المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اغتيــال بوضياف


الاوزاعي
2011-10-23, 18:21
اغتيال بوضياف __


عاد بوضياف إلى الجزائر في أواسط سنة1992، واعتبرت بعض الأوساط السياسية الجزائرية عودته في ذلك الظرف غير مناسبة، وقال البعض بصددها مقولة تداولها الجميع آنذاك، وهي " الرجل المناسب في المكان غير المناسب".

عاد بوضياف إلى الجزائر في وقت كانت تلتهب فيه وتتهاوى وسط صراع مرير بين مؤسسة الجيش وجبهة الإنقاذ، وأدى ذلك إلى تفجير الأوضاع وانتشرت الإضطرابات في جميع انحاء البلاد.
في 15 يناير 1992 وصل محمد بوضياف إلى مطار هواري بومدين بالجزائر العاصمة بعد غياب دام أكثر من 28 سنة، وبمجرد أن لمست قدماه أرض الجزائر صرح قائلا:" جئتُ لإنقاذ الجزائر".

وفي مساء ذلك اليوم وجه بوضياف خطابا إلى الشعب جاء فيه أنه سيعمل على إلغاء الفساد والرشوة ومحاربة أهل الفساد في النظام وإحقاق الحق والعدالة الاجتماعية، وطلب من الشعب مساندته ودعمه في أداء مهمته.

أبرقت جبهة الإنقاذ إلى بوضياف تحذره من مغبة تلويث سمعته التاريخية، ودعته إلى عدم الوقوع فريسة في أيدي الطبقة الحاكمة الراغبة في توظيف سمعته ومصداقيته ونزاهته ورصيده الثوري والنضالي ونقاء مشواره ومساره.

وعندما بدأ بوضياف يكشف الفساد والمختلسين، عندها علق الشارع الجزائري قائلا إن بوضياف أصبح في خطر محقق، خصوصا حينما صرح الأخير أنه عاد بعد الفراغ الدستوري الذي نجم عن إقالة الشاذلي بن جديد، وصرح لمجلة روز اليوسف أن السلطة العسكرية هي التي أطاحت بالشاذلي، وأن ما وقع انقلاب عسكري. وبعد مدة قصيرة أخبر بوضياف ابنه" ناصر"، بأن الوضع معقد للغاية.

وبعد الهجوم على رؤوس الفساد في خطبه، أمر الرئيس باعتقال مصطفى بلوصيف في قضية اختلاس أموال طائلة من وزارة الدفاع، كما قدم 400 ملف تتعلق بمختلسي أموال الشعب، وظل يتهجم في كل خطبه وتصريحاته على جبهة الإنقاذ، وشن هجومه على حزب جبهة التحرير الوطني وأمينه العام عبد الحميد مهري الذي كان يعترض على إلغاء الإنتخابات التشريعية ويطالب برد الإعتبار إلى الجبهة.

وفي آخر أيامه وصف الرئيس بوضياف النظام بأنه يسكنه الفساد، وبعد مدة قصيرة قابل الملك الحسن الثاني بالرباط في إطار زيارة خاصة، ووعده بحل قضية الصحراء بطريقة ترضي المغرب، وقيل آنذاك إن مؤسسة الجيش لم تغفر له هذا الموقف.

لم يقدر رصيد بوضياف التاريخي أن يطفيء لهيب الفتنة التي أجهزت عليه بطريقة لم يسبق لها مثيل في الجزائر، لقد حاول بوضياف تجنيد الجزائريين حول مشروع وطني موحد، لكن اليأس استشرى في البلاد، وحاول بعث الإقتصاد، لكنه اكتشف أنه بيد جماعة من المافيا، فبعد أن دعا بوضياف لتأسيس التجمع الوطني لم يستجب له إلا بعض المواطنين في عين تموشت وعنابة، لذلك قرر التوجه إلى هناك للمزيد من توضيح أفكاره، ولم يرافقه في هذه الرحلة الداخلية إلا وزير الصناعات الخفيفة وبعض المسئولين.

وفي الساعة الثانية عشرة من 29 يونيو 1992 شرع بوضياف في إلقاء خطابه بالمركز الثقافي بمدينة عنابة، وعندما قال:" إن الإسلام يحث على العلم" انفجرت قنبلة في المنصة الرئاسية فانتصب جندي أمام الرئيس وأفرغ رشاشه في جسده، وفي الساعة الواحدة من نفس اليوم تم الإعلان عن اغتيال الرئيس بوضياف من طرف الملازم مبارك بومعراف أحد عناصر القوات الخاصة.