تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام دين العدل لا المساواة


عامر عبد الحق
2008-11-07, 22:12
يخطئ بعض الكتّاب والمؤلفين والمتحدثين عندما يصفون الإسلام بأنه ( دين المساواة ) هكذا بإطلاق ، ويعدون هذا الوصف منقبة له إذ ساوى بين الناس جميعًا – كما يزعمون
وتجد هذا كثيرًا عند حديثهم عن موقف الإسلام من غير المسلمين ، أو موقفه من حقوق الإنسان ، أو موقفه من المرأة
متوهمين أن " صفة المساواة " صفة مدح في جميع أحوالها ، فيلزمهم على هذا أن يساووا بين أحكام المسلم وأحكام الكافر ، وبين أحكام الرجل وأحكام المرأة ، وهي مما جاءت الشريعة بالتفريق بينها .
وقد فعل هذا العصريون للأسف ! عندما واجهتهم النصوص الشرعية التي تمايز بين من سبق ، فأخذوا يتكلفون طريقة التخلص منها ! إما بردها ، أو التغافل عنها ، أو تأويلها ..
حتى وصل بهم الحال إلى أن جعلوا المسلم - في الدنيا - كالكافر – والعياذ بالله - . بل تجاوز بعضهم في الضلال حتى جعلهم متساوين في أحكام الآخرة ! مشاقة لله عز وجل ، واتهامًا مبطنًا له جل جلاله بالظلم في أحكامه .
ومن طالع كتاباتهم علم هذا .
فيصدق على هؤلاء قوله تعالى : {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} ، وقوله تعالى {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } ، وقوله {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} .
وكذلك فعلوا في أحكام الرجل وأحكام المرأة إذ ساووا بينهما ، معتقدين أنهم بهذه الطريقة ينصرون المرأة المسلمة ، محملينها ما لم يُحمّلها الله .
وماعلم هؤلاء أن المساواة المطلقة لا وجود لها إلا في أذهانهم ، وأنها مخالفة ومعاندة لقضاء الله الشرعي والقدري

فقد فاوت سبحانه بين مخلوقاته ، ويسر كلّ مخلوق لما خُلق له . فالشمس غير القمر ، والرجل غير المرأة ... وهكذا . وفاوت كذلك بين من أطاع أمره ممن خالفه ، فجعل لكل واحد أحكامه التي تخصه بسبب اختياره وعمله .

فلو وفق هؤلاء الكتاب لأنزلوا كل مخلوق منزلته التي أنزله الله إياها ، موقنين بأن الله لا يظلم أحدا .

ولو وفق هؤلاء لقيدوا مساواتهم تلك ولم يُطلقوها ، فقالوا مثلا : الناس متساوون في الخلقة ، أو متساوون في حب زينة الحياة الدنيا ، أو في كراهية الظلم .. الخ مما جاءت الشريعة بتقرير المساواة فيه بين الناس .

وقل مثل ذلك في قضية الرجل والمرأة ؛ فتقيد المساواة ولا تُطلق ؛ فيقال مثلا : المرأة مساوية للرجل في التكليف ، أو في الجزاء الأخروي .... وهكذا ، مما جاءت الشريعة بتقرير مساواتهما فيه .
أما الإطلاق فلا ..
لأنه يلبس على الناس ، ويعارض قضاء الله وأحكامه - كما سبق - .
فالواجب أن تُستبدل عبارة ( الإسلام دين المساواة ) بعبارة ( الإسلام دين العدل ؛ لأن العدل وضع الشيئ في موضعه الذي أراده الله له ، دون مجاوزة أو نقص .

وماعلمتُ أحدًا نبه على هذه المسألة كما نبه الشيخ العلامة محمد بن عثيمين - رحمه الله - في دروسه وكتبه ‘ إذ أفاد وأجاد في تقريرها .

ومن ذلك قوله - رحمه الله - في " شرح العقيدة الواسطية " ( 1 / 180-181 ) :
( إن من الناس من يستعمل بدل العدل المساواة ؛ وهذا خطأ ، لا يقال : مساواة ؛ لأن المساواة تقتضي التسوية بين شيئين ، الحكمة تقتضي التفريق بينهما ، ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون : أي فرق بين الذكر والأنثى ؟ سووا بين الذكور والإناث ، حتى إن الشيوعية قالت : أي فرق بين الحاكم والمحكوم ؟ لا يمكن أن يكون لأحد سلطة على أحد حتى بين الوالد والولد، ليس للوالد سلطة على الولد ، وهلمَّ جرّا .

لكن إذا قلنا بالعدل وهو " إعطاء كل أحدٍ ما يستحقه " : زال هذا المحذور ، وصارت العبارة سليمة ، ولهذا لم يأت في القران أبداً : " إن الله يأمر بالتسوية " لكن جاء : { إن الله يأمر بالعدل } ، { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل }
وكذب على الإسلام مَن قال : إن دين الإسلام دين المساواة ، بل دين الإسلام دين العدل ، وهو الجمع بين المتساوين والتفريق بين المفترقين .
أما أنه دين مساواة فهذه لا يقولها مَن يعرف دين الإسلام ، بل الذي يدلك على بطلان هذه القاعدة أن أكثر ما جاء في القرآن هو نفي المساواة : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } ، { قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور } ، { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا } ، { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم } ، ما جاء ولا حرف في القرآن يأمر بالمساواة أبدًا إنما يأمر بالعدل ، وكلمة العدل أيضا تجدونها مقبولة لدى النفوس ، فأنا أشعر أن لي فضلاً على هذا الرجل بالعلم ، أو بالمال ، أو بالورع ، أو ببذل المعروف ، ثم لا أرضى بأن يكون مساوياً لي أبدًا). . اهـ كلامه رحمه الله


منقول بتصرف للفائدة

أختكم في الله
2008-11-07, 22:45
بارك الله فيك اخي و جعلها في ميزان حسناتك