تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هو ذا مستوى شعر الزهد حقا .


علي النموشي
2008-11-05, 19:46
قرأت هذه القصة التي تحوي أبياتا روعة في الزهد والصدق ، رغم أنها من شعر الخوارج .

وحدث حماد الراوية أن الحجاج سهر ليلة بالكوفة، فقال لحرسي: ائتني بمحدث من المسجد، فاعترض رجلا جسيما عظيما، فقال له: أجب الأمير، فانطلق به حتى أدخله إليه، فلم يسلم ولا نطق حتى قال له الحجاج: إيه ما عندك. فلم يتكلم، فقال للحرسي، أخرجه الله نفسك، أمرتك أن تأتيني بمحدث فأتيتني بمرعوب قد ذهب فؤاده، فخرج الحجاج ومعه صرة دراهم إلى المسجد، فجعل يناول الناس فيأخذونها، حتى انتهى إلى شيخ، فأعطاه فنبذها، فأعادها الحجاج فردها، ففعل ذلك الحجاج ثلاثا، فدنا منه الحجاج وقال: أنا الحجاج فأخذها، ودخل القصر، وقال للحرسي: ألحقني به، فدخل فسلم بلسان ذلق وقلب شديد، فقال له الحجاج: ممن الرجل؟ فقال: من بني شيبان، قال: ما اسمك. قال سميرة بن الجعد، قال: يا سميرة، هل قرأت القرآن؟ قال: جمعته في صدري فإن عملت به فقد حفظته وإن لم أعمل به ضيعته، قال: فهل يفرض؟ قال: إني لأفرض الصلب وأعرف الاختلاف في الجد، قال: فهل تبصر الفقه؟ قال: إني لأبصر ما أقوم به أهلي وأرشد ذا العمى من قومي، قال: فهل تعرف النجوم؟ قال: إني لأعرف منازل القمر، وما أهتدي به في السفر، قال: فهل تروي الشعر؟ قال: إني لأروي المثل والشاهد، قال: المثل قد عرفناه فما الشاهد. قال: اليوم يكون للعرب من أيامها عليه شاهد من الشعر، فإني أروي ذلك الشاهد، فاتخذه الحجاج سميرا، فلم يك يطلب شيئا من الحديث إلا وجد عنده منه علما، وكان يرى رأي الخوارج وكان من أصحاب قطري بن الفجاءة التميمي، والفجاءة أمة، وكانت من بني شيبان، وإنما هو رجل من تميم، وكان قطري يومئذ يحارب المهلب، فبلغ قطريا مكان سميرة من الحجاج، فكتب إليه بأبيات منها:
لشتان ما بيـن ابن جعـد وبيننا ***** إذا نحن رحنا في الحديد المظاهر
نجــاهـد فرســــان المهلـب كلنـا ***** صبور على وقع السيوف البواتر
وراح يجــــر الخــز عنـد أميـره ***** أميـر بتقــــــــــوى ربـه غيـر آمر
أبا الجعد، أين العلم والحلم والنهى****** وميـراث آبـاء كـرام العناصر
ألم تر أن المـوت لا شـــك نازل ***** ولا بد من بعث الألـى في المقابر
حفـاة عـراة والثــــــــواب لربهـم ***** فمـن بين ذي ربـح وآخر خاسر
فإن الذي قـد نلت يفنــــى، وإنما ***** حيـاتك في الدنيـا كوقعـة طائر
فراجع أبـا جعد ولا تـك مفضيا *****على ظلمـة أعشت جميع النواظر
وتب توبـة تهــــدي إليـك شهـادة ***** فإنـك ذو ذنـب ولسـت بكـافر
وسـر نحونـا تلق الجهاد غنيمــــة ***** تفـدك ابتياعـا رابحا غير خاسرهي الغاية القصوى الرغيب ثوابها ***** إذا نـال في الدنيا الغنى كل تاجر
فلما قرأ كتابه بكى وركب فرسه وأخذ سلاحه، ولحق بقطري، وطلبه الحجاج فلم يقدر عليه، ولم يشعر الحجاج إلا وكتاب قد بدر منه شعر قطري الذي كان كتب به إليه وفي أسفل الكتاب إلى الحجاج أبيات، منها:
فمن مبلـغ الحجـاج أن سميـــــرة ***** قلا كل ديـن غير دين الخوارج
رأى الناس إلا من رأى مثل رأيه ***** ملاعين تراكين قصـد المخارج
فأقبلـت نحـــــو الله بـالله واثقــــا ***** ومـــــا كربتـي غير الإلـه بفارج
إلى عصبـة، أمـا النهـار فإنهــــم ***** هم الأسد أسد الغيل عند التهايج
وأمـا إذا ما الليــــــل جـن فإنهـم ***** قيام كــأنواع النســــــــاء النواشج
ينـادون للتحكيــــــم، تـالله إنهـم ***** رأوا حكم عمــرو كالرياح الهوائج
وحكم ابن قيس مثل ذاك فأعصموا ***** بحبل شديـد المتـن ليس بناهج
فطرح الحجاج هذا الكتاب إلى عنبسة بن سعيد، فقال: هذا سميرنا الشيباني، وهو من الخوارج، ولا نعلم به.

عبد الحليم صياد
2008-11-05, 20:23
:19: :19: شكرا اخي على اتحفتنا بهذه القصة وبهذه الابيات الرائعة تقبل تحياتي واشواقي اخوك "حليم":19::19:

علي النموشي
2008-11-05, 20:34
شكرا على المرور أخانا الكريم عبد الحليم . لكن أين كنت ؟؟؟ لما هذا الغياب ؟؟؟ خيرا ان شاء الله .