المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حول المسرح الجزائر


abousalem
2008-11-21, 11:26
من إعداد العيد حنكة المسرح واقع وتحديات: المسرح عمل فني إبداعي، رسم معالم خلوده منذ أن طفا على السطح، وأثبت للمتلقي جدارته في ميدان الفن، فاليونان أهل الحضارة، جعلوا للمسرح حظا في حياتهم، وأولوا له أهمية قصوى، إذ يمثل عندهم رسالة دينية مقدسة.وكان هذا الفن - عبر الحضارات المتعاقبة – وسيلة تعبير، وطريقة تطهير، يستأنس بها المشاهد، ويتلذذ بها العابد، ويطرب بها القائد.وهو من الألوان التي تدركها جميع شرائح المجتمع المثقفة منها وغير المثقفة، الصغيرة والكبيرة، على اختلاف ألسنتها، وهذا ما يفسر نجاح فرق أجنبية في مهرجانات عربية، والعكس كذلك, رغم ما يحاصر هذا الفن من وسائل إعلامية كثيرة فكيف سيثبت خلوده أمامها ؟ سنحاول الإجابة على هذا الأشكال فنقول و بالله التوفيق. إن في المسرح تطهيرا وفرجة، وهذا من الحاجات التي يبحث المتلقي عنها، يلبي بها رغبته، فهو ثقافة للآخر يختزل به الزمن, ويتقي به الفتن، ولقد حدّثنا المسرحي: " بوزيد شعيب" عن حادثة شاهدها في أثناء عرضه لمسرحية "الدالية" التي عرضت بورقلة, يوم التقى فرنسيا في الطريق على غير موعد، فسمع الفرنسي صوت مكبر الصوت الذي كاد أن يخرق طبلة أذنه، فسأل بوزيد عن هذا الصوت فقال بعد -الترجمة- إن عرضا مسرحيا في مكان كذا وكذا, وحرص الفرنسي على مشاهدة العرض، وبعد انتهاء العرض وجد بوزيد الرجل الفرنسي في انتظاره فسأله عن انطباعه، فقال لقد تعلمت تاريخ الجزائر من خلال عرضكم. إذا فالمسرح حوار الحضارات، وحديث للذات، فرغم ما يحيط به من عوائق تحيل بينه وبين المشاهد من تلفزيون وسينما، فسيواصل مسيرته، ويغذي العقول مثلما صنع في الأمم السالفة وعلى الرغم من الأجهزة المتطورة التي ظهرت على الساحة الفنية، إلا أن المشاهد ظل يلجأ ويبحث عن الأضواء الكاشفة والأعمال المباشرة التي يقرأ فيها ملحوظاته ويلامس فيها الحدث بحواسه جميعها. وقد نجد أن المشاهد لأي عرض ما يملك أفق توقعات يختلف عن الآخر، وهذا سر يبقي على حظوظ المتلقي في كشف أغوار العمل المسرحي.كما أن بعض المتلقين يرون في العروض المسرحية حياة لهم وترجمة لأفكارهم، وهذا ما جعل الإقبال متزايدا على الركح.وسوف يشق المسرح طريقه للخلود ولو جاءت ألوانا أخرى منافسة له، لا لشيء إلا أنه بدأ مقدسا وواصل رسالته بقداسة, ولا يزال صاحب همّة.فهذا الفن مدرسة بنيت على أسس أثبت التجارب نجاحها، فحري له أن يصمد في جوّ التقلبات الحضارية.فالأمة التي كرست مسرحها لخدمة أجيالها وثقافتها أمة محمودة، والتي ظلمت هذا الفن وطمست به صورتها أمة خرجت عن مجال التغطية. العيد حنكة ماجستير مسرح الوادي في جوان 2006للبرازيل 13 وللجزائر11. لا يتعلق الأمر بنتيجة في مبارة لكرة اليد بين الفريقين، لأن الجزائر نالت من الفضائح الرياضية، ما فقدت به ماضيها وما بددت به أحلام حاضرها، في حين حافظت عروس أمريكا على تاج ماضيها وحاضرها.ولا يتعلق الأمر بترتيب البلدين، فإنّ الجزائر على هامش الترتيب في جميع الميادين الثقافية والعلمية وهي في تعثّر مستديم.إنه يرتبط أساسا بأسطورة قديمة يدركها البرازيليون، ويتوجسون منها خيفة، فإذا دخل الثالث عشر من كل شهر، رهبوا وفزعوا ويزداد فزعهم إذا وافق هذا الرقم يوم الجمعة التي أشهرها المخرج "ألفريد هتش كوك" في أفلام هوليوود، حتى أن صغارهم إذا أرادوا العدّ التصاعدي يمرون بكل الأرقام عدا 13 لا يتلفظون به مخافة أن يصيبهم شرّها، ثمّ إن لعبة كرة القدم الأكثر رواجا في العالم، لا يلبس البرازيلي قميصا عليه 13 دفعا للضرر.أما الجزائر فعلى نهج البرازيل تسير، فهي تفزع، وتتأهب حذرا، كلما مرّ بها الحادي عشا من كل شهر، فلعل انفجارا رهيبا، أو حزاما ناسفا مريبا يصادف المارة في الطريق، حتّى أن بعض الفضلاء غيّروا مواعيدهم الرسمية، إذا وافقت هذا التاريخ تحسبا واحتياطا، بل يسارع الناس إلى تأجيل أفراحهم إذا صادف هذا الرقم 11 فلعلّ الفرح يتحول إلى قرح، وقد يتعدى الأمر إلى الاعتقاد أن مواليد الحادي عشر يصبحون مضرب مثل في الشؤم مثلما حدث لأويس فقالوا أشأم من أويس، بل إن المرأة الحبلى تتوجس من ميلاد وليدها في هذا اليوم، ولو كان بودّها أن تقدم أو تؤخر لفعلت ذلك دفعا للضرر.هذا ما جعل الجزائر تقتفي أثر البرازيل، فلو اتبعناهم في غير هذا لكان أفضل. العيد حنكة الوادي في 11/09/2007رحلة النص المسرحي من التأليف إلى العرض كل النصوص تكتب لتقرأ، عدا النص المسرحي فإنه يكتب للمشاهدة، لذا تتشعب عملية إبداعه فخالفت بقية النصوص، وذلك لتخطيها ثلاث مراحل، فما هي أول محطة ؟1- محطة التأليف: يضع فيها المؤلف المادة الخام، ويختار ما يرضى زبائنه كأنه تاجر يجلب البضاعة التي يهتف بها، وينتظرها رواده، ونجده تارة صائغا ينظر في أحوال مجتمعه فيبين لهم صحيح الذهب من سقيمه ويفرق لهم بين التبر والترابوهو أيضا مهندس يصمم بيتا ويضع له مجسما ونعجب به غير أنه لا يصلح مسكنا، إلا بعد أن تلمسه أيدي المقاول وهو صاحب المحطة الأخيرة، ثمّ تأتي المحطة الثانية2- محطة الكتابة الركحية: وهو ما يعرف بالدراماتورج، يختزل الجمل إلى كلمات فنية، بلغة هادفة دقيقة وتحول ما يضعه المؤلف بين قوسين إلى إشارات وحركات تجسد ماكان ثابتا في النص، بل تحوله إلى لوحة فنية متحركة عن طريق الحوار، فالدراما توروجي (صاحب الكتابة الركحية) الوسيط بين محطة التأليف ومحطة العرض شبيه بكاتب السيناريو للأفلام التلفزيونية وغيرها، ثمّ تأتي محطة العرض.3- مرحلة الإخراج: وهي التي تكمل المحطتين، وتعمل على تصوير خلفية للنص عن طريق الديكور، والسينوغرافيا، وتجسد المشاهد التي كانت على الأوراق غضة طريّة يراها المشاهد وكأنها واقع، ويمثل الإخراج المرحلة الحاسمة للنص لأنه ثلاث أرباع العمل المسرحي، لتوظيفه للشخصيات بلباس خاص، فكل شيء على الخشبة لم يوضع عبثا، وإنّما لهدف مرجو، فالمخرج يعمد لاختيار ممثلين قادرين على حسن الأداء، وقد يرتبط نجاح العرض بقدرة الممثل على صناعة الحدث داخل العرض كما أن الجمهور دوره في مواصلة العرض على أكمل وجه ونجاحه تلكم هي محطات العمل المسرحي انطلاقا من أول لبنة فيه إلى آخر لمسة , العيد حنكة الوادي 14/05/2006 كيف يرى الجامعيون المسرح ؟ إذا كان المسرح من أبلغ أنواع التعبير، ومن ثقافات التغيير في الواقع – في بلادنا – بحسب ما أبرزته دراستان ميدانيتان أولهما للأستاذ " مخلوف بوكروح " ، وثانيهما للطالبة " بوعلاق سامية" لا تترجم ما أسلفناه،لاسيما أن الدراستين شملتا طبقة الشباب المثقف، باعتبارها نخبة متميزة ، وشريحة واعية، فوجدت هذه الطائفة المتميزة على طبقات ثلاث::- طبقة راغبة عنه، ناكرة فضله، استغربت أن للجزائر مسرحا ، واصفة إيّاه بالعبث والتهريج ويدعو إلى التغريب، ولم توضح مقالها بشواهد جلية ، وذكرت عموميات- وأخرى راغبة فيه ، مشجعة له ، معتزة بما تشاهده ، وبما حققه المسرح الجزائري من نتائج إيجابية على الصعيدين الداخلي والخارجي, وخاصة في المحافل الدولية من المهرجانات, حصدت فيها الفرق الجزائرية عظيم الجوائز آخرها" مونولوج (الروطار) لتوفيق مزغاش" غير آبهة بما يشاع حوله من افتراءات، ولمّا يحاك ضده من مؤامرات- وطبقة جريئة, شنت حربا على القائمين على المسرح ووصفتهم بأنهم ليسوا أهلا للتسيير ، ويصلحون لكل شيء إلا للمسرح ، وطالبت بإماطة اللثام عن أبي الفنون ، داعية المسؤولين لفتح المجال لأهل الاختصاص للنهوض بالفن الرابع ، انطلاقا من الاهتمام بمسرح الطفل ، وببعث ثقافة المسرح عبر المراحل التعليمية ، وتثمينا لمقولة " أعطني مسرحا أعطيتك شعبا مثقفا " هذا ما وقفت عليه ، وهي إطلالة سريعة على فكر النخبة النموذجية, فمستقبل الأمة مرهون بمدى وعيها ونضجها.حرره العيد حنكةتكسبت الوادي في 03/05/2006المسرح الجزائري بين الإتباع والابتداعللطالب العيد حنكةالمسرح رسالة حضارية مشفرة يفك رموزها المشاهدون، ولمّا كان كذلك تنافس المبدعون في تحقيق النص يلبي حاجة المتلقين، باعتبارهم غرضا، وباعتبار المسرح أداة للتعبير تمد الكتاب بقدرة كبيرة يعبرون -من خلالها- عن قضاياهم الاجتماعية والوطنية وإذا نظرنا لنصوص المسرح الجزائري – ونحن لا ندعي الإلمام – وجدناها بين الإتباع للآخر، وابتداع تارة أخرى، وإن كنا نجد صعوبة في تجشم هذا الأمر لشحه المصادر أولا، ولأفول المادة ثانيا ، وسنحاول استقراء ما وصلنا من مادة لنصنفها إلى أي الفريقين هي ؟ وقد طفا هذا اللون الأدبي على سطح الإبداع في مطلع العشرينيات ، حسب ما يجمع عليه المؤرخونفمرحلة الإتباع نلمسها في النص المقتبس ، وكأن المؤلف الجزائري لم يشأ الانطلاق من العدم، فاتكأ على موروث غيره مستلهما منه الفكرة ... فمسرحية " عنبسة " لأحمد رضا حوحو المستمدة من "روي بيلاس" للشاعر فيكتور هيجو ، وما قام به ولد عبد الرحمان كاكي في مسرحية " ديوان القراقوز " المستمدة من الأدب الإيطالي من "الطائر الأخضر" لسينيور كارلوجوزي دليل لإتباعهم للأخر .غير أن هذا الإتباع لم يكن ذميما سالبا لهوية الجزائريين، ولقد وقف المؤلف مغيرا لمظاهر لا تتناسب وطبيعة الجمهور، وذلك واضح في القراب والصالحين لولد عبد الرحمان كاكي الذي أبدل مواقف من المسرحية الأصلية -الإنسان الطيب في سيتشوان- لبرتولد بريخت – فقدم برخيت المرأة الطيبة التي تنازلت عن شرفها خدمة للصالح العام – وهذا ما لا يقبله الجمهور الجزائري ، فكان من كتابنا ولد عبد الرحمان كاكي أن استبدلها بالمرأة التي فقدت بصرها واستنجدت بالأولياء الصالحين ، ومثله فعل علال المحب في " سي قدور المشحاح " المقتبسة من مسرحية: البخيل" لموليير، فأضفى عليها بصمات جزائرية .وثم إتباع آخر في توظيف لغة المحتل فكتب مولود معمري الريح، وصنع كاتب ياسين: الجثة المطوقة، ونجمة والأجداد يزدادون ضراوة، ولمّا اتهم في وطنيته عزف عن الكتابة بالفرنسيةوسجل أعماله بالعربية، وقد قال عنه ناقد فرنسي: " إن إنتاج كاتب ياسين يعبر عن مأساة الإنسان المعاصر، المأساة التي يحاول الفن عامه والمسرح خاصة أن يتصل – من خلالها – بالعالم وينسجم معه " وما كتابتهم باللغة الفرنسية إلا نوعا من التحدي والجهاد، ولمّا برزت الشوقيات، وشقت طريقها نحو الخلود، كان الجزائري يحاول محاكاتهافكتب محمد العيد آل خليفة مسرحيه شعريه عنوانها" بلال بن رباح: ليرسم بها ما يجده إزاء المحتل، ويشحذ بها همم الجزائريين من خلال مواقف بلال في محنته ثمّ كان العلامة محمد الشيخ الإبراهيمي قد كتب في منفاه مسرحية شعرية هزلية سماها "رواية الثلاثة" المجسدة لواقع الجزائري اجتماعيا محاولا بها إلقاء نظرة وجيزة لما يعيشه الجزائريون ونمضي إلى الشق الثاني من هذه المقالة ألا وهو مرحلة الابتداع المجسدة لبصمات فحول المسرح والتي ميزته عن نظرته.فأول لبنة فيها هي الظاهرة الارتجال، فلو قمنا بإطلالة سريعة لمورثنا القديم لوجدنا أعمالا تحمل عناوين فقط، أو لا تتعدى صفحة أو صفحتين ، فالمسرحية لا تستقر على شكل معين، بل يضيف إليها الكاتب بين الحين والحين ما يراه مناسبا مما جعل فكرة القداسة النص تتحطم نهائيا فمسرحية "محمد خذ حقيبتك وارحل " للكاتب ياسين دليل لمّا سطرنا فعروضها الكثيرة متباينة، ومما يدل على الارتجال كذلك -أعمال محي الدين بشتارزي غير أن نصوصها أفلت - ربّما لمضايقة الاحتلال لهذا الفن وابتداع آخر تظهر فيه بصمات جزائرية بحتة ، إنّه التأليف الجماعي الذي جسدته فرقة البحر القسنطينية، وهذا أحد فنانيها واسمه قدور النعيمي يقول: "انطلقنا من الكتابة القديمة لننحت منها كتابة جديدة " ، وحتّى لا يكون الممثلون ببغاوات يرددون بضاعة غيرهم، وحري لهذا اللون أن يجد فضاء ودارسين ينظرون له ليفرض ذاته ولون آخر من الابتداع – على طريقة الاقتباس الجديد - نجده في مسرحية " كل واحد وحكمه "فلقد استقاها ولد عبد الرحمان كاكي من نصين مختلفين أولهما ألماني لـ" برتولد برخيت (محاكمه لوكوس) وثانيهما إيطالي لبرناندو، "لكل شيخ طريقته"، فزاوج كاتبنا بينهما وابتدع نصا ثالثا وهي " رمية من غير رام : في النص المسرحيولقد شهد مصطفى كاتب بالتجديد في العمل المسرحي لما صنعه كاتب ياسين في أعماله المسرحية إذ وظف اللقطات المضيئة أو ما يعرف ب ( الفلاش باك ) ، وهي نفحة إبداعية متميزة وهي التي سماها الدكتور علي الراعي التصوير الوثائقي للأحداث .ونأتي لمسك الختام فتقول إن المسرح الجزائري هذا الصرح الفني – وعلى الرغم من حداثة سننا في هذا التخصص – أرض خصب للإبداع ومساحة للتعبير ، واعتمده الأخر مظهرا حضاريا واعتمدنها مكسبا تجاريا، ولنحطم المقولة الخلدونية : " المغلوب مولع بتقليد الغالب"، علينا أن نسير على خطى عمالقة هذا الفن كأمثال بشتارزي ومصطفى كاتب وولد عبد الرحمان كاكي، وعلولة، ومحجوبي ، ورأى الدارسون من أمثال مخلوف بوكروح ومحمد صالح لمبار كية وخفناوي بعلي وغيرهم ، فإن السير على خطاهم يعتبر تكريما لهم وتثمينا لأعمالهم ، ويصنع لمسرحنا ابداعا متميزا ننبذ به التبعية