المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النشيد الوطني... قصيدة الحماسة في مواجهة التحديات


سنيقرة سناقرية
2008-11-20, 14:47
نتذكر جميعاً طفولاتنا المختلفة وهي تقف في طابور المدرسة الصباحي تؤدي التحية إلى العلم الوطني بروح البراءة والانتماء المبكر لحاضنة مكانية أثيرة اسمها: الوطن.




يومها كنا تلاميذ صغاراً نصطف بخشوع بعيون تكاد تدمع أمام مرأى العلم الصاعد إلى السماء القريبة وتلهج حناجرنا بالنشيد الوطني وتثوّر كلماته فينا روح الحماسة الأولى والحب الأول و«الثورة» الأولى لأوطاننا التي ننتمي إليها بذات الطفولة التي رافقتنا إلى يومنا هذا، ومهما كبرنا وباعدتنا السنوات عن طابور المدرسة القديم وعن «رفعة العلم» فلا يزال طعم الحب القديم والنشيد القديم نواتنا الأولى لعشق الوطن الذي لا يزال يرانا أطفالاً نصطف في ساحات مدارسنا وعيوننا دامعة وحناجرنا تنشد نشيد الجمال المثير.النشيد الوطني كالعلم الوطني رمزٌ يعبّر عن هوية دولة مستقلة ذات سيادة كاملة. هذا الرمز له خصوصيته البارزة في نفوس مواطنيه من حيث التقدير والاحترام وربما التقديس لدى الكثير من الشعوب الذي ترى فيه رمزاً كاملاً يلخص تاريخها ويتطلع بها إلى مستقبل أكثر تقدماً وازدهاراً؛




فالنشيد الوطني هو الصوت الجماعي المعبّر عن وحدة المجموع واستقلالهم، إضافة إلى المعاني الكثيرة التي يحملها وهي معانٍ حضارية وتراثية واجتماعية وسياسية ودينية وتاريخية ونضالية تحمل في ثناياها الاعتداد والفخر بتواريخ البلدان والأمم والشعوب وكفاحاتها الطويلة ضد الاستعمار والهيمنة الأجنبية.النشيد الوطني العربي لا يبتعد عن هذه الأفكار، بل هو في صميمها تماماً؛ فالبلاد العربية بعمومها حديثة النشأة والتكوين والاستقلال بقياسات الدول الغربية التي مارست حرياتها لأزمان طويلة وعرفت طرق التحرر والاستقلال؛ لذا فالشعب العربي عبر تاريخه المنصرم عانى من ويلات الاستعمار الأجنبي الطويل بمختلف عناوينه والتدخلات الخارجية في شؤونه اليومية وبشكل ضاغط في الأحيان كلها.


يؤدي النشيد الوطني مهامه التعبوية في مناسبات كثيرة أبرزها في المعارك الوطنية والقومية، إذ يتسامى الشعور بالانتماء الوطني والقومي إلى البلاد ويكون مفتاحاً نفسياً للمجتمع بضرورة الحفاظ على القيم الوطنية والاجتماعية والإسلامية وحماية البلاد من الغزو الخارجي، ولا نزال نرتعش حباً وحماسة عندما نسمع النشيد الخالد «قسمنا بالنزيلات المحيقات » لما فيه من فخامة تعبوية وتثوير للمشاعر الوطنية العظيمة وبلاغة شعرية عاصفة تضرب على أوتارنا الحساسة، ومثله نشيد «جزئيرنا يا بلاد الجدد» المرتبط بالمعارك العربية.

الجزائر. . نشيد من وراء القضبان


ذات مرة أثارت الصحافة الجزائرية مشكلة وطنية تتعلق بالنشيد الوطني الجزائري الذي ألفه شاعر الثورة الجزائرية «مفدي زكريا» الذي نظمه بسجن بربروس الفرنسي في الزنزانة رقم 69 بالجزائر ولحنه الموسيقار المصري محمد فوزي وذلك عندما أثير حذف مقطع من النشيد المذكور.


وقصة هذا النشيد في أساسها نوع من الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، فما بعد 19 يونيو 1965 أوعز لشعراء الجزائر أن يشاركوا في مسابقة لوضع نشيد يكون المتميز فيها هو نشيد الثورة الجزائرية، فلم يرق أي نشيد من الأناشيد المقدمة ليستحق نعت نشيد الثورة الجزائرية، ما عدا نشيد واحد وقّعه اسم غير معروف، تبيّن فيما بعد أن صاحبه هو مفدي زكريا وهكذا ظل النشيد الذي وضعه شاعر الثورة عندما كان في السجن هو النشيد الوطني بدون منازع.









مصر: بلادي بلادي


الكثير من الدول العربية غيّرت نشيدها الوطني تبعاً لظروفها الوطنية والسياسية واختلاف ثوراتها وانقلاباتها وحكوماتها، وربما تكون جمهورية مصر العربية إحدى هذه الدول التي مرّ نشيدها الوطني بعناوين مختلفة طبقاً للمراحل التاريخية والتحولات السياسية التي عصفت بمصر فمن الاستعمار إلى التحرر إلى الملكية ومن ثم إلى الجمهورية؛ فالنشيد الوطني المصري قبل عام 1952 كان يمجد الملك وكان مجرد صدى للأغنية البريطانية God Save the King وبعد قيام الثورة قامت عدة محاولات للوصول إلى نشيد وطني مصري، كان أولها النشيد الذي مطلعه:


«على الإله القوى الاعتماد»


وهذا النشيد يتسم بعموميته بسبب أن الثورة لم تكن قد تحددت رؤيتها الثورية الإصلاحية بعد، كما أن طبيعة المواجهة مع إسرائيل والاستعمار الغربي ومدى حدتها لم تكن قد تحددت بعد. أما في «والله زمان يا سلاحي» الذي أصبح نشيد مصر الوطني بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 فقد ظهرت فيه النزعة التعبوية وكتب هذا النشيد الشاعر الراحل صلاح جاهين ولحنه كمال الطويل، لتغنيه كوكب الشرق أم كلثوم، ثم اتخذ هذا كنشيد وطني لمصر في الفترة ما بين عام 1960 حتى عام 1979، وبقرار من الرئيس المصري الراحل أنور السادات اعتمد «بلادي، بلادي» من تلحين سيد درويش نشيداً وطنياً حتى اليوم.


العراق. . العودة إلى الثلاثينات


وفي العهد الجمهوري (1958) تقرر إلغاء العلَم والسلام الملكيين وكان الموسيقي العراقي الراحل لويس زنبقة يواصل دراساته الموسيقية في العاصمة النمساوية فيينا عند قيام ثورة 14 تموز 1958 فبادر هناك إلى وضع لحن للسلام الجمهوري.


وقدَّمه مرفَقاً برسالة منه إلى الزعيم عبد الكريم قاسم، الذي تقرر اعتماده سلاماً وطنياً للجمهورية العراقية؛ أما في المرحلة اللاحقة فتم اعتماد لحن النشيد المصري «والله زمان يا سلاحي» إبّان قيام ثورة 14 رمضان (8 شباط ـ فبراير عام 1963) واستمر هذا النشيد بعد قيام ثورة 17 تموز عام 1968 لغاية العام 1981 حين تقرر إقامة مسابقة لتلحين النشيد الوطني الجديد للشاعر شفيق الكمالي .


ورجحت النتائج مشاركتَين لضابطَين من الموسيقى العسكرية هما عبد السلام جميل فرنسو وعبد الرزاق العزاوي بحكم اختصاصهما المهني بمثل هذا النوع من الموسيقى. لكن لعبةً جرت في الخفاء؛ كما يقال؛ تمثلت بتكليف الموسيقي اللبناني وليد غلمية، المتعاقد مع حكومة العراق لتأليف أعمال موسيقية وتلحين أناشيد قومية. فقام غلمية بوضع لحن له، تم تسجيله من قبل أوركسترا يونانية ومن ثم اعتماده العام 1981 بمرسوم جمهوري.ويقول مطلع النشيد:


وطنٌ مدَّ على الأفقِ جناحا وارتدى مجد الحضارات وشاحا


بوركَت أرض الفراتين وطن عبقري المجد عزماً وسماحا


وبعد سقوط بغداد في التاسع من نيسان 2003 تم اعتماد النشيد القديم «موطني» الذي كتبه الشاعر إبراهيم طوقان والذي كان يُنشَد في فترة الثلاثينات حتى الخمسينات سلاماً ونشيداً وطنياً.



ليبيا. . النشيد الخالد


«الله أكبر الله أكبر» نشيد ليبيا الذي لا يزال مرتبطاً بالوجدان العربي لما فيه من قوة تأثيرية كاسحة في التعبئة الجماهيرية إبان الحروب العربية، ولعل شيوعه العارم بين المواطنين العرب منذ أكثر من أربعة عقود جعله نشيداً قومياً دون أن ينتبه أحد إلى أن مصدره الجماهيرية الليبية منذ الأول من سبتمبر 1969 وهو من قصائد الشاعر عبدالله شمس الدين وألحان محمود الشريف وأساسه أغنية مصرية اشتهرت في مصر وسوريا أثناء حرب السويس.


أناشيد عربية أخرى


ربما أقدم الأناشيد الوطنية العربية هو النشيد الوطني المغربي الذي لم يتبدل منذ عام 1956 منذ أن استقل المغرب عن فرنسا واسبانيا وقد كتبه علي الصقلّي الحسيني ولحنه ليو مورغان؛ في حين مر النشيد التونسي بتغييرين وذاع صيت نشيد «ألا خلّدي» منذ الإطاحة بالنظام الملكي وظل التونسيون يرددونه من عام 1958 حتى عام 1987.


وهو النشيد الذي انفرز من مسابقة دعت إليها وزارة التربية والتعليم عام 1958 وشارك فيها 53 شاعرا و23 موسيقيا. تم فرز المشاركات من قبل لجنة من الوزارة التي اختارت عمل الشاعر جلال الدين النقاش والملحن صالح المهدي ثم عرضت الأعمال دون الإفصاح عن النشيد المختار على الرئيس الحبيب بورقيبة الذي وافق على الاختيار فأصبح النشيد رسميا في 20 مارس 1958.


و بعد الإطاحة ببورقيبة في 7 نوفمبر 1987 عوض النشيد بنشيد آخر هو «حماة الحمى» الذي كتب أغلب كلماته مصطفى صادق الرافعي وتمّت إضافة بيتين للشاعر أبو القاسم الشابي «إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر. ...» ولحنه أحمد خير الدين وبعد أن اتخذ نشيدا رسميا كلف محمد عبد الوهاب بإعادة توزيعه واعتمد رسميّا كنشيد وطنيّ يوم 12 نوفمبر 1987، أما النشيد الوطني الفلسطيني «فدائي» فقد كتب كلماته سعيد المزين «فتى الثورة» ولحنه الموسيقار المصري علي إسماعيل الذي كان مستخدما منذ عام 1972.


أما النشيد الوطني السوري «حماة الديار» فقد كتب كلماته الشاعر خليل مردم بيك ولحنه الأخوان فليفل اللذان اكتشفا الفنانة فيروز أواخر الأربعينات وقدماها في إذاعة دمشق ولا تزال إذاعة دمشق تحتفظ بتسجيل صوتي للسيدة فيروز تؤدي عبره النشيد الوطني السوري. تبنته الجمهورية العربية السورية في 1936، واستبدل عام 1958، وأعيد عام 1960.


أما النشيد القطري فهو الأحدث بين الأناشيد العربية وعزف لأول مرة يوم السبت الموافق 7 ديسمبر 1996وذلك أثناء استقبال قادة دول مجلس التعاون بمناسبة انعقاد الدورة السابعة عشرة لقمة مجلس التعاون بالدوحة.


و«بحريننا» نشيد البحرين الوطني تم تبنيه في عام 1971م بعد الحصول على الاستقلال.النشيد الأصلي كتبه محمد صديق عياش في عام 2002م بعد تولي الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم ملكا للبحرين، تم تغيير النشيد الوطني إلى «السلام الملكي»مع الاحتفاظ بنفس اللحن؛ والنشيد الوطني الكويتي وضع كلماته الشاعر أحمد مشاري العدواني، ولحنه إبراهيم ناصر الصولة وتم تأليف النشيد في 25 فبراير من عام 1978 وكتب الشاعر علي الحسيني نشيد سلطنة عمان عام 1970 وعُدل عام 1995.


ويبقى النشيد الوطني الإماراتي هو النشيد الخليجي الوحيد الذي يتغنى بالوحدة والإتحاد الوطني دون أن يُكرّس لاسم سوى اسم الوطن وهو من كلمات عارف الشيخ عبد الله الحسن وألحان محمد عبد الوهاب واعتمد منذ عام 1971.


أما النشيد الوطني اليمني فهو من كلمات عبد الله عبد الوهاب نعمان وألحان أيوب طارش عبسي. اعتمد أولاً كنشيد جنوب اليمن عام 1967، وبعد توحيد الجمهورية أصبح النشيد الرسمي لكامل البلاد عام 1990 ونشيد «عاش المليك» الأردني يعد من الأناشيد العربية القديمة. تم تبنيه في العام 1946، كتب كلماته عبد المنعم الرفاعي وألّف موسيقاه عبد القادر التنير.


ثلاث لغات للنشيد البلجيكي


لابرابانسون (La Brabançonne) هو النشيد الوطني البلجيكي ويتلى في بلجيكا باللغات الرسمية الثلاث للبلاد: الفرنسية والهولندية والألمانية. أما النص الأصلي له فقد كتب بالفرنسية. وبحسب القصة الشعبية فان هذا النشيد كتبه ثائر شاب اسمه جينوفال Jenneval وهو فرنسي الأصل، وذلك في سبتمبر عام 1830 أثناء الثورة البلجيكية ضد الاحتلال الهولندي، اما نشيد استراليا الوطني عنوانه «فلتتقدمي يا استراليا الجميلة» .


وكتب هذا النشيد في 25 ابريل 1792 على يد جوزيف روجيه دي ليزل في ستراسبورغ وكتب خصيصاً لمارشال نيكولاس لوكنير (ضابط فرنسي بفاري ولد في الشام) وقد اعتمد هذا النشيد كنشيد وطني في عام 1830 ولكن في أثناء قيام الحرب العالمية الثانية أجريت بعض التعديلات فيه على يد هكتور برليوز واعتمد كنشيد وطني في شكله الحالي في عام 1970.


العلم ذو النجوم المتلألئة


«العلم ذو النجوم المتلألئة» هو النشيد الوطني الأميركي كتبه الوكيل فرانسيس سكوت كي عام 1814 وكان محاصراً على سفينة حرب كانت تهاجم قلعة مَكْهَنْري في مدينة بالتيمور وأصبح النشيد الوطني في 31 مارس عام 1931، ويعد النشيد الأميركي الوحيد بين أناشيد العالم الذي وردت فيه مفردات حربية مثل «القنابل» و«الصواريخ» بما يعني أنه النشيد الوحيد الذي يدعو للحرب ولا يدعو إلى السلام.


وفي ألمانيا تم تأليف كلمات النشيد الوطني على يد أحد القوميين الألمان عام1841 والذين كانوا يهدفون إلى اتحاد الولايات الألمانية، ثم تم تركيب مقطوعة موسيقية تعود للقرن الثامن عشر على تلك الكلمات التي كانت تقسم إلى ثلاثة مقاطع قبل ان يضاف المقطع الرابع في مطلع القرن العشرين...مقدمة هذا النشيد تقول «ألمانيا فوق الجميع».


وقد تم استغلال هذه النقطة من قبل النازيين، فاستخدموا الربع الأول فقط لينسجم مع مناداتهم بالتفوق العرقي للجنس الآري، ولكن الحقيقة ان جملة «فوق الجميع» لم يكن يقصد بها تفوق الألمان على باقي الشعوب بل كان يقصد بها ان القضية الأساسية والتي تدفعنا للتوحد فهي فوق خلافاتنا واهم من أي شيء آخر..إننا جميعا ألمان.


اليابان. . النشيد القصير


يعد النشيد الوطني الياباني هو النشيد الأقصر في العالم ونصه: ندعو لمجدك أن يدوم ألف جيل\ ثمانية آلاف جيل،\حتى الحصى \يصير صخرا \مغطى بالنجيل.