تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المواكب لجبران خليل جبران


moussa3490
2011-10-21, 09:58
اعطني الناي وغني من اجمل ما غنت السيدة فيروز
وهي جزء بسيط من رائعة المواكب لجبران خليل جبران
اترككم مع القصيدة
"المواكب "

الخير في الناس مصنوعٌ إذا جبروا ‏ والشرُ في الناسِ لا يفنى وإن قبروا ‏
وأكـثــرُ النــاس آلات تـحـركـهــــا أصابع الدهــر يومــاً ثـــم تنـكــسرُ

فـــلا تقولـــن هـــذا عـــالم علـــــم ‏ ولا تقولـــن ذاك السيـــد الوقـــــــر
فأفضل الناس قطعان يسير بـــــها صوتُ الرعاةِ ومن لـــم يمش يندثر

ليس في الغابات راع ‏ لا ولا فـيــها القـطـيـع ‏
‏فالشتاء يمشي ولكـــن ‏ لا يجـاريــه الربــيــــع ‏
خُــلـق النــاسُ عبيدا للذي يأبــى الخضــوع ‏

فإذا ما هـــبَّ يــوماً سائـــراً سار الجمـــيع ‏
أعطني النـــاي وغـن ‏ فالغنـا يرعــى العقول‏
وأنين الناي أبــقـــى مـــن مجيد وذليـــــل ‏

والدين في الناس حقل ليس يزرعه ‏ غير الألــى فــي زرعــه وطــــرُ
مــن آمـــل بنعيـــم الخـــلد مبتشرٍ ‏ ومن جهول يخاف الـنــار تستـعر

فالقوم لولا عقابُ البعثِ ما عبدوا ‏ ربَّاً ولولا الثوابُ المرتجى كفروا
كأنما الدينُ ضربٌ من متاجرهـــم ‏ إن واظبوا ربحوا أو اهملوا خسروا

ليس في الغابات دينٌ ‏ لا ولا الـكـفـر القـبـيـــح
‏فإذا البـلـبـل غنــــى لمْ يقلْ هــذا الـصحيـح

إن دين الناس يأتـــي مثــل ظــل ويــروح
لم يقم في الارض دينٌ بعد طــــه والمسيــح ‏

اعطني النــــاي وغــن ‏ فالغنا خيــــر الصلاه ‏
وأنين النــاي يبـــقى بعد أن تفــنى الحـياة ‏

والعدل في الارض يبكي الجن لو سمعوا به ويستضحك الاموات لو نظروا
فالسجن والموت للجانين إن صغروا ‏ والمجد والفخر والاثراء إن كبروا ‏

فسارق الزهـــر مذموم ومحتقـــر ‏ وسارق الحقل يدعى الباسل الخطر
وقاتـــل الجسم مقتــول بفــعـلـتـه وقاتـــل الروح لا تدري بـــه البشر

ليس في الغابات عدل ‏ لا ولا فيها العقاب ‏
فإذا الصفصاف القى ‏ ظله فوق التراب ‏
لا يقول السرو هذي ‏ بدعةٌ ضد الكتاب ‏

‏ إن عدل الناس ثلج ‏ ‏ إن رأته الشمس ذاب ‏
أعطني النــــاي وغــــن فالغنا عدل القلوب ‏
‏ وأنين الناي يبقـــى ‏ ‏ بعد ان تفنى الذنوب

والعلم في الناس سبلٌ بان اولها ‏ أما اواخرها فالدهر والقدر ‏
وأفضل العلم حلمٌ إن ظَفِرْتَ بِــهِ ‏ وسِرْتَ ما بينَ أبناء ِ الكرى سخروا‏

فإن رأيت أخــا الاحلام منفرداًَ عن قومه وهو منبوذٌ ومحتقر‏
فهو النبي وبردُ الغد يحجبه ‏ عــن أمةٍ برداء الأمس تأتزر ‏

وهو الغريبُ عن الدنيا وساكنها وهو المجاهرُ، لام الناس او عذروا ‏
وهو الشديد، وإن ابدى ملاينةً وهو البعيد، تدانى الناس ام هجروا ‏

ليس في الغابات علمٌ لا ولا فيها الجهول ‏
فإذا الاغصان مالت ‏ لم تقل: هذا الجليل

فإذا الشمس أطلت من ورا الافق يزول ‏
أعطني الناي وغـــن ‏ فالغنا خير العلوم ‏
وأنين الناي يبقـــى ‏ بعد ان تطفا النجوم ‏

وما السعادة في الدنيا سوى شبح ‏ يرجى، فإن صار جسما مله البشر
كالنهر يركض نحو السهل مكتدحا حتى اذا جاءه يبطي ويعتكر

لـــم يسعد الناس إلا في تشوقهم الى المنيع، فإن صاروا به فتروا ‏
فإن لقيت سعيداً وهو منصرف ‏ عن المنيع، فقل في خلقه العبر ‏

ليس في الغاب رجاء ‏ لا ولا فيه الملل
كيف يرجو الغاب جزءا وعلى الكل حصل؟
وبما السعي بغابٍ املاً وهو الأمل؟

انما العيش رجاء احدى هاتيك العلل
اعطني الناي وغن فالغنا نار ونور ‏
وأنين الناي شوق لا يدانيه الفتور ‏

اعطني الناي وغن ‏ وانس ما قلت وقلنا ‏
انما النطق هبــاء ‏ فافدني ما فعلتــــا ‏
هل تخذت الغاب مثلي منزلا دون القصور ‏

فتتبعت السواقي وتسلقت الصخور ‏
هل تحممت بعطر وتنشفت بنور ‏
وشربت الفجر خمراً في كؤوس من أثير ‏

هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب ‏
والعناقيد تدلت كثريات الذهب ‏
فهي للصادي عيون ولمن جاع الطعام ‏

وهي شهد وهي عطر ولمن شاء المدام ‏
هل فرشت العشب ليلا وتلحفت الفضا ‏
زاهداً في ما سيأتي ناسيا ما قد مضى؟

وسكوت الليل بحر موجه في مسمعك ‏
وبصدر الليل قلبٌ خافق في مضجعك ‏
أعطني الناي وغن وانسى داء ودواء ‏

انما الناس سطور كتبت لكن بماء ‏
ليت شعري اي نفع في اجتماع وزحام ‏
وجدال وضجيج واحتجاج وخصام ؟

كلها انفاق خلد وخيوط العنكبوت ‏
فالذي يحيا بعجز فهو في بطء يموت ‏

العيش في الغاب، والايام لو نظمت ‏ في قبضتي لغدت في الغاب تنتثر ‏

لكن هو الدهر في نفسي له أرب ‏ فكلما رمت غاباً قام يعتذر ‏

وللتقادير سبلٌ لا تغيرها ‏ والناس في عجزهم عن قصدهم قصروا