مشاهدة النسخة كاملة : مذاكرة علمية ! تعالوا نبدا من الاول : في متن ثلاثة الأصول وأدلته.
التوحيد الخالص
2011-09-08, 21:12
http://www.air.flyingway.com/airlogo/pic/bism-assalm.gif
السلام عليكم اريد ان اتذاكر مع اخواني في المنون العلمية ونبدا باول متن ................ وهو الاصول الثلاثة
التوحيد الخالص
2011-09-08, 21:14
متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
******************
بِسْـمِ اللهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيـمِ
اعْلمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَعَلُّمُ أَرْبَع مَسَائِلَ:
المسألة الأُولَى: الْعِلْمُ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللهِ، وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وَمَعْرِفَةُ دِينِ الإِسْلامِ بالأَدِلَّةِ.
المسألة الثَّانِيَةُ: الْعَمَلُ بِهِ.
المسألة الثَّالِثَةُ: الدَّعْوَةُ إِلَيْهِ.
المسألة الرَّابِعَةُ: الصَّبْرُ عَلَى الأَذَى فِيهِ. وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ سورة العصركاملة.
قَالَ الشَّافِعيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: لَوْ مَا أَنْزَلَ اللهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ إِلا هَذِهِ السُّورَةَ لَكَفَتْهُمْ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: بَابُ: العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالْعَمَلِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَٰه إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾[محمد:19]، فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ (قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ)(1).
اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّه يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، تَعَلُّمُ هَذِهِ الثَّلاثِ مَسَائِل، والْعَمَلُ بِهِنَّ:
الأُولَى:
أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا، وَرَزَقَنَا، وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلا، بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولاً، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيل﴾[المزمل: 15، 16].
الثَّانِيَةُ:
أَنَّ الله لا يَرْضَى أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُ أَحَدُ فِي عِبَادَتِهِ، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ﴾[الجن: 18].
الثَّالِثَةُ:
أَنَّ مَنْ أَطَاعَ الرَّسُولَ، وَوَحَّدَ اللهَ لا يَجُوزُ لَهُ مُوَالاةُ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ قَرِيبٍ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[المجادلة: 22].
اعْلَمْ أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ، أَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ. وَبِذَلِكَ أَمَرَ اللهُ جَمِيعَ النَّاسِ، وَخَلَقَهُمْ لَهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾[ الذاريات: 56]. وَمَعْنَى ﴿يَعْبُدُونِ﴾: يُوَحِّدُونِ، وَأَعْظَمُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ التَّوْحيِدُ، وَهُوَ: إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ. وَأَعْظَمُ مَا نَهَى عَنْه الشِّركُ، وَهُوَ: دَعْوَةُ غَيْرِهِ مَعَهُ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئ﴾[النساء: 35].
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَا الأُصُولُ الثَّلاثَةُ التِي يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ مَعْرِفَتُهَا؟
فَقُلْ: مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ، وَدِينَهُ، وَنَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
* الأصل الأول *
معرفة الرب
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟
فَقُلْ: رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعَمِهِ، وَهُوَ مَعْبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الْحَمْدُ للَََّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الفاتحة: 2]. وَكُلُّ مَنْ سِوَى اللهِ عَالَمٌ، وَأَنَا وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ الْعَالَمِ.
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟
فَقُلْ: بِآيَاتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ، وَمِنْ آيَاتِهِ: اللَّيْلُ، وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ، وَمِنْ مَخْلُوقَاتِهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَمَا بَيْنَهُمَا؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾[فصلت: 37]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف: 54]. وَالرَّبُ هُوَ الْمَعْبُودُ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَآء بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾[البقرة: 21، 22].
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: الخَالِقُ لِهَذِهِ الأَشْيَاءَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ.
وَأَنْوَاعُ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا مِثْلُ: الإِسْلامِ، وَالإِيمَانِ، وَالإِحْسَانِ، وَمِنْهُ: الدُّعَاءُ، وَالْخَوْفُ، وَالرَّجَاءُ، وَالتَّوَكُّلُ، وَالرَّغْبَةُ، وَالرَّهْبَةُ، وَالْخُشُوعُ، وَالْخَشْيَةُ، وَالإِنَابَةُ، وَالاسْتِعَانَةُ، وَالاسْتِعَاذَةُ، وَالاسْتِغَاثَةُ، وَالذَّبْحُ، وَالنَّذْرُ، وَغَيْرُ ذَلَكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا. كُلُّهَا للهِ تَعَالَى.
وَالدَّلِيلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ﴾[الجن: 18]. فَمَنْ صَرَفَ مِنْهَا شَيْئًا لِغَيْرِ اللهِ؛ فَهُوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ؛ وَالدَّلِيلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إلٰهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾[المؤمنون: 117].
وَفِي الْحَدِيثِ: ( الدُّعَاءُ مخ الْعِبَادَةِ ). وَالدَّلِيلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾[غافر: 60].
وَدَلِيلُ الْخَوْفِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾[آل عمران: 175].
وَدَلِيلُ الرَّجَاءِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾[الكهف: 110].
َودَلِيلُ التَّوَكُلِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾[المائدة: 23]. وقوله: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾[الطلاق: 3].
وَدَلِيلُ الرَّغْبَةِ، وَالرَّهْبَةِ، وَالْخُشُوعِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾[الأنبياء: 90].
وَدَلِيلُ الْخَشْيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي...﴾ الآية [البقرة: 150].
وَدَلِيلُ الإِنَابَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ...﴾ الآية [الزمر: 54].
وَدَلِيلُ الاسْتِعَانَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]. وَفِي الْحَدِيثِ: (...وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ).
وَدَلِيلُ الاسْتِعَاذَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]. وَ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1].
وَدَلِيلُ الاسْتِغَاثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ...﴾ الآية[الأنفال: 9].
وَدَلِيلُ الذَّبْحِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَه وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ُ﴾ [الأنعام: 161ـ163]. وَمِنَ السُنَّةِ: (لعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ). (2)
وَدَلِيلُ النَّذْرِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ﴾ [الإنسان: 7].
* الأَصْلُ الثَّانِي *
مَعْرِفَةُ دِينِ الإِسْلامِ بِالأَدِلَّةِ
وَهُوَ: الاسْتِسْلامُ للهِ بِالتَّوْحِيدِ، وَالانْقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ، وَهُوَ ثَلاثُ مَرَاتِبَ: الإسْلامُ، وَالإِيمَانُ، وَالإِحْسَانُ. وَكُلُّ مَرْتَبَةٍ لَهَا أَرْكَانٌ.
المرتبة الأولى: الإسلام
فَأَرْكَانُ الإِسْلامِ خَمْسَةٌ: شَهَادَةُ أَن لا إلٰه إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ.
فَدَلِيلُ الشَّهَادَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إلٰه إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إلٰه إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[آل عمران، 18].
وَمَعْنَاهَا: لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلا اللهُ، وَحَدُّ النَّفْيِ مِنْ الإِثْبَاتِ ﴿لا إلٰه﴾ نَافِيًا جَمِيعَ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ ﴿إِلا اللهُ﴾ مُثْبِتًا الْعِبَادَةَ للهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ فِي عِبَادَتِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ.
وَتَفْسِيرُهَا: الَّذِي يُوَضِّحُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾[الزخرف: 26 ـ 28]. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾[آل عمران: 64].
وَدِليلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ جَآءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾[التوبة: 128].
وَمَعْنَى شَهَادَة أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ: طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، واجْتِنَابُ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ وأَلا يُعْبَدَ اللهُ إِلا بِمَا شَرَعَ.
وَدَلِيلُ الصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَتَفْسِيرُ التَّوْحِيدِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾[البينة: 5].
َودَلِيلُ الصِّيَامِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾[البقرة: 183].
َودَلِيلُ الْحَجِّ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾[آل عمران: 97].
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: الإِيمَانُ
وَهُوَ: بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَعْلاهَا قَوْلُ لا إلٰه إِلا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ.
وَأَرْكَانُهُ سِتَّةٌ: كما فى الحديث (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ).
وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذِهِ الأَرْكَانِ السِّتَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾[البقرة: 177].
ودليل القدر: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾[القمر: 49].
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: الإِحْسَانُ
أركانه: وله رُكْنٌ وَاحِدٌ. كما فى الحديث: ( أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِن لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ). وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللّـهَ مَعَ الّـَذِينَ اتَّقَواْ وَّالّـَذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ﴾[النحل: 128]. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾[الشعراء: 217 ـ 220]. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ [يونس: 61].
وَالدَّلِيلُ مِنَ السُّنَّةِ: حَدِيثُ جِبْرِيلَ الْمَشْهُورُ: عَنْ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ، شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، فَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلامِ فَقَالَ: ( أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إلٰه إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا ). قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ. قَالَ:(أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ). قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ. قَالَ: ( أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ). قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: (مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ). قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا. قَالَ: ( أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ ). قَالَ: فَمَضَى، فَلَبِثْنَا مَلِيَّا، فَقَالَ: ( يَا عُمَرُ أَتَدْرُونَ مَنِ السَّائِلِ؟ ). قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ( هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُم ). (3)
*الأَصْلُ الثَّالِثُ *
مَعْرِفَةُ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، وَهَاشِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ، وَلَهُ مِنَ الِعُمُرِ ثَلاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، مِنْهَا أَرْبَعُونَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَثَلاثٌ وَعِشْرُون َفى النبوة. نُبِّئَ ب﴿اقْرَأ﴾، وَأُرْسِلَ ب﴿الْمُدَّثِّرْ﴾، وَبَلَدُهُ مَكَّةُ.
بَعَثَهُ اللهُ بِالنِّذَارَةِ عَنِ الشِّرْكِ، وَبالَدْعُوة إِلَى التَّوْحِيدِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾[المدثر: 1ـ7]. وَمَعْنَى: ﴿ قُمْ فَأَنذِرْ ﴾: يُنْذِرُ عَنِ الشِّرْكِ، وَيَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ. ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾: أَيْ: عَظِّمْهُ بِالتَّوْحِيدِ. ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾: أَيْ: طَهِّرْ أَعْمَالَكَ عَنِ الشِّرْكِ. ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾: الرُّجْزَ: الأَصْنَامُ، وَهَجْرُهَا: تَرْكُهَا، وَالْبَرَاءَةُ مِنْهَا وَأَهْلُهَا، أَخَذَ عَلَى هَذَا عَشْرَ سِنِينَ يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ، وَبَعْدَ الْعَشْرِ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَواتُ الْخَمْسُ، وَصَلَّى فِي مَكَّةَ ثَلاثَ سِنِينَ، وَبَعْدَهَا أُمِرَ بالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَالْهِجْرَةُ الانْتِقَالُ مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلَى بَلَدِ الإِسْلامِ.
وَالْهِجْرَةُ فَرِيضَةٌ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلَى بلد الإِسْلامِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَآءتْ مَصِيراً * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً ﴾[النساء: 97ـ99]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ﴾[العنكبوت: 56].
قَالَ الْبُغَوِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ:نزلت هَذِهِ الآيَةِ فِي المُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِمَكَّةَ ولَمْ يُهَاجِرُوا، نَادَاهُمُ اللهُ بِاسْمِ الإِيمَانِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى الْهِجْرَةِ مِنَ السُّنَّةِ: قَوْلُهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: (لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَ). (4)
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ فِي الْمَدِينَةِ أُمِرَ بِبَقِيَّةِ شَرَائِعِ الإِسْلامِ، مِثلِ: الزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ، وَالأَذَانِ، وَالْجِهَادِ، وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الإِسْلامِ، أَخَذَ عَلَى هَذَا عَشْرَ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ ـ صَلواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ ـ وَدِينُهُ بَاقٍ.
وَهَذَا دِينُهُ، لا خَيْرَ إِلا دَلَّ الأُمَّةَ عَلَيْهِ، وَلا شَرَّ إِلا حَذَّرَهَا مِنْهُ، وَالْخَيْرُ الَّذِي دَلَّهَا عَلَيْهِ التَّوْحِيدُ، وَجَمِيعُ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ، وَالشَّرُ الَّذِي حَذَّرَهَا مِنْهُ الشِّرْكُ، وَجَمِيعُ مَا يَكْرَهُ اللهُ وَيَأْبَاهُ. بَعَثَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَافْتَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيع﴾[الأعراف: 158]. وَكَمَّلَ اللهُ بِهِ الدِّينَ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِين﴾[المائدة: 3]. وَالدَّلِيلُ عَلَى مَوْتِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴾[الزمر: 30، 31].
وَالنَّاسُ إِذَا مَاتُواْ يُبْعَثُونَ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾[طه: 55]. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً ﴾[نوح: 17، 18]. وَبَعْدَ الْبَعْثِ مُحَاسَبُونَ وَمَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾[النجم: 31].
وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ كَفَرَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾[التغابن: 7].
وَأَرْسَلَ اللهُ جَمِيعَ الرُّسُلِ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾[النساء: 165].
َوَأَّولُهُمْ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُمْ نُوحٌ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ﴾[النساء: 165].
وَكُلُّ أُمَّةٍ بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِا رَسُولا مِنْ نُوحٍ إِلَى مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الطَّاغُوتِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36]. وَافْتَرَضَ اللهُ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ الْكُفْرَ بِالطَّاغُوتِ وَالإِيمَانَ بِاللهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: مَعْنَى الطَّاغُوتِ مَا تَجَاوَزَ بِهِ الْعَبْدُ حَدَّهُ مِنْ مَعْبُودٍ أَوْ مَتْبُوعٍ أَوْ مُطَاعٍ. وَالطَّوَاغِيتُ كَثِيرُونَ وَرُؤُوسُهُمْ خَمْسَةٌ: إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللهُ، وَمَنْ عُبِدَ وَهُوَ رَاضٍ، وَمَنْ دَعَا النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ نَفْسِهِ، وَمَنْ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، وَمَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256]. وَهَذَا هُوَ مَعْنَى لا إلٰه إِلا اللهُ، وَفِي الْحَدِيثِ: ( رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامِ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ).
وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعلى آلٰه وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
________________________________________
(1) ما بين معقوفين: ليس في البخاري.
(2) أخرجه مسلم: كتاب الأضاحي (1978) باب تحريم الذبح لغير الله تعالى، ولعن فاعله.
(3) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان (1) (8): باب: بيان الإيمان و الإسلام والإحسان.
(4) أخرجه أحمد (4/99)، وأبو داود كتاب الجهاد (2479)، وهو في صحيح الجامع(7436).
http://www.fin3go.com/vb2/3id-fin3go/buttons/quote.gif (http://www.fin3go.com/vb2/newreply.php?do=newreply&p=24474)
التوحيد الخالص
2011-09-08, 21:15
نبدا على بركة الله بشرح البسملة
زهرة الربيع
2011-09-08, 21:36
إن البسملة هي نحت من لفظ (بسم الله الرحمن الرحيم)
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/2/27/Basmala.svg/608px-Basmala.svg.png
وردت بسم الله الرحمن الرحيم في القرآن الكريم في سورة النمل الآية 30. وتسمى البسملة. وذلك في قوله تعالى: "إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنِّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" قد أجمع العلماء على إثباتها في أول سورة الفاتحة.و قد أجمع القراء السبعة على الإتيان بها عند ابتداء القراءة بأول أي سورة من سور القرآن ما عدا سورة التوبة (براءة) فهي متروكة في أولها اتفاقاً.و القارئ مخير في الإتيان بها في أجزاء السورة من القرآن.
بيان الألفاظ
بسم: الاسم مشتق من السمة وهو العلامة الدالة على المسمى. أو أنه مشتق من السمو بمعنى الرفعة.
الله: الله أصله الإله، حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال.
الرحمن: ذو الرحمة الشاملة العامة التي هي للمؤمن والكافر.
الرحيم: ذو الرحمة الخاصة المخصصة للمؤمنين "وكان بالمؤمنين رحيما".
أحكام البسملة بعد الاستعاذة
الوقف عليهما.
الوقف على التعوذ ووصل البسملة بأول القراءة.
وصل التعوذ بـالـبـسملة والوقف عليهما.
وصل التعوذ بـالـبـسـملة وصلها بأول القراءة.
** أم عبد الرحمن **
2011-09-08, 22:12
وفقكم الله
بسم الله الرحمن الرحمن
- باسم: جار ومجرور، متعلق بمحذوف، وقد اختلف أهل العلم في تقدير المحذوف، أهو فعل أو اسمٌ.
1- فقيل: إنه يُقدَّر فعلا، لأن الأصل في العمل النحوي: أنه للأفعال لا للاسماء.
2- وقيل: إنه يقدر اسما، لأن الاسم دليل على الثبوت، بخلاف الفعل فإنه يدل على التجدد والحدوث.
وكل منهما له وجهه، وكلاهما وردا في القرآن، قال الله تعالى: (اقرأ باسم ربك)، فصُرِّح بذِكر المتعلق فعلا، وقال الله تعالى: (وقال اركبوا فيها باسم الله مجراها) فصُرِّح بذِكر المتعلق اسما.
- وهل يقدر المتعلَّق في البسملة: مقدما أو مؤخرا.
المُرَجَّح: أنه يُقدَّر مؤخرا، لأن في تأخيره تقديما لاسم الله تعالى، ولأن في تقديمه دليلًا على الحصر والقصر.
- والاسم: اختلفوا في اشتقاقه.
1- فقيل: من السمة، وهي العلامة.
2- وقيل: من السمو، وهو الارتفاع.
والأول: اصح؛ لدليلين:
أ- لأن تصغير (الاسم): سُــمَيٌّ، ولو كان من السمو، لكان تصغيره على (وُسَيْمٍ).
ب- ولأن جمع (الاسم): اسماء، ولو كان من السمو، لكان جمعه (أوسام).
والقاعدة عند علماء الصرف: أن الجمع والتصغير يرد الكلمات إلى أصولها.
وقد أشار ابن معطي في ألفيته إلى هذا الخلاف فقال:
واشتق الاسم من (سما): البصريُّ ----- واشتقه من (وسم) الكوفيُّ
والمذهب المقدم: الجليُّ ----- دليله: (الأسماء) و(السميُّ)
يُتبع ..........
التوحيد الخالص
2011-09-08, 22:25
http://www.air.flyingway.com/airlogo/rose/bark-all-2.gif
التوحيد الخالص
2011-09-08, 22:29
المسألة الاولى : ( معنى حرف الباء في ( بسم الله ) .)
إن حرف الباء عند علماء العربية هو من الحروف التي تميزت بكثرة معانيها وقد أوصلوها إلى أزيد عن عشرة معاني وهي :
الالصاق : وهذا معنى لازم لها .
التعدية : وهي تعمل عمل همزة التعدية { ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ }البقرة17 .
الاستعانة : تدخل غالبا على الة الفعل ( ضربت بالسوط ) .
السببية : { إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ }البقرة54 .
المصاحبة : {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ }هود48 .
الظرفية : {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ }آل عمران123 .
البدل : ( ليت لي بهم قوما ) أي بدلا منهم .
المقابلة : { ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }النحل32 .
المجاوزة : { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً }الفرقان59 أي عنه .
الاستعلاء :{ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ }آل عمران75 .
التبعيض : { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ }المائدة6 .
القسم : وهي الوحيد الذي يذكر بعده فعل القسم { اقسم بالله } .
الغاية : ( أحسن بي ) أي الي .
و الباء في { بسم الله } على اقوال اشهرها ثلاثة
الاول : أنها للمصاحبة فيكون التقدير ( مصاحبا باسم الله ) وقال بهذا طائفة منهم الزمخشري المعتزلي ، وهذا ما أملاه عليه مذهبه واستلزمه منه ! إذا ان من عقيدتهم ان الانسان مستقل في عمله في غنىً عن الاستعانة ، وقال بهذا أيضا ابن الحاج في شرحه على الاجرومية .
الثاني : أنها للاستعانة وهذا قول الجمهور ولا عبرة لمن أنكرها قائلا : ان الاستعانة في الباء هي إذا دخلت على الة الفعل وان هذا من سوء الأدب مع الله لان هذا معنى بعيد جدا فالقصد هو الاستعانة في العمل بالله .
قال العلامة الصالح محمد ابن صالح العثيمين رحمه الله في شرحه على المقدمة البيقونية : (لكن لا شك أن المراد بالباء هو: الاستعانة التي تصاحب كل الفعل، فهي في الأصل للاستعانة وهي مصاحبة للإنسان من أول الفعل إلى آخره، وقد تفيد معنى آخراً وهو التبرك إذا لم نحمل التبرك على الاستعانة، ونقول كل مستعين بشيء فإنه متبرك به )
( اسم ) مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه ونلاحظ أن ( اسم ) نكرة ولفظ الجلالة ( الله ) معرف وقد تقرر عند علماء الأصول أن ( الاسم المعرفة إذا أضيف إلى نكرة أفاد العموم ) وبالمثال يتضح المقال وخير مثال من كتاب الله تعالى لما قال عز وجل ( وإن تعدوا نعمة الله ) فنعمة نكرة أضيفت إلى معرفة وهو الله تعالى فأفادت العموم يعني وإن تعدوا نِعم
والتقدير في ( بسم الله الرحمن الرحيم ) يعني ( بكل اسم هو لله ) ويؤيد هذا التفسير قوله صلى الله عليه وسلم ( اللهم إني أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ...) الحديث . فاسم نكرة أضيف إلى أعرف المعارف وهو اله تعالى فاكتسب العموم
المسألة الثانية : ( الله اسم مشتق لا جامد )
اختلف أهل العلم هل لفظ ( الله ) جامد أو مشتق لكن التحقيق أنه علم مشتق وليس جامد
معنى قولهم جامد : أي لا يدل على صفة ولا يدل إلا على الذات . وهذا ليس بصحيح كما قال الغالب من أهل العلم وإنما الصواب أنه مشتق وأصله ( الإله ) : حذفت الهمزة تخفيفا ثم التقت اللام الأولى الساكنة مع اللام الثانية فأدغمت اللام في اللام فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة ثم فخّما للتعظيم إذا كان الذي قبلها مفتوحا أو مضموما أما إذا كان مكسورا فهي ترقق ، وفي البسملة كانت آخر حركة للفظة ( بسم ) مكسورة ومنه جاء لفظ الجلالة مرققا قال الناظم
وفخم اللام من اسم الله *** عن فتح او ضم كعبد الله
فمفهوم المخالفة لهذا البيت أن ( الله ) إذا كان بعد الكسر لا يفخم وهذا هو رأي الجمهور وقال بعضهم يرقق على الإطلاق وقال آخرون يفخم على الإطلاق ولكن التحقيق والذي عليه جل العلماء هو الرأي الأول
المسألة الثالثة : ( معنى لفظ الجلالة – الله – )
( الإله ) على وزن فعال وهو بمعنى مفعول عند علماء الصرف أي ( معبود ) فيكون التقدير ( بسم الله ) أي ( بسم المعبود بحق ) وهو الله
والإله مشتق من الألوهية وهو معناه العبودية تقول تأله أي تعبد ومنه قول العرب
لله در الغانيات المدّهِ *** سبّحن واسترجعن من تأله
ف ( الله ) هو ( ذو العبودية و الألوهية على الخلق أجمعين ) هكذا نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما
وقد نص العلامة ابن قيم الجوزية إلى أن جميع الأسماء التي أثبتها الله لنفسه أو أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم تفصيل وتبيين لمعنى هذا الاسم ( الله ) فيكون دائما متبوعا لا تابعا فتقول ( الله هو الرحمن الرحيم ) ولا تقول ( الرحيم هو الله ) لأن ( الله ) هو الذي يستلزم غيره من الأسماء وهو المتضمن لها
المسألة الرابعة ( معنى الرحمن و الرحيم ) من جهة اللفظ والمعنى
هما اسمان متضمنان لصفة الرحمة ، وهي : ( صفة تقتضي إيصال المنافع ، والمصالح إلى العبد وإن كرهتها نفسه وشقت عليها ) [ شرح أسماء الله الحسنى ابن قيم ] ، وهذا لا تنافي بينه وبين العقل السليم ، فأنت ترى أن الرحمة تقتضيها الحكمة في الغالب ، ولأجل هذا قد تكون من حيث الظاهر قسوة وغلظة ، ولكنها من حيث الكنه عين الرحمة والرأفة ، ومثال ذلك ما يحصل بين الولد ووالده، فترى الثاني يقسوا على الاول ولربما ضربه ، وحرمه ، وحجر عليه ، من أجل تعليمه الأدب والعلم والتعلم والعمل ، ويشق عليه في ذلك
ويؤيد هذا المعنى ما جاء في الاثر مرفوعا ( إن الله إذا أحب عبده حماه الدنيا و طيباتها ، وشهواتها كما يحمي أحدكم مريضه ) [صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 3185 ]
ونماذج رحمة الله تعالى بالعباد لا تحصى أبدا ، حتى قال أحد السلف : من رأفة الله بالعباد أن حذرهم من نفسه لئلا يغتروا به . أفاد به ابن قيم في إغاثة اللهفان ، و لأجل هذا قال الله تعالى { وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ }آل عمران30
قال العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله : هي صفة فعلية باعتبار وذاتية باعتبار وهي راجعة إلى قيوميته .
وإذا سئلت أيها الفاضل هل الرحمة مخلوقة ؟ فأجب بالتفصيل وقل : منها ما هو مخلوق ومنها ما هو صفة .
اما الصفة منها فالتي اشتق منها اسم الرحمن والرحيم
أما المخلوقة وهي التي وردت في قوله تبارك وتعالى {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ }هود9 ، وقوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ }الأعراف57 ، وغيرها من الآيات
ووردت في قوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما في الحديث القدسي أن الله تعالى يقول للنار : ( إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ) [ رواه الشيخان ] ، وقوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وفيه التصريح بخلقتها ( خلق الله الرحمة يوم خلقها مائة رحمة كل رحمة منها طباق ما بين السماء والارض ) [ رواه مسلم ، والطبراني ]
وقد عبر ابن قيم رحمه الله تعالى عن هتين الصفتين بحرف آخر فقال ، الصفة من حيث اضافتها إلى الله قسمان :
الاولى مضاف إليه إضافة صفة إلى موصوف بها
الثانية مضاف اليه إضافة مفعول إلى فاعله
مسالة : اختلف أهل اللغة في كلمة ( الرحمن ) هل هي نعت أو بدل
أما الذين قالوا : أنها بدل كابن هشام في مغني اللبيب وغيره لهم في ذلك أدلة من بينها :
أن ( الرحمن ) علم يختص بالله ولا يسمى به غيره ، وبالتالي كما هو مقرر أن الاعلام لا يُنعتُ بها ..
وكذلك قالوا : أن ( الرحمن ) ورد في القران غير تابع لما قبله إنما مستقل كقوله تعالى {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً }مريم18 ، وقوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }طه5 وقوله {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ }الملك20 ...
أما الذين قالوا : إنه نعت ، احتجوا بكون ( الرحمن ) بدل ممتنع وكذلك كونه عطف بيان لأن الذي قبله لفظ الجلالة ( الله ) لا يحتاج إلى تبيين بل هو أعرف المعارف ، ولهذا قال الكفار ( وما الرحمن ) وما قالوا وما الله ، فـ ( الرحمن ) وإن جرى مجرى الأعلام لكنه وصف أريد به الثناء قال شيخ الاسلام ابن قيم رحمه الله ( فالرحمن اسمه تعالى ووصفه ن و لا تنافى اسميته ووصفيته ، فمن حيث هو صفة جرى تابعا على اسم الله ، ومن حيث هو اسم ورد في القران غير تابع بل ورد الاسم العلم ) [ شرح الاسماء الحسنى ]
أما الفرق بين ( الرحمن ) و ( الرحيم ) هو أن الرحمن ذو الرحمة الدنيوية الواسعة الشاملة لجميع الخلق التي يدخل فيها حتى الكفار ، فالله تعالى اعطاهم الهواء ورباهم في اجسامهم وعقولهم ، وهذا كله من نعمه تبارك وتعالى ، فهذه الرحمة يشترك فيها المؤمن والكافر .
أما الرحيم : فهو ذو الرحمة الخاصة بالمؤمنين فقط ولأجل هذا اختصهم الله تعالى بها في ايما موضع من القران قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }النساء29 وقال تعالى {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً }الأحزاب43 وقال عن أهل الجنة {سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ }يس58 .. والله أعلم
المسالة الخامسة( الرحمن الرحيم ) من جهة الصنعة عند النحاة
يقرآن بالكسر لأنها سنة ثابتة هكذا في اللغة أما عند النحاة فيجوز في الرحمن الرحيم عقلا تسعة أوجه
سبعة جائزة واثنان ممنوعة الذي يهمنا الممنوعة وهما
1- إذا رفعت الرحمن لا يجوز جر الرحيم : فلا تقل الرحمنُ الرحيمٍ
2- إذا نصبت الرحمن لا يجوز جر الرحيم : فلا تقل الرحمنَ الرحيمِ
وما عداهما جائز عند العلماء
لأن الحالتين الأوليين لو قلت : بسم الله الرحمنَ الرحيمِ أو رفعت الأول يسمى قطعا من الرفع أو النصب إلى الجر
فلو رفعته يكو ن خبرا لمبتدئ محذوف وإن نصبته يقال مفعول به لمبتدئ محذوف وعليه قال الناظم
وإن ينصب الرحمن أو يرتفعَ *** فالجر في الرحيم قطعا وضعا
مسالة : البسملة ليست آية من سورة الفاتحة إنما هي آية مستقلة يفتتح بها كل سورة الا سورة براءة فما نقل إلينا فيها البسملة واجمع الصحابة على ذلك ولم يكن فيهم مخالف ، وهذا اجتهاد منهم مبني على توقيف كما أفاد بذلك ابن عثيمين في الشرح الممتع ، وإن كانت المسالة خلافية في الأصل الا ان الاقرب من حيث الدليل هو هذا القول وهذا لادلة كثيرة منها قوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في الحديث الذي يرويه عن ربه ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ... ) الحديث ، ولو كانت اية من الفاتحة لذكرها الله تعالى ، فكونها ليست كذلك في غيرها من السور من باب أولى
والله اعلم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
الطيب صياد
2011-09-08, 22:30
لكنْ ليس هذا محلَّهُ ، فهناك قسم المتون العلمية
وفقكم الله إلى الخير
التوحيد الخالص
2011-09-08, 22:33
ارك الله فيك نحن في مذاكرة
- تابع للبسملة:
- الله: علم على الباري جل جلاله.
وهو مشتق على الصحيح؛ تبعا لقاعدة أهل السنة والجماعة: من أن أسماء الله أعلام وأوصاف.
- وأصل (الله): الإله، حُذِفَت همزته تخفيفا؛ لكثرة الاستعمال، كما حُذفت في (خير وشر)، والأصل: أَخْـيَرُ، وأَشَــرُّ، كما قال ابن مالك:
وربما أغناهُمً خيرٌ وشرْ ----- عن قولهم: أخيرُ منه وأشر
وفُخِّمت اللام تعيظما لله جل جلاله، هذا إذا وقعت بعد فتح أو ضم، كما قال ابن الجزري:
وفخم اللام من اسم الله ----- عن فتح أو ضم كـ: عبدُ الله
أما إذا وقعت بعد كسر فتُرقق؛ لا لأن الله لا يُعظم في هذا الموضع، ولكن للثقل الناتج من الانتقال من الكسرة إلى التفخيم.
- وإله: على وزن (فعال)، بمعنى: مفعول، ومعناه: معبود، قال الراجز:
لله در الغانيات المدهِ ---- سبَّحن واسترجعن من تألهي
أي: من تعبُّدي.
- الرحمن والرحيم: اسمان لله تعالى، مشتقان من (الرحمة) على جهة المبالغة.
واختلف في الفرق بينهما"
:
1- فقيل: هما سواء.
2- وقيل: إن الرحمن: عبراني، والرحيم: عربي، بدليل أن العرب لم يعرفوا (الرحمن)، كما قال الله عنهم: (وإذا قيل اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن؟)، وهذا خطأ، لأن العرب أنكرت الرحمن تكبرا وعنادا، بدليل أنه ورد في شعرهم، فقال قائلهم: (وما يشأِ الرحمن يَعقد ويُطلقِ).
3- وقيل وهو الأصح: إن الرحمن هو اسم لله متضمن لصفة الرحمة، باعتبارها وصفا قائما لله تعالى، والرحيم: اسم لله متضمن لصفة الرحمة باعتبار تعلقها بالمرحومين، ولهذا لم يرد في القرآن قط: إنه رحيم بهم [ذكره بمعناه ابن القيم في بدائع الفوائد].
4- وقيل: الرحمن: للمؤمنين والكفار، والرحيم: خاصة بالمؤمنين، بدليل: (وكان بالمؤمنين رحيما)، وأصل الجملة في غير القرآن: (وكان رحيما بالمؤمنين)، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والقصر.
وهذا القول، وغن كان في ظاهره وجيها، إلا أن فيه نظرا.
ويبقى القول الثالث أصح.
التوحيد الخالص
2011-09-09, 09:40
بارك الله فيك
التوحيد الخالص
2011-09-09, 09:50
والان (بِسْـمِ اللهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيـمِ
اعْلمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَعَلُّمُ أَرْبَع مَسَائِلَ:
المسألة الأُولَى: الْعِلْمُ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللهِ، وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وَمَعْرِفَةُ دِينِ الإِسْلامِ بالأَدِلَّةِ.
المسألة الثَّانِيَةُ: الْعَمَلُ بِهِ.
المسألة الثَّالِثَةُ: الدَّعْوَةُ إِلَيْهِ.
المسألة الرَّابِعَةُ: الصَّبْرُ عَلَى الأَذَى فِيهِ. وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ سورة العصركاملة.
قَالَ الشَّافِعيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: لَوْ مَا أَنْزَلَ اللهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ إِلا هَذِهِ السُّورَةَ لَكَفَتْهُمْ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: بَابُ: العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالْعَمَلِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَٰه إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾[محمد:19]، فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ (قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ)(1).)
التوحيد الخالص
2011-09-09, 09:53
ال رحمه الله: [اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل] فهذه مسائل من العلم العيني الذي يجب على كل أحدٍ؛ لأن العلم ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: علم عيني يجب على كل أحدٍ تعلمه.
والقسم الثاني: علم كفائي يجب على من تقوم بهم الكفاية تعلمه.
وضابط العلم العيني هو: ما لا يقوم دين المرء إلا به سواءٌ في العقائد، أو في الأعمال، أو في الأقوال.
فما لا يستقيم دينك إلا به يجب عليك أن تتعلمه مما يتعلق بعلوم الاعتقاد أو مما يتعلق بالعمل أو مما يتعلق بالقول.
المسألة الأولى: العلم
يقول رحمه الله في بيان هذه المسائل الأربع: [الأولى: العلم] ثم بين ما هو العلم الذي يجب تعلمه على كل أحد فقال: [وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة].
فمعرفة الله واجبة على كل أحد، وهي أمر جبلت عليه القلوب، وفطرت عليه الأفئدة، فالناس مفطورون مجبولون على التعبد لله عز وجل، ولا يمكن أن يعبدوه إلا إذا عرفوه، فبكمال المعرفة يحصل كمال العبودية، فكلما ازداد العبد علماً بالله عز وجل ومعرفةً به سبحانه وتعالى ازداد عبوديةً له سبحانه وتعالى، والعلم بالله والمعرفة به أصل العلوم والمعارف؛ لأن العلم به يتحقق مقصود الوجود، والمقصود من الخلق، كما قال الله جل وعلا: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات:56]، وسيأتي تفصيل ذلك فيما يأتي إن شاء الله تعالى في كلام الشيخ .
الثاني: معرفة نبيه، والمقصود بالنبي هنا: هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بها يعرف الشرع؛ لأنه الرسول الذي أرسله الله عز وجل إلى الناس بشيراً ونذيراً، فيجب معرفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومعرفته تكون من خلال سنته، ومن خلال الدلائل الدالة على صدقه وعلى صحة ما جاء به.
الثالث من المعارف -كما قاله المؤلف رحمه الله تعالى-: معرفة دين الإسلام بالأدلة.
والمقصود بدين الإسلام أي: العمل الذي جاء به الإسلام من أحكامه وشرائعه العينية، وذلك في الأصول التي يجب على كل أحدٍ أن يقرّ بها حتى يكون مؤمناً، وهي ما تضمنه حديث ابن عمر : ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله -وهذان تقدما-، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ).
فهذه أصول الأعمال في دين الإسلام، فيجب معرفتها بالأدلة، ومعرفة هذه الأعمال تختلف درجتها باختلاف حال الناس، فالصلاة يجب معرفتها على كل واحدٍ من أهل الإسلام، وأما الحج فإنه لا يجب معرفته تفصيلاً إلا على من أراد أن يحج ممن استطاع؛ لأنه واجب على المستطيع فقط، فالمعرفة لدين الإسلام تتفاوت وتختلف باختلاف أحوال الناس.
يتبع
التوحيد الخالص
2011-09-09, 10:44
المسألة الثانية: العمل بالعلم
المسألة الثانية: (العمل به).
والضمير في قوله: [به] عائد إلى العلم، وذلك أن العلم إنما يراد للعمل، فمن كان علمه عوناً له على العمل فقد حقق المقصود من العلم وطلبه، ومن كان مقصوده من العلم جمع المعلومات وتكثيرها لا للعمل به فيخشى أن يكون داخلاً في قول الله تعالى: { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ } [التكاثر:1]؛ لأنه حجة على صاحبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( القرآن حجة لك أو عليك )، وإنما يكون حجة عليك إما بالإعراض عنه وعدم رفع الرأس به، وإما بالإقبال عليه دون العمل بما تضمنه من الأحكام والتوجيهات، فهو حجة على من قرأه وحفظه ثم هجره في عمله وقوله واعتقاده.
التوحيد الخالص
2011-09-09, 11:38
المسألة الثالثة:الدعوة إلى العلم والعمل
المسألة الثالثة: (الدعوة إليه) والضمير يعود إلى المتقدم من العلم والعمل، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله الله بالهدى ودين الحق، والهدى: هو العلم النافع، ودين الحق: هو العمل الصالح وإليهما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا إلى العلوم النافعة، ودعا إلى الأعمال الصالحة التي هي ثمرة العلم، فالدعوة إليه تعود إلى الأمرين المتقدمين.
التوحيد الخالص
2011-09-09, 11:39
المسألة الرابعة: الصبر على الأذى
المسألة الرابعة: (الصبر على الأذى فيه) يعني: في العلم والعمل والدعوة إليه، فالضمير يعود إلى جميع ما تقدم، فالإنسان بحاجةٍ إلى أن يصبر حتى يتعلم، وبحاجةٍ إلى أن يصبر ليعمل، وبحاجةٍ إلى أن يصبر ليدعو، والصبر في الأصل هو حبس النفس عن محبوباتها ومنعها من ذلك، والصبر -أيها الإخوة- شأنه عظيم، ولذلك أكثر الله جل وعلا من الأمر به، والثناء على أهله في كتابه، فما من خلةٍ حميدةٍ ولا خصلةٍ فاضلةٍ ولا خلقٍ كريم ٍولا سجايا صالحةٍ ولا أعمال برٍّ وحسناتٍ إلا ومنشؤها الصبر، ولذلك كان الصبر أفضل ما يوفق إليه العبد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر ).
ومعلوم أن العلماء قسموا الصبر إلى ثلاثة أقسام: الأول: الصبر على طاعة الله.
الثاني: الصبر عن معصية الله.
الثالث: الصبر على أقدار الله.
وأفضلها وأشرفها وأكبرها منزلةً هو الصبر على طاعة الله، والفضل لها جميعاً ثابت، قال تعالى: { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } [النساء:95]، فينبغي للمؤمن أن يحرص على تحقيق الصبر في جميع هذه الأمور.
جزاك الله خيرا، ولكن ليت الأمر يسيرُ شيئا فشيئا.
التوحيد الخالص
2011-09-09, 11:57
نعم انا الان متوقف هنا حتى تصلوا الى ما توقفت عيله ونكمل
التوحيد الخالص
2011-09-09, 19:39
المسألة الثالثة:الدعوة إلى العلم والعمل
المسألة الثالثة: (الدعوة إليه) والضمير يعود إلى المتقدم من العلم والعمل، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله الله بالهدى ودين الحق، والهدى: هو العلم النافع، ودين الحق: هو العمل الصالح وإليهما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا إلى العلوم النافعة، ودعا إلى الأعمال الصالحة التي هي ثمرة العلم، فالدعوة إليه تعود إلى الأمرين المتقدمين.
المسألة الرابعة: الصبر على الأذى
المسألة الرابعة: (الصبر على الأذى فيه) يعني: في العلم والعمل والدعوة إليه، فالضمير يعود إلى جميع ما تقدم، فالإنسان بحاجةٍ إلى أن يصبر حتى يتعلم، وبحاجةٍ إلى أن يصبر ليعمل، وبحاجةٍ إلى أن يصبر ليدعو، والصبر في الأصل هو حبس النفس عن محبوباتها ومنعها من ذلك، والصبر -أيها الإخوة- شأنه عظيم، ولذلك أكثر الله جل وعلا من الأمر به، والثناء على أهله في كتابه، فما من خلةٍ حميدةٍ ولا خصلةٍ فاضلةٍ ولا خلقٍ كريم ٍولا سجايا صالحةٍ ولا أعمال برٍّ وحسناتٍ إلا ومنشؤها الصبر، ولذلك كان الصبر أفضل ما يوفق إليه العبد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر ).
ومعلوم أن العلماء قسموا الصبر إلى ثلاثة أقسام: الأول: الصبر على طاعة الله.
الثاني: الصبر عن معصية الله.
الثالث: الصبر على أقدار الله.
وأفضلها وأشرفها وأكبرها منزلةً هو الصبر على طاعة الله، والفضل لها جميعاً ثابت، قال تعالى: { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } [النساء:95]، فينبغي للمؤمن أن يحرص على تحقيق الصبر في جميع هذه الأمور.
التوحيد الخالص
2011-09-10, 11:14
شرح قول المالف رحمه الله
. وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ سورة العصركاملة.
التوحيد الخالص
2011-09-10, 12:12
لدليل على المسائل الأربع الواجب تعلمها
بعد أن فرغ المؤلف رحمه الله من ذكر هذه المسائل الأربع التي يجب تعلمها على كل أحدٍ قال: [والدليل قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم { وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [العصر:1-3].
وهذا هو الدليل على وجوب تعلّم هذه المسائل، وهذه السورة هي سورة العصر، افتتحها الله جل وعلا بالقسم بالزمان الذي هو محل الأعمال، فقوله: { وَالْعَصْرِ } الواو للقسم، والعصر هو المقسم به، والله جل وعلا يقسم بما شاء من مخلوقاته، فهو سبحانه وتعالى يقسم بنفسه وبصفاته وبأفعاله، ويقسم بما شاء من مخلوقاته، ومن ذلك القسم ما أقسم به هنا، حيث أقسم سبحانه وتعالى بالعصر وهو الزمان لبيان شرفه وعظم مكانته، ثم أتى بجواب القسم بقوله: { إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ } ، والإنسان هنا المراد به جنس الإنسان، فيشمل كل من اتصف بهذا الوصف.
(لَفِي خُسْرٍ) الخسر: ضد الربح، أي: لفي خسارة كخسارة التجار في أرباحهم، وقال: (لَفِي خُسْرٍ) ولم يقل: (خاسر) ليبين إحاطة الخسر به من كل مكان، فإن (في) تفيد الظرفية، فالخسر محيط بالإنسان من كل جوانبه، وفي القسم على هذا الأمر، وفي تأكيده بـ(إنَّ) التي تفيد التوكيد في قوله: { إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ } دلالة واضحة على عظم الأمر، وأن الله أراد من هذا القول: شحذ الهمم للانفكاك من أسباب الخسارة، والأخذ بأسباب النجاة؛ فإن الله سبحانه وتعالى بعد أن أقسم على هذا الأمر -وهو خسارة جنس الإنسان- بيَّن السبيل والطريق الذي يتخلص به الإنسان من هذه الخسارة.
والخسارة على درجات، فالخسارة المطلقة هي خسارة من خسر الدنيا والآخرة نعوذ بالله من ذلك، ودونها دركات كبيرة وكثيرة من الخسارة، لكن طريق النجاة موصوف وصفاً واضحاً بيناً في هذه السورة الكريمة في الاستثناء الذي ذكره الله عز وجل في قوله: (إلَّاْ الَّذِينَ آمَنُوا)، ولم يبين في الآية ما الذي يُؤمن به ليعم جميع ما يجب الإيمان به، فيكون المعنى: إلا الذين آمنوا بكل ما يجب الإيمان به مما يتعلق بالله عز وجل، ومما يتعلق بملائكته، وما يتعلق بكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره وهل يمكن أن يتحقق الإيمان بلا علم؟ لا يمكن أن يكون إيمان بلا علم، فالإيمان فرع العلم وثمرته، ولذلك قال المؤلف رحمه الله في المسائل التي تجب: الأولى: العلم ودليل العلم قوله تعالى: (إِلَّاْ الَّذِينَ آمَنُوا)، والدلالة على هذا باللازم، فاستثناء الذين آمنوا يدل لزامًا على وجوب العلم، فهذه دلالة باللازم؛ لأنه لا يمكن أن يحصل إيمانٌ إلا بعلم، فمن لوازم الإيمان أن يكون صاحبه عالماً.
التوحيد الخالص
2011-09-10, 13:48
دليل وجوب العمل بالعلم
وقوله: (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) هذا الوصف الثاني من الأوصاف التي علق عليها النجاة من الخسارة، والصَّالِحَاتِ تشمل كل عمل صالح ظاهرٍ أو باطن، واجبٍ أو مستحب، من حقوق الله أو من حقوق عباده، كل هذا يدخل في قوله: (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)، وانظر كيف أخّر العمل عن العلم؛ لأنه لا يمكن العمل الصالح إلا بعد الإيمان الذي لا يحصل إلا بالعلم النافع.
التوحيد الخالص
2011-09-10, 13:49
يتبع ان شاء الله
إذا أكلمتَ المقدمة الأولى (المسائل الأربع)، ذكرتُ ما عندي على طريقة مذاكرة الأربعين النووية، مما علق بذهني، وأشترط على نفسي أنني لا أنقل من أي مصدرٍ، كتابا كان أو غيره، حتى أذاكر هذا المتن الجليل.
التوحيد الخالص
2011-09-10, 15:52
جميل بارك الله فيك
التوحيد الخالص
2011-09-10, 15:53
دليل الدعوة إلى العلم والعمل
ثم بعد أن ذكر هذين الوصفين ذكر وصفاً ثالثاً -وهو دليل المسألة الثالثة التي يجب علينا تعلمها- وهو الدعوة إليه، قال: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) أي: أوصى بعضهم بعضاً بالحق، والتواصي بالحق من صور وأنواع العمل الصالح، وإنما نص عليه وذكره لأهميته وأثره في حصول النجاة، ولئلا يظن الظانُّ أنه باستكثاره من الأعمال الصالحة في نفسه يحصل له النجاة وإن أهمل من يجب عليه نصحهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ولذلك جاء النص على التواصي بالحق مع أنه من الأعمال الصالحة.
والتواصي بالحق يشمل أن يوصي الإنسان نفسه بالحق، ويأمرها بالمعروف، وينهاها عن المنكر، وكذلك يشمل أن يكون ذلك مع غيره ممن يعايشهم، سواءٌ أكانت له ولاية عليهم، أم لم تكن له ولاية عليهم، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من حق أهل الإيمان بعضهم على بعض.
التوحيد الخالص
2011-09-10, 15:54
دليل الصبر على الأذى
الوصف الرابع الذي تحصل به النجاة: قوله: (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) أي: أوصى بعضهم بعضاً بالصبر، وأي أنواع الصبر؟ أنواع الصبر كلها، والتي هي الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله، والصبر على أقدار الله تعالى، وهذا الأمر في هذه الآية (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) داخل في الذي قبله، فإن التواصي بالصبر من التواصي بالحق، وخصه بالذكر لأهميته وعظم أثره في تحقيق النجاة والسلامة من الخسارة، وإن كان داخلاً مندرجاً فيما تقدم من العمل الصالح والتواصي بالحق، وبقدر ما يتصف الإنسان بما ذكر من الأوصاف في هذه السورة يحصل له بقدر ذلك من النجاة، والناس في هذا بين مستقل ومستكثر، وإذا علم العبد المؤمن ذلك حرص أن يستكثر من هذه الصفات وأن يزداد منها؛ لأنه بها يحصل له الفوز والسلامة من الخسارة المذكورة في قوله تعالى: { إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ } ، وهذه الآية واضحة الدلالة على ما تقدم من وجوب تعلم هذه المسائل، ووجه ذلك أن إنجاء النفس من الخسار واجب، وقد بين الله سبحانه وتعالى طريق ذلك، وهو ما تضمنه الاستثناء في قوله: { إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } ، فدل ذلك على وجوب تَعَلُّم هذه المسائل الأربع التي يتحقق بها للمرء السلامة في الدنيا والآخرة.
قال الشافعي رحمه الله: ( لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم)، وهذا لا يعني أن ما زاد على هذه السورة لا حاجة إليه، وإنما مراد الشافعي أن هذه السورة كافية شافية في بيان طريق النجاة، وإلا فأهل الإسلام بحاجةٍ إلى كل حرف نزل في كتاب الله عز وجل، ليس لهم عنه غنية ولا بهم عنه كفاية، بل هم محتاجون إلى كل حرفٍ في كتاب الله عز وجل، ولذلك كان من أعظم ما أصيبت به الأمة بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم هو انقطاع الوحي عن نبي الأمة، فمراد الشافعي رحمه الله بقوله: (لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم) في بيان طريق النجاة والسلامة من الخسارة التي اتصف بها الإنسان.
التوحيد الخالص
2011-09-10, 15:55
قديم الله للعلم قبل القول والعمل
ثم قال رحمه الله: [وقال البخاري رحمه الله: (بابٌ: العلم قبل القول والعمل].
فلابد من العلم قبل العمل، وأيّ عملٍ لا يبنى على علم فهو لا يزيد صاحبه من الله إلا بعداً؛ لأنه إحداث وابتداع وضلال.
ثمّ قال: [(والدليل - أي: على وجوب تقديم العلم على العمل - قوله تعالى: { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } [محمد:19]) ].
سئل سفيان بن عيينة رحمه الله عن فضل العلم فقال: ألم ترَ كيف بدأ الله بالعلم؟ يعني: في قوله: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } ، فيكفي في بيان فضل العلم أن الله بدأ به قبل العمل، فالواجب على المؤمن أن يحفل بالعلم، وأن يجتهد فيه، ويبذل فيه مهجته ووقته وعمره، وألا يبخل عليه بشيء؛ لأن العلم تزكو به الأخلاق، وتصلح به الأعمال، ويرفع الله به ذكر العبد في الدنيا والآخرة، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) .
والمراد أنه يرفع به من أقبل عليه وأخذ به حفظاً وعلماً وعملاً وتعلماً وتدبراً وغير ذلك مما يكون في كتاب الله عز وجل.
قال: (فبدأ بالعلم قبل القول والعمل)، وبهذا يكون الترتيب الذي ذكر المؤلف رحمه الله ترتيباً دل عليه الكتاب وقول السلف؛ لأن قوله: [وقال البخاري ] هذا في موضع الاستدلال على ترتيب هذه المسائل، أما أصل هذه المسائل فقد دل عليها الدليل من سورة العصر، وأما الترتيب فإنه جاء في قوله تعالى: { فاعلم أَنَّهُ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ } ، وقول البخاري رحمه الله تعالى.
التوحيد الخالص
2011-09-10, 15:56
يتبع ان شاء الله
samou el fedjm
2011-09-11, 10:13
إذا أكلمتَ المقدمة الأولى (المسائل الأربع)، ذكرتُ ما عندي على طريقة مذاكرة الأربعين النووية، مما علق بذهني، وأشترط على نفسي أنني لا أنقل من أي مصدرٍ، كتابا كان أو غيره، حتى أذاكر هذا المتن الجليل.
نعم بارك الله فيك
هذه هي المذاكرة
فقد رأيت أنهم يضعون شروحا والمذ1كرة هي وضع ما فهمته أنت من مختلف الشروح
وسؤالي السابق كان حوا هذل المتن فالحمد لله أن الأمر وقع اتفاقا وعندما أصل إلى المسألة سأطرحها
التوحيد الخالص
2011-09-11, 10:30
وفيك بارك الله
التوحيد الخالص
2011-09-11, 10:33
(1) الشافعي : هو الإمام المشهور ، أحد العلماء الكبار ، وأحد الأئمة الأربعة ، وهو محمد بن إدريس الشافعي المطلبي ، المولود سنة خمسين ومائة ، وتوفي سنة أربع ومائتين .
(2) يقول- رحمه الله- : لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم ، وفي رواية :
" لو فكر الناس في هذه السورة لكفتهم " ؛ أي لو نظروا فيها وتأملوا فيها لكانت كافية في إلزامهم بالحق ، وقيامهم بما أوجب الله عليهم ، وترك ما حرمه عليهم ؛ لأن الله بين أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر هم الرابحون ، ومن سواهم خاسر ، وهذه حجة قائمة على وجوب التواصي ، والتناصح ، والإيمان والصبر ، والصدق ، وأنه لا طريق للسعادة والربح إلا بهذه الصفات الأربع : إيمان صادق بالله ورسوله ، وعمل صالح ، وتواص بالحق ، وتواص بالصبر .
(3) البخاري : هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري ، من بخارى في الشرق الأوسط . ولد سنة أربع وتسعين ومائة ، في آخر القرن الثاني ، ومات سنة ست وخمسين ومائتين في وسط القرن الثالث . كان عمره اثنتين وستين سنة . وهو صاحب الصحيح ، وله مؤلفات أخرى عظيمة نافعة ـ رحمه الله ـ . يقول : باب : العلم قبل القول والعمل ؛ لقول الله سبحانه : { فَاعْلَمْ أنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ } ؛ فبدأ بالعلم قبل القول والعمل . فالإنسان عليه أن يتعلم أولا ، ثم يعمل ؛ فيتعلم دينه ، ويعمل على بصيرة ، والله أعلم .
سأبدأ الكلام عن المسائل الأربع قريبا إن شاء الله تعالى.
التوحيد الخالص
2011-09-12, 10:35
ان شاء الله سنترك الموضوع مفتوح
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-12, 15:14
برك الله فيكم على المجهود
سأبدأ الكلام عن المسائل الأربع قريبا إن شاء الله تعالى.
ونحن ننتظر ذلك بفارغ الصبر، للاستفادة وبرك الله فيكم
أشكركم على التشجيع، ولعلي أبدأ اليوم مساءً إن شاء الله تعالى.
samou el fedjm
2011-09-12, 15:21
السلام عليكم
أم حاتم : هل قوله : =رحمك الله= هو فعل ماض لكنه في العمل مستمر
التوحيد الخالص
2011-09-12, 16:01
بارك الله في الجميع وزادهم الله حرصا وعملا
السلام عليكم
أم حاتم : هل قوله : =رحمك الله= هو فعل ماض لكنه في العمل مستمر
قوله: (رحمك الله) هذا خبرٌ -في الظاهر-، فهو يُخبر أن الله قد رحمكَ.
ولكنَّ هذه الجملة خبريَّةٌ في اللفظ، إنشائية في المعنى؛ إذِ القصد منها الدعاء، وهذا أسلوب بلاغي مشهور، يُعرف عند البلاغيين بـ: المجاز المرسل المركب -عند من يقول بالمجاز-.
فمعنى: (رحمك الله): أسأل الله أن يرحمكَ.
ولكنَّه أتى بالصيغة على طريقة الخبر تفاؤلًا، فكأن الله قد أجاب دعاءَه، وصار واقعًا، فأخبر عنه بقوله: (رحمك الله).
- فائدة: التعبير بالماضي في مثل هذه الأساليب أولى من التعبير بالمضارع، فالتعبير بـ: (فلان رحمه الله) -مثلا-، أبلغُ من التعبير بـ: (فلان يرحمه الله).
والعلم عند الله تعالى.
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-12, 18:18
برك الله فيك على هذه الفائدة
- رسالة ثلاثة الأصول -على وجازتها- اشتملت على مقدمة وموضوع وخاتمة.
1- فالمقدمة: عبارة عن ثلاث مقدمات، (مسائل أربع، ثم مسائل ثلاث، ثم مقدمة في بيان ملة إبراهيم).
2- موضوع: وهو الكلام عن ثلاثة الأصول، معرفة العبد ربَّه، ودينَه، ونبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، وهي المسائل التي يُسأل عنها المرء في قبره.
3- خاتمة: في بيان البعث والنشور، وفي بيان معنى الطاغوت.
- قال رحمه الله تعالى: (اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل).
- قوله: (اعلم) يُراد بها التنبيه لا غيرُ، فذِكر بعض الشراح لأقسام العلم في مثل هذا الموضع استطرادٌ فقط.
- (رحمك الله) هذا خبر يُراد به الدعاء، كما تقدم في المشاركة السابقة جوابًا لسؤال أحد الإخوة الأفاضل.
- (أنه) هذا ضمير الشأن، أي: أن الشأن والحال.
- (يجب علينا) معشرَ المكلفين جميعا.
والواجبُ: هو ما طلب الشارع فعلَه طلبا جازما.
وقيل: ما يُثاب فاعله امتثالا، ويستحق العقابَ تاركُه! وهذا تعريف للشيء بحكمه، وهو أمر يأباه المناطقة!!
قال الأخضري في السلم المنورق:
وعندهم من جملة المردودِ ---- أن تدخل الأحكام في الحدود
- والواجب في المسائل التي ذكرها الإمام رحمه الله هي على سبيل الوجوب العيني، التي يُطلب من كل مكلَّف أن يأتيَ بها.
- (تَـعَــلُّــم) على صيغة (تفَــعُّــل) وهي صيغة تدل على حصول الأمر شيئا فشيئا.
وفيه التنبيه على أن العلم يحصل شيئا فشيئا، كما قال القائل:
اليوم علمٌ وغدًا مثلُه ----- من نُخَبِ العلم التي تُـلْتَقَط
يُحَصِّل المرء بها حكمةً ---- وإنما السيل اجتماعُ النُّقَط
- (تعلم أربع مسائل)، ولا يُريد انحصارها ما يجب تعلمه في أربع مسائل، وإنما ذكر عدَّها لأجل أن يسهُلَ ضبطُها.
ومما يدل على عدم انحصار المسائل في أربع، أنه قال بعدُ: (اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم ثلاث هذه المسائل).
- والمسائل:: جمع (مسألة) وهي ما يُبرهنُ عليه بالعلم.
برك الله فيك على هذه الفائدة
وفيكَ بارك اللهُ
- (الأولى: العلم، وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة).
- (الأولى: العلم، وهو معرفة الله...)، وفي كلامه إشارةٌ إلى أنه لا يفرق بين العلم والمعرفة، وهو قول أكثر أهل الأصول، ويدل على هذا قول الله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون).
- وفرَّق بعضُ أهل العلم بين العلم والمعرفة:
1- فقيل: إن العلم يكون في القطعيات، والمعرفة تكون في القطعيات والظنيات (وهو تفريق اصطلاحي لا لغوي).
2- وقيل: إن العلم لا يُشترط فيه سبقُ الجهل، بخلاف المعرفة، فهي انكشاف بعد خفاء -ذكره العلامة ابن عثيمين في شرحه الصوتي للأصول من علم الأصول-، وقال -في معنى كلامه-: ولهذا يُوصف الله بأنه عالم، ولا يوصف بأنه عارف، لأن علم الله لم يسبقه جهل.
هكذا قال رحمه الله، وفيه بحثٌ.
- (معرفة الله) معرفةً شرعية، لا معرفة لغوية، وهي -أي: المعرفة الشرعية- المعرفة التي تُثمر العمل والانقياد، أما المعرفة اللغوية فلا تنفع صاحبَها.
ففرعون -مثلا- يعرف ربَّه، كما قال تعالى: ((وجحدوا بها واستيقنتها أنفسُهم ظلما وعلوا)، وإبليس يعرف ربه، كما قال تعالى حكايةً عنه أنه قال: (خلقتَني من نارٍ وخلقتَه من طين)، فهو يعرف أن الله هو الذي خلقه، ولكنها معرفة لغوية، لم تُثمر الانقياد والعمل، فلا تنفع صاحبَها.
- ثم إن هذه المعرفة لابد أن تكون مستندة إلى الشرع، وإلا فإن من نسب إلى الله النقص، أو سلب عنه الصفات: هذا لا يعرف ربَّه.
وتعجبني قصة لها علاقة بموضوع المعرفة بوجهٍ ما -أحكيها بمعناها--: وهي أنه حصلت فتنة في المغرب -في وقت ما-، فصار العوام يختبرون العلماءَ، ويسألونهم: هل الكفار يعرفون ربهم أم لا؟ وصاروا يضربون آراء بعضهم ببعض.
فإذا سألوا عالما، فقال: يعرفون الله، قالوا: فلان من أهل العلم يقول: لا يعرفون! وإذا قال: لا يعرفون، قالوا: فلان من أهل العلم قال/ هم يعرفون.
فحصلت فتنة كبيرة في المغرب، فجاء أحدُ العقلاءِ إلى هؤلاء العوام، وقال لهم: أنت ضيَّعتُم مصالحكم وعطَّلتموها، فأنا أرشدكم إلى من يعطيكم الجواب الفصْلَ، اذهبوا إلى أبي عمران الفاسي.
فذهبوا إليه، فسألوه: هل يعرف الكفار ربَّهم؟
فقال لهم: من أنا؟ قالوا: أنت أبو عمران، قال: أين أسكن؟ قالوا: في فاسٍ، قال: ما صنعتي؟ قالوا: فقيه.
قال: لو جاءكم رجل، وقال لكم: أنا أعرف أبا عمران، هو رجل بقَّالٌ، يسكن في مراكش! هل هذا يعرفني؟
قالوا: لا يعرفك.
قال: انصرفوا، انتهى جوابي!!
كأنه يقول لهم: إن من ينسب لله الولدَ والصاحبةَ!!! هذا لا يعرف ربَّه، أي: المعرفة الشرعية التي تنفعه عند الله.
وإلا فإن الكفار يعلمون أن الله هو الخالق الرازق المدبر... إلى غير ذلك من أفراد الربوبية، وسيأتي بحث هذه النقطة إن شاء الله في المقدمة الثالثة.
- (ومعرفة نبيه) وهو محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه هو الذي أُرْسِل إلينا.
ومعرفتُه تكون بالدلائل الشرعية، كقوله تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)، وكقوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)، وغيرها من الآيات.
وتكون أيضا بالدلائل العقلية أيضا، وهو بالنظر فيما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الشريعة الغراء -من عند ربه-، التي فيها صلاح للبشرية جمعاء، صلاحٌ لدينهم ودنياهم.
وكذلك: ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من أمور الغيب التي صدَّقها الواقع، فيُقطَع بأنه مُرْسَلٌ من عند الله، وأن الله تعالى أعلمه ببعض أمور الغيب، (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول).
- (ومعرفة دين الإسلام) وهو هذا الدين، فـ (ال) فيه للعهد.
وإلا فإن الشرائع السابقة: إسلام، كما قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون)، وقال الله تعالى عن موسى عليه السلام: (يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين)......... وغير ذلك من الآيات.
ولكن لما أُرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، صار الإسلام هو ما جاء به، وما خالفه ليس من الإسلام، والله لا يقبل إلا الإسلام.
- (بالأدلة) هو جمع (دليل)، وهو في الأصل: المرشد إلى المطلوب، كما قال العمريطي في نظم الورقات:
وحد الاستدلال قل ما يجتلب ----- لنا دليلا مرشدا لما طُلِب
- واصل الدليل يكون في الحسيات، وهو من يدل على الطرق الوَعِرَة، كما قال الشاعر:
إذا حَـل دَينٌ لأحْصَبِيٍّ فقل له ---- تزوَّد بزاد واستَعِن بدليلِ
سيُصْبِح فوقي أقتَم الريش واقعًا ----- بقَالِي قَلى أو مٍن وراءِ دَبِيلِ
- ثم استُعْمل الدليل في كل مُرشدٍ للمطلوب، ومنه أدلة الشرع.
وبعضهم يُعرف الدليل -في الاصطلاح- بقوله: هو ما يُوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري! ولعل الأول أوضحُ.
- وقوله: (بالأدلة) يرجع إلى الجميع، لا إلى الأخير -وهو دين الإسلام-، هذا هو الظاهر.
والعلم عند الله تعالى
يُتبع..................
التوحيد الخالص
2011-09-12, 18:54
بارك الله فيك ام حاتم زادك الله علما وعملا
وفيك بارك الله.
وأرجو أن تقدروا وضعي، فإذا تأخَّرتُ قليلًا - فاصبروا عليَّ، فالضعيفُ أميرُ الركب.
التوحيد الخالص
2011-09-12, 20:00
نحن نمشي على خطاك نورتي المجلس
- (الثانية: العمل به).
أي: العمل بالعلم.
والعمل هو ثمرة العلم والغاية منه، ولهذا قال العلماء: علم بلا عمل، كشجر بلا ثمر.
بل إن العلمَ شرعًا لا يُسمَّى علما حتى يعمل به صاحبُه، فكل من عصى الله -وخالف علمه- فهو جاهلٌ في حقيقة الأمر، كما ذلك بعض السلف في تفسير قوله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب).
والناس مع العلم والعمل ثلاثة أصناف:
1- قوم لم يعلموا، فلا يُمكن أن يكون عملُهم صوابا -كما سيأتي في شرح عبارة البخاري إن شاء الله-، كالنصارى، وهؤلاء ضالون.
2- وقوم علموا، ولم يعملوا، كاليهود، وهؤلاء مغضوب عليهم.
3- وقوم علموا، وعملوا، وهم الذين أنعم الله عليهم، وهم الذين نسأل الله أن يرزقنا طريقتَهم في صلواتنا -في سورة الفاتحة-.
- استطراد:
ذكر ابن عبد البر أن كلَّ من عُرِف بالعلم فهو عدل، حتى يظهر الجرح، واستدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله...) الحديثَ.
- وقد خالفه جماهيرُ المحدثين، وتأولوا الحديث على أنه خبرٌ بمعنى الأمر، أي: يا أيها العدول احمِلُوا العلم.
ومما قيل في توجيه الحديث الذي استدل به ابن عبد البر: أن العلم شرعا: هو العلم مع العمل به، فلا يكون كل من أدرك المسائل: صاحبَ علمٍ حتى يعملَ بعلمه، فلا يكون في الحديث دلالة على أن كل من أدرك المسائل فهو عدل إلى ظهور الجرح، والله تعالى أعلم.
- (الثالثة: الدعوة إليه).
أي: الدعوة إلى هذا العلم، والدعوة إلى العمل به.
وذلك أن الإنسان إذا علم وعمل، فقد كمَّل نفسَهُ، فبدعوته لغيره هو يسعى في تكميل غيره.
ومما جاء في الدعوة إلى الله قول الله تعالى: (ومن أحسن ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين)، وقوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، وجاء قوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا، خير لك من حُــمْرِ النعم).
- فائدة: (حُــمْر) جمع (حمراء)، بخلاف (حُـــمُر) -بضمتين- فهي: جمع (حمار)، وقد يُخطئ بعض الناس في الحديث السابق فيقولون: (خير لك من حُــمُرِ النعم)!!!
يُتبع.................
التوحيد الخالص
2011-09-12, 20:57
بارك الله فيك
الطيب صياد
2011-09-12, 21:42
............................
- استطراد:
ذكر ابن عبد البر أن كلَّ من عُرِف بالعلم فهو عدل، حتى يظهر الجرح، واستدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله...) الحديثَ.
- وقد خالفه جماهيرُ المحدثين، وتأولوا الحديث على أنه خبرٌ بمعنى الأمر، أي: يا أيها العدول احمِلُوا العلم.
ومما قيل في توجيه الحديث الذي استدل به ابن عبد البر: أن العلم شرعا: هو العلم مع العمل به، فلا يكون كل من أدرك المسائل: صاحبَ علمٍ حتى يعملَ بعلمه، فلا يكون في الحديث دلالة على أن كل من أدرك المسائل فهو عدل إلى ظهور الجرح، والله تعالى أعلم.
مذهب ابن عبد البرِّ هو مذهب ابن حبَّان البستيِّ أبي حاتمٍ صاحب الصحيح ، فهو يرى أنَّ كلَّ من لم يجرحْ فهو عدلٌ!
إلا أنَّ الفرقَ بينهما - رضي الله عنهما - أن أبا عمر في تطبيقاتِهِ لم يمشِ تماماً على هذا المذهبِ، بل هو يعتمد أقوال النقَّاد في الراوي ليحكمَ عليه من خلال القواعد التي صحَّتْ عندهُ ، أما ابن حبان فقد طبَّق القاعدة في كل المواضع التي تحقَّقتْ فيها شروطُها ، فكلُّ من لم يتكلَّم فيه فهو عنده عدلٌ، و لهذا اشتهر بتوثيق المجاهيل !
و قريب من هذا، رأيٌ للذهبيِّ يرى فيه أن الرجل إن كان في طبقة التابعين الكبار و لم يطعن فيه أحدٌ بحجة فهو على الثقة و العدالة لفشوِّ التدين بينهم و قلة الكذب فيهم .
و كأنِّي بهذا يصحُّ و الله أعلم بالحقِّ.
و إشكالية التوثيق راجعة إلى معنى ( الثقة ) أصالةً، لأن الثقة من لم يجرَّبْ عليه فسقٌ و لا تذبذبٌ في التحديث ، فمن سلم من هذا فهو ثقة عدلٌ رضًى حجَّةٌ .
فكأن أبا عمر و ابن حبَّان قد رأيا أنَّ الأصل في المسلم النزاهة عن الكذب و الثبات على التديُّن المظهريِّ فالمجهول بهذا ثقة . . .
ينظر تلخيص الأقوال في هذه المسألة في كتاب ( قواعد الجرح و التعديل لعبد العزيز بن إبراهيم العبد اللطيف ! )
التوحيد الخالص
2011-09-12, 21:45
بارك الله فيك على المعلومة القيمة
[b][font=arial black][size=6]مذهب ابن عبد البرِّ هو مذهب ابن حبَّان البستيِّ أبي حاتمٍ صاحب الصحيح ، فهو يرى أنَّ كلَّ من لم يجرحْ فهو عدلٌ!
............................]
الاستطراد عند علماء البديع: هو أن يخرج المتكلم من الغرض الذي هو فيه إلى غرض آخر لمناسبة بينهما.
فكان الشاهد من استطرادي هو بيان أن العلم -شرعا- ليس هو المعرفة فحسب، وإنما هو مجموع المعرفة مع العمل، وهذا يتبيَّن في وجهٍ من الأوجه التي رد بها أهل العلم على كلام ابن عبد البر.
- (الرابعة: الصبر على الأذى فيه).
الصبر هو في الأصل: الحبسُ، ومنه قولهم: قُتِل فلانٌ صبْرًا، أي: حُبِسَ ثم قُتِلَ.
والمراد بالصبر شرعا: حبس النفس على طاعة الله، وحبسها عن معصية الله، وحبسها عن التضجر على أقدار الله.
وبهذا تظهر أقسام الصبر الثلاثة:
1- صبر على طاعة الله، كما قال تعالى: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه).
2- صبر عن معصية الله، فيحبس نفسَه عن مواقعة المعاصي، ويجاهدها على ذلك.
3- صبر على أقدار الله، فيحبس لسانه عن التشكي، وقلبه عن الجزع، وجوارحه عن لطم الخدود وشق الجيوب.
- وذِكْرُ الصبر بعد الدعوة إلى الله ظاهر المناسبة، وذلك لأن الدعوة إلى الله -في الأصل- وظيفة الأنبياء عليهم السلام، ومعلوم أن الأنبياء أوذوا في سبيل إبلاغ الحق الذي معهم، فمَن قام مقامهم في الدعوة إلى الله فلابد أن يُؤذى,
وقد حكى ابن القيم في كتاب الفوائد عن الشافعي أنه سُئل: ما هو الأفضل، أن يُمكَّن للإنسان؟ أو يُبتلَى ثُمَّ يُمكَّن له؟ قال: (إنه لا يُمكَّن له حتى يُبتلى) أو عبارة نحوها.
والعلم عند الله تعالى.
يُتبع.................
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-13, 08:04
برك الله فيك الأخت
ونطلب من الإخوة ترك الأخت أم حاتم تكمل بالطريقة التي انتهجتها فهي مفيدة، ولا ندخل في نقاشات قد تبعدنا عن جوهر الموضوع.
نعم هناك بعض الأمور تحتاج إلى زيادة تبسيط، ولكن طريقتها في المذاكرة والله ممتعة، وجزاك الله خيرا.
التوحيد الخالص
2011-09-13, 09:55
بارك الله فيكم واثابكم .... واورثكم الجنة
- (والدليل قوله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم - والعصر - إن الإنسان لفي خسر - إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)).
- (والدليل) أي: على المسائل الأربع السابقة.
- (قوله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم))، كذا في النسخة التي أحفظها، وهي كذلك في كثير من النسخ التي قُرئت على أهل العلم، بالبدء بالسملة أولَ هذه السورة، والخلاف في البسملة شهير، وأما معناها فتقدم أولَ المتن.
- (والعصر) هذا قسَمٌ من الله تعالى بالعصر، والله له أن يُقْسِم بما شاء من مخلوقاته الدالة على عظمته، وليس لنا أن نقسِم بما شئنا، بل لا يجوز لنا أن نقسم إلا بالله تعالى,
وبعض أهل العلم -كما حكاه الشوكاني عنهم في تفسيره فتح القدير- يرى أن أقسام القرآن فيها إيجاز بالحذف، فقوله تعالى/ (والعصر) أي: ورب العصر، وقوله تعالى: (والضحى) أي: ورب الضحى.
ولا حاجة إلى هذا التقدير، لأن الله تعالى له أن يقسم بما شاءَ، (لا يُسأل عما يفعل).
ثم إن مثل هذا التقدير، يفتح بابَ شرٍّ على الناس، فيستبيح الناسُ الحلفَ بغير الله، فإذا أُنكِر عليهم قالوا: هذا على تقدير مضاف!!!!!
- والعصر في الآية، اختلف أهل التفسير في معناه، فمما قيل:
1- أنه الوقت المعروف الذي في آخر النهار، وهو وقت فاضلٌ، وقد ثبت في صحيح مسلم التغليظ فيمن باع سلعةً وحلف بعد العصر على أنه اشتراها بكذا، وهو كاذبٌ في ذلك.
وذكر بعض أهل العلم في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ..... تحبسونهما من بعد الصلاة) قالوا: بعد صلاة العصر,
2- وقيل: إنه عصر النبي صلى الله عليه وسلم.
3- وقيل: هو الدهر كله، والتعبير بالعصر عن الدهر هو من باب التعبير بالجزء عن الكل، كقوله تعالى مثلا: (فتحرير رقبة) أي: عبدٍ كاملٍ.
وهذا القول أولى؛ لأنه يدخل فيه جميع ما تقدم.
- (إن الإنسان) أي: كل إنسانٍ، فـ (أل) فيه للاستغراق، فتفيد العموم.
ويدل لذلك الاستثناء الوارد بعدُ؛ فإن القاعدة عند الأصوليين: أن الاستثناءَ معيارُ العمومِ.
- (لفي خسر) أي: لفي خسارة.
- (إلا) أداة استثناء، وسيأتي الكلام على مسألة الإخراج بـ (إلا) عند الكلام على الأصل الثاني إن شاء الله تعالى,
- (إلا الذين آمنوا......) استثنى اللهُ تعالى ممن يخسَرُ ويهلَك من اتصف بأربع صفاتٍ:
1- (الذين آمنوا) ويدخل فيه العلم، لأن الإيمان تابع للعلم؛ إذْ لا يؤمن الإنسان بشيء يجهله، ففيه شاهد على المسألة الأولى,
2- (وعملوا الصالحات) والعمل الصالح هو ما تحقق فيه شرطان: الإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأدلةُ كُلٍّ منهما معروفة، وفي هذا شاهد على المسألة الثانية.
- تنبيه: ذكر الثعالبي في الجواهر الحسان -عند تفسير الآيات التي فيها الإيمان والعمل الصالح- أن في هذه دليلا على أن العمل لا يدخل في مسمى الإيمان، احتجاجا بالعطف، والأصل في العطف: أنه للمغايرة!!!!
وكلامه باطل، فإننا عندنا أدلة صريحة مستفيضة من الشرع على أن العمل من مسمى الإيمان، وعليه إجماع أهل السنة والجماعة، والآيات المذكورة محمولة على أنها من باب عطف الخاص على العام.
3- (وتواصوا بالحق) أي: وصَّى بعضهم بعضا بالحق، وهذا شاهد على المسألة الثالثة,
4- (وتواصوا بالصبر) أي: وصى بعضهم بعضا بالصبر، وهذا شاهد على المسألة الرابعة.
والعلم عند الله تعالى,
يُتبع...............
التوحيد الخالص
2011-09-13, 20:11
بارك الله فيك
بارك الله فيك
وفيكَ بارك الله.
- (قال الشافعي رحمه الله تعالى: لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم).
هذا الأثر، نقله الحافظ ابن كثيرٍ عن الشافعي بلفظ آخر وهو: (لو تفكر الناس في هذه السورة لكفتهم) أو (لوسعتهم) -أو قريبا من هذه العبارة-.
وهذه العبارة أولى؛ لوضوح المقصود منها.
بخلاف العبارة التي نقلها الإمام فهي موهمةٌ، ولكنْ لها وجه صحيح، كما ذكر ذلك العلامة ابن عثيمين في شرحه.
وتوجيه العبارة -على رواية الإمام- أن يُقال: إن قصدَ الشافعي رحمه الله بقوله: (لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم): أنها كافية للخلق في حثهم للتمسك بهذا الدين، لا أنها تكفي في تفاصيل الشرائع.
فإن المسلم إذا علم أنه لا ينجو من الخُسر إلا بالصفات الأربع وهي الإيمان -ويدخل فيها العلم- والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، فإنه سيسعى في تخليص نفسه من الهلاك والخسران، وذلك بتحصيل هذه الصفات الأربع، ولا يكون ذلك إلا باتباع ما أنزله الله في كتابه، وما جاء عن رسوله صلى الله عليه وسلم.
- (وقال البخاري رحمه الله تعالى: باب العلم قبل القول والعمل، والدليل قوله تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك)، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل).
- (بابٌ: العلم قبل القول والعمل) وهذه الترجمة في كتاب العلم من صحيحه.
- (والدليل قوله تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله)) أي: فاعلم أنه لا معبود بحق إلا الله.
- (واستغفر لذنبك) أي: اطلب المغفرةَ لذنبك من الله.
والمغفرة: مأخوذة من (الغَفْر) وهو الستر، ومنه سمي المِغفرُ كذلك: لأنه يستر الرأس من وقع السهام والسيوف ونحوها.
ومغفرة الله للذنب: سترُهُ، والتجاوز عنه.
- (فبدأ بالعلم) أي: في قوله: (فاعلم أنه لا إله إلا الله).
- (قبل القول والعمل) أي: في قوله: (واستغفر لذنبك).
- والذي رأيتُه في صحيح البخاري: (فبدأ بالعلم) اهــ، ولم أجد فيه (قبل القول والعمل)، ويُجاب عن عبارة الإمام التي نقلها عن البخاري بوجهين:
1- يحتمل أنه وقف على نسخة من نسخ البخاري فيها تلك الزيادة.
2- ويحتمل أنه زادها توضيحا، أو من باب الرواية بالمعنى، وإذا جازت الرواية بالمعنى في الحديث النبوي -عند الجماهير-، فجوازها في كلام أهل العلم من بابٍ أولى,.
انتهى الكلام على المسائل الأربع
والعلم عند الله تعالى
التوحيد الخالص
2011-09-13, 20:59
احسن الله اليك والل قد اجدت وافت غدا نكمل ان شاء الله
احسن الله اليك والله قد اجدت وافدت غدا نكمل ان شاء الله
جزاك الله خيرا
التوحيد الخالص
2011-09-13, 21:33
واياك جعل ما تقومين به في ميزان حسناتك وذخرا لك يوم القيامة
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-14, 08:57
برك الله فيك الأخت على هذه الفوائد المهمة وجزاك الله خيرا، وإنا متابعون
التوحيد الخالص
2011-09-14, 14:19
نكمل على بركة الله من قوله رحمه الله
اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّه يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، تَعَلُّمُ هَذِهِ الثَّلاثِ مَسَائِل، والْعَمَلُ بِهِنَّ:
الأُولَى:
أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا، وَرَزَقَنَا، وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلا، بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولاً، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيل﴾[المزمل: 15، 16].
التوحيد الخالص
2011-09-14, 14:20
المقدمة الثانية في باب ما يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمه من المسائل
قال رحمه الله تعالى: [اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه المسائل الثلاث والعمل بهن: الأولى: أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً، بل أرسل إلينا رسولاً، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، والدليل قوله تعالى: { إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً } [المزمل:15-16].
الثانية: أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، والدليل قوله تعالى: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً } [الجن:18].
الثالثة: أن من أطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حادَّ الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب، والدليل قوله تعالى: { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [المجادلة:22]].
هذه هي المقدمة الثانية التي قدم بها الشيخ رحمه الله ذكر الأصول الثلاثة، وهو ذكْره رحمه الله لمسائل يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها، وهو أيضاً بيان لأولى المراتب، في قوله: [الأولى: العلم] يعني: من أول ما يجب تعلمه على الإنسان هي هذه المراتب الثلاث التي ذكرها رحمه الله، حيث قال: [اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه المسائل الثلاث والعمل بهن ].
فليس العلم فحسب هو المطلوب، بل العلم والعمل معاً؛ لأن العمل هو المقصود.
التوحيد الخالص
2011-09-14, 14:21
الأولى: أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً
قال رحمه الله: [الأولى: أن الله خلقنا ورزقنا، ولم يتركنا هملاً، بل أرسل إلينا رسولاً، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار].
ثم ذكر الدليل على ذلك.
أما: أن الله خلقنا فلا يرتاب في ذلك مؤمن، بل هذا مما فطر الله عليه الناس، وهو من مستلزمات وأفراد توحيد الربوبية، فالواجب الإقرار بأن الله هو الخالق، ولا يوجد أحد يعارض في هذا؛ فإن الجميع مقرون بأن الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء، وكذلك الرزق، فهذا مما يجب الإقرار به في توحيد الربوبية؛ فإن توحيد الربوبية هو إفراد الله جل وعلا بالخلق والرزق والملك والتدبير، ودليل ذلك قوله تعالى: { قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ } [يونس:31]، فهذه الآية هي الدليل على أن توحيد الربوبية لا يثبت ولا يقر إلا بالإقرار بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق والرازق والمدبر، وهذا مما فطر الخلق عليه، وبدأ الشيخ رحمه الله به تمهيداً لما بعده، وإلا فلا معارضة ولا خلاف بين الناس في الإقرار بأن الله سبحانه وتعالى هو خالقهم ورازقهم ومالكهم ومدبرهم.
ثم قال: [ولم يتركنا هملاً] ثم بين وجه ذلك فقال: [بل أرسل إلينا رسلاً].
فإرسال الرسل دليل على عناية الله جل وعلا بخلقه، وأنه سبحانه وتعالى لم يتركهم هملاً لا يُقصَدُون بشيءٍ من العبادة، ولا يُطلب منهم شيء.
ثم بين ما الواجب تجاه من أرسلهم الله عز وجل فقال: [فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار]، والطاعة هنا المراد بها: الطاعة في الجملة، أي: في أصل ما جاءوا به، وأما في أفراد ما جاءوا به فمن أطاعهم دخل الجنة واستحقها، ومن عصاهم استحق النار، لكن قد يدخلها وقد لا يدخلها، أما في أصل ما جاءوا به من التوحيد فإنه من أطاعهم فيه دخل الجنة، ومن عصاهم فيه دخل النار كما دلت على ذلك الأدلة.
قال: [والدليل على هذا قوله تعالى: { إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً } [المزمل:15]، وهذا دليل على أن الله لم يتركنا هملاً، بل أرسل إلينا رسولاً، فقال: { إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً } [المزمل: 15]، والخطاب هنا لمشركي مكة الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وكذبوه وعاندوه، فخاطبهم الله بهذا الخطاب قائلاً: { إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً } [المزمل:15]، فهذا أمر ليس بجديد ولا محدث، ولستم ببدعٍ ممن سبق، بل جرت على هذا سنة الله أن يبعث إلى الناس من يدعوهم ويبصرهم بما يجب عليهم، وإنما نظَّر بفرعون لمشابهة مشركي مكة كفر فرعون؛ فإن فرعون كان كفره من جهتين: من جهة عبادة غير الله، ومن جهة الإباء والاستكبار، وكذلك الذين بُعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم من مشركي مكة؛ فإنهم كانوا يعبدون غير الله، وكانوا يأنفون ويستكبرون عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قال الله عنهم: { وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [الزخرف:31]، وذلك احتقاراً للنبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لم يكن من أعلى أشرافهم فيما زعموا، ثمّ قال تعالى: { فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً } [المزمل:16] أي: أخذاً شديداً ثقيلاً وهذا فيه التهديد لهم، وأنهم لن يتركوا هملاً، ولو كانوا متروكين هملاً لما أرسل إليهم رسولاً، ولما هددهم بهذا التهديد، وهو تهديد لكل من خالف الرسل فيما جاءوا به.
التوحيد الخالص
2011-09-15, 21:44
لا تبخلوا علينا من علمكم
لكن، لو أكملتَ المقدمة الثانية بمسائلها الثلاث...
التوحيد الخالص
2011-09-16, 09:55
الثَّانِيَةُ:
أَنَّ الله لا يَرْضَى أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُ أَحَدُ فِي عِبَادَتِهِ، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ﴾[الجن: 18].
الثَّالِثَةُ:
أَنَّ مَنْ أَطَاعَ الرَّسُولَ، وَوَحَّدَ اللهَ لا يَجُوزُ لَهُ مُوَالاةُ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ قَرِيبٍ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[المجادلة: 22].
اعْلَمْ أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ، أَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ. وَبِذَلِكَ أَمَرَ اللهُ جَمِيعَ النَّاسِ، وَخَلَقَهُمْ لَهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾[ الذاريات: 56]. وَمَعْنَى ﴿يَعْبُدُونِ﴾: يُوَحِّدُونِ، وَأَعْظَمُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ التَّوْحيِدُ، وَهُوَ: إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ. وَأَعْظَمُ مَا نَهَى عَنْه الشِّركُ، وَهُوَ: دَعْوَةُ غَيْرِهِ مَعَهُ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئ﴾[النساء: 35].
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَا الأُصُولُ الثَّلاثَةُ التِي يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ مَعْرِفَتُهَا؟
فَقُلْ: مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ، وَدِينَهُ، وَنَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
التوحيد الخالص
2011-09-16, 09:56
الثانية: أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته
قال رحمه الله تعالى: [الثانية -يعني: من المسائل التي يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها- أن الله لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد، لا ملك مقرب، ولا نبيّ مرسل، ودليل ذلك قوله تعالى: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً } [الجن:18]].
وجه الدلالة على أن الله لا يرضى بالشرك كائناً من كان المشرك به أن الله جل وعلا قال: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ } هذا من جهة، ومن جهة أخرى تأكيداً لهذا التوحيد قال: { فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً } فإثبات المساجد وهي محال العبادة لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، و تعقيب ذلك بالنهي عن دعاء غيره دليل على أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى أن يشرك معه غيره.
ويدل لذلك أيضاً قوله: { وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ } [الزمر:7] .
ودليل ذلك من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ) .
وهذا دليل على أنه سبحانه وتعالى لا يرضى أن يشرك معه أحد، لا ملك مقرب، ولا نبيّ مرسل، فضلاً عن أن يشرك معه الأشجار والأحجار والأصنام، فإذا كان لا يرضى أن يشرك معه ملك وهو من أشرف الخلق ومن الخلق الغيبي الذي نعلمه، ولا نبيٌّ مرسل وهم أشرف جنساً من بني آدم فكيف بالإشراك معه غيره ممن هو دونهم؟! لا شك أن الله سبحانه وتعالى لا يرضاه بل يبغضه، وقد قال الله جل وعلا في بيان عقوبة من وقع منه الشرك: { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } [المائدة:72]، وهذا فيه التهديد البليغ البين على هذا العمل، وفيه بيان عظم الشرك، وأنه أمر خطير كبير لا يرضاه الله، وإلا فلما توعد عليه بهذا الوعيد الشديد العظيم من تحريم الجنة والإخبار بدخول النار.
التوحيد الخالص
2011-09-16, 09:57
الثالثة: حرمة موالاة من حاد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
ثم قال رحمه الله في بيان المسألة الثالثة: أن من أطاع الرسول ووحد الله فلا يجوز له موالاة من حادّ الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب].
هذا من أصول الإيمان، فإن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، وذلك أنه إذا وقر الإيمان في قلب العبد أحب ما يحبه الله، وأبغض ما يبغضه الله سبحانه وتعالى؛ والله سبحانه وتعالى يحب التوحيد وأهله، ويبغض الشرك والكفر وأهله، فمن أحب أهل الشرك ووادّهم وتقرّب منهم فإنه قد حادّ الله سبحانه وتعالى، لقوله تعالى: { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [المائدة:51]، والموالاة مأخوذة في الأصل من: (ولي الشيء): إذا قرب منه والقرب يكون في الأصل بالقلب، ثم يتبعه قرب القول والعمل، والمنهي عنه هنا هو قرب القلب في المودة والمحبة، وقرب القول والعمل، { إلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً } [آل عمران:28]، وإلا من استثناهم الله عز وجل في قوله: { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [الممتحنة:8]؛ لأن هذا من جملة الإحسان الذي كتبه الله على كل شيء.
فالبر والقسط مع الكفار ليس من الموادّة والموالاة التي حرمت، وهذه مسألة مهمة يجب التنبه لها؛ لأن المنهي عنه هو موالاة القلب لا البر والإحسان فيمن استثناهم الله عز وجل في هذه الآية.
ثم قال المؤلف رحمه الله في الاستدلال على هذه المسألة: [والدليل -أي: الدليل على أنه لا يجوز موالاة من حادّ الله ورسوله ولو كان أقرب قريبٍ- قوله تعالى: { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } [المجادلة:22]، وافتتاح الآية بهذا النفي فيه التشويق إلى معرفة ما تضمنه قوله: { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } [المجادلة:22]، والمحادّة هي الممانعة والمضادة لله جل وعلا ولرسوله، { وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ } أي: ولو كان أولئك المحادون آباءهم، أو أبناءهم أو إخوانهم، أو عشيرتهم وهؤلاء متفاوتون في الصلة، إلا أنهم من أقرب من يتصل بهم الإنسان، وبدأ بمراتبهم الأقرب فالأقرب.
وقوله تعالى: (أولئك) المشار إليه هم الذين لا يوادّون هؤلاء، إذا كانوا محادّين لله ورسوله، قال تعالى: { أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ } أي: ثبت ورسخ في قلوبهم الإيمان، { وَأَيَّدَهُمْ } أي: قواهم وأمدهم.
{ بِرُوحٍ مِنْهُ } أي: بوحيه سبحانه وتعالى الذي به تثبت قلوبهم، وبعونه الذي يستطيعون به مواجهة هؤلاء.
فقوله تعالى: { بِرُوحٍ مِنْهُ } يشمل المدد بالوحي من الكتاب والسنة، ويشمل أيضاً العون والتأييد والتقوية والنصر، وقوله تعالى: { وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } [المجادلة:22]، هذا جزاؤهم؛ لأنهم قدموا محاب الله على ما تقتضيه طبائعهم، { رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ } [المجادلة:22]، فأضافهم إليه تشريفاً وتكريماً وإجلالاً لفعلهم، وكل ما يضيفه الله سبحانه وتعالى لنفسه مما ليس من صفاته إنما المقصود به التشريف والتكريم، وقد يضاف الشيء إضافة خلقٍ، ولكن هذا قليل.
قال تعالى: { ألا إن حزب الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ، والفلاح أجمع كلمةٍ للخير في لسان العرب، وهي حصول المطلوب والأمن من المرهوب، فيحصل لهؤلاء مطلوبهم ويأمنون مما يرهبونه ويخافونه في الدنيا والآخرة.
التوحيد الخالص
2011-09-16, 21:40
http://www.air.flyingway.com/airlogo/rose/7yakm.gif
التوحيد الخالص
2011-09-18, 09:35
http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcT8wxoY0JLMM7IFGgRZ9cGbnF-n7Rz8f-MQ0wG2qhw_Ge-6GhAXuw
التوحيد الخالص
2011-09-19, 10:21
http://montada.rasoulallah.net/uploads/monthly_03_2011/post-33282-0-22471700-1301508324.gif
- (اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه الثلاث مسائل والعمل بهن.....).
- (اعلم) كما سبق نظيره، الغرض منه التنبيه لا غير.
- (رحمك الله) هذا تلطف من الشيخ للتلميذ: أنه يُعلمه ويدعو له.
وفيه الإشارة إلى أن العلم مبناه على الرحمة.
- (أنه يجب على كل مسلم ومسلمة)، أي: وجوبا عينِيًّا.
وقوله: (على كل مسلم) يدخل فيه المسلمة أيضا، ولكن قوله: (ومسلمة) من باب عطف الخاص على العام؛ نص عليه لأجل أن لا يُتوَهَّـم اختصاص وجوب تعلم هذه المسائل بالرجال بدون النساء.
- (تعلم هذه الثلاث مسائل)، والمسائل: جمع (مسألة) وهي ما يُبرهَن عليه بالعلم -كما تقدم-.
وقوله: (هذه الثلاث مسائل) ليس لها مفهوم، بدليل أنه قال قبلُ: (أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل).
- (يجب على كل مسلم ومسلم)، نص الإمام على المسلمين؛ لا للاحتراز عن غيرهم، وإنما لأن المسلمين هم أهل الامتثال.
وإلا فإن الكفار مخاطبون بأصول الشريعة بالاتفاق، وفي مخاطبتهم بفروعها نزاع، وهذه المسائل التي ذكرها الشيخ هنا من أصول الدين.
- (والعمل بهن) أي: اعتقاد معاني هذه المسائل، وفعل ما تستلزمه من قول أو فعل.
- (الأولى: أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا، بل أرسل إلينا رسولا، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، والدليل قوله تعالى: (إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا، فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا)).
- (الأولى) من المسائل.
- (أن الله خلقنا.....) بدأ الإمام رحمه الله بهذه المسألة، وهي متعلقة بتوحيد الربوبية؛ لأن المقر بتوحيد الربوبية، يلزمه الإقرار بتوحيد الألوهية.
وهذه طريقة القرآن في ذكر توحيد الربوبية للإلزام بتوحيد الألوهية.
- (أن الله خلقنا)، والخلق في الأصل: هو التقدير، قال الشاعر:
ولأنتَ تَفْرِي ما خلقْــ ------ تَ وبعض الناس يخلق ثم لا يفري
فقوله: (يخلق ثم لا يفري) أي: يُقَدِّر في نفسه، ثم لا يُنفِّذ.
ثم استُعمل الخلق في الإيجاد المسبوق بتقدير.
- (أن الله خلقنا)، والأدلة على هذا كثيرة، شرعا وعقلا.
أما شرعا، فقال الله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون)، وقال تعالى: (خلق الإنسان من علق)، وقال: (الله خالق كل شيء).... وغير ذلك من الآيات.
وأما عقلا، فمن ذلك دليل السَّبْرِ والتقسيم، وقد ذكره الله في قوله تعالى: (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون)، فالقسمة ثلاثية: إما أنهم خلقوا أنفسهم، وهذا لا يمكن، لأنهم قبل وجودهم: عدم، والعدم ليس شيئا حتى يوجد شيئا، ولم يأتو صدفةً، لأن ما يكون مصادفة ليس له نظام، والإنسان في أحسن نظام.
وبقي الاحتمال الثالث، وهو أن الله خلقهم، وهذا هو المتعين.
- فائدة 1: هذا ليس دليلا عقليا محضا، بل هو دليل عقلي مستند إلى أدلة الشرع.
فائدة 2: القرآن الكريم والسنة النبوية احتوت على أدلة عقلية قوية، ينبغي توظيفها واستخراج مقاصدها عند الجدال والمناقشة.
وبعض الناس إذا رأى من يستدل على بعض الكفار بالأدلة الشرعية، يرميه بالجهل؛ إذْ إن الكافر لا يؤمن بالله فكيف يُستدل عليه بالقرآن، وهو لا يؤمن به!!! وهذا خطأ، لأن القرآن حوى أدلة عقلية دامغة، ثم إن القرآن نزل ابتداءً على المخالفين، ومع ذلك كان حجة عليهم.
يُتبع............
بارك الله فيكم جميعا
تسجيل متابعة
بارك الله فيكم جميعا
تسجيل متابعة
جزاك الله خيرا
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-26, 10:18
برك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir