جواهر الجزائرية
2011-09-10, 22:00
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتنة
إن الابتلاء سنة كونية في حق الناس بعامة وأهل الإيمان منهم –بخاصة- ؛ فلا ينفك عنه كل مدع للصلاح كما قال ربنا: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُون وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} , وهي على أصناف وأنواع , ودرجات ومراتب وشعب تتفاوت بحسب نوعها ومن تقوم فيه , كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في منهاج السنة النبوية (4\ 445 - 446) : "والفتن في كل زمان بحسب رجاله ؛ فالفتنة الأولى فتنة قتل عثمان -رضي الله عنه- هي أول الفتن وأعظمها , ولهذا جاء في الحديث المرفوع الذي رواه الإمام أحمد في المسند وغيره [ثلاث من نجا منهن فقد نجا موتي وقتل خليفة مضطهد بغير حق والدجال] , ولهذا جاء في حديث عمر لما سأل عن الفتنة التي تموج موج البحر وقال له حذيفة : [إن بينك وبينها بابا مغلقا ؛ فقال : أيكسر الباب أم يفتح؟ فقال : بل يكسر ؛ فقال : لو كان يفتح لكاد يعاد] وكان عمر هو الباب ؛ فقتل عمر وتولى عثمان ؛ فحدثت أسباب الفتنة في آخر خلافته حتى قتل وانفتح باب الفتنة إلى يوم القيامة , وحدث بسبب ذلك فتنة الجمل وصفين ؛ ولا يقاس رجالهما بأحد ؛ فإنهم أفضل من كل من بعدهم .
وكذلك فتنة الحرة وفتنة ابن الأشعث كان فيها من خيار التابعين من لا يقاس بهم من بعدهم , وليس في وقوع هذه الفتن في تلك الأعصار ما وجب أن أهل ذلك العصر كانوا شرا من غيرهم , بل فتنة كل زمان بحسب رجاله , وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) [خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم] , وفتن ما بعد ذلك الزمان بحسب أهله".
- والفتن وإن اختلفت في هذا كله إلا أنها مشتركة في مقصودها وهو صرف الناس عن دينهم الحق , كما قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: (الفتنة لا تجئ تهدي الناس , ولكن تجئ تقارع المؤمن عن دينه) . فإذا وقعت لم يسلم من التلوث بها أو بآثارها إلا من صبر على دينه الذي كان عليه قبل وقوع الفتنة وفي مثل هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (4\50-51) : "وأما أهل السنة والحديث فما يعلم أحد من علمائهم ولا صالح عامتهم رجع قط عن قوله واعتقاده بل هم أعظم الناس صبرا على ذلك , وإن امتحنوا بأنواع المحن , وفتنوا بأنواع الفتن , وهذه حال الأنبياء وأتباعهم من المتقدمين : كأهل الأخدود ونحوهم , وكسلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وغيرهم من الأئمة ؛ حتى كان مالك رحمه الله يقول : (لا تغبطوا أحدا لم يصبه في هذا الأمر بلاء) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله كثيراً من الفتن كما في حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن " رواه مسلم (2867). وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتاني الليلة ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فذكر الحديث وفيه قوله تعالى " يا محمد إذا صليت فقل : اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني وتتوب علي ، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون " رواه الترمذي 3233 وقال عنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (408) : صحيح لغيره .
وكان النبي يتعوذ من الفتن لأنها إذا أتت لا تصيب الظالم وحده وإنما تصيب الجميع ..
ويحسن بنا التعرف على أحاديث الأذكار المتعلقة بالفتن والكروب للدعاء بها ونشرها وحفظ ما تيسر حفظه منها .. وإدراك معاينها للتعبد لله بذلك إذ هي أعظم ما يقال في هذه الأحوال :
1- حديث أَبِي بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ " رواه أبو داود 1537 وصححه الألباني في صحيح أبي داوود 1360 .
2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : " لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم " رواه البخاري 6345 ومسلم 2730.
3- قال صلى الله عليه وسلم : " كلمات الفرج لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب العرش الكريم " صحيح الجامع الصغير وزيادته (4571) .
4- كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال : " اللهم أنت عضدي وأنت نصيري وبك أقاتل " رواه الترمذي 3584 وصححه الألباني في صحيح الترمذي 2836
5- وقال صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من أمر الدنيا دعا ففرج عنه ... دعاء ذي النون : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " وفي رواية " لم يدع بها رجل مسلم في شيءٍ قط إلا استجاب الله له " صحيح الجامع الصغير وزيادته (2065) .
6- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم صحابته من الفزع كلمات : " أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون " رواه أبو داود 3893 وحسنه الألباني في صحيح أبي داوود (3294) .
7- قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ : اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ " رواه أبو داود 5090. وحسنه الألباني في صحيح أبي داوود 4246 .
8- وكان إذا كربه أمر قال : "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث " وفي رواية : " إذا نزل به همٌّ أو غمٌّ " صحيح الجامع الصغير 4791
9- وقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأسماء بنت عميس أَلَا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ أَوْ فِي الْكَرْبِ ( أي المحنة والمشقة ) اللَّهُ رَبِّي لا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا " رواه أبو داود (1525) وصححه الألباني في صحيح أبي داوود (1349) وفي رواية في صحيح الجامع : " من أصابه همٌّ أو غمٌّ أو سقمٌّ أو شدَّة فقال : الله ربي لا شريك له كُشف ذلك عنه...
الفتنة
إن الابتلاء سنة كونية في حق الناس بعامة وأهل الإيمان منهم –بخاصة- ؛ فلا ينفك عنه كل مدع للصلاح كما قال ربنا: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُون وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} , وهي على أصناف وأنواع , ودرجات ومراتب وشعب تتفاوت بحسب نوعها ومن تقوم فيه , كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في منهاج السنة النبوية (4\ 445 - 446) : "والفتن في كل زمان بحسب رجاله ؛ فالفتنة الأولى فتنة قتل عثمان -رضي الله عنه- هي أول الفتن وأعظمها , ولهذا جاء في الحديث المرفوع الذي رواه الإمام أحمد في المسند وغيره [ثلاث من نجا منهن فقد نجا موتي وقتل خليفة مضطهد بغير حق والدجال] , ولهذا جاء في حديث عمر لما سأل عن الفتنة التي تموج موج البحر وقال له حذيفة : [إن بينك وبينها بابا مغلقا ؛ فقال : أيكسر الباب أم يفتح؟ فقال : بل يكسر ؛ فقال : لو كان يفتح لكاد يعاد] وكان عمر هو الباب ؛ فقتل عمر وتولى عثمان ؛ فحدثت أسباب الفتنة في آخر خلافته حتى قتل وانفتح باب الفتنة إلى يوم القيامة , وحدث بسبب ذلك فتنة الجمل وصفين ؛ ولا يقاس رجالهما بأحد ؛ فإنهم أفضل من كل من بعدهم .
وكذلك فتنة الحرة وفتنة ابن الأشعث كان فيها من خيار التابعين من لا يقاس بهم من بعدهم , وليس في وقوع هذه الفتن في تلك الأعصار ما وجب أن أهل ذلك العصر كانوا شرا من غيرهم , بل فتنة كل زمان بحسب رجاله , وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) [خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم] , وفتن ما بعد ذلك الزمان بحسب أهله".
- والفتن وإن اختلفت في هذا كله إلا أنها مشتركة في مقصودها وهو صرف الناس عن دينهم الحق , كما قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: (الفتنة لا تجئ تهدي الناس , ولكن تجئ تقارع المؤمن عن دينه) . فإذا وقعت لم يسلم من التلوث بها أو بآثارها إلا من صبر على دينه الذي كان عليه قبل وقوع الفتنة وفي مثل هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (4\50-51) : "وأما أهل السنة والحديث فما يعلم أحد من علمائهم ولا صالح عامتهم رجع قط عن قوله واعتقاده بل هم أعظم الناس صبرا على ذلك , وإن امتحنوا بأنواع المحن , وفتنوا بأنواع الفتن , وهذه حال الأنبياء وأتباعهم من المتقدمين : كأهل الأخدود ونحوهم , وكسلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وغيرهم من الأئمة ؛ حتى كان مالك رحمه الله يقول : (لا تغبطوا أحدا لم يصبه في هذا الأمر بلاء) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله كثيراً من الفتن كما في حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن " رواه مسلم (2867). وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتاني الليلة ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فذكر الحديث وفيه قوله تعالى " يا محمد إذا صليت فقل : اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني وتتوب علي ، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون " رواه الترمذي 3233 وقال عنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (408) : صحيح لغيره .
وكان النبي يتعوذ من الفتن لأنها إذا أتت لا تصيب الظالم وحده وإنما تصيب الجميع ..
ويحسن بنا التعرف على أحاديث الأذكار المتعلقة بالفتن والكروب للدعاء بها ونشرها وحفظ ما تيسر حفظه منها .. وإدراك معاينها للتعبد لله بذلك إذ هي أعظم ما يقال في هذه الأحوال :
1- حديث أَبِي بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ " رواه أبو داود 1537 وصححه الألباني في صحيح أبي داوود 1360 .
2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : " لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم " رواه البخاري 6345 ومسلم 2730.
3- قال صلى الله عليه وسلم : " كلمات الفرج لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب العرش الكريم " صحيح الجامع الصغير وزيادته (4571) .
4- كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال : " اللهم أنت عضدي وأنت نصيري وبك أقاتل " رواه الترمذي 3584 وصححه الألباني في صحيح الترمذي 2836
5- وقال صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من أمر الدنيا دعا ففرج عنه ... دعاء ذي النون : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " وفي رواية " لم يدع بها رجل مسلم في شيءٍ قط إلا استجاب الله له " صحيح الجامع الصغير وزيادته (2065) .
6- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم صحابته من الفزع كلمات : " أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون " رواه أبو داود 3893 وحسنه الألباني في صحيح أبي داوود (3294) .
7- قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ : اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ " رواه أبو داود 5090. وحسنه الألباني في صحيح أبي داوود 4246 .
8- وكان إذا كربه أمر قال : "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث " وفي رواية : " إذا نزل به همٌّ أو غمٌّ " صحيح الجامع الصغير 4791
9- وقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأسماء بنت عميس أَلَا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ أَوْ فِي الْكَرْبِ ( أي المحنة والمشقة ) اللَّهُ رَبِّي لا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا " رواه أبو داود (1525) وصححه الألباني في صحيح أبي داوود (1349) وفي رواية في صحيح الجامع : " من أصابه همٌّ أو غمٌّ أو سقمٌّ أو شدَّة فقال : الله ربي لا شريك له كُشف ذلك عنه...