المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بداية قصة 2


titouna
2008-11-08, 17:09
في يوم من الأيام رسمت الخطوط الذهبية البراقة أجمل فجر مخلل ببسمات تعبق من صفاء الطبيعة, كللتها صرخة طفلة ولدت للتو.
رزقت العائلة ب ’ بسملة ’ بعد جهد مضني من الآلام التي قاستها الأم, كانت جميلة الطلعة بهية الخلقة ندية البسمة.
ترعرعت ’بسملة’ في بيت متواضع يسوده الأمن في كنف الحب وعلى راحتي السعادة والأمل في جناحي التفاؤل والصبر وعلى كتفي العلم والقناعة..
لم تك قط تعرف ما معنى الم آو عذاب أو حتى نغمة مقاساة تلتها على شفتيها, لكن القدر جمع كل قسوة ونزع كل رحمة وألم الخطوب بالفتاة, فما فتات حتى ساد الضباب بيتها وزرع الشوك في جوفها وانتشر سحاب القلق والسهد صدرها ونمت أشواك الحزن والحيرة وتغلغل الألم إلى فؤادها فمزق أشطان قلبها فنامت على صراخ أمها وأبيها وبكاء أخيها فلم تعرف من ينجيها.
كانت أسباب مشاكل بيتها الفقر لكن الفقر ليس عيبا بل سخط وعدم قناعة أمها, فجعلت تضغط- الأم – على الأب لكن هيهات فلا حول له ولا قوة, كانت أم ’بسملة’ دائما تقول لأبيها: أنت سبب رحيل’خالد’, لم تعرف بسملة ما يجول في خاطر أمها لكنها سكتت عند سكوت أمها لدى سؤالها لها.
بعد خمس سنوات بقيت المعاناة تتكر كل يوم وليلة, مسكينة هي وإخوتها, كان ليلها يسوده السهد ويغشيه الدمع, كانت لاليء دموعها تنهمل من عينيها سيلا جارفا معه كل بسمة وفرحة ويترك لها ثغرات في قلبها وآلام بدت ظاهرة مع ذبال عينيها, لكنها لم تتنكر للأيام ولا حتى لظلم الأهل والنسيان ووضعت نصب عينيها إرجاع الشمل للأحضان, ولكن لا حياة لمن تنادي ولا احد اهتم بالمنادي فهو ورقة مترسمة الخطوط ورجل يحملها ولا يملك صوتا ليعبر عنها.
لما بلغت أواسط السادسة عشر ومن كثر الخطوب العائلية التي تعرض لها والدها وبفضل ضغط الأم وزيادة على ذلك حالة مزرية أثقلت كاهله وتعب صدره ومرض قلبه, وأصيب بجلطة أرقدته في الفراش.
لم تعرف الأم بعد خروج الطبيب ما تفعل لشراء الدواء, ووقفت ’بسملة’ ذاهلة أمام أبيها الميت الحي, وسقطت دموعها بدون تكشيرة وجه وتأوهت لحالهم واستفهمت عن الحال لله؟
لكن الشكوى لغير الله مذلة !
نعم اضطرت ’بسملة’ لترك ابسط حقوقها ـــ بفعل أنها اكبر شخص في البيت ـــ وأبت التخلي عن الدراسة.
اشتغلت في أتفه الصنائع: بيع الخبز والشغل في المنازل وتنظيف البساتين, اشتغلت في الحقول ورعاية الأطفال, فجنت دنانير لم تعرف في ما تصرفهم في سد رمقهم أو في معالجة أبيها, لكنها لم تجني في الحقيقة سوى الم وعذاب وزيادة على ذلك لم يتحسن أباها إلا قليلا.
رغم كل هته المشاكل كانت ’بسملة’ متفوقة في دراستها متخلقة في خلقها فاصلة بين الخطب والدرس, لكنها اغتمت كثيرا فهي لا تدري ما سيحل بهم فهم لا يجدون لقمة يسدون بها الجوع, وبالإضافة على ذلك هي المسؤولة الآن.
وفي يوم من الأيام بينما ’بسملة’ جالسة على الكرسي المهتري تتأمل الكون عبر ثقوب بيتهم دق الباب فنهضت مهمومة الخاطر مثقلة الخطوات تعبة الكلمات: من؟ - أنا ’خالد’.
بسملة: من ’خالد’؟
خالد: افتحي الباب فقط.
ففتحت الباب فوجدت شابا صغير العمر جميل المنظر يخال لناظره انه ثري.