المثابر120
2008-11-06, 11:34
الحريـة
الحريـة هي الحالة التي يستطيع فيها الأفراد أن يختاروا ويقرروا ويفعلوا بوحي من إرادتهم، ودونما أية ضغوط من أي نوع عليهم. وفي آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث بقيت هذه البلدان ولحقبة طويلة من الزمن ترزح تحت الحكم الاستعماري، ارتبط مفهوم الحرية بالاستقلال وحق تقرير المصير. وفي العالم الغربي ارتبط هذا المفهوم بالديمقراطية وقيام دولة مؤسسات يتم الفصل فيها بين السلطة التنفيذية (الحكومة) والتشريعية (البرلمان) والقضائية (المحاكم). ويرتبط المفهوم الغربي للحرية بالتعددية الحزبية، وحرية الصحافة، والحق في تشكيل النقابات والاتحادات. ويغيب في هذا المفهوم حق التكافل الاجتماعي. أما في النظم الشيوعية فقد جرى التركيز على تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين كالسكن والتعليم والعلاج المجاني، في حين غيبت الحرية السياسية بكل تشعباتها، وجرى التركيز على هيمنة الدولة على وسائل الإنتاج وقيادة الحزب الشيوعي للسلطة. أما الدين الإسلامي الحنيف فقد ركز على أهمية الموازنة بين حقوق المواطن السياسية والاقتصادية، وجعل الأمر وسطًا. فأكد على حق الإنسان في الحياة، واعتبر المجتمع مسؤولاً عن توفير الحاجات الضرورية لأفراده. كما ركز على حرية الإنسان وكرامته، واعتبره مسؤولاً عن أفعاله أمام الله وأمام الشرع، مستهدفًا بذلك حماية النفس والمال والعرض والكرامة الإنسانية بشكل متوازن.
أنواع الحريات
الإشارة إلى أنواع الحريات تعني بالتحديد هنا التصنيف الغربي لها الذي يجري تطبيقه في الدول الرأسمالية الغربية. وتصنف هذه الحريات في ثلاث مجموعات هي:
1- الحرية السياسية.
2 - الحرية الاجتماعية
3 - الحرية الاقتصادية.
الحرية السياسية.
وهي تتيح للإنسان فرصة المشاركة في اتخاذ القرارات الحكومية. وتشمل حق التصويت في اختيار أحد المرشحين المتنافسين على وظيفة عامة، وحق الفرد في ترشيح نفسه لوظيفة، والحق في نقد سياسات الحكومة.
ويرى بعض علماء الاجتماع أن الحرية السياسية غير ذات معنى إذا لم تؤازرها حقوق اقتصادية واجتماعية، إذ لا قيمة للتصويت إذا لم تتوافر حاجاتهم الأساسية.
1- الحرية الاجتماعية .
حسب المفهوم الغربي للديمقراطية تشمل الحرية الاجتماعية
حرية التعبير.
هي حق الناس في التعبير عن آرائهم وأفكارهم. فالناس بحاجة للمناقشات لتبادل الآراء حتى يتمكنوا من التوصل إلى قرارات مبنية على المعرفة في شؤون حياتهم السياسية. وحرية التعبير تعزز الحرية السياسية بلفت انتباه المسؤولين إلى الرأي العام.
وهي حقُّ يغطي جميع أشكال التعبير، بما في ذلك ما يُكتب في الكتب، والصحف، والمجلات، وما يُقال في الإذاعة والتلفاز، والأفلام.
ويضمن الحكم الإسلامي للناس حق التعبير عن آرائهم بحرية في إطار الشورى لأن الشورى تؤدي إلى انفتاح الآراء حول القضايا المختلفة التي تمس حياة المجمتع الإسلامي.
حدود حرية التعبير.
إن الذين يتمتعون بحقوق حرية التعبير لديهم واجبات تجاه احترام حقوق الآخرين وتتقيد حرية الفرد في التعبير بحقوق الآخرين، ومن ذلك حقهم في الاحتفاظ بسمعتهم الطيبة، وحقهم في الاحتفاظ بخصوصياتهم.
وتضع أغلب المجتمعات قيودًا مختلفة على ما قد يقوله الناس. فهم يمنعون الكلام الذي يعتقدون أنه قد يضر بالحكومة أو الناس، ولكن من الصعوبة بمكان رسم خط بين الكلام الضار، وغير الضار.
ولمعظم الدول الغربية أربعة قيود رئيسية على التعبير الحر وهي:
1- القوانين التي تتناول القذف، والتشهير وتمنع الكلام، أو النشر الذي يضر بسمعة الشخص. انظر: القذف ؛ التشهير.
2- بعض القوانين تمنع الكلام الذي يخدش الحياء العام باستعمال أقوال منافية للآداب العامة أو بتشجيع الناس على ارتكاب أفعال غير أخلاقية.
3- قوانين ضد التجسس، والخيانة، وتشجيع العنف، وتحريم الكلام الذي يُعرض الحياة أو الملكية أو الأمن القومي للخطر.
4- قوانين أخرى تحرم الكلام الذي يتعدى على حق الناس في عدم الإصغاء إليها، فمثلاً، قد يقيد قانون محلي فرعي الأوقات التي يستخدم الناس فيها مكبرات الصوت في نشر الإعلانات في الطرقات.
حرية الصحافة .
تعني حق نشر الحقائق والأفكار والآراء، دون تدخل من الحكومة، أو الجماعات الخاصة. وينطبق هذا الحق على الوسائل المطبوعة بما في ذلك الكتب والصحف والوسائل الإلكترونية التي تشمل المذياع والتلفاز.
نشأ الخلاف حول حرية الصحافة منذ أن بدأت الطباعة الحديثة في القرن الخامس عشر الميلادي لأن للكلمات قوة تأثير كبيرة على الناس. وتُعد قوة الإعلام اليوم أهم من أي وقت مضى بسبب كثرة وسائل الاتصال الحديثة. وتضع بعض الحكومات قيودًا على الصحافة لأنها تعتقد أنها تُستخدم لمعارضتها. وقد وضعت كثير من الحكومات الصحافة تحت سيطرتها لتخدم مصالحها. ويعمل معظم الناشرين والكُتاب على عكس ذلك من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من الحرية.
وتمنح الدساتير الديمقراطية حرية الصحافة لتشجيع تبادل الأفكار. ويحتاج المواطنون في النظم الديمقراطية الغربية إلى المعلومات لتساعدهم على تقرير ما إذا كانوا يؤيدون أو لايؤيدون السياسات التي تتبناها حكوماتهم. وفي النظام الديمقراطي، تنطبق حرية الصحافة، ليس فقط على الأمور السياسية والاجتماعية، ولكن أيضًا على الأعمال التجارية، والأمور الثقافية والدينية والعلمية.
وتُقيد معظم الحكومات الديمقراطية حرية الصحافة في ثلاثة أنواع من القضايا. وفي مثل هذه القضايا، تعتقد هذه الحكومات أن حرية الصحافة قد تعرض الأفراد، والأمن القومي، أو الأخلاق الاجتماعية للخطر. وهذه القضايا هي: 1- قوانين ضد القذف والاعتداء على الخصوصية، فتحمي الأفراد من الكتابات التي قد تهدد سمعتهم، أو خصوصيتهم. انظر: التشهير . 2- قوانين ضد الفتنة (إثارة الثورة) والخيانة لمنع نشر مواد تضر بأمن الدولة. 3-قوانين ضد أعمال منافية للآداب (كاللغة البذيئة) تهدف إلى حماية أخلاق الناس.
وحتى حين يكفل الدستور حرية الصحافة، فإن على الصحافة أن تنظم نفسها. ويتجنب الناشرون والمذيعون نشر مواد خارجة عن الآداب واللياقة، وأي أمر آخر قد يخدش حياء عدد كبير من القراء أو المشاهدين أو المستمعين، تطبيقًا لنظرية المسؤولية الاجتماعية في الإعلام.
وتفرض أشد القيود على الصحافة خلال أوقات الطوارئ الوطنية، وخاصة أوقات الحروب. فخلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، مثلاً، فرضت حكومات الدول المشتركة في الحرب حظرًا على نشر أي مواد من شأنها أن تتدخل في المجهود الحربي أو تضر بالأمن القومي.
وكانت أقسام الرقابة تتحقق من عدم ظهور مثل هذه المواد في الصحف أو الكتب أو الإذاعة.
وتختلف قيود الصحافة اختلافًا كبيرًا من بلد إلى آخر. ففي بريطانيا مثلاً، تقيِّد الصحافة نفسها عادة فيما تنشره عن بعض جوانب الحياة الخاصة لأعضاء العائلة المالكة. وفي إيطاليا، تفعل الصحافة ذلك بالنسبة للبابا.
وتحاول الحكومة الديمقراطية أحيانًا حظر تداول كتاب تعتقد أنه يخترق قوانين الأمن القومي. وقد تعترض الجماعات الدينية على كتاب أو فيلم يُعتقد أنه مسيء لها، وتحاول سحبه عن طريق الناشر أو الموزع.
وتفرض حكومات كثير من الدول قيودًا شديدة شاملة على الصحافة. ولعدد من دول آسيا، وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط، مجالس لمراقبة جميع المطبوعات المنشورة. ويعمل هؤلاء المراقبون على التأكد من أن الصحف والمطبوعات الأخرى تتبع توجيهات الحكومة، وتتفق مع السياسة الرسمية للدولة.
وفي الدكتاتورية الشيوعية، تتحكم الحكومة عادة في الصحافة، وفي وسائل الإعلام الإذاعية، عن طريق ملكية الصحف والإذاعة والتلفاز وإدارتها بنفسها. كما تعمل على التأكد من أن الصحافة تتبع سياسات الحزب.
نبذة تاريخية.
قيد الحكام وزعماء الكنيسة كتابة مواد معينة وتوزيعها حتى من قبل أن توجد الصحافة. وفي تلك الأيام، حينما كانت المواد كلها تُكتب باليد، كانت الكتب التي تُعد ضارة تُصادر أو تُخزن. ومنذ القرن الخامس الميلادي، فرضت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية قيودًا على المواد التي تعدها معارضة لتعليمات الكنيسة.
وكان على المطابع أن تحصل على ترخيص من المحكمة، أو من الهيئة الدينية لأي مواد تريد نشرها. وقد قام الشاعر الإنجليزي، والكاتب السياسي جون ميلتون عام 1644م بنقد مثل هذا الترخيص في كُتيبه آريو باغيتيكا، وكانت هذه المقالة من أوائل المقالات التي ناقشت حرية الصحافة. وفي القرن الثامن عشر الميلادي حصل الصحفيون على حق الاطلاع على تقارير جلسات البرلمان ونشرها. وتمكن بذلك الناس العاديون من قراءة ما يُقال. وبحلول القرن التاسع عشر الميلادي، حصلت صحافة كثير من الدول على قدر كبير من الحرية.
أساءت بعض الجهات استخدام حرية الصحافة. ففي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، مثلاً، نشرت بعض صحف الولايات المتحدة مواد زائفة ومثيرة لتجذب القراء، وقد فضل بعض الناس أن تُوقف النظم الحكومية مثل هذه التصرفات.
وفي أوائل القرن العشرين، كانت معظم الصحافة الحرة قد نضجت بحيث تحملت مسؤوليتها تجاه الجمهور، وأصبح الصحفيون والعاملون في مجالات الإعلام الأخرى أكثر اهتمامًا ووعيًا بمراجعة الحقائق، وإرسال الأخبار. وفي بعض البلاد، فقدت الصحافة مع ذلك حريتها. فمثلاً، حجر الفاشيون في إيطاليا والنازيون في ألمانيا، حرية الصحافة قبل الحرب العالمية الثانية وأثناءها، واستخدموا الصحافة لخدمة أغراضهم. وقد حكمت الدكتاتوريات المدنية أو العسكرية كثيرًا من الدول في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945م. وقد وضعت كل هذه الدول رقابة شديدة على الصحافة.
الحرية الدينية .
منصوص عليها في القرآن الكريم لقوله تعالى:
﴿ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين﴾ يونس: 99
ونجدها أيضًا في قوله تعالى: ﴿فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾ الكهف: 29
هذا فيما يتعلق بحرية الاعتقاد، أما التعامل مع أهل الأديان الأخرى فهو تعامل سمحٌ طيب كريم،
يقول الرسول ³ ( من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا ). سنن ابن ماجه في باب الديات.
ويقول الله تعالى: ﴿ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن﴾ العنكبوت: 46 بل إن الله ليوصي خيرًا في مجال التعامل مع المشركين الذين هم ليسوا بأهل كتاب
فيقول تعالى: ﴿وإنْ أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه﴾ التوبة: 6
فالدين الإسلامي نموذج ممتاز للحرية الدينية في علاقته بالأديان والمعتقدات الأخرى، فيما لا يضر بالمجتمع المسلم أو يسيء إلى أفراده.
أما بالنسبة للمسلم فليس هنالك حرية دينية وإنما هي واجبات يلتزم بها المسلم من يوم قبوله الدخول في الدين، ومنها ما هو ملزم للفرد ومنها ما هو ملزم للجماعة. فلفظ الحرية الدينية إذن ـ من خلال التصور الإسلامي ـ يقصد به حياة الفرد ودينه قبل دخوله الإسلام. أما إذا دخل الإنسان الإسلام أو كان في الأصل مسلمًا، فقد وجب عليه التقيد بمسار التوجيهات والتعاليم والشرائع والمناهج الإسلامية التي حددها الشرع وفصَّلتها السنَّة، ومن هنا بنى بعض العلماء فهمهم للآية الكريمة :
﴿ لا إكراه في الدين ...﴾ البقرة: 256
على أن الإكراه هو قبل دخول الدين وليس بعد الدخول فيه وإقامة شعائره ونسكه، فمن دخل الدين الإسلامي فلا حرية له في الردة عنه.
إن حرية العقيدة مثل جميع الحقوق ليست مطلقة، فدرجة الحرية الدينية التي يتمتع بها الناس تختلف من بلد إلى آخر.
وتمنع معظم الدول الممارسات الدينية التي تضر الناس أو التي يُعتقد أنها تهدد أو تُخرب المجتمع. فمعظم الحكومات مثلاً تمنع التضحية بالإنسان.
وقد كان الناس على مر التاريخ يُضطهدون بسبب معتقداتهم الدينية، ومن المحتمل أن إنكار حرية الدين ينبع من مصدرين رئيسيين أحدهما شخصي، والآخر سياسي. فالدين يمس أعمق المشاعر لدى كثير من الناس. وقد أدت الآراء الدينية القوية إلى عدم التسامح بين العقائد المختلفة. وترتبط بعض الحكومات بدين واحد وتَعُد الناس الذين يعتنقون أديانًا أخرى تهديدًا للسلطة السياسية. وقد تعتقد أن الدين خطر سياسي لأن الأديان تضع الولاء لله فوق طاعة الدولة.
في الغرب، سببت مسألة الأخلاق العديد من الصراعات بين الكنيسة والدولة. ويُعنى كل من الدين والحكومة بالأخلاق، فهما يعملان بانسجام إذا ما اتفقت الأهداف الأخلاقية التي تُقرها الدولة مع تلك التي تنادي بها الكنيسة، ولكن التنافر ينتج إذا تباينت آراؤهما عن الأخلاق. لذا تضاربت مصالح الكنيسة والدولة مما جعل الفصل بين الدين والدولة واجبًا، وبسبب هذا التضارب رفضت أوروبا الدين أصلاً، ونشأت بذور العلمانية الحديثة التي كان لها أثر واضح في كل تعاملاتهم. والمفروض أنه لا يرد مثل هذا الاختلاف في الإسلام، إذ إن مفهوم الأخلاق واحد راسخ في الكتاب والسنَّة الملزمين للمسلم حاكمًا ومحكومًا، كما أنه لايجوز فصل الدين عن الدولة في مفهوم الإسلام.
لم تكن الممارسات الدينية مسموحًا بها في المجتمعات الغربية بل كانت ممنوعة في بعض الدول التي يحكم فيها الطغاة. فقبل الثمانينيات من القرن العشرين، على سبيل المثال، قامت حكومات عدد من الدول الأوروبية الشيوعية باضطهاد المتدينين على مدى واسع، فالولاء الأكبر لدى الفرد في اعتقادهم يكون للشيوعية وليس لذات عليا. وبالرغم من أنهم لا يتظاهرون بتحريم الأديان كلية فإنهم يجعلون الأمر صعبًا على الناس في أن يمارسوا أي عقيدة. وفي أواخر الثمانينيات من القرن العشرين خفف القادة السوفييت معارضتهم للدين، فقد أَتَتْ الثورات الديمقراطية في شرق أوروبا بحكومات إصلاح بدلاً من الحكومات الشيوعية وسهلت هذه الحكومات الجديدة ممارسة الدين هناك خلال التسعينيات من القرن العشرين.
وفي بعض الدول التي لها دين رسمي، أو التي ينتمي الناس فيها لعقيدة واحدة، فإنه لا يكون للعقائد الأخرى أي حرية دينية. لكن كل الدول الإسلامية التي تتبع الإسلام وتعمل به وتحكمه في حياتها شريعة ومنهاجًا تتيح قدرًا من الحرية الدينية لا مثيل له في الديانات الأخرى. وكذلك فإن بعض الدول مثل بريطانيا والسويد، وفيهما دين رسمي تسمحان بحرية العبادة للجماعات الدينية الأخرى. وفي بعض الدول التي ليس لها دين رسمي قد يكون أعضاء الأقليات الدينية في حالة اقتصادية واجتماعية سيئة، فالأقليات الإسلامية في بعض بلاد العالم تلاقي حجرًا شديدًا على حريتها الدينية وتخضع لتقييد شديد على حق أفرادها في الوظائف والتعليم، وسلب لحقوق التملُّك وأموال الأوقاف. ويبدأ الحجر بمنعهم من استخدام الأسماء العربية وينتهي بنزع ملكياتهم، وقد يمتد إلى إزهاق الأرواح. والكاثوليك الرومانيون في أيرلندا الشمالية، حيث الغالبية العظمى فيها بروتستانت، يشكون من مثل هذه المعاملة غير العادلة.
نبذة تاريخية.
سمحت شعوب قديمة كثيرة بحرية دينية واسعة المدى، وقد كانت هذه الشعوب تعبد آلهة كثيرة، وكانت تقبل المجموعات التي تعبد آلهة جديدة. أما أصحاب الديانات السماوية، فقد لاقوا صعوبات جمة وسط عبدة الأوثان، لأنهم يعبدون إلهًا واحدًا ويؤمنون بأن ولاءهم لله أسمى من ولائهم لأي حام أو دولة.
خلال العصور الوسطى الممتدة من القرن السادس الميلادي إلى القرن السادس عشر الميلادي، سيطرت الكنيسة الكاثوليكية على أوروبا، وسمحت بالقليل من الحرية الدينية. واضطهدت الكنيسة المسلمين، وكانت تعاقب الناس على أية مخالفة لتعاليمها. وفي عام 1415م، أحرق النصراني الديني البوهيمي جون هس بعد ربطه إلى عمود وذلك لتحديه سلطة البابا. وعلى العكس من ذلك، ففي أواخر القرن السادس عشر الميلادي سمح الإمبراطور الهندي المسلم أكبر للنصارى والهندوس أن يُمارسوا معتقداتهم علنًا.
وقد أسفرت حركة الإصلاح الديني النصرانية التي حدثت في أوائل القرن السادس عشر الميلادي عن ظهور البروتستانتية. ولكن الكنيسة الكاثوليكية والحكام الكاثوليك، اضطهدوا جماعات البروتستانت في أوروبا. وقد اضطهدت كثير من المذاهب البروتستانتية الكاثوليك، وكذلك مذاهب بروتستانتية أخرى. أما الناس الذين كانوا يريدون الحرية الدينية فقد هاجروا من أوروبا إلى الأرض الجديدة في أمريكا. وخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، أدى تنوع الديانات الذي نتج عن حركة الإصلاح إلى زيادة التسامح الديني بين الطوائف النصرانية. ويزعم اليهود أنه في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين قتل النازيون الألمان مجموعة منهم، وترتفع أصوات في الغرب في الوقت الحاضر مدعومة بالأسانيد التاريخية والأبحاث الأثرية داحضة هذا الزعم.
حرية الاجتماع .
حق التجمع السلمي للناس لتبادل الأفكار أو للاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية، أو الاقتصادية أو السياسية وطلب إصلاحها. وتحترم الدساتير والتقاليد الديمقراطية في كل أنحاء العالم حق حرية التجمع. ولكن ليس هناك دولة بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية تدعي بأن هذا الحق مطلق.
في الولايات المتحدة.
يضمن أول تعديل في الدستور حق حرية التجمع، إذ ينص على أن الدولة ربما لا تسن أي قانون ينقص من حق الناس في التجمع سلميًا. وتؤكد كل دساتير الولايات على حرية التجمع. وتنظم معظم التجمعات العامة في الولايات المتحدة دون تدخل قوات الشرطة أو أي سلطة أخرى. ولكن في بعض الأحيان يقوم المسؤولون عن تنفيذ القانون بعملية اعتقالات عندما تكون التظاهرات السياسية كبيرة أو مثيرة للجدل، أو عندما تهدد تلك التظاهرات بالتحول إلى العنف، ولكن يتطلب من المحاكم تقديم تقارير عن مدى انتهاك الشرطة لحرية التجمع.
ولا يملك الناس حقًا مطلقًا في التجمع متى شاءوا وأينما أرادوا. وتضطلع السلطات في المدينة، أو الضاحية، أو الدولة بترتيب وتنظيم زمان ومكان وطريقة أو أسلوب التجمع.
في الدول الأخرى.
تقر كل الحكومات الديمقراطية بعض أشكال حرية التجمع، ولكن لم تصل أية واحدة منها إلى عقد تلك التجمعات بالمستوى الذي وجدت به في دستور الولايات المتحدة. تسمح المملكة المتحدة بصورة عامة بالتجمع السلمي، ولكن للشرطة البريطانية سلطات معتبرة لمنع أو اعتراض التجمعات الكبيرة إذا اعتقدت أن ذلك ضروريًا. وفي كندا، يضمن ميثاق الحقوق والحريات لعام 1982م بالتحديد حق حرية التجمع السلمي. كما أن المنظمات الدولية تقر حرية التجمع بوصفه حقًا من حقوق الإنسان الأساسية. والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م ينص على أنه ¸لكل فرد حق حرية التجمع السلمي·. كما تدعو منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة السماح للعمال بعقد الاجتماعات، والتنظيم بعيدًا عن تدخل الدولة.
الحرية التعليمية .
هي مجموعة من الحريات يتطلبها المعلمون والدارسون، وتشمل حق التعليم، والبحث، والكتابة، والنشر بما ينمي تطوير الفكر ونشر المعرفة.
حرية التقاضي وفقا لقواعد الإجراءات القانونية.
وهي تعني مجموعة من الشروط القانونية التي يجب استيفاؤها قبل معاقبة المتهم على جريمته. وتشمل حق الفرد في معرفة التهم الموجهة إليه. ويهدف من هذه الحرية حماية الناس من إيداعهم السجن بدون وجه حق.
2- الحرية الاقتصادية.
وهي تعني تمكن الناس من أن يتخذوا قراراتهم الاقتصادية بأنفسهم. وهذه الحرية تشمل حق الملكية، واستعمالها وجني الربح منها. فالعمال أحرار في اختيار وظائفهم، وللناس حرية ادخار المال واستثماره بمحض إرادتهم.
صيانة الحرية
توجد في معظم البلدان مؤسسات لحماية الأفراد وصيانة الحقوق. وتتكفل دساتير الدولة وقوانينها بتحديد حقوق الفرد وواجباته، ويقرر العديد من علماء الاجتماع الغربيين أمثال جان جاك روسو وجان لوك ومونتسكيو أن العلاقة بين أبناء الشعب والدول هي علاقة تعاقدية. وهذا ما يسود الآن في المجتمعات الغربية. ومع الإقرار بأهمية العلاقة التعاقدية بين الفرد والدولة، فإن هناك أشكالاً أخرى لضمان وجود علاقة متوازنة ومتكافئة بين الحاكم والمحكوم غير تلك التي نصت عليها الدساتير الغربية. فقد ضمنت الأديان والكتب السماوية حقوق الفرد، وأشارت إلى مبدأ الثواب والعقاب.
الحقوق.
تشير الدساتير الغربية إلى تعهد حكومات تلك الدول بحقوق معينة لمواطنيها، وتسمى تلك بالحقوق المدنية. وتختلف تلك الحقوق من بلد إلى آخر. ومن تلك الحقوق حق المُتهم في أن ينال محاكمة عادلة دون تعطيل لا مبرر له. وحق الفرد في التنقل داخل حدود وطنه.
قيود الحرية
تشكل قوانين أي مجتمع منظم مجموعة معقدة من الحريات والقيود المتوازنة. وينظر بعض الناس إلى القوانين على أنها عدو طبيعي للحرية. ويعتقد فوضويون أن كل النظم الحكومية تلغي الحرية. انظر: الفوضوية. على أن أغلب الناس يعتقدون أن القانون يقيد ويحمي حرية الفرد في آن واحد. فمثلاً، يمنع القانون من التعدي على الآخرين، لكنه يضمن أيضًا للناس بأنهم لن يُتعدّى عليهم.
أسباب القيود على الحرية.
السبب الرئيسي لتقييد الحرية كف الضرر عن الآخرين. ومن أجل تحقيق حرية متساوية لكل واحد، قد تضطر الحكومة لتقييد حرية أفراد أو مجموعات محددة من التصرف بطرق معينة. ومن أمثلة ذلك القوانين المانعة من التفرقة العنصرية في التوظيف. وقد يقيد المجتمع الحرية الفردية من أجل الحفاظ على النظام، وسير الأمور بيسر. فعندما يتعذر على سيارتين عبور ملتقى طريق في الوقت نفسه، دون اصطدام، فإن النظم تحدد أيتهما يجب أن تمر أولاً.
كذلك ينبغي على كل فرد القيام بواجبات ومسؤوليات معينة للحفاظ على المجتمع وحمايته. ومن أمثلة ذلك أن من واجب المواطن أن يدفع ضرائب، وأن يلبي النداء إذا استُدعي لمهمة. وهكذا فكرة الحرية الشخصية دائمًا مصحوبة بقدر من الواجب نحو المجتمع.
تابع >
الحريـة هي الحالة التي يستطيع فيها الأفراد أن يختاروا ويقرروا ويفعلوا بوحي من إرادتهم، ودونما أية ضغوط من أي نوع عليهم. وفي آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث بقيت هذه البلدان ولحقبة طويلة من الزمن ترزح تحت الحكم الاستعماري، ارتبط مفهوم الحرية بالاستقلال وحق تقرير المصير. وفي العالم الغربي ارتبط هذا المفهوم بالديمقراطية وقيام دولة مؤسسات يتم الفصل فيها بين السلطة التنفيذية (الحكومة) والتشريعية (البرلمان) والقضائية (المحاكم). ويرتبط المفهوم الغربي للحرية بالتعددية الحزبية، وحرية الصحافة، والحق في تشكيل النقابات والاتحادات. ويغيب في هذا المفهوم حق التكافل الاجتماعي. أما في النظم الشيوعية فقد جرى التركيز على تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين كالسكن والتعليم والعلاج المجاني، في حين غيبت الحرية السياسية بكل تشعباتها، وجرى التركيز على هيمنة الدولة على وسائل الإنتاج وقيادة الحزب الشيوعي للسلطة. أما الدين الإسلامي الحنيف فقد ركز على أهمية الموازنة بين حقوق المواطن السياسية والاقتصادية، وجعل الأمر وسطًا. فأكد على حق الإنسان في الحياة، واعتبر المجتمع مسؤولاً عن توفير الحاجات الضرورية لأفراده. كما ركز على حرية الإنسان وكرامته، واعتبره مسؤولاً عن أفعاله أمام الله وأمام الشرع، مستهدفًا بذلك حماية النفس والمال والعرض والكرامة الإنسانية بشكل متوازن.
أنواع الحريات
الإشارة إلى أنواع الحريات تعني بالتحديد هنا التصنيف الغربي لها الذي يجري تطبيقه في الدول الرأسمالية الغربية. وتصنف هذه الحريات في ثلاث مجموعات هي:
1- الحرية السياسية.
2 - الحرية الاجتماعية
3 - الحرية الاقتصادية.
الحرية السياسية.
وهي تتيح للإنسان فرصة المشاركة في اتخاذ القرارات الحكومية. وتشمل حق التصويت في اختيار أحد المرشحين المتنافسين على وظيفة عامة، وحق الفرد في ترشيح نفسه لوظيفة، والحق في نقد سياسات الحكومة.
ويرى بعض علماء الاجتماع أن الحرية السياسية غير ذات معنى إذا لم تؤازرها حقوق اقتصادية واجتماعية، إذ لا قيمة للتصويت إذا لم تتوافر حاجاتهم الأساسية.
1- الحرية الاجتماعية .
حسب المفهوم الغربي للديمقراطية تشمل الحرية الاجتماعية
حرية التعبير.
هي حق الناس في التعبير عن آرائهم وأفكارهم. فالناس بحاجة للمناقشات لتبادل الآراء حتى يتمكنوا من التوصل إلى قرارات مبنية على المعرفة في شؤون حياتهم السياسية. وحرية التعبير تعزز الحرية السياسية بلفت انتباه المسؤولين إلى الرأي العام.
وهي حقُّ يغطي جميع أشكال التعبير، بما في ذلك ما يُكتب في الكتب، والصحف، والمجلات، وما يُقال في الإذاعة والتلفاز، والأفلام.
ويضمن الحكم الإسلامي للناس حق التعبير عن آرائهم بحرية في إطار الشورى لأن الشورى تؤدي إلى انفتاح الآراء حول القضايا المختلفة التي تمس حياة المجمتع الإسلامي.
حدود حرية التعبير.
إن الذين يتمتعون بحقوق حرية التعبير لديهم واجبات تجاه احترام حقوق الآخرين وتتقيد حرية الفرد في التعبير بحقوق الآخرين، ومن ذلك حقهم في الاحتفاظ بسمعتهم الطيبة، وحقهم في الاحتفاظ بخصوصياتهم.
وتضع أغلب المجتمعات قيودًا مختلفة على ما قد يقوله الناس. فهم يمنعون الكلام الذي يعتقدون أنه قد يضر بالحكومة أو الناس، ولكن من الصعوبة بمكان رسم خط بين الكلام الضار، وغير الضار.
ولمعظم الدول الغربية أربعة قيود رئيسية على التعبير الحر وهي:
1- القوانين التي تتناول القذف، والتشهير وتمنع الكلام، أو النشر الذي يضر بسمعة الشخص. انظر: القذف ؛ التشهير.
2- بعض القوانين تمنع الكلام الذي يخدش الحياء العام باستعمال أقوال منافية للآداب العامة أو بتشجيع الناس على ارتكاب أفعال غير أخلاقية.
3- قوانين ضد التجسس، والخيانة، وتشجيع العنف، وتحريم الكلام الذي يُعرض الحياة أو الملكية أو الأمن القومي للخطر.
4- قوانين أخرى تحرم الكلام الذي يتعدى على حق الناس في عدم الإصغاء إليها، فمثلاً، قد يقيد قانون محلي فرعي الأوقات التي يستخدم الناس فيها مكبرات الصوت في نشر الإعلانات في الطرقات.
حرية الصحافة .
تعني حق نشر الحقائق والأفكار والآراء، دون تدخل من الحكومة، أو الجماعات الخاصة. وينطبق هذا الحق على الوسائل المطبوعة بما في ذلك الكتب والصحف والوسائل الإلكترونية التي تشمل المذياع والتلفاز.
نشأ الخلاف حول حرية الصحافة منذ أن بدأت الطباعة الحديثة في القرن الخامس عشر الميلادي لأن للكلمات قوة تأثير كبيرة على الناس. وتُعد قوة الإعلام اليوم أهم من أي وقت مضى بسبب كثرة وسائل الاتصال الحديثة. وتضع بعض الحكومات قيودًا على الصحافة لأنها تعتقد أنها تُستخدم لمعارضتها. وقد وضعت كثير من الحكومات الصحافة تحت سيطرتها لتخدم مصالحها. ويعمل معظم الناشرين والكُتاب على عكس ذلك من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من الحرية.
وتمنح الدساتير الديمقراطية حرية الصحافة لتشجيع تبادل الأفكار. ويحتاج المواطنون في النظم الديمقراطية الغربية إلى المعلومات لتساعدهم على تقرير ما إذا كانوا يؤيدون أو لايؤيدون السياسات التي تتبناها حكوماتهم. وفي النظام الديمقراطي، تنطبق حرية الصحافة، ليس فقط على الأمور السياسية والاجتماعية، ولكن أيضًا على الأعمال التجارية، والأمور الثقافية والدينية والعلمية.
وتُقيد معظم الحكومات الديمقراطية حرية الصحافة في ثلاثة أنواع من القضايا. وفي مثل هذه القضايا، تعتقد هذه الحكومات أن حرية الصحافة قد تعرض الأفراد، والأمن القومي، أو الأخلاق الاجتماعية للخطر. وهذه القضايا هي: 1- قوانين ضد القذف والاعتداء على الخصوصية، فتحمي الأفراد من الكتابات التي قد تهدد سمعتهم، أو خصوصيتهم. انظر: التشهير . 2- قوانين ضد الفتنة (إثارة الثورة) والخيانة لمنع نشر مواد تضر بأمن الدولة. 3-قوانين ضد أعمال منافية للآداب (كاللغة البذيئة) تهدف إلى حماية أخلاق الناس.
وحتى حين يكفل الدستور حرية الصحافة، فإن على الصحافة أن تنظم نفسها. ويتجنب الناشرون والمذيعون نشر مواد خارجة عن الآداب واللياقة، وأي أمر آخر قد يخدش حياء عدد كبير من القراء أو المشاهدين أو المستمعين، تطبيقًا لنظرية المسؤولية الاجتماعية في الإعلام.
وتفرض أشد القيود على الصحافة خلال أوقات الطوارئ الوطنية، وخاصة أوقات الحروب. فخلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، مثلاً، فرضت حكومات الدول المشتركة في الحرب حظرًا على نشر أي مواد من شأنها أن تتدخل في المجهود الحربي أو تضر بالأمن القومي.
وكانت أقسام الرقابة تتحقق من عدم ظهور مثل هذه المواد في الصحف أو الكتب أو الإذاعة.
وتختلف قيود الصحافة اختلافًا كبيرًا من بلد إلى آخر. ففي بريطانيا مثلاً، تقيِّد الصحافة نفسها عادة فيما تنشره عن بعض جوانب الحياة الخاصة لأعضاء العائلة المالكة. وفي إيطاليا، تفعل الصحافة ذلك بالنسبة للبابا.
وتحاول الحكومة الديمقراطية أحيانًا حظر تداول كتاب تعتقد أنه يخترق قوانين الأمن القومي. وقد تعترض الجماعات الدينية على كتاب أو فيلم يُعتقد أنه مسيء لها، وتحاول سحبه عن طريق الناشر أو الموزع.
وتفرض حكومات كثير من الدول قيودًا شديدة شاملة على الصحافة. ولعدد من دول آسيا، وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط، مجالس لمراقبة جميع المطبوعات المنشورة. ويعمل هؤلاء المراقبون على التأكد من أن الصحف والمطبوعات الأخرى تتبع توجيهات الحكومة، وتتفق مع السياسة الرسمية للدولة.
وفي الدكتاتورية الشيوعية، تتحكم الحكومة عادة في الصحافة، وفي وسائل الإعلام الإذاعية، عن طريق ملكية الصحف والإذاعة والتلفاز وإدارتها بنفسها. كما تعمل على التأكد من أن الصحافة تتبع سياسات الحزب.
نبذة تاريخية.
قيد الحكام وزعماء الكنيسة كتابة مواد معينة وتوزيعها حتى من قبل أن توجد الصحافة. وفي تلك الأيام، حينما كانت المواد كلها تُكتب باليد، كانت الكتب التي تُعد ضارة تُصادر أو تُخزن. ومنذ القرن الخامس الميلادي، فرضت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية قيودًا على المواد التي تعدها معارضة لتعليمات الكنيسة.
وكان على المطابع أن تحصل على ترخيص من المحكمة، أو من الهيئة الدينية لأي مواد تريد نشرها. وقد قام الشاعر الإنجليزي، والكاتب السياسي جون ميلتون عام 1644م بنقد مثل هذا الترخيص في كُتيبه آريو باغيتيكا، وكانت هذه المقالة من أوائل المقالات التي ناقشت حرية الصحافة. وفي القرن الثامن عشر الميلادي حصل الصحفيون على حق الاطلاع على تقارير جلسات البرلمان ونشرها. وتمكن بذلك الناس العاديون من قراءة ما يُقال. وبحلول القرن التاسع عشر الميلادي، حصلت صحافة كثير من الدول على قدر كبير من الحرية.
أساءت بعض الجهات استخدام حرية الصحافة. ففي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، مثلاً، نشرت بعض صحف الولايات المتحدة مواد زائفة ومثيرة لتجذب القراء، وقد فضل بعض الناس أن تُوقف النظم الحكومية مثل هذه التصرفات.
وفي أوائل القرن العشرين، كانت معظم الصحافة الحرة قد نضجت بحيث تحملت مسؤوليتها تجاه الجمهور، وأصبح الصحفيون والعاملون في مجالات الإعلام الأخرى أكثر اهتمامًا ووعيًا بمراجعة الحقائق، وإرسال الأخبار. وفي بعض البلاد، فقدت الصحافة مع ذلك حريتها. فمثلاً، حجر الفاشيون في إيطاليا والنازيون في ألمانيا، حرية الصحافة قبل الحرب العالمية الثانية وأثناءها، واستخدموا الصحافة لخدمة أغراضهم. وقد حكمت الدكتاتوريات المدنية أو العسكرية كثيرًا من الدول في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945م. وقد وضعت كل هذه الدول رقابة شديدة على الصحافة.
الحرية الدينية .
منصوص عليها في القرآن الكريم لقوله تعالى:
﴿ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين﴾ يونس: 99
ونجدها أيضًا في قوله تعالى: ﴿فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾ الكهف: 29
هذا فيما يتعلق بحرية الاعتقاد، أما التعامل مع أهل الأديان الأخرى فهو تعامل سمحٌ طيب كريم،
يقول الرسول ³ ( من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا ). سنن ابن ماجه في باب الديات.
ويقول الله تعالى: ﴿ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن﴾ العنكبوت: 46 بل إن الله ليوصي خيرًا في مجال التعامل مع المشركين الذين هم ليسوا بأهل كتاب
فيقول تعالى: ﴿وإنْ أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه﴾ التوبة: 6
فالدين الإسلامي نموذج ممتاز للحرية الدينية في علاقته بالأديان والمعتقدات الأخرى، فيما لا يضر بالمجتمع المسلم أو يسيء إلى أفراده.
أما بالنسبة للمسلم فليس هنالك حرية دينية وإنما هي واجبات يلتزم بها المسلم من يوم قبوله الدخول في الدين، ومنها ما هو ملزم للفرد ومنها ما هو ملزم للجماعة. فلفظ الحرية الدينية إذن ـ من خلال التصور الإسلامي ـ يقصد به حياة الفرد ودينه قبل دخوله الإسلام. أما إذا دخل الإنسان الإسلام أو كان في الأصل مسلمًا، فقد وجب عليه التقيد بمسار التوجيهات والتعاليم والشرائع والمناهج الإسلامية التي حددها الشرع وفصَّلتها السنَّة، ومن هنا بنى بعض العلماء فهمهم للآية الكريمة :
﴿ لا إكراه في الدين ...﴾ البقرة: 256
على أن الإكراه هو قبل دخول الدين وليس بعد الدخول فيه وإقامة شعائره ونسكه، فمن دخل الدين الإسلامي فلا حرية له في الردة عنه.
إن حرية العقيدة مثل جميع الحقوق ليست مطلقة، فدرجة الحرية الدينية التي يتمتع بها الناس تختلف من بلد إلى آخر.
وتمنع معظم الدول الممارسات الدينية التي تضر الناس أو التي يُعتقد أنها تهدد أو تُخرب المجتمع. فمعظم الحكومات مثلاً تمنع التضحية بالإنسان.
وقد كان الناس على مر التاريخ يُضطهدون بسبب معتقداتهم الدينية، ومن المحتمل أن إنكار حرية الدين ينبع من مصدرين رئيسيين أحدهما شخصي، والآخر سياسي. فالدين يمس أعمق المشاعر لدى كثير من الناس. وقد أدت الآراء الدينية القوية إلى عدم التسامح بين العقائد المختلفة. وترتبط بعض الحكومات بدين واحد وتَعُد الناس الذين يعتنقون أديانًا أخرى تهديدًا للسلطة السياسية. وقد تعتقد أن الدين خطر سياسي لأن الأديان تضع الولاء لله فوق طاعة الدولة.
في الغرب، سببت مسألة الأخلاق العديد من الصراعات بين الكنيسة والدولة. ويُعنى كل من الدين والحكومة بالأخلاق، فهما يعملان بانسجام إذا ما اتفقت الأهداف الأخلاقية التي تُقرها الدولة مع تلك التي تنادي بها الكنيسة، ولكن التنافر ينتج إذا تباينت آراؤهما عن الأخلاق. لذا تضاربت مصالح الكنيسة والدولة مما جعل الفصل بين الدين والدولة واجبًا، وبسبب هذا التضارب رفضت أوروبا الدين أصلاً، ونشأت بذور العلمانية الحديثة التي كان لها أثر واضح في كل تعاملاتهم. والمفروض أنه لا يرد مثل هذا الاختلاف في الإسلام، إذ إن مفهوم الأخلاق واحد راسخ في الكتاب والسنَّة الملزمين للمسلم حاكمًا ومحكومًا، كما أنه لايجوز فصل الدين عن الدولة في مفهوم الإسلام.
لم تكن الممارسات الدينية مسموحًا بها في المجتمعات الغربية بل كانت ممنوعة في بعض الدول التي يحكم فيها الطغاة. فقبل الثمانينيات من القرن العشرين، على سبيل المثال، قامت حكومات عدد من الدول الأوروبية الشيوعية باضطهاد المتدينين على مدى واسع، فالولاء الأكبر لدى الفرد في اعتقادهم يكون للشيوعية وليس لذات عليا. وبالرغم من أنهم لا يتظاهرون بتحريم الأديان كلية فإنهم يجعلون الأمر صعبًا على الناس في أن يمارسوا أي عقيدة. وفي أواخر الثمانينيات من القرن العشرين خفف القادة السوفييت معارضتهم للدين، فقد أَتَتْ الثورات الديمقراطية في شرق أوروبا بحكومات إصلاح بدلاً من الحكومات الشيوعية وسهلت هذه الحكومات الجديدة ممارسة الدين هناك خلال التسعينيات من القرن العشرين.
وفي بعض الدول التي لها دين رسمي، أو التي ينتمي الناس فيها لعقيدة واحدة، فإنه لا يكون للعقائد الأخرى أي حرية دينية. لكن كل الدول الإسلامية التي تتبع الإسلام وتعمل به وتحكمه في حياتها شريعة ومنهاجًا تتيح قدرًا من الحرية الدينية لا مثيل له في الديانات الأخرى. وكذلك فإن بعض الدول مثل بريطانيا والسويد، وفيهما دين رسمي تسمحان بحرية العبادة للجماعات الدينية الأخرى. وفي بعض الدول التي ليس لها دين رسمي قد يكون أعضاء الأقليات الدينية في حالة اقتصادية واجتماعية سيئة، فالأقليات الإسلامية في بعض بلاد العالم تلاقي حجرًا شديدًا على حريتها الدينية وتخضع لتقييد شديد على حق أفرادها في الوظائف والتعليم، وسلب لحقوق التملُّك وأموال الأوقاف. ويبدأ الحجر بمنعهم من استخدام الأسماء العربية وينتهي بنزع ملكياتهم، وقد يمتد إلى إزهاق الأرواح. والكاثوليك الرومانيون في أيرلندا الشمالية، حيث الغالبية العظمى فيها بروتستانت، يشكون من مثل هذه المعاملة غير العادلة.
نبذة تاريخية.
سمحت شعوب قديمة كثيرة بحرية دينية واسعة المدى، وقد كانت هذه الشعوب تعبد آلهة كثيرة، وكانت تقبل المجموعات التي تعبد آلهة جديدة. أما أصحاب الديانات السماوية، فقد لاقوا صعوبات جمة وسط عبدة الأوثان، لأنهم يعبدون إلهًا واحدًا ويؤمنون بأن ولاءهم لله أسمى من ولائهم لأي حام أو دولة.
خلال العصور الوسطى الممتدة من القرن السادس الميلادي إلى القرن السادس عشر الميلادي، سيطرت الكنيسة الكاثوليكية على أوروبا، وسمحت بالقليل من الحرية الدينية. واضطهدت الكنيسة المسلمين، وكانت تعاقب الناس على أية مخالفة لتعاليمها. وفي عام 1415م، أحرق النصراني الديني البوهيمي جون هس بعد ربطه إلى عمود وذلك لتحديه سلطة البابا. وعلى العكس من ذلك، ففي أواخر القرن السادس عشر الميلادي سمح الإمبراطور الهندي المسلم أكبر للنصارى والهندوس أن يُمارسوا معتقداتهم علنًا.
وقد أسفرت حركة الإصلاح الديني النصرانية التي حدثت في أوائل القرن السادس عشر الميلادي عن ظهور البروتستانتية. ولكن الكنيسة الكاثوليكية والحكام الكاثوليك، اضطهدوا جماعات البروتستانت في أوروبا. وقد اضطهدت كثير من المذاهب البروتستانتية الكاثوليك، وكذلك مذاهب بروتستانتية أخرى. أما الناس الذين كانوا يريدون الحرية الدينية فقد هاجروا من أوروبا إلى الأرض الجديدة في أمريكا. وخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، أدى تنوع الديانات الذي نتج عن حركة الإصلاح إلى زيادة التسامح الديني بين الطوائف النصرانية. ويزعم اليهود أنه في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين قتل النازيون الألمان مجموعة منهم، وترتفع أصوات في الغرب في الوقت الحاضر مدعومة بالأسانيد التاريخية والأبحاث الأثرية داحضة هذا الزعم.
حرية الاجتماع .
حق التجمع السلمي للناس لتبادل الأفكار أو للاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية، أو الاقتصادية أو السياسية وطلب إصلاحها. وتحترم الدساتير والتقاليد الديمقراطية في كل أنحاء العالم حق حرية التجمع. ولكن ليس هناك دولة بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية تدعي بأن هذا الحق مطلق.
في الولايات المتحدة.
يضمن أول تعديل في الدستور حق حرية التجمع، إذ ينص على أن الدولة ربما لا تسن أي قانون ينقص من حق الناس في التجمع سلميًا. وتؤكد كل دساتير الولايات على حرية التجمع. وتنظم معظم التجمعات العامة في الولايات المتحدة دون تدخل قوات الشرطة أو أي سلطة أخرى. ولكن في بعض الأحيان يقوم المسؤولون عن تنفيذ القانون بعملية اعتقالات عندما تكون التظاهرات السياسية كبيرة أو مثيرة للجدل، أو عندما تهدد تلك التظاهرات بالتحول إلى العنف، ولكن يتطلب من المحاكم تقديم تقارير عن مدى انتهاك الشرطة لحرية التجمع.
ولا يملك الناس حقًا مطلقًا في التجمع متى شاءوا وأينما أرادوا. وتضطلع السلطات في المدينة، أو الضاحية، أو الدولة بترتيب وتنظيم زمان ومكان وطريقة أو أسلوب التجمع.
في الدول الأخرى.
تقر كل الحكومات الديمقراطية بعض أشكال حرية التجمع، ولكن لم تصل أية واحدة منها إلى عقد تلك التجمعات بالمستوى الذي وجدت به في دستور الولايات المتحدة. تسمح المملكة المتحدة بصورة عامة بالتجمع السلمي، ولكن للشرطة البريطانية سلطات معتبرة لمنع أو اعتراض التجمعات الكبيرة إذا اعتقدت أن ذلك ضروريًا. وفي كندا، يضمن ميثاق الحقوق والحريات لعام 1982م بالتحديد حق حرية التجمع السلمي. كما أن المنظمات الدولية تقر حرية التجمع بوصفه حقًا من حقوق الإنسان الأساسية. والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م ينص على أنه ¸لكل فرد حق حرية التجمع السلمي·. كما تدعو منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة السماح للعمال بعقد الاجتماعات، والتنظيم بعيدًا عن تدخل الدولة.
الحرية التعليمية .
هي مجموعة من الحريات يتطلبها المعلمون والدارسون، وتشمل حق التعليم، والبحث، والكتابة، والنشر بما ينمي تطوير الفكر ونشر المعرفة.
حرية التقاضي وفقا لقواعد الإجراءات القانونية.
وهي تعني مجموعة من الشروط القانونية التي يجب استيفاؤها قبل معاقبة المتهم على جريمته. وتشمل حق الفرد في معرفة التهم الموجهة إليه. ويهدف من هذه الحرية حماية الناس من إيداعهم السجن بدون وجه حق.
2- الحرية الاقتصادية.
وهي تعني تمكن الناس من أن يتخذوا قراراتهم الاقتصادية بأنفسهم. وهذه الحرية تشمل حق الملكية، واستعمالها وجني الربح منها. فالعمال أحرار في اختيار وظائفهم، وللناس حرية ادخار المال واستثماره بمحض إرادتهم.
صيانة الحرية
توجد في معظم البلدان مؤسسات لحماية الأفراد وصيانة الحقوق. وتتكفل دساتير الدولة وقوانينها بتحديد حقوق الفرد وواجباته، ويقرر العديد من علماء الاجتماع الغربيين أمثال جان جاك روسو وجان لوك ومونتسكيو أن العلاقة بين أبناء الشعب والدول هي علاقة تعاقدية. وهذا ما يسود الآن في المجتمعات الغربية. ومع الإقرار بأهمية العلاقة التعاقدية بين الفرد والدولة، فإن هناك أشكالاً أخرى لضمان وجود علاقة متوازنة ومتكافئة بين الحاكم والمحكوم غير تلك التي نصت عليها الدساتير الغربية. فقد ضمنت الأديان والكتب السماوية حقوق الفرد، وأشارت إلى مبدأ الثواب والعقاب.
الحقوق.
تشير الدساتير الغربية إلى تعهد حكومات تلك الدول بحقوق معينة لمواطنيها، وتسمى تلك بالحقوق المدنية. وتختلف تلك الحقوق من بلد إلى آخر. ومن تلك الحقوق حق المُتهم في أن ينال محاكمة عادلة دون تعطيل لا مبرر له. وحق الفرد في التنقل داخل حدود وطنه.
قيود الحرية
تشكل قوانين أي مجتمع منظم مجموعة معقدة من الحريات والقيود المتوازنة. وينظر بعض الناس إلى القوانين على أنها عدو طبيعي للحرية. ويعتقد فوضويون أن كل النظم الحكومية تلغي الحرية. انظر: الفوضوية. على أن أغلب الناس يعتقدون أن القانون يقيد ويحمي حرية الفرد في آن واحد. فمثلاً، يمنع القانون من التعدي على الآخرين، لكنه يضمن أيضًا للناس بأنهم لن يُتعدّى عليهم.
أسباب القيود على الحرية.
السبب الرئيسي لتقييد الحرية كف الضرر عن الآخرين. ومن أجل تحقيق حرية متساوية لكل واحد، قد تضطر الحكومة لتقييد حرية أفراد أو مجموعات محددة من التصرف بطرق معينة. ومن أمثلة ذلك القوانين المانعة من التفرقة العنصرية في التوظيف. وقد يقيد المجتمع الحرية الفردية من أجل الحفاظ على النظام، وسير الأمور بيسر. فعندما يتعذر على سيارتين عبور ملتقى طريق في الوقت نفسه، دون اصطدام، فإن النظم تحدد أيتهما يجب أن تمر أولاً.
كذلك ينبغي على كل فرد القيام بواجبات ومسؤوليات معينة للحفاظ على المجتمع وحمايته. ومن أمثلة ذلك أن من واجب المواطن أن يدفع ضرائب، وأن يلبي النداء إذا استُدعي لمهمة. وهكذا فكرة الحرية الشخصية دائمًا مصحوبة بقدر من الواجب نحو المجتمع.
تابع >