تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حدد موقعك


mima bl3idi
2011-09-26, 12:36
أنت في الدنيا على سفر
فلو كانت الدنيا تحلو للإقامة لما كنت اليوم على ظهرها لتكون
غدًا في بطنها، وتصير أشلاؤك وعظامك من جنسها ترابًا يُحثا،
مِنْهَا خََلقْنَا ُ كمْ وَفِيهَا نُعِيدُ ُ كمْ وَمِنْهَا  : وطينًا يرمى! قال تعالى
.[ طه: ٥٥ ]  نُخْ ِ رجُكُمْ تَارًَة ُأخْرَى
وقال أبو الدرداء: ابن آدم! طأ الأرض بقدمك؛ فإﻧﻬا عن قليل
تكون قبرك.
حدد موقعك ٩
وصدق في ذلك الشاعر حيث يقول:
خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد
أين من عاشوا فيها قبلك؟ أين من ملكوا خيرها؟ ونالوا
متاعها..
فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم
محاها مجال الريح بعدك والقطر
على ذا مروا أجمعون وهكذا
يمرون حتى يستردهم الحشر
قام أبو ذر الغفاري عند الكعبة فقال: يا أيها الناس أنا جندب
الغفاري هلموا إلى الأخ الناصح الشفيق، فاكتنفه الناس، فقال:
أرأيتم لو أن أحدكم أراد سفرًا أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه
ويبلغه؟ قالوا: بلى. قال: فإن سفر طريق يوم القيامة أبعد مما ترون،
فخذوا ما يصلحكم. قالوا: وما يصلحنا؟ قال: حجوا حجة لعظائم
الأمور، وصوموا يومًا شديدًا حره لطول النشور، وصلوا ركعتين في
سواد الليل لوحشة القبور.
وقال عمر بن عبد العزيز: إن الدنيا ليست بدار قراركم، كتب
الله عليها الفناء، وكتب على أهلها منها الظعن، فأحسنوا رحمكم
الله منها الرحلة بأحسن ما بحضرتكم من النقلة، وتزودوا فإن خير
الزاد التقوى.
ولابن القيم رحمه الله كلام نفيس في هذا الباب يقول: من بذل
وسعه في التفكير التام، علم أن هذه الدار رحلة فجمع للسفر رَحَْله،
وعلم أن مبدأ السفر من ظهور الآباء إلى بطون الأمهات، ثم إلى
الدنيا، ثم إلى القبر، ثم إلى الحشر، ثم إلى دار الإقامة الأبدية؛ فدار
١٠ حدد موقعك
الإقامة هي دار السلام من جميع الآفات، وهي دار الخلود، والعدو
سباتًا إلى دار الدنيا فنجتهد في فكاك أسرنا، ثم في حث السير إلى
الوصول إلى دارنا الأولى، وليعلم أن مقدار السير في الدنيا يسيرٌ،
ويقطع بالأنفاس ويسير بالإنسان سير السفينة لا يحس بسيرها وهو
جالس فيها.
ولابد له في سفرة من زاد، ولا زاد إلى الآخرة إلا بالتقوى،
فلابد من تعب الشخص والتصبر على مرارة التقوى؛ لئلا يقول
وقت السير: رب ارجعون. فيقال: كلا.
فليتنبه الغافل من كسل مسيره؛ فإن الله تعالى يريه في قطع
مسافة سفره آيات يرسلها تخويًفا لعباده؛ لئلا يميلوا عن طريقهم
المستقيم وﻧﻬجهم القويم؛ فمن مالت به راحلته عن طريق الاستقامة،
فرأى ما يخاف منه، فليرغب إلى الله بالرجوع إليه عما ارتكبه من
.[ عدة الصابرين، ص ٣٣٠ ] .« السبل، فيتوب من معصيته
أخي.. إذا علمت أنك مسافر إلى الله، وأنك إليه تساق سوًقا،
فلا تنس عدة سفرك، ولا تله عن زاد رحيلك، لا سيما وأنت لا
وَمَا تَدْ ِ ري  تدري متى تقف بك الراحلة، وينادى عليك للرحيل
نَفْسٌ مَا َ ذا تَكْسِبُ َ غدًا وَمَا تَدْ ِ ري نَفْسٌ ِبَأيِّ َأرْ ٍ ض تَمُوتُ ِإنَّ اللَّهَ
.[ لقمان: ٣٤ ]  عَلِيمٌ خَِبيرٌ
يقول ابن الجوزي: يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن
يكون مستعدًا، ولا يغتر بالشباب والصحة؛ فإن أقل من يموت
الأشياخ، وأكثر من يموت الشباب.
يوجز لك منهج السفر، وكيف يجب أن  وهذا رسول الله
كن في الدنيا كأنك غريب » : يكون حالك مع الحياة الدنيا فيقول
حدد موقعك ١١
رواه البخاري]. ] « أو عابر سبيل
يقول ابن عمر رضي الله عنهما وهو الذي روى هذا الحديث:
إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، »
رواه البخاري]. ] « وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك
وكان مجاهد رحمه الله يقول: ما من يوم إلا يقول: ابن آدم! قد
دخلت عليك اليوم ولن أرجع إليك بعد اليوم؛ فإنه ظل زائل، ولا
يفتننك متاعه فعما قريب سيبلى، واعلم أنك في سفر إلى دار قرار!
لا تنس أنك ستغادر
في القرآن لوجدته تكرر « الرجوع » أخي.. إنك لو تتبعت لفظ
مرات كثيرة، كل ذلك حتى تبقى على إحساس دائم، وعقيدة
ِإنَّ ِإَلى رَبِّكَ  ! راسخة بأنك كادح إلى ربك كادحًا فملاقيه
ُثمَّ  ،[ الأنبياء: ٣٥ ]  وَِإَليْنَا تُرْجَعُو َ ن  ،[ العلق: ٨ ]  الرُّجْعَى
 تُرَدُّو َ ن ِإَلى عَالِ ِ م الْغَيْ ِ ب وَالشَّهَادَةِ َفيُنَبِّئُكُمْ ِبمَا ُ كنْتُمْ تَعْمَُلو َ ن
َأَفحَسِبْتُمْ َأنَّمَا خََلقْنَا ُ كمْ عَبًَثا وََأنَّكُمْ ِإَليْنَا َلا  ،[ [التوبة: ٩٤
كُلُّ نَفْ ٍ س ذَائَِقةُ الْمَوْتِ ُثمَّ ِإَليْنَا  ،[ المؤمنون: ١١٥ ]  تُرْجَعُو َ ن
يَا َأيُّهَا اْلِإنْسَا ُ ن ِإنَّكَ كَادِحٌ ِإَلى رَبِّكَ  ،[ العنكبوت: ٥٧ ]  تُرْجَعُو َ ن
يونس: ]  ُثمَّ ِإَليْنَا مَرْ ِ جعُكُمْ  ،[ الانشقاق: ٦ ]  َ كدْحًا َفمَُلاقِيهِ
٢٣ ].. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فهناك.. هناك حيث الرجعى.. يحدد موقعك.. ويتبين موطنك..
ويتضح مستقرك.. أما هنا فإنما أنت نزيل.. تقطع المراحل مرحلة
مرحلة.. وتسلك المحطات محطة محطة.. وتنتقل في درب حياة عن قريب
ستنتهي؛ لتنقل نقلة بعيدة تعود ﺑﻬا إلى الله ليرى منك ما قدمت..
ويجزيك على ما فعلت؛ إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر!
١٢ حدد موقعك
لهذا خلقت، ووجدت في هذه الدنيا، لكي تكون مسافرًا ممتحنًا
في سفرك، تمضي بك أنفاسك إلى حيث ستنتهي، وكل نفس ولى
ينذرك بنذير تصدقه الأيام أن: عش ما شئت فإنك ميت، واحبب
من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه.
فتذكر أخي.. أن الربح والخسارة هناك، وأن المستقبل الحقيقي
هناك وأن المقام الطويل، والخلد الدائم هناك؛ أما الدنيا فإنما هي أيام
معدودة، وأنفاس محدودة، تمضي في لمحة بصر، ولا تعود أبدًا.
أيقظان أنت اليوم أم أنت نائم
وكيف يطيق النوم حيران هائ مُ
ﻧﻬارك يا مغرور سهو وغفلة
وليلك نوم والردى لك لازمُ
يغرك ما يفنى وتشغل بالمنى
كما نمر في اللذات في النوم حا ُ لم
* * * *
حدد موقعك ١٣
ستسأل
أخي.. وليست عودتك إلى الله ورجوعك إليه عودة تباشر فيها
موقعك الخالد دونما سؤال وحساب.. وإنما هي عودة مليئة بالفتن
والأهوال وعظائم المشاهد والأحوال، فيها السؤال والحساب،
والميزان والصراط، والوقفة العظمى بين يدي الله، والتي فيها تظهر
َفمَنْ يَعْمَ ْ ل مِثْقَا َ ل َ ذرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ  : حقائق الأعمال السالفة
.[٨ ، الزلزلة: ٧ ]  يَعْمَ ْ ل مِثْقَا َ ل َ ذرَّةٍ شَرا يَرَهُ
فهيء جوابًا عندما تسمع الندا
من الله يوم العرض ماذا أجبتم
به رسلي لما أتوكم فمن يكن
أجاب سواهم سوف ينخزي يندم
وخذ من تقى الرحمن أعظم جنة
ليوم به تبدو عيانًا جهنم
وينصب ذاك الجسر من فوق متنها
منها ومخدوش وناج مسلم
أخي.. موطنك وموقعك، ومستقرك ووطنك يحدد يوم تسأل،
؛[ الصافات: ٢٤ ]  وَقُِفوهُمْ ِإنَّهُمْ مَسُْئوُلو َ ن  يوم ينادى في الناس
فيومها لا تزول قدمك من وقفة الحساب، ولن تعدو إلى مستقر إلا
: إذا سُئلت عن أيامك السالفة وأعمالك الخالية، قال رسول الله
لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه »
فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه
رواه الترمذي]. ] « فيم أبلاه
١٤ حدد موقعك
وحين تسأل، يحدد موقعك ومقعدك؛ فإن كنت من الصالحين
فِي سِدْ ٍ ر مَخْضُودٍ *  : العابدين الطائعين لله، فأنت من أهل اليمين
 وَ َ طلْ ٍ ح مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْ ُ كو ٍ ب * وَفَاكِهَةٍ َ كثِيرَةٍ
٣٢ ] فهذا موقعك الخالد، فيه ما لا عين رأت ولا - [الواقعة: ٢٨
أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر!
وأما إن كنت ممن رضوا بالحياة الدنيا ورضوا ﺑﻬا موطنًا
فِي سَمُوٍم وَحَمِي ٍ م  ، واتخذوها موقعًا، فأولئك هم أصحاب الشمال
* وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُوٍم * َلا بَا ِ ردٍ وََلا َ ك ِ ر ٍ يم * ِإنَّهُمْ َ كانُوا َقبْ َ ل َ ذلِكَ مُتْرَفِينَ
* وَ َ كانُوا يُصِرُّو َ ن عََلى الْحِنْثِ الْعَظِي ِ م * وَ َ كانُوا يَُقوُلو َ ن َأئِ َ ذا مِتْنَا
- الواقعة: ٤٢ ]  وَ ُ كنَّا تُرَابًا وَعِ َ ظامًا َأئِنَّا َلمَبْعُوُثو َ ن * َأوَآَبَاؤُنَا الَْأوَُّلو َ ن
.[٤٨
أخي الكريم..
تذكر أنك ستعود.. والمغبون المحروم من الناس من أعمته الدنيا
والشهوات عن رؤية النعيم المقيم في الآخرة، وصرفته المغريات
والشبهات عن النظر إلى مصيره غدًا في قبره، ويوم الحساب.
فحدد أخي موقعك من هذه الحياة؛ فإنما هي أيام تسوقك
المعاد! وتطلب منك العدة والزاد، وإنما زادها لزوم العبادة والتقوى،
والصبر على الشهوات والبلوى، واجتناب ما زجر الله عنه وﻧﻬى!
يقول: إنكم من الليل والنهار في آجال  كان ابن عباس
منقوصة، وأعمال محفوظة، من زرع خيرًا يوشك أن يحصد رغبة،
ومن زرع شرًا يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثلمًا زرع، لا
يسبق بطيء بحظه، ولا يدرك مريض ما لم يقدر له، فمن أعطي
خيرًا فالله أعطاه، ومن وقي شرًا فالله وقاه.
حدد موقعك ١٥
وكان عطاء الخرساني يقول: إني لا أوصيكم بدنياكم، أنتم ﺑﻬا
مستوصون وأنتم عليها حراس، وإنما أوصيكم بآخرتكم، فخذوا من
دار الفناء لدار البقاء، واجعلوا الدنيا كشيء فارقتموه، فوالله
لتفارقنها، واجعلوا الموت كشيء ذقتموه، فوالله لتذوقنه، واجعلوا
الآخرة كشيء نزلتموه، فوالله لتنزلنها.
فقدم فدتك النفس نفسك إﻧﻬ ا
هي الثمن المبذول حين تسلم
فما ظفرت بالوصل نفس مهينة
ولا فاز عبد بالبطالة ينعم
وأقدم ولا تقنع بعيش منغص
فما فاز باللذات من ليس يقدم
وإن ضاقت الدنيا عليك بأسره ا
ولم يكن فيها منزل لك يعلم
فحي على جنات عدن فإﻧﻬا
منازلك الأولى وفيها المخيم
* * * *

رابحي نـائل
2011-09-26, 14:06
حدد هدفك .. حدد هدفك ... حدد طموحك .. حدد مستقبلك جدد ضميرك ...
شكرا على هذا الطرب الذي أثلج الصدور وعلى هذه الالحان التي أطربت النفوس وعلى هذا النسق والنقل والابداع الذي أحيا القلوب ... يجب علينا أن نحدد اهدافنا طموحاتنا مستقبلنا حياتنا في كل ما يرضي الله ورسوله
شكرا جزيلا

http://www7.0zz0.com/2011/09/26/08/581345905.jpg