيقة دينية، لا مصدراً يبعث الحياة في حضارة وليدة. وفوق ذلك فهو يرى أن الحركة التاريخية والاجتماعية والروحية التي نهض بأعبائها الإسلام، لا سر لها إلا في هذا التنجيم.


ويقصد بـ (الوحدة الكمية) أن آياته تنزل لمعالجة موضوع معين ومحدد. يقول في بيان هذا المعنى: "فكل وحي مستقل يضم وحدة جديدة إلى المجموعة القرآنية".


وحول العلاقة بين القرآن والكتاب المقدس، يذكر مالك أن القرآن على الرغم من أنه يعلن بكل وضوح التشابه والقرابة إلى الكتب السابقة، فإنه يحتفظ بصورته الخاصة في كل فصل من فصول الفكرة التوحيدية .

وفي المبحث المتعلق بالحديث عن ما وراء الطبيعة، يؤكد مالك أن الإسلام يعرض عقيدته الغيبية الخاصة بطريقة أكثر مطابقة للعقل، وأكثر تدقيقاً، وفي اتجاه أكثر روحية.


ومن أهم الوقفات التي يقف عندها مالك في هذا الفصل مسألة العلاقة بين القرآن والكتاب المقدس، ولتوضيح هذه العلاقة يقارن المؤلف بين قصة يوسف عليه السلام، كما وردت في القرآن، وكما وردت في العهد القديم. ويخلص من خلال هذه المقارنة إلى أن رواية القرآن تنغمر باستمرار في مناخ روحاني، نشعر به في مواقف وكلام الشخصيات التي تحرك المشهد القرآني. وأيضاً فإن نتيجة هذه المقارنة تدفع فرضين اثنين: الأول: وجود تأثير يهودي مسيحي في الوسط الجاهلي. ثانيهما: كون النبي صلى الله عليه وسلم تلقى تعليماً مباشراً عن الكتب السابقة.


الفصل العاشر (موضوعات ومواقف قرآنية)، هذا الفصل خصصه مالك لبحث ما يميز القرآن عن عبقرية الإنسان، وتضمن العناوين التالية: (إرهاص القرآن، ما لا مجال للعقل فيه، فواتح السور، المناقضات، الموافقات، المجاز القرآني، القيمة الاجتماعية لأفكار القرآن).


ومن أهم الأفكار التي قررها مالك في هذا الفصل، أن الدين في ضوء القرآن يبدو ظاهرة كونية، تحكم فكر الإنسان وحضارته، كما تحكم الجاذبية المادة، وتتحكم في تطورها.


ملاحظات نقدية


على الرغم من أهمية موضوع الكتاب والأفكار التي تضمنها، فإن ذلك لا يمنعنا من أن نسجل بعض الملاحظات حول هذا الكتاب.


أولها: ما ذكره الشيخ شاكر في تقديمه للكتاب، من أن مدخل الدراسة التي صدر به مالك كتابه وبعض فصول الكتاب، يوهم بأن الغرض من الكتاب تثبيت قواعد في (إعجاز القرآن). والحق أن منهج مالك في تأليفه هذا دال على أن هدفه إثبات صحة دليل النبوة، وصدق دليل الوحي، وأنه كلام الله لا كلام البشر. وليس هذا هو (إعجاز القرآن)، بل هو أقرب إلى أن يكون باباً من (علم التوحيد)، استطاع مالك أن يبلغ فيه غايات بعيدة، قصر عنها أكثر من كتب من المحدثين وغير المحدثين.


ثانيها: أن مالكاً اعتبر أن المشكلة في فهم الإعجاز القرآني مرده إلى منهج التفسير القائم على أساس المقارنة مع الشعر الجاهلي، والصواب - كما قال الشيخ شاكر - أن الشعر الجاهلي هو الأساس الذي يبنى عليه الحديث عن مسألة (إعجاز القرآن)، كما ينبغي أن يواجهها العقل الحديث، وليس أساس هذه المشكلة هو تفسير القرآن على المنهج القديم.


وأيَّا ما كان الأمر، فإن هذه الملاحظات لا تقلل من شأن هذا الكتاب، بل على العكس من ذلك، تدفع به إلى دائرة الاهتمام والضوء في ظل ظروف أصبحت فيه الحملة على القرآن وأهله مكشوفة على المستويات كافة .

وعلى الجملة، فإن قيمة الكتاب - من وجهة نظرنا - تبدو من جهتين:


الأولى: التقديم النقدي للكتاب، الذي قام به الشيخ محمود شاكر .


الثانية: تفسير الظاهرة القرآنية على أساس يُقنع العقل الحديث.


أخيراً


فإن الكتاب يحتاج إلى جهد غير عادي من قارئه، وخاصة ممن ليس له سابق عهد في قراءة كتب مالك رحمه الله. ومنشأ هذا أمران:

أحدهما: أن لغة مالك غير مألوفة للقارئ العادي، ولا تخلو من بعض الصعوبة.

ثانيهما: أن مالكاً لا يكتب بالعربية، وإنما يكتب بالفرنسية، ثم يُترجم المترجمون ما يكتب من أفكار. ولا شك أن الترجمة تشوش فكرة الكاتب أحياناً، وربما تفسدها، أو على الأقل لا تعبر تماماً عما يريد كاتب الأصل قوله .

الكتاب صدرت طبعته الأولى بالفرنسية 1946، وصدرت طبعته العربية الأولى 1958، وقام بترجمته عبد الصبور شاهين . وصدرت طبعته العربية الثانية 1961. وصدرت له منذ عهد غير بعيد طبعة جديدة عن دار الفكر بدمشق. وتزيد صفحات الكتاب على الثلاثمائة صفحة

مبْدِعَـﮧْ حَتَّى فِي ـأَخْطَآْئِي
2011-11-08, 12:18
السَّلَـآمُ ع ـلَيْكُم ~

بَـآأاإرَك الرَّحْمن فِيـكُـم وَ زَآاإأد

تَحِ ـيَّآتِي

’،

الأمير
2011-11-09, 21:06
بارك الله فيكم جميعاً على التدخل و إثراء الموضوع....

و بهذا الصدد سيكون لنا وقفات بحول الله تعالى مع أفذاذ هذا الثغر الإسلامي، نعرج على مؤلفاتهم و ننفض الغبار عن الكنوز التي أريد لها أن تظل تحت أديم الأرض ليستفيد بها غيرنا.... و ماتهميشنا لعلماء ومشائخ بلدنا الحبيب بأبعد منا

الكلمة الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها

ام ايمان16
2011-11-10, 22:38
بارك الله فيكم وسدد خطاكم

مشكاة الهدى
2011-11-11, 18:59
بسم الله الرحمن الرحيم


حول المذكرات الجديدة للمفكر الجزائري مالك بن نبي

د.عثمان أبو زيد

نشر في صحيفة الوسط 2008م وفي موقع مالك بن نبي

تلقيت منذ أيام هديتين فاخرتين من الجزائر؛ عبوة من تمر (دقلة نور)، ونسخة من مذكرات لمالك بن نبي نشرت حديثاً بعنوان (العفن)! هذه المذكرات لم نسمع عنها من قبل، مع أن كتابات المفكر الجزائري بن نبي يعرفها جيلنا معرفة جيدة؛ مذكرات شاهد القرن والكتاب الشهير شروط النهضة وغيرهما. ومن المفارقة أن فكر مالك بن نبي كان أشد تأثيراً خارج بلده الجزائر، في الشام وفي شرق آسيا، وقد نسب إلى رئيس ماليزيا السابق مهاتير محمد قوله إن أفكار مالك بن نبي هي أساس النهضة الحديثة لماليزيا.

كانت كتابة هذه المذكرات في أوائل سنة 1951، فيكون هذا العمل أول ما كتب مالك بن نبي عن سيرته من حيث الفترة الزمنية، قبل مذكراته “الطالب” و “الكاتب”، لكنها هي آخر ما نُشر له بالعربية والفرنسية، متأخرة عن الصدور نحو ستة وأربعين عاماً.

يتساءل أحد كتاب جريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء في الجزائر: لماذا لم ينشر الأستاذ مالك بن نبي-رحمه الله- هذه “الشهادة” في حينها أو في حياته، أو لماذا لم يجتهد في ذلك كما اجتهد في نشر كتبه الأخرى مثل “شروط النهضة” و”الظاهرة القرآنية” ولم يهتم لتخرج إلى الوجود، واكتفى بتبرير ضياعها، خاصة وأن هذه المذكرات ليست مجرد سيرة ذاتية فقط للكاتب، بل هي أقرب إلى كتاب في التحليل الفكري للواقع الذي صنعه المستعمِر الغاشم.

ويجيب الكاتب بقوله : “مهما يكن من أمر، فإن هذه المذكرات التي ترجمها الأستاذ نور الدين خندودي بأسلوب عربي جميل قد حوت أفكارًا وأحكامًا في غاية الخطورة تمنيتُ كقارئ لو أن الأستاذ المترجم - الذي اكتفى ببعض التعاليق الصغيرة في الهامش- أو غيره من الباحثين كتبوا لها مقدمة تحليلية لشخصية صاحب الكتاب والواقع الذي عاش فيه، وتصحيح بعض المفاهيم والأخطاء التي تراجع عنها صاحب المذكرات نفسه بعد ذلك من خلال ما كتبه في كتب أخرى أو مقالات أو ما حدّث به أقرب الناس إليه من أصدقائه وتلاميذه في سنواته الأخيرة قبل وفاته”.

أول انطباع عن هذه المذكرات أنها تفصح أكثر مما يجب، ويبدو كاتبها متأثراً بنهج (الاعترافات) لدى المؤلفين الأوروبيين الذين لا يستنكفون عن قول كل شيء. وربما كان هذا سبباً لتأخر النشر إلى هذا الوقت، فقد بقيت المذكرات طي الكتمان طيلة حياة مالك (توفي عام 1973م)، ويقال إنه أوصى أسرته بعدم نشرها. وقد كتب الدكتور عبد العزيز الخالدي في مقدمته لكتاب شروط النهضة أن المؤلف منعه صراحة من التحدث عن هذه المذكرات ولو بالإشارة والتلميح. ثم سمعنا أخيرًا أن أسرة بن نبي تقدمت إلى القضاء شاكية الناشر.

عاش مالك منبوذاً هائماً على وجهه مدة تسع سنوات في فرنسا، ووجد نفسه مثل فراشة أحاط بها بيت العنكبوت بأحابيله من كل ناحية، فتحاول بجناحيها الصغيرين أن تنقذ نفسها فلا تستطيع منه فكاكا، ولا عجب أن حمل قلمه يقاوم به الاستعمار وكل من تعاون مع الاستعمار بأسلوب قاس جدا.

لقد نال المستشرق ماسينيون مستشار الإدارة الفرنسية للشؤون الإسلامية نصيبه من هجوم مالك، فهو الذي سدّ على الطالب بن نبي كل سبيل في أثناء دراسته، وعندما تخرج في مدرسة الكهرباء لم يمنح شهادة مع أنه من الطلاب المتفوقين، ليحوز فقط شهادة (طالب سابق)، وعندما يذهب للتقديم في الوظائف يجد أمامه نفوذ ماسينيون يسد أمامه الطريق. ويحاول أن يسافر إلى بلد عربي مشرقي ليجرب حظه هناك، أو يحاول مجرد المرور بمصر، فيمنعونه من تأشيرة المرور أو الدخول، وكل ذلك بإيعاز من ماسينيون المهتم بأن “يلهمه بغضاً شديداً لإخوانه في الدين”.

كل الذين خرجوا عن طوع ماسينيون وضعوا في قائمة سوداء، ورفض طلبهم فور التقدم إلىالوظائف. أحد هؤلاء من زملاء بن نبي آثر أن يعمل حمالاً في محطة القطار ليضمن لقمة العيش فقط، وقد تعب كثيراً حتى يعثر على هذا العمل الشاق.

إن جوهر الاستعمار كما يقول مالك هو أن يعمل للحط من أي إنسان له قيمة إلى آخر حد حتى يفقد الشعور بقيمته.

لم يكن الاستعمار يطيق أن يكتسب أحد (الأهالي) تأهيلاً تقنياً، وإذا تمكن أحدهم من الظفر به، تكفل النظام بضياعه بجميع الوسائل. في كل مرة يذهب ليطلب عملاً يسمعونه سيئاً من القول : “أنت تدرك أنه منذ أن بدأ سكان شمال إفريقيا يتعلمون، لم يعد بالمقدور قيادتهم وحكمهم”.

لقد عانى مالك من عقدة الاضطهاد، فانعكس ذلك في أسلوبه، وبطبيعة الحال فإن التجربة السياسية التي تأسست على الحقد وعقدة الاضطهاد لا تكاد تلهمنا بشيء ، وإن كان الإلهام الحقيقي في الفكر الذي لم يجد التربة الصالحة في الجزائر أثمر في بلاد أخرى. وكان مالك مثالياً، فلا ننتظر من شخص (مثالي) أن يدرك نجاحاً في عمل سياسي يقوده الهوى ويعتمد على المداراة والتغابي:

ليس الغبي بسيد في قومه // لكن سيد قومه المتغابي.

يفرق مالك بين نوعين من النشاط السياسي، فهناك سياسة وضيعة يمارسها (الأهالي) هي عبارة عن تنافس أعمى للحصول على المناصب والمصالح، يسميها مالك (بوليتيك). البوليتيك هو إذن ما يمارسه الساسة في غياب الرؤية والفكر، إنه أشبه بالسلوك الغريزي الذي يندفع فيه الناس لإدارة مطامعهم وحفظ مصالحهم. والبوليتيك بهذا المفهوم هو مجرد انشغال يغيب عنه أي طابع اجتماعي؛ انتخابات ومنصات. ولا يستحق اسم السياسة إلا نشاط يصنع شروط الحياة لأن السياسة الحقة ليست ما يقال بل ما ينجز، وهي ما تتأسس على الفكر والثقافة. إن رجل السياسة الحصيف هو من يدرك المرامي الخفية لأي موقف في المعترك السياسي.

عندما أراد بن نبي أن يدخل غمار العمل السياسي لم يكن متسلحاً إلا بهذا الوعي، لكنه كان خالياً من النفوذ والقوة المادية، ومن الطبيعي ألا يقدر على شيء، أو يدرك ما يروم من هدف. ولم تكن مشاركته لتغير من الواقع البئيس شيئاً، ولكنها أسهمت في بناء المستقبل. كان الآخرون في المعمعمة السياسية يتكلمون عن الانتخابات وهو يتكلم عن العمل ومقاومة الاستعمار و… مشكلات البيئة، وحتماً لم يسمعه أحد!

هذا درس بليغ في العمل السياسي. فلا ينبغي لصاحب دعوة أن يملأ لبه اليأس لأنه لا يبلغ هدفاً قريباً. موسى عليه السلام كان يعرف أن فرعون لن يسمع قوله ولكن الله أمره أن يمضي في دعوته. إن الهدف الذي لا يتحقق اليوم، يتحقق في الغد وبعد الغد، وإنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب.

لقد اعتنى مالك أيما عناية بالإنجاز والعمل، وأن تقوم السياسة على العمل النافع، ففي الوقت الذي كان يجهز خصومه المنصات ومكبرات الصوت للخطابة، كان ينطلق مع عدد من الشباب إلى مقابر المسلمين في مدينته (تبسة) التي كانت تعاني الإهمال بلا سياج ولا ممرات، وكان يخاطب من معه بقوله: “نصف ساعة من الواجب لتجسيد استعمال الوقت في إنجاز من شأنه أن يكون تدريبا نفسيا وإنجازا ميدانيا”.

هذه الملاحظات الدقيقة وغيرها دعت مالكاً لكي يجعل “العفن” سمة لأوضاع العالم الإسلامي، وقد وضع بين دفتي مذكراته “خلاصة ما يختلج في نفس أريد لها التحطيم عبر الإكراه الحسي والسم المعنوي”. ابن نبي المعروف أنه رائد اللاعنف يمارس في هذه الاعترافات نوعاً من العنف اللغوي، ولعل هذا ما جعل هذا الكتاب مجهولاً طيلة 46 سنة من تأليفه.

سمعت الدكتور عمار الطالبي من الجزائر يقول إن مترجم الكتاب من الفرنسية لم ينقل كل ما احتواه الأصل…

جاءت كلمات مالك شديدة القسوة على عبد الحميد بن باديس رائد الإصلاح الجزائري المعروف، ولن يبقى مالك على رأيه السلبي في بن باديس، لأن رأيه هذا كان وليد ظروف صعبة مرت عليه حينما رجع إلى بلده ووجد (صديق) المسلمين ماسينيون له بالمرصاد. ذلك المستشرق مستشار الإدارة الاستعمارية الذي تسبب في عودته من فرنسا خائباً من غير شهادة، هاهو يحصي عليه الأنفاس، فلا يستطيع أن يلتحق بوظيفة في أي مكان. ولما أراد أن يدخل معترك الحياة العامة بترشيح من بعض الشباب تصدى له شيوخ من حملة الثقافة الإسلامية خريجي الزيتونة والأزهر. يروي مالك في صفحة 156 من المذكرات بعد أن حكى قصة خلافه مع والده، كيف أن أحد الشيوخ استغل هذا الموقف ضده سياسياً: “إن الشيخ الأزهري والزيتوني لم يكن له من النوايا سوى استغلالها ضدي. وكان يقول بصوت خافت لمن حوله وهو يجمع مبرراته من الخزي والعار: إن مالكاً ابن ملعون لوالده! هذا ما وجد الشيخ الموقر في الأخلاق المقدسة للإسلام. ومن يومها أصبحت استفظع ثقافة الأزهر والزيتونة التي تقتل الضمائر والأرواح وأعتبرها أسوأ كارثة يمكن أن تهدد العالم الإسلامي. وحتى يعيش الإسلام أو يبعث من جديد في الضمائر، يجب تخليصه مما يسمى اليوم الثقافة الإسلامية، هذه الثقافة التي تلوث الأرواح وتذل الطبائع وتضعف الضمائر وتخنث الفضائل. وعندي اليوم هذه القناعة أكثر من أي وقت مضى. وليس من قبيل الصدفة أن رجلاً كحسن البنا ليس في تكوينه شيء يدين به للأزهر أو للزيتونة”.

ومثل هذا الرأي يبدو غريباً عندما يؤخذ خارج سياقه، وغير موضوعي عندما يوضع في إطار شخصي، ونعلم أن حبراً كثيراً قد أريق في الحديث عن الثقافة الإسلامية وأي ثقافة إسلامية نريد، ويذكر المرء المناقشات التي دارت في الأقسام العلمية بالجامعة عندما تم إقرار تدريس مادة الثقافة الإسلامية في الجامعات بقرار من اتحاد الجامعات العربية، ولعل قاعة الصداقة بالخرطوم ما تزال تحمل أصداء المناقشات الحامية التي جرت في أول ندوة عن الدراسات الإسلامية بدعوة من جامعة أم درمان الإسلامية في أواخر الثمانينيات الماضية.

عاد مالك إلى فرنسا مملوءًا باليأس والإحباط، ولكنه كان يأمل أن يؤدي عملاً مجيداً نابعاً من رؤيته للإسلام الحضاري الذي يريد لا إسلام (الثقافة الإسلامية)!

ووجد بغيته في شارع شابولييه في مارسيليا حيث كان المسلمون القادمون من الشمال الإفريقي ومن سائر البلاد الإفريقية يعمدون إلى نقل كل أشكال الطباع لـ “لأهالي”. هناك حيث الفوضى ضاربة الأطناب، تأمل مالك أفضل مشاهد الأهالي أصالة؛ مطعم حقير وعنزة مسلوخة مغطاة بالذباب معلقة على بابه، ومقاهٍ لا تغيب عنها لعبة الدومينو، وسوق فوضوية على قارعة الطريق.

فكر مالك أن يقدم محاضرات أسبوعية، وقصد تخفيف تكاليفه الشخصية إلى أقصى حد، فقرر أن يمكث في المحل نفسه الذي يقدم فيه المحاضرات، وهو عبارة عن محل للحدادة، وكان رواد محاضراته يدفعون إيجار المحل ويقدمون له مساهمة ضئيلة تكفي فقط لخبز وقطعة جبن. تلاميذه الذي سيصبحون لاحقاً (كادراً) سياسياً كانوا جميعاً من الأميين، وقد تجاوز بعضهم السن الموقرة للشيخوخة. أثار أحد التلاميذ انتباهه فقد سأله عن اسمه فقال بكل بساطة: اسمي ابن تاشفين! خاطب بن نبي نفسه: ربما يكون… كان من نواحي تلمسان ، حافظاً للقرآن، ولا يعرف مصدر اسمه ، ولما سأله عن ذلك قال : يا سيدي ، أنا لا أعرف من أين جاء اسمي. يقول مالك : لقد رأيت أمامي مأساة العالم الإسلامي بلحمها ودمها في جلد حمال كان جده أحد عظماء الإسلام!

بدأ مالك يرسخ في أذهان تلاميذه الروح النقدية وذوق الإبداع، فلم يكن تعليم الحساب غير مادة يمنح بها معنى الامتداد والفضاءات واتساعها، وكذلك المعلومات المبسطة عن الجغرافيا. شهران كانا كافيين لتغيير ما في نفوس تلاميذه الذين رآهم أول مرة بهيئة وحشية في نظراتهم وقسمات وجوههم. لقد تهذبت تلك النظرات واكتست بطابع إنساني تتجلى الفكرة خلالها.

ومع التقدم الذي بدأ يحرزه مالك ، كان أصحاب المقاهي القذرة والمطاعم الحقيرة يدفعونه لمغادرة المكان، وتمكنوا من ذلك أخيراً عندما أقنعوا البلدية بأنه يزاول عملاً تعليمياً من غير سند قانوني.

وعودة أخرى إلى مسقط رأسه تبسة، ليحاول هذه المرة أن يتقدم إلى مدرستها لوجود نقص في المعلمين، فيتم إلحاقه بالمدرسة نظير فرنكات يدفعها إليه الآباء في انتظار “نهايتي أو اندلاع الحرب التي قد تغير شيئاً في مصيري ومصير زوجتي ومصير عائلتي”.

ولكن روح (الثقافة الإسلامية) كما يسميها تظل متربصة به، فيرفض الشيخ الذي اضطلع بتسيير المدرسة أن يستفيد من مالك كبار التلاميذ سناً فيكلفه بقسم الحضانة لأن أحد المعلمين رفض التعليم في الحضانة لأنها لا تناسب ثقافته الواسعة! فتكفل بالقسم، وكان التلاميذ الكبار يلجأون إليه في دروس خصوصية يلقيها عليهم دون مقابل في المساء.

وتنتهي مذكرات مالك بن نبي بالعودة مرة أخرى إلى فرنسا ليعيش هنالك مع زوجته الفرنسية ظروف الحرب العالمية الثانية.

ظل ماسينيون يتربص به أينما حل، وكلما أزمع عملاً أو مشروعاً وجد العراقيل تنتظره، فيردد قائلاً : ماسينيون مرّ من هنا!


للامانة الموضوع منقول اعجبني المقال فاردت اضافته اتمنى ان يعجبكم فما احوجنا لامثاله في وقتنا هذا انه نسق فريد من بين كل المفكرين تحول من هندسة الفضاء الى هندسة الفكر لو تمعنا قليلا في كتاباته لوجدنا انه يميل في ارجاع سبب ضعف الانسان العربي المسلم الى انتقال شعلة الحضارة والبحث والتطور للانسان الغربي

الشريف محمد قاسي
2011-11-13, 16:28
اشكرك اخي الكريم على هذا الموضوع الشيق ، كما اشكرك على رد الاعتبار الى هذه الشخصية الكبيرة و التي اثرت في كثيرا ، ان مشكل الاسلاميين اليوم هو الفكر السلفي الوهابي المتطرف ، الذي يكفر كل مخالف له في الراي ، لقد ابتليت الامة اليوم بهذا التيار التطرفي الذي استغل الاسلام و جهل الشباب بالفهم الصحيح للدين و الحياة . فجعل منهم قنبلة موقوتة لتفجير الامة من الداخل ، فها هم يكفرون الشيعة و الصوفية و الاخوان و غيرهم و ينشرون الجهل و يؤيدون الديكتاتوريا ت العربية و خاصة النظام السعودي الاستبدادي الغاشم و المتعاون مع الامبريالية الامريكية و الاسرائيلية و ها هم ضد ايران و الثورات العربية الديموقراطية ، نحن بحاجة ماسة لفكر و فهم مالك ابن نبي عليه رحمة الله و غيره من الاصلاحيين من كل المذاهب الاسلامية

راجي الشهادة
2011-11-13, 20:49
شيء جميل اصبح يسمح الكتابة , بل تثبيت مواضيع كهاته في القسم الاسلامي.

حمزة بوبعة
2011-11-17, 15:51
بارك الله فيكم

zizo2003
2013-04-02, 12:40
شكراً لـ الأمير على مشاركته المفيدة

النايلية
2013-04-09, 20:50
بارك الله فيك

jackin
2013-04-09, 23:06
جزاك الله خيرا ...

رحم الله علماء المسلمين و رواد نهضتنا الكرام