قدوري رشيدة
2008-11-02, 13:41
من ركائز الدعوة
قال تعالى -: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا] {آل عمران}.
في هاتين الآيتين توجيه للجماعة المسلمة إلى قاعدتين أساسيتين تقوم عليهما حياتها ومنهجها، وبدونهما لا تستطيع حمل الأمانة المناطة بهما، وهما: الإيمان والتقوى، والأخوة.
ركيزة الإيمان والتقوى:
هذه الركيزة تقوم عليها الجماعة المسلمة لتحقق وجودها ودورها، وبدونها يصبح كل تجمع قائم تجمعاً جاهلياً، فتفقد بالضرورة القيادة الراشدة، وتصبح القيادة قيادة جاهلة.
ومن هنا يتضح للجماعة المسلمة والدعاة إلى الله ضرورة غرس الإيمان والتقوى، وكذا ضرورة التفقه في الدين والعلم بشرائعه، وأن يكون من المنهج التربوي لأي جماعة مسلمة إعداد وإيجاد العلماء الربانيين الذين يعرفون حكم الله وشرعه، ويقدرون على تنزيله على الأحداث والوقائع المستجدة.
إذ أن من شروط التقوى: العلم بما يتقى فعله وتركه في جميع شئون الحياة، وفي جميع أعمال الجهاد والدعوة، سواء ما كان فيه نص، أو ليس فيه نص مما جد ونزل ومما لم يعهد، وهذا لا يكون إلا بأن تتولى طائفة التفقه في الدين لإنذار قومها وتبصيرهم، وقد دل على ذلك القرآن، قال - تعالى -: [وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ] {التوبة: 122}.
فإذا لم تقم الجماعة المسلمة بهذا الأمر وتجعله من منهجها التربوي، وإذا لم تهيئ الظروف التي تحقق ذلك ما دام في استطاعتها؛ فإنها ستصبح جماعة جاهلة بشرع الله، ولن يكون تجمعها تجمعاً إسلامياً صحيحاً، وإن كانت نيتها صالحة، وحماستها عالية، وتضحياتها كبيرة من أجل نصرة دين الله، إذ ماذا تنصر وهي تجهل الشرع الذي تريد نصره؟! وما هي الوسائل المشروعة التي تتبعها في نصرته؟! وما هي الوسائل غير المشروعة التي يجب أن تجتنبها؟! فإنها وإن كانت الغاية نبيلة وشريفة لكنها لا تبرر الوسيلة المحرمة، فالذي يحب التصدق والإنفاق في سبيل الله لا يحل له أن يسرق أو يغتصب ما ليس له أو يرابي ليحقق غرض التصدق المشروع! إذ يقال له: لا تسرق ولا تتصدق، ولا تغتصب ما ليس لك ولا تتصدق، ولا ترابي ولا تتصدق وهكذا..
ثم كيف يتم لهذه الجماعة الثبات على الحق وهي تجهله، ولذا نجد في الساحة الإسلامية اضطرابات الآراء والاجتهادات، والتحول من الضد إلى الضد، والسير في مسلك التفريط والتساهل والتنازل تارة، ثم التحول إلى الغلو والإفراط والتشدد الممقوت تارة أخرى، أو العكس!! وما ذلك إلا بسبب غلبة الجهل وقلة العلم، وهو عامل رئيس في هذا الاضطراب.
ثم هذا التفرق والتمزق والتشتت والتشرذم والتعصب والتقليد الأعمى، يعود جانب من أسبابه إلى الجهل وعدم الرسوخ في العلم، ثم هذا الغبش في تحديد الأولويات وترتيب الأعداء، والتعامل الصحيح مع كل عدو بما يتناسب وفق الظروف المحيطة، والمصالح المتوخاة، والمفاسد المتوقعة، يعود أيضاً إلى الجهل وضعف العلم.
قال - تعالى -: [قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي.. ] {يوسف: 108}، والبصيرة لا تحصل ولا تكون إلا بالعلم، ثم إن هذه الجماعة كيف تقنع الآخرين بعلوها وعلو منهجها، وتميزها وتميزه، وأن عندها ما ليس عندهم، وهي لا تعمل به ولا تتمثل به بحكم جهلها به!! ثم كيف تطبقه في ذات نفسها وهي تجهله، وكيف يمكنها أن تربي عليه الأجيال وهي فاقدة له وإن توفرت لها النية الطيبة؟!
فلا مناص للجماعة المسلمة أن تقوم على أساس هذه الركيزة، ركيزة الإيمان والتقوى والعلم الذي هو شرط في تحققها، ولا مناص من إيجاد الظروف المناسبة للتعليم والتربية إن لم تكن موجودة، والمحافظة عليها ما أمكن إن كانت موجودة، وإلا فإن هذا تفريط خطير في إقامة هذه الركيزة ليس له تبرير مهما كان إلا ما خرج مخرج الضرورة التي لا يمكن الانفكاك عنها.
وعلى هذا فالساحات المفتوحة للدعوة والتعليم والتربية لا يصح إغلاقها بأي أعمال عشوائية أو صدامات غير مدروسة لا تقدر هذه المصلحة العظيمة حق قدرها، انسياقاً من العاطفة المتوقدة، والحماسة المتأججة، فلا بد من وزن الأمور بالميزان الشرعي، والمقاصد الشرعية والنظر إلى المآلات المترتبة على كل فعل يقدم عليه.
ركيزة الأخوة في الله:
هي الركيزة الساعية لتحقيق شرع الله ومنهجه، قال سيد قطب - رحمه الله -:
"إن الأخوة المطلوبة هي: المنبثقة من التقوى والإسلام، وأساسها الاعتصام بحبل الله -أي عهده ودينه- وليست مجرد تجمع على أي تصور آخر ولا على أي هدف آخر، ولا بواسطة حبل آخر من حبال الجاهلية الكثيرة" الظلال (1/442).
وما أكثر هذه التجمعات في الأرض التي لا تقوم على أساس منهج الله ودينه، فمنها تجمعات الكفار بمختلف أصنافها، ومنها تجمعات المرتدين الذين خرجوا عن دين الله الحق، ومن ذلك تجمعات الأحزاب العلمانية التي تتبنى مناهج غير منهج الإسلام وإن زعم أصحابها أنهم مسلمون، كالأحزاب الاشتراكية والبعثية والناصرية والقومية والوطنية وغيرها مما انتشر في بلاد المسلمين تقليداً لما عند الكفار وطاعة لهم في ذلك.
قال - تعالى -: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ] {آل عمران: 100}، وقال - سبحانه -: [إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ(25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ(26)] {محمد}.
ومن ذلك التجمعات البدعية التي تتلقى من مصادر أخرى غير مصادر الإسلام، أو تتخذ مناهج في الفهم غير منهج السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، وإن كان هؤلاء لا يخرجون عن دائرة الإسلام، ولهم من الأخوة والولاء بحسب قربهم وبعدهم من منهج الإسلام الصافي قبل حدوث الابتداع في الدين، كما أن التعاون معهم لنصرة الدين يقدر بحسب قربهم وبعدهم وبحسب الظروف والأوضاع التي تحيط بالمسلمين، وكذا بحسب الأمر الذي يتعاون فيه معهم، إلا أن الضابط في أي تعاون أو تناصر مع أهل البدع يجب أن ينطلق من الحق الواضح وألا يكون قائماً على أساس البدعة التي اجتمعوا عليها، وعدم إقرارهم عليها، وإن كان مسألة الإنكار تتعلق بمسألة المصالح والمفاسد التي تترتب عليه كما هو معروف في مراتب الإنكار والمقاصد المتعلقة به.
إذن فركيزة الأخوة يجب أن تقوم على أساس التقوى والاعتصام والاستمساك بدين الله تلقياً وتعلماً، وتعليماً وعملاً، لا على أساس وطني أو قومي أو حزبي أو بدعي، وهذا هو مقتضى الالتزام والامتثال لأمر الله - تعالى -: [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا.. ] {آل عمران: 103}، وقال - تعالى -: [قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي.. ] {يوسف: 108} فسبيل النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن اتبعه صدق الدعوة إلى الله، وإلى الله فقط، لا إلى وطنية ولا إلى قومية ولا إلى حزبية ولا إلى اشتراكية أو ناصرية أو ديمقراطية أو علمانية أو توفيقية بين الإسلام وغيره من المناهج الأرضية أو الديانات المحرفة، أدعو إلى الله، أي إلى دين الله الخاتم الذي أنزل به القرآن وأرسل به خاتم الرسل محمداً - صلى الله عليه وسلم -، والذي سار عليه وطبقه من زكاهم الله ورسوله وهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دونما أحدث من البدع المخالفة لما هم عليه من عقيدة ومنهج وسلوك.
المختار الاسلامي -بتصرف-
قال تعالى -: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا] {آل عمران}.
في هاتين الآيتين توجيه للجماعة المسلمة إلى قاعدتين أساسيتين تقوم عليهما حياتها ومنهجها، وبدونهما لا تستطيع حمل الأمانة المناطة بهما، وهما: الإيمان والتقوى، والأخوة.
ركيزة الإيمان والتقوى:
هذه الركيزة تقوم عليها الجماعة المسلمة لتحقق وجودها ودورها، وبدونها يصبح كل تجمع قائم تجمعاً جاهلياً، فتفقد بالضرورة القيادة الراشدة، وتصبح القيادة قيادة جاهلة.
ومن هنا يتضح للجماعة المسلمة والدعاة إلى الله ضرورة غرس الإيمان والتقوى، وكذا ضرورة التفقه في الدين والعلم بشرائعه، وأن يكون من المنهج التربوي لأي جماعة مسلمة إعداد وإيجاد العلماء الربانيين الذين يعرفون حكم الله وشرعه، ويقدرون على تنزيله على الأحداث والوقائع المستجدة.
إذ أن من شروط التقوى: العلم بما يتقى فعله وتركه في جميع شئون الحياة، وفي جميع أعمال الجهاد والدعوة، سواء ما كان فيه نص، أو ليس فيه نص مما جد ونزل ومما لم يعهد، وهذا لا يكون إلا بأن تتولى طائفة التفقه في الدين لإنذار قومها وتبصيرهم، وقد دل على ذلك القرآن، قال - تعالى -: [وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ] {التوبة: 122}.
فإذا لم تقم الجماعة المسلمة بهذا الأمر وتجعله من منهجها التربوي، وإذا لم تهيئ الظروف التي تحقق ذلك ما دام في استطاعتها؛ فإنها ستصبح جماعة جاهلة بشرع الله، ولن يكون تجمعها تجمعاً إسلامياً صحيحاً، وإن كانت نيتها صالحة، وحماستها عالية، وتضحياتها كبيرة من أجل نصرة دين الله، إذ ماذا تنصر وهي تجهل الشرع الذي تريد نصره؟! وما هي الوسائل المشروعة التي تتبعها في نصرته؟! وما هي الوسائل غير المشروعة التي يجب أن تجتنبها؟! فإنها وإن كانت الغاية نبيلة وشريفة لكنها لا تبرر الوسيلة المحرمة، فالذي يحب التصدق والإنفاق في سبيل الله لا يحل له أن يسرق أو يغتصب ما ليس له أو يرابي ليحقق غرض التصدق المشروع! إذ يقال له: لا تسرق ولا تتصدق، ولا تغتصب ما ليس لك ولا تتصدق، ولا ترابي ولا تتصدق وهكذا..
ثم كيف يتم لهذه الجماعة الثبات على الحق وهي تجهله، ولذا نجد في الساحة الإسلامية اضطرابات الآراء والاجتهادات، والتحول من الضد إلى الضد، والسير في مسلك التفريط والتساهل والتنازل تارة، ثم التحول إلى الغلو والإفراط والتشدد الممقوت تارة أخرى، أو العكس!! وما ذلك إلا بسبب غلبة الجهل وقلة العلم، وهو عامل رئيس في هذا الاضطراب.
ثم هذا التفرق والتمزق والتشتت والتشرذم والتعصب والتقليد الأعمى، يعود جانب من أسبابه إلى الجهل وعدم الرسوخ في العلم، ثم هذا الغبش في تحديد الأولويات وترتيب الأعداء، والتعامل الصحيح مع كل عدو بما يتناسب وفق الظروف المحيطة، والمصالح المتوخاة، والمفاسد المتوقعة، يعود أيضاً إلى الجهل وضعف العلم.
قال - تعالى -: [قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي.. ] {يوسف: 108}، والبصيرة لا تحصل ولا تكون إلا بالعلم، ثم إن هذه الجماعة كيف تقنع الآخرين بعلوها وعلو منهجها، وتميزها وتميزه، وأن عندها ما ليس عندهم، وهي لا تعمل به ولا تتمثل به بحكم جهلها به!! ثم كيف تطبقه في ذات نفسها وهي تجهله، وكيف يمكنها أن تربي عليه الأجيال وهي فاقدة له وإن توفرت لها النية الطيبة؟!
فلا مناص للجماعة المسلمة أن تقوم على أساس هذه الركيزة، ركيزة الإيمان والتقوى والعلم الذي هو شرط في تحققها، ولا مناص من إيجاد الظروف المناسبة للتعليم والتربية إن لم تكن موجودة، والمحافظة عليها ما أمكن إن كانت موجودة، وإلا فإن هذا تفريط خطير في إقامة هذه الركيزة ليس له تبرير مهما كان إلا ما خرج مخرج الضرورة التي لا يمكن الانفكاك عنها.
وعلى هذا فالساحات المفتوحة للدعوة والتعليم والتربية لا يصح إغلاقها بأي أعمال عشوائية أو صدامات غير مدروسة لا تقدر هذه المصلحة العظيمة حق قدرها، انسياقاً من العاطفة المتوقدة، والحماسة المتأججة، فلا بد من وزن الأمور بالميزان الشرعي، والمقاصد الشرعية والنظر إلى المآلات المترتبة على كل فعل يقدم عليه.
ركيزة الأخوة في الله:
هي الركيزة الساعية لتحقيق شرع الله ومنهجه، قال سيد قطب - رحمه الله -:
"إن الأخوة المطلوبة هي: المنبثقة من التقوى والإسلام، وأساسها الاعتصام بحبل الله -أي عهده ودينه- وليست مجرد تجمع على أي تصور آخر ولا على أي هدف آخر، ولا بواسطة حبل آخر من حبال الجاهلية الكثيرة" الظلال (1/442).
وما أكثر هذه التجمعات في الأرض التي لا تقوم على أساس منهج الله ودينه، فمنها تجمعات الكفار بمختلف أصنافها، ومنها تجمعات المرتدين الذين خرجوا عن دين الله الحق، ومن ذلك تجمعات الأحزاب العلمانية التي تتبنى مناهج غير منهج الإسلام وإن زعم أصحابها أنهم مسلمون، كالأحزاب الاشتراكية والبعثية والناصرية والقومية والوطنية وغيرها مما انتشر في بلاد المسلمين تقليداً لما عند الكفار وطاعة لهم في ذلك.
قال - تعالى -: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ] {آل عمران: 100}، وقال - سبحانه -: [إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ(25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ(26)] {محمد}.
ومن ذلك التجمعات البدعية التي تتلقى من مصادر أخرى غير مصادر الإسلام، أو تتخذ مناهج في الفهم غير منهج السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، وإن كان هؤلاء لا يخرجون عن دائرة الإسلام، ولهم من الأخوة والولاء بحسب قربهم وبعدهم من منهج الإسلام الصافي قبل حدوث الابتداع في الدين، كما أن التعاون معهم لنصرة الدين يقدر بحسب قربهم وبعدهم وبحسب الظروف والأوضاع التي تحيط بالمسلمين، وكذا بحسب الأمر الذي يتعاون فيه معهم، إلا أن الضابط في أي تعاون أو تناصر مع أهل البدع يجب أن ينطلق من الحق الواضح وألا يكون قائماً على أساس البدعة التي اجتمعوا عليها، وعدم إقرارهم عليها، وإن كان مسألة الإنكار تتعلق بمسألة المصالح والمفاسد التي تترتب عليه كما هو معروف في مراتب الإنكار والمقاصد المتعلقة به.
إذن فركيزة الأخوة يجب أن تقوم على أساس التقوى والاعتصام والاستمساك بدين الله تلقياً وتعلماً، وتعليماً وعملاً، لا على أساس وطني أو قومي أو حزبي أو بدعي، وهذا هو مقتضى الالتزام والامتثال لأمر الله - تعالى -: [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا.. ] {آل عمران: 103}، وقال - تعالى -: [قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي.. ] {يوسف: 108} فسبيل النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن اتبعه صدق الدعوة إلى الله، وإلى الله فقط، لا إلى وطنية ولا إلى قومية ولا إلى حزبية ولا إلى اشتراكية أو ناصرية أو ديمقراطية أو علمانية أو توفيقية بين الإسلام وغيره من المناهج الأرضية أو الديانات المحرفة، أدعو إلى الله، أي إلى دين الله الخاتم الذي أنزل به القرآن وأرسل به خاتم الرسل محمداً - صلى الله عليه وسلم -، والذي سار عليه وطبقه من زكاهم الله ورسوله وهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دونما أحدث من البدع المخالفة لما هم عليه من عقيدة ومنهج وسلوك.
المختار الاسلامي -بتصرف-