تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تكملة القصة


titouna
2008-11-08, 17:11
بسملة: من تراك يا سيد ’خالد’ وما يأتي بغني مثلك إلى بيت فقر مدقع!؟ وان كنت تريد بيع شيء فلا نملك مالا نشتري به!
خالد: ألم تعرفيني !أغيرتك الأيام يا ’بسملة’حتى لم تعرفي أخاك؟, أراك كبرت وزدت جمالا لكنك مازلت فضة.
بسملة: من..! أخي! لست املك سوى’منال’ و’أسامة’ ولا أعرفك وأظن انك تهت الطريق وتشابكت عليك الدروب, ومن تخال نفسك حتى تنعتني بالفضة..!؟
خالد:إن تبدلت كل الأمكنة وتغيرت الدنيا فلن أنسى منزلي الحبيب وأختي الحبيبة.
دخل خالد وجال بنظره إلى الجدران المهترئة وتنفس الصعداء وقال: آه يا بيتي كم اشتقت لك فيك قضيت أحلى سنين عمري وتعلمت فيك كل جميل, لقد كبرت وهرمت وأبيت السقوط بل بقيت شامخا وصامدا!
بسملة: أماه....أماه...إذن أنت ’خالد’ الذي كانت أمي دائما تتحدث عنه وتلوم أبي عليه... لكن أمي أبت إخباري عنك... أماه...أماه...
جاءت الأم تجري وقالت: من هذا الشاب يا’بسملة’؟
بسملة: جئت بك لتعلميني من هو وليس لتسأليني؟
الأم: كفى وقاحة, من أنت يا بني ؟ وماذا تريد؟
خالد:أو لم تعرفيني يا أماه!
الأم:أماه.... ! من أنت؟’خالد’...! لا...لا....
جثت تبكي على ركبتيها, تبكي وتحاول تصديق الأمر, جثي ’خالد’وارتمى في حضن أمه وبكى بكاء الحنين, وبدا يروي مغامراته الطويلة وكيف عانى في رحلته...
تفاقم وقع الموقف في صدر ’بسملة’ ورسمت على شفتيها كلمات لكن سرعان ما حدثتها أمها قائلة:انه أخوك’خالد’ تركنا في 12 من عمره وأنت في السنتين من عمرك, فلم نشا تذكيرك به فقد ظنناه مات.
وقفت ’بسملة’ مستغربة لا تدري ما تفعل لكن الحنين والأخوة شدتها لحضن أخيها وحضنته تبكي, لكن الشيء الذي استغربت ’بسملة’ منه هو كيف لم تتذكر أخاها.
مع قدوم ’خالد’ فتح باب الخلاص للأسرة وعمته الراحة و السعادة, وبعدها ادخل ’خالد’ أباه أحسن مشفى وعالجه وأقام عدة مشاريع غيرت حياتهم من السوء إلى الأحسن.
وفي يوم من الأيام جلست ’بسملة’مع’خالد’ تحكي له ما عانته فسألها كيف لم تتذكره قائلا: ألا تذكرين في صغرك عندما تخافين في الليل تأتين إلى حجرتي وتختبئين, ألا تذكرين عندما تضربك أمنا كنت تبكين في حضني وأحاول إسكاتك وأحيانا كنت أنال الضرب بدلا عنك, ألا تذكرين من علمك المشي واعتنى بك ومن لعب معك...فأجابت بسملة:بلى لم اذكر..
وبعدها تزوج ’خالد’ بــ’هدى’ وأنجب منها فتى جميل عيناه زرقاوان اسمه’هشام’.
سكن ’خالد’ مع أهله بعدما اشترى منزلا كبير, لكن ’خالد’ لم يعرف من يختار لتكون شريكة حياته, لكن دوام الحال من المحال, انغمس ’خالد’ في الميسر والخمر, واشتغلت’هدى’عن ’هشام’ بالنوادي وصلات الحلاقة والزينة, وبقي هشام معلق كالخيط بين سهرات أبيه وانشغال أمه عنه.
يا للمسكين أيفقد حنان من يحتاج إليهم في أمس الحاجة, صحيح إن الزمن غدار ونحن الأغبياء فهو لم يرحم الأطفال فكيف بالكبار!
لم تجد بسملة نفسها إلا وهي تعتني بـ’هشام’ وهي في التاسعة عشر من عمرها وتلتهي بالدراسة فكيف ستوفق؟ لكنها حتى وان لم تعرف إحساس الأمومة لكنها مارستها مع ابن أخيها..
وكالعادة يدخل ’خالد’ في مطلع الشمس يتمايل من السُكر ويهذي ويدندن, وبالطبع صراعات واحتدامات مع ’هنى’.
وفي يوم من أيام الشتاء الحالكة الظلمة دخل ’خالد’ وهو يتأوه ويصرخ فهرع كل من بالمنزل فإذا بهم على مرأى لفظ الأنفاس الأخيرة والسكين يقطع أحشاء صدورهم قبل ’خالد’ وكانت آخر كلماته ’بسملة’ ’هشام’ في ذمتك...’هشام’’ واسلم الروح لبارئها وبدأت المعانات..
بعد مجيء الشرطة وإجراء بعض الاستجوابات والتحقيقات, ولم يعرف سبب مقتل ’خالد’ وكان القدر يحضر لشيء اكبر من هذا..
وأحيلت القضية للوقف, وفي الصباح نهض ’هشام’ من فراشه وهو يمشي بخطواته البريئة وينادي بكلمات رقيقة بابا..بابا..أثارت في نفوسهم هته الكلمات الحزن والألم والشفقة على هذا الفتى المسكين كأنه كتب علي أن يلفظها لا ان يعيشها..ومسكته بسملة وحضنته وهي تبكي, وكان الألم صفعها صفعة قوية ذكرتها بكل ألامها, يا للبريء ما ذنبه؟
بعد انتهاء عدة ’هنى’ رجعت إلى بيت أهلها وتركت ’هشام’في حوزة ’بسملة’ تنفيذا لوصية زوجها.
بعد 3 سنين تخرجت ’بسملة’ من الجامعة قسم أدبي وأصبحت الآن كاتبة عظيمة جل كتاباتها بعناوين حزينة... وأصبح ’هشام’ ذو الخمس سنوات..
وفي احد الأيام خرجت ’بسملة’كالعادة مع ’هشام’ إلى الحديقة العامة, وتركت هشام يلعب, فإذا به عاد إليها وقال:عمتي أرجوك لا أريد أن آتي بعد اليوم إلى هذا المكان, كيف آتي إلى هنا لأنسى شوقي لأبي فإذا
بي أرى أقراني يلعبون مع آبائهم إلا أنا فأحس بالألم أكثر وأكثر..أريد أن اعرف لما أنا فقط فقدت أبي وأنا لم اعرفه..و واصل كلماه بنبرة حزن وألم, يا للمسكين يتألم وهو صبي..