مشاهدة النسخة كاملة : نظرات شرعية في فكر الدكتور حسن الترابي
فقير إلى الله
2011-09-14, 16:48
من عبد العزيز بن باز إلى حضرة الأخ الكريم الدكتور حسن الترابي وفقه الله لما فيه رضاه آمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..... أما بعد :
فأشفع لمعاليكم بهذا نسخة من الرسالة الواردة إلي ممن سمى نفسه (عبد البديع صقر ) صاحب مؤسسة الإيمان، المؤرخة في 24/11/1400هـ راجيًا من معاليكم بعد الاطلاع عليها التكرم بالإفادة عن صحة ما نسب إليكم فيها من الآراء ؛ لنعرف الحقيقة والشبهة التي أوجبت لكم هذه الأقوال إن صحت نسبتها إليكم ؛لمناقشتكم فيها على ضوء الأدلة .
ونسأل الله لنا ولكم وللمسلمين الهداية والتوفيق وصلاح النية والعمل
إنه خير مسؤول . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد :
فهذه نظرات شرعية في فكر الدكتور حسن الترابي - هداه الله - ، الذي أثر على كثيرين من محبي الإسلام في هذا الزمان ، سواء في بلده ( السودان ) ، أو في بلاد أخرى ، فاغتروا بفكره الحركي وتناسوا لأجله جميع انحرافاته الخطيرة - كما سيأتي - ، فلم يعرجوا عليها أو يناصحوه في شأنها إلا قليل منهم لم يرضوا لأنفسهم أن يغشوا الأمة أو يغرروا بشبابها ، مجاملة له أو خشية على انقسام الحركة الإسلامية - كما يقال - .
وقد آثرت جعل هذه النظرات تعريفا للقارئ بأهم الردود التي صدرت في التنبيه على أخطاء الترابي وانحرافاته ، من خلال تهذيب المهم منها ؛ ليكون شباب الإسلام على علم بها ؛ فيتجنبوها ويرشدوا من وقع فيها ؛ ولعلها تكون موقظة لبعض الدعاة عندنا الذين سبق لهم ثناء وتزكية للترابي ! أن يراجعوا موقفهم . وهذا العمل مساهمة مني في ( تصفية ) الساحة الإسلامية في هذا الجانب ؛ تمهيدًا لعودتها - إن شاء الله - أمة متحدة ذات عقيدة واحدة .. وما ذلك على الله بعزيز . فأقول مستعينًا بالله :
تعريف بالدكتور الترابي :
وُلد د. حسن عبد الله الترابي سنة 1932 من عائلة دينية من الطبقة المتوسطة، وتتلمذ على يد والده، شيخ طريقة صوفية أقلية، فحفظ القرآن الكريم صغيرا بعدة قراءات، وتعلم علوم اللغة العربية والشريعة في سن مبكرة على يد والده، وجمع في مقتبل حياته أطرافا من العلوم والمعارف لم تكن ميسرة لأبناء جيله خاصة في السودان.
تزوج الترابي من وصال الصديق المهدي شقيقة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي زعيم حزب الأمة.
تدرج في سلك التعليم حتى حصل على إجازة الحقوق من جامعة الخرطوم، ثم على الماجستير من جامعة بريطانية في 1957، ثم الدكتوراة من السوربون الباريسية في 1964، وأجاد الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وحصَّل صنوفا شتى من المعارف والثقافات الغربية مما أثر في فكره - كما سيأتي - .
وبعد عودته إلى وطنه تولى الترابي عمادة كلية الحقوق بجامعة الخرطوم .
أصبح الترابي الأمين العام لجبهة الميثاق الإسلامية لدى تشكيلها. وعن هذه الجبهة انبثقت جماعة الإخوان المسلمين في السودان، واعتُقل ثلاث مرات خلال السبعينيات، في ظل نظام الرئيس جعفر نميري، ومع ذلك شغل في 1979 منصب النائب العام، وأيد الترابي قرار نميري إقرار الشريعة الإسلامية في 1983، وبعد سقوط نظام نميري في 1986، شكّل الجبهة القومية الإسلامية .
انفصل الترابي عن جماعة الإخوان ، وتصاعدت الخلافات بينهم نظرًا لخروجه عن نهج الجماعة وطريقتها في الدعوة والتربية ، وانحرافاته التجديدية ! التي خرج بها عن إجماع المسلمين ؛ مما أدى بهم إلى التشهير به والرد عليه .
في يونيو 1989، تحالف الترابي مع الفريق عمر البشير، لقلب الحكومة المنبثقة عن انتخابات ديموقراطية بقيادة صهره زعيم حزب الأمة الصادق المهدي، وطبع اتجاه الترابي السياسة الخارجية للسودان على خلفية دعم المدّ القومي الإسلامي؛ بهدف التحرر من الهيمنة الأميركية الصهيونية. وفي أبريل 1991، أسس المؤتمر الشعبي الإسلامي الذي نُصِّب أمينًا عامًا له، ليشكل منبرًا للقضايا الإسلامية، وعقد المؤتمر الذي يضم حركات وتنظيمات إسلامية من العالم أجمع دورتين في ديسمبر 1993، وفي أبريل 1995 في الخرطوم .وفي فبراير 2000، أغلقت السلطات مقر المؤتمر.
انتُخب الترابي رئيسًا للمجلس الوطني (البرلمان) في 1996 و1998، لكن علاقاته توترت مع البشير، الذي عارض هيمنته على المؤتمر الوطني، الذي حلّ محل الجبهة القومية الإسلامية التي تم حلها في 1989، وتحول في ما بعد إلى حزب سياسي بموجب قانون التوالي السياسي، الذي أتاح تشكيل أحزاب سياسية، وبدأ العمل به مطلع 1999.
ووجه البشير الذي تتلمذ على يد الترابي ضربة قاصمة لأستاذه مع إقصائه عن رئاسة المجلس الوطني وحله في 12 ديسمبر 1999، وإعلان حال الطوارئ وتعليق بعض مواد الدستور. وجاء القرار بعد 48 ساعة من تصويت النواب على تعديلات هدفها الحد من صلاحيات رئيس الدولة.
وفجّر القرار الصراع على السلطة بين الرجلين، وداخل المؤتمر الوطني. وبدأ العد العكسي للتحالف بين قطبي السلطة في السودان. ووافق الترابي في 23 يناير 2000 على مقترحات المصالحة والتعايش مع البشير، مكتفيًا بمهام تنظيمية داخل الحزب، بعيدًا عن مقاليد الحكم، مع اتجاه البشير للتقارب مع جيرانه العرب والأفارقة، وأبعد أنصار الترابي عن المناصب الحكومية مع تشكيل الحكومة، وتعيين حكام جدد للولايات في 24 يناير 2000.
من تآليفه :
1 - الصلاة عماد الدين .
2 ـ المشكلة الدستورية.
3 ـ الإيمان
4- المصطلحات السياسية في الإسلام.
5- ضرورة النقد الذاتي للحركة الإسلامية.
6- الصحوة الإسلامية والدولة القطرية في الوطن العربي.
7 - خصائص الحركة الإسلامية المعاصرة.
8 - تجديد أصول الفقه الإسلامي.
9- المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع .
( المرجع : مجلة المجتمع ، العدد 136 - موقع اسلام اون لاين - موقع قناة الجزيرة - مع إضافات يسيرة ) .
ملخص ردود العلماء والدعاة على الترابي :
تابع الردود على الترابي [/URL][URL="http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/38.doc"] (http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/38.doc)http://www.saaid.net/book/images/msword.gif (http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/38.doc) http://www.saaid.net/book/images/zip.gif (http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/38.zip)
نظرات شرعية في فكر الدكتور حسن الترابي
التوحيد الخالص
2011-09-14, 18:21
بارك الله فيك
فقير إلى الله
2012-09-07, 00:00
بارك الله فيكم
fatimazahra2011
2012-09-07, 13:44
♪♫♪♪♫♪♪♫♪♪♫♪
http://www.ahlalsunna.com/f/uploads/images/sunna.362ffac404.gif
█║▌│▌║║█│║▌║║▌│▌
فقير إلى الله
2012-09-23, 22:43
بــارك الله فيكم
فقير إلى الله
2012-09-23, 22:46
♪♫♪♪♫♪♪♫♪♪♫♪
http://www.ahlalsunna.com/f/uploads/images/sunna.362ffac404.gif
█║▌│▌║║█│║▌║║▌│▌
الموسقى لا تتناسب مع الإسلام
فقير إلى الله
2012-09-24, 14:03
ملخص ردود العلماء والدعاة على الترابي :
1- رد الدكتور مفرح بن سليمان القوسي :
قال - حفظه الله - في كتابه " الموقف المعاصر من المنهج السلفي في البلاد العربية " ( ص 226 - 233 ) :
( الدكتور حسن عبد الله الترابي : وهو من أبرز الإسلاميين العقلانيين الذين تبنوا الدعوة إلى التحديث في الفكر الإسلامي المعاصر لمواكبة التطور ومواءمة ظروف العصر ، وذلك في كتبه وأبحاثه ومحاضراته وندواته داخل بلده السودان وخارجها : فنجده يدعو إلى إحداث فقه جديد يلائم واقع المسلمين الجديد ، ويكشف عن بعض ملامح الفقه الذي يريده ، فيقول : " ونحن أشد حاجة لنظرة جديدة في أحكام الطلاق والزواج نستفيد فيها من العلوم الاجتماعية المعاصرة ، ونبني عليها فقهنا الموروث ، وننظر في الكتاب والسنة مزودين يكل حاجات عصرنا ووسائله وعلومه ... "
ويصف عصر الصحابة بأنه عصر طغيان الفرد وعصابات الفكر ، فنراه يقول : " إن الصحابة عاشوا عهداً للبشرية تضعف فيه وسائل الاتصال المادية بين الناس ، ويسود فيه طغيان الفرد وعصابات الفكر "
ويدعو إلى الانطلاق والانفلات وترك المحافظة على منهج السلف الصالح في الأخذ بالأحوط والأسلم والأضبط ، ويرفض الدعوة إلى الاعتدال ، فيقول : " واقرأ إن شئت لمتأخرة العلماء تجدهم يؤثرون الأسلم والأحوط والأضبط ... وهذه الروح في تربيتنا الدينية لا بد من أن نتجاوزها الآن ، ولا نتواصى اليوم بالمحافظة ، بل لا ينبغي إطلاقاً الدعوة إلى الاعتدال ، لأننا لو اعتدلنا نكون قد ظلمنا ، ولو اقتصدنا نكون قد فرطنا .... ، وإني لا أتخوف على المسلمين كثيراً من الانفلات بهذه الحرية والنهضة "
ويدعو إلى تجديد الفقه وأصوله ، فهما غير مناسبين _ في نظره _ للوفاء بحاجات المسلمين المعاصرة لما يلي :
1- لأن الفقه مؤسس على علم محدود بطبائع الأشياء وحقائق الكون وقوانين الاجتماع .
2- ولأنه فقه تقليدي لا رسمي ولا شعبي .
3- ولافتقار كتب الفقه إلى إرشاد المسلم إلى ما يجب عليه اتباعه في أمور التجارة والفن والسياسة ، حيث يقول : " قد يعلم المرء اليوم كيف يجادل إذا أثيرت الشبهات في حدود الله ، ولكن المرء لا يعرف اليوم كيف يعبد الله في التجارة والسياسة أو يعبد الله في الفن ، كيف تتكون في نفسه النيات العقدية التي تمثل معنى العبادة ، ثم لا يعلم كيف يعبر عنها عملياً بدقة "
4- ولأن مقولات نظرية عقيمة لا تلد فقهاً البتة بل تولد جدلاً لا يتناهى ونظر مجرد كله مبالغة في التشعيب والتعقيد بغير طائل ، حيث يقول : " لابد أن نقف وقفه مع علم الأصول تصله بواقع الحياة ، لأن قضايا الأصول في أدبنا الفقهي أصبحت تؤخذ تجريداً حتى غدت مقولات نظرية عميقة لا تكاد تلد فقهاً البتة بل تولد جدلاً لا يتناهى " ويقول تحت عنوان " حاجتنا لمنهج أصولي " : " .... لكن جنوح الحياة الدينية عامة نحو الانحطاط وفتور الدوافع التي تولد الفقه والعمل في واقع المسلمين أديا إلى أن يؤول علم أصول الفقه- الذي شأنه أن يكون هاديًا للتفكير – إلى معلومات لا تهدي إلى فقه ولا تولد فكراً ، وإنما أصبح نظراً مجرداً يتطور كما تطور الفقه كله مبالغة في التشعيب والتعقيد بغير طائل ، وقد استفاد ذلك العلم فائدة جليلة من العلوم النظرية التي كانت متاحة حتى غلب عليه طابع التجريد والجدل النظري العقيم ، وتأثر بكل مسائل المنطق الهيليني وبعيوبه كذلك " ويكثر الترابي في كتبه ومحاضراته من ترديد عبارات : " الأنابيش " و " الفقه التقليدي " و " علم الأصول التقليدي " و "
القياس التقليدي " و " نظام الإسلام التقليدي " ، وما شابه ذلك من العبارات التي توهم القاري بأن الفقه الإسلامي والعلوم الإسلامية شيء من العادات والتقاليد ، وليست ديناً مستنداً إلى أدلة ومبنياً على أصول شرعية .
ويركز كثيرًا على التوسع في مفهوم الأصول التي أصلها العلماء والأئمة المتقدمون ، ويصر على تسمية كل أصل بذلك ، فيقول مثلاً : " الأصول الواسعة " و " القياس الواسع " و " الاستصحاب الواسع " و " الاجتهاد الحر " ويتهم الترابي _ وهو بصدد تبرير دعوته إلى تجديد الفقه وأصوله _ الفقهاء المسلمين بالانغلاق وضيق الأفق ، وبأن الحياة العامة وشؤون الاقتصاد والسياسة تدور من حولهم وهم لا يشعرون ، ومما قاله بهذا الشأن قوله : " إن الفقهاء ما كانوا يعالجون كثيراً من قضايا الحياة العامة ، إنما كانوا يجلسون مجالس العلم المعهودة ، ولذلك كانت الحياة العامة تدور بعيداً عنهم ولا يأتيهم إلا المستفتون من أصحاب الشأن الخاص في الحياة ... والنمط الأشهر في فقه الفقهاء والمجتهدين كان فقه فتاوى فرعية ... ، فالفتاوى المتاحة تهدي عادة الفرد كيف يبيع ويشتري ، أما قضايا السياسة الشرعية الكلية وكيف تدار حياة المجتمع بأسره إنتاجاً وتوزيعاً ، استيراداً وتصديراً ، علاجاً لغلاء المعيشة أو خفضاً لتكاليفها ، هذه مسائل لم يعن بها أولياء الأمور ، ولم يسائلوا عنها الفقهاء ليبسطوا فيها الفقه اللازم " واتهمهم كذلك بإغفال حق طاعة ولاة الأمر في كتبهم ومصنفاتهم ، فنراه يقول : " إن أصول القرآن الكريم تجعل لولاة الأمر حق الطاعة من بعد طاعة الله والرسول ، ولقد سكت الفقهاء عن هذا الحق ، فلا نكاد نجد له أثراً البتة في كتب أصول الفقه أو أصول الأحكام "
كما اتهمهم بأنهم احتكروا الدين واتخذوه سراً من الأسرار حجبوه عن الناس ، وأصبحوا بذلك وسطاء بين العباد وربهم ، أو سلطة مركزية تستبد بأمر الاجتهاد الذي يرى فتح بابه لكل الناس بما فيهم العوام ، فنراه يقول : " اتسم فقهنا التقليدي بأنه فقه لا شعبي ، وحق الفقه في الإسلام أن يكون فقهاً شعبياً ، ذلك أن التحري عن أمر الدين الذي ليس من حق طائفة أو طبقة من رجال الدين ، وأن الإسلام لا يعرف التدين الذي يحتكره رجال ويتخذون الدين سراً من الأسرار يعكفون عليه ، يحجبونه عن الناس ويصبحون – من أجل ذلك السر المحجوب عن الناس – وسطاء بين العباد وربهم ، أويصبحون سلطة مركزية يستبدون بأمر الاجتهاد دون الناس "
ويعد الترابي ( أهلية الاجتهاد ) شيئاً نسبياً وإضافياً ، وأنها جملة مرنه ليس لها ضوابط ولا شرائط ، وأن الجمهور هم الحكم في تمييز الذي هو أعلم ، متخذين من أعرافهم مقاييس لتقويم المجتهدين والمفكرين ، فنراه يقول تحت عنوان(أهليةالاجتهادوإطاره):
" تقدير أهلية الاجتهاد مسألة نسبية وإضافية ، ولكن بعض الكتاب المتنطعين في الضبط والتحفظ يتوهمون أنها درجة معينة تميز طبقة المجتهدين من عامة الفقهاء ، وما الاجتهاد إلا وظيفة في استعمال العلم والعقل يتربى عليها المتعلم ويترقى نضوجاً ورشداً ، وتتفاوت فيها طبقات المفكرين الذين ينبغي أن يعمر بهم المجتمع المسلم ، فإذا عنينا بدرجة الاجتهاد مرتبه لها شرائط منضبطة ، فما من شيء في دنيا العلم من هذا القبيل ، وإنما أهلية الاجتهاد جملة مرنة من معايير العلم والالتزام تشيع بين المسلمين ليستعملوها في تقويم قادتهم الفكريين ... وقد ينظم المجتمع أحياناً ضوابط شكلية مثل الشهادات ليكون حمل شهادة الجامعة مثلاُ أمارة لأهلية بدرجة معينة ، وحمل الشهادة الأعلى إيذاناً باستحقاق ثقة أعلى وهكذا ، وربما يترك الأمر أمانة للمسلمين ليتخذوا بأعرافهم مقاييس تقويم المفكرين . ومهما تكن المؤهلات الرسمية فجمهور المسلمين هو الحكم وهم أصحاب الشأن في تمييز الذي هو أعلم وأقوم ، وليس في الدين كنيسة أو سلطة رسمية تحتكر الفتوى " . ولذا يدعو إلى الاحتكام إلى عوام الناس _ ولو كانوا جهالاً _ لضبط الاختلاف والتفرق بين المذاهب!
ويرفض الترابي قياس الفقهاء والأصوليين المعروف والمنضبط بضوابط وشروط دقيقة ، لأن تلك الضوابط والشروط _ في نظره _ قيود وضعها مناطقه الإغريق ثم اقتبسها الفقهاء عنهم ، ويدعو إلى قياس فطرى حر _ على حد تعبيره _ ، فنراه يقول تحت عنوان ( نحو أصول واسعة لفقه اجتهادي ) : " يلزمنا أن نطور طرائق الفقه الاجتهادي التي يتسع فيها النظر بناء على النص المحدود ، وإنما لجأنا للقياس لتعدية النصوص وتوسيع مداها فما ينبغي أن يكون ذلك هو القياس بمعاييره التقليدية ، فالقياس التقليدي أغلبه لا يستوعب حاجاتنا بما غشيه من التضييق انفعالاً بمعايير المنطق الصوري التي وردت على المسلمين مع الغزو الثقافي الأول الذي تأثر به المسلمون تأثراُ لا يضارعه إلا تأثرنا اليوم بأنماط الفكر الحديث " ، ويقول أيضاً تحت عنوان ( القياس المحدود ) : " القياس _ كما أوردنا تعريفاته وضوابطه الضيقة في أدبنا الأصولي _ لا بد فيه من نظر حتى نكيفه ونجعله من أدوات نهضتنا الفقهية ،وعبارة القياس واسعة جدا ؛ تشمل معنى الاعتبار العفوي بالسابقة ، وتشمل المعنى الفني الذي تواضع عليه الفقهاء من تعدية حكم أصل إلى فرع بجامع العلة المنضبطة إلى آخر ما يشترطون في الأصل والفرع ومناط الحكم ، وهذا النمط المتحفظ من القياس يقتصر على قياس حادثة محدودة على سابقة محدودة معينة ثبت فيها حكم بنص شرعي فيضيفون الحكم إلى الحادثة المستجدة ، ومثل هذا القياس المحدود ربما يصلح استكمالاً للأصول التفسيرية في تبين الأحكام والآداب والشعائر ، ولكن المجالات الواسعة من الدين لا يكاد يجدي فيها إلا القياس الفطري الحر من تلك الشرائط المعقدة التي وضعها له مناطقه الإغريق ، واقتبسها الفقهاء الذين عاشوا مرحلة ولع الفقه بالتعقيد الفني وولع الفقهاء بالضبط في الأحكام "
وينحى الترابي في تجديد " الإجماع " منحى لم يقل به أحد من قبل ، ولم يخطر ببال عالم من علماء المسلمين القدامى أو المعاصرين ، حيث يصور " الإجماع " بصورة الاستفتاء أو التصويت من قبل عامة الناس على أمر من الأمور ، وذلك على غرار ما تطرحه الدولة في الأنظمة الغربية على الناس من مسائل لأخذ آرائهم فيها ، فنراه يقول بعد تأكيده على ضرورة الاتفاق على مناهج أصولية موحدة : " وتعود تلك المناهج الموحدة إلى مبدأ الشورى الذي يجمع أطراف الخلاف ، ومبدأ الإجماع الذي يمثل سلطان جماعة المسلمين ، والذي يحسم الأمر بعد أن تجري دورة الشورى فيُعمد إلى أحد وجوه الرأي في المسألة فيعتمده ، إذ يجتمع عليه السواد الأعظم من المسلمين ، ويصبح صادراً عن إرادة الجماعة وحكماً لازماً ينزل عليه كل المسلمين ، ويسلمون له في مجال التنفيذ ولو اختلفوا على صحته النسبية " ويقول أيضاً : " يمكن أن نرد إلى الجماعة المسلمة حقها الذي كان قد باشره عنها ممثلوها الفقهاء ، وهو سلطة الإجماع ، ويمكن بذلك أن تتغير أصول الفقه والأحكام ، ويصبح إجماع الأمة المسلمة أو الشعب المسلم ، وتصبح أوامر الحكام كذلك أصلين من أصول الأحكام في الإسلام " ويقول كذلك : " يمكن أن نحتكم إلى الرأي العام المسلم ونطمئن على سلامة فطرة المسلمين حتى ولو كانوا جهالاً في أن يضبطوا مدي الاختلاف ومجال التفرق " !!
ولم يقتصر الترابي في دعوته إلى التجديد على التشريع فقط ، بل تعداه إلى مجال الاعتقاد ، حيث يرى أن قضايا الاعتقاد مسائل فكرية ، وأن الفكر يتغير بتغير الزمان والمكان ، فالعقيدة إذن متجددة ومتغيرة ، وعلى المسلمين أن يختاروا ما يناسبهم من المناهج بحسب الظروف والملابسات التي يعيشونها ، فنراه يقول : " ولما كان الفكر الإسلامي في كل قرن فكراً مرتبطاً بالظروف القائمة فلا نصيب من خلود بعدها إلا تراثاً وعبرة ، سواء في ذلك فقه العقيدة أو فقه الشريعة " ويؤكد ذلك ما يروى عنه أنه قال في محاضرة ألقاها بجامعة الخرطوم بعنوان ( تحكيم الشريعة ) : " إنه في إطار الدولة الواحدة والعهد الواحد يجوز للمسلم _ كما يجوز للمسيحي _ أن يبدل دينه " !!
فقير إلى الله
2012-09-24, 14:12
أولاً: إنكاره لحد الردة:
ينكر الترابي حد الردة، ويرى أن من حق أي مواطن في دولة الإسلام تغيير دينه إذا اقتنع بغيره، يقول في مقابلة له مع جريدة المحرر [العدد: 263، آب 1994]:
"نريد الحوار مع الغرب، لا نريد حرباً معه، نريد أن نحتكم معاً إلى ديموقراطية عالمية، أما في بلدي، فالأولى بي وأنا أدعو للحوار في مواجهة الآخر، أن أتحاور مع كل من حولي، مسلماً كان أم غير مسلم، وعربياً كان أم غير عربي، أتحاور معه وأترك له حرية أن يقول ما يشاء، ويسود بنتيجة الحوار هذا الرأي أو ذاك، وأزيد على كل هذا رأياً هو رأيي الشخصي:
حتى إذا ارتد المسلم تماماً وخرج من الإسلام ويريد أن يبقى حيث هو، فليبق حيث هو. لا إكراه في الدين.. لا إكراه في الدين.. وأنا لا أقول إنه ارتد أو لم يرتد فله حريته في أن يقول ما يشاء، شريطة أن لا يفسد ما هو مشترك بيننا من نظام".
ويقول أيضاً:
"وأود أن أقول: إنه في إطار الدولة الواحدة والعهد الواحد يجوز للمسلم كما يجوز للمسيحي أن يبدل دينه.. أما الردة الفكرية البحتة التي لا تستصحب ثورة على الجماعة ولا انضماماً إلى الصف الذي يقاتل الجماعة كما كان يحدث عندما ورد الحديث المشهور عن الرسول r، فليس بذلك بأس يذكر، ولقد كان الناس يؤمنون ويكفرون، ثم يؤمنون ويكفرون، ولم يطبق عليهم الرسول r حد الردة".
وفي مقابلة له مع صحيفة "المستقلة" قال:
"إذا كان الله سبحانه وتعالى وهب الإنسان الحرية [من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر]، ولو شاء الله لطبعنا تماماً على الإيمان كالجماد، كالحجر، كالسموات والأرض والجبال اللائي أشفقن من حمل أمانة الحرية، أشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً، فما دام الله قد حمّل الإنسان أمانة الحرية يصبح الأمر بديهة من بديهيات الدين، تشهد بها آيات القرآن [لا إكراه في الدين] وحتى في أيام الرسول r تحدث القرآن الكريم عن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا.. كان الناس يرتدون ويعودون ويخرجون وهكذا.
حديث المرتد حديث قصير جاء في سياق العلاقات الحربية، كان المسلمون يشفقون من المسلم إذا ارتد ورأوه في صف المقاتلين هنالك هل يعصمه إسلامه السابق من قتله إذا قدروا عليه في ميدان القتال، فقال لهم الرسول r من بدل دينه وفارق الجماعة فاقتلوه. ولكن الناس انتزعوا هذا الحديث من أسبابه الخاصة، ونسخوا به أصلاً من أصول الدين هو حرية العقيدة. كيف لعاقل أن يتصور أن الله سبحانه الذي لم يكره أحداً يبيح لنا أن نكره أحداً على الإيمان؟.
وآيات حظر الإكراه شتى في القرآن وفي غالب سنن الرسول r، لذلك أنا لا أوافق على الرأي الشائع في حكم المرتد أبداً.
وفي إشارة منه على عدم احترامه للمصادر الشرعية يقول:
".. وهذه لا تحتاج إلى الرجوع إلى قول فلان ورد فلان على فلان. حرية العقيدة أصل من أصول القرآن، لكن أكثر المسلمين انقطعوا عن أصولهم تماماً، وبدأوا يأخذون عمن أخذ عمن أخذ عمن أخذ من الأصول!! وهذه واحدة من ظواهر التخلف عن دواعي الدين.
ويدرك الترابي [وما زلنا ننقل فقرات من مقابلته مع صحيفة المستقلة] أنه في شذوذاته هذه كمن يناطح قلعة شاهقة فيقول:
"فقد لا أكون أعلم الناس وأكثرهم زاداً من العلم، وقد لا يثق الناس باجتهادي بل يحسبون أن أهوائي قد تؤثر علي. ذلك أمر للناس، وهم يحكمون عليّ وعليك بمعاييرهم" (1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1).
تعليق:
قتل المرتد من المعلوم بالدين بالضرورة، ومما أجمع عليه أهل العلم، يقول ابن قدامة رحمه الله: "وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتدين، وروي ذلك عن أبي بكر وعثمان وعلي ومعاذ وأبي موسى وابن عباس وخالد رضي الله عنهم، وغيرهم، ولم يُنْكَرْ ذلك، فكان إجماعاً" وقال أيضاً: "ومن اعتقد حِلَّ شيءٍ أُجمع على تحريمه وظهر حكمه بين المسلمين، وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه، كلحم الخنزير والزنا وأشباه هذا مما لا خلاف فيه، كفر" (2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2).
وهؤلاء هم الذين قصدهم الترابي بقوله: "لكن الناس انتزعوا هذا الحديث من أسبابه الخاصة، ونسخوا به أصلاً من أصول الدين هو حرية العقيدة".. أي أن الصحابة والتابعين وأئمة خير القرون المفضلة، وعلماء الإسلام في كل عصر ومصر انتزعوا الحديث من أسبابه ونسخوا به أصلاً من أصول الدين، ولم يكتشف هذه الحقيقة على مر العصور إلا رجل من الخرطوم اسمه حسن عبد الله الترابي!!.
إن ما ذكره الترابي في مسألة قتل المرتد ظاهر بطلانه عند المبتدئين من طلاب العلم فضلاً عن العلماء، وما هو إلا خليط من أقوال المستشرقين والمستغربين وكل الحاقدين على هذا الدين، وأحسب أن كبار هؤلاء ودهاتهم يترفعون فيما يكتبونه عن استهتار الترابي في كثير من كتاباته ومحاضراته عن الإسلام، ومن الأمثلة قوله في إحدى محاضراته: "لا إكراه في الدين" Full stop!!.
أهكذا يفسر القرآن؟، وهل من الأدب الشرعي وهو يخاطب عرب السودان في جامعة الخرطوم أن ينطق بهذه الكلمة الإنكليزية التي تعني بالعربية: نقطة انتهى.
انتهى!! لا تحاولوا ربط الآية بمثيلاتها، ولا تتطرقوا لأسباب النزول وأقوال علماء التفسير، والأحاديث النبوية الصحيحة الواردة في هذا المعنى.
انتهى!! هذه هي تعليمات الشيخ، وهكذا يتلقى المريد، وعلى هذا الأساس تقوم دولة ويسمونها إسلامية!!.
الدستور السوداني الذي اعتبرته حكومة الإنقاذ فتحاً عظيماً، أقر ما قاله الترابي - بطريقة لا تخلو من المراوغة - في هذا الشأن، ونص على حرية الاعتقاد، ومن باب أولى فقد ألغى حد الردة.. لهذا ولغيره فقد كان موضع انتقاد كثير من الدعاة في البلدان العربية، ولم يجدوا فيه ما كانوا ينتظرونه من حكومة الإنقاذ.
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) حسن الترابي آراؤه واجتهاداته في الفكر والسياسة، محمد الهاشمي الحامدي، دار المستقلة، لندن 1996.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) المغني، كتاب المرتد، مطبعة هجر القاهرة، 12/264.
فقير إلى الله
2012-09-24, 14:21
ثانياً: عقيدته في اليهود والنصارى:
قال الترابي:
"إن قيام جبهة المؤمنين هو مطلب الساعة، وينبغي ألا تحول دونه المخاوف والتوجسات التاريخية، فنحن نعلم جميعاً أن الكثير من الحروبات التي شنت باسم الدين والاضطهاد الذي وقع باسم الدين كان الدين منه براء، لأن الأديان السماوية لا تدعو لنشر رسالتها - رسالة الفضيلة والسلام - بحد السيف أو بالقنابل والمدافع، ونحن نقرأ تاريخ الحروب الصليبية التي شنت على الشرق فنراها حملات استعمارية، استخدم فيها بعض ملوك أوربا شعار الصليب واسم المسيحية ليحققوا توسعاً استعمارياً تتعبأ فيها جماهيرهم المؤمنة، ويمدهم بالموارد وبكنوز الشرق التي كانوا يسمعون بها، وكذلك جاءت الموجة المتأخرة من الاستعمار واستخدمت اسم الدين ودعاوى التبشير لتبسط نفوذها على الأرض والناس تتخذهم سلعة لتجارة الرقيق وسخرياً لتحقيق مآربها الدنيوية المفارقة لهدي الأديان جميعاً، ولقد جاءت الموجة الاستعمارية بعرقيتها وعنصريتها مخالفة لهدي الإخاء المسيحي الذي لا يرى فرقاً بين أبيض وأسود إلا بالتقوى" (3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1).
وقال: "إن البعد عن عصبية الدين، والتحرر من التعصب المذهبي، هو الباب المفضي إلى حوار حقيقي بين الأديان، فإذا ترك أهل الأديان التعصب كل لمذهبه وملته، وأقبل على دراسة الأديان بعقل متفتح، كان أحرى أن ينكشف له الأصل الواحد لهذه الأديان، واشتراكها في القيم الأساسية التي تدعو لها. وهذه هي دعوتنا اليوم: أن تقوم جبهة أهل الكتاب، والكتاب عندنا يطلق في القرآن يقصد به كل كتاب جاء من عند الله".
وإذن: يدعو الترابي إلى قيام جبهة أهل الإيمان (المسلمون، والنصارى، واليهود) على أساس الملة الإبراهيمية، وكان منذ القديم يطرح هذه الأفكار في منتدياته، يقول في مقابله له مع مجلة المجتمع (العدد: 736، تاريخ 8/10/1985):
"إن الوحدة الوطنية تشكل واحدة من أكبر همومنا، وإننا في الجبهة الإسلامية نتوصل إليها بالإسلام على أصول الملة الإبراهيمية التي تجمعنا مع المسيحيين بتراث التاريخ المشترك وبرصيد تاريخي من المعتقدات والأخلاق، إننا لا نريد الدين عصبية عداء، ولكن وشيجة إخاء في الله الواحد".
وفي مقابلة له مع المحرر [العدد 263، آب 1994] يقول:
"إنني لأعتقد أن النصراني أقرب إلي ممن ينافقني ويدعي الإسلام، ابتغاء مكسب، فالمنافق ديناً في الدرك الأسفل من النار، وفي الدرك الأسفل عندي من الانحطاط، أنا لا أريد أن أكره نصرانياً ولا حتى إفريقياً على أن يدخل في الإسلام بالإكراه. إنني أخسر بهذا ولا أربح شيئاً. بل إنني أنفتح على دعوته لي إذا شاء إلى النصرانية أو الإفريقية وأنا مطمئن إلى من تكون له عاقبة الدعوة والدار".
النفاق العملي والاعتقادي:
قوله: "ينافقني": أي يتودد إليه ويتقرب منه، ويظهر له خلاف ما يبطن، والترابي كان في الوقت الذي أجرى فيه هذه المقابلة مع "المحرر" الرجل الأول في النظام، وكان لابد من عودة رئيس الدولة - عمر البشير - إليه لعرض أموره عليه وأخذ التعليمات منه، وطلابه يعرفون كيف بطش بزملاء وأساتذة لهم من قبل، وسيكون مصيرهم كمصير مَنْ سلفهم إن لم يسترضوا شيخهم ويتوددون إليه بعبارات يعلمون أنه لا يستحقها، وهذا النوع من النفاق، اسمه "نفاق عملي"، وهو ليس أكثر من معصية وصاحبه لا يكفر، أما النفاق الذي يقود صاحبه إلى الدرك الأسفل من النار فهو "نفاق اعتقادي" ولا يعلم حقيقته إلا الله سبحانه وتعالى، لأن محله القلب، ونحن نحكم على ظاهر أفعال المرء، ولسنا مكلفين بالبحث عما تكنه صدور الناس، وفي بعض الحالات قد نحكم على أنواع معينة من الناس - ومن خلال الظاهر - بالنفاق الأكبر، ومن الأمثلة على ذلك العلماني الذي يدعو إلى مذهبه ويؤذي الدعاة إلى الله ثم نراه يصلي في المناسبات العامة لتلتقط له الصور.
فهل كان الترابي يجهل الفارق بين هذين النوعين من النفاق: الاعتقادي والعملي؟ أم كان يخلط خلطاً متعمداً، ويستغفل عقلية المخاطبين بمقابلته مع صحيفة المحرر؟!.
أمر آخر لابد من الإشارة إليه ما دمنا في صدد الحديث عن النفاق، وذلك أن النفاق عند النصارى في بلادنا أظهر منه عند غيرهم لأنهم يكرهون ديننا، ويفضلون علينا إخوانهم نصارى أوربا وأمريكا، ولا يستطيعون البوح بذلك فيظهرون لنا خلاف ما يبطنون.
أما دعوة الترابي إلى الإخاء الديني وإلى تكوين جبهة أهل الإيمان [اليهود، والنصارى، والمسلمون] فقديمة مثل كثير من انحرافاته، وقد كان يلقى أعقاب كل محاضرة يلقيها من يحاول نصحه وإقامة الحجة عليه، فما يزيده ذلك إلا إصراراً وتمسكاً بما يدعو إليه، فإذا قيل له: ألم يقل الله جلَّ وعلا عن اليهود كذا وكذا - يذكرون له الآيات التي أنزلها الله بحقهم - أجاب: يهود اليوم ليسوا هم اليهود الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم (عن مجلة الطالب السوداني)، وفي محاضرة له في جامعة الخرطوم أجاب: اليهود الذين أتحدث عنهم ليسوا صهاينة.
وإذا قيل له: لقد أخبرنا الحق جلَّ وعلا في محكم كتابه بأن اليهود والنصارى كفار، أجاب: كلمة الكفر لا تعني الخروج عن الملة، وإنها بمعنى تغطية بعض الحق مثل المسلم الذي يقارف معصية، ثم يتوب منها.. ثم يمضي الترابي قائلاً: "بل سماهم الله في القرآن أهل الكتاب، فهم مؤمنون"، ولأنهم مؤمنون يشاركهم المسؤولون السودانيون - في دولة الترابي - في أعيادهم، ويسمحون لهم ببناء الكنائس وغير ذلك من الأنشطة دون حدود أو قيود.
وكتعليق عابر نقول: إن المسلمين الذين نالوا الحد الأدنى من ا لعلوم الشرعية يعلمون أن الترابي فيما يدعيه ويدعو إليه يُكذِّبُ قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إنّ الله هو المسيح بن مريم} [المائدة:17]. وقوله:{لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} [المائدة:73]، وقوله: {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه}[المائدة:18] ، وقوله: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل، قاتلهم الله أنى يؤفكون، اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيحُ ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}[التوبة:30 - 31].
وإذن: لقد كفر اليهود والنصارى لأنهم كانوا يعتقدون بأن لله ولداً، وأنه ثالث ثلاثة، وهذا هو الكفر الأكبر.
وكفر اليهود والنصارى لأنهم زعموا بأن القرآن الكريم ليس كلام الله، وأنه سبحانه وتعالى لم يرسل محمداً r بشيراً ونذيراً، ولهذا فقد أجمع علماء الملة على كفر اليهود والنصارى، وكفر من لم يكفرهم أو شك في كفرهم ما لم يكن معذوراً بجهله. والعذر بالجهل يزول بعد إقامة الحجة عليه، وليس من المعذورين بجهلهم من يدعو إلى هذه الضلالة من خلال المنتديات التي يحاضر بها أو المقابلات الصحفية التي يعقدها، ويسمع في هذه وتلك ردود العلماء فما تزيده إلا إصراراً على بدعته ودأباً في الدعوة إليها.
والمثير للدهشة أن هذا الذي ينادي إلى قيام جبهة أهل الإيمان على أساس الملة الإبراهيمية، هو نفسه الذي أوعز للقيادة العسكرية بحل التنظيمات الحزبية، وعندما كان زملاؤه في الجبهة القومية الإسلامية يطالبونه بعودة التنظيم لأنه هو الذي دبر الانقلاب العسكري، وليس الترابي وحده، كان يتهرب من الجواب، وعندما يضطر كان يقول لهم: هكذا يريد العسكريون، وإرادة العسكريين لا تخرج عن إرادته "رمتني بدائها وانسلت".
وهو نفسه الذي لم تصدر عنه أية مبادرة لإقامة جبهة إسلامية في بلده تشمل: أنصار السنة، والإخوان المسلمين بقسميهم، وبقية الجماعات الأخرى، مع أنه هو ودولته بحاجة ملحة إلى قيام هذه الجبهة، وإلى توحيد كافة الطاقات الإسلامية لتأخذ دورها المنشود في مواجهة أعداء الله على كافة الجبهات والمواقع. فكيف نصدق أن هذا الذي بطش بزملائه وإخوانه الدعاة واحداً بعد الآخر، ومن كان عنده أدنى شك فليذهب إلى قادة الجبهة القومية الإسلامية وليسألهم.. نعم كيف نصدق بأن هذا الذي لم يتسع صدره لجماعته يريد أن يوحد اليهود والنصارى والإسلام؟!.
وإذا قيل: إنها سياسة لكسب ود النصارى في السودان، والفاتيكان وأوربا وأمريكا. فالجواب: إن كسب ود هؤلاء لا يكون بقول يخرج قائله من ملة الإسلام.. ومن ثم فها هو لم يكسب ود أحد.
(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) مؤتمر الأديان الذي عقد بالخرطوم بتاريخ 8/10/1994، وكان ذلك بمحاضرة بعنوان: "الحوار بين الأديان التحديات والآفاق".
فقير إلى الله
2012-09-24, 14:23
ثالثاً : إنكار نزول المسيح عليه السلام:
جاء في كتابه "قضايا التجديد.. نحو منهج أصولي":
"وفي بعض التقاليد الدينية تصور عقدي بأن خط التاريخ الديني بعد عهد التأسيس الأول ينحدر بأمر الدين انحطاطاً مضطرداً لا يرسم نمطاً روحياً. وفي ظل هذا الاعتقاد تتركز آمال الإصلاح أو التجديد نحو حدث أو عهد واحد بعينه مرجو في المستقبل يرد أمر الدين إلى حالته المثلى من جديد. وهذه عقيدة نشأت عند اليهود واعترت النصارى، وقوامها انتظار المسيح يأتي أو يعود عندما يبلغ الانحطاط ذروته بعهد الدجال قبل أن ينقلب الحال صاعداً بذلك الظهور، ولعلها تحريف للبشريات التي جاءت في الوحي القديم بمبعث عيسى ثم بمبعث محمد عليهما السلام.
وقد انتقلت هذه العقيدة بأثر من دفع الإسرائيليات إلى المسلمين. وما يزال جمهور من عامة المسلمين يعولون عليها في تجديد دينهم، وفشوها هو الذي أغرى كثيرين من أدعياء المهدية والعيسوية، وبعضهم تحركه نية صادقة للإصلاح والتجديد لكنه بتربيته الثقافية التقليدية وبتربية العامة الذين يخاطبهم لا يجد وجهاً لشرعية الخروج على القديم إلا بحجة المهدية النهائية، ولعل تلك العقيدة هي ألهت المسلمين عن القيام بعبء الإصلاح وأقعدتهم في كثير من حالات الانحطاط المستفز مرجئة ينتظرون مجيء صاحب الوقت".
تعليق:
عقيدة نزول المسيح عليه السلام آخر الزمن ثابتة في القرآن الكريم، وفي الأحاديث الصحيحة، ومنها صحيحا البخاري ومسلم، وعدّها كثير من أئمة الحديث من الأحاديث المتواترة، فابن حجر العسقلاني تتبع طرقها واحداً واحداً وأثبت بأنها متواترة، وذكر الشوكاني في توضيحه تسعة وعشرين حديثاً ما بين صحيح وحسن وضعيف منجبر، منها ما هو مذكور في أحاديث الدجال، ومنها ما هو مذكور في أحاديث المهدي المنتظر، وتنضم إلى ذلك أيضاً الآثار الواردة عن الصحابة فلها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في ذلك (4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1).
الترابي لم يسلك سبيل من سلفه ممن أنكر نزول المسيح، أعني لم يتعب نفسه في مناقشة الآيات والأحاديث النبوية وأقوال العلماء، ثم يقول رأيه فيها من الوجهة الشرعية، ومن جهة أخرى لم يستخدم ألفاظاً ومصطلحات شرعية، وإنما عبارات فلسفية وإنشائية، ومن الأمثلة على ذلك قوله: "وفي بعض التقاليد الدينية" فهذه التي يسميها تقاليد أحاديث نبوية صحيحة. وقوله فيما سماه إسرائيليات: "وفشوها هو الذي أغرى كثيرين من أدعياء المهدية والعيسوية"! فهل المتبع للقرآن والسنة المتواترة دعي أم الدعي من يتبع أهواء المستشرقين والمارقين؟!.
ومن جهة ثالثة ليس صحيحاً خلطه ما بين عقيدة المسلمين في نزول المسيح واليأس الذي يعتري بعضهم، فيقعدون عن العمل الدعوي منتظرين نزول المسيح، لا، ليس الأمر كذلك لأن المسلمين مأمورون شرعاً بالدعوة والجهاد من أجل أن يكون الدين كله لله، ومن ثم فهم لا يدرون متى ينزل المسيح والمهدي والدجال، بل المطلوب منهم محاربة كل دجال في جميع الأزمنة والأمكنة.
(4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) انظر كتابي دراسات في السيرة النبوية، ص: 305، دار الأرقم.
فقير إلى الله
2012-09-25, 10:12
رابعاً : الاتحاد والفناء في ذات الله بالفن:
يقول الترابي: "والدين التوحيدي هو الذي يوحد الحرية من الذات إلى النظام مع الآخرين، فيحرر المؤمن من كل ما يستعبده في النفس والمجتمع ويخلصه لربه فيلتزم من تلقاء نفسه بأمر الله. ويتحد به ويفنى فيه، ولا يستشعر مجانبة ولا حرجاً. فالدين وحده هو الذي يجعل الفنان ملتزماً وهو صادق لا يلقى عليه الإلزام من خارج نفسه، فيكبته ولا يسمح لفنه بأن يتنفس ويعيش ويثمر أو يجعله منافقاً يعالج الصور الفنية تكلفاً متقطعاً من الإبداع الأصيل في ذات نفسه". ويقول عن الصوفية:
"فقامت الحركة الصوفية وهي تربية تثير الوجدان المؤمن، وتلتمس لطائف التعبير عن لطائف الأحوال، فأخذت من مادة الحياة الثقافية الواسعة كلمات تعبر به عن معانيها وما يعينها عن شعائر الذكر والعبادة، فكثر السماع عن الصوفية وراج الشعر الجميل ودخل التواجد في الذكر فكان الرقص وما يصاحبه من شعائر التصوف، لاسيما على الصعيد الشعبي إذ يغلب الشعور الإيماني على التصورات العلمية النظرية، ويحقق المؤمن من العوام ذاته المتدينة في حلقة ذكر راقص أو إنشاد شعر أو جلسة سماع بينما ينشغل الخاصة ويشبعون أنفسهم بالعلم والتفقه". وأضاف:
"المشكل الأكبر الذي يواجهنا اليوم في شأن الفنون هو التوجه بها إلى الدين، وهي شكل يضاهي شأننا مع السياسة والاقتصاد والعلم وكثير من مقاصد الحياة التي انقطعت عن الوجهة الدينية، ومرقت على الأطر الشرعية وشكلت قطاع حياة بجانب الدين ويجعل وجودنا في الدنيا مؤسساً على ثنائية إشراك غير مقبول: بعض شأننا لله وبعضه لسواه".
ويمضي في الحديث عن الأسباب التي تمنع من التوجه بالفنون إلى الدين، فيقول:
"منها أن فقه العقيدة الموروث الذي نشأنا عليه لا يجعل الفن شعبة من شعاب إيماننا وتوحيدنا ولا يهيئنا لأن نتذكر الله بالجمال وصنعه ولا نعبده من خلاله. وذلك يستدعي تربية إيمانية تأصيلية في المجال الفني تجند له شروح العقيدة بوجه يدخل الفن فيها ومنهاجاً للسلوك الإيماني يحقق ذلك في واقع التدين، ولا تنفصل العقيدة الإيمانية عن صور التعبير الشرعي عنها".
وتحت عنوان: "الدين للفن" يقول:
"إن دين التوحيد الذي يسلم به الفن لله منهاج يسلك طريق العبادة بالفن من حيث يسقط اللا متدينون في الفتنة. فبالتوحيد يتخذ الإنسان الفن وسيلة إلى الله يأخذه بذات خصائصه دون كبت أو تعطيل ويسخره للعبادة، بل يرقى بطبيعته تلك ليرقى به قدر العبادة.. فلا بد إذن من اتخاذ الفن مادة لعبادة الله. فمن تلقائه يضل كثير من الضالين وبه يمكن أن يهتدي المهتدون، فمن أهمله ترك باباً واسعاً للفتنة الملهية عن الله والداعية إلى معاصيه، ومن أخذه بما ينبغي فتح باباً واسعاً للدعوة إلى الله بدفع جاذبية الجمال ولعبادته أجمل وجوه العبادة. فالغالب من الناس يقبلون على الفنون والجماليات ويمكن أن توافيهم داعية الدين، وسواء عظيم منهم آتاهم الله ملكة الإبداع الفني، ورباهم فيهم مجتمع مولع بالفنون، ولن تكتمل لهم حياة موحدة إلا إذا جعلوا نشاطهم الفني بعض تدينهم، ولم يشققوا حياتهم ويحيلوا الفن هامشاً لغواً فيها، أو يحيلوا الدين إلى زاوية معزولة" (5) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1).
وعن الرقص يقول:
"الرقص كذلك تعبير جميل يصور معنى خاصاً بما تنطوي عليه النفس البشرية.. إلى أن قال: ولا ننكر أن في الغرب رقصاً يعبر عن معانٍ أخرى كريمة" (6) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2).
وفي المجال التطبيقي لهذه القناعة في الغناء والرقص أسس الترابي في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات فرقة غنائية موسيقية مكونة من فتيان وفتيات سماها "نمارق"، وأحيت نمارق الترابي حفلات غنائية مختلطة، وفي مثل هذه الأجواء لابد من اختلاء الشباب مع الشابات، وهذا الاختلاء يقود حتماً إلى مفاسد كثيرة، وإثم ذلك كله في ذمة المفتي الدكتور في الحقوق الدستورية من جامعة السوربون حسن الترابي.
بين يدي وأنا أعد هذا البحث تقرير رفعه أحد الطلبة النشيطين في جامعة الخرطوم للمسؤولين عن تنظيمه في الجامعة يبيّن فيه أسباب استقالته من الجماعة الإسلامية التي يتزعمها الترابي، وكان مما جاء فيه:
"13 - (7) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3) الدعوة الخبيثة لاقتحام مجال الفن وتسخيره لعبادة الله، مستغلاً جهل الناس بعلوم دينهم مزيناً دعواه بالفهوم الخاطئة والروايات الموضوعة عن الغناء والرقص والتمثيل.. مما أدى لظهور الذين يجيدون الغناء وقراءة النوتة الموسيقية أكثر من قراءة القرآن".
وفي موضع آخر من تقريره يقول:
"أصبحت قضية الغناء هي المشكلة التي تواجه الدولة الإسلامية المرتقبة، فكثر المتخصصون في الحديث عنه، وتكونت شعبة الموسيقى والمسرح لتعليم الفتيات النوتة الموسيقية قبل علوم الدين الأساسية، وتعددت الرسائل التي تناقش قضايا الفن والغناء والرقص في الوقت الذي يجهل فيه الناس علوم دينهم." (8) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn4). ولنا عودة إلى هذا التقرير مرة أخرى إن شاء الله.
تعليق:
1 - أُرْجِئ الحديث عما قاله الترابي عن الاتحاد والفناء في ذات الله إلى موضع آخر.
2 - عندما سمعت لأول مرة الحديث عن اهتمام الترابي بالفن، وأنه يعتبره قسماً من أقسام التوحيد والعقيدة الإسلامية، ظننت أن هذا القول صورة من صور التشنيع على الرجل، وذَكَّرْتُ المتحدث بالله، وعندما أصرَّ على قوله. قلت له:
ما علاقة الفن والرقص بالعقيدة، أوَ يقول ذلك عاقل؟!، وإن قاله كيف يقبل المسلمون الذين يتبعونه هذا القول؟، ثم يبقى قائله زعيماً ومنظراً لنظام إسلامي - كما يدعون - ، وأخيراً اقتنعت بما قاله محدثي، وعش رجباً ترى عجباً.
3 - اشتراكية الإسلام.. ديمقراطية الإسلام، هذا ما قيل قبل ستة عقود، ويقول الترابي اليوم: الفن الإسلامي.. الرقص الإسلامي.. ماذا سُيقال غداً: هل يقال علمانية الإسلام؟، أجل، لقد قال الترابي شيئاً من هذا كما سيأتي الحديث.
4 - إنني أعترف بأنه استفزني بقوله: "فقه العقيدة الموروث الذي نشأنا عليه لا يجعل الفن شعبة من شعاب إيماننا وتوحيدنا"، ولهذا فهو يطالب بتربية إيمانية تأصيلية تعمل على إدخال الفن في صلب العقيدة!!، ترى من يخاطب هذا الرجل؟ لا أشك أنه سيندحر ويندحر معه رقصه وموسيقاه والوتر الذي تاب - حسب قوله - وتبقى لنا عقيدتنا سالمة من التغيير والتشويه والتبديل.
(5) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) انظر كتابه: "قيمة الدين.. رسالية الفن". الناشر: اتحاد طلاب جامعة القاهرة بالخرطوم.
(6) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) جريدة الصحافة: 15/11/79 والبيان الثاني للإخوان المسلمين: 23/9/1980.
(7) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref3) رقم السبب الذي دفعه إلى اتخاذ هذا القرار.
(8) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref4) قدم الكاتب تقريره لقيادة جماعة الترابي في أوائل الثمانينيات.
فقير إلى الله
2012-09-25, 10:13
خامساً : الترابي: لست سنياً ولا شيعياً:
وعن موقفه من السنة والشيعة يقول:
"كنت أتحدث في مؤتمر مع مسلمين وعرب في المؤتمر العربي والإسلامي. قلت لهم: .. أنا لست سنياً ولا أدرك ما معنى السني والشيعي. إذا اختلفنا على مرشحين اثنين للخلافة الراشدة الثالثة، فصوت بعضهم لهذا وصوت آخرون لذلك. فتلك أمة قد مضت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، فهل نشق التاريخ الإسلامي إلى يوم القيامة.
كذلك المذاهب، ما أحسب أن مالكاً أو أبا حنيفة أو الصادق قد قدروا أنهم أسسوا مذهباً يستمر إلى يوم القيامة. لقد اجتهدوا ليومهم وربما حسبوا أن اجتهادهم لا يزيد على أن يستمر لسنوات، ثم يأتي مجتهدون جدد يجددون الدين ويواجهون مشكلات جديدة. لكنا بقينا أسرى اجتهادهم. حتى أهل الصوفية أرادوا أن يدخلوا معاني داخلية للدين لا معاني ظاهرية فقط، فاتخذناها طرقاً إلى يوم القيامة: كالقادرية، والنقشبندية، و … الخ. لهؤلاء جميعاً أقول: تعالوا نتوحد".
هذا ما قاله الترابي لصحيفة المحرر [في 1/8/94]، أما ما قاله في أحد مؤتمرات الطلبة العرب المسلمين في أمريكا:
"ليس صحيحاً أن التراث السني والشيعي متباينان هذا التباين، فكتاب الشوكاني دليل لنا رغم أنه شيعي زيدي، وما يجمع المسلمين أكثر مما يفرقهم، فما يجمعهم 95% وما يفرقهم 5%.
وسئل: هل أنت على المذهب الشيعي؟ فأجاب: أنا لا أسمي نفسي شيعياً ولا سنياً، سني وشيعي لا تعني أنه يتبع سنة الرسول أو لا يتبعها. معناها حزب سياسي، ومرشح لكل حزب، وأنا لا أصوت لهذا ولا لهذا، وقال: وأما القرآن فكلنا نتفق عليه، أما أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فنتفق على معظمها سنة وشيعة، أما التراث السني والشيعي ففيه من الترهات والخرافات عند أهل السنة والشيعة، وفيه فوائد" (9) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1).
لمَ لا نحسن الظن بالرجل، ونصدق قوله: ".. ولا أدري ما معنى السني والشيعي"، وهذا الذي قاله ينم عن جهل واضح وفاضح.
فالناس يسألونه عن الشيعة الاثني عشرية، مذهب الخميني ورافضة إيران، وهو يجيبهم عن الزيدية، مما يدل على أنه لا يعرف الفرق بينهما.
وكتاب الشوكاني الذي يبدو أنه سمع به ثم نسي اسمه هو: "نيل الأوطار"، ويعتبر مرجعاً من مراجع أهل السنة، والشوكاني كان شيعياً زيدياً، ثم أصبح سنياً وعاش بقية عمره ثم مات على عقيدة أهل السنة والجماعة ومنهجهم.
قوله إن الشيعة والسنة متفقون على 95% من الإسلام، لا يقبله أي سني يفهم دينه وعقيدته، وقل مثل ذلك في أي شيعي، ولا يقبله أيضاً أي مستشرق يحترم عقله وعقول الذين يخاطبهم فيما يكتب، وذلك لأن الشيعة يقولون أن عندهم قرآناً غير قرآننا ويسمونه مصحف فاطمة، وهو مثل القرآن ثلاث مرات. وسيظهره مهديهم، ولا يعتقدون صحة حديث إلا إذا رواه أئمتهم ومراجعهم، ولو كان هذا الحديث متواتراً عند أهل السنة، وفضلاً عن ذلك فهم يعتقدون عصمة أئمتهم، والترابي يشكك حتى بعصمة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يعتقدون عقائد أخرى باطلة: كالرجعة، والتقية، وكفر الصحابة وردتهم لا يستثنون إلا خمسة منهم، فأين هذا الاتفاق على 95% من الدين؟.
وإذا كان الترابي قد اعترف بجهله في هذه المسألة الخطيرة فكيف يخوض ويفتي بها؟.
ومن جهة أخرى فإن حديثه مع "المحرر" جاء بعد عشرة أعوام، وهي فترة كافية ليتعلم، لاسيما وأنه يتعرض لمثل هذه الأسئلة في محاضراته ومجالسه العامة.. مع ذلك وبكل استهتار يكرر "للمحرر" إقراره بالجهل ويعيد الفتوى السابقة نفسها.
(9) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) أنظر كتابي "دراسات في السيرة النبوية"، وكنت قد استمعت إلى شريط محاضرته، ونقلت منه هذه الفقرات.
فقير إلى الله
2012-09-25, 10:14
سادساً : الترابي والمرأة:
للترابي كتيب سماه "المرأة في تعاليم الإسلام" عرض فيه نصوصاً من الكتاب والسنة، ثم فهمها حسب طريقته التجديدية التي لا تخضع لضوابط شرعية، فليس لك أن تحاججه بالفقه وأصوله، ولا بعلم التفسير وأقوال أئمة التفسير. وهذا خلاصة ما انتهى إليه:
للمرأة أن تتخذ عقيدتها بغير إكراه، وهذا ما يدندن حوله كثيراً، وأرجو أن لا أكون قد أخطأت في فهم كلامه عندما أقول: من حق المرأة أن تتحول من الإسلام إلى النصرانية أو إلى غير ذلك من الأديان والمذاهب، وليس من حق زوجها أن يكرهها على العودة إلى الإسلام.
للمرأة أن تشهد مجتمعات المسلمين وندواتهم العامة، ولها أن تحاضر فيها.
وإذا كان من حق المرأة مثلها مثل الرجل أن تعتنق الدين الذين تقتنع به، فمن باب أولى من حقها أن تلبس ما تشاء في دولته الإسلامية، وسئل في إحدى محاضراته: ومتى تتدخل الدولة؟ فأجاب: إذا خرجت المرأة عارية.
يؤكد في مواضع متعددة من كتابه على جواز الاختلاط، فللمرأة أن تستقبل ضيوف الأسرة وتخدمهم، ولا عزل بين الجنسين في مجال العلم، ويجوز اعتزال الرجل [الأجنبي] والمرأة على مرأى وملأ من الناس، ولكن ينبغي كف البصر، عما يلتمس به المرء أو يجد الفتنة من المرأة، وليس كل النظر إلى المرأة محظوراً.
ويقول في موضع آخر من حديثه عن الاختلاط:
".. لكن الحياة الإسلامية موجهة إلى الله تعالى، ولئن أبيح فيها اتصال الرجال بالنساء، فإنما ذلك ابتلاء ينبغي للمسلم أن يتخذه مجالاً لعبادة الله وشكره، وأقل التقدير أن يأخذه بشكله المباح المشروع، ولا يجوز في الدين أن تتخذ علاقة الرجال والنساء سبباً لمتاع جنسي يلهي عن الله".
كيف يفتي بالاختلاط بين الجنسين على مختلف أعمارهم: في الجامعات، والندوات، وفرق الغناء والموسيقى، والاجتماعات الحزبية، ثم يطالب هؤلاء جميعاً باتخاذ الاختلاط مجالاً لعبادة الله وشكره؟!.
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له * إياك إياك أن تبتل بالماء
للمرأة أن تختار الزوج، وترفض من تُكْرَه عليه وأن تفارق الزوج وهو راغم.
للمرأة أن تشارك في العمل السياسي والإداري على كافة المستويات، ومن ذلك مشاركتها في تنصيب القائمين بأمر الدولة انتخاباً ونصحاً.
لا سلطان للرجال على النساء إلا في إطار الزوجية، وهي علاقة تنشأ وتنحل برضى المرأة، وتقوم في الأصل على الشورى والإحسان، وليس للرجل فيها إلا قوامة الإنفاق، والأمر والتأديب بالمعروف، أما سلطان الوالدين فهو سواء على الأبناء والبنات.
يجوز للمرأة أن تعمل تاجرة في الأسواق العامة، حتى لو تعرضت لإيذاءات من الرجال السفهاء، بل ويجوز لها أن تتولى أمر السوق من قبل السلطة: كالإشراف، والإدارة، وغير ذلك.
الحجاب خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، لأن حكمهن ليس كحكم أحد من النساء، ولا يجوز زواجهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فإن آية الحجاب نزلت في السنة الخامسة للهجرة، ولم يتأثر بها وضع سائر المسلمات.
زعم أن خروج بعض الصحابيات في حروب الرسول صلى الله عليه وسلم، دليل على وجوب تدريب النساء تدريباً عسكرياً، واستيعابهن في سلك الجندية [الدفاع الشعبي].
ولقد انبرى للرد عليه قاضي محكمة استئناف كردفان الخواض الشيخ العقاد، فعرض في رسالته القيمة النصوص الشرعية من الكتاب والسنة الدالة على عدم وجوب القتال على النساء، ثم عرض في الفصل الثاني الأحكام الفقهية ومذاهب الفقهاء في هذه المسألة، ونكتفي فيما يلي بعرض أقوال مقتضبة من هذه الرسالة، يقول الكاتب:
"وهذا الموضوع المعني هو المتمثل في ظاهرة اهتمام الأوساط الرسمية بالبلاد، والشعبية الشبه رسمية - في هذه الأيام - بتدريب النساء تدريباً عسكرياً، وبذل الجهود المتواصلة لاستيعاب الفتيات في سلك الجندية - دفاع شعبي -، ومن ثمرات هذا الاهتمام ما نشاهده يومياً من استعراض الطوابير النسائية في الساحات العامة، أو في المعسكرات الخاصة، وسواء كان ذلك بالمشاهدة المباشرة، أو عبر شاشة التلفاز".
وبعد أن يؤكد بأن عدد الصحابة الذين شهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ألف ويزيدون يقول:
".. ثم نجد أن النساء اللواتي خرجن مع الغزاة في ذلك الحين لأغراض السقاية والرفادة والتطبيب، عشرة أو نحو العشرة من جملة هذا العدد الكبير، ولم يقاتل من بينهن إلا نزر يسير - اثنتان، أو ثلاث، بل قل أربعاً - فأين هذه المساواة في التكليف بحراسة الكيان العام للدين بالنسبة للنساء، مع الرجال، والتي ذهب يقررها الأستاذ الترابي في كلامه المتقدم؟..".
ويشير الشيخ العقاد بأنه لو حمي وطيس الحرب واشتعل أوارها لما خرجت هؤلاء الفتيات إليها "لكنها لم تزل مقصورة على المارشات العسكرية وارتداء الأزياء المحببة إليهن لما فيها من عنصر الحداثة والتجديد الذي تميل إليه نفوس كثيرة، ونفوس الفتيات إلى مثل ذلك أميل، بل وأحياناً تصل أسباب التشويق إلى امتطائهن صهوات الجياد، الأمر الذي لم يحدث لدى الصحابيات من قبل".
ويعود إلى التذكير بأن الصحابيات اللائي خرجن لشهود القتال مع النبي صلى الله عليه وسلم، خرجن في بوتقة أسرية وفي معية المحارم والأزواج، ولم يكن بينهن فتاة ناهد بكر غير ذات زوج على الإطلاق، ولم يخرجن كزميلات سلاح لا يربطهن بفصائل الجيش والجنود إلا هذه الصفة".
فقير إلى الله
2012-09-25, 10:15
سابعاً : زندقة مكشوفة:
1 - في [17/4/1995] أجرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية مقابلة مع د. الترابي، وقرأتها باهتمام بعد أن ترجمها لي أحد الإخوة علني أجد فيها الحنكة والدهاء في مخاطبة الغربيين - كما يقول المعجبون به -، ولكن الترابي في نسخته الأعجمية هو نفسه الترابي في نسخته العربية، ونقدم فيما يلي أحد الأسئلة التي وجهتها إليه المجلة وجوابه عليها:
السؤال: ".. لكن لا يوجد تفسير موحد للشريعة، هل يجب قطع يدي ورجلي السارق؟، وهل جزاء المرتدين عن الدين القتل؟".
الأمانة تقتضي أن يبيّن لهم الحكم الشرعي ثم يستخدم عبقريته ومواهبه في إبراز عدل هذا الحكم وأحقيته وتفوقه على القوانين والأحكام الغربية، لكنه آثر إرضاء الكافرين على إرضاء رب العالمين، فقال:
"هذه الحدود لا تقام اليوم في السودان، لأن تفسيرنا للشريعة متطور أكثر مما هو عليه الحال في البلاد الإسلامية الأخرى. لا يوجد أحد قط في مؤتمرنا الشعبي الإسلامي يُحرِّم المرأة من حق توليها مناصب عامة في الدولة، أو ينكر لها الحق في تولي منصب رئاسة الدولة أو رئاسة الوزراء".
وفي مقابلة أخرى له مع صحيفة القدس العربي اللندنية [26 محرم 1421 الموافق 1/5/2000] قلل من شأن إقامة الحدود، وزعم أن "عامة المسلمين وعامة الفقهاء الذين يسمون أنفسهم علماء لا يحملون إلا التراث محفوظاً في أذهانهم، ظنوا أن الحدود هي الشريعة، فأول تطبيق كان لإشهار تطبيق الإسلام للناس ليفرحوا بذلك، ولم يكن ذلك صواباً.. ليس من الدين.. الكلمة نفسها وموقع هذه العقوبة.. الأحكام الجنائية الإسلامية ضئيل جداً فالناس تركوا غالب هذه الأحكام وتحدثوا في أربعة أو خمسة حدود أو دون ذلك".
ثم يشير إلى خوفه من ردة الفعل العالمية لو أقيمت الحدود فيقول:
"الآن لما قام القانون الجنائي الذي كان معداً أيام الحكم السابق في الجمعية التأسيسية، لكنه الآن نفذ من الواقع للإعلام العالمي والضغط العالمي.. الضغط العالمي شديد في مسألة الحدود هذه خاصة بعد قطع أو جلد زان أو مختمر إلا في البلاد التي يوازن الضغط أيضاً رخاء في الثروة عندها، كالبلاد الإسلامية التي تجاورنا شرقياً [يقصد السعودية].. فلأنهم يطمعون في ثرواتها يسكتون، حتى لو رأوا بأعينهم الحدود وكرهوها. أما هنا فإذا وجدوا فينا مشهداً من تلك المشاهد فيمكن أن يقيموا الدنيا كلها والقرارات العالمية كلها".
حديث الترابي مع "ديرشبيغل" ذكرني بمقابلة أجراها أحد الذين يهرفون بما لا يعرفون مع إحدى الفضائيات الأوربية، وكان موضوعها: مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام، وأرهق المتحدث نفسه وهو يحشد ما يظنه أدلة يثبت من خلالها أن المرأة في الإسلام مثل الرجل سواء بسواء، ولعله كان يتوقع بأن المستمعين سيعجبون بطرحه، وفوجئ عندما أنهت المذيعة المقابلة وهي تقول: الحكم الشرعي في هذه المسألة معروف ومشهور، ولن تستطيع أنت ولا عشرات من أمثالك تغييره. وهكذا حال ومآل من أراد إرضاء الناس بسخط الله.
الأنكى من ذلك كله أننا أمام دولة ترفع شعار الإسلام: عقيدة [طبعاً الفن من العقيدة]، وشريعة ونظام حياة.. ثم لا تقيم الحدود، وها قد مضى على قيامها عشر سنين دون أن تظهر منها أية بادرة تعرب فيها عن نيتها في إقامتها، مع أن الجبهة القومية أثناء الحكم الذي سبق انقلاب 1989، كانوا يتهمون بعض الأحزاب الحاكمة بالكفر لأنها كانت تراوغ في مسألة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ومنها إقامة الحدود.
وهاهو شيخ هذا النظام ومنظره يقول لمجلة "ديرشبيغل" الألمانية: إننا لا نقيم الحدود لأن تفسيرنا للشريعة متطور [وسيأتي الحديث عن هذا التطور]، وليس في قوله هذا أي اعتذار، ولا أي وعد بأنهم سيستدركون هذا النقص.
وفي مقابلته مع جريدة القدس يقلل من شأن إقامة الحدود. ويهاجم العلماء لأنهم لا يحملون إلا التراث محفوظاً في أذهانهم، ويعتقد أن بعض الأحكام مثل "الربا" تحتاج إلى اجتهاد جديد، والاجتهاد عنده مغاير للاجتهاد الشرعي، وقد رأينا من قبل إلغاءه لحد الردة.
ويستغرب الترابي كيف ترك الناس الاهتمام بأحكام الشريعة، وتحدثوا في أربعة أو خمسة حدود أو دون ذلك.
الناس الذين يقصدهم الترابي يهتمون بالإسلام كله، ويعلمون بأن الإسلام جاء ليحكم، وليكون الدين كله لله، قال تعالى: ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)) [المائدة: 44].
وقال: ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في صدورهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً)) [النساء: 65].
أما الغرب الذي يخشاه فلقد حرك دول الجوار وبالأخص: أرتيريا، وأثيوبيا، وأوغندا، وقوات قرنق، وقدم لهم كل أنواع الدعم المادية والمعنوية، ومع ذلك كله فقد عجزوا عن تحقيق هدفهم في إسقاط نظام الإنقاذ، ترى أين عقيدة التوكل على الله؟ قال سبحانه وتعالى: ((الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله. والله ذو فضل عظيم)).
وقال تعالى: ((أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين)).
وسواء كانت الحدود التي ألغاها الترابي حداً واحداً أو أكثر.. وسواء كانت الحدود التي أعرض عن تطبيقها رغبة أو رهبة حداً واحداً أو أكثر فيجب قتال هذا النظام إذا توفرت الاستطاعة كما قاتل أبو بكر الصديق صنفاً من أصناف المرتدين امتنعوا عن دفع الزكاة دون غيرها من أحكام الإسلام، وهذا ما أجمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم بعد أن استبان لهم الدليل.
يقول الشيخ رشيد رضا ما موجزه:
"من المسائل المجمع عليها قولاً واعتقاداً أن إباحة المجمع على تحريمه: كالزنا، والسكر، واستباحة الحدود، وشرع ما لم يأذن به الله كفر وردة". [تفسير المنار: 6/367].
2- نعود إلى حديث الترابي عن الاتحاد والفناء في ذات الله بالفن، وكان مما قاله فيما مضى من هذا البحث:
"والدين التوحيدي هو الذي يحرر المؤمن من كل ما يستعبده في النفس والمجتمع ويخلصه لربه فيلتزم من تلقاء نفسه بأمر الله، ويتحد ويفنى فيه. ولا يستشعر مجانبة ولا حرجاً" اه.
أصحاب هذا الاعتقاد يقولون: إن وجود المحدثات المخلوقات هو عين وجود الخالق، ليس غيره ولا سواه، والاتحاد نوعان: اتحاد عام وهم الذين يعتقدون أن الكائنات المخلوقة متحدة في ذات الخالق، واتحاد خاص وهم الذين يقولون: إن الله هو المسيح بن مريم. قال تعالى: (( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم))[المائدة:17].
ودعاة الاتحاد العام أشد كفراً وزندقة من دعاة الاتحاد الخاص، يقول ابن القيم في نونيته:
حاشا النصارى أن يكونوا مثله * وهم الحمير وعابدوا الصلبان
هم خصصوه بالمسيح وأمه * وأولاء ما صانوه عن الحيوان
هل كان الترابي يفهم معنى الاتحاد والفناء في ذات الله، أم كان يلقي الكلام على عواهنه؟ هذا ما سوف نشير إليه بعد الانتهاء من عرض "فكر الترابي" إن شاء الله.
3 - يدعي الترابي أن في الإسلام جوانب كثيرة علمانية، قال في جريدة الراية القطرية [19/10/1986]:
"إن للإسلام جوانب علمانية كثيرة.. وإن العلمانية لا دينية سياسية.. ليس لأنها ضد الدين، ولكنها ليست من الدين في شيء.. كما أنها لا تريد أن تلغي دور الدين أو تهمله في الحياة عامة.. فلا شأن لها بذلك.. ولكنها نظرية أو مذهب أو عقيدة سياسية يحسن أن نسميها اللادينية السياسية".
4 - وعن الجهاد يقول:
"القتال حكم ماض، هذا قول تجاوزه الفكر الإسلامي الحديث، في الواقع الحديث، ولا أقول إن الحكم قد تغير، ولكن أقول إن الواقع قد تغير، هذا الحكم عندما ساد كان في واقع معين، وكان العالم كله قائماً على علاقة العدوان، لا يعرف المسالمة، ولا الموادعة، كانت امبراطوريات، إما أن تعدو عليها أو تعدو عليك. ولذلك كان الأمر كله قتالاً في قتال، أو دفاعاً في دفاع - إن شئت -" (10) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1).
قوله هذا مخالف للقرآن والسنة والإجماع، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن السبب الذي ذكره حجة عليه وليس له لأن هذه الامبراطوريات - الدول الكبرى - ما زالت تعدو علينا، وتحرض حلفاءها في المنطقة ضدنا، وما أمر حرب الخليج الأولى والثانية عنا ببعيد، كما أن إسرائيل ما زالت تحتل فلسطيننا منذ أكثر من نصف قرن، وفي عام 1967 ابتلعت القدس ومعها أراض عربية تتجاوز ضعف المساحة التي ابتلعتها عام 1948.
وهو (الترابي) لا يجهل وجود هذه الامبراطوريات القوي في الدول الإفريقية المحيطة بالسودان، وسعيها الحثيث بالتعاون مع الأمريكان من أجل الإطاحة بنظام الإنقاذ.
ومن جهة ثالثة فقوله هذا يتعارض مع:
خروجه المسلح - ومعه المعارضة - على نظام جعفر نميري عام 1976، وكان يعتبر خروجه جهاداً في سبيل الله مع أن الجنود السودانيين الذين كان يقاتلهم مسلمون، ولم يكن هذا القتال من أجل تحكيم شريعة الله.
انقلابه العسكري عام 1989 الذي جاء بحكومة الإنقاذ.
قواته الشعبية المسلحة التي تقاتل المعارضة السودانية في جنوب البلاد وشرقها، ويشرف بنفسه على هذه القوات، وعلى الاحتفالات التي يسمونها "عرس الشهيد" فما بال الرجل يوقع نفسه في تناقضات ليس لها حدود؟.
5 - تطاوله على الأنبياء:
يقول عن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: "ده شخص راق لكن ما تقولوا: معصوم ما يعمل حاجة غلط".
وعن إبراهيم عليه السلام قال:
"كان شاكاً في ربه عابداً للكواكب قبل البعثة".
وأن يونس عليه السلام غاضب ربه وظن أنه لن يقدر عليه، وأنه شرد من قومه.
وأن موسى عليه السلام اعترف بجريمته، وفي محاضرة أخرى قال: اعترف بخطيئته.
وفي موضع آخر زعم بأن الله سبحانه وتعالى لم يعصم رسولنا صلى الله عليه وسلم إلا من الناس مستدلاً بقوله تعالى: ((والله يعصمك من الناس))[المائدة: 67].
ويقول أيضاً:
"هسع كلمة العصمة دي، الصحابة كانوا بيعرفوها، هسع لو جابوا الصحابة كلهم قعدوهم بيعرفوا عصمة النبي؟ وما عصمة النبي؟ يقولوا لهم النبي كذاب. يقولوا: كلا حاشا ما نبي كذاب، لكن ما بيعرفوا كلمة العصمة، دي كلمة عملوها المتكلمين".
6 - تطاوله عل أعلام الإسلام:
رأينا فيما مضى كيف أنكر عصمة الأنبياء، وسلك في إنكاره سبيلاً ملتوياً، وفي محاضراته الكثيرة يحوم دائماً حول إنكار عدالة الصحابة - رضوان الله عليهم -، يقول عن طائفة منهم:
"ابن عباس عندما زروه [ضبطوه] قال أخبرني الفضل بن عباس يطلع غلطان في إخباره أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، وحاطب بن بلتعة (!) ارتكب خيانة عظمى، وعائشة كانت تقول: كذبوا [يعني نفراً من الصحابة] على رسول الله".
وفي موضع آخر يتهم الصحابة باتباع الهوى، يقول في هذا الشأن:
"إذا رأينا نأخذ كل الصحابة أو لا نأخذ، قد نجيء بعمل تنقيح جديد. نقول الصحابي إذا روى حديثاً عنده فيه مصلحة نتحفظ فيه، نعمل روايته درجة ضعيفة جداً. وإذا روى حديثاً ما عنده فيه مصلحة نأخذ حديثه بقوة أكثر ويمكن تصنيف الصحابة مستويات معينة في صدق الرواية".
وزعم في موضع ثالث أن الاختلاط لم يكن مستنكراً ولا مستغرباً في حياة الصحابة، قال في محاضرة الديوم الشرقية:
"الصحابة كانوا يتعارفوا كلهم، زي ما بتعرف يقول ليك زينب أي الزيانب؟ في كم زينب يعرفوها، ما في مشكلة، .. لفت وشها برضو يعرفوها.. يغضوا النظر لمن البصر يعمل فتنة".
وفي محاضرة بعنوان (قضايا أصولية وفكرية) بالديوم الشرقية:
"الضوابط العملوها لتصحيح السنة إيش، جابوها من فين الضوابط العملها البخاري، من هو البخاري؟ بشر يخطئ ويصيب، وضوابطه قد تكون مقبولة أو غير مقبولة. فقد نجد معايير عملها البخاري ما صحيحة، لا تؤدي إلى الحقيقة، وقد نجد معايير أضيق من اللزوم، اللي بيدعي أنه صحيح في ضعيف فيه، حتى الليلة إذا وصل الناس أنه في خمسين حديثاً في البخاري ضعيف، إيه الفتنة الدينية اللي بتحصل لنا".
وقال في موطن آخر من المحاضرة نفسها مشككاً بعدالة الصحابة وبصحيح البخاري:
"لازم لمن تجي تقوم تمتحن ضوابطه [أي البخاري] لمن تجي وأنت مؤتمن البخاري.. المسلمين.. آه .. آه.. آه خلاص ما في شيء.. من وثقه فهو كذا.. ومن جرحه فهو مجروح.. ومن عدله فهو عدل.. كل الصحابة عدول ليه؟ ما شرك يشترك ذلك في كثير أو قليل. يمكن لنا اليوم عندنا وسائل كثيرة جداً، البخاري ما كان يعرفها!!" (11) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2).
الأنبياء ليسوا معصومين، ولما كانوا كذلك فلا بأس من رد أقوالهم إذا كانت تخالف عقل الترابي ومن يرى رأيه.
والصحابة ليسوا عدولاً، ولا يختلفون عن غيرهم من الناس فيما يقولونه أو ينقلونه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومصطلح الحديث يجب أن يجدد، وفي ظل هذا التجديد يصبح الترابي وأصحابه رقباء على الصحابة رضوان الله عليهم "فإذا روى الصحابي حديثاً عنده فيه مصلحة نتحفظ عليه، نعمل روايته درجة ضعيفة جداً".
أما البخاري فيقول: من هو البخاري؟ وكأنه أراد أن يقول: إنه لا يختلف عني في شيء، ولا ينبغي أن يتفق أهل السنة على قبول كل ما ورد في صحيحه.
إن الترابي ينسف بهذه الأقوال الخطيرة الإسلام من أساسه لأن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لها قوة القرآن الكريم، والصحابة - رضوان الله عليهم - نقلوا إلينا القرآن الكريم والأحاديث النبوية، فإذا كان بينهم الكذاب والخائن وكذا وكذا - حسب قول الترابي - فديننا كله موضع شك والعياذ بالله.. لا أدري لماذا لا يمنح أعداء الإسلام هذا الرجل جائزة نوبل؟.
7 - ألقى الترابي محاضرة بجامعة الخرطوم [في: 30/4/1995]، وقد احتوت على أهم آرائه في علم التفسير والمفسرين، وكان مما قاله: إن كتب التفسير عبارة عن حكايات وقصص وآراء شخصية لمؤلفيها، وسخر من بعض ما ورد فيها وخاصة في تفسير القرطبي، وأضاف بكل استهتار:
"الرسول بشر مثلنا يوحى إليه - ماحَيْفَسر القرآن لهذا اليوم، لأنه لا يعرف هذا اليوم".
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرف هذا اليوم والترابي يعرفه إذن لابد من وضع تفسير بذلك، وقد وعد فيلسوف آخر الزمان بإنجاز هذه المهمة.
كانت هذه المحاضرة موضع استياء طلاب العلم، وأصر الشيخ محمد عبد الكريم على وضع الحق في نصابه، وبيان جهل هذا المدعي وخبثه، فرد عليه في محاضرة ألقاها بجامعة الخرطوم نفسها، وكانت أحد أسباب سجن الشيخ الفاضل لمدة سنتين، دون أن توجه إليه أية تهمة، ودون أن يحقق معه، مع أن النظام كان يدعي في تلك الفترة أنه ليس للترابي أية مسؤولية.
وعلمت من عدد من الدعاة السودانيين يستحيل تواطؤهم على الكذب أن الترابي ألقى محاضرة [بعد الإجراءات التي اتخذها رئيس الدولة ضده] أمام طالبات الجامعة، وقال فيها ما موجزه: تحدث المفسرون في كتبهم عن الحور العين فهل تصدقن ما زعموه، والذي أعتقده بأنكن الحور العين!!.
اللهم إنا نسألك السلامة في الدين والدنيا والآخرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(10) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) ندوة تلفزيونية حول الشريعة، ونشرتها جريدة الأيام السودانية في 20/6/1988.
(11) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) تتبع نفر من أهل العلم والفضل بالخرطوم محاضرات الترابي، وعنهم وعن الشيخ الأمين الحاج محمد أحمد نقلت هذه الشواهد التي تكشف مواقف هذا الضال المضل من أنبياء الله والصحابة الكرام ومن جاء بعدهم من أئمة هذا الدين، ومن شاء مزيداً من التوثيق فليراجع كتابي الأمين الحاج: (مناقشة هادئة لبعض أفكار دكتور الترابي)، (الرد القويم لما جاء به الترابي والمجادلون عنه من الافتراءات والكذب المهين).
فقير إلى الله
2012-09-25, 10:16
ثامناً : الاجتهاد:
كلما سئل أو تحدث الترابي عن الاجتهاد في مفهومه الشرعي، كرر الأقاويل التي يرددها العلمانيون الذين يرون من حقهم الخوض في أخص معاني الدين والاعتقاد دون حسيب أو رقيب، وليس من حق أحد أن يحاسبهم على اجتهاد اجتهدوه!!
في مقابلة للترابي مع جريدة المحرر [1/8/1994] قال:
"وحين أذكر الاجتهاد فإنني أعتقد أنه واجب على كل فرد، وليس على العالم المزعوم أنه عالم. الكل مطالب بأن يتعاون ويتناصر في الاجتهاد، ويفتح باب حرية الرأي.." وهنا سأل رئيس تحرير الصحيفة:
هل أفهم من كلامكم هنا أن الحرية تعني الاجتهاد، كما يعني الاجتهاد الحرية؟ فأجاب: "نعم. نعم. والاجتهاد الحر ليس للعلماء فقط وبشروط معينة، بل لكل أحد لكل فرد. لابد من أن نجتهد معاً وجميعاً فيما هو محقق لمصلحة الجماعة.
إن نهضة الثقافة الإسلامية لا تنشأ من جهد علماء خمسة و عشرة. ولكن من نهضة الأمة كلها وصحوتها ومشاركتها. صحيح إن البعض يتقدم عادة فيعبر عن المجموع ومشاعره ومصالحه، ولكن المجموع يشارك".
هذا الاجتهاد الذي يراه الترابي حقاً للخاصة والعامة دون قيد أو شرط، هو سبب هذه الطامات الكبرى في عالمنا الإسلامي، فللزعماء حرمات لا يجوز الاقتراب منها، وللدساتير الأرضية قداسة لا ينبغي تجاوزها حتى في الدول الأوربية، أما الدين الإسلامي فليس له أية حرمة، والاعتداء عليه والطعن به حق مشاع لكل زنديق هدام، وعندما يعترض دعاة أخيار على ما يكتبه هذا الأديب أو ذاك الفيلسوف من موضوعات تطعن بأنبياء الله أو بركن من أركان ديننا الحنيف، يرتفع صوت العلمانيين ويشتد صخبهم منادين بإسكات هؤلاء الذين يريدون أن يعودوا بالبشرية إلى العصور الحجرية، وينهض ناس من أمثال الترابي مستنكرين مواقف الجامدين المقلدين الذين يريدون منع الناس من ممارسة حرياتهم في التعبير عن آرائهم ومواقفهم.
هؤلاء جميعاً - ومنهم الترابي - لا يجيزون لعامة الناس ممارسة مهنة ليس لهم أي علم بها كالطب والهندسة وغير ذلك، أما العبث في الدين فنعم، وأضيف ما قلته فيما مضى: إن ضحايا الترابي من إخوانه الذين مارسوا اجتهاداً يخالف اجتهاده أكثر من أن يحصيهم العد.
فقير إلى الله
2012-09-25, 10:17
تاسعاً : الكرة جهاد في سبيل الله:
"أشاد الدكتور حسن عبد الله الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي الإسلامي بما حققه فريقنا القومي للشباب والكبار وذلك من خلال اللقاء الذي جرى بين سعادته والأستاذ عدلان يوسف رئيس التحرير. وقال د. الترابي: إن الله غالب على أمره، ونحمد الله أن صفوف الكرة قد استوت مع صفوف الصلاة فكان النصر المؤزر، وقال د. الترابي: مما يُسرُّ له أنني سمعت بأن المعسكرات كانت على قدر عالٍ من الانضباط والتربية الروحية والدينية، وأن الكرة لم تعد الآن لعباً ولهواً، فهي جهاد في سبيل الله". [جريدة "الكورة" السبت 14 يناير 1995، الموافق 13 شعبان 1415 ه].
تعليق: زعم فيما مضى بأن قول الفقهاء: القتال حكم ماض. قد تجاوزه فكر الترابي وأصحابه أما لعب الكرة فهو جهاد في سبيل الله!!!، والفن [الرقص والغناء والموسيقى] من عقيدة التوحيد الإسلامية، وكل يوم وهو في زيادة.
فقير إلى الله
2012-09-25, 10:18
عاشراً : حديث الذبابة:
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينتزعه فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء".
ورد من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك.
1 - حديث أبي هريرة أخرجه البخاري 2/329، 4/2271، الدارمي 2/99، ابن ماجة (3505)، أحمد 2/398.
وفي رواية البخاري (فليغمسه كله).
2 - حديث أبي سعيد الخدري لفظه: "إن أحد جناحي الذباب سم، والآخر شفاء، فإن وقع في الطعام فامقلوه (12) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)، فإنه يقدم السم، ويؤخر الشفاء"، رواه أحمد 3/67، ابن ماجة (3504)، الطيالسي في مسنده (2188)، النسائي 2/193، وابن حبان في صحيحه (1244)، وصححه الألباني في الصحيحة 1/95، صحيح الجامع 1/205.
3 - حديث أنس بن مالك رواه البزار 3/329، 2866، الكشف، الطبراني في الأوسط 1/154. قال الشوكاني: قال الحافظ وإسناده صحيح، نيل الأوطار 1/66، وانظر الصحيحة 1/96.
تعرض الترابي لهذا الحديث في محاضرة له بجامعة الخرطوم بتاريخ 12/8/1982، فكان مما قاله: "في الأمور العلمية يمكن أن آخذ برأي الكافر، وأترك رأي النبي، ولا أجد في ذلك حرجاً البتة، ولا أسأل فيه أيضاً عالم الدين".
فهو في هذه المسألة لا يهتم بتخريج الحديث، وبيان صحته من ضعفه، ويكتفي برده لأنه لا يستقيم مع عقله وتفكيره، ومن جهة أخرى فالرسول صلى الله عليه وسلم حسبما يعتقد غير معصوم، ورأي الكافر عنده أصوب من رأي [وليس من حديث] رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وكان يغنيه - لو تأدب بآداب الشرع - القول: إن نفسي تعاف الشراب إذا وقع فيه الذباب.
(12) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) مقل: مقله في الماء مقلاً: غمسه وغطه. [لسان العرب، 11/627].
فقير إلى الله
2012-09-25, 10:24
الحادي عشر : تطور الأصول والأحكام الشرعية:
يؤمن الترابي بفلسفة التطور في أصول الدين وأحكامه، يقول في كتابه قضايا التجديد:
"ما دام الدين - من حيث هو خطاب للإنسان وكسب منه - واقعاً في الإطار الظرفي، فلابد أن يعتريه شيء من أحوال الحركة الكونية. ولكنه - من حيث هو صلة وسبب للآخرة متعلق بالأزل الثابت - إنما يؤسس على أصول وسنن لا تتحول ولا تتبدل. وهو بهذا أو ذاك قائم على رد الشأن الظرفي المتحول إلى محور الحق الثابت، ورد العقل الزماني إلى المقصد اللانهائي، فحركة التحول الدائبة في ظرف الحياة توشك أن تحول الإنسان عن الحق المطلق، فيلزم ديناً من ثم أن تقع له أو منه حركة دائبة محاولة تصحيح وجهته وتقويم سيره لئلا ينحرف بتدينه الواقع عن سنة الله الواجبة".
ويقول أيضاً [مجلة المجتمع الكويتية، العدد: 573]:
"والدعوة للتجديد ليست دعوة للخروج على أصول الدين، إنما هي دعوة للتحري بمقتضى الدين في كل ظرف جديد للتعبير عن الدين وأحكامه وقيمه.. ولابد من منهج جديد.. وكذلك الفقه وتطور المجتمعات تستوجب فقهاً جديداً والدعوة سبقت إلى تجديد أصول الفقه. فلابد أن تتغير النظرة إلى الأصول، وإذا كانت الأصول الإغريقية في المنطق قد تغيرت كثيراً وقد كملتها أصول في المنهج العلمي الطبيعي والمنهج الاجتماعي، فعلى المسلمين أن يستعينوا بهذا ليسخروها في عبادة الله في مسائل الاجتهاد".
وهاهنا يبرز منهج الترابي العلماني بشكل ليس فيه أدنى لبس أو غموض، وذلك لأنه يتبنى نظرية التطور التي تقوم على استعمال المنهج العلمي [وما هو بعلمي] التجريبي، ويرى أن كل شيء في الدين قابل للتجديد والتطوير، ويستثني من ذلك كل ما له صلة باليوم الآخر، ومن هذا المنطلق جاءت دعوته إلى تجديد أصول الدين، وأصول الفقه، وأصول الحديث في كتيبات ألفها، ومحاضرات نشط في إلقائها في أماكن مختلفة.
ومن هذا المنطلق نفهم قوله الدائم لكل حكم شرعي يرده: كان هذا في عصر الرسول والصحابة والتابعين، وقد تغيرت الأحوال فلابد من تغير الحكم.
والترابي ليس أول الداعين لهذه البدعة، فقد سبقه كثيرون، ولكن معظمهم لم يكن بمثل صراحته.
ومما ينبغي التأكيد عليه أن أقوال الترابي في الاجتهاد وتطور الأحكام وتغيرها، لا تلتقي بحال من الأحوال مع الاجتهاد وفق ضوابطه الشرعية، ولا مع القواعد الأصولية، مثل قاعدة: "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان"، وقاعدة: "لا ضرر ولا ضرار"، ولا اجتهادات عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فقير إلى الله
2012-10-17, 22:29
أين ردودكم
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir