الفيلق
2011-09-19, 09:46
بسم الله الرحمن الرحيم
من المعروف أن الأنساب تتوارثها الأجيال كابراً عن كابر, ولولا هذا التوارث لجهلت كثيرٌ من الأنساب, ومن هذا الطريق, ألّفت كتب الأنساب, فالنسّابة ليس عالماً بالغيب, ولا يأتيه وحيٌ من السماء, ينبّئه بأنساب العرب, بل هو ناقل عن أبناء القبائل, فيما توارثوه عن أسلافهم, وبما أنّ الأنساب تنقل بالتوارث, فقد جمعت العديد من الروايات التي رويت عن رواة من عتيبة, تشير هذه الروايات إلى نسب قبيلة عتيبة, إضافة إلى العديد من المصادر التاريخية التي تفيد هذه الحقيقة. وجعلت الروايات المنقولة من وراة عتيبة أولا ثم عكفت على ذكر ما ورد في كتب التاريخ عن نسب عتيبة.
فمن هذه الروايات:
1- قال الشاعر أحمد بن دبيس القسوري (من أعيان النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري) من قصيدة له أمام أحد اشراف مكّة:
حِنَّا عَوَانِيْـــكُم فالايَّـام القِدِيمَة وان كِنْت جَاحِدٍ عِنْدِي أولاد الحَلال
جَــدّك رسـول الله رابِيتِه حِلِيمَة ظَلَّت تِشِيلِه من حَلال اليا حَلال
أي أقرباءكم من جهة النساء, يقال لمن يقرب للرجل من جهة النساء عاني وجمعها عواني.
2- وروى لي سعدون بن فهد الهِرس, نقلاً عن الراوي دُليم بن عائض المقعار الحافي, عن الشيخ عمر بن عبدالرحمن بن ربيعان (ت 1400هـ): أن الشيخ مسلط بن محمّد بن ربيعان, (ت 1311هـ) كان في ضيافة الأمير ابن رشيد حاكم حائِل, فاحتدم النقاش بينهم عن أصول الخيل, فبدر من ابن رشيد كلامٌ أغضب الشيخ مسلط, فقال الشيخ مسلط: "الخيل نعرفها من يوم طاردنا عليها الصحابة يوم حنين " ا.هـ
3- وقال دليم الطِرّ المرشدي (من أعيان النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري) في قصيدة له:
وحنّا شبابة نَاخِذ الفِعِل بالدَوْل حــبلٍ يمـــدُّونِه وحَــبلٍ نِشْدّه
4- وقال سلطان المريبض (من أعيان النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري):
لا جَاك طِرْقِي العتيبي عِقِب يَاَس يَنْـِشد عن العــتبان بَاغٍ شِـبَابَة
5- وروى لي سعدون بن فهد الهِرس, عن الراوي محمّد بن حويل العصيمي, أن الشاعر الشهير عبدالله بن حمود بن سبيِّل (ت 1352هـ) قال في قصيدةٍ يمدح الرباعين:
أنْتُم هَوَازِن من عُصُور الصَحَابَة أَهْلَ السُيوف اللِّي يقصِّن الارْقَاَب
6- وقال الشاعر محمّد بن سالِم بن جروان العليّاني القحطاني (ت 1403هـ) في قصيدة يمدح بها قومه:
سِقْنَا حَلِيمَة لِين جَوّ الحَرَّه اللِّي على لَطْم الحِفِيف اجْسَار
وهذه الرواية تفيدنا أن بني سعد, كانوا يعرفون إلى وقتٍ قريب, باسم: حليمة. ويعنون بها حليمة السعديّة, ظئر النبي .
قلت: وهذه الروايات الشفويّة, تفيد عدّة أمور:
أولها: أن عتيبة هم أظآر النبي, الذي فيهم استرضع, كما صرّحت بذلك ألأبيات الشعريّة, المرويّة عن ابن دبيس القسوري.
ثانيها: أنهم القوم الذين حاربوا الصحابة يوم حنين, كما صرّحت بذلك الرواية المنقولة عن الشيخ مسلط بن ربيعان.
ثالثها: أنهم هم هوازن كما صرّحت بذلك ألأبيات الشعريّة المرويّة عن ابن سبيّل الباهلي.
رابعها: أنهم بنو حليمة, وممّا لا شكّ فيه, أنّ المقصود بها حليمة السعديّة, ظئر النبي , ونسبة أمومتها إلى عتيبة, ربما تكون حقيقيّة, وربما تكون مجازيّة, فإن كانت النسبة مجازيّة, وهو الأغلب, فإنّهم إنّما نسبوا إليها؛ لشرفها وعظيم منزلتها برضاعة وحضانة النبي , فيكون نسبة العتبان إليها؛ لشهرتها فيهم, والله أعلم.
خامسها: أنّ المقصود ببني سعد عتيبة, هم بنو سعد بن بكر بن هوازن, كما أشارت إلى ذلك أبيات ابن دبيس, وأبيات ابن جروان.
سادسها: أنّ عتيبة فرعٌ من شبابة, كما أشارت إلى ذلك أبيات المرشدي والرويس, وشبابة عند نسّابة عتيبة, حلفٌ من أحلاف العرب.
وإليك الأىن ما ورد في كتب التاريخ والأنساب عن نسب قبيلة عتيبة:
1- قال المؤرّخ حسن بن جمال الريكي, في كتابه: لمع الشهاب في سيرة الشيخ محمّد بن عبدالوهّاب, والذي ألّفه حدود سنة 1232ه, ما نصّه: "أمّا قبيلة عتيبة, فهي قبيلة كبيرة, سابقاً تسمّى هوازن" ا.هـ
2- وقال إبراهيم بن صبغة الله الحيدري البغدادي (ت 1299هـ) في كتابه: عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد, والذي فرغ من تأليف سنة 1286ه, في ذكر نسب عتيبة, ما نصّه: "وهم على ما ذكره صاحب نهاية الآرب بطن من جذام القحطانيّة بنو عتيبة بن أسلم بن مالك بن شنؤة بن بديل بن حشيم بن جذام" ا.هـ
قلت: والمعروف في كتب النسب: أنّه عتيب بن أسلم, وليس عتيبة بن أسلم, وفي معرفة الاسم الحقيقي للقبيلة الجذاميّة, بطلان لنسبة عتيبة إليها, فهؤلاء عتيبة, وأولئك عتيب.
3- وقال أحمد بن محمّد الحضراوي (ت 1327هـ) في كتابه: نزهة الفكر فيما وقع من الحوادث والعبر, ما نصّه: "وعتيبة بطن من هوازن" ا.هـ
4- وقال عبدالستّار الدهلوي (ت 1355هـ) في كتابه: تحفة الأحباب في بيان اتصال الأنساب, ما نصّه: "قبائل عتيبة, وهم قديماً يعرفون بهوازن, وهي قبيلة من قيس, وهو هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان" ا.هـ
5- وقال شرف بن عبدالمحسن البركاتي (ت 1358هـ) في كتابه: الرحلة اليمانيّة, ما نصّه: "قبائل عتيبة, وهذا الاسم شامل لجملة قبائل متحالفة .. عتيبة وهوازن متحالفان, فحقيقة عتيبة هي هوازن" ا.هـ
6- وقال شكيب أرسلان (ت 1366هـ) في رحلته المسمّاه: الارتسامات اللطاف, ما نصّه: "عتيبة هي من هوازن, وقد بحثت عن عتيبة في الكتب القديمة, فلم أجد إلّا قولهم: عتيبة قبيلة من العرب. وقد ذكروا أنّ حيّاً من العرب اسمه عتيب, وأمّا هوازن فمن قبائل قيس, وهم بنو هوازن بن منصور" ا.هـ
7- وقال خالد بن محمّد الفرج (ت 1374هـ) في كتابه: الخبر والعيان في تاريخ نجد, ما نصّه: "عتيبة هي هوازن" ا.هـ
8- وقال الشيخ محمّد بن عبدالله بن بليهد (ت 1377هـ) في كتابه: صحيح الأخبار عمّا في بلاد العرب من الآثار, ما نصّه: "وقبائل هوازن في منازلها من العهد الجاهلي إلى هذا العهد, وأطلق اليوم على تلك القبائل اسم عتيبة, وما رأيت لهذه اللفظة أصلاً في النسب" ا.هـ
9- وقال محمّد العلي العبيد (ت 1399هـ) في كتابه: النّجم اللامع للنوادر جامع, ما نصّه: "قبيلة عتيبة وأصلهم هوازن" ا.هـ
10- وقال محمّد سعيد كمال (ت 1416هـ) في كتابه: الطائف, عن نسب عتيبة, ما نصّه: "وهي قبائل متعدّدة مختلفة بين عدناني وقحطاني, وإن كان أكثرها عدنانيّاً من هوازن" ا.هـ
11- وقال الشيخ حمد الجاسر (ت 1423هـ) في كتابه: جمهرة أنساب الأسر المتحضّرة في نجد, في حديثه عن قبيلة عتيبة, ما نصّه: "وهي تضمّ فروعاً كثيرة, جلّها عدنانيّة, من قيس عيلان, من هوازن, وفيها من قحطان" ا.هـ
12- وقال عن نسب بني سعد (عتيبة) في مجلّة العرب, الصادرة في ذي القعدة والحجّة من سنة 1415هـ, ما نصّه: "اسم سعد من الأسماء المحبوبة عن العرب؛ ولهذا كثر المسمّون به, وأكثر عشائر عتيبة تنتمي إلى بني سعد, القبيلة المعروفة بمنطقةى الطائف, ولا يمكن الجزم بأنّها قبيلة (حليمة السعديّة) وإن أشتهر هذا عند العامّة, إذ مجرّد ما تتناقله العامّة لا يصحّ الجزم بصحّته, وقد يكون له أصل منها" ا.هـ قلت ولكن شهرة عتيبة بحليمة السعدية, تدل على أن بني سعد هم قوم حليمة السعدية, كما أن ما يقوله الجاسر محض ظن والظن لا يغني من الحق شيئا, فإن لم يكن لديه دليل على نفي نسب بني سعد عتيبة عن سعد بن بكر, فلا حاجة لهذا الظن الآثم.
13- وقال الشيخ حمد بن إبراهيم الحقيل (ت 1429هـ) في كتابه: كنز الأنساب ومجمّع الآداب, ما نصّه: "وعلماء النسب يرجعون أصولها إلى هوازن بن منصور من قيس عيلان بن مضر" ا.هـ
14- وقال محمّد بن عثمان بن صالح القاضي, وهو من أعيان زماننا, في كتابه منهاج الطلب عن مشاهير قبائل العرب, عن نسب عتيبة, ما نصّه: "وتنتمي إلى عدنان, وبعضها من قحطان, وينتهي نسب عتيبة إلى هوازن بن منصور, والكثير من علماء النسب يرجعون معظمهم إلى هوازن بن منصور من قيس عيلان ثم إلى مضر" ا.هـ
15- وقال الشريف محمّد بن منصور, وهو من أعيان زماننا, ف كتابه قبائل الطائف وأشراف الحجاز, عن نسب عتيبة, ما نصّه: "وقد ذهب بعض الباحثين إلى أنّهم مجموعة أحلاف من القبائل, لا يربطها نسب ولا قربى, سوى دعوة عتيبة, التي هي نخوتهم ولحمة نسبهم وعماد جمهعم, ومنهم من أرجعها إلى هوازن وبطونها, وهذا ما أرجّحه وأميل إليه؛ لأنّ كثيراً من قبائل عتيبة, يذكر العارفون فيها أنّهم يرجعون في الأصل إلى بني سعد, وبنو سعد كما هو معروف بطن من بطون هوازن, ولا زالوا يعرفون بهذا الاسم حتّى الآن" ا.هـ
16- وذكر عاتق بن غيث البلادي, وهو من أعيان زماننا, في كتابه معجم قبائل الحجاز, عن نسب عتيبة, ما مفاده: "ولم أجد فيما بين يديّ من مراجع, اسماً قديماً لعتيبة, ولا ما يدلّ على أنّها قبيلة, أو فخذاً من قبيلة, إلّا شيئاً لا يكاد يُعوّل عليه, وهو ما ذكره الهمداني في الإكليل, من أنّ بطن من همدان, يقال لهم: العتيبات, وينسبون إلى أبي عتيبة بن عبدالله بن حرب بن الحارث بن منبِّه بن عبد بن عليّان بن أرحب بن دعام بن مالك بن معاوية بن صعب بن دومان بن بكيل بن جشم بن خيران بن نوف بن همدان, ولكنّ المحيّر فعلاً, أن معظم فروع عتيبة, ترجع بنسبها إلى هوازن, أفلا يكون هذا البطن من همدان, المسمّى بالعتيبات, هاجر من اليمن, زمن هجرة بني حرب بن سعد بن سعد بن خولان منها إلى الحجاز, في القرن الثاني الهجري, وصادف ضعف هوازن وتفرّقها, فانضمّت إليه بقاياها واندمجت تحت اسمه, هذا غير مستبعد" ا.هـ
من خلال ما سبق يتّضح أمرين:
الأوّل: أنّ غالب الروايات المحرّرة تشير إلى نسب قبيلة عتيبة لهوازن بن منصور من قيس بن عيلان.
الثاني: أنّه لم يشذّ عن هذه القاعدة, إلّا من وقع في تشابه أسماء القبائل, كمن نسب عتيبة إلى عتيب بن أسلم من جذام, أو إلى أبي عتيبة من همدان.
قلت: ورغم أنّ أقوال المؤرّخين والنسّابة, لا يمكن الوثوق بها؛ لكونهم يهمون في أنساب العرب, وتتدّخل أرائهم وأوهامهم فيها, بل إنّ كثيراً منهم, يقرنون أنساب العرب ببعضها؛ لتشابه أسماءها, أو أتّفاق بلادها, إلّا أنّني أوردتها هنا لسببين:
الأوّل: أنّ غالب الروايات اتّفقت على أنّ عتيبة بطن من هوازن, وفي هذا عضدٌ للروايات الشفويّة المنقولة عن أعلامٍ من قبيلة عتيبة.
الثاني: أنّ قرن نسب عتيبة بهوازن, ليس من قبيل تشابه الأسماء, وإنّما هو قائمٌ على بعض الشواهد المنقولة من موروث قبيلة عتيبة, والمتمثِّلة في حضانة النبي صلّى الله عليه وسلّم, ومحاربة الصحابة يوم حنين, بل وإقرارهم بالنسبة الهوازنيّة, كما أشارت إلى ذلك بعض أشعارهم.
منقول من كتاب: نسب قبيلة عتيبة, تأليف/ صقر بن نزهان بن عبيد العتيبي
من المعروف أن الأنساب تتوارثها الأجيال كابراً عن كابر, ولولا هذا التوارث لجهلت كثيرٌ من الأنساب, ومن هذا الطريق, ألّفت كتب الأنساب, فالنسّابة ليس عالماً بالغيب, ولا يأتيه وحيٌ من السماء, ينبّئه بأنساب العرب, بل هو ناقل عن أبناء القبائل, فيما توارثوه عن أسلافهم, وبما أنّ الأنساب تنقل بالتوارث, فقد جمعت العديد من الروايات التي رويت عن رواة من عتيبة, تشير هذه الروايات إلى نسب قبيلة عتيبة, إضافة إلى العديد من المصادر التاريخية التي تفيد هذه الحقيقة. وجعلت الروايات المنقولة من وراة عتيبة أولا ثم عكفت على ذكر ما ورد في كتب التاريخ عن نسب عتيبة.
فمن هذه الروايات:
1- قال الشاعر أحمد بن دبيس القسوري (من أعيان النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري) من قصيدة له أمام أحد اشراف مكّة:
حِنَّا عَوَانِيْـــكُم فالايَّـام القِدِيمَة وان كِنْت جَاحِدٍ عِنْدِي أولاد الحَلال
جَــدّك رسـول الله رابِيتِه حِلِيمَة ظَلَّت تِشِيلِه من حَلال اليا حَلال
أي أقرباءكم من جهة النساء, يقال لمن يقرب للرجل من جهة النساء عاني وجمعها عواني.
2- وروى لي سعدون بن فهد الهِرس, نقلاً عن الراوي دُليم بن عائض المقعار الحافي, عن الشيخ عمر بن عبدالرحمن بن ربيعان (ت 1400هـ): أن الشيخ مسلط بن محمّد بن ربيعان, (ت 1311هـ) كان في ضيافة الأمير ابن رشيد حاكم حائِل, فاحتدم النقاش بينهم عن أصول الخيل, فبدر من ابن رشيد كلامٌ أغضب الشيخ مسلط, فقال الشيخ مسلط: "الخيل نعرفها من يوم طاردنا عليها الصحابة يوم حنين " ا.هـ
3- وقال دليم الطِرّ المرشدي (من أعيان النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري) في قصيدة له:
وحنّا شبابة نَاخِذ الفِعِل بالدَوْل حــبلٍ يمـــدُّونِه وحَــبلٍ نِشْدّه
4- وقال سلطان المريبض (من أعيان النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري):
لا جَاك طِرْقِي العتيبي عِقِب يَاَس يَنْـِشد عن العــتبان بَاغٍ شِـبَابَة
5- وروى لي سعدون بن فهد الهِرس, عن الراوي محمّد بن حويل العصيمي, أن الشاعر الشهير عبدالله بن حمود بن سبيِّل (ت 1352هـ) قال في قصيدةٍ يمدح الرباعين:
أنْتُم هَوَازِن من عُصُور الصَحَابَة أَهْلَ السُيوف اللِّي يقصِّن الارْقَاَب
6- وقال الشاعر محمّد بن سالِم بن جروان العليّاني القحطاني (ت 1403هـ) في قصيدة يمدح بها قومه:
سِقْنَا حَلِيمَة لِين جَوّ الحَرَّه اللِّي على لَطْم الحِفِيف اجْسَار
وهذه الرواية تفيدنا أن بني سعد, كانوا يعرفون إلى وقتٍ قريب, باسم: حليمة. ويعنون بها حليمة السعديّة, ظئر النبي .
قلت: وهذه الروايات الشفويّة, تفيد عدّة أمور:
أولها: أن عتيبة هم أظآر النبي, الذي فيهم استرضع, كما صرّحت بذلك ألأبيات الشعريّة, المرويّة عن ابن دبيس القسوري.
ثانيها: أنهم القوم الذين حاربوا الصحابة يوم حنين, كما صرّحت بذلك الرواية المنقولة عن الشيخ مسلط بن ربيعان.
ثالثها: أنهم هم هوازن كما صرّحت بذلك ألأبيات الشعريّة المرويّة عن ابن سبيّل الباهلي.
رابعها: أنهم بنو حليمة, وممّا لا شكّ فيه, أنّ المقصود بها حليمة السعديّة, ظئر النبي , ونسبة أمومتها إلى عتيبة, ربما تكون حقيقيّة, وربما تكون مجازيّة, فإن كانت النسبة مجازيّة, وهو الأغلب, فإنّهم إنّما نسبوا إليها؛ لشرفها وعظيم منزلتها برضاعة وحضانة النبي , فيكون نسبة العتبان إليها؛ لشهرتها فيهم, والله أعلم.
خامسها: أنّ المقصود ببني سعد عتيبة, هم بنو سعد بن بكر بن هوازن, كما أشارت إلى ذلك أبيات ابن دبيس, وأبيات ابن جروان.
سادسها: أنّ عتيبة فرعٌ من شبابة, كما أشارت إلى ذلك أبيات المرشدي والرويس, وشبابة عند نسّابة عتيبة, حلفٌ من أحلاف العرب.
وإليك الأىن ما ورد في كتب التاريخ والأنساب عن نسب قبيلة عتيبة:
1- قال المؤرّخ حسن بن جمال الريكي, في كتابه: لمع الشهاب في سيرة الشيخ محمّد بن عبدالوهّاب, والذي ألّفه حدود سنة 1232ه, ما نصّه: "أمّا قبيلة عتيبة, فهي قبيلة كبيرة, سابقاً تسمّى هوازن" ا.هـ
2- وقال إبراهيم بن صبغة الله الحيدري البغدادي (ت 1299هـ) في كتابه: عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد, والذي فرغ من تأليف سنة 1286ه, في ذكر نسب عتيبة, ما نصّه: "وهم على ما ذكره صاحب نهاية الآرب بطن من جذام القحطانيّة بنو عتيبة بن أسلم بن مالك بن شنؤة بن بديل بن حشيم بن جذام" ا.هـ
قلت: والمعروف في كتب النسب: أنّه عتيب بن أسلم, وليس عتيبة بن أسلم, وفي معرفة الاسم الحقيقي للقبيلة الجذاميّة, بطلان لنسبة عتيبة إليها, فهؤلاء عتيبة, وأولئك عتيب.
3- وقال أحمد بن محمّد الحضراوي (ت 1327هـ) في كتابه: نزهة الفكر فيما وقع من الحوادث والعبر, ما نصّه: "وعتيبة بطن من هوازن" ا.هـ
4- وقال عبدالستّار الدهلوي (ت 1355هـ) في كتابه: تحفة الأحباب في بيان اتصال الأنساب, ما نصّه: "قبائل عتيبة, وهم قديماً يعرفون بهوازن, وهي قبيلة من قيس, وهو هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان" ا.هـ
5- وقال شرف بن عبدالمحسن البركاتي (ت 1358هـ) في كتابه: الرحلة اليمانيّة, ما نصّه: "قبائل عتيبة, وهذا الاسم شامل لجملة قبائل متحالفة .. عتيبة وهوازن متحالفان, فحقيقة عتيبة هي هوازن" ا.هـ
6- وقال شكيب أرسلان (ت 1366هـ) في رحلته المسمّاه: الارتسامات اللطاف, ما نصّه: "عتيبة هي من هوازن, وقد بحثت عن عتيبة في الكتب القديمة, فلم أجد إلّا قولهم: عتيبة قبيلة من العرب. وقد ذكروا أنّ حيّاً من العرب اسمه عتيب, وأمّا هوازن فمن قبائل قيس, وهم بنو هوازن بن منصور" ا.هـ
7- وقال خالد بن محمّد الفرج (ت 1374هـ) في كتابه: الخبر والعيان في تاريخ نجد, ما نصّه: "عتيبة هي هوازن" ا.هـ
8- وقال الشيخ محمّد بن عبدالله بن بليهد (ت 1377هـ) في كتابه: صحيح الأخبار عمّا في بلاد العرب من الآثار, ما نصّه: "وقبائل هوازن في منازلها من العهد الجاهلي إلى هذا العهد, وأطلق اليوم على تلك القبائل اسم عتيبة, وما رأيت لهذه اللفظة أصلاً في النسب" ا.هـ
9- وقال محمّد العلي العبيد (ت 1399هـ) في كتابه: النّجم اللامع للنوادر جامع, ما نصّه: "قبيلة عتيبة وأصلهم هوازن" ا.هـ
10- وقال محمّد سعيد كمال (ت 1416هـ) في كتابه: الطائف, عن نسب عتيبة, ما نصّه: "وهي قبائل متعدّدة مختلفة بين عدناني وقحطاني, وإن كان أكثرها عدنانيّاً من هوازن" ا.هـ
11- وقال الشيخ حمد الجاسر (ت 1423هـ) في كتابه: جمهرة أنساب الأسر المتحضّرة في نجد, في حديثه عن قبيلة عتيبة, ما نصّه: "وهي تضمّ فروعاً كثيرة, جلّها عدنانيّة, من قيس عيلان, من هوازن, وفيها من قحطان" ا.هـ
12- وقال عن نسب بني سعد (عتيبة) في مجلّة العرب, الصادرة في ذي القعدة والحجّة من سنة 1415هـ, ما نصّه: "اسم سعد من الأسماء المحبوبة عن العرب؛ ولهذا كثر المسمّون به, وأكثر عشائر عتيبة تنتمي إلى بني سعد, القبيلة المعروفة بمنطقةى الطائف, ولا يمكن الجزم بأنّها قبيلة (حليمة السعديّة) وإن أشتهر هذا عند العامّة, إذ مجرّد ما تتناقله العامّة لا يصحّ الجزم بصحّته, وقد يكون له أصل منها" ا.هـ قلت ولكن شهرة عتيبة بحليمة السعدية, تدل على أن بني سعد هم قوم حليمة السعدية, كما أن ما يقوله الجاسر محض ظن والظن لا يغني من الحق شيئا, فإن لم يكن لديه دليل على نفي نسب بني سعد عتيبة عن سعد بن بكر, فلا حاجة لهذا الظن الآثم.
13- وقال الشيخ حمد بن إبراهيم الحقيل (ت 1429هـ) في كتابه: كنز الأنساب ومجمّع الآداب, ما نصّه: "وعلماء النسب يرجعون أصولها إلى هوازن بن منصور من قيس عيلان بن مضر" ا.هـ
14- وقال محمّد بن عثمان بن صالح القاضي, وهو من أعيان زماننا, في كتابه منهاج الطلب عن مشاهير قبائل العرب, عن نسب عتيبة, ما نصّه: "وتنتمي إلى عدنان, وبعضها من قحطان, وينتهي نسب عتيبة إلى هوازن بن منصور, والكثير من علماء النسب يرجعون معظمهم إلى هوازن بن منصور من قيس عيلان ثم إلى مضر" ا.هـ
15- وقال الشريف محمّد بن منصور, وهو من أعيان زماننا, ف كتابه قبائل الطائف وأشراف الحجاز, عن نسب عتيبة, ما نصّه: "وقد ذهب بعض الباحثين إلى أنّهم مجموعة أحلاف من القبائل, لا يربطها نسب ولا قربى, سوى دعوة عتيبة, التي هي نخوتهم ولحمة نسبهم وعماد جمهعم, ومنهم من أرجعها إلى هوازن وبطونها, وهذا ما أرجّحه وأميل إليه؛ لأنّ كثيراً من قبائل عتيبة, يذكر العارفون فيها أنّهم يرجعون في الأصل إلى بني سعد, وبنو سعد كما هو معروف بطن من بطون هوازن, ولا زالوا يعرفون بهذا الاسم حتّى الآن" ا.هـ
16- وذكر عاتق بن غيث البلادي, وهو من أعيان زماننا, في كتابه معجم قبائل الحجاز, عن نسب عتيبة, ما مفاده: "ولم أجد فيما بين يديّ من مراجع, اسماً قديماً لعتيبة, ولا ما يدلّ على أنّها قبيلة, أو فخذاً من قبيلة, إلّا شيئاً لا يكاد يُعوّل عليه, وهو ما ذكره الهمداني في الإكليل, من أنّ بطن من همدان, يقال لهم: العتيبات, وينسبون إلى أبي عتيبة بن عبدالله بن حرب بن الحارث بن منبِّه بن عبد بن عليّان بن أرحب بن دعام بن مالك بن معاوية بن صعب بن دومان بن بكيل بن جشم بن خيران بن نوف بن همدان, ولكنّ المحيّر فعلاً, أن معظم فروع عتيبة, ترجع بنسبها إلى هوازن, أفلا يكون هذا البطن من همدان, المسمّى بالعتيبات, هاجر من اليمن, زمن هجرة بني حرب بن سعد بن سعد بن خولان منها إلى الحجاز, في القرن الثاني الهجري, وصادف ضعف هوازن وتفرّقها, فانضمّت إليه بقاياها واندمجت تحت اسمه, هذا غير مستبعد" ا.هـ
من خلال ما سبق يتّضح أمرين:
الأوّل: أنّ غالب الروايات المحرّرة تشير إلى نسب قبيلة عتيبة لهوازن بن منصور من قيس بن عيلان.
الثاني: أنّه لم يشذّ عن هذه القاعدة, إلّا من وقع في تشابه أسماء القبائل, كمن نسب عتيبة إلى عتيب بن أسلم من جذام, أو إلى أبي عتيبة من همدان.
قلت: ورغم أنّ أقوال المؤرّخين والنسّابة, لا يمكن الوثوق بها؛ لكونهم يهمون في أنساب العرب, وتتدّخل أرائهم وأوهامهم فيها, بل إنّ كثيراً منهم, يقرنون أنساب العرب ببعضها؛ لتشابه أسماءها, أو أتّفاق بلادها, إلّا أنّني أوردتها هنا لسببين:
الأوّل: أنّ غالب الروايات اتّفقت على أنّ عتيبة بطن من هوازن, وفي هذا عضدٌ للروايات الشفويّة المنقولة عن أعلامٍ من قبيلة عتيبة.
الثاني: أنّ قرن نسب عتيبة بهوازن, ليس من قبيل تشابه الأسماء, وإنّما هو قائمٌ على بعض الشواهد المنقولة من موروث قبيلة عتيبة, والمتمثِّلة في حضانة النبي صلّى الله عليه وسلّم, ومحاربة الصحابة يوم حنين, بل وإقرارهم بالنسبة الهوازنيّة, كما أشارت إلى ذلك بعض أشعارهم.
منقول من كتاب: نسب قبيلة عتيبة, تأليف/ صقر بن نزهان بن عبيد العتيبي