المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التصوف الصحيح


farida78
2008-11-19, 19:36
تعريف الصوفية و التصوف

الحمد لله العزيز الجبار، خالق الليل والنهار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المختار، صلى الله عليه وعلى ءاله وأصحابه الأخيار، ما غابت شمس وطلع نهار.

فصل في تعريف التصوف وبيان حال الصوفية

ليعلم أن التصوف جليل القدر، عظيم النفع، أنواره لامعة، وثماره يانعة، فهو يزكي النفس من الدنس، ويطهر الأنفاس من الأرجاس، ويوصل الإنسان إلى مرضاة الرحمن، وخلاصته اتباع شرع الله، وتسليم الأمور كلها لله، والالتجاء في كل الشئون إليه مع الرضى بالمقدّر، من غير إهمال في واجب ولا مقاربة لمحظور.

وقد اختلف في تعريفه فقيل: " التصوف الجِدُّ في السلوك إلى ملك الملوك"، وقيل: "التصوف الموافقة للحق"، وقيل:"إنما سميت الصوفية صوفية لصفاء أسرارها ونقاء ءاثارها"، وقال بشر بن الحارث: "الصوفي من صفا قلبه لله ".

وقد سئل الإمام أبو علي الرَوْذباري عن الصوفي فقال: "من لبس الصوف على الصفا، وكانت الدنيا منه على القفا، وسلك منهاج المصطفى (صلّى الله عليه وسلّم)"، وسئل الإمام سهل بن عبد الله التُّستَري عن الصوفي فأجاب: "من صفا عن الكدر، وامتلأ من الفكر، واستوى عنده الذهب والمدر"، وقال الشيغ محمّد ميارة المالكي في شرح المرشد المعين: "في اشتقاق التصوف أقوال إذ حاصله اتصاف بالمحامد، وترك للأوصاف المذمومة، وقيل من الصفاء" اهـ.

وقيل غير ذلك من الأقوال التي هي مسطورة في كتب القوم.

فصل

التصوف مبني على الكتاب والسنة كما قال سيد الطائفة الصوفية الجنيد البغدادي رضي الله عنه: "طريقنا هذا مضبوط بالكتاب والسنة، إذ الطريق إلى الله تعالى مسدود على خلقه إلا على المقتفين ءاثار رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)"اهـ، وقال الشيخ تاج الدين السبكي: "ونرى أن طريق الشيخ الجنيد وصحبه مقوَّم" اهـ، وقال سهل التُّستَري رضي الله عنه: " أصول مذهبنا- يعني الصوفية- ثلاثة: الاقتداء بالنبي (صلّى الله عليه وسلّم) في الأخلاق والأفعال، والاكل من الحلال، وإخلاص النيّة في جميع الأفعال" اهـ، وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: " ليس هذا الطريق بالرهبانية ولا بأكل الشعير والنخَالة"،وانما هو بالصبر على الأوامر واليقين في الهداية قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾

( سـورة السجدة/٢٤) اهـ. وقال سيدنا الامام الكبير أحمد الرفاعي رضي الله عنه للقطب أبي اسحاق ابراهيم الأعزب رضي الله عنه:"ما أخذ جدك طريقًا لله إلا اتباع رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فإن من صحت صحبته مع سرِّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) اتبع ءادابه وأخلاقه وشريعته وسنته، ومن سقط من هذه الوجوه فقد سلك سبيل الهالكين" اهـ، وقال أيضًا: "واعلم أن كل طريقة تخالف الشريعة فهي زندقة" اهـ، وقال رضي الله عنه أيضا: "الصوفي هو الفقيه العامل بعلمه " اهـ.

وقد حكى العارف بالله الشعراني في مقدمة كتابه الطبقات إجماع القوم على أنه لا يصلح للتصدر في طريق الصوفية إلا من تبحر في علم الشريعة وعلم منطوقها ومفهومها وخاصها وعامها وناسخها ومنسوخها، وتبحر في لغة العرب حتى عرف مَجازاتها واستِعاراتِها وغير ذلك.

والحكمة في هذا الإجماع الذي حكاه الشعراني ظاهرةٌ لأن الشخص إذا تصدَّرَ للمشيخة والإرشاد اتخذه المريدون قدوةً لهم ومرجعًا يرجعون إليه في مسائل دينهم، فإذا لم يكن متقنًا لعلم الشرع متبحرًا فيه قد يضل المريدين بفتواه فيحل لهم الحرام ويحرم عليهم الحلال وهو لا يشعر، أيضا فإن أغلب البدع القبيحة والخرافات إنما دخلت في الطريق بسبب كثير من المشايخ الذين تصدروا بغير علم ونصبوا أنفسهم للإرشاد من غير أن يكونوا مستحقين لهذا المنصب الجليل، ولذلك تجد الكثير من المنتسبين إلى التصوف اليوم والى طرق أهله قد أعماهم الجهل فيظنون أنهم بمجرد أخذهم لطريقة صوفية معيّنة يرتقون إلى أعالي الدرجات، وبمجرد قراءتهم للأوراد يصلون إلى مقام الإرشاد، وفي نفس الوقت يهملون تعلم العلوم الشرعية الضرورية وتطبيقها، فيتخبطون في الجهل والفساد وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ويدخلون في طريق القوم البدع الفاسدة والفتاوى الشاذة والأقوال الضالّة التي ما أنزل الله بها من سلطان ويزعمون أن هذا من الأسرار التي لا يطلع عليها إلا أهل الباطن ولا يفهمها أهل الشريعة الذين هم أهل الظاهر، وإذا قدّم لهم شخص نصيحة يقولون: أنتم أهل الظاهر ونحن أهل الباطن لا تفهمون هذا، فلذلك سمّاهم أهل العلم والصوفية الصادقون بالمتصوفة أي أدعياء التصوف، ويكفي في الرد عليهم قول الإمام الرفاعي: "كل طريقة تخالف الشريعة فهي زندقة"، وقال رضي الله عنه: "شيّدوا أركان هذه الطريقة المحمدية بإحياء السنة وإماتة البدعة" ا.هـ.، وقال: "كلّ الآداب منحصرة في متابعة النبي (صلّى الله عليه وسلّم) قولا وفعلا وحالا وخلقًا، فالصوفي ءادابه تدل على مقامه، زِنوا أقواله وأفعاله وأحواله وأخلاقه بميزان الشرع" ا.هـ.، وقال: "أيها الصوفي لم هذه البطالة؟ صِرّ صوفيا حتى نقول لك: أيها الصوفي " ا.هـ. وقال: "لا تقولوا كما يقول بعض المتصوفة: نحن أهل الباطن وهم أهل الظاهر، هذا الدين الجامع باطنه لبّ ظاهره، وظاهره ظرف باطنه لولا الظاهر لما بَطُن، لولا الظاهر لما كان الباطن ولما صح، القلب لا يقوم بلا جسد بل لولا الجسد لفسد، والقلب نور الجسد. هذا العلم الذي سمّاه بعضهم بعلم الباطن هو إصلاح القلب " ثم قال: "فإذا تعين لك أن الباطن لب الظاهر والظاهر ظرف الباطن ولا فرق بينهما ولا غنى لكليهما عن الآخر، فقل: نحن من أهل الظاهر وكأنك قلت ومن أهل الباطن. أيُّ حالة باطنة للقوم لم يأمر ظاهر الشرع بعملها؟ أيُّ حالة ظاهرة لم يأمر ظاهر الشرع بإصلاح الباطن لها" ا.هـ.

فعلى ما ذكر يتبين أن كل بدعة تراها في الطرق السائرة فلك أن تعرض ما تراه وتسمعه فيها من البدع القولية أو الفعلية على قواعد الشرع فإن لم توافقه فانبذها، قال السيد أحمد الرفاعي: "كل حقيقة ردتها الشريعة فهي زندقة، إذا رأيتم شخصًا تربع في الهواء فلا تلتفتوا إليه حتى تنظروا حاله عند الأمر والنهي " ا.هـ. ، أي يوزن أفعاله وأقواله بميزان الشرع فإن لم يوافقها فيترك، وقال رضي الله عنه: "سلّم للقوم أحوالهم ما لم يخالفوا الشرع، فإن خالفوا الشرع فكن مع الشرع " اهـ.

فصل

لكون التصوف مبنيًّا على الكتاب والسنة دخل فيه عظماء العلماء وانضم إلى زمرة أهلهِ فحولٌ من الكبراء كالحافظ أبي نُعَيمٍ، والمحدث المؤرخ أبي القاسم النصرَاباذي، وأبي علي الرَوذباري، وأبي العباسْ الدَينوري، وأبي حامد الغزالي، والقاضي بكارِ بن قتيبةَ، والقاضي رُوَيمْ بن أحمد البغدادي، وأبي القاسمِ عبد الكريم بن هوازن القشيري الجامع بين الشريعة والحقيقة، والشيخ الفقيه محمد بن خَفيفٍ الشيرازي الشافعي، والحافظ ذي المصنفات في الحديث والرجال أبي الفضل محمد المقدسي، والشيخ عز الدين بن عبد السلام المالكي، والحافظ ابن الصلاح، والنووي، وتقي الدين السبكي وابنه تاج الدين السبكي، وأبي الحسن الهِيكاري، والفقيه نجم الدين الخَبوشاني الشافعي، والفقيه المحقق سراج الدين أبي حفص عمر المعروف بابن الملقِّن الشافعي، والحافظ جمال الدين محمد بن علي الصابوني، والحافظ شرف الدين أبي محمد عبد المؤمن الدمياطي، والحافظ أبي طاهر السِّلَفي، والمسند المعمّر جمال الدين أبي المحاسنْ يوسف الحنبلي، وقاضي القضاة شمس الدين أبي عبد الله محمد المقدسي، والمفتي شرف الدين أبي البركات محمد الجُذامي المالكي، والإمام بهاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضائل هبة الله بن سلامة، والحافظ أبي القاسم سليمان الطبراني صاحب المعاجم المعروفة، والمفتي جمال الدين محمد المعروف بابن النقيب، وقاضي القضاة الشيخ عز الدين عبد العزيز، ووالده قاضي القضاة بدر الدين أبي عبد الله محمد، ووالده شيخ الإسلام برهان الدين ابراهيم بن سعد بن جماعة الكِناني الشافعي، والشيخ أبي عبد الله محمد بن الفُرات، وقاضي القضاة تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الحسين بن رُزَيْن الحموي الشافعي، وشيخ الإسلام صدر الدين أبي الحسن محمد، وشيخ شيوخ عصره عماد الدين أبي الفتح عمر، وشيخ الإسلام معين الدين أبي عبد الله محمد، والشيخ المفسّر النحوي أبي حيان الأندلسي، وقطب الدين القَسطلاني المشهور، والمفسر كمال الدين ابن النقيب، والحافظ أبي موسى المَديني، والعلامة نجم الدين أبي النعمان بشير بن أبي بكر حامد الجُبعْبري التبريزي، والحافظ جلال الدين السيوطي، والشيخ عبد الواحد بن عاشرٍ الأنصاري المالكي، والعلامة المحققِ الشيخ أحمد بن المبارك اللّمْطي، وغيرهم خلق كثير مما تضيق عن ذكرهم هذه الأسطر، فلا تجد عالمًا كبيرًا ومحققا شهيرا إلا ودخل في طريق القوم والتمس بركتهم ونال الحظوة بسبب الانتسابِ إليهم، فمن قرأ تراجم العلماء والمحدثين وتتبع سيرتَم واستقصى أخبارهم أدرك ذلك، ومن أنكر ذلك فهو جاهل متعنت لا اعتداد به ولا عبرة بما يقول.

ويكفي في بيان فضل الصوفية ما ذكر عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه كان يقول لأبي حمزة الصوفي: "ماذا تقول يا صوفي " ا.هـ.، فالصوفي عند من يعرفه هو العامل بالكتاب والسنة يؤدي الواجبات ويجتنب المحرمات ويترك التنعم في المأكل والملبس ونحو ذلك، فهذه الصفة في الحقيقة صفة الخلفاء الأربعة، فلذلك صنف الحافظ أبو نُعيم كتابه الضخم المسمى "حلية الأولياء" أراد به أن يميز الصوفية المحققين من غيرهم لمّا كثر في زمانه الطعن من بعض الناس في الصوفية، ودعوى التصوف من طائفة أخرى هم خلاف الصوفية في المعنى، فبدأ بذكر الخلفاء الأربعة، وقد صنف خلق كثير من العلماء كتبًا في هذا الشأن منها طبقات الصوفية للمحدث الحافظ أبي عبد الرحمن محمد السُلَميّ النيسابوري، وطبقات الصوفية للحافظ البارع أبي سعيد النقّاش الحنبلي، وطبقات الصوفية للحكيم الترمذي، وطبقات الصوفية للحافظ ابن الملقّن الشافعي وكل هؤلاء من أهل الحديث.

وقد أكثر الحافظ البيهقي الرواية عن شيخه أبي علي الرَوذْباري أحد مشاهير الصوفية الذي كان تلميذ الجنيد رضي الله عنه. قال الشيخ منصور البُهوتي الحنبلي في كتابه كشاف القناع (۱) ما نصه: "ونقل إبراهيم بن عبد الله القلانسي أن الإمام أحمد قال عن الصوفية- أي الصادقين-: لا أعلم أقوامًا أفضل منهم، قيل: إنهم يستمعون ويتواجدون، قال: دعوهم يفرحون مع الله ساعة، قيل: فمنهم من يموت ومنهم من يُغشى عليه فقال: ﴿وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾(سورة الزمر/٤٧) ولعل مُراده سماع القرآن، وعذرهم لقوة الوارد، قاله في الفروع"، اهـ. وصاحب الفروع هو شمس الدين بن مفلح الحنبلي(٢).

فيتبين من هذا كله أن طرق أهل الله كالرفاعية والقادرية وسائر الطرق المستقيمة أسست على وفق القرءان الكريم والحديث الشريف.


-----------------------------------------

(۱) كشاف القناع عن متن الإقناع (۱٨٤/٥).

(٢) تلميذ ابن تيمية. أ.هـ
===============
__________________
لاتنكروا شغفي بما يرضى وإن
هــو بالوصال علي لـم يتعطف ِ

farida78
2008-11-19, 19:37
في رحاب التصوف الإسلامي"
الحلقة الأولى

مقدمة:

يشعر المرء، وهو يهم بولوج هذا الموضوع الجليل، بهيبة رهيبة، وبإحساس جازم، بأن ادعاء العلم في هذا المجال، نوع من المخاطرة التي لا تؤمن عواقبها، خصوصا إذا لم يكن من أهل هذا الشأن، العارفين بأسراره وخباياه، و إنما أخذ أكثره من مؤلفات أهله، ومن دراسات الباحثين في حقله، والمحققين لتراثه، وما فتح الله به عليه من فهم، يرجو أن يكون موافقا للصواب على أن هذا الحديث إنما هو حديث محبة وشوق، بمعناهما القريب، أكثر مما هو حديث ذوق بمعناه البعيد،والقوم يقولون:"على قدر المحبة يكون الشوق" مع ما في ذلك من جراءة، أتمنى أن يشفعها لي حسن القصد وسلامة الطوية، وإنما الأعمال بالنيات ...
ثم إن هذا البحث لم يضيق المجال، ولم يلزم صاحبه بما لا يلزم، حتى يتسنى له أن يتحدث في رحاب فسيحة، في علم لأصحابه فيه مصطلحات دقيقة، ولغة غريبة لا يفهمها في كثير من الأحيان إلا خاصة الخاصة الكلام "القليل منه أولى من الكثير والإيماء والتلويح، أبلغ في الإفصاح والتصريح "
إن هذا الحديث عام وليس خاصا،و هو في الوقت نفسه، محكوم بما اختارته أمتنا في هذا الجناح الغربي من العالم الإسلامي، من ثوابت دينية راسخة، أوجزها كل الإيجاز الفقيه المالكي الإمام ابن عاشر رحمه الله في قوله :


في عقد الأشعري وفقه مالك * * * وفي طريقة الجنيد السالك


وبعد فلا شك أن التصوف تجربة ذاتية وروحية بالدرجة الأولى، ومن ثم فهي تختلف من جماعة لأخرى، ومن شخص لآخر، الى حد القول بأنه من الصعب وضع تعريف دقيق للتصوف، بل إن معنى التصوف، يلتمس في سلوك الصوفية، لا في منطقهم ...
أما أصل استعمال الكلمة فذهب المستشرق الفرنسي الشهير لويس- ماسينيون الى أن كلمة "صوفي" كانت في أول أمرها مقصورة على الكوفة" و يرجع استخدام مصطلح التصوف لأول مرة في الإسلام،الى النصف الأخير من القرن الثاني للهجرة وقد لقب به كل من:
* جابر بن حيان {ت 197ه}
* وأبي هاشم البغدادي المعروف بأبي هاشم الزاهد{ت105ه} وقد روي عن سفيان الثوري أنه قال : لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقيق الرياء"
- وعبدك الصوفي4) وهو من القائلين بأن الإمامة بالتعيين وكان لا يأكل اللحم وتوفي ببغداد حوالي عام 210ه
والملاحظ أن هؤلاء الثلاثة كلهم محسوبون على الشيعة، فهل يعني هذا أن التصوف خرج من عباءة التشيع؟ أم أن خصوم التصوف من أهل السنة قالوا ذلك حطا منه واستهجانا ؟ كما جعلوا منبته الكوفة التي نشأت منها حسب زعمهم الأهواء والبدع
وفي المقابل يوجد ما يفيد أن اللفظ كان متداولا في البصرة أيضا،كقول الحسن البصري رحمه الله : "رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذه وقال : معي أربعة دوانيق فيكفيني ما معي "
ويقول ابن تيمية :"إن أول ما ظهرت الصوفية من البصرة،وأول من بنى دويرة الصوفية، بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد من أصحاب الحسن، وكان في البصرة، من المبالغة في الزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سائر أهل الأمصار الأخرى، ولهذا كان يقال :"فقه كوفي وعبادة بصرية"
وعبد الواحد هذا،هو أبو عبيدة القاص البصري العابد، ذكره الشوكاني في قطر الولي وقال إنه أصابه الفالج فسأل ربه أن يطلق أعضاءه وقت الوضوء فكان وقت الوضوء تطلق له أعضاؤه ثم تعود بعد- وهذا من الكرامات كما سياتي- وقد فسر معنى الصوفية:بأنهم القائمون بعقولهم على همومهم والعاكفون عليها بقلوبهم "
يقول الشيخ زروق في القاعدة الرابعة من قواعده:"لا تصوف إلا بفقه إذلا تعرف أحكام الله الظاهرة إلا منه ولا فقه إلا بتصوف إذ لا عمل إلا بصدق وتوجه ولا هما إلا بإيمان إذ لا يصح واحد منهما بدونه فلزم الجميع لتلازمها كتلازم الأرواح للأجساد إذ لا وجود لها إلا فيها كما لا كمال له إلا بها فافهم .
ومنه قول مالك رحمه الله وهو بيت القصيد :"من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن جمع بينهما فقد تحقق " وهذا الكلام صحيح في معناه، دقيق في مبناه، لكن الذي يستوقف الباحث هو مدى صحة نسبته إلى الإمام مالك الذي عاش ما بين 93 و 179ه أي في وقت مبكر من تاريخ التصوف ؟ إذ لو ثبت ذلك لاتخذ البحث مسارا آخر لأن هذا الكلام لا ينطبق على الأوليات و البدايات التي عرفها القرن الثاني وإنما على الكمالات والنهايات التي تمت في القرن الخامس وما بعده ...
و مثل ذلك ما ينسب الى الإمام الشافعي :


فقيها وصوفيا فكن ليس واحدا* * * فإني وحق الله إياك أنصح
فذلك قاس،لم يذق قلبه تقى * * *وهذا جهول، كيف ذو الجهل يصلح؟

و في معنى التصوف يقول أبو يعقوب التادلي في التشوف : " وسميت هذا الكتاب بالتشوف الى رجال التصوف وإن كان مشتملا على أضراب من أفاضل العلماء والفقهاء والعباد والزهاد والورعين وغير ذلك من ضروب أهل الفضل فإن اسم الصوفي يصدق على جميعهم بوضع هذا الاسم عند المحققين، فإن كثيرا من الناس لم يحصلوا حقيقة اشتقاقه، والذي يعول عليه أن الصوفي هو المنقطع بهمته الى الله تعالى المتصرف في طاعته ..."
إن المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يتسم أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ لا فضيلة فوقها فقيل لهم الصحابة ولأما أدرك أهل العصر الثاني سمي من صحب الصحابة التابعين ولرأوا ذلك أشرف سمة لهم ثم قيل لمن بعدهم أتباع التابعين ثم اختلفت الناس وتباينت المراتب فقيل لخواص الناس ممن لهم عناية بأمر الدين الزهاد والعباد ثم ظهرت البدع وحصل التداعي بين الفرق فكل فريق ادعوا أن فيهم زهادا وعبادا فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفاسهم مع الله تعالى والحافظون قلبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوف واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة"
يقول ابن خلدون :"هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقة الحق والهداية { ... } فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس الى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة {...} فلهذا اختص هؤلاء بهذا النوع من العلم الذي ليس لواحد غيرهم من أهل الشريعة الكلام فيه وصار علم الشريعة على صنفين...

كثر الكلام في أصل كلمة "تصوف" وتناقضت الاختيارات وتعددت الآراء والتفاسير لمعناها إلى أقوال أذكر منها في هذه العجالة :
1-أنها مأخوذة من "صوفيا " اليونانية وتعني الحكمة
2-أنها نسبة الى قبيلة "صوفة" التي كانت منقطعة لخدمة الكعبة
3-أنها نسبة الى أهل الصفة و"الصفة" مكان بآخر المسجد النبوي بالمدينة المنورة
قال الشيخ زروق :"إنه منقول من الصفة لأن صاحبه تابع لأهلها فيما أثبت الله لهم من الوصف حيث قال تعالى {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي...} وهذا هو الأصل الذي يرجع إليه كل قول فيه والله أعلم
4-أنها منسوبة الى لبس الصوف الخشن الذي تعود الصوفية لبسه منذ القدم
قال الكلاباذي {ت380ه}:"أما من نسبهم الى الصفة والصوف فإنه عبر عن ظاهر أحوالهم، وذلك أنهم قوم قد تركوا الدنيا، فخرجوا عن الأوطان، وهجروا الأخدان،وساحوا في البلاد، وأجاعوا الأكباد، وأعروا الأجساد، لم يأخذوا من الدنيا إلا ما لا يجوز تركه، من ستر عورة وسد جوعة ..."
قال الإمام القشيري:"فأما قول من قال إنه من الصوف وتصوف إذا لبس الصوف كما يقال تقمص إذا لبس القميص فذلك وجه ولكن القوم لم يختصوا بلبس الصوف "
قال ابن خلدون معقبا على ذلك:" قلت : والأظهر إن قيل بالاشتقاق أنه من الصوف، وهم في الغالب مختصين بلبسه لما كانوا عليه من مخالفة الناس في لبس فاخر الثياب الى لبس الصوف"
5-من الصف : قال القشيري :"و قول من قال إن مشتق من الصف، فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم، من حيث المحاضرة من الله تعالى، فالمعنى صحيح ولكن اللغة لا تقتضي هذه النسبة الى الصف، ثم إن هذه الطائفة أشهر من يحتاج في تعيينهم إلى قياس لفظ واستحقاق اشتقاق "
6-أنها نسبة الى الصفاء والمصافاة
قال أبو نعيم في الحلية ,"فأما التصوف فاشتقاقه عند أهل الإشارات والمنبئين عنه بالعبارات من الصفاء والوفاء واشتقاقه من حيث الحقائق التي أوجبت اللغة فإنه تفعل من أحد أربعة أشياء،فذكرها وعللها وهي الصوفانة وهي بقلة وصوفة قبيلة كانت في الدهرالأول تجيزالحاج وتخدم الكعبة وصوفة القفا وهي الشعرات النابتة في متأخره والصوف المعروف في ظهور الضأن


تنازع الناس في الصوفي واختلفوا * * *فيه وظنوه مشتقا من الصوف
ولست أمنح هذا الاسم غير فتى * * * صفا فصوفي حتى لقب الصوفي


قال أبو بكر الكلاباذي{ت380ه} بعد تقديم ما قيل عن التصوف من حيث الاشتقاق :"فقد اجتمعت هذه الأوصاف كلها ومعاني هذه الأسماء كلها في أسامي القوم وألقابهم وصحت هذه العبارات وقربت هذه المآخذ ... وجميع المعاني كلها من التخلي عن الدنيا وعزوف النفس عنها وترك الأوطان ولزوم الأسفار ومنع النفوس حظوظها وصفاء المعاملات وصفوة الأسرار وانشراح الصدور وصفة السباق "
7-"من "الصفة" إذ جملته اتصاف بالمحامد وترك الأوصاف المذمومة "
وهناك من قال إنه لا ينبغي مطالبة الصوفية بمجاراة القياس أو الاشتقاق :


فإنهم أجل من أن تفتقر * * * أقوالهم الى قياس مشتهر
أو اشتقاق إذ لهم قانون * * * ساروا به وسره مكنون
فلفظهم أقفاله لا تفتح * * * إلا بذوق أو بكشف يمنح


"إسناد الشيء لأصله والقيام فيه بدليله الخاص به يدفع قول المنكر بحقيقته لأن ظهور الحق في الحقيقة يمنع من ثبوت معارضتها فأصل التصوف مقام الإحسان الذي فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم " بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" لأن معاني صدق التوجه لهذا الأصل راجعة وعليه دائرة إذ لفظه دال على طلب المراقبة الملزومة به . فكان الحض عليها حضا على عينه كما دار الفقه على مقام الإسلام والأصول على مقام الإيمان.
فالتصوف أحد أجزاء الدين الذي علمه عليه السلام جبريل ليعلمه الصحابة رضي الله عنهم أجمعين فافهم "
قال الإمام النووي معلقا على مرتبة الإحسان :" هذا من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم، لأنا لو قدرنا أن أحدنا قام في عبادة وهو يعاين ربه سبحانه وتعالى لم يترك شيئا يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحسن السمت واجتماعه بظاهره وباطنه على الاعتناء بتتميمها على أحسن وجوهها إلا أتى به فقال صلى الله عليه وسلم اعبد الله في جميع أحوالك كعبادتك في حال العيان"
وهذا المقام هو أحد أركان الدين الثلاثة المبينة في حديث جبريل الطويل ولا شك أن الدين يجب اتباعه بجميع أركانه ....
إن مقام الإحسان كما يقول أبو عبد الله الساحلي المالقي {ت754ه} :"جامع نهايات منازل السالكين ومتضمن حقائق العارفين فأوله يعرب عن القبول وغايته توذن بالوصول يفهم ذلك من حديث جبريل في قول النبي {صلى الله عليه وسلم } مخبرا عن الإحسان :"أن تعبد الله كأنك تراه " ولا غاية فوق رؤية الله تعالى ولا تدرك إلا بالقيام بوظائف الدين على أكمل أحوالها وأجمل أمورها ولأحسن أصولها وفروعها ومن رام ذلك بغير هذا فقد خاب سعيه وضل مرماه وحصل في مهواة المكر والمقت ... فأشار {صلى الله عليه ويلم }في إخباره عن الإحسان أولا الى غايته التي لا نهاية لها ثم عطف بالإشارة الى بدايته بقوله:"فإن لم تكن تراه فإنه يراك يعني المراقبة كأنه يقول عمدة الإحسان المشاهدة وإن لم يقو على ذلك فالمراقبة، فالمقصود من الإحسان ما يرجع الى تصفية الروح من آثار الأوهام ليحصل بذلك على نهاية التوحيد وهذا المقام يعم جميع وظائف سائر المقامات ولا شك أن بداية التوحيد أصل في كمال بداية وظائف الدين ونهايته أصل في كمال نهايتها
فإذا تقرر هذا فاعلم أن الإحسان قائم من ثلاثة منازل: بداية وهي المراقبة وتمكين وهو المشاهدة، ونهاية وهي المعرفة " وكل منزل من هذه المنازل تحته كلام طويل)ويميز الصوفية بين النفس والقلب والروح والعقل تمييزا واضحا " فالنفس عندهم شر محض وهي محل الأخلاق المذمومة وموضع نظر الخلق أما الروح فهي مبدأ الحياة ومحل الأخلاق المحمودة وهي من أمر الله لا يدرك كنهها كما أنها محل المحبة والقلب عندهم هو محل العرفة ومركزها وبمداومة الذكر تشرق فيه العلوم اللدنية أما العقل فيستعمل عندهم للدلالة على العلم الذي ياتي بواسطة الحواس عن طريق الاعتبار وهو أقل مرتبة من القلب
من شعر أبي بكر محمد بن طفيل في الروح والجسد:


يا باكيا فرقة الأحباب عن شحط * * * هلا بكيت فراق الروح للبدن
نور تردد في طين الى أجل * * * فانحاز علوا وخلى الطين للكفن
يا شد ما افترقا من بعد ما اعتلقا *** أظنها هدنة كانت على دخن
إن لم يكن في رضى الله اجتماعهما * * *فيا لها صفقة تمت على غبن


ولا تخفى أهمية التصوف في تزكية النفوس وتطهيرها ورياضتها حتى ترقى الى أعلى مدارج السمو الروحي .
وأول سلم في معراج السالكين الى الله هي التوبة النصوح { يايها الذين آمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا } والإنسان يخطيء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" والتوبة واجبة من كل ذنب فإن كانت المعصية بين العبد وخالقه لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط :
- أحدها أن يقلع عن المعصية
- والثاني أن يندم على فعلها
- والثالث أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا
فإن فقد أحد الثلاثة فلا تصح التوبة
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة هذه الثلاثة وأن يبرأ من حق صاحبها ...
ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل ولينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن وفعله هذا من الحق ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه ...

قال الشعراني في مختصر الفتوحات:"وقد توقفت حال الاختصار في مواضع كثيرة منه لم يظهر لي موافقتها لما عليه أهل السنة والجماعة فحذفتها من هذا المختصر "..." حتى قدم علينا الأخ العالم الشريف شمس الدين محمد بن السيد أبي الطيب المدني المتوفى سنة 955 فذاكرته في ذلك فأخرج الي نسخة من الفتوحات

farida78
2008-11-19, 19:40
في رحاب التصوف الإسلامي - الحلقة الثانية
أبو القاسم الجنيد اوختيار المغاربة لطريقته

يقول أبو إسحاق الشاطبي :" الذي أراه أن الشيخ في سلوك طريق التصوف على الجملة لازم ، لا يسع أحدا إنكاره ، وكان هذا من الأمور الضرورية ، لكن الشيخ شيخان: شيخ تعليم وتربية، وشيخ تعليم بلا تربية ، فشيخ التربية ليس بضروري لكل سالك، وإنما يحتاج إليه من فيه بلادة ذهن واستعصاء نفس، وأما من كان وافر العقل منقاد النفس فليس بلازم في حقه وأما شيخ التعليم فهو لازم لكل سالك " وكل ذلك وفق شروط وضوابط معلومة عند أهل هذا الشأن
من هنا نتحدث عن الإمام الجنيد باعتباره سيد الطائفة ومعلمها وأحد أبرز رجالات التصوف الذين وجهوه ، وهو على جلالة قدره وأثره البعيد في مجال علم التصوف وكثرة أتباعه، لم يحظ بما يستحق من الدراسة ومن ثم كان لابد من تقديم نبذة عنه- هنا - على أمل أن تتاح لنا الفرصة لنخصه - إن شاء الله - ببحث قائم في مقال قادم:
هو أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد الخزاز كان أبوه يبيع الزجاج ، فلذلك كان يقال له :القواريري، أصله من نهاوند ، ومولده ومنشؤه بالعراق[ ولد سنة 215 وتوفي سنة297ه] وكان فقيها على مذهب أبي ثور، تلميذ الإمام الشافعي، وصحب خاله السري السقطي، والحارث المحاسبي ، فسلك مسلكهما في التحقيق بالعلم واستعماله، وحج الى مكة ثلاثين حجة على رجليه.
ولم يكن الجنيد صوفيا فحسب، بل كان متكلما كذلك ولقب" بسيد الطائفة" و"طاووس العلماء" وسلم بأن الأنبياء أفضل من الأولياء، وقابل بين الحضورالذي أنبأنا به الأنبياء، والمشاهدة التي يقول بها الأولياء ، وكان صوفيا يفضل الصحو على حالة السكر عند المتصوفة، ويقول بفضل صفاء النفس على الإغراق في الصوفية، وكان متكلما يقول بأن معرفة الله لا تأتي إلا بطريق العقل، ويعرف مريدوه وأتباعه باسم "الجنيدية"
قال في جمع الجوامع: ونرى أن طريق الجنيد سيد الصوفية علما وعملا وصحبة طريق مقوم ، فإنه خال من البدع دائر على التسليم والتفويض والتبرؤ من النفس
قال الشوكاني في سياق حديثه عن جواز إطلاع الله تعالى الولي على المغيبات- وذكر حديث:" اتقوا فراسة المومن فإنه يرى بنور الله-:
" من أغرب ما نحكيه فيما يتعلق بهذا الحديث أن السري السقطي شيخ الجنيد أمره بأن يخرج يتكلم على الناس ، فاعتذر منه بما في لسانه من العجمة وبعدم صلاحيته لذلك ، فعزم عليه أن يخرج صبح تلك الليلة يتكلم على الناس في الجامع فكأنه نادى مناد في الناس : بأن الجنيد سيتكلم على الناس عقب صلاة الفجر في الجامع فجاءوا إليه أفواجا .
وكان هذا أول كرامة للجنيد لأنه لم يطلع على ما دار بينه وبين شيخه أحدا، فخرج ووجد الجامع غاصا بأهله فلما قعد أقبلوا إليه بأجمعهم فبرز رجل وسأله عن معنى حديث :"اتقوا فراسة المومن" فأطرق قليلا ثم قال له:أسلم فقد آن لك أن تسلم ،فقام وجثا بين يديه وأسلم وانكشف أن ذلك الرجل من النصارى " دخل مع الناس" متجسسا و مختبرا للإسلام وأهله فكان في ذلك سعادته الأبدية "
أبرزشيوخه: تتلمذ الجنيد في التصوف لكبار رجاله من أمثال:
- الحارث بن أسد المحاسبي {ت243ه}
- أبي الحسن السري السقطي {ت253ه} وهو خاله /
- أبي اليزيد " با يزيد" البسطامي {ت 261ه}
- محمد بن علي القصاب {ت275هودرس الفقه على:
- أبي ثور إبراهيم بن خالد بن اليمان تلميذ الإمام الشافعي {ت 240ه}
أبرز تلامذته:
- الحسين بن منصورالحلاج {ت309ه}
- محمد بن موسى الواسطي الفرغاني {ت320ه}
- دلف بن جحدر الشبلي {ت334ه}
- أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي {ت341ه}
- جعفر بن محمد الخلدي الخواص {ت348ه}
آثاره:
كان الجنيد يكتب بأسلوب معقد مغرق في التجريد، ذلك الأسلوب الذي صقله الحلاج بعد ذلك ليصبح أسلوب العبارات الرنانة المغرقة في الجدل على حد تعبير الدكتور فؤاد سزكين
وقد خلف آثارا ذكر منها هذا الأخير نحو 23 كتابا ورسالة جلها مخطوط دون تلك التي تنسب إليه
وقد قام د.علي حسن عبد القادر بتحقيق: رسائل الجنيد – برعي وجداي بالقاهرة – مكتبة دوت كوم / 1988م – ثم طبعت رسائل الجنيد من جديد بترجمة وتحقيق: جمال رجب سيدبي -داراقرأ للطباعة والنشر والتوزيع بتاريخ:01/01/2005 وذلك في مجلديضم 16 مخطوطا بالإضافة الى معظم رسائل الجنيد أو أقواله المتناثرة في مختلف مصادر التصوف
وفاته ومدفنه :
توفي الجنيد ببغداد ودفن في مقابر الشونيزية بجانب ضريح خاله... ومن عجيب الموافقات أنه كان في سنة 1916 من المقرر أن تمر السكة الحديدية ببغداد داخل منطقة بساتين في الكرخ إلا أن المهندس الألماني المشرف على العملية خالف الخرائط والمسح الجوي للسكة الذي كانت تنفذ في خط مستقيم ، وجعلها نصف دائرية في تلك المنطقة وحين أستدعي للاستفسار قال:"لا يوجد أي تفسير علمي ، لقد راودتني رؤيا في المنام مفادها أن أبتعد عن تلك البساتين"
والتصوف الصحيح أساسه التقيد بالكتاب والسنة وكل من خالفهما فدعواه مردودة باطلة لا يقبلها شرع ولا عقل ، والتصوف هو أن يعمر الإنسان قلبه بالصلة بالله والخوف منه والرجاء فيه والله تعالى يقول {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل لكل شيء قدرا} و طريقة الجنيد قيل إنها أسلم طرق التصوف لكونها خالية من الشبهات والبدع ومن كلامه:الطريق الى الله مسدود إلا على المقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال الجنيد:" من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر لأن علمنا هذا مقيد بال