تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ------ ---فتاوى العلماء الأكابر فيما أُهدر من دماء في الجزائر !!! ---


علي الجزائري
2007-07-06, 19:37
السلام عليكم ...
أترككم مع الكتاب و هو مقسم إلى أقسام لطوله ...
أسأل الله أن ينفع به ...

--- الحلقة الأولى ---
[ الكتاب الثاني عن ملف الجزائر ]

{فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}

فتاوى العلماء الأكابر
فيما أُهدر من دماء في الجزائر

أصحاب الفضيلة العلماء:

عبد العزيز بن عبد الله بن باز
محمد ناصر الدين الألباني
محمد بن صالح بن عثيمين

جمع وتعليق:
عبد المالك بن أحمد رمضاني الجزائري

قرأه: العلاَّمة الشيخ محمد بن صالح العُثيمين

قال الله تعالى:
{وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ} [الأنعام 151].
وقال:
{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ
عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء 93].
وقال رسول الله  :
(( أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ ))، متفق عليه.
وقال أيضاً :
(( لاَ يَزَالُ العَبْدُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً ))، رواه البخاري.
وقال أيضاً :
(( قَتْلُ المُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيِا )) رواه النسائي، وهو صحيح.

ـ قال العلاَّمة الألباني رحمه الله:
(( نحن نؤيِّد كلَّ مَن يدعو إلى الردِّ على هؤلاء الخارجين على الحُكَّام،
والذين يَحُثُّون المسلمين على الخروج على الحكَّام )).

ـ قال العلاَّمة ابن باز رحمه الله:
(( إن كان أحدٌ من الدعاة في الجزائر قال عنِّي: قلتُ لهم:
(يغتالون الشرطة، أو يستعملون السلاح في الدعوة إلى الله)
هذا غلطٌ ليس بصحيح، بل هو كذب! )).

ـ قال العلاَّمة ابنُ عثيمين حفظه الله:
(( نرى أنَّه يَجبُ عليهم وضعُ السِّلاح وإلقاءُ السَّلام، وإلاَّ فكلُّ ما يترتَّب
على بقائهم من قتلٍ ونَهبِ أموالٍ واغتصابِ نساءٍ فإنَّهم مسئولون عنه
أمام الله عزَّ وجلَّ، والواجبُ عليهم الرجوع )).
* * *
واعلم أنَّ أهلَ العلم لا تَجتَمِعُ كلمتُهم على مثلِ هذا تثبيطاً للعاملِ،
وتثبيتاً للخامِلِ الغافِلِ، ولكنَّهم ينتَهون إلى حيث أدَّاهم إليه اجتهادُهم،
الذي لا يَجوز لِمَن دُونَهم مخالفتُهم فيه؛ لقصورِهم عنه،
وخُلوِّ أيديهم من المَلَكات العِلميَّة التي تمكَّنوا منها،
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ}
[الزمر 9].

--- قالوا عن مُجدِّدي هذا القرن --- :

قال جامعُه عفا الله عنه وعن والديه:
سمعتُ العلاَّمةَ محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ يقول:
(( خَلَت الأرضُ من عالِم، وأصبحتُ لا أعرف منهم إلاَّ أفراداً قليلين،
أَخُصُّ بالذِّكر منهم: العلاَّمةَ عبد العزيز بن باز، والعلاَّمةَ
محمد بن صالح بن عثيمين ))
( من شريط سمعي من (( سلسلة الهدى والنور )).).

قال العلاَّمةُ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله:
(( ما رأيتُ تحت أديم السماء عالماً بالحديث في العصر الحديث
مثل العلاَّمة محمد ناصر الدِّين الألباني! )).
وسُئل عن حديث رسول الله :
(( إنَّ اللهَ يبعثُ لهذه الأمَّة على رأس كلِّ مائة سنة مَن يُجدِّد لها دينها ))
( رواه أبو داود (4291)، وهو صحيح.)، فسُئل مَن هو مُجدِّدُ هذا القرن؟
فقال رحمه الله: (( الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو مُجدِّدُ
هذا العصر في ظنِّي، والله أعلم ))
(مجلة الأصالة الأردنية السنة الرابعة عدد (23) 15 شعبان 1420هـ، (ص:76). ).

وقال أيضاً: (( لا أعلمُ تحت قُبَّة الفلك في هذا العصرِ أعلم من الشيخ ناصر ))
( كوكبة من أئمة الهُدى، للدكتور عاصم القريوتي (ص:227).).

وسُئل العلاَّمة محمد بن صالح العثيمين ـ حفظه الله ـ
عمَّن رمى الشيخ الألباني بالإرجاء، فأجاب قائلاً:
(( مَن رمى الشيخ الألبانيّ بالإرجاء فقد أخطأ؛ إمَّا أنَّه لا يعرف الألبانيَّ،
وإمَّا أنَّه لا يعرف الإرجاءَ.
الألبانيُّ رجلٌ من أهل السنة رحمه الله، مدافعٌ عنها، إمامٌ في الحديث،
لا نعلم أنَّ أحداً يُباريه في عصرنا، لكنَّ بعضَ الناس ـ نسأل الله العافية ـ
يكون في قلبه حقدٌ إذا رأى قبول الشخص ذهب يلمزه بشيءٍ،
كفعل المنافقين الذي يلمزون المُطَّوِّعين من المؤمنين في الصدقات،
والذين لا يجدون إلاَّ جهدَهم، يلمزون المتصدِّق المُكثر من الصدقة،
والمتصدِّق الفقير.
الرجل ـ رحمه الله ـ نعرفه من كتبه، وأعرفه ـ بِمجالستِه أحياناً ـ سلفيَّ العقيدة،
سليمَ المنهج، لكنَّ بعضَ الناس يريد أن يُكفِّر عبادَ الله بِما لَم يُكفِّرهم الله به،
ثمَّ يدَّعي أنَّ مَن خالفه في هذا التكفير فهو مرجئٌ، كذباً وزوراً وبهتاناً
(يريد ـ حفظه الله ـ الردَّ على مَن اتَّهم الشيخ الألبانيَّ بالإرجاء لِمُجرَّد أنَّه
لَم يوافقه على تكفير مَن يرى تكفيره. )،
لذلك لا تسمعوا لهذا القول من أيِّ إنسانٍ صدر ))
(تسجيلات مجالس الهدى بالجزائر، شريط (رقم:4)، بعنوان: مكالمات هاتفية
مع مشايخ الدعوة السلفية، 9 ـ ربيع الأول ـ 1421هـ. ).

وقال أيضاً: (( الرَّجلُ طويلُ الباعِ، واسعُ الاطِّلاعِ، قويُّ الإقناعِ ))
( حياة الألباني، للشيباني (2/543).).

--- اطَّلَعَ الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين ـ حفظه الله ـ على محتوى الكتاب،
ووافق على طبع فتاواه المدرجة فيه، بعد تهذيبِها من قِبَله،
وذلك بتاريخ: ليلة الخامس عشر من ربيع الأول 1421هـ،
وذلك في بيتِه العامر في مدينة عنيزة بالقصيم.
وسيجد القارئُ توقيعات الشيخ على كلِّ فتاواه في محلِّها. ---

( يتبع و بعدها المقدمة ) ...

علي الجزائري
2007-07-06, 19:44
--- الحلقة الثانية ---
بسم الله الرحمن الرحيم ...

-- مقدّمة --
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله
من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له،
ومَن يُضلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده
لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فهذه رسالةٌ خاصَّةٌ بأهلِ الجزائر، جَمعتُ فيها فَتاوى
لثلاثةٍ مِن أهل العلم الكبار من أهل السنة والجماعة،
لا يشكُّ منصفٌ في رُسوخِ أقدامِهم في العِلم، وتفانِيهم في النُّصحِ
للمسلمين، وهم:
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
وفضيلة الشيخ محمد ناصر الدِّين الألباني.
وفضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين.
جزاهم الله خيراً جميعاً، ونفَعَ المسلمين بعِلمهم، وأعظم لهم المثوبةَ.
وقد كان ولا يزال شيخُنا الفاضل عبد المحسن بن حمد العباد البدر
يُسمِّيهم بحقٍّ: علماء الدُّنيا الثلاثة.
ثمَّ إنَّني اقتصرتُ على نقل فتاوى هؤلاء الأكابر الفضلاء؛
لأنَّ سفَّاكي الدِّماء في الجزائر ـ باسم الدِّين ـ كانوا قد أشاعوا عنهم
تأييدهم لهم كذباً وزوراً! وزعموا أنَّهم العلماء المرتَضَوْن عندهم!!
فعساهم يرضون بهم مفتين ههنا، إن كان فيهم بقية إنصاف؟!
وهؤلاء العلماء لَمْ يدَّخِروا وُسعاً في بيان الحقِّ في هذه الفِتنةِ العارِمَةِ
التي تَلاحقَتْ حَلَقاتُها كتَلاحُقِ خَرَزاتِ العِقْدِ إذا قُطِع.
واعلم أنَّ سفَّاكي الدماء بالجزائر قسمان:
ـ قسمٌ يُقاتل الشعبَ كلَّه، لا يُفرِّق بين حاكم ومحكوم، وهم غلاة التكفير.
ولا يُحاولنَّ خوَّانٌ تبرئتَهم من انتهاك أعراض النساء وقَتْل الشيوخ والعجَزة
وذَبح الصبيان، وتقطيع أعضاء آبائهم بالفؤوس وهم ينظرون،
وتحريق العائلة بأسرِها مأسورة في سيارتها ...
يا ابنَ الكرامِ ألا تدنو فتُبصرَ ما قد حدَّثوكَ فما راءٍ كمَن سَمِعَا
ـ وقسمٌ يزعم أنَّ قِتَالَه نظيفٌ؛ لأنَّه يقتصر على رجال الدولة
والشُّرَط والعساكر!
وهذا القسم نوعان:
أ ـ الجيش الإسلامي للإنقاذ.
ب ـ الجماعة السلفية للدعوة والقتال.
وهؤلاء جميعاً هم جماعات تكفير؛ لأنَّهم لم يستبيحوا قتالَ
مَن ذكرتُ إلاَّ بعد تكفيرهم.
وتكفيرُهم لهؤلاء لا برهان عليه من الله، ولا اتَّبعوا فيه أهلَ العلم المُبَرِّزين.
ولا يَغُرَّنَّكم انتسابُ أولئك إلى (السلفية)، فليس لهم منها إلاَّ الاسم،
وإلاَّ فكيف تستقيم لهم هذه الدعوى وهم في وادٍ والعلماء السلفيون في وادٍ،
كما ستراه في هذه الفتاوى؟!
ولا يغرَّنَّكم أيضاً ادِّعاؤهم أَخْذَ الفتيا من (فلان!) من المتشبِّهين بأهل العلم؛
وذلك لسببين هما:
الأول:
أنَّ المفتي المشار إليه ليس من الراسخين في العلم، ولا هو على مذهب
أهل السنة في مسألة (الإيمان والكفر)، فأين هذا من أولئك الأعلام
و(ليس الصحيح كالمُقْعَد)؟!
وقد اشترط الله عزَّ وجلَّ لمثل هذه النوازل الخطيرة سؤال الراسخين
من العلماء، فقال: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء 83].
الثاني:
أنَّهم حملوا السلاحَ قبل ميلاد الفتوى، بل لم يكن لهم يومَها استعدادٌ
للالتفات إلى عالِمٍ أصلاً، كائناً مَن كان، والصادقون منهم أَخبَرُ الناس
بِما أقول!
وسوف أُبيِّن هذا ـ إن شاء الله ـ في مصنَّف خاص، وأذكر فيه تاريخ
خروجهم وتاريخ فتواهم هذه المعتمدة عندهم.
ولا أحبُّ ههنا التمييز بين هذه الجماعات؛ لاشتراكها جميعاً في الدِّماء
المعصومة، فإنَّه مهما قيل: إنَّ ثَمَّ فرقاً بين قتل المدنيين والعسكريين
جميعاً
ـ كما يفعله الغلاة ـ وبين الاقتصار على قتل العسكريين فقط، كما يفعله
مَن دونهم؛ لأنَّ هؤلاء المقتولين جميعاً مسلمون، والاستخفافُ
بدمٍ واحدٍ استخفافٌ بدم الجميع، قال الله تعالى:
{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ
أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة 32].
وقد قَتَل أسامةُ بن زيد رضي الله عنهما رجلاً من المشركين بعد أن نطق
هذا بكلمة الإسلام وهو في المعركة، فقال له رسول الله :
(( أقال: لا إله إلاَّ الله؟
فقال أسامة: يا رسول الله! إنَّما قالها خوفاً من السلاح.
قال: أفلا شقَقْتَ عن قلبه حتى تعلمَ أقالها أم لا؟! )).
وفي رواية أنَّ رسول الله  قال:
(( يا أسامة! أقَتَلتَه بعد ما قال لا إله إلاَّ الله؟
قلت: يا رسول الله! إنَّما كان متعوِّذاً.
فقال: أقتَلتَه بعد ما قال لا إله إلاَّ الله؟!
فما زال يُكرِّرُها حتَّى تمَنَّيتُ أنِّي لم أَكن أسْلمتُ
قَبل ذلك اليوم!! ))(رواه البخاري (6872)، ومسلم (158، 159). ).

فتأمَّل:
1 ـ فإنَّ النبيَّ  لَم يمنعه كونُ القاتل هو حِبَّه أسامة من تعنيفه،
وتعظيم الجناية في عينيه، خلافاً للمستخفِّين بدماء المسلمين،
مع أنَّ أسامةَ رضي الله عنه كان متأوِّلاً قاصداً نصرةَ الدِّين،
مقاتِلاً لرجلٍ من المشركين، لم ينطق بكلمة (لا إله إلاَّ الله)
إلاَّ تحت بارقة السيف.
كلُّ القرائن توحي بأنَّه لم يُرِد بكلمة التوحيد إلاَّ حقن دمه، لا سيما
وأنَّه مشركٌ من أصله، مع ذلك حرَّم رسول الله  قتْلَه،
بل عنَّف حِبَّه هذا التعنيفَ الذي لم يُعهَد مثلُه عنه ،
حتى تمنَّى أسامةُ أنَّه لم يعرِف الإسلامَ قبل هذه الحادثة،
فأين هم الذين يَعرِفون لكلمة (لا إله إلاَّ الله) حُرمتَها؟!
وعلى هذا، فمَن كان متأسِّياً برسول الله  فلا يُجامِلنَّ
هذه الجماعات المقاتِلة كما لَم يُجامِل رسولُ الله حِبَّه أسامة
رضي الله عنه.
2 ـ إنَّ الرجلَ المشركَ لم يكن مسالِماً، ولكنَّه جاء مقاتلاً،
بل قتل من المسلمين عدداً، بل كاد لا يَسْلَم منه أحدٌ،
كما قال جندب بن عبد الله رضي الله عنه: (( ... فكان رجلٌ
من المشركين إذا شاء أن يَقصِد إلى رجلٍ من المسلمين قَصَد له
فقتله ... ))(رواه مسلم (160)).
وبعد أن ذكر قَتْلَ أسامة له، قال له رسول الله :
(( لِمَ قتَلتَه؟
فقال: يا رسول الله! أَوْجَعَ في المسلمين، وقتل فلاناً وفلاناً، وسمَّى نَفَراً،
وإنِّي حملتُ عليه، فلمَّا رأى السيفَ قال: لا إله إلاَّ الله!
قال رسول الله : أقَتَلتَه؟
قال: نعم!
قال: فكيف تصنع بـ (لا إله إلاَّ الله) إذا جاءت يوم القيامة؟!
قال: يا رسول الله! استَغفِرْ لي.
قال: وكيف تصنع بـ (لا إله إلاَّ الله) إذا جاءت يوم القيامة؟!
فجعل لا يزيد على أن يقول: كيف تصنع بـ (لا إله إلاَّ الله)
إذا جاءت يوم القيامة؟! ))( رواه مسلم (160)).
هذا في حقِّ مشرك آذى المسلمين بسيفه وقاتَلَهم، فكيف بقَتل مسلمٍ
قد يكون مصليًّا مزكيًّا صوَّاماً، كلُّ ذنبه أنَّه شرطيٌّ أو عسكريٌّ؟!
فلا إله إلاَّ الله ما أشدَّ قسوة القلوب!
قال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما:
(( إنَّ من وَرْطات الأمور التي لا مَخرَج لِمَن أوقع نفسَه فيها سفكَ
الدَّم الحرام بغيرِ حلِّه ))( رواه البخاري (6863)).
فكيف ـ مع هذا كلِّه ـ يدَّعي مستحلُّو دماء الشرطة أنَّ قتالَهم نظيفٌ،
ثم هم يعيشون بالأموال المسروقة والمغتصَبة من أهلها عنوةً،
ويُزهقون أرواحَ العساكر المسلمين ويَذَرونهم يتشحَّطون
في دمائهم وأهلوهم ينظرون؟!
ونحن إذ لا نتبرَّأ من (السلفية)؛ لأنَّها الدينُ الحقُّ، فإنَّنا نبرأ إلى الله
من (الجماعة السلفية للدعوة والقتال) ومن كلِّ حامل سلاحٍ اليومَ
في بلادنا ضدَّ النظام أوالشعب.
أقول هذا ليَعلَم الخَلْقُ أنَّ في انتساب هؤلاء الثُوار إلى السلفية تشويهاً
للسلفية، كما أنَّ انتساب المسلمين المنحرفين إلى الإسلام تشويه للإسلام،
وصدٌّ عن سبيل الله، وتنفيرٌ من الفرقة الناجية.
لكن السلفية هي السلفية، كما أنَّ الإسلام هو الإسلام، وإن تلبَّس به مُحرِّفُه.

علي الجزائري
2007-07-06, 19:51
--- الحلقة الثالثة ---
3- إنَّ أسامةَ بنَ زيد رضي الله عنهما وقع فيما وقع فيه،
ولم يَسبق له أن عرف حُكمَ ما وقع فيه، ولا كان لديه واقعةٌ
تُشبهها فيقيس عليها حالتَه، فكان لا بدَّ من اجتهاده،
وكان لا بدَّ من وقوع أحد الأمرين: إمَّا قتلُ الرجل أو تَرْكُه.
إذن فالفُرَصُ التي لديه محدودةٌ جدًّا، ولا سيما وهو في معركة،
وقد وجد بين يديه مشركاً شجاعاً ومقاتلاً قويًّا، لم يقدر عليه غيرُه.
كلُّ هذه القرائن لم تَشفع له عند رسول الله ، حتى قال فيه ما قال!
فتأمَّل هذا ـ رحمك الله ـ متجرِّداً عن الهوى، ومتدثِّراً بلباس التقوى.

واعلم أنَّ هذا التصرُّفَ من رسول الله  هو سيرتُه في الدِّماء،
فلم يكن  يتساهل في هذا الباب أبداً، ومثله ما رواه جابر
رضي الله عنه قال: (( خرجنا في سفر، فأصاب رجلاً منَّا حجرٌ،
فشجَّه في رأسِه، ثم احتلم (أي أصابته جنابةٌ وهو نائم)،
فسأل أصحابَه، فقال: هل تجدون لي رخصةً في التيمُّم؟
قالوا: ما نجدُ لك رخصةً، وأنتَ تقدر على الماء!
فاغتسل فمات، فلمَّا قدمنا على النبيِّ  أُخبِر بذلك، فقال:
قتلوه قتَلَهم الله! ألاَ سألوا إذ لَم يعلموا؟! فإنَّما شفاءُ العَيِّ
(أي الجهل) السؤال ))(رواه أبو داود (336)، والدارقطني (69)،
وغيرهما،وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (4362). ).
فتأمَّل غضبَ النبيِّ  في حقِّ نفسٍ مؤمنةٍ واحدة!
فكيف بِمَن سطا على أنفسٍ مسلمةٍ من الجيش والشرطة آمنة
في مراكزها؟!
فكيف بِمَن أعمل السيفَ والفأسَ في إزهاق أرواحٍ مسلمةٍ في رمضان
وهم يُؤدُّون صلاة التراويح؟!
لقد دعا النبيُّ  بهذا الدعاء الشديد على مجاهدين مجتهدين في ظنِّهم،
ولقد حقَّت عليهم هذه الدعوة لولا أنَّ رسول الله  قد قال:
(( اللَّهمَّ إنَّما أنا بشرٌ، أغضبُ كما يغضبُ البشرُ، فأيُّما رجل
من المسلمين سَببْتُه أو لَعنتُه أو جلدتُه فاجعلها له صلاةً وزكاةً
وقُربةً تُقرِّبُه بها إليك يوم القيامة، واجعل ذلك كفَّارةً له إلى يوم القيامة ))،
وفي رواية: (( فأيُّما أحدٍ دعوتُ عليه من أمَّتي بدعوة ليس لَها بأهل ... ))،
الحديث( رواه البخاري (6361)، ومسلم (2600 ـ 2603)).
قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (( فإنَّ هؤلاء أخطأوا بغير اجتهاد؛
إذ لم يكونوا من أهل العلم ))( مجموع الفتاوى (20/254).
لقد عاشت الجزائر منذ استقلالها عن العدوِّ الفرنسي الكافر
أيامَ فتنةٍ في دينها ودنياها.
أمَّا الدِّين؛ فلأنَّ الاستعمارَ لَم يترك لها منه سوى رواسب الشرك،
وشعائر البدع، ولولا أنَّ اللهَ سخَّر لأهلها جمعية العلماء المسلمين
الجزائريين لَما بقي فيهم من يُفرِّق بين شرك وتوحيد، ولا بين سنة
وبدعة، إلاَّ ما شاء الله.
وأمَّا الدنيا؛ فقد كان للسرقة أثرٌ مقلقٌ، حتى إنَّ الرجلَ ليتحاشى
أن يَحملَ معه فضلَ مالٍ على نفقته اليومية وهو يريد امتطاء النقل
الجماعي، وكان من غرائب المناظر أن ترى على المرأة حِلْيَتَها
إذا خرجت من بيتها؛ خشية أن تُغتصب منها نهاراً جهاراً.
فما لبث الأمر أن تديَّن الناسُ حتى أمنوا على أموالهم، ونسوا
ما كان أقلقهم من قبل.
وجاءت أيامُ رخاء وأمن وتديّن قويٍّ، حتى إنَّ الرجلَ ليَجوبُ
البلادَ شرقاً وغرباً، لا يخاف على نفسه إلاَّ الذئب، بل لا يُفكِّر
أين يأويه المبيت؛ لأنَّ الشعبَ الجزائريَّ شعبٌ اجتماعيٌّ متكافلٌ.
ومرَّ به زمنٌ لا تكاد تصادف فيه فقيراً يتسوَّل.
أمَّا عن الدِّين فقد انتشر فيها ـ قبل هذه الفتنة ـ التوحيدُ والسنة،
وانحسر نشاط طرائق الشرك والبدعة انحساراً شديداً،
ورجعت المرأة إلى خِدْرِها، ووجدت شرفَها في سترها،
وتُركت الخمور في كثير من الأحياء، وازدحمت المساجدُ بأهلها،
ودخل الدِّينُ كلَّ بيتٍ، وعضَّ العدوُّ الأناملَ من الغيظ.
ثمَّ انتبه هذا، فاستفزَّ من الشعب أصلبه عوداً، وأشده جموداً،
وأوقد نار الفتنة بينهم وبين دولتهم، فتقلَّص ظلُّ الدعوة النبوية،
وحلَّ محلَّها خُطبٌ ناريةٌ تهييجية، حتى وُلد منها مولودان
لا يُدرى أيّهما سبق الآخر:
أحدهما: الخروج على الحكَّام.
وثانيهما: التكفير.
والتكفير والخروج رضيعَا لبانٍ واحد، وربيبَا حِجْرٍ واحد،
ما حلاَّ ديار قوم إلاَّ تركوها بلاقع.
ودخلنا فتنةً طال منها الأمد، حتى شاب منها الوالد وما ولد،
فاستحال أمنُ البلاد إلى رُعب، وعمرانُها إلى خُرْب،
وباتَت مساجدُها الآمنة مسارح للإرهاب، وسالت من دماء
هذه الأمة المسلمة أنهار غزار!
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي :
(( والذي نفسي بيده! ليأتينَّ على الناسِ زمانٌ لا يَدرِي القاتلُ
في أيِّ شيء قَتلَ، ولا يدري المقتولُ على أيِّ شيءٍ قُتل ))
(رواه مسلم (2908) ).
فبدءاً بالتَّهيِّيج السياسيِّ على المَنابرِ باسمِ التَّوعيةِ الإسلامية!
وتَثنِيَةً بالتَّعبِئَةِ الجماهيرية باسم الـمُحافَظَةِ على الـهَوِيَّةِ الإسلامية!
وتثليثاً بالخروجِ على الحُكَّامِ باسمِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهْي عن المنكرِ!
وتَربيعاً بتكفِير المسلمين باسمِ الوَلاءِ والبَراءِ!
وتَخميساً بالتَّفجِيرَات العَشوائيَّةِ والـمَجَازِر الجماعية باسم الجهاد!!
هذا الذي شيَّب رؤوس المصلحين، وشاب بكدر عظيم صفاءَ
دين المسلمين!
حتى شوَّه صورته لدى أعدائه، بسبب فساد تصرُّف أدعيائه.
وإنَّني لأتعجَّبُ كلَّ العجبِ من قومٍ يُباركون الفتنةَ القائمةَ
في وطننا العزيز: الجزائر!
ويا لله العجب! أعراضٌ تُنْهَك! ودماءٌ تُسفك! وأموالٌ تُبدَّد!
ودينٌ يُهدَّد!
ويأتي مَن أغمضَ عينيه عن هذا كلِّه، وركب من الجهل كلَّ مركب،
ويقول: لِماذا لا تنصرون إخوانَكم؟!
وما هي إلاَّ ديار المسلمين! تركوا حبلَها في اضطراب،
وأبناءَها في احتراب!
ولو كان هذا من كافرٍ واضحٍ لزال العجبُ، فالعدوُّ الخارجيُّ
لا يألونا خبالاً، ولا يدَّخِّر عنَّا وَبالاً، تلك سنَّةٌ معلومة.
إلاَّ أنَّ المقلِقَ حقيقةً قابليَّةُ المسلمين للتآكلِ الدَّاخليِّ،
حتى كانت كوَخْزِ الإبَر في المضاجع!
الخَـطـبُ خـطـبٌ فـادح والعـيبُ عـيبٌ فاضحُ
وعــارُنــا فـي النَّـاس لا تَـحـمـلـه النَّـواضِــحُ
ثمَّ لا غِنى لسائرِ الأقطارِ الإسلاميةِ عن هذه الرسالة؛
لأنَّ البلاءَ واحدٌ، والمسلمون لحمةٌ واحدةٌ.
وإنَّني مُذكِّرٌ مَن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد باثنتين:
الأولى: أنَّ الحلول المقترحة اليوم لا تكاد تخرج عن إحدى ثلاث:
ـ إمَّا حلٌّ سياسي.
ـ وإمَّا حلٌّ دعوي.
ـ وإمَّا حلٌّ دموي.
والتزاماً بحدِّ الاختصار، لم أتعرَّض ههنا لأقوالِ أهلِ العلمِ في الحَلِّ
السياسيِّ، لا سيما وأنا محيلٌ القارئَ على كتابي (( مدارك النظر
في السياسة بين التطبيقات الشرعية والانفعالات الحماسية )) فلا أكرِّرُه.

وأمَّا الحَلُّ الدعويُّ، فهو الذي ندعو المسلمين اليوم إلى التركيز عليه،
وقد اتَّحدَت كلمةُ هؤلاء الثلاثةِ على التَّنويهِ به، لا سيما سماحة
الشيخ مفتي الأنام عبد العزيز بن باز، كما تقرؤه إن شاء الله.
وانحصر البحثُ ههنا في جمع كلمات هؤلاء الأفاضل في التَّنديدِ
بالحَلِّ الدمويِّ إجماعاً؛ لمخالفته لسيرةِ سيِّد البشر ،
على تفصيلٍ واضحٍ في فتاواهم، حفظهم الله، ويُضاف إليه أنَّه
قد أتى علينا حينٌ من الدَّهر والدماء تنزف، فلم يزدد الأمرُ إلاَّ سوءاً!

علي الجزائري
2007-07-06, 20:00
--- الحلقة الرابعة ---
ونحن لا ننكرُ مشروعيةَ القتالِ في سبيلِ الله، وقد كان
لهذه الأمَّةِ فيه أمجادٌ، وضَربَت فيه المثلَ الأعلى، إلاَّ أنَّ قتالَ
المسلمِ للمسلمِ ليس بجهادٍ، ولا كرامة! وقد قال الله تعالى:
{ومَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا
وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}
[النساء 93].
بل وقتالُ الكفَّارِ عند اسْتضعافِ المسلمينَ ليس بجهادٍ،
قال الله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ
فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ
أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةٍ}، الآية [النساء 77].
يوضِّحه أنَّ جهادَ رسول الله  مرَّ بأربع مراحل:
1 ـ مرحلة الكفِّ عن القتال، وهي أطولها، ودليلها الآية السابقة.
2 ـ مرحلة الإذن بالقتال من غير أمر به، ودليلها ما رواه ابن عباس
رضي الله عنهما قال: (( لَمَّا أُخرج النبيُّ  من مكَّة، قال
أبو بكر: أَخرَجوا نبيَّهم؟ إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون! لَيَهْلِكُنَّ.
فنزلت: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِم لَقَدِيرٌ}
[الحج 39]، فعرفتُ [أي أبو بكر] أنَّه سيكون قتال، قال ابن عباس:
فهي أوَّلُ آية نزلت في القتال ))
( رواه أحمد (1/216)، والترمذي (3171)، والنسائي (6/2)،
والحاكم (2/66)، وهو صحيح.).
3 ـ مرحلة قتال مَن قاتل المسلمين والكف عن غيرهم،
ودليلها قول الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ الله الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُم
وَلاَ تَعْتَدُوا} [البقرة 190].
4 ـ مرحلة قتال كلِّ كافر حتى يُسلم، ودليلها قول الله تعالى:
{تُقَاتِلُونَهُم أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح 16]، أو يُعطي الجزية
وهو ذليل صاغر، على تفصيل معروف في محلِّه، والدليل قول الله
عزَّ وجلَّ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ باللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ
مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ
حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة 29]
(انظر: زاد المعاد لابن القيم (3/70 ـ 71)، ومجموع فتاوى ابن تيمية (28/349 ...)).
فمن هنا أخذ العلماء أنَّه لا يجوز للمسلمين ـ أيام ضعفهم ـ
قتال الكافرين، تأسِّياً برسول الله ؛ لأنَّه لا يجوز للمسلمين
حينذاك أن يُلقوا بأيديهم إلى التهلكة، بل دمُ الكافرِ ـ في هذه المرحلة ـ
معصومٌ كعصمةِ دم المسلم؛ قال ابن تيمية رحمه الله:
(( إنَّ المسلمين كانوا مَمنوعين قبل الهجرة من الابتداء بالقتال،
وكان قتلُ الكفَّار حينئذٍ محرَّماً، وهو من قتل النَّفسِ بغيرِ حقٍّ،
كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُم كُفُّوا أَيْدِيَكُم}، إلى قوله:
{فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِم القِتَالُ} [النساء 77] ))
(الصارم المسلول (2/208)).
ثمَّ علَّل ذلك بقوله: (( وهذا وجهٌ حسنٌ دقيقٌ؛ فإنَّ الأصلَ
أنَّ دمَ الآدميِّ معصومٌ، لا يُقتل إلاَّ بالحقِّ ... وكان دمُ الكافرِ
في أوَّلِ الإسلام معصوماً بالعصمة الأصليةِ، وبمنعِ الله المؤمنين
من قَتْله، ودماءُ هؤلاء القومِ كدمِ القِبْطِيِّ الذي قتَلَه موسى
( يريد قول الله تعالى:
{وَدَخَلَ المَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ
هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي
مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ
إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} [القصص 15]. )،
وكدمِ الكافرِ الذي لَم تبلغْه الدعوةُ في زماننا، أو أحسن حالاً من ذلك،
وقد عدَّ موسى ذلك ذنباً في الدنيا والآخرةِ (أمَّا عدُّ موسى قتلَ القبطيِّ
الكافر ذنباً في الدنيا، فذلك قولُ الله تعالى عنه: {قَالَ رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ
نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص 13].
وأمَّا عدُّه ذنباً في الآخرة، ففي حديث الشفاعة، حيث ذكر النبيُّ 
أنَّ الناس إذا طلبوا الشفاعة من موسى  اعتذر قائلاً:
(( إنَّ ربِّي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثلَه ولن يغضبَ
بعده مثلَه، وإنِّي قد قتلتُ نفساً لم أُومر بقتلها، نفسي! نفسي!
اذهبوا إلى غيري ... )). رواه البخاري (4712).
)، مع أنَّ قتْلَه كان خطأً شبهَ عمدٍ، أو خطأ محضاً، ولم يكن عمداً محضاً ))
(الصارم المسلول (2/210)).
قلتُ: وهذا الحكمُ ليس منسوخاً نسخاً مطلقاً، بحيث لا يجوز العمل به
بعد كمال الشريعة ( انظر نظائرَه في مجموع فتاوى ابن تيمية
(13/29 ـ 30)،وإعلام الموقعين لابن القيم (1/35)،
والموافقات للشاطبي (3/107 ـ 117)، وتفسير القرطبي
(2/288))، وإنَّما الأمر تابعٌ لضَعفِ المسلمين أو قوَّتِهم،
وبهذا شرح ابن تيمية ذلك فقال: (( فمَن كان من المؤمنين بأرض
هو فيها مُستضعَفٌ، أو في وقتٍ هو فيه مستضعَفٌ، فليعمَلْ بآية الصبر
والصَّفح عمَّن يؤذي اللهَ ورسولَه من الذين أوتوا الكتاب والمشركين،
وأمَّا أهلُ القوَّةِ فإنَّما يعملونَ بآيةِ قتالِ الذين أوتوا الكتاب
حتى يُعطوا الجزيةَ عن يدٍ وهم صاغرون ))
(الصارم المسلول (2/413 ـ 414)).
فبان من كلام الشيخ أنَّ النسخَ المصطلح عليه عند المتأخِّرين
غيرُ واردٍ هنا.
فتأمَّل هذا أيُّها المتعلِّم! وأيُّها الفقيه! وأيُّها المجاهد!
فإنَّه استنباطُ الراسخين في العلمِ مثلُ هذا الإمامِ الذي لَم تلِدِ النساءُ
بعدَه مثلَه!
وبهذا تَفهَمُ سرَّ تشبيهِ العالِمَيْنِ الجليلَين: ابن باز والألباني
هذه المرحلة بالمرحلة المكية التي عاشها رسول الله 
بمكَّة في أولِ دعوتِه.
هذا يعني أنَّنا لو سلَّمنا لأولئك الثوَّار بأنَّ هؤلاء الحكَّام كفَّارٌ،
فلا يجوز لهم حملُ السلاحِ في وجوههِم؛ لأنَّ دماءَهم معصومةٌ،
كما سبق. ولذلك كان بحثُ التكفير ههنا غيرَ ذي موضوعٍ؛
لأنَّه لا أثرَ له في مسألةِ الخروج.
فلو زعموا أنَّ الحكَّامَ كفَّارٌ، فلا يجوز الخروجُ عليهم في مرحلةِ
الاستضعاف هذه التي يعيشُها المسلمون اليومَ.
وإنْ قالوا: هم مسلمون، لكنَّهم ظلمة ...
قلنا: قد دلَّت النصوصُ الشرعيَّةُ على عدم جواز الخروجِ
على الحاكم المسلم ولو كان ظالماً، ومن هذه الأدلَّة حديثُ
عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله  قال:
(( خِيارُ أئمَّتكم [أي حُكَّامكم] الذين تُحبُّونهم ويُحبُّونكم، ويُصلُّون
عليكم [أي يَدْعُون لكم] وتُصلُّون عليهم، وشرارُ أئمَّتكم الذين
تُبغضونهم ويُبغضونكم، وتَلعنونهم ويَلعنونكم، قيل: يا رسول الله!
أفلا نُنابذُهم بالسيفِ؟ فقال: لا! ما أقاموا الصلاةَ، لا!
ما أقاموا الصلاةَ، وإذا رَأيتُم من وُلاتِكم شيئاً تكرهونه فاكرَهوا
عملَه، ولا تنزِعوا يداً من طاعةٍ ))( رواه مسلم (1855)).

علي الجزائري
2007-07-06, 20:05
--- الحلقة الخامسة ---
ثمَّ إنَّ الذي يُقدِّر هذا الظرفَ ويُعطيه حكمَه إنَّما هو العالِم المتبحِّر،
كما سيأتي في كلام العلاَّمة ابن عثيمين إن شاء الله، ولذلك لَمَّا
ادَّعى ابنُ المطهر الشيعي الرافضي أنَّ جهادَ علي بن أبي طالب
رضي الله عنه هو الجهاد المشروع دون غيره، رَدَّ عليه ابن تيمية،
وبيَّن له الفرق بين جهاد أصحاب أبي بكر وجهاد أصحاب
عليٍّ، وذكر له أنَّ هؤلاء كانوا يُقْدمون على القتال حين
لا يُؤمَرون به شرعاً، كما في الجمل، وكانوا ينكلون عنه
حين يُؤمرون به شرعاً، بخلاف جهاد أصحاب أبي بكر
رضي الله عنه، وسبب ذلك أنَّ عليًّا رضي الله عنه ابتُلي
بأصحابٍ لم يكونوا في العلم مثل أصحاب أبي بكر،
ولذلك بيَّن ابنُ تيمية أنَّ خواصَّ أهل العلم هم القادرون
على معرفة وقت مشروعيَّة الجهاد من عدمه، فقال:
(( وفي الجملةِ فالبحثُ في هذه الدقائق من وظيفة خواصِّ أهل العلم ))
(منهاج السنة (4/504)).
ولقد صدق ـ رحمه الله ـ؛ فإنَّ الله يقول: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ
وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء 83]،
فأين هم من هذا الفقه؟!
هذا مع ملاحظة شرطٍ آخرَ لَم يختلف فيه أهلُ العلم، ألا وهو
القيادةُ الشرعيَّةُ. ودليله قول رسول الله :
(( إنَّما جُعل الإمام جُنَّة يُقاتَل مِن ورائه،
ويُتَّقَى به، فإن أمر بتقوى الله وعَدَل فإنَّ له بذلك أجراً،
وإن أَمَر بغيره فإنَّ عليه وِزْراً ))
( رواه البخاري (2957)، ومسلم (1841)).
وفي الحديث فائدتان:
ـ الأولى:
ما نحن بصدده، من أنَّه لا بدَّ للناس من أمير للقتال معه كما
سيأتي في كلام ابن جرير.
ـ والثانية: أنَّه (( لم يُقيِّد ذلك بما إذا كان الإمام عادلاً ))،
قاله ابن حجر( فتح الباري (6/56)).
وأما إذا كان المسلمون الذين يَطمحون إلى إقامة شرع الله متفرِّقِين،
على أمراء متعدِّدين في رقعة واحدة، فقد جاء بيانه في حديثُ حذيفة
رضي الله عنه حين سأل رسولَ الله  عن مُجتمعٍ لا قائد فيه،
فقال: فإن لم يَكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ؟ قال :
(( فاعتَزِلْ تلكَ الفرق كلَّها ... ))( رواه البخاري (7084)، ومسلم (1847)).
وقال ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ: (( في الحديث أنَّه متى
لَم يكن للنَّاسِ إمامٌ فافترق الناسُ أحزاباً فلا يَتَّبِع أحداً في الفُرقةِ،
ويعتزِل الجميعَ إنْ استطاعَ ذلك خشيةً من الوقوعِ في الشرِّ ))
(انظر: فتح الباري (13/37)، وشرح صحيح البخاري لابن بطال (10/36)).
وقال الكرماني: (( فيه الإشارةُ إلى مساعدةِ الإمامِ بالقتال ونحوِه إذا كان إمامٌ،
وإن كان ظالِماً عاصياً، والاعتزال إن لم يكن ))( شرح البخاري (24/162)).
قلتُ: فإن زعمتم أنَّ إمامَكم هو أميركم المختفي في الجبال، قلنا:
فمَن بايعه من أهل العلم؟ مع أنَّكم لا تفتأون تذبحون أميراً، وتُبايِعون
أميراً! بل ما بين وقت وآخر تتحيَّزُ فئةٌ عن مثيلاتها، ويتبادلون تُهم
الرِّدة والتكفير!!
وأين الطائفة المنصورة حتى نبايعها؟! وهل تكون طائفة منصورة
لا علماء لها؟! مع أنَّ السلفَ قد أجمعوا على أنَّها تتمثَّل في أهل العلم
أصحاب الحديث، راجع (( شرف أصحاب الحديث )) للخطيب البغدادي.
وإن قلتُم: اليوم عندنا إمام وهو الذي على رأس الحكومة.
قلنا: إذاً فحَمْلُكم السلاحَ حرامٌ، وهو الحقُّ.
وإن زعمتُم أنَّه لا إمام، فقد علمتم أنَّكم مُطالبون باعتزالِ القتال؛ لأنَّكم جماعاتٌ،
وما أكثر فرَقَكم على شدَّة بأسٍ بينكم!
فهل أنتم عاملون بحديث رسول الله ؟
واعلموا أنَّ الخارجيَّ ليس هو مَن خرج على الإمام العادل فحسب،
بل مَن خرج على الإمام الجائر سُمِّيَ خارجياً، قال الإمامُ الآجريُّ
رحمه الله: (( فلا ينبغي لِمَن رأى اجتهادَ خارجيٍّ، قد خرَج على إمامٍ،
عدلاً كان الإمام أو جائراً، فخرج وجمع جماعةً، وسلَّ سيفَه، واستحلَّ
قتالَ المسلمين، فلا ينبغي له أن يَغتَرَّ بقراءتِه للقرآن، ولا بطولِ قيامِه
في الصلاة، ولا بدوامِ صومِه، ولا بِحُسن ألفاظِه في العلم، إذا كان مذهبُه
مذهبَ الخوارج ))( الشريعة (1/345)).
وقال ابن القاسم: سمعتُ مالكاً يقول: (( إنَّ أقواماً ابتغوا العبادةَ وأضاعوا العلمَ،
فخرجوا على أمَّة محمد  بأسيافهم، ولو اتَّبعوا العلمَ لَحَجَزَهم عن ذلك ))
( عن مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/119)).
وقال الآجريُّ أيضاً: (( قد ذكرتُ من التحذير من مذهب الخوارج ما فيه بلاغٌ
لِمَن عصمه الله تعالى عن مذاهب الخوارج، ولَم يَرَ رأيَهم، فصبر على جَوْر
الأئمَّة، وحيف الأمراء، ولَم يَخرُج عليهم بسيفه، وسأل الله تعالى
كشفَ الظلمِ عنه وعن المسلمين، ودعا للوُلاة بالصَّلاحِ وحجَّ معهم،
وجاهد معهم كلَّ عدُوٍّ للمسلمين، وصلَّى خلفَهم الجمعةَ والعَيدين،
وإن أمروه بطاعةٍ فأمكنَه أطاعهم، وإن لَم يُمكنه اعتذر إليهم،
وإن أمروه بِمعصيةٍ لم يُطعهم، وإذا دارت الفتنُ بينهم لزمَ بيتَه،
وكفَّ لسانَه ويدَه، ولَم يَهْوَ ما هم فيه، ولَم يُعِن على فتنة، فمَن كان
هذا وصفُه كان على الصراط المستقيم إن شاء الله ))
(الشريعة (1/371 ـ 372)).
وقال اللالكائيُّ مُقرِّراً عقيدة أهل السنة، وناقلاً هنا عن أحمد بن حنبل
قولَه: (( ومَن خرج على إمام من أئمة المسلمين ـ وقد كان الناس اجتمعوا
عليه، وأقرُّوا له بالخلافة بأيِّ وجهٍ كان: بالرضا أو بالغلبة ـ فقد شقَّ
هذا الخارجُ عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله ،
فإن مات الخارجُ عليه مات ميتةً جاهلية.
ولا يَحلُّ قتالُ السلطان ولا الخروجُ عليه لأحدٍ من الناسِ، فمَن فعل ذلك
فهو مبتدعٌ على غير السنَّة والطريق ))
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/181)، ومثله في
(ص:188 ـ 189) عن علي بن المديني. ).
قلت: نسأل هؤلاء الحركيِّين الذين يزعمون أنَّ المسألةَ خلافيةٌ:
هل يُعَدُّ بعد هذا العرض مَن ينتحلُ الخروجَ من أهل السنة؟
قيل لسَهل بن عبد الله التستري: (( متى يعلمُ الرجلُ أنَّه على السنة والجماعة؟
فقال ـ رحمه الله ـ: إذا علِم من نفسه عشر خصالٍ:
ـ لا يترك الجماعة.
ـ ولا يسبُّ أصحابَ النبيِّ .
ـ ولا يخرج على هذه الأُمَّة بالسيف.
ـ ولا يُكذِّب بالقدر.
ـ ولا يَشكُّ في الإيمان.
ـ ولا يُماري في الدِّين.
ـ ولا يترك الصلاة على من يموت من أهل القبلة بالذنب.
ـ ولا يترك المسح على الخُفَّين.
ـ ولا يترك الجماعة خَلْف كلِّ والٍ جارَ أو عدلَ ))
(رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (324)).
وإن زعم زاعمٌ أنَّ الخلافَ واردٌ فيه، قيل له: قد ذكر ابنُ تيمية أنَّ الأمرَ
قد استقرَّ بعد ذلك على المنع من الخروج( انظر: منهاج السنة (4/529)،
والمنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال لتلميذه
الذهبي (ص:297))، ولذلك نقل غيرُ واحدٍ
من أهل العلم الإجماعَ عليه، منهم:
ـ البخاري، فقد ذكر هذه العقيدة (أي: ترك الخروج على الولاة) وقال:
(( لقيتُ أكثرَ من ألف رجل من أهل العلم: أهل الحجاز، ومكة، والمدينة،
والكوفة، والبصرة، وواسط، وبغداد، والشام، ومصر، لقيتُهم كرَّاتٍ،
قرناً بعد قرن، ثمَّ قرناً بعد قرن (أي طبقة بعد طبقة)، أدركتُهم
وهم متوافروان منذ أكثر من ستٍّ وأربعين سنة، أهل الشام ومصر
والجزيرة مرَّتين، والبصرة أربع مرَّات في سنين ذوي عدد، بالحجاز
ستة أعوام، ولا أُحصي كم دخلتُ الكوفةَ وبغداد مع محدِّثي أهل خراسان
منهم ... ))، وسمَّى عدداً من أهل العلم، ثمَّ قال: (( واكتفينا بتسمية
هؤلاء كي يكون مختصراً، وأن لا يطول ذلك، فما رأيتُ واحداً
منهم يختلف في هذه الأشياء ))
(رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (320)).
قلت: تأمَّل هذا، وأدركْ نفسَك على مذهبهم قبل أن يُحال بينك وبين الحقِّ،
وهل يَسْعَدُ مؤمنٌ بمفارقتهم؟!
ـ أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، فقد قرَّرَا هذه العقيدة، وقالا:
(( أدركنا العلماءَ في جميع الأمصار: حجازاً وعراقاً وشاماً ويَمَناً ... ))
( المصدر السابق (321 ـ 323)).

علي الجزائري
2007-07-06, 20:06
--- الحلقة السادسة ---
ـ ابن بطَّة العُكبري، فقد قال ـ رحمه الله ـ: (( ثمَّ مِن بعد ذلك الكفُّ
والقعودُ في الفتنةِ، ولا تخرج بالسيف على الأئمَّة وإن ظلموا ))
( الشرح والإبانة (ص:276 ـ 277)).
قاله بعد قوله: (( ونَحن الآن ذاكرون شَرْحَ السُنَّةِ ووصفَها، وما
هي في نفسِها، وما الذي إذا تَمسَّك به العبدُ ودان اللهَ به سُمِّي بها
واستحقَّ الدخولَ في جُملة أهلِها، وما إن خالفه أو شيئاً منه دخل
في جُملةِ ما عِبناه وذكرناه، وحذَّر منه من أهل البدع والزَيغ( تأمَّل في هذا؛
لِتَعْلم مَن يستحقُّ لقب (أهل السنة والجماعة)، كما قال أحمد وابن المديني
وغيرُهما، وهو يدلُّك على أنَّ (تصنيف الرِّجال) بحَسَبهم سنَّةٌ متَّبعةٌ.)،
مِمَّا أجْمَعَ (هذا هو التنصيص على الإجماع.) على شرحنا له أهلُ الإسلام
وسائرُ الأمَّةِ، مُذْ بعثَ اللهُ نبيَّه  إلى وقتنا هذا ))
( الشرح والإبانة (ص:175).).
ـ المُزني صاحبُ الشافعي، قال رحمه الله: (( وتركُ الخروج عند
تعَدِّيهم وجَوْرِهم، والتوبة إلى الله عزَّ وجلَّ كيما يَعطفَ بهم على رعيَّتِهم ))
(شرح السنة (ص:85).).
ثم ذكر إجماعَ الأئمَّة على هذا فقال: (( هذه مقالاتٌ وأفعالٌ اجتمعَ عليها
الماضون الأوَّلون من أئمَّةِ الهُدى، وبتوفيق الله اعتصمَ بها التَّابعون
قدوةً ورِضًى، وجانبوا التَّكَلُّفَ فيما كُفُوا، فسُدِّدوا بعون الله ووُفِّقوا،
ولم يرغبوا عن الاتِّباع فيُقصِّروا، ولم يُجاوزوه تَزَيُّداً فيَعتَدوا،
فنحن بالله واثقون، وعليه متوَكِّلون، وإليه في اتِّباع آثارهِم راغبون ))
(شرح السنة (ص:88).).
ـ النووي، فقد قال رحمه الله: (( وأمَّا الخروج عليهم وقتالُهم:
فحرامٌ بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقةً ظالمين؛ وقد تظاهرت
الأحاديثُ بمعنى ما ذكرتُه، وأجمع أهلُ السنَّة أنَّه لا ينعزلُ السلطان
بالفسق ))( شرح صحيح مسلم (12/229).).
ـ الطيبِي (743هـ) قال: (( وأمَّا الخروجُ عليهم وتنازعهم (هكذا)
فمُحرَّمٌ بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسَقَةً ظالِمين، وأجمع
أهلُ السُنَّة على أنَّ السلطانَ لا ينعَزِلُ بالفسقِ؛ لتهيج الفتن
في عزلِه، وإراقة الدِّماء، وتفرُّق ذات البَيْن، فتكون المفسدةُ
في عزلِه أكثر منها في بقائه ))( الكاشف عن حقائق السنن (7/181 ـ 182 ـ
ط. باكستان).).
ـ محمد بن أحمد بن مُجاهد البصري الطائي، وهو شيخ الباقلاني،
نقله عنه ابنُ حزم (مراتب الإجماع (ص:178).).
ـ ابن المنذر، فقد قال ـ رحمه الله ـ: (( كلُّ مَن يُحفظ عنه من علماء
الحديث كالمُجمِعين‏ على استثناءِ السلطان للآثار الواردة بالأمر
بالصبر على جَوْرِه وترك القيام عليه ))(نقلاً عن سبل السلام للأمير الصنعاني (3/262). )،
يريدُ تركَ الإنكارِ عليه باليد.
وعلى كلِّ حالٍ، فإنَّ المقام لا تتَّسع له هذه المقدَّمة، وإنَّما ذكرتُ
مِن عيون هذه المسألة ما فيه بلاغٌ لِمَن أراد أن يَعرِف الحقَّ
ويلتزمَ به. فالْزَم غرزَ هؤلاء؛ فَهُمُ القومُ لا يشقى بهم جليسُهم،
ودَعْكَ من إرجاف عُشَّاق الثورات، مهما انتسبوا زوراً إلى
(أهل السنة والجماعة!)، ومهما تظاهروا بالغيرة على تحكيم الشريعة،
فهذا حُكم الشريعة لو كانوا وَقَّافين عند حدودِها!
الثانية:
وليُعلَم أنَّ هؤلاء الذين خرجوا على الدولة الجزائريةِ لا يُؤيِّدهم
العلماءُ الربَّانيُّون، كالذين تقرأ فتواهم الموحَّدة هنا
(وأمَّا الذين شَذُّوا في هذه المسألة عن علماءِ المملكة العربية السعودية
من شباب المملكة، فقد رددتُ عليهم في كتابي (( مدارك النظر
في السياسة ))، وبيَّنتُ عقوقَهم لعلمائِهم الذين يتظاهرون بتبجيلهم؛
ذرًّا للرماد في العيون، ولو لم يكن إلاَّ جرأتهم على الفتوى وتقدُّمهم
بين يدي كبار أهل العلم لكفى به إثماً، وإلى الله المشتكى!).
وإنَّما هم شبابٌ استخفَّتهم الحماسةُ، وقادهم سفهاءُ الناس
إلى الولوغِ في التكفيرِ والدِّماءِ، بلا ورعٍ يردعُهم، ولا علمٍ يردُّهم.
ثمَّ لَمَّا وصل بهم الأمرُ إلى حدٍّ آيسهم فيه الشيطان من العافية، أخذوا
يبحثون عن أسـماء لـمشايخ ـ ولو كانوا مغمورين ـ يؤيِّدون بها بدعتَهم،
ويخدعون بها شببتهم.
وعُربون الفتنةِ يتمثَّلُ في التفلِّتِ من فتاوى العلماء، حتَّى يتجرَّأ على الفتيا
ـ ولو في الدِّماء ـ الرُويبِضةُ وشرارُ الخلقِ الأشقياء، الذين يجتهدون
في الحيلولةِ بين العامة وعلمائهم، بمثل قولهم في هؤلاء: (علماء السُّلطة)!
أو في آخرين: (لا يعرفون واقعنا)!
ويكذبون على آخرين أيضاً بقولهم: (هم معنا، إلاَّ أنَّهم لا يستطيعون
أن يُصرِّحوا)! في سلسلة من التخرُّصات التي لا نهاية لَها.
حتى يشتَطَّ بعضُهم في الأمر، فيقول: (بل هؤلاء العلماء كفَّار؛
لأنَّهم موالون للطاغوت)!!
وأنا داعٍ كلَّ مَن حملَ السلاحَ في وجهِ حكومته أن يكون ناصحاً
لنفسه، مختاراً لها ما لا يَشُكُّ أنَّه محلُّ رضا ربِّه، وأن يتأمَّل حالَه
هذه، مع فتاوى أهلِ العلمِ، ليحشرَ نفسَه في زُمرة أهلِ العلمِ بعد
أن يتوبَ إلى الله، أو يحشرَها في زُمرةِ سفلةِ قومِه، الذين غرَّهم
الشيطانُ حتى فرِحوا بما عندهم من العلم، وأُعجِبوا بآرائهم،
وأساؤوا الظنَّ بعُلمائهم!
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (( لا يزال الناسُ صالِحِين
متماسكين ما أتاهم العلمُ من أصحابِ محمَّدٍ ومِن أكابرهم،
فإذا أتاهم من أصاغرهم هلَكوا ))( رواه الطبراني (9/8589)، وابن عبد البر
في جامع بيان العلم وفضله (1059)، وغيرهما، وهو صحيح.).
وقد تتبَّعتُ تاريخَ أهلِ البِدعِ، فما وَجدتُ بدعةً اجتمع عليها
رهطٌ من الناس إلاَّ ورأسُها جاهلٌ متضايِقٌ من العلماءِ، بُدُوُّ ضلالتِه:
انحيازه بجماعته دونهم.
فاقرأ إن شئتَ عن مبلغِ علمِ المصريِّين الذين خرجوا على عثمان
بن عفَّان رضي الله عنه.
واقرأ عن علمِ الذين خرجوا على عليٍّ رضي الله عنه، واعتزلوا علماءَ
زمانِهم: الصحابةَ رضي الله عنهم، حتى قالوا لابن عباس
رضي الله عنهما حين ذهب ينصح لهم: ما جاء بك؟ قال:
(( جئتُكم من عند أصحاب رسول الله ، وليس فيكم منهم أحدٌ،
ومِن عند ابن عمِّ رسول الله  وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله ))
(رواه الطبراني (10/312 ـ 313)، والحاكم (2/150)، وغيرهما، بإسناد حسن.).
والجهميَّةُ أيضاً على رأسهم جهم بن صفوان، ففي التوحيد لابن خزيمة
والأسماء والصفات للبيهقي أنَّ جهماً لم يكن له علمٌ ولا مجالسة أهل العلم،
وإنَّما هو رجلٌ أوتي فصاحة دون فقهٍ(انظر: فتح الباري لابن حجر (13/345). ).
ثمَّ المعتزلة الذين كان بُدُوُّ أمرهم اعتزال رأسهم وهو واصل بن عطاء حلقةَ
الحسن البصري، وهكذا ...
ثمَّ أيُّها القارئ، ارجع البصرَ إلى هؤلاء الذين في الجبال اليوم، فلن تَجِدَ
إلاَّ جاهلاً يقودُ جاهلاً، ولو كان فيهم مَن عُرفَ بمجالسته لبعض العلماء
بُرهةً من حياته، فهو لهم الآن عاقٌّ!
وذاك الذي ابتُلي بفكرهم فليسأل نـفـسَه ـ ويا ليته سألـها قبل الآن ـ:
مَن هم العلماء الكبار الذين يُؤيِّدونهم؟ ولو كان صدقاً ما يُقال:
بأنَّ فلاناً أفتاهم بذلك، فلماذا لا يوجد في صفوفهم؟ ولماذا
لم تُدَوَّن فتاواهم أو تُسمع على الأقلِّ؟( أحد الثُوار أتى رجلاً من طلبةِ
العلم يستفتيه في بعض مسائل الصلاة وكيفية أداء صلاة الخوف؟
وأخبره أنَّه مُرسَلٌ من قِبَل (المجاهدين!) المختفين في الجبال!
فأجابه بقوله:
يا أبناء (كذا وكذا!)، أمَّا الدِّماء التي استبحتموها فقد وَجدتُم لها الفتوى
الجاهزة عندكم! وأمَّا صلاة الخوف وترقيع الصلاة فجئتم تسألون عنها؟!
فارجعوا إلى مَن أفتاكم في الدِّماء فليُفْتِكم في الصلاة إن كان عنده
نصيبٌ من العلم! ).
أمَّا أن يتعلَّق بعضُهم بفتوى عدنان عرعور أو أبي قتادة الفلسطيني
ومَن على شاكلتهما، فهو دليلُ الإفلاسِ؛ لأنَّهم ـ من سوء التوفيق
ـ لَم تنشرح صدورُهم لإجماع أكابر العلماء، وقفزوا إلى فتاوى مشبوهِين،
مَن حسَّنَ ظنَّه فيهم لن يزيد على وصفهم بطلبة العلم {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي
هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ}؟! [البقرة 61].
وهل من العقل في شيء أن يُعرضَ طالبُ الحقِّ عن الأكابر ليُقبِلَ
على الأصاغر، ولا سيما في مثل هذا الباب العظيم؟ ولكن الأمر وقع
كما أخبر رسولُ الله ، حيث قال: (( إنَّ مِن أشراط الساعة أن يُلتَمسَ
العلمُ عند الأصاغر )) (رواه ابن المبارك في الزهد (61)، وغيره، وصححه الألباني في الصحيحة (695). ).
ولِي على كلٍّ من المذكورَيْن ردٌّ مستقلٌّ، يسَّر الله تبييضَهما.
إنَّ استقلالَ الشبابِ عن علمائِه هو أوَّلُ شارةٍ للبدعةِ، فإذا تبِعَ ذلك
الطعنُ عليهم أو تكفيرُهم أو تصوُّرُ نفسِه قادراً على ما عجزوا عنه،
أو واصلاً إلى ما انقطعوا دونه فقد تمَّت خسارتُه.
قال ابن ناصر الدِّين الدِّمشقي ـ رحمه الله ـ: (( لُحومُ العلماءِ مسمومَةٌ،
وعادةُ الله في هَتْكِ أعراضِ مُنتقِصيهم معلومةٌ، ومَن وَقَعَ فيهم بالثَّلْبِ،
ابتلاه اللهُ قبلَ موتِه بموتِ القلبِ ))( الردُّ الوافر على مَن زعم
أنَّ مَن أطلق على ابن تيمية شيخَ الإسلام كافر (ص:284).).



( بقي من الحلقات الكثير و لابأس بمناقشة بعض النقاط هنا ريثما تتم البقية )

أختكم
2007-07-07, 18:47
جزاك الله خيرا أخ علي لقد ثبت الموضوع و لندع
للأعضاء الفرصة لقراءة الحاضر وإن كنت
أفضل لوكانت الحلقات منفصلة على
أيام

محمد أبو عثمان
2007-07-08, 23:10
جزاك الله خيرا على الموضوع المفيد وبارك الله فيك ولعلي أفيدكم فيما بعد بالملف الأول ألا وهو كتاب مدارك النظر في السياسياة الشرعية

محمد أبو عثمان
2007-07-08, 23:24
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما وعدتكم هذا هو الكتاب الأول عن الجزائر للشيخ عبد المالك رمضاني بعنون مدارك النظر في السياسة الشرعية

للتحميل من هنا (http://www.sahab.org/books/files/aqeeda/mdarek.zip)

وهذا الكتاب الثاني والذي نقله الأخ علي الجزائري لمن أردا تصفحه على الجهاز

من هنا (http://www.sahab.org/books/files/mixdoc/fatawa.zip)

وجزى الله أخي علي على ما يقدمه من فوائد في المنتدى وبارك الله في جهده وعمله وجعل ما يقدم في ميزان حسناته

علي الجزائري
2007-07-08, 23:59
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما وعدتكم هذا هو الكتاب الأول عن الجزائر للشيخ عبد المالك رمضاني بعنون مدارك النظر في السياسة الشرعية

للتحميل من هنا (http://www.sahab.org/books/files/aqeeda/mdarek.zip)

وهذا الكتاب الثاني والذي نقله الأخ علي الجزائري لمن أردا تصفحه على الجهاز

من هنا (http://www.sahab.org/books/files/mixdoc/fatawa.zip)

وجزى الله أخي علي على ما يقدمه من فوائد في المنتدى وبارك الله في جهده وعمله وجعل ما يقدم في ميزان حسناته

بارك الله فيك أخي عثمان ...
و سوف أكمل البقية إن شاء الله تعالى ...

علي الجزائري
2007-07-11, 13:55
--- الحلقة السابعة ---
وكون الشباب يرغبونَ في الخروجِ عن فتاوى أهل العلم الذين لا يُشاركونهم الرأيَ
في مصادمةِ الحُكَّام سنَّة قديمة للخوارج؛ فقد روى سليمان بن علي الرَّبعي قال:
(( لَمَّا كانت الفتنةُ فتنة ابن الأشعث، إذ قاتَل الحجَّاجَ بنَ يوسفَ، انطلق عقبةُ بن عبد الغافر
وأبو الجَوزاء وعبد الله بنُ غالب في نَفَرٍ من نظرائهم، فدخلوا على الـحسن
ـ أي البصري ـ فقالوا: يا أبا سعيد! ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك
الدمَ الحرامَ، وأخَذَ المالَ الحرامَ، وتركَ الصلاة، وفعل، وفعل ...؟ قال:
وذكروا مِن فعل الحجَّاجِ ..( قال هشام بن حسَّان: (( أَحْصَوا ما قتل الحجَّاجُ صَبْراً،
فبلغ مائة ألف وعشرين ألف قتيل! )). رواه الترمذي (2220)، وصححه الألباني
في صحيح السنن. ).،
قال: فقال الحسن: أَرَى أن لا تُقاتلوه؛ فإنَّها إن تكن عقوبةً من الله
فما أنتم برادِّي عقوبةِ الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكمَ الله،
وهو خيرُ الحاكمين(معناه: إن كان اللهُ ابتلاكم بالحجَّاج وظُلمِه، فعِلاجُه الصبرُ؛
بدليل حديث عوف بن مالك السابق.
وإن كان اللهُ سلَّطه عليكم عقوبةً لكم على ذنوبكم، فلن تُغالبوا الله؛ لأنَّكم عصيتُم الله
شرعاً، فسلَّطه عليكم قَدَراً، فبدلاً من أن تشغلوا أنفسكم بمواجهته، فواجهوا السببَ
الأصليَّ، ألا وهو الذنوب بالتوبة، والضراعةِ إلى الله، يدلُّ على هذا الرواية الأخرى
للقصَّة، حيثُ جاء فيها أنَّ الحسنَ قال: (( يا أيُّها الناس! إنَّه والله! ما سلَّط اللهُ الحجَّاجَ
عليكم إلاَّ عقوبةً، فلا تُعارضوا اللهَ بالسيف، ولكن عليكم السكينةَ والتضرُّعَ ))،
رواه ابن سعد في الطبقات (7/164)، وابن أبي الدنيا في العقوبات (52) بسند صحيح. ).
قال: فخرجوا مِن عنده وهم يقولون: نُطيع هذا العِلْجَ(العِلْجُ: هو الرجلُ من كفار العجم
وغيرهم، كما في النهاية لابن الأثير (3/286)،
أي أنَّ هؤلاء الخوارج حين خالفهم الحسن البصري في هواهم، ولَم يَجدوا حجَّةً
للردِّ عليه، أخذتهم حميَّةُ القوميَّة العربية، فعابوه في نسبه! وقد كان ـ رحمه الله ـ
من أَبَوَين عَبدَين مَملوكَين. )؟!
قال: وهم قومٌ عربٌ! قال: وخرجوا مع ابن الأشعث، قال: فقُتلوا جميعاً! ))
( رواه ابن سعد في الطبقات (7/163 ـ 164)، والدولابي في الكنى (2/121) بسندٍ صحيح. ).
هذا، ولَمَّا كانت فتاوى هؤلاء الأفاضل مرتَجَلةً على غير ميعادٍ، فقد خرَّجتُ
ما يحتاج إلى تخريجٍ، مع تعليق وجيزٍ بنقل كلماتٍ لبعض أهلِ العلمِ، ووثَّقتُ أقوالَهم
بنسبتِها إلى مصادرها، واللهَ المسؤولَ أن يرزقنا الإخلاصَ له وحده، والمتابعةَ لنبيِّه
، وأن يتقبَّل منَّا، وأن يعصمَ بلدَنا خاصَّة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وسائ
ر بلاد المسلمين، إنَّه سميع الدعاء.

وكتب: عبد المالك بن أحمد رمضاني
المدينة النبوية
في 7 من ذي القعدة 1419 هـ



  

هنا تنتهي المقدمة ...
و تأتي البقية لاحقا إن شاء الله تعالى .


لتكملة الموضوع :
*** فتاوى العلماء الأكابر فيما أُهدر من دماء في الجزائر !-- الجزء الثاني -- *** (http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=8964)

theking1984
2007-07-24, 14:27
جزاك الله خيرا أخي علي
و بارك فيك
و والله كان في نيتي نقل الكتابين الذين
ذكرهما أبو عثمان أعني كتاب مدارك النظر و فتاوى العلماء الأكابر
وفإذا به يسبقني
.

علي الجزائري
2007-07-24, 21:28
آمين و إياك ...
نسأل الله التوفيق لما يحبه و يرضاه .

عيشة
2007-07-25, 01:08
بارك الله في الأخوة عن النقل الطيب ,وبالمناسبة اطلعت آنفا عن هذا الكتاب و استمعت للشيخ العديد من الأشرطة يتحدث فيها عن محنة الجزائر لكن كان يردد من حين لآخر مقولة أهل مكة أدرى بشعابها وهذا دليل عن خطورة الموضوع و الوضع الراهن أنذاك و اتخاذ موقف و رأي حاسم و صارم ليس بالأمر الهين .

أبو مريم
2007-09-05, 23:48
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيك اخي علي .اختيار جيد للموضوع .اسال الله ان يعينك اخي على اتمام الخير الذي بدات فيه. ووفقك الله لما يحبه ويرضاه ووفق الله شيخنا عبد المالك رمضاني الجزائري.

طالب علم
2007-09-06, 09:13
00000......ان الباطل كان زهوقا.صدق الله العظيم.

حسين القسنطيني
2008-02-13, 14:20
في بلاد الكافرين تعلق صورة شي غيفارا و لينين و ستالين و الحريري و كل من أبى حياة الذل و الخنوع لشعبه و حركه ليقوم ثائرا من أجل حريته و كرامته، و بعد النصر تبنى له التماثيل و يمجد اسمه و تكتب المطارات و المعاهد و المستشفيات باسمه، في بلاد الكافرين يحق و ربما في بورما إن لم تخنني الذاكرة يخرج أصحاب المعابد البوذية إلى الشوارع منددين و متعاطفين مع شعوبهم و مدافعين عن حقوقهم، فتقام الدنيا لأجلهم، و يتحرك الغرب بأسره لحمايتهم، و في التيبيت كذلك يفعلون لو أن لهم بالصين قوة، و إنهم لهم لمانعون، و في بلاد المسلمين يحتاج ولي الأمر لفتوى يضرب بها أئمة الشعب و خيار أبنائه المجاهدين، و إذ بالتلفون السريع يتلقى فتوى طازجة تدعو له بالرفاه و البنين، أليس في مسائل الجهاد لا يستفتى إلا من كان في ساحة الجهاد؟؟؟ ترى هل عصم هؤلاء العلماء على زعمكم دماء المسلمين الطاهرة التي روت أرضكم؟؟؟ ترى هل تكلموا بعدها عن أبناء المساجد المخطوفين و المقتلين و المضطهدين و المدافعين عن بيضة هذا الدين؟؟؟ علماء من شاكلة الرمضاني لا يحتاجهم المسلمون، فللذل و الخنوع يدعون، و قصارى آمالهم كسرة يحن بها عليهم أصحاب الكفر و المجون... و عند الله تلتقي الخصوم

علي الجزائري
2008-02-18, 21:27
علماء من شاكلة الرمضاني لا يحتاجهم المسلمون، فللذل و الخنوع يدعون، و قصارى آمالهم كسرة يحن بها عليهم أصحاب الكفر و المجون... و عند الله تلتقي الخصوم
أخي الكريم أولا أسأل الله أن يهدينا و إياك صراطه المستقيم ..
علماؤنا الربانيون أمثال الشيخ ناصر الألباني و ابن عثيمين و ابن باز ...رحمهم الله
لا يدعون إلى الذل و الخنوع كما تزعم بل دعوا إلى الحق بالحكمة و الموعظة الحسنة
و أصبح المبتدعة - لمّا انكشف أمرهم - يصفونهم بأقبح الصفات التي لا تصدق إلا عليهم
و لكن كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه و آله و سلم ..
( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله و هم على ذلك ) .

فتحي الجزائري
2008-02-18, 21:59
أليس في مسائل الجهاد لا يستفتى إلا من كان في ساحة الجهاد؟؟؟

من أين لك هذا أخي الكريم ؟؟

ترى هل عصم هؤلاء العلماء على زعمكم دماء المسلمين الطاهرة التي روت أرضكم؟؟؟

وهل أتبع الحزبيون الثوريون كلام العلماء الأكابر ...حتى يكون لسؤالك معنى ؟ وهل أصلح الحزبيون ما أفسده غيرهم ...أم إقتدوا في ذلك بالثوريين الشيوعيين في نهج إصلاحهم ؟....

حسين القسنطيني
2008-02-19, 12:49
أولا أشكر للأخ الفاضل حسن أدبه و اتساع صدره لمحاورتي، بالرغم من أنني قليل و هذا اعتراف مني فليتلطف إخوتي معي و ليأخذوا بيدي ليعلموني شكر الله لهم:

قلت أخي الفاضل:
أخي الكريم أولا أسأل الله أن يهدينا و إياك صراطه المستقيم ..
علماؤنا الربانيون أمثال الشيخ ناصر الألباني و ابن عثيمين و ابن باز ...رحمهم الله
هل لك أخي أن تكلمني عن ضابط ربانيون، ما معناها و من يصح له علينا وصفه بذلك، فربما كل من نبت قال عن نفسه ذلك، أو يقولها عنه زميل له، فما الضابط أو الرتبة التي يجب أن يبلغها العالم ليسمى ربانيا، و من زكاهم بذلك ممن لا نختلف سويا في تزكيتهم؟؟؟
لا يدعون إلى الذل و الخنوع كما تزعم بل دعوا إلى الحق بالحكمة و الموعظة الحسنة ... يا أخي ليس عن هذا حديثنا، و لو أحببت التكلم فيه جعلنا له موضوعا آخر، و الحق الجهاد و من الحق حدود الله و الموعظة الحسنة قد تبلغ بضربات بالدرة على الرأس لمن كان في رأسه وساوس...
قلت أخي:
و أصبح المبتدعة - لمّا انكشف أمرهم - يصفونهم بأقبح الصفات التي لا تصدق إلا عليهم ...
نسأل الله العافية و السلامة في الدين، و أن لا يجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، و أن يرحم مشايخ المسلمين، و أن يعصم ألسنتنا من الوقوع فيهم، لسنا هنا بصدد مدارسة أشخاصهم أخي كما قلت لك، إنما المسألة مسألة تاريخية شرعية، ثبت الحكم لطائفة مسلمة اسلامية تدعو إلى الحكم بشرع الله و تطبيق سنة نبيه، و نفض غبار الذل عن مسلمي الجزائر، و اتبعوا غيرهم في ألاعيبهم و شروطهم فلما أظهرهم الله و صفي لهم الحكم و الأمر، اغتصبها منها غيرهم من الكفرة الفجرة، فاعتقلوا أبناءنا و إخواننا و أنفسنا، و اعتدوا على حرماتنا، وقتلوا منا من قتلوا/ فما كان من أولي الأمر إلا أن دعوا لجهادهم... هذه هي مسألتنا مختصرة، على الأقل كما رأيناها ... والله أعلى و أعلم و هو يهدي للتي هي أقوم، و لمن أراد وقائعا تاريخية نقلناها له من عند العدو قبل الصديق...
و أما استشهادك أخي بقوله صلى الله عليه و على آله و سلم فلنا، لا للغير، و ليس المجاهد بماله و نفسه كالمجاهد بماله، و ليس المجاهد بماله كالقاعد، و ليس القاعد المناصر كالساكت عن الحق، و ليس الساكت عن الحق كالمثبط، نسأل الله أن يحشرنا في زمرة الأخيار...
و لكن كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه و آله و سلم ..
( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله و هم على ذلك )...




وهل أتبع الحزبيون الثوريون كلام العلماء الأكابر ...حتى يكون لسؤالك معنى ؟ وهل أصلح الحزبيون ما أفسده غيرهم ...أم إقتدوا في ذلك بالثوريين الشيوعيين في نهج إصلاحهم ؟....[/quote]
الحزبيون إذا كنت تريد بهم أصحاب الشأن و الهمة في إيقاظ الهمة في الشعب الجزائري من أمثال الشيخ علي بلحاج حفظه الله و الشيخ الفاضل الكريم احمد الزاوي و إخوانهما الكرام، فليتنا تبعنا
توصياتهم، و مشينا على ما رسموه، لكنني أقولها صريحة و أعتذر لهم، أننا خننا العهد، و جبننا في نصف الطريق، و لم يقدر الشعب خيرة أبنائه، فرمى بهم إلى البحر، و أنا باسمكم جميعا
أعتذر لهم... أعتذر أن الشعب في هذه الفترة بدأ يعي أنكم كنتم المخرج فسد عليكم الباب و أننا لم نكن في مستواكم، فمعذرة... و أما ما تقصده بالعلماء، فمن قال لك أنهم لم يتبعوا العلماء؟؟
أم أنك تحصر العلم في مجموعة أشخاص ربما لا نسلم لكم بذلك لهم؟؟؟ أما كلامك عن الثوريين و الشيوعيين، فليتنا كنا بمستواهم في هذا، فهم على الأقل عندما يؤمنون بأفكار يدفعون حياتهم
لأجلها، أما نحن فالرخص الرخص

السمروني
2008-02-23, 13:24
بارك الله فيك على الموضوع الرائع والمهم
وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك
أخوك السمروني

karimo06
2008-05-24, 08:46
السلام
في اي سنة صدرت هاته الفتاوي القيمة

يوسف زكي
2008-06-09, 10:34
السلام
في اي سنة صدرت هاته الفتاوي القيمة

الأخ الكريم كريم بإمكانك الإطلاع على كتاب الشيخ عبد المالك رمضاني ((مدارك النظر في السياسة الشرعية )) و ستكتشف متى حذر علماؤنا الأفاضل من فكر علي بن الحاج و أتباعه

و أزيدك أن الشيخ ناصر الدين الألباني و في الوقت الذي اكتسحت فيه جبهة الإنقاذ المجالس النيابية جاءه الشيخ علي حسن مبتهجا و مبشرا إياه بقيام دولة إسلامية فكان رده حكيما سليما.

قال :(( فقاعات صابون ما تلبث أن تزول )).

sid_ahmed
2008-07-11, 14:46
بارك الله فيك على الحلقة الرائعة

sid_ahmed
2008-07-11, 14:51
نحن في انتظار المزيد

sid_ahmed
2008-07-11, 14:53
جزاك الله آلف خير

جواهر الجزائرية
2011-06-07, 09:53
بارك الله في العلماء الاجلاء وفي سعيهم
حقن دماء المسلمين ..
وبارك الله فيكم وفي سعيكم لتذكير الناس بذلك ..

عمر عبدالله
2011-06-11, 14:29
للاسف اين كانت هذه الفتاوى طيلة عشر سنوات غي غياهب الظلمات الدموية،ولكن هناك بعض التناقض في هذه المسالة،من اين جاءت الفتاوى والاشرطة التحريضية؟ اليس من نفس الجهة التي جاءت منها فتاوى تحريم سفك الدماء؟من كان يدعم التكفيريين اذيال الخوارج والمرتزقة واللصوص وقطاع الطرق؟؟؟؟ذبحونا باسم السلفية والجهاد،وانتهكوا الاعراض باسم الدين ومشروعية الغنائم؟؟لهذا نرجوا من الاخوة التمسك بعلمائنا في الجزائر وبمذهبنا المالكي الذي لم يخرج يوما لا خارجيا ولا ارهابياواحدا.

اسبروايجيبت
2011-06-12, 09:36
شكرا الموضوع وهناك الكثير من الأساتذة الدينية للاستفسار والتساؤلات في الفتاوي ومنهم الأستاذ الدكتور صلاح الدين سلطان بارك الله فيه ولديكم موقعه الرسمي
فتاوي شرعية (http://www.salahsoltan.com/opinions-and-advice/fataawa.html)
جزاكم الله خيرا

محب السلف الصالح
2011-06-12, 09:39
http://up.liilas.com/uploads/liilas_13033341591.gif