المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سبحان الله ... أليس فيهم رجل رشيد؟


طاهر القلب
2011-09-09, 17:09
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على الصادق الأمين إمام الأولين و الآخرين و ناصر المستضعفين و على آله الأطهار المكرمين و صحبه الأخيار الميامين ... أما بعد :
طبعا من المتعارف عليه أنه هناك انتخابات و صناديق اقتراع يقوم الشعب من خلالها باختيار من يكون حاكمه أو بعبارة أصح و أدق خادمه و الساهر على راحته و حمايته , هذه العملية تقابلها لدى القدماء من أبائنا و أجدادنا الذين سبقونا بالإيمان , عملية (البيعة) أمام الناس و على رؤوس الأشهاد , تصارحا مباشر من غير وسائط و لا حجب و ستائر و لا حتى صناديق شفافة أو غير شفافة , على العموم هذا ليس موضوعنا اليوم هنا , فدعونا نغض الطرف على أشكال و ألوان الانتخابات و إرهاصاتها و نتائجها و أغوارها و دسائسها التي نعرفها جيدا , ثم إنه لا إنكار لكل ذلك فيها طبعا خاصة خاصة لدينا نحن العرب , فعندنا مثلا هناك من يفوز بـ (البيعة) الحديثة بنسب خيالية مثل 120% , و قد تفوق في مرات عديدة نسبة الشعب في البلاد , سبحان الله (يعني كأني بهم يقولون : لا تتعبوا أنفسكم أيها الشعب الكريم فقد ولينا عليكم عن علم و قوة لدينا , شئتم أم أبيتم) , في الحقيقة ليس هذا هو توجه موضوعي في نقاشنا اليوم و إنما أردتها مدخلا بسيطا للموضوع , قد سلمنا بالأمر و علمنا جيدا أن الشعب اختار , و لكنه عندما اختار احتار , فكيف ذلك؟
الناس في تونس الخضراء قالوا لمن كان يحكمهم اخترناك و أردناك (بغض النظر عن الكيفيات و الطرائق) أن تكون قائدنا و خادمنا و الساهر على راحتنا , ثم ألسنا نحن الشعب أسياد قرارنا و أفعالنا في بلادنا , و الآن كفانا منك لا نريدك أن تكون خادمنا (ارحل) , فقد اكتفينا منك و من خدمتك سنين و سنين طويلة , كسنين أهل الكهف في كهفهم , فالناس تتغير و تتبدل و يذهبون جيلا بعد جيل , و أنتم لا تتغيرون و لا تتبدلون أم أنه كتب لكم الخلد أم اتخذتم في السماء سبيلا , فما كان منه إلا أن أمعن فيهم الطعن و القتل , فسفك دمائهم و استباح أعراضهم و هدم دورهم و مدنهم , لأجل ماذا كل ذلك يا خادمهم المغوار؟ . و كذلك فعل حاكم مصر المخلوع بعد سنين عجاف كانت سوادا في سواد , ليس على شعب مصر الأبي فحسب , بل على الأمة الإسلامية و العربية كلها من مشرقها إلى مغربها , لأنه قدم مصالحه أو أهدافه الشخصية و الضيقة على حساب شعبه و أمته كلها , ففرق بينه و بين شعبه ثم فرق بين شعبه و أمته , فلماذا هذا التشبث بأحلام السراب أيها الخادم المطيع؟ , فكما قيل "لو دامت لغيرك ما وصلت لك" , و قد حكم مصر من هو أشد و أبطش و أعتى منك بأضعاف مضاعفة فما كانت عاقبته , إلا الخزي و المهانة و كذلك نابك ما نابهم و الأيام دول , ثم كذلك فعل حاكم ليبيا , بل و زعم بأنه زعيم أو ملك الملوك و ليس حاكما أو رئيسا , و إلا فأنه كان سيرمي ورقة الاستقالة في وجوههم و يخلصهم من صياحهم عليه ليل نهار , و ينهي رقصهم في المنابر الإعلامية و الهيئات الغربية منددين به و متحالفين عليه مع الشيطان الرجيم و العياذ بالله , لماذا هذا الإصرار بعد سنوات القحط التي أتت على الأخضر و اليابس , فأقفرت الأرض و دكت الناس في غياهب الجهل و الفقر و السجن و التعذيب و خيراتهم تتناهشها الكلاب الغربية , فالتنفعك كلابك التي نهشت لحمك و عظمك الآن , و كذلك يفعل باقي الحكام في دكتاتورياتهم أو إمبراطورياتهم الواهية و الوهمية و المبنية فخارا في عقولهم فقط , ثم لماذا لا يشترون أنفسهم و أهلهم و لا يعيثون في الأرض فسادا و إفساد و يهلكون الحرث و النسل , قال الله تعالى في يهود بني النضير عند حربهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار) (سورة الحشر:2) .
ألم يكن أفضل لهم أن يرموا المنشفة و يقولون لشعبهم هاكم بيعتكم نردها عليكم , و سنرحل , يكفينا ما وصلنا إليه و يكفنا أننا لم نحقق لكم و للبلد شيئا منذ تولينا سدة الحكم عليكم , أشاهد التلفاز و أستقصي الأخبار فتتملكني الغيرة الشديدة من الحاكم أو المسؤول في بلاد الغرب رغم أنه لا يعلم عظائم قيمنا و قمم مبادئنا الإسلامية , فعند أول فضيحة أو خطأ مهما كانت درجته يقدم هذا المسؤول استقالته دون تعقيب و لا ترهيب و لا تشبث بمنصبه , لأنه يعلم جيدا أنه الخادم و أن الشعب هو السيد نعم هو السيد و يحق له طرده متى شاء و كيفما شاء , و أعظم من ذلك , لعلى أستحضر هنا كلمات خليفة رسول الله أبو بكر الصديق رضي الله عنه إبان بيعته لخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهذه خطبته العظيمة أقتبس جزء منها من كتاب ابن كثير "البداية والنهاية " :
ثم تكلَّم أبو بكر فحمد الله و أثنى عليه بالذي هو أهله ثمَّ قال ‏:‏ أمَّا بعد أيُّها النَّاس فإنِّي قد وليت عليكم و لست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، و إن أسأت فقوِّموني ، الصِّدق أمانة ، و الكذب خيانة ، و الضَّعيف فيكم قويّ عندي حتى أرجِّع عليه حقَّه إن شاء الله ، و القوي فيكم ضعيف حتَّى آخذ الحقَّ منه إن شاء الله ، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذُّل ، و لا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمَّهم الله بالبلاء ، أطيعوني ما أطعت الله و رسوله ، فإذا عصيت الله و رسوله فلا طاعة لي عليكم ، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله ... انتهى نص الخطبة , فعلا عظيمة هي هذه الكلمات الذهبية , عظم قائلها و عظم سامعيها و فاهميها و مدركيها و العاملين بها ...
ثم أرفع البصر و أعيد و أقارن , فيا ترى لو أن حاكم تونس أو مصر أو ليبيا مثلا قالها صراحة و انتبذ و أهله مكانا شرقيا أو غربيا من البلد و اعتكف السياسة و الرياسة و أحوال الساسة و عاد عودا كريما إلى دفء مجتمعه , فهل كان الحال ليكون كما هو الآن من خراب و دمار , طبعا لا , و أرجح عندها أن الناس ينسون و يسامحونه على كل ما فعله بهم و بأبنائهم من سجن و قتل و تعذيب و ما فعله للبلد من تخلف و تقهقر طوال سنين حكمه , لا بل سيرفعونه على الأكتاف و يقدرون له فعله و صنيعه العظيم و موقفه الكريم , و يذكرونه بالخير في كتبهم و مقالاتهم و دروسهم و قصصهم , على الأقل بالخاتمة التي ختم بها حكمه عليهم و يسطره التاريخ بأحرف الذهب الخالصة على أنه من أصحاب المواقف الحميدة و الشجاعة و يكون عبرة طيبة لمن بعده , و قد سن سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة , و لكنهم تعاموا و سنوا السنة السيئة فعليهم وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة , و قد صدق فيهم قول الله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ، فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ، فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام : 42-45) , نعم قست قلوبهم فتحجرت من كل صفات الإنسانية , فلم يعد يرى في الناس غير الشرور و يظن بهم الظنون و تسول له نفسه الوساوس و الفصول السوداء و الحمراء , بل أعمى الله بصرهم و بصيرتهم و أكبهم على وجوههم في طغيانهم فهم يعمهون , هذا لكي يأخذهم أخذ عزيز مقتدر و على حين غرة و غفلة مهم و هم لاهون أو يضحكون و يقطع دابرهم و لا يبقي لهم باقية , و كذلك يفعل الله مع المجرمين , قال تعالى : (وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (سورة هود : 102) ...
هي صور أردت أن أعرج عليها بشيء من التبيان و التفحص و لما لا النقاش و التباحث و دراسة الأفكار و العلل فيما بيننا , علنا نكوّن فكرة و نستخلص حكمة , و نستلهم رشدا و نقوّم طريقا و نهجا ... و الحمد لله حسن الختام و الصلاة و السلام على نبينا خير الخلق و الأنام ثم السلام عليكم أيها الصحب الكرام .

*مصطفى*
2011-09-09, 17:37
السلام عليكم



لدي وقفة في موضوعك أخي طاهر القلب بعد انقطاع وغياب عن الصرح وأول موضوع أتصفحه هو موضوعك

يا طاهر القلب إن الرجل الرشيد يخرج من الجماعة الرشيدة وحين ينعدم الرشاد في القوم كليا يبعث فيهم رجل رشيد ولكن في زمننا
أصبح الرجل الرشيد المستنجد بيه لا ينتمي للأمة القوم وعلى كل حال الأيام كشفت لنا أن الحكام يتساقطون من كراسيهم حين تعصف
بهم رياح التغيير أو قل هم منته الصلاحيات عند من كان يشد أزرهم وينتفع بهم زيادة عن إصرار الشعوب في خلعهم وقد مر علينا
في بلدنا أن كرسي الحكم بقى شاغرا لا لشيء إلا أن عكس الرجل الرشيد لم يوجد ليسد دالك الفراغ فلا وربك لا يحكم المسلمين غير من
ترضى عنه اليهود والنصارى حاكما بل قل ألا يوجد شعب رشيد

طاهر القلب
2011-09-10, 16:07
السلام عليكم



لدي وقفة في موضوعك أخي طاهر القلب بعد انقطاع وغياب عن الصرح وأول موضوع أتصفحه هو موضوعك

يا طاهر القلب إن الرجل الرشيد يخرج من الجماعة الرشيدة وحين ينعدم الرشاد في القوم كليا يبعث فيهم رجل رشيد ولكن في زمننا
أصبح الرجل الرشيد المستنجد بيه لا ينتمي للأمة القوم وعلى كل حال الأيام كشفت لنا أن الحكام يتساقطون من كراسيهم حين تعصف
بهم رياح التغيير أو قل هم منته الصلاحيات عند من كان يشد أزرهم وينتفع بهم زيادة عن إصرار الشعوب في خلعهم وقد مر علينا
في بلدنا أن كرسي الحكم بقى شاغرا لا لشيء إلا أن عكس الرجل الرشيد لم يوجد ليسد دالك الفراغ فلا وربك لا يحكم المسلمين غير من
ترضى عنه اليهود والنصارى حاكما بل قل ألا يوجد شعب رشيد

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أهلا بك أخي مصطفى ... و الحمد لله على العودة الطيبة , فقد اشتقنا لكم و لحديثكم طوال هذه المدة ... و بعد :
أخي مصطفى , إن اختلاف المنظور من القمة إلى الأساس أو من الأساس القمة معروف و ظاهر و لا جدال فيه فذلك أساس و تلك قمة و لا قمة بدون أساس , و لكن الجزم المطلق أن المنظور من القمة غير ذلك الذي هو من الأساس (أقصد التحقيق و القدرة على الفعل) , و لعلى أحدثك أنك أصبت لب الإشكال , نعم الواجب أن يكون ذلك الرشاد في الأساس لينتج لنا , أرشد و أفضل قمة ممكنة في رشادها , و قد صدق القول بأن ما بني على باطل فهو باطل ... و لكن بالإسقاط الواقعي على حال أمتنا العربية و الإسلامية بالعموم , فمنظورك المنطلق من رشاد الأساس صعب تحقيقا و توقيعا , لأن القمة أحكمت و استحكمت الأنفس و الهواء الداخل و الخارج منها , فكيف السبيل إلى تحقيق الرشاد على الأقل نظريا , و هم يعلمون جيدا أنه إن تحقق الرشاد في الأساس , فلا مكان لهم خلاله في قمتهم , لأنهم هم نقيضه و عكسه البائن , على العموم ليس قصدي في موضوعي هو بناء الرشاد في الأساس فنحن نعلم معوقاته و مصاعبه , و إن كانت غير مبررة إطلاقا لمنظورك فيه أي الواجب أن يكون الرجل الرشيد منبعثا من الجماعة الرشيدة و هنا الجماعة الرشيدة هي الأساس أو الأرض الخصبة التي تنبت فيها الشجرة الجيدة ذات الفروع و الثمار الطيبة ... أي أن ما قصدته بالرجل الرشيد في هاته القمة هو تحقيقه كموقف عقل على الأقل أو تحكيم العقل في وضع تأزم و طفح قيحه , فهو و إن كان في حياة سلطته تجاوز كل الصعاب فإن هاته لا نجاة له منها لان المنبع الذي هو أصله يرفضه ... للحديث بقية إن شاء الله