مشاهدة النسخة كاملة : هات شرح الحدسث من الاربعين النووية
التوحيد الخالص
2011-09-08, 17:24
الحديثُ الأوَّلُ
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"إنّما الأعمال بالنّيات وإنّما لكلّ امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" رواه إماما المحدّثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاريّ، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيريّ النيسابوريّ في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
* عمر بن الخطاب هو أول من سمي بأمير المؤمني.
* قوله صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات" المراد به لا تحسب الأعمال الشرعية إلا بالنية، النية سرّ الأعمال.
* قوله صلى الله عليه وسلم: فهجرته إلى الله ورسوله معناه مقبولة.
التوحيد الخالص
2011-09-08, 17:24
كل واحد يعطي شرح لهذا الحديث والموضوع متجدد مع باقي الاحاديث
أذكر ما علق بذاكرتي مما قرأته من شروح أهل العلم، من باب المراجعة للعلم والمذاكرة له.
- عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ذكر النووي رحمه الله تعالى الأقسام الثلاثة للعلَــمِ: اللقب، الكنية، الاسم.
قال ابن مالك:
واسما أتى وكنية ولقبا ---- وأخرن ذا إن سواه صحبا
- أمير المؤمنين: لقب، وهو أول من لُقِّب به، قيل: إن الذي لقَّبه به المغيرة بن شعبة، وقيل غير ذلك، وفيه قصة.
- أبو حفص: كنية، والحفص: اسم من أسماء الأسد، لُقِّب بذلك لشجاعته رضي الله عنه، ولم يكن له ابنٌ يُسمَّى: حفصا؛ وفي هذا: جواز التكني بما ليس من أسماء ولده، وله نظائر كثيرة.
- عمر : اسم، وهو ممنوع من الصرف؛ للعلمية والعدل، وقد ذكر ابن هشام أن كل علَمٍ على وزن (فُعَل) فهو معدول عن (فاعل)، فـ (عُمَـرُ) معدولٌ عن (عَــامرٍ).
يُتبع......
قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (سمعتُ رسولَ الله)، فيه حذف مضاف، والتقدير: سمعتُ كلامَهُ أو صوتَه، ولا يُريد: سمعتُ ذاتَه، لأن الذات لا تُسمع.
- مسألة: اختلف المحدثون: هل يجوز تغيير الرسول بالنبي أو لا؟ يعني: إذا قال الراوي: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)، هل يجوز لراوي الحديث عنه أن يقول: (قال النبي صلى الله عليه وسلم)؟
خلاف، الأصح: الجواز.
قال الجلال السيوطي في ألفية الحديث:
وجاز أن يُبدل بالنبي ---- رسوله، والعكس في القوي
واستدل المانع بقصة البراء أو معاذ -الشك مني- في دعاء النوم، وفي الاستدلال به على هذه المسألة نظرٌ بيِّن. والله تعالى أعلم.
يُتبع ..............
التوحيد الخالص
2011-09-08, 18:34
بارك الله فيك وفي علمك ونفع بك
(إنما الأعمال بالنيات).
- إنما: أداة حصرٍ وقصر، والقصرُ عند البلاغيين: هو تخصيص أمر بأمر بطريق مخصوص، وقيل: هو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه، وفي نظرٌ، والصواب عند البلاغيين الأول، وأما الثاني: فهو قصرٌ لغوي، لا اصطلاحي.
- واختلفوا: هل (إنما): بسيطة أو مركبة، فقيل: هي بسيطة، هكذا وُضعت، وقيل مركبة من (إن)، و(ما)، والأقرب هو الثاني.
- (الأعمال): جمع عملٍ، فهو جمع محلًّى بأل الاستغراقية الدالة على العموم، أي: كل الأعمال، ويدخل في هذا: الأقوال والأفعال والاعتقادات.
ولكن النية، مع أنها عمل بهذا الاعتبار، إلا أنها لا تحتاج إلى نية؛ لأنه لو اشترطنا للنية: نيةً، لكان النية الثانية تحتاج إلى نيةٍ، وهذه النية إلى نية....... إلى ما لا نهاية، فيلزم الدور.
- (بالنيات): جمع (نيَّة)، بتشديد الياء وتخفيفها -لغتان-، والأشهر: التشديد.
وهي في الأصل: القصد، وفي الاصطلاح: قصد الشيء مقرونا بفعله.
- ولابد في هذه الجملة من تقدير بالإجماع -كما قال ابن دقيق-، ولكن اختلفوا في هذا التقدير:
1- فقيل: صحة الأعمال بالنيات، وهذا فيه إشكال، وذلك: أن الإنسان يأكل فيشبع، ولو لم ينو الشبع، ويشرب فيرتوي ولو لم ينو الرِّيّ.
فعلى هذا، لابد من تقييد (الأعمال): بكونها الأعمال التي يُشترط لها النية، فيكون لفظ (الأعمال) من العام الذي أُريد به الخصوص.
2- وقيل: كمال الأعمال بالنيات، وهذا يُشكل عليه: الأعمال التي تُشترط فيها نية، فلو صلى أحد ولم ينوِ، فصلاته صحيحة -لو أخذنا بظاهر هذا التقدير-، إلا أنها غير كاملة، وهذا خلاف ما عليه الفقهاء قاطبةً.
ويُمكن أن يُجمع بين القولين، فيُقال: إن صحة الأعمال بالنيات فيما تُشترط فيه النية، وكمالها بها فيما لا تُشترط فيه النية، والله تعالى أعلم، وكأن هذا القول اختاره الشيخ العلامة عطية محمد سالم رحمه الله تعالى.
3 - وقال بعض أهل العلم: إن قوله: (إنما الأعمال بالنيات) معناه: وجود الأعمال بالنيات، فلا يُوجد عمل إلا وله نية، واختاره الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، وقال -في معنى كلامه-: ومن هنا قال الفقهاء: لو كلَّفنا الله بعمل بلا نية، لكان من التكليف بما لا يُطاق.
وقيل في تقدير المحذوف غير ذلك.
والله تعالى أعلم.
يُتبع......
التوحيد الخالص
2011-09-08, 18:59
(إنما الأعمال بالنيات).
- إنما: أداة حصرٍ وقصر، والقصرُ عند البلاغيين: هو تخصيص أمر بأمر بطريق مخصوص، وقيل: هو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه، وفي نظرٌ، والصواب عند البلاغيين الأول، وأما الثاني: فهو قصرٌ لغوي، لا اصطلاحي.
- واختلفوا: هل (إنما): بسيطة أو مركبة، فقيل: هي بسيطة، هكذا وُضعت، وقيل مركبة من (إن)، و(ما)، والأقرب هو الثاني.
- (الأعمال): جمع عملٍ، فهو جمع محلًّى بأل الاستغراقية الدالة على العموم، أي: كل الأعمال، ويدخل في هذا: الأقوال والأفعال والاعتقادات.
ولكن النية، مع أنها عمل بهذا الاعتبار، إلا أنها لا تحتاج إلى نية؛ لأنه لو اشترطنا للنية: نيةً، لكان النية الثانية تحتاج إلى نيةٍ، وهذه النية إلى نية....... إلى ما لا نهاية، فيلزم الدور.
- (بالنيات): جمع (نيَّة)، بتشديد الياء وتخفيفها -لغتان-، والأشهر: التشديد.
وهي في الأصل: القصد، وفي الاصطلاح: قصد الشيء مقرونا بفعله.
- ولابد في هذه الجملة من تقدير بالإجماع -كما قال ابن دقيق-، ولكن اختلفوا في هذا التقدير:
1- فقيل: صحة الأعمال بالنيات، وهذا فيه إشكال، وذلك: أن الإنسان يأكل فيشبع، ولو لم ينو الشبع، ويشرب فيرتوي ولو لم ينو الرِّيّ.
فعلى هذا، لابد من تقييد (الأعمال): بكونها الأعمال التي يُشترط لها النية، فيكون لفظ (الأعمال) من العام الذي أُريد به الخصوص.
2- وقيل: كمال الأعمال بالنيات، وهذا يُشكل عليه: الأعمال التي تُشترط فيها نية، فلو صلى أحد ولم ينوِ، فصلاته صحيحة -لو أخذنا بظاهر هذا التقدير-، إلا أنها غير كاملة، وهذا خلاف ما عليه الفقهاء قاطبةً.
ويُمكن أن يُجمع بين القولين، فيُقال: إن صحة الأعمال بالنيات فيما تُشترط فيه النية، وكمالها بها فيما لا تُشترط فيه النية، والله تعالى أعلم، وكأن هذا القول اختاره الشيخ العلامة عطية محمد سالم رحمه الله تعالى.
3 - وقال بعض أهل العلم: إن قوله: (إنما الأعمال بالنيات) معناه: وجود الأعمال بالنيات، فلا يُوجد عمل إلا وله نية، واختاره الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، وقال -في معنى كلامه-: ومن هنا قال الفقهاء: لو كلَّفنا الله بعمل بلا نية، لكان من التكليف بما لا يُطاق.
وقيل في تقدير المحذوف غير ذلك.
والله تعالى أعلم.
يُتبع......http://www.air.flyingway.com/airlogo/rose/raaae3.gif
التوحيد الخالص
2011-09-08, 19:00
http://www.air.flyingway.com/airlogo/rose/raaae3.gif
جزاك الله خيرا على هذا التشجيع
التوحيد الخالص
2011-09-08, 19:31
اذا اكملنا هذا الحديث سننتقل الى الحديث الثاني
اذا اكملنا هذا الحديث سننتقل الى الحديث الثاني
نعم، إن شاء الله.
التوحيد الخالص
2011-09-08, 19:45
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب
المؤلف: عبد المحسن العباد
نبذة عنه:
قال الشيخ عبد المحسن العباد: قد كثرت شروح الأربعين للإمام النووي، وفيها المختصر والمطوَّل، وأوسع شروحها شرح ابن رجب الحنبلي رحمه الله، وقد رأيتُ شرح هذه الأربعين مع زيادة ابن رجب شرحاً متوسِّطاً قريباً من الاختصار، يشتمل شرح كلِّ حديث على فقرات، وفي ختامه ذكر شيء مِمَّا يُستفاد من الحديث، وقد استفدت في هذا الشرح من شروح النووي وابن دقيق العيد وابن رجب وابن عثيمين للأربعين، ومن فتح الباري لابن حجر العسقلاني، وسمَّيتُه: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله.
كتاب إلكتروني :
رابط التحميل : http://www.islamspirit.com/ebooks/click/go.php?id=26
__________________
- (وإنما لكل امرئ ما نوى).
هذه الجملة، قيل: إنها تأكيد للجملة التي قبلها.
والصحيح أنها ليست تأكيدا، بل هي تأسيسٌ لمعنى جديد.
فإنه لو اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على قوله: (إنما الأعمال بالنيات)، لفهمنا من الحديث جواز النيابة في كل شيء، فيجوز أن يصلي أحد الظهرَ -مثلا- عن آخر، بدليل: (إنما الأعمال بالنيات)، وهذا قد نوى أن يُصلِّيَ عن فلانٍ.
ولكن لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وإنما لكل امرئ ما نوى)، اي: له ما نواه هو، لا ما نُوِيَ عنه (هذا هو الأصل).
- اللام في قوله: (لكل) تحتمل الخير والشر، فهي للخير ظاهرة، وأما في الشر فتُحمَل على أنها بمعنى (على)، كما قال تعالى: (ومن أساء فلها) أي: عليها.
فيكون المعنى: لكل امرئ ما نوى من الخير، ولكل (اي: على كل) امرئ ما نوى من الشر.
- فائدة لغوية: كلمة (امرئ)، تتحرك الراءُ فيه بحسب حركة الهمزة، فتقول:
1- هذا امرُؤٌ، قال الله تعالى: (إنِ امرُؤٌ هلك).
2- رأيتُ امرَأً، قال تعالى: (ما كان أبوكِ امرَأَ سوء).
3- مررتُ بامرِئٍ، قال تعالى: (لكل امرئٍ منهم يومئذ شأن يغنيه).
والله تعالى أعلم.
يتبع.........
- (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله).
هذا تفريع على الجملة السابقة (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
- وفي هذه العبارة إشكال (فمن كانت هجرته.....)، وذلك لأن جوابَ الشرطَ لابد أن يختلف عن فعله، وإلا لما حصلت الفائدة، إذْ لا يصح -مثلا- أن يُقال: من قام قام، ومن أكل أكل، ومن هاجر هاجر.
والجواب عن هذا الإشكال على الوجه الآتي:
إن فعلَ الشرطِ وجوابَه مختلفان من حيث ما تعلقا به، والتقدير: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدا، فهجرته إلى الله ورسوله ثوابا وأجرا,
وإنما كُرِّر من باب التعظيم، كما في قوله تعالى: (فغشاها ما غشى) أي: شيء عظيم، يطول وصفُه.
- تنبيه: صح أن رجلا هاجر لأجل أن يتزوج امرأةً يقال لها أم قيس، فلُقِّب هذا الرجل بـ: مهاجر أم قيس، ولكن لم يصح أن هذا الحديث هو سبب لحديث: (إنما الأعمال بالنيات..).
والله تعالى أعلم.
التوحيد الخالص
2011-09-08, 19:56
شرح حديث انما الاعمال بالنيات (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721)
حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله : ( حدثنا الحميدي )
هو أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى , منسوب إلى حميد بن أسامة بطن من بني أسد بن عبد العزى بن قصي رهط خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم , يجتمع معها في أسد ويجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصي . وهو إمام كبير مصنف , رافق الشافعي في الطلب عن ابن عيينة وطبقته وأخذ عنه الفقه ورحل معه إلى مصر , ورجع بعد وفاته إلى مكة إلى أن مات بها سنة تسع عشرة ومائتين . فكأن البخاري امتثل قوله صلى الله عليه وسلم " قدموا قريشا " فافتتح كتابه بالرواية عن الحميدي لكونه أفقه قرشي أخذ عنه . وله مناسبة أخرى لأنه مكي كشيخه فناسب أن يذكر في أول ترجمة بدء الوحي لأن ابتداءه كان بمكة , ومن ثم ثنى بالرواية عن مالك لأنه شيخ أهل المدينة وهي تالية لمكة في نزول الوحي وفي جميع الفضل , ومالك وابن عيينة قرينان , قال الشافعي : لولاهما لذهب العلم من الحجاز .
قوله : ( حدثنا سفيان )
هو ابن عيينة بن أبي عمران الهلالي أبو محمد المكي , أصله ومولده الكوفة , وقد شارك مالكا في كثير من شيوخه وعاش بعده عشرين سنة , وكان يذكر أنه سمع من سبعين من التابعين .
قوله : ( عن يحيى بن سعيد )
في رواية غير أبي ذر : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري . اسم جده قيس بن عمرو وهو صحابي , ويحيى من صغار التابعين , وشيخه محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي من أوساط التابعين , وشيخ محمد علقمة بن وقاص الليثي من كبارهم , ففي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق . وفي المعرفة لابن منده ما ظاهره أن علقمة صحابي , فلو ثبت لكان فيه تابعيان وصحابيان , وعلى رواية أبي ذر يكون قد اجتمع في هذا الإسناد أكثر الصيغ التي يستعملها المحدثون , وهي التحديث والإخبار والسماع والعنعنة والله أعلم . وقد اعترض على المصنف في إدخاله (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) حديث (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) الأعمال هذا في ترجمة بدء الوحي وأنه لا تعلق له به أصلا , بحيث إن الخطابي في شرحه والإسماعيلي في مستخرجه أخرجاه قبل الترجمة لاعتقادهما أنه إنما أورده للتبرك به فقط , واستصوب أبو القاسم بن منده صنيع الإسماعيلي في ذلك , وقال ابن رشيد : لم يقصد البخاري بإيراده سوى بيان حسن نيته فيه في هذا التأليف , وقد تكلفت مناسبته للترجمة , فقال : كل بحسب ما ظهر له . انتهى . وقد قيل : إنه أراد أن يقيمه مقام الخطبة للكتاب ; لأن في سياقه أن عمر قاله على المنبر بمحضر الصحابة , فإذا صلح أن يكون في خطبة المنبر صلح أن يكون في خطبة الكتب . وحكى المهلب أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب به حين قدم المدينة مهاجرا , فناسب إيراده في بدء الوحي ; لأن الأحوال التي كانت قبل الهجرة كانت كالمقدمة لها لأن بالهجرة افتتح الإذن في قتال المشركين , ويعقبه النصر والظفر والفتح انتهى . وهذا وجه حسن , إلا أنني لم أر ما ذكره - من كونه صلى الله عليه وسلم - خطب به أول ما هاجر - منقولا . وقد وقع في باب ترك الحيل بلفظ : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يا أيها الناس إنما الأعمال بالنية " الحديث , ففي هذا إيماء إلى أنه كان في حال الخطبة , أما كونه كان في ابتداء قدومه إلى المدينة فلم أر ما يدل عليه , ولعل قائله استند إلى ما روي في قصة مهاجر أم قيس , قال ابن دقيق العيد : نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس , فلهذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما ينوى به , انتهى . وهذا لو صح لم يستلزم البداءة بذكره أول الهجرة النبوية . وقصة مهاجر أم قيس رواها سعيد من منصور قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : من هاجر يبتغي شيئا فإنما له ذلك , هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس فكان يقال له مهاجر أم قيس ورواه الطبراني من طريق أخرى عن الأعمش بلفظ : كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها , فكنا نسميه مهاجر أم قيس . وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , لكن ليس فيه أن (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) حديث (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) الأعمال سيق بسبب ذلك , ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك . وأيضا فلو أراد البخاري إقامته مقام الخطبة فقط أو الابتداء به تيمنا وترغيبا في الإخلاص لكان ساقه قبل الترجمة كما قال الإسماعيلي وغيره ونقل ابن بطال عن أبي عبد الله بن النجار قال : التبويب يتعلق بالآية والحديث معا ; لأن الله تعالى أوحى إلى الأنبياء ثم إلى محمد صلى الله عليه وسلم أن الأعمال (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) بالنيات (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) لقوله تعالى { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } .
وقال أبو العالية في قوله تعالى { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا } قال وصاهم بالإخلاص في عبادته . وعن أبي عبد الملك البوني قال : مناسبة الحديث للترجمة أن بدء الوحي كان بالنية ; لأن الله تعالى فطر محمدا على التوحيد وبغض إليه الأوثان ووهب له أول أسباب النبوة وهي الرؤيا الصالحة , فلما رأى ذلك أخلص إلى الله في ذلك فكان يتعبد بغار حراء فقبل الله عمله وأتم له النعمة . وقال المهلب ما محصله : قصد البخاري الإخبار عن حال النبي صلى الله عليه وسلم في حال منشئه وأن الله بغض إليه الأوثان وحبب إليه خلال الخير ولزوم الوحدة فرارا من قرناء السوء , فلما لزم ذلك أعطاه الله على قدر نيته ووهب له النبوة كما يقال الفواتح عنوان الخواتم . ولخصه بنحو من هذا القاضي أبو بكر بن العربي .
وقال ابن المنير في أول التراجم : كان مقدمة النبوة في حق النبي صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى الله تعالى بالخلوة في غار حراء فناسب الافتتاح بحديث الهجرة . ومن المناسبات البديعة الوجيزة ما تقدمت الإشارة إليه أن الكتاب لما كان موضوعا لجمع وحي السنة صدره ببدء الوحي , ولما كان الوحي لبيان الأعمال الشرعية صدره بحديث الأعمال , ومع هذه المناسبات لا يليق الجزم بأنه لا تعلق له بالترجمة أصلا . والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . وقد تواتر النقل عن الأئمة في تعظيم قدر هذا الحديث : قال أبو عبد الله : ليس في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة من هذا الحديث . واتفق عبد الرحمن بن مهدي والشافعي فيما نقله البويطي عنه وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني وأبو داود والترمذي والدارقطني وحمزة الكناني على أنه ثلث الإسلام , ومنهم من قال ربعه , واختلفوا في تعيين الباقي . وقال ابن مهدي أيضا : يدخل في ثلاثين بابا من العلم , وقال الشافعي : يدخل في سبعين بابا , ويحتمل أن يريد بهذا العدد المبالغة . وقال عبد الرحمن بن مهدي أيضا : ينبغي أن يجعل هذا الحديث رأس كل باب . ووجه البيهقي كونه ثلث العلم بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه , فالنية أحد أقسامها الثلاثة وأرجحها ; لأنها قد تكون عبادة مستقلة وغيرها يحتاج إليها , ومن ثم ورد : نية المؤمن خير من عمله , فإذا نظرت إليها كانت خير الأمرين . وكلام الإمام أحمد يدل على أنه بكونه ثلث العلم أنه أراد أحد القواعد الثلاثة التي ترد إليها جميع الأحكام عنده , وهي هذا و " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " و " الحلال بين والحرام بين " الحديث . ثم إن هذا الحديث متفق على صحته أخرجه الأئمة المشهورون إلا الموطأ , ووهم من زعم أنه في الموطأ مغترا بتخريج الشيخين له والنسائي من طريق مالك , وقال أبو جعفر الطبري : قد يكون هذا الحديث على طريقة بعض الناس مردودا لكونه فردا ; لأنه لا يروى عن عمر إلا من رواية علقمة , ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من رواية يحيى بن سعيد , وهو كما قال , فإنه إنما اشتهر عن يحيى بن سعيد وتفرد به من فوقه وبذلك جزم الترمذي والنسائي والبزار وابن السكن وحمزة بن محمد الكناني , وأطلق الخطابي نفي الخلاف بين أهل الحديث في أنه لا يعرف إلا بهذا الإسناد , وهو كما قال لكن بقيدين :
أحدهما : الصحة لأنه ورد من طرق معلولة ذكرها الدارقطني وأبو القاسم بن منده وغيرهما .
ثانيهما : السياق لأنه ورد في معناه عدة أحاديث صحت في مطلق النية كحديث عائشة وأم سلمة عند مسلم " يبعثون على نياتهم " , وحديث ابن عباس " ولكن جهاد ونية " , وحديث أبي موسى " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " متفق عليهما , وحديث ابن مسعود " رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته " أخرجه أحمد , وحديث عبادة " من غزا وهو لا ينوي إلا عقالا فله ما نوى " أخرجه النسائي , إلى غير ذلك مما يتعسر حصره , وعرف بهذا التقرير غلط من زعم أن (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) حديث (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) عمر متواتر , إلا إن حمل على التواتر المعنوي فيحتمل . نعم قد تواتر عن يحيى بن سعيد : فحكى محمد بن علي بن سعيد النقاش الحافظ أنه رواه عن يحيى مائتان وخمسون نفسا , وسرد أسماءهم أبو القاسم بن منده فجاوز الثلثمائة , وروى أبو موسى المديني عن بعض مشايخه مذاكرة عن الحافظ أبي إسماعيل الأنصاري الهروي قال : كتبته من (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) حديث (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) سبعمائة من أصحاب يحيى . قلت : وأنا أستبعد صحة هذا , فقد تتبعت طرقه من الروايات المشهورة والأجزاء المنثورة منذ طلبت الحديث إلى وقتي هذا فما قدرت على تكميل المائة , وقد تتبعت طرق غيره فزادت على ما نقل عمن تقدم , كما سيأتي مثال لذلك في الكلام على (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) حديث (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) ابن عمر في غسل الجمعة إن شاء الله تعالى .
قوله : ( على المنبر )
بكسر الميم , واللام للعهد , أي منبر المسجد النبوي , ووقع في رواية حماد بن زيد عن يحيى في ترك الحيل : سمعت عمر يخطب .
قوله : ( إنما الأعمال (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) بالنيات (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) )
كذا أورد هنا , وهو من مقابلة الجمع بالجمع , أي كل عمل بنيته . وقال الخوبي كأنه أشار بذلك إلى أن النية تتنوع كما تتنوع الأعمال كمن قصد بعمله وجه الله أو تحصيل موعوده أو الاتقاء لوعيده . ووقع في معظم الروايات بإفراد النية , ووجهه أن محل النية القلب وهو متحد فناسب إفرادها . بخلاف الأعمال فإنها متعلقة بالظواهر وهي متعددة فناسب جمعها ; ولأن النية ترجع إلى الإخلاص وهو واحد للواحد الذي لا شريك له . ووقعت في صحيح ابن حبان بلفظ " الأعمال (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) بالنيات (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) " بحذف " إنما " وجمع الأعمال والنيات , وهي ما وقع في كتاب الشهاب للقضاعي ووصله في مسنده كذلك , وأنكره أبو موسى المديني كما نقله النووي وأقره , وهو متعقب برواية ابن حبان , بل وقع في رواية مالك عن يحيى عند البخاري في كتاب الإيمان بلفظ " الأعمال بالنية " , وكذا في العتق من رواية الثوري , وفي الهجرة من رواية حماد بن زيد , ووقع عنده في النكاح بلفظ " العمل بالنية " بإفراد كل منهما . والنية بكسر النون وتشديد التحتانية على المشهور , وفي بعض اللغات بتخفيفها . قال الكرماني قوله " إنما الأعمال (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) بالنيات (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) " هذا التركيب يفيد الحصر عند المحققين , واختلف في وجه إفادته فقيل لأن الأعمال جمع محلى بالألف واللام مفيد للاستغراق , وهو مستلزم للقصر لأن معناه كل عمل بنية فلا عمل إلا بنية , وقيل لأن إنما للحصر , وهل إفادتها له بالمنطوق أو بالمفهوم , أو تفيد الحصر بالوضع أو العرف , أو تفيده بالحقيقة أو بالمجاز ؟ ومقتضى كلام الإمام وأتباعه أنها تفيده بالمنطوق وضعا حقيقيا , بل نقله شيخنا شيخ الإسلام عن جميع أهل الأصول من المذاهب الأربعة إلا اليسير كالآمدي , وعلى العكس من ذلك أهل العربية , واحتج بعضهم بأنها لو كانت للحصر لما حسن إنما قام زيد في جواب هل قام عمرو , أجيب بأنه يصح أنه يقع في مثل هذا الجواب ما قام إلا زيد وهي للحصر اتفاقا , وقيل : لو كانت للحصر لاستوى إنما قام زيد مع ما قام إلا زيد , ولا تردد في أن الثاني أقوى من الأول , وأجيب بأنه لا يلزم من هذه القوة نفي الحصر فقد يكون أحد اللفظين أقوى من الآخر مع اشتراكهما في أصل الوضع كسوف والسين , وقد وقع استعمال إنما موضع استعمال النفي والاستثناء كقوله تعالى ( إنما تجزون ما كنتم تعملون ) وكقوله : ( وما تجزون إلا ما كنتم تعملون ) وقوله : ( إنما على رسولنا البلاغ المبين ) وقوله : ( ما على الرسول إلا البلاغ ) ومن شواهده قول الأعشى : ولست بالأكثر منهم حصى وإنما العزة للكاثر يعني ما ثبتت العزة إلا لمن كان أكثر حصى . واختلفوا : هل هي بسيطة أو مركبة , فرجحوا الأول , وقد يرجح الثاني , ويجاب عما أورد عليه من قولهم إن " إن " للإثبات و " ما " للنفي فيستلزم اجتماع المتضادين على صدد واحد بأن يقال مثلا : أصلهما كان للإثبات والنفي , لكنهما بعد التركيب لم يبقيا على أصلهما بل أفادا شيئا آخر , أشار إلى ذلك الكرماني قال : وأما قول من قال إفادة هذا السياق للحصر من جهة أن فيه تأكيدا بعد تأكيد وهو المستفاد من إنما ومن الجمع , فتعقب بأنه من باب إيهام العكس ; لأن قائله لما رأى أن الحصر فيه تأكيد على تأكيد ظن أن كل ما وقع كذلك يفيد الحصر . وقال ابن دقيق العيد : استدل على إفادة إنما للحصر بأن ابن عباس استدل على أن الربا لا يكون إلا في النسيئة بحديث " إنما الربا في النسيئة " , وعارضه جماعة من الصحابة في الحكم ولم يخالفوه في فهمه فكان كالاتفاق منهم على أنها تفيد الحصر . وتعقب باحتمال أن يكونوا تركوا المعارضة بذلك تنزلا . وأما من قال : يحتمل أن يكون اعتمادهم على قوله " لا ربا إلا في النسيئة " لورود ذلك في بعض طرق الحديث المذكور , فلا يفيد ذلك في رد إفادة الحصر , بل يقويه ويشعر بأن مفاد الصيغتين عندهم واحد , وإلا لما استعملوا هذه موضع هذه . وأوضح من هذا (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) حديث (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) " إنما الماء من الماء " فإن الصحابة الذين ذهبوا إليه لم يعارضهم الجمهور في فهم الحصر منه , وإنما عارضهم في الحكم من أدلة أخرى كحديث " إذا التقى الختانان " وقال ابن عطية : إنما لفظ لا يفارقه المبالغة والتأكيد حيث وقع , ويصلح مع ذلك للحصر إن دخل في قصة ساعدت عليه , فجعل وروده للحصر مجازا يحتاج إلى قرينة , وكلام غيره على العكس من ذلك وأن أصل ورودها للحصر , لكن قد يكون في شيء مخصوص كقوله تعالى ( إنما الله إله واحد ) فإنه سيق باعتبار منكري الوحدانية , وإلا فلله سبحانه صفات أخرى كالعلم والقدرة , وكقوله تعالى ( إنما أنت منذر ) فإنه سيق باعتبار منكري الرسالة , وإلا فله صلى الله عليه وسلم صفات أخرى كالبشارة , إلى غير ذلك من الأمثلة . وهي - فيما يقال - السبب في قول من منع إفادتها للحصر مطلقا .
( تكميل ) :
الأعمال تقتضي عاملين , والتقدير : الأعمال الصادرة من المكلفين , وعلى هذا هل تخرج أعمال الكفار ؟ الظاهر الإخراج ; لأن المراد بالأعمال أعمال العبادة وهي لا تصح من الكافر وإن كان مخاطبا بها معاقبا على تركها ولا يرد العتق والصدقة لأنهما بدليل آخر .
قوله : ( (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) بالنيات (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) ) الباء للمصاحبة , ويحتمل أن تكون للسببية بمعنى أنها مقومة للعمل فكأنها سبب في إيجاده , وعلى الأول فهي من نفس العمل فيشترط أن لا تتخلف عن أوله . قال النووي : النية القصد , وهي عزيمة القلب . وتعقبه الكرماني بأن عزيمة القلب قدر زائد على أصل القصد . واختلف الفقهاء هل هي ركن أو شرط ؟ والمرجح أن إيجادها ذكرا في أول العمل ركن , واستصحابها حكما بمعنى أن لا يأتي بمناف شرعا شرط . ولا بد من محذوف يتعلق به الجار والمجرور , فقيل تعتبر وقيل تكمل وقيل تصح وقيل تحصل وقيل تستقر . قال الطيبي : كلام الشارع محمول على بيان الشرع ; لأن المخاطبين بذلك هم أهل اللسان , فكأنهم خوطبوا بما ليس لهم به علم إلا من قبل الشارع , فيتعين الحمل على ما يفيد الحكم الشرعي . وقال البيضاوي : النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقا لغرض من جلب نفع أو دفع ضر حالا أو مآلا , والشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضاء الله وامتثال حكمه . والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي ليحسن تطبيقه على ما بعده وتقسيمه أحوال المهاجر , فإنه تفصيل لما أجمل , والحديث متروك الظاهر لأن الذوات غير منتفية , إذ التقدير : لا عمل إلا بالنية , فليس المراد نفي ذات العمل لأنه قد يوجد بغير نية , بل المراد نفي أحكامها كالصحة والكمال , لكن الحمل على نفي الصحة أولى لأنه أشبه بنفي الشيء نفسه ; ولأن اللفظ دل على نفي الذات بالتصريح وعلى نفي الصفات بالتبع , فلما منع الدليل نفي الذات بقيت دلالته على نفي الصفات مستمرة . وقال شيخنا شيخ الإسلام : الأحسن تقدير ما يقتضي أن الأعمال تتبع النية , لقوله في الحديث " فمن كانت هجرته " إلى آخره . وعلى هذا يقدر المحذوف كونا مطلقا من اسم فاعل أو فعل . ثم لفظ العمل يتناول فعل الجوارح حتى اللسان فتدخل الأقوال . قال ابن دقيق العيد : وأخرج بعضهم الأقوال وهو بعيد , ولا تردد عندي في أن الحديث يتناولها . وأما التروك فهي وإن كانت فعل كف لكن لا يطلق عليها لفظ العمل . وقد تعقب على من يسمي القول عملا لكونه عمل اللسان , بأن من حلف لا يعمل عملا فقال قولا لا يحنث . وأجيب بأن مرجع اليمين إلى العرف , والقول لا يسمى عملا في العرف ولهذا يعطف عليه . والتحقيق أن القول لا يدخل في العمل حقيقة ويدخل مجازا , وكذا الفعل , لقوله تعالى ( ولو شاء ربك ما فعلوه ) بعد قوله : ( زخرف القول ) . وأما عمل القلب كالنية فلا يتناولها الحديث لئلا يلزم التسلسل , والمعرفة : وفي تناولها نظر , قال بعضهم : هو محال لأن النية قصد المنوي , وإنما يقصد المرء ما يعرف فيلزم أن يكون عارفا قبل المعرفة . وتعقبه شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني بما حاصله : إن كان المراد بالمعرفة مطلق الشعور فمسلم , وإن كان المراد النظر في الدليل فلا ; لأن كل ذي عقل يشعر مثلا بأن له من يدبره , فإذا أخذ في النظر في الدليل عليه ليتحققه لم تكن النية حينئذ محالا . وقال ابن دقيق العيد : الذين اشترطوا النية قدروا صحة الأعمال , والذين لم يشترطوها قدروا كمال الأعمال , ورجح الأول بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة من الكمال فالحمل عليها أولى . وفي هذا الكلام إيهام أن بعض العلماء لا يرى باشتراط النية , وليس الخلاف بينهم في ذلك إلا في الوسائل , وأما المقاصد فلا اختلاف بينهم في اشتراط النية لها , ومن ثم خالف الحنفية في اشتراطها للوضوء , وخالف الأوزاعي في اشتراطها في التيمم أيضا . نعم بين العلماء اختلاف في اقتران النية بأول العمل كما هو معروف في مبسوطات الفقه .
( تكميل ) :
الظاهر أن الألف واللام في النيات معاقبة للضمير , والتقدير الأعمال بنياتها , وعلى هذا فيدل على اعتبار نية العمل من كونه مثلا صلاة أو غيرها , ومن كونها فرضا أو نفلا , ظهرا مثلا أو عصرا , مقصورة أو غير مقصورة وهل يحتاج في مثل هذا إلى تعيين العدد ؟ فيه بحث . والراجح الاكتفاء بتعيين العبادة التي لا تنفك عن العدد المعين , كالمسافر مثلا ليس له أن يقصر إلا بنية القصر , لكن لا يحتاج إلى نية ركعتين لأن ذلك هو مقتضى القصر والله أعلم .
قوله : ( وإنما لكل امرئ ما نوى )
قال القرطبي : فيه تحقيق لاشتراط النية والإخلاص في الأعمال , فجنح إلى أنها مؤكدة , وقال غيره : بل تفيد غير ما أفادته الأولى ; لأن الأولى نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها , فيترتب الحكم على ذلك , والثانية أفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه وقال ابن دقيق العيد : الجملة الثانية تقتضي أن من نوى شيئا يحصل له - يعني إذا عمله بشرائطه - أو حال دون عمله له ما يعذر شرعا بعدم عمله وكل ما لم ينوه لم يحصل له . ومراده بقوله " ما لم ينوه " أي لا خصوصا ولا عموما , أما إذا لم ينو شيئا مخصوصا لكن كانت هناك نية عامة تشمله فهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء . ويتخرج عليه من المسائل ما لا يحصى . وقد يحصل غير المنوي لمدرك آخر كمن دخل المسجد فصلى الفرض أو الراتبة قبل أن يقعد فإنه يحصل له تحية المسجد نواها أو لم ينوها ; لأن القصد بالتحية شغل البقعة وقد حصل , وهذا بخلاف من اغتسل يوم الجمعة عن الجنابة فإنه لا يحصل له غسل الجمعة على الراجح ; لأن غسل الجمعة ينظر فيه إلى التعبد لا إلى محض التنظيم فلا بد فيه من القصد إليه , بخلاف تحية المسجد والله أعلم . وقال النووي : أفادت الجملة الثانية اشتراط تعيين المنوي كمن عليه صلاة فائتة لا يكفيه أن ينوي الفائتة فقط حتى يعينها ظهرا مثلا أو عصرا , ولا يخفى أن محله ما إذا لم تنحصر الفائتة . وقال ابن السمعاني في أماليه : أفادت أن الأعمال الخارجة عن العبادة لا تفيد الثواب إلا إذا نوى بها فاعلها القربة , كالأكل إذا نوى به القوة على الطاعة . وقال غيره : أفادت أن النيابة لا تدخل في النية , فإن ذلك هو الأصل , فلا يرد مثل نية الولي عن الصبي ونظائره فإنها على خلاف الأصل . وقال ابن عبد السلام : الجملة الأولى لبيان ما يعتبر من الأعمال , والثانية لبيان ما يترتب عليها . وأفاد أن النية إنما تشترط في العبادة التي لا تتميز بنفسها , وأما ما يتميز بنفسه فإنه ينصرف بصورته إلى ما وضع له كالأذكار والأدعية والتلاوة لأنها لا تتردد بين العبادة والعادة . ولا يخفى أن ذلك إنما هو بالنظر إلى أصل الوضع , أما ما حدث فيه عرف كالتسبيح للتعجب فلا , ومع ذلك فلو قصد بالذكر القربة إلى الله تعالى لكان أكثر ثوابا , ومن ثم قال الغزالي : حركة اللسان بالذكر مع الغفلة عنه تحصل الثواب ; لأنه خير من حركة اللسان بالغيبة , بل هو خير من السكوت مطلقا , أي المجرد عن التفكر . قال : وإنما هو ناقص بالنسبة إلى عمل القلب انتهى . ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم " في بضع أحدكم صدقة " ثم قال في الجواب عن قولهم " أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر ؟ " : " أرأيت لو وضعها في حرام " . وأورد على إطلاق الغزالي أنه يلزم منه أن المرء يثاب على فعل مباح لأنه خير من فعل الحرام , وليس ذلك مراده . وخص من عموم الحديث ما يقصد حصوله في الجملة فإنه لا يحتاج إلى نية تخصه كتحية المسجد كما تقدم , وكمن مات زوجها فلم يبلغها الخبر إلا بعد مدة العدة فإن عدتها تنقضي ; لأن المقصود حصول براءة الرحم وقد وجدت , ومن ثم لم يحتج المتروك إلى نية . ونازع الكرماني في إطلاق الشيخ محيي الدين كون المتروك لا يحتاج إلى نية بأن الترك فعل وهو كف النفس , وبأن التروك إذا أريد بها تحصيل الثواب بامتثال أمر الشارع فلا بد فيها من قصد الترك , وتعقب بأن قوله " الترك فعل " مختلف فيه , ومن حق المستدل على المانع أن يأتي بأمر متفق عليه . وأما استدلاله الثاني فلا يطابق المورد ; لأن المبحوث فيه هل تلزم النية في التروك بحيث يقع العقاب بتركها ؟ والذي أورده هل يحصل الثواب بدونها ؟ والتفاوت بين المقامين ظاهر . والتحقيق أن الترك المجرد لا ثواب فيه , وإنما يحصل الثواب بالكف الذي هو فعل النفس , فمن لم تخطر المعصية بباله أصلا ليس كمن خطرت فكف نفسه عنها خوفا من الله تعالى , فرجع الحال إلى أن الذي يحتاج إلى النية هو العمل بجميع وجوهه , لا الترك المجرد . والله أعلم .
( تنبيه ) :
قال الكرماني : إذا قلنا إن تقديم الخبر على المبتدأ يفيد القصر ففي قوله " وإنما لكل امرئ ما نوى " نوعان من الحصر : قصر المسند على المسند إليه إذ المراد إنما لكل امرئ ما نواه , والتقديم المذكور .
قوله : ( فمن كانت هجرته إلى دنيا )
كذا وقع في جميع الأصول التي اتصلت لنا عن البخاري بحذف أحد وجهي التقسيم وهو قوله " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله إلخ " قال الخطابي : وقع هذا الحديث في روايتنا وجميع نسخ أصحابنا مخروما قد ذهب شطره , ولست أدري كيف وقع هذا الإغفال , ومن جهة من عرض من رواته ؟ فقد ذكره البخاري من غير طريق الحميدي مستوفى , وقد رواه لنا الأثبات من طريق الحميدي تاما , ونقل ابن التين كلام الخطابي مختصرا وفهم من قوله مخروما أنه قد يريد أن في السند انقطاعا فقال من قبل نفسه لأن البخاري لم يلق الحميدي , وهو مما يتعجب من إطلاقه مع قول البخاري " حدثنا الحميدي " وتكرار ذلك منه في هذا الكتاب , وجزم كل من ترجمه بأن الحميدي من شيوخه في الفقه والحديث , وقال ابن العربي في مشيخته : لا عذر للبخاري في إسقاطه لأن الحميدي شيخه فيه قد رواه في مسنده على التمام . قال : وذكر قوم أنه لعله استملاه من حفظ الحميدي فحدثه هكذا فحدث عنه كما سمع أو حدثه به تاما فسقط من حفظ البخاري . قال : وهو أمر مستبعد جدا عند من اطلع على أحوال القوم . وقال الداودي الشارح : الإسقاط فيه من البخاري فوجوده في رواية شيخه وشيخ شيخه يدل على ذلك انتهى . وقد رويناه من طريق بشر بن موسى وأبي إسماعيل الترمذي وغير واحد عن الحميدي تاما , وهو في مصنف قاسم بن أصبغ ومستخرجي أبي نعيم وصحيح أبي عوانة من طريق الحميدي , فإن كان الإسقاط من غير البخاري فقد يقال : لم اختار الابتداء بهذا السياق الناقص ؟ والجواب قد تقدمت الإشارة إليه , وأنه اختار الحميدي لكونه أجل مشايخه المكيين إلى آخر ما تقدم في ذلك من المناسبة , وإن كان الإسقاط منه فالجواب ما قاله أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الحافظ في أجوبة له على البخاري : إن أحسن ما يجاب به هنا أن يقال : لعل البخاري قصد أن يجعل لكتابه صدرا يستفتح به على ما ذهب إليه كثير من الناس من استفتاح كتبهم بالخطب المتضمنة لمعاني ما ذهبوا إليه من التأليف , فكأنه ابتدأ كتابه بنية رد علمها إلى الله , فإن علم منه أنه أراد الدنيا أو عرض إلى شيء من معانيها فسيجزيه بنيته . ونكب عن أحد وجهي التقسيم مجانبة للتزكية التي لا يناسب ذكرها في ذلك المقام . انتهى ملخصا . وحاصله أن الجملة المحذوفة تشعر بالقربة المحضة , والجملة المبقاة تحتمل التردد بين أن يكون ما قصده يحصل القربة أو لا , فلما كان المصنف كالمخبر عن حال نفسه في تصنيفه هذا بعبارة هذا الحديث حذف الجملة المشعرة بالقربة المحضة فرارا من التزكية , وبقيت الجملة المترددة المحتملة تفويضا للأمر إلى ربه المطلع على سريرته المجازي له بمقتضى نيته . ولما كانت عادة المصنفين أن يضمنوا الخطب اصطلاحهم في مذاهبهم واختياراتهم , وكان من رأي المصنف جواز اختصار الحديث والرواية بالمعنى والتدقيق في الاستنباط وإيثار الأغمض على الأجلى وترجيح الإسناد الوارد بالصيغ المصرحة بالسماع على غيره , استعمل جميع ذلك في هذا الموضع بعبارة هذا الحديث متنا وإسنادا . وقد وقع في رواية حماد بن زيد في باب الهجرة تأخر قوله " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله " عن قوله " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها " , فيحتمل أن تكون رواية الحميدي وقعت عند البخاري كذلك فتكون الجملة المحذوفة هي الأخيرة كما جرت به عادة من يقتصر على بعض الحديث . وعلى تقدير أن لا يكون ذلك فهو مصير من البخاري إلى جواز الاختصار في الحديث ولو من أثنائه . وهذا هو الراجح , والله أعلم . وقال الكرماني في غير هذا الموضع : إن كان الحديث عند البخاري تاما لم خرمه في صدر الكتاب , مع أن الخرم مختلف في جوازه ؟ قلت : لا جزم بالخرم ; لأن المقامات مختلفة , فلعله - في مقام بيان أن الإيمان بالنية واعتقاد القلب - سمع الحديث تاما , وفي مقام أن الشروع في الأعمال إنما يصح بالنية سمع ذلك القدر الذي روي . ثم الخرم يحتمل أن يكون من بعض شيوخ البخاري لا منه , ثم إن كان منه فخرمه ثم لأن المقصود يتم بذلك المقدار . فإن قلت : فكان المناسب أن يذكر عند الخرم الشق الذي يتعلق بمقصوده , وهو أن النية ينبغي أن تكون لله ورسوله . قلت : لعله نظر إلى ما هو الغالب الكثير بين الناس . انتهى . وهو كلام من لم يطلع على شيء من أقوال من قدمت ذكره من الأئمة على هذا الحديث , ولا سيما كلام ابن العربي . وقال في موضع آخر : إن إيراد الحديث تاما تارة وغير تام تارة إنما هو اختلاف الرواة , فكل منهم قد روى ما سمعه فلا خرم من أحد , ولكن البخاري يذكرها في المواضع التي يناسب كلا منها بحسب الباب الذي يضعه ترجمة له , انتهى وكأنه لم يطلع على (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) حديث (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) أخرجه البخاري بسند واحد من ابتدائه إلى انتهائه فساقه في موضع تاما وفي موضع مقتصرا على بعضه , وهو كثير جدا في الجامع الصحيح , فلا يرتاب من يكون الحديث صناعته أن ذلك من تصرفه ; لأنه عرف بالاستقراء من صنيعه أنه لا يذكر الحديث الواحد في موضع على وجهين , بل إن كان له أكثر من سند على شرطه ذكره في الموضع الثاني بالسند الثاني وهكذا ما بعده , وما لم يكن على شرطه يعلقه في الموضع الآخر تارة بالجزم إن كان صحيحا وتارة بغيره إن كان فيه شيء , وما ليس له إلا سند واحد يتصرف في متنه بالاقتصار على بعضه بحسب ما يتفق , ولا يوجد فيه (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) حديث (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) واحد مذكور بتمامه سندا ومتنا في موضعين أو أكثر إلا نادرا , فقد عني بعض من لقيته بتتبع ذلك فحصل منه نحو عشرين موضعا .
قوله : ( هجرته ) الهجرة : الترك , والهجرة إلى الشيء : الانتقال إليه عن غيره . وفي الشرع : ترك ما نهى الله عنه . وقد وقعت في الإسلام على وجهين : الأول الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في هجرتي الحبشة وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة , الثاني الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين . وكانت الهجرة إذ ذاك تختص بالانتقال إلى المدينة , إلى أن فتحت مكة فانقطع من الاختصاص , وبقي عموم الانتقال من دار الكفر لمن قدر عليه باقيا . فإن قيل : الأصل تغاير الشرط والجزاء فلا يقال مثلا : من أطاع أطاع وإنما يقال مثلا : من أطاع نجا , وقد وقعا في هذا الحديث متحدين , فالجواب أن التغاير يقع تارة باللفظ وهو الأكثر , وتارة بالمعنى ويفهم ذلك من السياق , ومن أمثلته قوله تعالى ( ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ) وهو مؤول على إرادة المعهود المستقر في النفس , كقولهم : أنت أنا . أي : الصديق الخالص , وقولهم : هم هم . أي : الذين لا يقدر قدرهم , وقول الشاعر أنا أبو النجم وشعري شعري , أو هو مؤول على إقامة السبب مقام المسبب لاشتهار السبب . وقال ابن مالك : قد يقصد بالخبر الفرد بيان الشهرة وعدم التغير فيتحد بالمبتدأ لفظا كقول الشاعر : خليلي خليلي دون ريب وربما ألان امرؤ قولا فظن خليلا وقد يفعل مثل هذا بجواب الشرط كقولك : من قصدني فقد قصدني . أي : فقد قصد من عرف بإنجاح قاصده , وقال غيره : إذا اتحد لفظ المبتدأ والخبر والشرط والجزاء علم منهما المبالغة إما في التعظيم وإما في التحقير .
قوله : ( إلى دنيا )
بضم الدال , وحكى ابن قتيبة كسرها , وهي فعلى من الدنو أي : القرب , سميت بذلك لسبقها للأخرى . وقيل : سميت دنيا لدنوها إلى الزوال . واختلف في حقيقتها فقيل ما على الأرض من الهواء والجو , وقيل كل المخلوقات من الجواهر والأعراض , والأولى أولى . لكن يزاد فيه مما قبل قيام الساعة , ويطلق على كل جزء منها مجازا . ثم إن لفظها مقصور غير منون , وحكي تنوينها , وعزاه ابن دحية إلى رواية أبي الهيثم الكشميهني وضعفها , وحكي عن ابن مغاور أن أبا الهروي في آخر أمره كان يحذف كثيرا من رواية أبي الهيثم حيث ينفرد ; لأنه لم يكن من أهل العلم . قلت : وهذا ليس على إطلاقه , فإن في رواية أبي الهيثم مواضع كثيرة أصوب من رواية غيره , كما سيأتي مبينا في مواضعه . وقال التيمي في شرحه : قوله " دنيا " هو تأنيث الأدنى ليس بمصروف , لاجتماع الوصفية ولزوم حرف التأنيث . وتعقب بأن لزوم التأنيث للألف المقصورة كاف في عدم الصرف , وأما الوصفية فقال ابن مالك : استعمال دنيا منكرا فيه إشكال ; لأنها فعل التفضيل , فكان من حقها أن تستعمل باللام كالكبرى والحسنى , قال : إلا أنها خلعت عنها الوصفية أو أجريت مجرى ما لم يكن وصفا قط , ومثله قول الشاعر : وإن دعوت إلى جلى ومكرمة يوما سراة كرام الناس فادعينا وقال الكرماني : قوله " إلى " يتعلق بالهجرة إن كان لفظ كانت تامة , أو هو خبر لكانت إن كانت ناقصة . ثم أورد ما محصله : أن لفظ كان إن كان للأمر الماضي فلا يعلم ما الحكم بعد صدور هذا القول في ذلك . وأجاب بأنه يجوز أن يراد بلفظ كان الوجود من غير تقييد بزمان , أو يقاس المستقبل على الماضي , أو من جهة أن حكم المكلفين سواء .
قوله : ( يصيبها )
أي يحصلها ; لأن تحصيلها كإصابة الغرض بالسهم بجامع حصول المقصود .
قوله : ( أو امرأة )
قيل التنصيص عليها من الخاص بعد العام للاهتمام به . وتعقبه النووي بأن لفظ دنيا نكرة وهي لا تعم في الإثبات فلا يلزم دخول المرأة فيها . وتعقب بكونها في سياق الشرط فتعم , ونكتة الاهتمام الزيادة في التحذير ; لأن الافتتان بها أشد . وقد تقدم النقل عمن حكى أن سبب هذا الحديث قصة مهاجر أم قيس ولم نقف على تسميته . ونقل ابن دحية أن اسمها قيلة بقاف مفتوحة ثم تحتانية ساكنة , وحكى ابن بطال عن ابن سراج أن السبب في تخصيص المرأة بالذكر أن العرب كانوا لا يزوجون المولى العربية , ويراعون الكفاءة في النسب , فلما جاء الإسلام سوى بين المسلمين في مناكحتهم فهاجر كثير من الناس إلى المدينة ليتزوج بها من كان لا يصل إليها قبل ذلك انتهى . ويحتاج إلى نقل ثابت أن هذا المهاجر كان مولى وكانت المرأة عربية , وليس ما نفاه عن العرب على إطلاقه بل قد زوج خلق كثير منهم جماعة من مواليهم وحلفائهم قبل الإسلام , وإطلاقه أن الإسلام أبطل الكفاءة في مقام المنع .
قوله : ( فهجرته إلى ما هاجر إليه )
يحتمل أن يكون ذكره بالضمير ليتناول ما ذكر من المرأة وغيرها , وإنما أبرز الضمير في الجملة التي قبلها وهي المحذوفة لقصد الالتذاذ بذكر الله ورسوله وعظم شأنهما , بخلاف الدنيا والمرأة فإن السياق يشعر بالحث على الإعراض عنهما . وقال الكرماني : يحتمل أن يكون قوله " إلى ما هاجر إليه " متعلقا بالهجرة , فيكون الخبر محذوفا والتقدير قبيحة أو غير صحيحة مثلا , ويحتمل أن يكون خبر فهجرته والجملة خبر المبتدأ الذي هو " من كانت " انتهى . وهذا الثاني هو الراجح ; لأن الأول يقتضي أن تلك الهجرة مذمومة مطلقا , وليس كذلك , إلا إن حمل على تقدير شيء يقتضي التردد أو القصور عن الهجرة الخالصة كمن نوى بهجرته مفارقة دار الكفر وتزوج المرأة معا فلا تكون قبيحة ولا غير صحيحة , بل هي ناقصة بالنسبة إلى من كانت هجرته خالصة , وإنما أشعر السياق بذم من فعل ذلك بالنسبة إلى من طلب المرأة بصورة الهجرة الخالصة , فأما من طلبها مضمومة إلى الهجرة فإنه يثاب على قصد الهجرة لكن دون ثواب من أخلص , وكذا من طلب التزويج فقط لا على صورة الهجرة إلى الله ; لأنه من الأمر المباح الذي قد يثاب فاعله إذا قصد به القربة كالإعفاف . ومن أمثلة ذلك ما وقع في قصة إسلام أبي طلحة فيما رواه النسائي عن أنس قال : تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام , أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها فقالت : إني قد أسلمت , فإن أسلمت تزوجتك . فأسلم فتزوجته . وهو محمول على أنه رغب في الإسلام ودخله من وجهه وضم إلى ذلك إرادة التزويج المباح فصار كمن نوى بصومه العبادة والحمية , أو بطوافه العبادة وملازمة الغريم . واختار الغزالي فيما يتعلق بالثواب أنه إن كان القصد الدنيوي هو الأغلب لم يكن فيه أجر , أو الديني أجر بقدره , وإن تساويا فتردد القصد بين الشيئين فلا أجر . وأما إذا نوى العبادة وخالطها بشيء مما يغاير الإخلاص فقد نقل أبو جعفر بن جرير الطبري عن جمهور السلف أن الاعتبار بالابتداء , فإن كان ابتداؤه لله خالصا لم يضره ما عرض له بعد ذلك من إعجاب أو غيره . والله أعلم . واستدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز الإقدام على العمل قبل معرفة الحكم ; لأن فيه أن العمل يكون منتفيا إذا خلا عن النية , ولا يصح نية فعل الشيء إلا بعد معرفة الحكم , وعلى أن الغافل لا تكليف عليه ; لأن القصد يستلزم العلم بالمقصود والغافل غير قاصد , وعلى أن من صام تطوعا بنية قبل الزوال أن لا يحسب له إلا من وقت النية وهو مقتضى الحديث , لكن تمسك من قال بانعطافها بدليل آخر , ونظيره (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) حديث (http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=12721) " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها " أي : أدرك فضيلة الجماعة أو الوقت , وذلك بالانعطاف الذي اقتضاه فضل الله تعالى , وعلى أن الواحد الثقة إذا كان في مجلس جماعة ثم ذكر عن ذلك المجلس شيئا لا يمكن غفلتهم عنه ولم يذكره غيره أن ذلك لا يقدح في صدقه , خلافا لمن أعل بذلك ; لأن علقمة ذكر أن عمر خطب به على المنبر ثم لم يصح من جهة أحد عنه غير علقمة . واستدل بمفهومه على أن ما ليس بعمل لا تشترط النية فيه , ومن أمثلة ذلك جمع التقديم فإن الراجح من حيث النظر أنه لا يشترط له نية , بخلاف ما رجحه كثير من الشافعية وخالفهم شيخنا شيخ الإسلام وقال : الجمع ليس بعمل , وإنما العمل الصلاة . ويقوي ذلك أنه عليه الصلاة والسلام جمع في غزوة تبوك ولم يذكر ذلك للمأمومين الذين معه , ولو كان شرطا لأعلمهم به , واستدل به على أن العمل إذا كان مضافا إلى سبب ويجمع متعدده جنس أن نية الجنس تكفي , كمن أعتق عن كفارة ولم يعين كونها عن ظهار أو غيره ; لأن معنى الحديث أن الأعمال بنياتها , والعمل هنا القيام بالذي يخرج عن الكفارة اللازمة وهو غير محوج إلى تعيين سبب , وعلى هذا لو كانت عليه كفارة - وشك في سببها - أجزأه إخراجها بغير تعيين . وفيه زيادة النص على السبب ; لأن الحديث سيق في قصة المهاجر لتزويج المرأة , فذكر الدنيا في القصة زيادة في التحذير والتنفير . وقال شيخنا شيخ الإسلام : فيه إطلاق العام وإن كان سببه خاصا , فيستنبط منه الإشارة إلى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب , وسيأتي ذكر كثير من فوائد هذا الحديث في كتاب الإيمان حيث قال المصنف في الترجمة فدخل فيه العبادات والأحكام إن شاء الله تعالى , وبالله التوفيق
قد نقلتَ شرح الحديث من فتح الباري....
فأقول:
كل الصيد في جوف الفرا..
لم يبق شيءٌ نقوله؛ إذْ لا هجرة بعد الفتح ;)
التوحيد الخالص
2011-09-08, 20:07
انقلي شرح العلماء المعاصرين
انقلي شرح العلماء المعاصرين
جاءتني هذه الفرصة لأراجع ما بقي في ذهني، ولا أريد تضييعها، وألتزم أنني لا أنقل من كتاب ولا شريط ولا أي شيء.
وقد جاء في توقيعك بيتٌ جميل ورائع:
ليس بعلم ما حوى القمطر ----- ما العلم إلا ما حواه الصدر;)
التوحيد الخالص
2011-09-08, 20:18
شكرا مشكووووووووووووووورة من قاله
يُنسب للخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب العين.
التوحيد الخالص
2011-09-08, 20:24
http://www.air.flyingway.com/airlogo/rose/do3a2.gif
التوحيد الخالص
2011-09-08, 20:25
نكمل في شرح الحديث
- (ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).
- (ومن كانت هجرته لدنيا)، (الدنيا) بضم الدال، وثم لغة أخرى فيها -إما الفتح وإما الكسر، التبسَ عليَّ الآن-.
- (يصيبها) أي: يُحصِّلها.
- (أو امرأة ينكحها) أي: يتزوجها.
ومما قرأتُه -واستغربتُه- ما ذكره ابن الملقن في الإعلام -أو غيره- لما شرح رواية: (يتزوجها)، قال: اي: ينكحها!!!
ولفظة الزواج أقرب للفهم من كلمة النكاح؛ فكونه يفسِّر (ينكحها) بـ (يتزوجها) كأن في الأمرِ زيادةَ إغرابٍ (مجرد رأي).
- فائدة: لِمَ ذُكرت المرأة مع أنها من الدنيا؟
1- قيل: لأن الحديث واردٌ على سبب، فجرى التنبيه عليه بخصوصه، فيكون من ذكر الخاص بعد العام؛ وهذا فيه نظر، لأنه لم يثبت أن سبب الحديث هو في مهاجر أم قيس.
2- وقيل: لعظم الافتتان بالمرأة.
3- وقيل: إن الدنيا نكرة في سياق الإثبات فلا تعم جميع أفرادها، فنُصَّ على المرأة بخصوصها.
وهذا لا يصح، لأن كلمة (دنيا) نكرة في سياق الشرط وهي تدل على العموم.
والوجه الثاني: أقوى هذه الثلاثة.
- فائدة: لم يَقل النبي صلى الله عليه وسلم: (فهجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها)، فلم يكررها لحقارة ما هاجر هذا الرجلُ لأجله.
والله تعالى أعلى وأعلم.......
هذا ما حضرني فيما يتعلق بهذا الحديث.....
التوحيد الخالص
2011-09-08, 21:17
بارك الله فيك
التوحيد الخالص
2011-09-08, 21:21
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين
الحديث الأول
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى، فمَن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله فهجرتُه إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يُصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه”.
رواه إمامَا المحدِّثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحيهما اللذين هما أصحُّ الكتب المصنَّفة.
———————————-
1 أخرجه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وغيرُهم، وقد تفرَّد بروايته عن عمر: علقمة بنُ وقاص الليثي، وتفرَّد به عنه محمد بن إبراهيم التيمي، وتفرَّد عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، ثم كثر الآخذون عنه، فهو من غرائب صحيح البخاري، وهو فاتحته، ومثله في ذلك خاتمته، وهو حديث أبي هريرة “كلمتان حبيبتان إلى الرحمن …” الحديث، وهو أيضاً من غرائب الصحيح.
2 افتتح النووي أحاديث الأربعين بهذا الحديث، وقد افتتح جماعة من أهل العلم كتبَهم به، منهم الإمام البخاري افتتح صحيحه به، وعبد الغني المقدسي افتتح كتابه عمدة الأحكام به، والبغوي افتتح كتابيه مصابيح السنة وشرح السنة به، وافتتح السيوطي كتابه الجامع الصغير به، وعقد النووي في أول كتابه المجموع شرح المهذب فصلاً قال فيه (1/35): “فصل في الإخلاص والصدق وإحضار النية في جميع
ص -9- الأعمال البارزة والخفية”، أورد فيه ثلاث آيات من القرآن، ثم حديث “إنَّما الأعمال بالنيَّات”، وقال: “حديث صحيح متفق على صحته، ومجمع على عظم موقعه وجلالته، وهو إحدى قواعد الإيمان وأول دعائمه وآكد الأركان، قال الشافعي رحمه الله: يدخل هذا الحديث في سبعين باباً من الفقه، وقال أيضاً: هو ثلث العلم، وكذا قاله أيضاً غيرُه، وهو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وقد اختلف في عدِّها، فقيل: ثلاثة، وقيل: أربعة، وقيل: اثنان، وقيل: حديث، وقد جمعتها كلَّها في جزء الأربعين، فبلغت أربعين حديثاً، لا يستغني متديِّن عن معرفتها؛ لأنَّها كلَّها صحيحة، جامعة قواعد الإسلام، في الأصول والفروع والزهد والآداب ومكارم الأخلاق وغير ذلك، وإنَّما بدأت بهذا الحديث تأسيًّا بأئمَّتنا ومتقدِّمي أسلافنا من العلماء رضي الله عنهم، وقد ابتدأ به إمام أهل الحديث بلا مدافعة أبو عبد الله البخاري صحيحه، ونقل جماعة أنَّ السلف كانوا يستحبُّون افتتاح الكتب بهذا الحديث؛ تنبيهاً للطالب على تصحيح النيَّة وإرادته وجه الله تعالى بجميع أعماله البارزة والخفيَّة، ورُوينا عن الإمام أبي سعيد عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله قال: لو صنَّفت كتاباً بدأت في أوَّل كلِّ باب منه بهذا الحديث، ورُوينا عنه أيضاً قال: مَن أراد أن يصنِّف كتاباً فليبدأ بهذا الحديث، وقال الإمام أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي الشافعي الإمام في كتابه المعالم رحمه الله تعالى: كان المتقدِّمون من شيوخنا يستحبُّون تقديم حديث “الأعمال بالنيات” أمام كلِّ شيء يُنشأ ويُبتدأ من أمور الدِّين؛ لعموم الحاجة إليه في جميع أنواعها”.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/61): “واتَّفق العلماء
ص -10- على صحَّته وتلقيه بالقبول، وبه صدَّر البخاري كتابَه الصحيح، وأقامه مقام الخُطبة له؛ إشارة منه إلى أنَّ كلَّ عمل لا يُراد به وجه الله فهو باطل، لا ثمرة له في الدنيا ولا في الآخرة”.
3 قال ابن رجب: “وهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور الدِّين عليها، فروي عن الشافعي أنَّه قال: هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين باباً من الفقه، وعن الإمام أحمد قال: أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث عمر: “الأعمال بالنيات”، وحديث عائشة: “من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد”، وحديث النعمان بن بشير: “الحلال بيِّن والحرام بيِّن”.
وقال أيضاً (1/71) في توجيه كلام الإمام أحمد: “فإنَّ الدِّين كلَّه يرجع إلى فعل المأمورات وترك المحظورات، والتوقف عن الشبهات، وهذا كلُّه تضمَّنه حديث النعمان بن بشير، وإنَّما يتمُّ ذلك بأمرين:
أحدهما: أن يكون العمل في ظاهره على موافقة السنَّة، وهذا هو الذي تضمَّنه حديث عائشة: “من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد”.
والثاني: أن يكون العمل في باطنه يُقصد به وجه الله عزَّ وجلَّ، كما تضمَّنه حديث عمر: “الأعمال بالنيات”.
وأورد بن رجب نقولاً (1/61 63) عن بعض العلماء في الأحاديث التي يدور عليها الإسلام، وأنَّ منهم من قال: إنَّها اثنان، ومنهم مَن قال: أربعة، ومنهم من قال: خمسة، والأحاديث التي ذكرها عنهم بالإضافة إلى الثلاثة الأولى حديث: “إنَّ أحدكم يُجمع خلقُه في بطن أمِّه”، وحديث: “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”،
ص -11- وحديث: “إنَّ الله طيِّب لا يقبل إلاَّ طيِّباً”، وحديث: “لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه”، وحديث: “لا ضرر ولا ضرار”، وحديث: “إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم”، وحديث: “ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس”، وحديث: “الدِّين النصيحة”.
4 قوله: “إنَّما الأعمال بالنيَّات”، (إنَّما): أداة حصر، و(ال) في (الأعمال) قيل: إنَّها خاصة في القُرَب، وقيل: إنَّها للعموم في كلِّ عمل، فما كان منها قُربة أثيب عليه فاعله، وما كان منها من أمور العادات كالأكل والشرب والنوم فإنَّ صَاحبَه يُثاب عليه إذا نوى به التقوِّي على الطاعة، والألف واللاَّم ب(النيات) بدلاً من الضمير (ها)، أي: الأعمال بنيَّاتها، ومتعلق الجار والمجرور محذوف تقديره معتبرة، أي: أنَّ الأعمال معتبرة بنيَّاتها، والنيَّة في اللغة: القصد، وتأتي للتمييز بين العبادات، كتمييز فرض عن فرض، أو فرض عن نفل، وتمييز العبادات عن العادات، كالغسل من الجنابة والغسل للتبرُّد والتنظُّف.
5 قوله: “وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى”، قال ابن رجب (1/65): “إخبارٌ أنَّه لا يحصل له من عمله إلاَّ ما نواه، فإن نوى خيراً حصل له خير ٌ، وإن نوى شرًّا حصل له شرٌّ، وليس هذا تكريراً مَحضاً للجملة الأولى، فإنَّ الجملة الأولى دلَّت على أنَّ صلاحَ العمل وفسادَه بحسب النية المقتضية لإيجاده، والجملة الثانية دلَّت على أنَّ ثوابَ العامل على عمله بحسب نيَّتِه الصالحة، وأنَّ عقابه عليه بحسب نيَّته الفاسدة، وقد تكون نيَّتُه مباحةً فيكون العملُ مباحاً، فلا يحصل له به ثوابٌ ولا
ص -12- عقاب، فالعملُ في نفسه: صلاحه وفساده وإباحته بحسب النية الحاملة عليه المقتضية لوجوده، وثوابُ العامل وعقابُه وسلامته بحسب نيته التي بها صار العملُ صالحاً أو فاسداً أو مباحاً”.
6 قوله: “فمَن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومَن كانت هجرته لدُنيا يُصيبها أو امرأة ينكحها فهجرتُه إلى ما هاجر إليه”.
الهجرة من الهَجر وهو الترك، وتكون بترك بلد الخوف إلى بلد الأمن، كالهجرة من مكة إلى الحبشة، وتكون من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، كالهجرة من مكة إلى المدينة، وقد انتهت الهجرة إليها بفتح مكة، والهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام باقية إلى قيام الساعة.
وقوله: “فمَن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله” اتَّحد فيه الشرط والجزاء، والأصل اختلافهما، والمعنى: من كانت هجرته إلى الله ورسوله نيَّة وقصداً، فهجرته إلى الله ورسوله ثواباً وأجراً، فافترقا، قال ابن رجب (1/72): “لَمَّا ذكر صلى الله عليه وسلم أنَّ الأعمالَ بحسب النيَّات، وأنَّ حظَّ العامل من عمله نيته من خير أو شرٍّ، وهاتان كلمتان جامعتان وقاعدتان كليَّتان، لا يخرج عنهما شيء، ذكر بعد ذلك مثالاً من أمثال الأعمال التي صورتُها واحدة، ويختلف صلاحُها وفسادُها باختلاف النيَّات، وكأنَّه يقول: سائر الأعمال على حذو هذا المثال”.
وقال أيضاً (1/73): “فأخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ هذه الهجرة تختلف باختلاف النيَّات والمقاصد بها، فمَن هاجر إلى دار الإسلام حبًّا لله ورسوله، ورغبةً في تعلم دين الإسلام وإظهار دينه حيث كان يعجز عنه
ص -13- في دار الشرك، فهذا هو المهاجرُ إلى الله ورسوله حقًّا، وكفاه شرَفاً وفخراً أنَّه حصل له ما نواه من هجرته إلى الله ورسوله، ولهذا المعنى اقتصر في جواب هذا الشرط على إعادته بلفظه؛ لأنَّ حصولَ ما نواه بهجرته نهايةُ المطلوب في الدنيا والآخرة.
ومَن كانت هجرتُه من دار الشرك إلى دار الإسلام لطلب دنيا يُصيبها أو امرأة ينكحها في دار الإسلام، فهجرته إلى ما هاجر إليه من ذلك، فالأوَّل تاجرٌ، والثاني خاطب، وليس واحد منهما بمهاجر.
وفي قوله: “إلى ما هاجر إليه” تحقيرٌ لِمَا طلبه من أمر الدنيا واستهانة به، حيث لم يذكره بلفظه، وأيضاً فالهجرةُ إلى الله ورسوله واحدةٌ، فلا تعدُّدَ فيها، فلذلك أعاد الجوابَ فيها بلفظ الشرط، والهجرةُ لأمور الدنيا لا تَنحصر، فقد يهاجرُ الإنسانُ لطلب دنيا مباحة تارة ومحرَّمة أخرى، وأفراد ما يُقصد بالهجرة من أمور الدنيا لا تنحصر، فلذلك قال: “فهجرته إلى ما هاجر إليه” يعني كائناً ما كان”.
7 قال ابن رجب (1/74 75): “وقد اشتهر أنَّ قصةَ مهاجر أمِّ قيس هي كانت سببَ قولِ النبَّيِّ صلى الله عليه وسلم: “من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها” وذكر ذلك كثيرٌ من المتأخرين في كُتُبهم، ولَم نرَ لذلك أصلاً بإسناد يَصحُّ، والله أعلم”.
8 النيَّة محلُّها القلب، والتلفُّظ بها بدعة، فلا يجوز التلفُّظ بالنيَّة في أيِّ قُربة من القُرَب، إلاَّ في الحجِّ والعمرة، فله أن يُسمِّي في تلبيته ما نواه من قران أو إفراد أو تمتُّع، فيقول: لبَّيك عمرة وحجًّا، أو لبَّيك حجًّا، أو لبَّيك عمرة؛ لثبوت السنَّة في ذلك دون غيره.
ص -14- مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 أنَّه لا عمل إلاَّ بنيَّة.
2 أنَّ الأعمال معتبرة بنيَّاتها.
3 أنَّ ثواب العامل على عمله على حسب نيَّته.
4 ضرب العالم الأمثال للتوضيح والبيان.
5 فضل الهجرة لتمثيل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بها، وقد جاء في صحيح مسلم (192) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: “أمَا علمتَ أنَّ الإسلامَ يهدم ما كان قبله، وأنَّ الهجرةَ تهدم ما كان قبلها، وأنَّ الحجَّ يهدم ما كان قبله؟”.
6 أنَّ الإنسانَ يُؤجرُ أو يؤزر أو يُحرم بحسب نيَّته.
7 أنَّ الأعمال بحسب ما تكون وسيلة له، فقد يكون الشيء المباح في الأصل يكون طاعةً إذا نوى به الإنسان خيراً، كالأكل والشرب إذا نوى به التقوِّي على العبادة.
8 أنَّ العمل الواحد يكون لإنسان أجراً، ويكون لإنسان حرماناً.
جزاك الله خيرا.
سنترك وقتا بين كل حديث وحديث، لعل أحد الأعضاء يوافينا بما عنده من فوائد..... فإذا انتقلنا إلى حديث آخر، فلا رجوع للأول، وليكن هذا من باب (سنة فات محلها) :)
التوحيد الخالص
2011-09-08, 21:56
نعم ان شاء الله بارك الله فيك انا اريد ان اجمع اكبر عدد ممكن من الشروحات واخذ فوائدها
العلم صيد والكتابقيده
التوحيد الخالص
2011-09-09, 09:46
الحديث الثاني
عن عمر ـ رضي الله تعالى عنه ـ أيضا قال : " بينما نحن جلوس عند رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يُرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا . قال : صدقت . فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال : فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإحسان؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك . قال : فأخبرني عن الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ! قال : فأخبرني عن أماراتها ؟ قال : أن تلد الأمة ربّتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان . ثم انطلق فلبثت مليا ، ثم قال : يا عمر أتدري من السائل ؟ قلت الله ورسوله أعلم . قال : فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " رواه مسلم .
الشرح :
التوحيد الخالص
2011-09-09, 09:46
هذا الحديث يستفاد منه فوائد :
منها : أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مجالسة أصحابه ، وهذا الهدي يدل على حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم .
ومنها : أنه ينبغي للإنسان أن يكون ذا عشرة مع الناس ومجالسة ، وأن لا ينزوي عنهم .
ومن فوائد الحديث : أن الخلطة مع الناس أفضل من العزلة ما لم يخش الإنسان على دينه ، فإن خشي على دينه فالعزلة أفضل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر ".
ومن فوائد هذا الحديث:
أن الملائكة ـ عليهم الصلاة والسلام ـ يمكن أن يظهروا للناس بأشكال البشر ؛ لأن جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ طلع على الصحابة على الوصف المذكور في الحديث رجل شديد سواد الشعر ، شديد بياض الثياب ، لا يُرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه من الصحابة أحد .
ومن فوائد الحديث :
حسن أدب المتعلم أمام المعلم حيث جلس جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ أمام النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجلسة الدالة على الأدب والإصغاء والاستعداد لما يلقى إليه ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه .
ومنها : جواز دعاء النبي صلى الله عليه وسلم باسمه ، لقوله : " يا محمد " . وهذا يحتمل أنه قبل النهي أي : قبل نهي الله تعالى عن ذلك في قوله : (( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا )) [ النور : 63 ] . على أحد التفسيرين ، ويحتمل أن هذا جرى على عادة الأعراب الذين يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فينادونه باسمه : يا محمد . وهذا أقرب ؛ لأن الأول يحتاج إلى التاريخ .
ومن فوائد هذا الحديث :
جواز سؤال الإنسان عما يعلم من أجل تعليم من لا يعلم ؛ لأن جبريل كان يعلم الجواب ؛ لقوله في الحديث " صدقت " ولكن إذا قصد السائل أن يتعلم من حول المجيب فإن ذلك يعتبر تعليما لهم .
ومن فوائد هذا الحديث : أن المتسبب له حكم المباشر إذا كانت المباشرة مبنية على السبب ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " . مع أن المعلم هو الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لكن لمّا كان جبريل هو السبب لسؤاله جعله الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو المعلم .
ومن فوائد هذا الحديث : بيان أن الإسلام له خمسة أركان ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب بذلك وقال :" الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ،وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه لابد أن يشهد الإنسان شهادة بلسانه موقنا بها بقلبه أن لا إله إلا الله .
فمعنى" لا إله ": أي لا معبود حق إلا الله ، فتشهد بلسانك موقنا بقلبك أنه لا معبود من الخلق : من الأنبياء ، أو الأولياء ، أو الصالحين ، أو الشجر ، أو الحجر ، أو غير ذلك حق إلا الله ، وأن ما عبد من دون الله فهو باطل ؛ لقول الله تعالى http://www.sahab.net/ipb/public/style_emoticons/default/sad.gif( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير )) [ الحج : 62 ] .
ومن فوائد هذا الحديث : أن هذا الدين لا يكمل إلا بشهادة أن محمدا رسول الله ، وهو محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي ، ومن أراد تمام العلم بهذا الرسول الكريم فليقرأ القرآن وما تيسر من السنة وكتب التاريخ .
ومن فوائد هذا الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله في ركن واحد ؛ وذلك لأن العبادة لا تتم إلا بأمرين :
الإخلاص لله : وهو ما تضمنته شهادة أن لا إله إلا الله .
والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : وهو ما تتضمنه شهادة أن محمدا رسول الله ؛ ولهذا جعلهما النبي صلى الله عليه وسلم ركنا واحدا في حديث ابن عمر حيث قال : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ......" وذكر تمام الحديث . ومن فوائد هذا الحديث : أنه لا يتم إسلام العبد حتى يقيم الصلاة ، ولإقامة الصلاة أن يأتي بها مستقيمة حسب ما جاءت به الشريعة ، ولها ـ أي : لإقامة الصلاة ـ إقامة واجبة وإقامة كاملة .
فالواجبة : أن يقتصر على أقل ما يجب فيها .
والكاملة : أن يأتي بمكملاتها على حسب ماهو معروف في الكتاب والسنة وأقوال العلماء .
ومن فوائد الحديث : أنه لا يتم الإسلام إلا بإيتاء الزكاة . والزكاة : هي المال المفروض من الأموال الزكوية . وإيتاؤها : إعطاؤها من يستحقها ، وقد بين الله ذلك في سورة التوبة في قوله : (( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم )) [ التوبة : 60 ] .
وأما صوم رمضان : فهو التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات منطلوع الفجر إلى غروب الشمس ، ورمضان هو الشهر الذي بين شعبان وشوال .
وأما حج البيت : فهو القصد إلى مكة لأداء المناسك ، وقيد بالإستطاعة ؛ لأن الغالب فيه المشقة ، وإلا فجميع الواجبات يشترط لوجوبها الإستطاعة ؛ لقوله تعالى : (( فاتقوا الله ما استطعتم )) [ التغابن : 16 ] .
ومن القواعد المقررة عند العلماء : أنه لا واجب مع عجز ، ولا محرم مع الضرورة .
ومن فوائد هذا الحديث : وصف الرسول الملكي للرسول البشري محمد صلى الله عليه وسلم بالصدق ، ولقد صدق جبريل فيما وصفه بالصدق ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أصدق الخلق .
ومن فوائد الحديث : ذكاء الصحابة حيث تعجبوا كيف يصدق السائل من سأله ؟! والأصل أن السائل جاهل ، والجاهل لا يمكن أن يحكم على الكلام بالصدق أو بالكذب ، لكن هذا العجب زال حين قال النبي صلى الله عليه وسلم :" هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " .
ومن فوائد الحديث : أن الإيمان يتضمن ستة أمور : وهي الإيمان بالله ، وملائكته ،وكتبه ،ورسله ، واليوم الآخر ، والقضاء والقدر خيره وشره .
ومن فوائد الحديث : التفريق بين الإسلام والإيمان، وهذا عند ذكرهما جميعا ، فإنه يفسر الإسلام بأعمال الجوارح ، والإيمان بأعمال القلوب ، ولكن عند الإطلاق يكون كل واحد منهما شاملا للآخر ، فقوله تعالى : (( ورضيت لكم الإسلام )) [ المائدة : 3 ] . وقوله : (( ومن يبتغ غير الإسلام دينا )) [ آل عمران : 85 ] . يشمل الإسلام والإيمان ، وقول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (( وأن الله مع المؤمنين )) [ الأنفال : 19 ] . وما أشبهها من الآيات يشمل الإيمان والإسلام ، وكذلك قوله تعالى : (( فتحرير رقبة مؤمنة )) [ النساء : 92 ] .يشمل الإسلام والإيمان .
أما إذا ذكرا جميعا فيفسر كل واحد منهما بما دل عليه هذا الحديث .
ومن فوائد هذا الحديث العظيم : أن الإيمان بالله أهم أركان الإيمان وأعظمها ؛ ولهذا قدمه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " أن تؤمن بالله " .
والإيمان بالله يتضمن : الإيمان بوجوده ، وربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته ، ليس هو الإيمان بمجرد وجوده ، بل أن يتضمن الإيمان هذه الأمور الأربعة : الإيمان بوجوده ، وربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته .
ومن فوائد هذا الحديث العظيم : إثبات الملائكة ، والملائكة : عالم غيبي وصفهم الله تعالى بأوصاف كثيرة في القرآن ، ووصفهم النبي صلى الله عليه وسلم في السنة .
وكيفية الإيمان بهم : أن تؤمن بأسماء من عينت أسماؤهم منهم، ومن لم يعين أسمائهم فإننا نؤمن بهم إجمالا ، ونؤمن كذلك بما ورد من أعمالهم التي يقومون بها ما علمنا منها ، ونؤمن كذلك بأوصافهم التي وصفوا بها ما علمنا منها ، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ وله ستمائة جناح قد سد الأفق على خلقته التي خلق عليها .
وواجبنا نحو الملائكة أن نصدق بهم ، وأن نحبهم ؛ لأنهم عباد الله قائمون بأمره ، كما قال تعالى : (( ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ـ يسبحون الليل والنهار لا يفترون )) [ الأنبياء : 19 ـ 20 ] .
ومن فوائد هذا الحديث : وجوب الإيمان بالكتب التي أنزلها الله عزوجل على رسله ـ عليهم الصلاة والسلام ـ قال الله تعالى : (( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان )) [ الحديد :25 ] .
فنؤمن بكل كتاب أنزله الله على رسله ، لكن نؤمن به إجمالا ، ونصدق بأنه حق ، أما تفصيلا : فإن الكتب السابقة جرى عليها التحريف والتبديل والتغيير ، فلم يمكن للإنسان أن يميزالحق منها من الباطل ، وعل هذا فنقول : نؤمن بما أنزل الله من الكتب على سبيل الإجمال ، أما التفصيل : فإننا نخشى أن يكون مما حُرّف وبُدّل وغُيّر ، هذا بالنسبة للإيمان بالكتب . أما العمل بها : فالعمل إنما هو بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم فقط ، أما ما سواه فقد نسخ بهذه الشريعة .
ومن فوائد هذا الحديث : وجوب الإيمان بالرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ فنؤمن بأن كل رسول أرسله الله فهو حق أتى بالحق ، صادق فيما أخبر ، صادق بما أمر به ، نؤمن بهم إجمالا فيمن لم نعرفه بعينه ، وتفصيلا فيمن عرفناه بعينه .
قال تعالى : (( ولقدأرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك )) [ غافر : 78 ] .
فمن قص علينا وعرفناه آمنا به بعينه ، ومن لم يقص علينا ولم نعرفه نؤمن به إجمالا ، والرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ أولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ، ومنهم الخمسة أولو العزم الذين جمعهم الله في آيتين من كتاب الله ، فقال الله ـ تبارك وتعالى ـ في سورة الأحزاب : (( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم )) [ الأحزاب : 7 ] الآية . وقال تعالى في سورة الشورى http://www.sahab.net/ipb/public/style_emoticons/default/sad.gif( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه )) [ الشورى : 13 ] الآية .
ومن فوائد هذا الحديث : الإيمان باليوم الآخر ،واليوم الآخر : هو يوم القيامة ، وسمي آخرا ؛ لأنه آخر المطاف للبشر ، فإن للبشر أربعة دور :
الدار الأولى : بطن أمه . والدار الثانية : هذه الدنيا . والدار الثالثة : البرزخ . والدار الرابعة : اليوم الآخر. ولا دار بعده ، فإما إلى جنة ، وإما إلى نار .
والإيمان باليوم الآخر يدخل فيه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ " كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت ، فيدخل في ذلك ما يكون في القبر من سؤال الميت عن ربه ودينه ونبيه ، وما يكون في القبر من نعيم أو عذاب ".
ومن فوائد هذا الحديث : وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره وذلك بأن تؤمن بأمورأربعة :
الأول : أن تؤمن أنالله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى قيام الساعة .
الثالث : أن تؤمن بأن كل ما يحدث في الكون فإنه بمشيئة الله عز وجل لا يخرج شيء عن مشيئته .
الرابع : أن تؤمن بأن الله خلق كل شيء ، فكل شيء مخلوق لله عزوجل سواء كان من فعله الذي يختص به كإنزال المطر ، وإخراج النبات ، أو من فعل العبد وفعل المخلوقات ، فإن فعل المخلوقات من خلق الله عز وجل ، لأن فعل المخلوق ناشئ عن إرادة وقدرة ، والإرادة والقدرة من صفات العبد ، والعبد وصفاته مخلوقة لله عزوجل ، فكل ما في الكون فهو من خلق الله تعالى .
ولقد قدر الله عز وجل ما يكون إلى يوم القيامة قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، فما قدر على الإنسان لم يكن ليخطئه ، وما لم يقدرلم يكن ليصيبه ، هذه أركان الإيمان الستة بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتم الإيمان إلا بالإيمان بها جميعا ، نسأل الله أن يجعلنا جميعا من المؤمنين بها .
ومن فوائد هذا الحديث : بيان الإحسان : وهو أن يعبد الإنسان ربه عبادة رغبة وطلب كأنه يراه ، فيجب أن يصل إليه ، وهذه الدرجة من الإحسان هي الأكمل ، فإن لم يصل إلى هذه الحال فإلى الدرجة الثانية أن يعبد الله عبادة خوف ، وهرب من عذابه ؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . أي : فإن لم تعبده كأنك تراك فإنه يراك .
ومن فوائد هذا الحديث العظيم: أن علم الساعة مكتوم لا يعلمه إلا الله عز وجل ، فمن ادعى علمه فهو كاذب ، وهذا كان خافيا على أفضل الرسل من الملائكة ، وأفضل الرسل من البشر محمد وجبريل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ .
ومن فوائد هذا الحديث: أن للساعة أشراطا ـ أي :علامات ـ كما قال تعالى : ((فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها )) [ محمد : 18]. ، أي : علاماتها .
وقسم العلماء علامات الساعة إلى ثلاث أقسام : قسم مضى ، وقسم لا يزال يتجدد ، وقسم لا يأتي إلا قرب قيام الساعة تماما ، وهي الأشراط الكبيرة العظمى : كنزول عيسى بن مريم عليه السلام ، والدجال ، ويأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من أماراتها أن تلد الأمة ربتها ـ يعني : أن تكون المرأة أمة فتلد امرأة فتكون هذه المرأة غنية تملك مثل أمها ـ وهو كناية عن سرعة كثرة المال ، وانتشاره بين الناس، ويؤيد ذلك المثل الذي بعده " وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " .
ومن فوائد هذا الحديث : حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث استفهم الصحابة هل يعلمون هذا السائل أم لا ؟ من أجل أن يعلمهم به ، وهذا أبلغ مما لو علمهم ابتداء ؛ لأنه إذا سألهم ثم علمهم كان ذلك أدعى لوعي ما يقول وثبوته .
ومن فوائد هذا الحديث العظيم : أن السائل عن العلم يعتبر معلما ، وسبقت الإشارة إلى هذا لكن أريد أن أبين أنه ينبغي للإنسان أن يسأل عما يحتاجه الناس ولو كان عالما به من أجل أن ينال التعليم ، والله الموفق .
المصدر :
التعليقات على الأربعين النووية
لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ .
التوحيد الخالص
2011-09-09, 15:32
June 2011 - 04:36 PM بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا و رسولنا محمد و على آله و صحبه و بعد.
يسر إخوانكم في
موقع الإبانة
لترجمة الكتب و الأشرطة السلفية إلى اللغة الألمانية
أن يضعوا بين أيديكم كلمة بعنوان
شرح حديث جبريل
ألقاها عبر الهاتف
فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الوهاب العقيل حفظه الله
و ذلك يوم الأحد القادم 17 رجب 1432هـ
و الشيخ حفظه الله شرح الجزء الأول من الحديث فقط و سيكمل شرحه في لقاء هاتفي آخر قريبا إن شاء الله تعالى
مع العلم أن هذا كان اللقاء الهاتفي الثالث الذي قام بتنسيقه إخوانكم في موقع الإبانة و بإذن الله تكون هناك مستقبلا سلسلة من المحاضرات و الدروس مع مشايخ الدعوة السلفية عبر الهاتف و بالله التوفيق.
و إليكم رابط المادة الصوتية مع الترجة من الموقع:
http://www.al-ibaana...-dschibril.html (http://www.al-ibaanah.info/themen/hadith/mp3-erklaerung-des-hadiths-von-dschibril.html)
إخوانكم القائمون على موقع الإبانة
وعن عمر رضي الله عنه أيضا قال: بينما نحن جلوس.
- بينما، (بين): ظرف لمتوسط في زمان ومكانٍ، ولابد أن تُضاف لشيئين، نحو: جلستُ بين الساريتين -في المكان-، ونحو: أتيتُك بين الظهرين -في الزمان-، ولا يصح مثلا: أتيتُكَ بين العشاء!
- وما: كافة، تكف (بين) عن طلب الإضافة.
- نحن: أي: الصحابة، و(نحن): ضميرٌ يُستعمل للمتكلم الذي معه غيره، أو المتكلم المعظم نفسَه، والمراد هنا: الأول.
- جلوس: يحتمل أن يكون جمع (جالس)، تقول: فلان جالس، والقوم جلوس، ويحتمل أن يكون مصدرا، تقول: جلس يجلس جلوسا.
والأظهر هنا: الأول، والثاني: يصح، لكن على طريقة المجاز، من إطلاق المصدر وإرادة اسم الفاعل.
يُتبع.....
- جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذْ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد.
- إذْ: ظرف، يدل على المفاجأة.
- طلع، أي: ظهر، وفي هذا استعارة -عند البلاغيين-، إذْ شبَّه هذا الرجلَ في رفعة شأنه بالشمس، فحذف المشبه به (الشمس)، وذكر شئيا من لوازمه (الطلوع)، على طريقة الاستعارة المكنية.
- طلع علينا رجلٌ: نكَّره لأنه لا يُعرف، وقيل: تعظيما، والأول: أقرب، ويُستفاد تعظيمه من (طلع).
- شديد بياض الثوب: هذا من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: ثيابه شديدة البياض، أي: جمعيه ثيابه كذلك.
-شديد سواد الشعر: هذا -أيضا- من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: شعره شديد السواد، اي: جميع شعره، والمراد به: شعر اللحية، كما جاء في رواية ابن حبان.
- لا يُرى عليه أثر السفر: وضُبط (لا نَـرى) أي: نحنُ، والأول: أبلغ -لمن تأمله-.
- ولا يعرفه منا أحد: وهذا القول من عمر رضي الله عنه يحتمل:
1- أنه رأى الاستغراب في وجه الصحابة، فذكر أنه لا يعرفه منهم أحد.
2- ويحتمل أنهم صرَّحوا بعدم معرفتهم له، وهذا هو الصحيح، لأنه جاء في بعض الروايات: (فنظر القوم بعضهم إلى بعض، وقالوا: ما نعرف هذا!!).
- وفي قوله: (ولا يعرفه منا أحد): رد على من قال: إن جبريل عليه السلام جاء في هذه الحادثة بصورة دِحية الكلبي رضي الله عنه، لأنه لو كان كذلك ما صح أن يُقال: (ولا يعرفه منا أحد).
يُتبع.......
التوحيد الخالص
2011-09-09, 18:17
بارك الله في علمك ونفع بك
- (حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه).
- (حتى جلس) فيه إيجاز بالحذف، دل عليه ما جاء في بعض الروايات، أنه: استأذن، فقال: (أَأَدْنُ)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ادْنُهْ)، قالها ثلاثا، حتى جلس.
- وفي قول عمر: (حتى جلس) رد على من فرَّق بين الجلوس والقعود، فقال: إن الجلوس يكون من اضطجاع، والقعود من قيام، فيقال: كان متكئا فجلس -كما جاء في الحديث-، ولا يُقال: فقعد، ويُقال: كان قائما فقعد، ولا يُقال: فجلس.
وقد نبه على هذا الخطأ: التفتازاني في شرح الأربعين، وابن الملقن في المعين على تفهم الأربعين، وذلك لأن هذا الرجل كان واقفا قطعا، ومع ذلك قال عمر: (حتى جلس)، وهو واضح.
والصواب: أن الجلوس مرادف للقعود -أو يُفرَّق بينهما بغير ما سبق-، ولهذا قال صاحب الآجرومية في المفعول المطلق المؤكد لعامله: (نحو: جلستُ قعودا).
- فأسند ركبتيه إلى ركبتيه: أي: أسند ركبتي نفسه -أي: جبريل- إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا دليل: على أنه جلس مقابلَه، لأنه لو جلس بجانبه لما أمكنه أن يُسند إلا ركبة واحدة.
- ووضع كفيه على فخذيه، وفي معنى هذه العبارة قولان:
1- قيل: وضع كفي نفسه على فخذي نفسه، كجِلسة المتعلم.
2- وقيل: وضع كفي نفسه على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الصحيح، لأنه ورد مصرحا به كذلك في رواية النسائي، فيكون فعل هذا من باب التعميةِ حتى لا يُعرف.
يُتبع........
التوحيد الخالص
2011-09-09, 18:48
http://www.air.flyingway.com/airlogo/rose/red-ros2.gif
- (وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال: الإسلام....).
- (وقال): أي: جبريل عليه السلام.
- (يا محمد)، وهذا أشهر اسماء النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي مناداة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم باسمه -يا محمد- إشكال، وذلك أن الله نهى المؤمنين أن ينادوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم باسمه، فقال تعالى: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا).
والجواب عن هذا الحديث بأجوبة:
1- يحتمل أن يكون هذا الحديث قبلَ أن يُنهوا عن ذلك.
2- يحتمل أن يكون ناداه بذلك من باب التعمية، ليُوهِم أنه من الأعراب، [وفي هذا جواز التورية، ذكره ابن عثيمين في شرحه الصوتي للأربعين].
3- يحتمل أن النهي الوارد في الآية للمكلفين الذين أُرْسِل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، والنبي صلى الله عليه وسلم أُرْسِل للإنس والجن بالإجماع، وفي رسالته للملائكة خلاف؟فعلى القول بأنه لم يُرسل إليهم، أو أرسل إليهم رسالة تشريف لا تكليف، لا يدخلون في الخطاب، فلا تعارض.
- (أخبرني عن الإسلام) أي: عن حقيقتِه الشرعية، بدليل الجواب.
- فقال: (الإسلام....)، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة -بدليل (الفاء) التي تدل على التعقيب-، وفي هذا حرص النبي صلى الله عليه وسلم على نفع أمته.
وفي هذا الحديث إشكال:
وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من بدأكم بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه)، وهنا لم يُسلِّم جبريل عليه السلام، ومع ذلك أجابه النبي صلى الله عليه وسلم.
ويُجاب عنه بوجهين:
1- يُحمل النهي على الكراهة لا على التحريم، وإذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون مكروها في حقه، لأنه فعله لبيان الجواز، والمكروه تزول كراهته للحاجة.
2- أن جبريل عليه السلام، سلَّمَ، ولكن الراوي اختصر هنا، فقد جاء هذا في بعض الروايات.
يُتبع......
التوحيد الخالص
2011-09-09, 19:00
بارك الله فيك
وفيك بارك الله.
سنكمل في وقت لاحق.... أحببتُ المشاركة هنا وفي ثلاثة الأصول، ولكن أرجو أن يسير الأمر بتُؤدةٍ حتى ننهِيَهما بخير إن شاء الله تعالى.
التوحيد الخالص
2011-09-09, 19:30
ستهيها باذن الله نعالى
التوحيد الخالص
2011-09-09, 19:32
المكان الذي أتى فيه جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم
جاء جبريل عليه الصلاة والسلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة الرجل المتعلم، وفي بعض الروايات: ( بينا نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ) .
وكلمة: (بينما) أو (بينا) يتفق علماء اللغة والمحدثون على أن (بينما) أصلها (بين) الظرفية التي تأتي للزمان وللمكان، تقول: جئتك بين العشاءين، وجئتك بين الظهر والعصر، ولقيتك بين المنبر والحجرة، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة )، وقد تأتي (ما) قبل (بين) وتكون موصولة، فإذا جاءت (ما) بعدها لم تضف (بينما) إلا إذا كانت بين مجموعتين لا بين فردين، و(ما) هنا ألحقت بها لتكفها عن الإضافة إلى الفرد فلا تعمل الجر بالإضافة فيما بعدها، ولهذا يعرب ما بعدها مرفوعاً على الابتداء.
(بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم)، وفي بعض الروايات: (في المسجد).
وهو المسجد النبوي الشريف، يأتي جبريل عليه الصلاة والسلام معلماً في صورة المتعلم، ولهذا حُقّ لطلبة العلم في المسجد النبوي أن يفخروا ويحمدوا الله سبحانه، لأنهم يدرسون في المسجد الذي جاء فيه جبريل عليه الصلاة والسلام معلماً في صورة المتعلم.
التوحيد الخالص
2011-09-09, 19:33
تعظيم أهل الحديث لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم
وهو كذلك يعطينا أيضاً صورة طالب العلم كيف يأتي إلى المسجد النبوي وإلى المعلم بهذه الصورة: (شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر) فطالب العلم وخاصة العلماء تكون لهم هيئتهم ونظافتهم ومظهرهم.
وقد قالوا: كان مالك رحمه الله أشد الناس عناية باللباس، خاصة إذا درّس الحديث النبوي الشريف، وربما يبيع بعض أثاث بيته ليكمل هيئته في لباسه من أجل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي قصة مجيء هارون الرشيد إليه، حينما جاء إلى المدينة وعلم بموطأ الإمام مالك ، وكان من قبل أبو جعفر المنصور أشار على مالك بهذا الكتاب المبارك.
وجاء هارون ومعه الأمين و المأمون وأراد لهما أن يسمعا الموطأ من مالك ، فطلبه بكتابه إلى دار الإمارة، فامتنع من الذهاب إليه، وقال: إن العلم يؤتى إليه ولا يأتي، فجاء هارون الرشيد بنفسه ليسمع الموطأ من مالك ، فلما وصل إلى باب بيته وأخبرته الخادمة أن هارون الرشيد على بابه، أبطأ حتى جاء إلى هارون وأذن له بالدخول، فقال له هارون الرشيد : ما هذا يا مالك ! طلبناك فامتنعت علينا، وجئناك فأوقفتنا على بابك؟! قال: يا أمير المؤمنين! إن وقوف العلماء على أبواب الأمراء يزري بهم، ووقوف الخلفاء على باب العلماء يعلي شأنهم، ثم إني علمت أنك جئت إلى بيتي، لا تريد دنيا ولا مالاً إنما تريد العلم، فذهبت فاغتسلت، ولبست ثيابي وتهيأت كي ألقي عليك من سنة رسول الله وأنا على أحسن حال.
وهكذا ينبغي لطالب العلم! كان بعض إخواننا الذين درسنا معهم في هذا المسجد النبوي الشريف كتاب بلوغ المرام، ورياض الصالحين، ونيل الأوطار، وهذا الكتاب المبارك الموطأ، كانوا في النهار يعملون في الأسواق على لقمة العيش بعفة وباستغناء عن الناس، فإذا جاء وقت الدرس بين المغرب والعشاء، كأنهم أقمارٌ في هذا المسجد في نظافتهم وهيئتهم ونور وجوههم، وهكذا: فقد كانوا في النهار عمالاً يسعون على أرزاقهم وعند الدرس لا تفرق بين أحسن إنسان في المسجد وبين هؤلاء الطلبة.
وهكذا يرسم لنا جبريل الطريق، ثم ها هو يأتي في بعض الروايات: ( أنه وقف بعيداً وقال: يا محمد أأدنو؟ قال: ادن، ثم دنا قليلاً، وقال: أأدنو؟ قال: ادن، إلى أن وصل إلى مكانه وجلس ).
وبعض الكتب تذكر أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم مجلس خاص؛ لأن الأعراب حينما كانوا يأتون إليه لا يفرقون بينه وبين سائر المسلمين ولا يعرفونه، فجعل له مجلساً خاصاً يميزه عند من يأتيه وهو لا يعرفه فيقصده صلى الله عليه وسلم، ولكني لم أجد في من أرّخ للمسجد النبوي هذا المجلس الخاص يذكرون أسطوانة الوفود في الروضة، التي كان يستقبل عندها الوفود، ويذكرون غيرها من الأسطوانات مثل أسطوانة السرير عند الاعتكاف، وأسطوانة التوبة لـ أبي لبابة ، وأسطوانة المخلقة التي كان يجلس عندها ويجلس عنده شيوخ بني هاشم أو شيوخ المهاجرين الذين يوجدون بالمدينة إلى غير ذلك من الأماكن.
التوحيد الخالص
2011-09-09, 19:34
تخفي جبريل حتى خفي على النبي صلى الله عليه وسلم
قول عمر رضي الله تعالى عنه: (إذ طلع)، هذه (إذ) الفجائية، كأننا فوجئنا بشخصٍ.
وانظر إلى دقة الوصف: (شديد بياض الثياب)، كأنه خارج من الحمام، (شديد سواد الشعر)، كأنه لم يمش خطوة في شارع، (لا يرى عليه أثر السفر) لنصاعة بياض ثيابه، ونقاء شعره من وعثاء السفر.
(ولا يعرفه منا أحد) ، أي: لا هو مسافر من بعيد، ولا هو من أهل البلد نعرفه، فلو كان من أهل المدينة لعرفه منا أحد، فلم يكن أحد من أهل المدينة يعرفه، ولم يكن قادماً من سفر، إذاً: من أين جاء؟ عمر يصف لنا الواقع، ويصف صورة مجيء جبريل التي تثير التساؤل! نحن الآن نفرض لو أننا جلوس ورأينا واحداً وهو قاعد في الوسط أطول من الحاضرين بمتر، لا نعرفه ولم نر عليه أثر السفر، نقول: من أين جاء؟ طلع من الأرض أو نزل من السماء؟! ما رأينا الأرض انشقت عنه، ولا رأينا السقف انفرج عنه ونزل، ولكن جاء بصورة رجل ودخل واستأذن، فهو رجلٌ؛ لكن من أين جاء؟ هل أحد قال: إنه رأى جدران المسجدان تنشق عنه وهو يخرج منها؟ فاقترب جبريل عليه السلام وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أسند الركبتين إلى الركبتين، وأخذ كفيه وبسطهما ووضعهما على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (يا محمد!).
ومعلوم بأن نداء النبي صلى الله عليه وسلم باسمه لا يجوز، قال تعالى: { لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا } [النور:63] ، وإنما يقال: يا نبي الله، يا رسول الله، فكيف جبريل نفسه يقول: يا محمد؟ هذا الأسلوب يتخذه الأعراب، فكأن جبريل جاء ويسأل على الأسلوب الجاري عند أهل البادية وعلى طريقتهم بدون كلفة أو ألقاب ومقدمات.
ثم قال: (أخبرني عن الإسلام) فأجابه صلى الله عليه وسلم.
وهنا نتساءل: هل الرسول عرف بأنه جبريل حينما قال: يا محمد، ثم جاراه في الأسئلة والأجوبة، أم أنه لم يعرفه، وكأنه رجلٌ من الرجال يسأل عن الإسلام وهو يجيبه؟ يرى بعض العلماء أنه لم يعرفه، ويروي في ذلك: ( ما التبس عليّ جبريل قط حينما يأتيني إلا هذه المرة، وما عرفته إلا بعد أن ولى )، فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه ما عرف السائل بأنه جبريل عليه السلام حتى ولى، فعرف من توليه أنه جبريل، وقال: ( ردوا عليّ الرجل ).
لماذا يقول: ردوه؟ فما دام سأل وأخذ الجواب، فلماذا لم يتركه يذهب لحاله؟ لأنه تذكر بأنه جبريل عليه الصلاة والسلام.
التوحيد الخالص
2011-09-09, 19:35
هذه بعض الفوائد من شرح
عطية بن محمد سالم (المتوفى : 1420هـ)
مصدر الكتاب : دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية
http://www.islamweb.net
[الكتاب مرقم آليا، ورقم الجزء هو رقم الدرس - 85 درس
التوحيد الخالص
2011-09-10, 10:24
تابع للحديث 2
(http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-05.HTM#_ftn1)
التوحيد الخالص
2011-09-10, 10:25
من يزيد على ما قلناه
يا أخي، أنتَ تسرع :sdf: لا أستطيع متابعتك هكذا :sdf:
أنا لم أكمل الحديث الثاني بعدُ.
فلو جعلنا لكل حديثٍ يومينِ! لكان أرفقَ، فقد أنشغلُ بأبحاثي، وقد تنشغلُ بما عندكَ..
التوحيد الخالص
2011-09-10, 15:57
نعم ممكن احذف الحديث الثالث
حسنا
قال: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا).
- (الإسلام) أي الذي سألَ عنه جبريلُ عليه السلام في قوله: (أخبرني عن الإسلام...).
- (أن تشهد أن لا إله إلا الله) أي: أن تعلم وتوقن وتحكمَ وتُخبرَ أن لا إله إلا الله، أي: لا معبودَ بحق إلا الله.
- (وأن محمدا رسول الله) أي: أن تؤمن بأن محمدا مُرْسَلٌ من عند الله حقا وصدقا، ومقتضى ذلك: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يُعبد الله إلا بما شرع.
- (وتقيم الصلاة) أي: الصلاة المفروضة، آتيا بواجباتها وأركانها، ومحققا شروطها، وأن تُفعل في الأوقات التي أمر الله تعالى، وأن لا تُؤخر عن أوقاتها.
- (وتؤتي الزكاة) أي: تُعطي الزكاة لمصارفها المذكورة في قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء.....)، طيبةً بها نفسُكَ.
- (وتصوم رمضان): أي: تصوم شهر رمضان.
- (وتحج البيت) أي: تقصد مكة لأداء المناسك المعروفة.
- (إن استطعتَ إليه سبيلا)، قيَّد الحج بالاستطاعة، مع أن الواجبات كلَّها كذلك؛ لسببين:
1- اتباعا للفظ القرآن، فالله قال: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا).
2- لأن عدم الاستطاعة في الحج هي الغالبة، وأما الصلاة فلا تسقط بحال -عند الجمهور-.
- (قال: صدقتَ، فعجبنا له يسأله ويصدقه!).
- (قال) أي: جبريل عليه السلام.
- (صدقتَ) أي: وافقَ كلامُكَ الواقعَ؛ وهذا حقيقة الصدق -عند جماهير البلاغيين! خلافا للنظام والجاحظ-.
- (فعجبنا له) أي: منه.
- (يسأله ويصدقه) هذا -والله أعلم- استئنافٌ بياني، فقوله: (فعجبنا له) كأن سائلا يسأل: لماذا عجبتُم له، قال: (يسأله ويصدقه) أي: لأنه يسأله ويصدقه.
وتوجيه ذلك، أن سؤالَه دليلٌ على عدم علمه -في الأصل-، وتصديقه دليلٌ على علمهِ بالجواب قبلُ؛ فحصل التناقضُ في ظاهر الحال!
- وعَـجَـبُ الصحابةِ من هذا: دليل على ذكائهم وفطنتِهم رضي الله عنهم [قاله بمعناه ابن عثيمين في شرحه المسموع].
- (قال أخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره).
- (قال): اي: جبريل عليه السلام.
- (أخبرني عن الإيمان) أي: عن حقيقته الشرعية.
- (قال: أن تؤمن)، وهذا مشكلٌ، وذلك لأنه صدَّر تعريف الإيمان بلفظ من جنسه، ويلزم منه الدور -كما ذكره المناطقة في الحدود والتعريفات-؛ إذْ لا يصح -لغة ولا عقلا- أن تقول مثلا: الأكل أن تأكل، والشرب أن تشرب، والقيام أن تقوم.....
فكيف قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإيمان أن تؤمن....)؟
الجواب أن يُقال:
إن النبي صلى الله عليه وسلم يُعرِّف الإيمان الشرعيَّ، فقال فيه: (أن تؤمن) وهذا مرادٌ به المعنى اللغوي للإيمان وهو التصديق.
فكأن المعنى: (الإيمان شرعا: أن تصدق.....الخ)، فاندفع الإشكال.
يُتبع.......... تفصيل أركان الإيمان إن شاء الله تعالى
- (أن تؤمن بالله)، والإيمان بالله هو :
1- الإيمان بوجوده.
2- الإيمان بربوبيته -وهو أن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت، إلى غير ذلك من أفراد الربوبية-.
3- الإيمان بألوهيته -وهو أن الله هو المستحق للعبادة وحده دونما سواه-.
4- الإيمان بأسمائه وصفاته -وهو أن يُثبَت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ويُنفى عنه ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم-.
- (وملائكته)، والملائكة: عالم غيبي مخلوقون من نور، ولفظة (الملائكة) مشتقة من الألوكة وهي الرسالة، وذلك أن الملائكة مُرْسلون بشيء ما، قال الله تعالى: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس)، وقال الله تعالى: (جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة).
والإيمان بالملائكة يشمل أمورا:
1- الإيمان بوجودهم.
2- الإيمان باسم من بلغنا اسمُه، والباقي نؤمن بهم إجمالا.
3- الإيمان بصفة من بلغتنا صفتُه.
4- الإيمان بعمل من بلغنا عملُه الخاص.
- (وكتبه)، والكتب: جمع كتاب، بمعنى: مكتوب، وكل رسول أُنْزل معه كتابٌ، والدليل قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب)، فالكتاب: مفرد في اللفظ، وهو في المعنى جمع؛ إذْ ليس كل الرسل أُنزل معهم كتابٌ واحد يتكرر الكتابُ نفسُه بتجدد شريعة نبي ما!
فجاءت لفظة (النبيين) وهي جمع، و(الكتاب) وهو في المعنى جمع، والقاعدة: أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحادا، والمعنى: كل نبي وكتابه.
والإيمان بالكتب يشمل أمورا:
1- الإيمان بأن نزولها من عند الله حق.
2- الإيمان باسم من بلغنا اسمُه منها.
3- الإيمان بما صح من أخبارها، والكتب السابقة قد حُرِّفت، فلذلك لا يُصدق شيء منها خشية أن يكون كذبا -إلا ما وافق شرعنا، فنصدقه لأنه وارد في شرعنا-، ولا نكذب ما جاء في الكتب السابقة لاحتمال أنه حق -إلا ما ورد تكذيبه في شرعنا-.
أما القرآن الكريم، فيجب التصديق بكل ما فيه.
4- العمل بما لم يُنسخ من الكتب السابقة، وجميع الكتب منسوخ بالقرآن، فلا يعمل بشيء من الشرائع السابقة إلا ما أقره القرآن وأوردَه موردَ المدح، فإن الصحيح: أن شرع من قبلنا شرعٌ لنا، ما لم يرد شرعنا بخلافه.
يُتبع......
التوحيد الخالص
2011-09-10, 20:01
بارك الله فيك افيدين افادك
تقول الحكمة
من عمل بما علم اورثه الله مالم يعلم
التوحيد الخالص
2011-09-11, 10:28
نكمل ما تبقى من حديث جبريل
التوحيد الخالص
2011-09-11, 10:28
تعالو معنا لنتذاكر
التوحيد الخالص
2011-09-11, 14:20
حسنا غدا اضيف الحديث بارك الله فيك اكتبي يتبع لكي لا ازيد حديث اخر وعذرا مرة اخرى
حسنا غدا اضيف الحديث بارك الله فيك اكتبي يتبع لكي لا ازيد حديث اخر وعذرا مرة اخرى
كتبت في آخر مشاركة لي (يُتبع....)
التوحيد الخالص
2011-09-11, 14:34
لم ارها عذرا
- (ورسله) والرسل: جمع رسول، وهو من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه -على المشهور- وفيه بحث.
والإيمان بالرسل يشمل أمورا:
1- الإيمان بأنهم مرسلون من عند الله حقا وصدقا.
2- الإيمان بمن بلغنا اسمه منهم باسمه، والباقي نؤمن بهم إجمالا.
3- الإيمان بما صح عنهم من أخبارهم.
4- العمل بشريعة من أرسل إلينا وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
- (واليوم الآخر)، وهو يوم القيامة، سمي يوم الآخر؛ لأنه آخر الأيام، فبعده إما الجنة وإما النار.
وقد جاء في عبارات بعضهم: (لأنه آخر أيام الدنيا!!) مع أن اليوم الآخر من الآخرة! ولكنهم يتسامحون في مثل هذا؛ لأن القاعدة عندهم: أن الشيء إذا كان له جزءان، فأول الجزء الثاني يصح أن يُجعل آخر الجزء الأول، كما صح في الحديث: (المغرب وتر النهار) مع أنها في أول الليل.
والإيمان باليوم الآخر يشمل الإيمان بكل ما يكون بعد الموت:
1 - فتنة القبر.
2- عذاب القبر، ودليله ما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين، فقال: (إنهما ليُعذبان....) الحديثَ، وجاء في القرآن الإشارة إليه في قوله تعالى عن آل فرعون: (أُغْرِقوا فـــأُدْخلوا)، وفي قوله تعالى عن آل فرعون أيضا: (النار يُعرضون عليها غدوا وعشيا) هذا في البرزخ (ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب).
ونعيم القبر، وقد جاء مع سابقه في حديث البراء الطويل.
3- الحساب والجزاء، والنصوص فيها كثيرة.
4- الجنة والنار، والآيات والأحاديث فيها متكاثرة.
وكما تقدم، يدخل في الإيمان باليوم الآخر: كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت -كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الواسطية-.
يُتبع................
- (وتؤمن بالقدر خيره وشره).
كرر العامل (تؤمن) لأمرين:
1- لطول العهد بالعامل الأول، وهو مسوِّغ للتكرار، كما في قوله تعالى: (إني رأيتُ أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين).
2- أو للاهتمام بشأن القدر.
والقدر هو تقدير الله للكائنات بحسب ما سبق به علمه واقتضته حكمته.
والإيمان بالقدر يشمل أربعة أمور، تُعرف بـ: مراتب القدر، وهي التي جمعها الناظم في قوله:
علم كتابة مولانا مشيئته ----- وخلقه وهو إيجاد وتكوين
1- العلم، وهو أن الله علم الأشياء قبل حدوثها، جملة وتفصيلا.
2- الكتابة، وهو أن الله كتب ما هو كائن إلى يوم القيامة.
وقد جاء في هذين المرتبتين قولُه تعالى: (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب).
3- المشيئة، وهو أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
4- الخلق، وهو أن الله خلق الخلائق، بذواتهم وصفاتهم وحركاتهم وأفعالهم، قال الله تعالى: (الله خالق كل شيء)، وقال الله تعالى عن أفعال العباد: (والله خلقكم وما تعملون) -في أحد القولين في معنى الآية-.
- قوله: (خيره وشره)، الخير والشر راجعان إلى القدر بمعنى المقدور، فالمقدور، يكون فيه خير وشر.
ولكنَّ فعلَ الله كلَّه خير، كما جاء في صحيح مسلم:: (والشر ليس إليكَ).
فأفعال الله كلها خير، لأنه قدرها لحكمة جليلة، ولكنْ يكون الخير والشر في مقدوره.
فمثلا: الزلازل والمصائب وما إلى ذلك: شرٌّ، لأن فيها ضررا، ولكنَّها بالنسبة إلى فعل الله: خير، لأنه قدرها لمصحلة عظيمة، قال الله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليُذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون).
- ولم يقل جبريل عليه السلام هنا: (صدقتَ)؛ لأنه لما صدقه في بعضٍ، عُلِم أنه يصدقه في الجميع.
ويحتمل أنه قالها، إلا أن الراويَ اختصر، ولهذا أخرجها الترمذي -فيما أذكر- بالتصديق في الجميع.
يُتبع...........
- (قال: أخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
الإحسان: هو الإتقان والإجادة، والإتيان بالحسن.
وفي الشرع: (أن تعبد الله كأنك تراه) أي: الإحسان أن تكون في عبادتك لله على حالٍ كحالِ مَن يرى ربَّه.
والإنسان إذا عبد الله في مثل هذا الحال، لا يترك شيئا من أنواع الكمالات إلا أتى به، ظاهرا وباطنا.
ولهذا كان مردُّ الإحسان، هو إحسان الظاهر والباطن، إحسان الباطن: بالإخلاص، وإحسان الظاهر بالمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم.
- (فإن لم تكن تراه فإنه يراك) أي: إن لم تقدر أنك ترى ربك، فاعلم أنه يراكَ.
وهاتان هما مرتبتَا الإحسان: مرتبة المشاهدة، ومرتبة المراقبة.
يُتبع............
التوحيد الخالص
2011-09-11, 19:31
بارك الله فيك
- (قال: فأخبرني عن الساعة) أي: عن وقتها، أما هي في نفسها فلا ريب فيها، كما قال تعالى: (إن الساعة آتية لا ريب فيها).
- (قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل) أي: كلنا في عدم العلم بوقتها سواء.
ولم يقل له: (لستُ بأعلم بها منكَ)، لأجل أن لا يظن ظان اختصاص عدم العلم بهما، وأنه يُمكن لأحد أن يعلم ذلك!!
فقال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل) أي: أن كل سائل وكل مسؤول كذلك.
- (قال: فأخبرني عن أماراتها) أي: علاماتها.
- (قال: أن تلد الأمة ربتها)، وهذه اختلف في معناها أهلُ العلم، فمما قيل: إنه كناية عن كثرة التسرِّي.
ورُدَّ: بأن هذا كان أولَ الإسلامِ، فلا يُمكن أن يُجعل علامة على الساعة!
وردَّ هذا الرد: بأنه قد جُعِل موت النبي صلى الله عليه وسلم علامة على الساعة، كما في الحديث: (اعدد ستا بين يدي الساعة: موتي، وفتح بيت المقدس.....)، وموت النبي صلى الله عليه كان في السنة 11 للهجرة.
وأُجيب عنه: بأن موت النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن واقعا وقتَ الإخبار، فصح أن يُجعل علامة، بخلاف كثرة التسري فكان حاصلا وقت الخطاب، فلا يُمكن جعله علامة على الساعة! كذا قيل.
وقيل: غير ذلك في معنى الحديث.
- (وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان).
- الحفاة: جمع حافٍ، وهو من لا نعلَ برجله.
- والعراة: جمع عار، وهو من لا ثوبَ عليه.
- ورعاء الشاء: أي: رعاة الضأن.
- يتطاولون في البنيان: وفي هذا تغير أحوالهم مما سبق إلى أن صاروا يتباهون في علو البنيان.
- إشكال: جاء في السؤال: (أخبرني عن أماراتها)، وذكر له أمارتين؟
ويُجاب عن هذا الإشكال:
1- أن أقل الجمع اثنان.
2- أنه ذكر له علامة ثالثة، كما جاء في بعض الروايات: (وأن ترى الحفاة يترأسون الناس).
يُتبع...........
- (ثم انطلق): أي: جبريل عليه السلام.
- (فلبثتُ مليا) أي: وقتا طويلا، وجاء في بعض الروايات أنها ثلاثة أيام.
- (ثم قال: يا عمر، أتدري من السائل؟)، وفي هذه الجملة: إخراج الفائدة مخرج السؤالِ، وذاك أدعى لرسوخها في الذهن، وله نظائرُ كثيرة في السنة النبوية.
- (قلتُ: الله ورسوله أعلم)، وفيه عِظم فقه الصحابة، حيث رد عمرُ رضي الله عنه العلم إلى الله ورسوله، ولم يتكلف ما لم يعلمه.
- (قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينَكم)، فجعله معلما، مع أن المعلم هو النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن جبريل عليه السلام كان سببا في السؤال، والمتسبب كالمباشر.
انتهى الحديث الثاني ................. ولله الحمد
التوحيد الخالص
2011-09-12, 10:30
بارك الله فيك
التوحيد الخالص
2011-09-12, 11:01
شرح الاربعين النووية
الشيخ محمد بن صالح بن العثيمين
الحديث الثالث
عَنْ أَبِيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْن الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ النبي http://vb.islam2all.com/images/smilies/words/Sala-allah.png يَقُوْلُ: (بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البِيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ)[50] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-05.HTM#_ftn1)
الشرح
التوحيد الخالص
2011-09-12, 11:02
الشرح
عَنْ أَبِيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هذه كنية، عبد الله بن عمر هذا اسم علم.
والكنية: كل ما صدر بأبٍ، أو أم، أو أخ، أو خالٍ، أو ما أشبه ذلك. والعلم: اسم يعين المسمى مطلقاً.
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال العلماء: إذا كان الصحابي وأبوه مسلمين فقل: رضي الله عنهما، وإذا كان الصحابي مسلماً وأبوه كافراً فقل: رضي الله عنه .
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ: بُنِيَ الإِسْلامُ الذي بناه هو الله عزّ وجل، وأبهم الفاعل للعلم به، كما أُبهم الفاعل في قوله تعالى: ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً) (النساء:الآية28) فلم يبين من الخالق، لكنه معلوم، فما عُلم شرعاً أو قدراً جاز أن يبنى فعله لما لم يسم فاعله.
عَلَى خَمْسٍ أي على خمسِ دعائم.
شَهَادَة أنْ لا إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ (شهادة) يجوز فيها وجهان في الإعراب:
الأول: الضم (شهادةُ) بناء على أنها خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: هي شهادة.
والثاني: الكسر (شهادةِ) على أنها بدل من قوله: خمس، وهذا البدل بدل بعض من كل.
وقد سبق الكلام على الشهادتين في شرح حديث جبريل عليه السلام[51] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-05.HTM#_ftn2)
وَإِقَامِ الصّلاةِ، وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البّيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَان وهذا سبق الكلام عليه في شرح حديث جبريل عليه السلام[52] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-05.HTM#_ftn3).
لكن في هذا الحديث إشكال وهو:تقديم الحج على الصوم.
والجواب عليه أن يقال: هذا ترتيب ذكري، والترتيب الذكري يجوز فيه أن يقدم المؤخر
كقول الشاعر:
إن من ساد ثم ساد أبوه ثم ساد من بعد ذلك جده
فالترتيب هنا ترتيب ذكري.
وقد سبق في حديث جبريل تقديم الصيام على الحج،
ونقول في شرح الحديث:
إن الله عزّ وجل حكيم، حيث بنى الإسلام العظيم علىهذه الدعائم الخمس من أجل امتحان العباد.
- الشهادتان: نطق باللسان، واعتقاد بالجنان.
- إقام الصلاة: عمل بدني يشتمل على قول وفعل، وما قد يجب من المال لإكمال الصلاة فإنه لا يعد منها، وإلا فمن المعلوم أنه يجب الوضوء للصلاة، وإذا لم تجد ماءً فاشتر ماءً بثمن ، ومن المعلوم أيضاً أنك ستستر العورة في الصلاة وتشتري السترة بمال لكن هذا خارج عن العبادة، ولذلك نقول:إن الصلاة عبادة بدنية محضة.
- إيتاء الزكاة: عبادة مالية لا بدنية، وكون الغني يجب أن يوصلها للفقير، وربما يمشي وربما يستأجر سيارة، هذا أمر خارج عن العبادة، ولهذا لو كان الفقير عند الغني أعطاه الدراهم مباشرة بدون أي عمل، ولا نقول: اذهب أيها التاجر إلى أقصى البلد ثم ارجع.
- صوم رمضان: عبادة بدنية لكن من نوع آخر، الصلاة بدنية لكنها فعل، والصيام بدني لكنه كف وترك، لأنه قد يسهل على الإنسان أن يفعل،ويصعب عليه أن يكف، وقد يسهل عليه الكف ويصعب عليه الفعل، فنوعت العبادات ليكمل بذلك الامتحان، فسبحان الله العظيم.
- حج البيت: هل يتوقف الحج على بذل المال؟
فيه تفصيل: إذا كان الإنسان يحتاج إلى شد رحل احتاج إلى المال، لكن هذا خارج العبادة، هذا من جنس الوضوء للصلاة.
وإذا قدرنا أن الرجل في مكة فهل يحتاج إلى بذل المال؟
الجواب: إذا كان يستطيع أن يمشي على رجليه فلا يحتاج إلى بذل المال، والنفقة من الأكل والشرب لابد منها حتى وإن لم يحج.
لذلك الحج - عندي- متردد بين أن يكون عبادة مالية، أوعبادة بدنية مالية، وعلىكل حال إن كان عبادة مالية بدنية فهو امتحان.
فصارت هذه الحكمة العظيمة في أركان الإسلام أنها:
بذل المحبوب، والكف عن المحبوب، وإجهاد البدن، كل هذا امتحان.
بذل المحبوب: في الزكاة ،لأن المال محبوب إلى الإنسان،كما قال الله عزّ وجل: (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) [العاديات:8] وقال:( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) (الفجر:20)
والكف عن المحبوب: في الصيام كما جاء في الحديث القدسي: يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِيْ [53] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-05.HTM#_ftn4).
فتنوعت هذه الدعائم الخمس على هذه الوجوه تكميلاً للامتحان، لأن بعض الناس يسهل عليه أن يصوم، ولكن لا يسهل عليه أن يبذل قرشاً واحداً، وبعض الناس يسهل عليه أن يصلي،ولكن يصعب عليه أن يصوم.
ويذكر أن بعض الملوك وجبت عليه كفارةفيها تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. فاجتهد بعض العلماء وقال لهذا الملك: يجب عليك أن تصوم شهرين متتابعين ولا تعتق، فقيل للمفتي في ذلك فقال: لأن الشهرين أشق على هذا الملك من إعتاق رقبة، والمقصود بالكفارة محو ما حصل من إثم الذنب، وأن لا يعود.
فنقول: هذا استحسان لكنه ليس بحسن وفي غير محله لأنه مخالف للشرع، فألزمه بما أوجب الله عليه وحسابه على الله عزّ وجل، وليس إليك.
[50] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-05.HTM#_ftnref1) سبق تخريجه صفحة (57)
[51] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-05.HTM#_ftnref2) صفحة (21)
[52] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-05.HTM#_ftnref3) صفحة (22)
[53] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-05.HTM#_ftnref4) - أخرجه البخاري – كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله) ، (7492)، ومسلم – كتاب الصيام، باب: فضل الصيام، (1151)،(164).
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-12, 15:21
برك الله فيكم
أسأل الأخت أم حاتم أن تتابع ولا تبخل علينا من علمها
والله لقد وجدت في كلامها فوائد مرتبه ومبسطة أستأذنها في نسخ كلامها للاستفادة منه
وبرك الله فيكم
samou el fedjm
2011-09-12, 15:27
يا جماعة الخير ليس هكذا
فهذه أصبحت تفوات وقت
على الأقل حديث كل يومين فأنا لا أدرك ما تكتبون
التوحيد الخالص
2011-09-12, 15:59
نحن الان حديث كل يومين اخي بارك الله فيك
برك الله فيكم
أسأل الأخت أم حاتم أن تتابع ولا تبخل علينا من علمها
والله لقد وجدت في كلامها فوائد مرتبه ومبسطة أستأذنها في نسخ كلامها للاستفادة منه
وبرك الله فيكم
أشكرك جزيل الشكر على التشجيع .... ولا بأس بالنقل للاستفادة (وحقوق الطبع محفوظة :))
يا جماعة الخير ليس هكذا
فهذه أصبحت تفوات وقت
على الأقل حديث كل يومين فأنا لا أدرك ما تكتبون
نعم، نحن الآن نكتب حديثا في كل يومين، وإن شئتَ أن نزيد يوما ثالثًا، كان أَرْيَـحَ لي :) ولعله أَرْيَحُ للمذَاكِرِين جميعا أيضا.
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-12, 18:20
ولا بأس بالنقل للاستفادة (وحقوق الطبع محفوظة )
جزاك الله خيرا.
التوحيد الخالص
2011-09-12, 18:50
بارك الله في الجميع وزادكم الله حرصا
التوحيد الخالص
2011-09-13, 09:35
سيكون حديث كل ثلاثة ايام ان شاء الله
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-13, 09:48
لقد قمت بنسخ شرحك على الحديثين وأعدت مراجعتهما، صراحة الله يبارك فيك وفي علمك، وأنا بجمعي لهذه الشروح قد أغنيك عن إعادة جمعها، وعند الانتهاء من الأربعين أو الخمسين حديثا يكون الشرح عندي منظم ومرصص، وعندها من أراد نسخة من شرحك سارسلها له لغاية نشر العلم وجزاكم الله خيرا.
التوحيد الخالص
2011-09-13, 09:53
بارك الله فيك وزادك الله حرصا
لقد قمت بنسخ شرحك على الحديثين وأعدت مراجعتهما، صراحة الله يبارك فيك وفي علمك، وأنا بجمعي لهذه الشروح قد أغنيك عن إعادة جمعها، وعند الانتهاء من الأربعين أو الخمسين حديثا يكون الشرح عندي منظم ومرصص، وعندها من أراد نسخة من شرحك سارسلها له لغاية نشر العلم وجزاكم الله خيرا.
أشكرك جزيل الشكر.
التوحيد الخالص
2011-09-13, 20:21
نكمل الحديث الثالث ويوم الجمعة الحديث الرابع ان شاء الله متفقين ...........
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-14, 08:46
أخي ما تريدونه أنتم نحن معكم، المهم أن نتمّ الأحاديث النووية بالشرح والتبسيط، فهي مذاكرة، والشيء إذا تكرر تقرر، نحن معكم للأمام أخي، ولكن بشويش كما يقال، وطريقة أم حاتم ممتازة في الشرح، تأتي على شطر أو شطرين من الحديث وتشبعه شرحا مبسطا مختصرا يفهمه كلّ من قرأه، أفضل من وضع شرح للحديث بالكامل يكون طويلا ومملا، قال علي رضي الله عنه" روّحوا القلوب واطلبوا لها طرف الحكمة فإنها تملّ كما تملّ الأبدان" وجزاكم الله خيرا
التوحيد الخالص
2011-09-14, 14:13
نعم اتفقنا كل ثلاثة ايام ان شاء الله
- (وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:......).
- طريقة المصنف رحمه الله تعالى أنه يذكر اسم الراوي وكنيته، واسم أبيه عند أول حديثٍ لذلك الراوي، ثم يقتصر على اسم الشهرة له، اسمًا كان أو كنيةً، والله أعلم.
- (سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم) هذا تقدم نظيره، وفيه إيجازٌ بالحذف، تقديره: سمعتُ صوتَه أو كلامه، لا ذاتَه؛ لأن الذات لا تُسمع.
- وسمعتُ: أرفع صيغةٍ للتحمل عند أهل الحديث، كما قال الجلال السيوطي في ألفية الحديث:
أعلى وجوه من يريد حَمْـلا ----- سماعُ لفظِ الشيخ أمْلَى أَمْ لَا
مِن حفظٍ اَو مِن كتبٍ ولو ورَا ---- سترٍ ..................................
- وسمعتُ تتعدى لمفعول واحد على الصحيح، خلافا لأبي علي الفارسي، وهو اختيار صاحب المقدمة الآجرومية، فإنهما ذكرا أن (سمعتُ) تتعدى لمفعولين، والصواب الأول.
وثمرة الخلاف -في هذا الموضع- في إعراب (يقول)، فعلى قول أبي علي وصاحب المقدمة تكون مفعولا ثانيا.
وعلى قول الجمهور، وهو الصحيح، يكون إعرابها: حالا، والتقدير: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حالَ كونه قائلًا...
التوحيد الخالص
2011-09-14, 14:47
بارك الله فيك احسنت جزاك الله خيرا
(بُني الإسلام على خمس.....).
- (بُني) فعل ماض مبني لما لم يُسَم فاعله، والفاعل هنا هو الله تعالى، حُذِفَ للعِلْمِ به، كما حُذِف في نحو: (خُلِقَ الإنسان من عجل)، والخالق هو الله.
ومن هنا كان تسمية هذه الأفعال بـ (المبنية للمجهول) خطأً؛ لأن حذف الفاعل وإقامة المفعول به مقامه لا تكون للجهل بالفاعل فحسب، بل له أغراض كثيرة، تُذكر في علم المعاني عند البلاغيين.
- (بُني الإسلام على خمس) فيه استعارةٌ؛ وهذا على طريقة من يقول بالمجاز، لأن الاستعارةَ مجازٌ مرسَلٌ علاقتُه المشابهة.
ومن هنا يُخطئ كثيرون من طلَّاب العلم، ممَّن يتبنَّون نفي المجاز، فتجدهم يُثبتون الاستعارةَ!!! وهو تناقض.
-الاستعارة في (بني الإسلام على خمس) على النحو الآتي: شُبِّه الإسلام بالبيت الذي من شأنه أن يُبنى، فحُذف المشبه به (البيت) ورُمز له بشيء من لوازمه وهو البناء، على طريقة الاستعارة المكنية.
- (على خمس) أي: خمس دعائم، كما روى ذلك المروزي في تعظيم قدر الصلاة صريحا.
وفي بعض الروايات: (على خمسةٍ) أي: أركان.
وإنما اختلف التقدير بين (خمس) -دعائم- و (خمسة) -أركان-، تبعا للقاعدة في العدد، وهو أنه يخالف المعدود في التذكير والتأنيث إذا كان العدد من الثلاثة إلى العشرة، قال ابن مالك:
ثلاثةً بالتاء قل للعشره ----- في عَـدِّ ما آحاده مذكره
في الضد جرِّد................. ----- ...............................
- (شهادةِ أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله).
- شهادةِ بالجر، لأنه بدلٌ من (خمسٍ)، وبدل المجرورِ مجرورٌ.
ويصح فيه الرفعُ، على القطع، وعليه ورد قول الله تعالى: (ضرب الله مثلا رجلين أحدُهما....) بالرفع.
- والشهادة: تتضمن الإعلام والإخبار والحكم ...... إلى آخر ما هنالك.
- (أن لا إله إلا الله) أي: لا معبود بحق إلا الله، (وسيأتي تفسير هذه الشهادة في موضعها من شرح ثلاثة الأصول).
- (وأن محمدا رسول الله) أي: الإقرار بأن محمدا مُرْسَلٌ من عند الله حقا، ومقتضى ذلك: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يُعبد الله إلا بما شرع.
- والشاهادتان جُعلا ركنا واحدا، لأنهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، وذلك أن العمل لا يُقبل إلا بشرطين:
1- الإخلاص لله.
2- المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
والشرط الأول مَــرَدُّه إلى شهادة أن لا إله إلا الله.
والشرط الثاني مردُّه إلى شهادة أن محمدا رسول الله.
والعلم عند الله تعالى.
يُتبع...........................
التوحيد الخالص
2011-09-14, 15:06
بارك الله فيك متعتينا متعك الله من خيرات الجنة
قلم العائد إلى رحاب الله
2011-09-14, 15:21
بارك الله فيك وجزاك كل خير
التوحيد الخالص
2011-09-14, 15:26
بارك الله فيك وجزاك كل خير وفيك بارك الله نرجوا ان تشاركنا بما لديك
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-14, 16:30
برك الله فيك الأخت ولكن لي طلب
اجتهدي في أن لا تتركي شيئا من الحديث ولو كلمة، إلا وتقومي بشرحها، ولا تقولي
- (أن لا إله إلا الله) أي: لا معبود بحق إلا الله، (وسيأتي تفسير هذه الشهادة في موضعها من شرح ثلاثة الأصول).
فأنا أجتهد في جمع ما تشرحين من الأربعين ومن تمام الفائدة أن يكون الشرح تاما غير ناقص، وأخبرك بأني سأحذف هذه الكلمة من الشرح وهي:
(وسيأتي تفسير هذه الشهادة في موضعها من شرح ثلاثة الأصول)
واصبري معي أختي في الدين وبرك الله فيكم
برك الله فيك الأخت ولكن لي طلب
اجتهدي في أن لا تتركي شيئا من الحديث ولو كلمة، إلا وتقومي بشرحها، ولا تقولي
فأنا أجتهد في جمع ما تشرحين من الأربعين ومن تمام الفائدة أن يكون الشرح تاما غير ناقص، وأخبرك بأني سأحذف هذه الكلمة من الشرح وهي:
(وسيأتي تفسير هذه الشهادة في موضعها من شرح ثلاثة الأصول)
واصبري معي أختي في الدين وبرك الله فيكم
جزاك الله خيرا.
ولكن، لا أنشط لتكرار المعلومات، ولذلك: تفصيل الكلام على الشهادة إما يكون في هذا الموضع وإما أن يكون في شرح ثلاثة الأصول، ورأيتُ أن الثاني أحسنُ لأن الكلام فيه على التوحيد.
ولكن، إن بدا لك أن أذكر شرحه هنا، وأحذفه من هناك، ذكرتُ ما يتعلق بالشهادة، وقد يكون فيها شيءٌ من الطول.
التوحيد الخالص
2011-09-14, 18:28
حسنا افعلي ما تشايئن ما ترينه مناسب بارك الله فيك
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-14, 18:43
إن بدا لك أن أذكر شرحه هنا، وأحذفه من هناك
لا أختي في الدين: اذكريه هنا ولا تحذفيه من هناك، وإن عجزت فعليك بالعملية المشهورة، نسخ من ذلك المكان ولصق في هذا المكان، أو اقول لك أختي في الدين: أكملي كما انت، فقد قمت بتعريف لاإله إلا الله باختصار: بأنها : لا معبود بحق إلاّ الله، وهذا يكفي بالنسبة لشرح الأربعين على الطريقة التي تسيرين عليها، ولكن غايتي كانت تذكرتك فيما هو آت، وأن لا تذكري شرح الأصول الثلاثة في هذا الشرح المبارك، وكذلك لا تذكري هذا الشرح عند شرحك لثلاثة اصول، لأني عزمت النية على نسخه أيضا وجعله في رسالة مستقلة من تأليف الأخت أم حاتم، وجزاك اللخ خيرا ولا تبخلي علينا بعلمك وبرك الله فيك، وأشكرك على طولت البال كما يقال عندنا.
التوحيد الخالص
2011-09-14, 18:47
غي الاعادة افادة
لا أختي في الدين: اذكريه هنا ولا تحذفيه من هناك، وإن عجزت فعليك بالعملية المشهورة، نسخ من ذلك المكان ولصق في هذا المكان، أو اقول لك أختي في الدين: أكملي كما انت، فقد قمت بتعريف لاإله إلا الله باختصار: بأنها : لا معبود بحق إلاّ الله، وهذا يكفي بالنسبة لشرح الأربعين على الطريقة التي تسيرين عليها، ولكن غايتي كانت تذكرتك فيما هو آت، وأن لا تذكري شرح الأصول الثلاثة في هذا الشرح المبارك، وكذلك لا تذكري هذا الشرح عند شرحك لثلاثة اصول، لأني عزمت النية على نسخه أيضا وجعله في رسالة مستقلة من تأليف الأخت أم حاتم، وجزاك اللخ خيرا ولا تبخلي علينا بعلمك وبرك الله فيك، وأشكرك على طولت البال كما يقال عندنا.
جزاك الله خيرا
فهمتُ قصدك الآن.
إذَن، إن كان ولابد من إحالةٍ ما لأحد الشرحين، فلكَ أن تحذفَه من غير إشكالٍ ولا حرجٍ، وسأحاول أن لا أُحيل على شيءٍ إن شاء الله تعالى.
التوحيد الخالص
2011-09-14, 18:52
بارك الله فيكم
- (وإقام الصلاة).
- وإقام الصلاة، أي: الإتيان بها في أوقاتها، تامةً شروطُها وأركانُها، مكملةً بسننها وآدابها.
والصلاة في اللغة: الدعاء، ومنه قوله تعالى: (وصل عليهم) أي: ادع لهم، وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الصائمَ إذا دُعِيَ: (أن يُصَلِّي) أي: يدعو لأهل الطعام بالبركة، وورد من شعر العرب قولُ الأعشى في معلقته:
تقول بنتي وقد قرَّبتُ مرتحلا ---- يا رب جنِّب أبي الأوصاب والوجعا
عليكِ مثلُ الذي صلَّيتِ فاغتمضي ---- نوما فإن لجنب المرء مضططجعا
أي: عليكِ مثل الذي دعوتِ.
ولابن القيم اعتراض على المعنى اللغوي للصلاة، ذكره في بدائع الفوائد، وذكر أن الصلاة في اللغة: الحنو والعطف.
والصلاة شرعا: أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.
- ولفظ (إقام) يحتمل اشتقاقه من:
1- من الإقامة -أخت الأذان-، وهذا غلط، لأنه يلزم منه أن تكون الإقامة شرطا لصحة الصلاة، وهو باطل، وقد قال به ابن كنانة من المالكية: أنَّ من ترك الإقامة عامدا بطلت صلاته، وهو قول شاذ.
2- من الإقامة، بمعنى: الدوام، ومنه: أقمتُ بمكان كذا، وهذا له وجه صحيح، فيكون معنى إقامة الصلاة: المداومة على فعلها، فلا تُترك.
3- من القيام: وهذا غلط، لأنه يلزم منه أن الصلاة لا تصح إلا من قيام، مع أن القيام ركن في حق القادر.
4- من التقويم، وهو التعديل، وهو معنى صحيح، وذلك بأن يُؤتى بالصلاة معدلة مُحسَّنةً، بشروطها وأركانها وواجباتها وما إلى ذلك.
يُتبع......................
التوحيد الخالص
2011-09-14, 19:29
السلام عليكم حين ذكرت الصلاة احببت ان اذكر هذه الابيات الجميلة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1-عَدَدُ رَكَعَات الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَةِ
وَرَكَعَاتُ الظُّهْرِ “““““““““““ مِثْلُ الْعِشَا والْعَصْر
أَرْبَعٌ أْمَّا الْمَغْرِبُ “““““““““““ فَهْيَ ثَلاَثاً تُحْسَبُ
وَالْفَجْرُ رَكْعَتَانِ ““““““““““ فَاحْذَرْ مِنَ التَّوَانِي
2-صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدْ
يَا أَيُّهَا الصَّغِيرُ “““““““““ هَيَّا بِنَا نَسِيرُ
جَمِيعُنَا لِلْمَسْجِدِ “““““““““““ لِلْفَوْزِ بِالتَّعَبُّدَ
بَعْدَ الطُّهُورِ الْمُقْتَفَى ““““““““““““““ عَنِ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى
أَمَا سَمِعْتُمُ النِّدَا “““““““““ يَدْعُو إِلَى خَيْرِ هُدَى
يَقُولُ فِي إِيضَاحِ “““““““““ (حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ )
هَيَّا الصَّلاَةَ السَّاعَهْ “““““““““ صَلُّوا مَعَ الْجَمَاعهْ
فَفَضْلُهَا عَظِيمُ ““““““““““““ وَنَفْعُهَا عَمِيمُ
نَحْنُ لَهَا نَشْتَاقُ ““““““““““““ وَتَرْكُهَا نِفَاقُ
بِهَا يَتِمُّ رَبْطُنَا “““““““““ يَا إخْوَتِي بِرَبِّنَا
تُمْحَى بِهَا الذُّنُوبُ “““““““““““ وَتُفْرَجُ الْكُرُوبُ
تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ “““““““““““ بِالْحُسْنِ فِي الأَدَاءِ
بِأَنْ تُؤَدَّى مِثْلَمَا ““““““““““ أَدَّى إِمَامُ الْعُلَمَا
وَلِصَلاَة الْفَجْرِ ““““““““““ نَنْهَضُ عِنْدَ الذِّكْرِ
وَإِنْ غُلِبْنَا نُوقَظُ “““““““““ مِنْ وَالِدٍ إِذْ يَنْهَضُ
وَرَبُّنَا الْمُوَفِّقُ “““““““““ لِصَادِقٍ إِذْ يَصْدُقُ
وَكُلُّنَا الصِّغَارُ ““““““““““ يُؤْسِفُنَا الْكِبَارُ
إِنْ تَرَكُوا الْمَسَاجِدَا “““““““““““ وَارْتَكَبُوا الْمَفَاسِدَا
لأَنَّهُمْ آبَاءُ ““““““““ فِيهِمْ لَنَا اقْتِدَاءُ
3- صِفَةُ الصَّلاَةِ
وَقِفْ مَعَ التَّذَلُّلِ “““““““““““ وَقِبْلَةً فَاسْتَقْبِلِ
وَكَبِّرَنَّ مُحْرِمَا ““““““““““ مُفْتَتِحاً مُعَظِّمَا
وَاسْتَعِذَنْ مُبَسْمِلاَ “““““““““““ سِرَّا وَجَهْراً نُقِلاَ
وَبَعْدَ ذَاكَ رَتِّلِ ““““““““““ أُمَّ الْكِتَابِ الْمُنْزَلِ
فَسُورةً مِنَ السُّوَرْ “““““““““ أَوْ بَعْضَهَا حَسْبَ الْوطَرْ
فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَهْرَا “““““““““““““ إِنْ لَمْ يَكُنْ فَسِرَّا
وَيَكْتَفِي مَنْ يَقْتَدِي ““““““““““““ بِالأُمِّ فَافْهَمْ تَهْتَدِ
وَاهْوِ إِلَى رُكُوعِكَا ““““““““““““ مُسَوِّياً لِظَهْرِكَا
وَسَبِّحَنْ مُسْتَغْفِرَا “““““““““ وَاحْمَدْ وَعَظِّمْ مُكْثِرَا
ثُمَّ ارْفَعَنْ مُعْتَدِلاَ ““““““““““ مُسَمْعِلاً مُحَمْدِلاَ
وَبَعْدَ ذَاكَ فَاسْجِدِ “““““““““““ مُسَبِّحاً للصَّمَدِ
وَدَاعِياً مُنَاجِيَا ““““““““““ وَلِلْقَبُولِ رَجِيَا
ثُمَّ ارْفَعَنَّ وَاقْعُدَا “““““““““““ وَافْتَرِشَنْ مُتَّئِدَا
وَاسْتغفِرَنْ لِذَنْبِكَا “““““““““ مُسْتَرْحِماً إلَهَكَا
وَاسْجُدْ أَخِيراً مِثْلَمَا ““““““““““ سَجَدْتَ قَبْلُ فَافْهَمَا
ثُمَّ افْعَلَنْ فِي اللاَّحِقَهْ “““““““““““ مَا قَدْ مَضَى فِي السَّابِقَهْ
وَبَعْدَهَا فَلْتَقْعُدَا “““““““““ لِتَقْرَأَ التَّشَهُّدَا
وَبِالسَّلاَمِ فَاخْتَتِمْ ““““““““““ فَجْراً وَإِلاَّ فِلْتَقُمْ
لِمَا بَقِيْ مُسْتَكْمِلاَ ““““““““““ كَمَا مَضَى مُفَصَّلاَ
منقـــــــول
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-15, 07:59
برك الله فيكما
- (وإيتاء الزكاة).
- إيتاء الزكاة، أي: إعطاؤها لمستحقيها، طيبةً بها النفسُ.
- والزكاة في اللغة: الزيادة والنمو، ومنه قولهم: زكا الزرع.
وفي الشرع: إخراج جزء مخصوص من مال مخصوص إلى أفراد مخصوصين.
- فالجزء المخصوص: هو مقدار الزكاة، وهو يختلف باختلاف الأصناف الزكوية.
- والمال المخصوص: هي الأموال التي تجب فيها الزكاة، إذْ ليس كل مال تجب فيه الزكاة.
- والأفراد المخصوصون: هم الأصناف الثمانية المذكورون في سورة التوبة في قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم).
- وأخذ أهل العلم من قوله: (إيتاء الزكاة) أن الزكاة لابد فيها من إيتاء، فلا يُجزئُ فيها الإسقاط.
فلو فرضنا أن رجلا حسب مقدار زكاته فإذا هي 10000 دينار، وله دينٌ على فقير بمقدار 10000 دينار، فلا يُجزئه أن يقول للفقير: ذلك الدين الذي لي عليكَ خذْهُ، وهو زكاتي!
لأنه وإن وقع المال في يد مستحقه إلا أنه لم يُؤْتِه، وإنما أقسطَ حقا له على غيره.
والله تعالى أعلم.
يُتبع.......................
- (وحج البيت).
- الحج في اللغة القصد، ومنه قول الشاعر:
وأَشْهَدَ من عوفٍ حلولًا كثيرةً ------ يَحجُّون سِبَّ الزِّبْرِقَان الْمُزَعْفَرَا
والحج في الشرع: قصد مكة لأداء المناسك المخصوصة.
- وقوله في الحديث: (البيت) المراد به: الكعبة، وإن كان لفظ (البيت) -في الأصل- يصدق على كل بيتٍ، ولكنه ههنا علَمٌ بالغلبة,
- وتخصيصه للحج بالبيت، مع أن الحجَّ له أعمالٌ أخرى خارج البيت؛ لأن القصد هو البيت، والباقي تبعٌ له، كذا قال العلامة ابن عثيمين.
- فائدة: قُدِّم في هذا الحديث الحجُّ على الصوم، ولأهل العلم في هذا كلام:
1- فقيل: إن هذا من تصرف بعض الرواة، بدليل أنه وقع في بعض الروايات أن ابن عمر قيل له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس..... وحج البيت، وصوم رمضان)، فقال: لا، (وصوم رمضان، وحج البيت) هكذا سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وأُجيب عن هذا: بأن ابن عمر يحتمل أنه سمعه على الوجهين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدَّثَ به على الوجهين، ثم نسيَ أحدهما، فأنكره بعدُ! [أظن أن هذا التوجيه ذكره النووي في شرح مسلم].
2- وقيل: بل هذا الترتيب ههنا له فائدة جليلة، وذلك أن الأركان الخمسة على أربعة أقسام:
1- عبادات قلبية -في الأصل، وإن كان يُنطق بها ويُعمل بمقتضاها-: وهي الشهادتان.
2- عبادات بدنية: وهي الصلاة والصيام.
3 - عبادات مالية: وهي الزكاة.
4- عبادات بدنية ومالية: وهو الحج.
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم الشهادتين أولا -لأنها عبادة قلبية-، ثم ثنى بالصلاة وهي عبادة بدنية، ثم ثلث بالزكاة وهي عبادة مالية، ثم ربَّع بالحج وهو عبادة بدنية مالية، ثم أخَّر الصيام لأنه عبادة بدنية، وقد تقدم نظيره وهو الصلاة، أفاده بمعناه الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه للأربعين.
يُتبع.............
- (وصوم رمضان).
- والصوم في اللغة: مطلق الإمساك، فمن أمسك عن الكلام يُقال له: صائم، كما قال تعالى حكاية عن مريم أنها قالت: (إني نذرتُ للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا).
وتقول العرب: خيل صائمة أي: ممسكة عن الجري، أو ممسكة عن الصهيل، كما قال الشاعر:
خيل صيام وخيل غير صائمة ----- تحت العَجاج وأخرج تعلك اللُّجُمَا
وتقول العرب: صام النهار، إذا أمسكت الشمس عن السير -في نظر العين-، وذلك عند توسط الشمس كبد السماء.
- وأما الصوم في الشرع فهو: إمساك بنية، عن أشياء مخصوصة، من شخص مخصوص، في وقت مخصوص.
- إمساك بنية: فلابد من نية التقرب إلى الله، وإلا فلا يكون صياما في الشرع.
- الأشياء المخصوصة: هي المفطرات.
- الشخص المخصوص: هو المسلم العاقل (وثَمَّ تفاصيل أخرى، تُذكر في كتب الفقه).
- الوقت المخصوص: من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس.
- ورمضان: هو الشهر الذي بين شعبان وشوال.
سمي كذلك؛ قيل: لأن العرب لما أرادت نقل أسماء الشهور القديمة وتسميتها بأسماء جديدة، صادف ذلك وقت الحر، واشتداد الرمضاء، فسمي: رمضان.
وقيل: لأنه يرمض الذنوب، أي: يحرقها، ويمحوها.
- فائدة: لم يثبت أن رمضان من أسماء الله تعالى، وإنما نُقِل عن مجاهد أنه قال: بلغني أن رمضان من أسماء الله!، ولا يصح في المرفوع شيء، وأما حديث: (لا تقولوا: جاء رمضان، وقولوا: جاء شهر رمضان) فلا يثبت، وقد جاء ما يُخالفه في الثابت، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَقَدَّموا رمضان بصوم يوم ولا يومين.....) الحديثَ.
والعلم عند الله تعالى
انتهى الحديث الثالث
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-15, 09:54
جزاك الله خير الجزاء، أكملي ونحن معك أو على الأقل أنا معك حتى النهاية إن شاء الله تعالى
التوحيد الخالص
2011-09-15, 10:50
غدا يكون الحديث الرابع ان شاء الله
التوحيد الخالص
2011-09-15, 21:34
هذا الحديث من الأحاديث النووية
وهو حديث هام يجب الا عن نغفل عنه أبدا ً
اللهم ثبت قلوبنا على دينك
ولا تحول بيننا وبين جنتك يا الله
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعـود رضي الله عنه ، قال : حدثنا رسول الله صلي الله عليه وسلم – وهو الصادق المصدوق - :
( إن أحـدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفه ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مـضغـة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك ، فينفخ فيه الروح ، ويـؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه ، واجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد ؛ فوالله الـذي لا إلــه غـيره إن أحــدكم ليعـمل بعمل أهل الجنه حتى
ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعـمل بعـمل أهــل النار فـيـدخـلها . وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتي ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فــيسـبـق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها )
رواه البخاري [ رقم : 3208 ]
ومسلم [ رقم : 2643 ].
اللهم أصلح لى دينيّ الذى هو عصمـة أمريّ
التوحيد الخالص
2011-09-15, 21:35
http://img186.imageshack.us/img186/2184/ahla44wl2.gif
التوحيد الخالص
2011-09-15, 21:36
http://vb.uae88.net/images/icons/icon1.gif شرح الحديث الرابع من الأربعين نووية
وَهُوَ الصَّادِقُ أي الصادق فيما أَخْبَر به المَصْدُوْقُ فيما أُخبِِر به..
والنبي صلى الله عليه وسلم وصفه كذلك تماماً، فهو صادق فيما أخبر به، ومصدوق فيما أوحي إليه عليه الصلاة والسلام.
وإنما ذكر ابن مسعود رضي الله عنه هذه الجملة،لأن التحدث عن هذا المقام من أمور الغيب التي تخفى، وليس في ذلك الوقت تقدم طبٍّ حتى يُعرف ما يحصل.
وهناك ماهو فوق علم الطب وهو كتابة الرزق والأجل والعمل وشقي أو سعيد، فلذلك من فقه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن أتى بهذه الجملة المؤكدة لخبر النبي صلى الله عليه وسلم .
قال: إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ وذلك أن الإنسان إذا أتى أهله فهذا الماء المتفرق يُجمع،وكيفية الجمع لم يذكر في الحديث، وقيل: إن الطبّ توصّل إلى معرفة بعض الشيء عن تكون الأجنة والله أعلم.
أَرْبَعِيْنَ يَوْمَاً نُطْفَة أي قطرة من المني.
ثم يكون علقة مثل ذلك ..
والعلقة هي: قطعة الدم الغليظ، وهي دودة معروفة ترى في المياه الراكدة.
ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِك أي أربعين يوماً، والمضغة: هي قطعة لحم بقدر ما يمضغه الإنسان.
وهذه المضغة تتطور شيئاً فشيئاً،ولهذا قال الله تعالى: (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ)(الحج: الآية5)
فالجميع يكون مائة وعشرين، أي أربعة أشهر..
ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ والمرسِل هو الله رب العالمين عزّ وجل، فيرسل الملك إلى هذا الجنين،وهو واحد الملائكة،والمراد به الجنس لا ملك معين.
فَيَنْفُخُ فِيْهِ الرُّوْحَ الروح ما به يحيا الجسم، وكيفية النفخ الله أعلم بها، ولكنه ينفخ في هذا الجنين الروح ويتقبلها الجسم.
والروح سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنها فأمره الله أن يقول: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)(الاسراء: الآية85) فالروح من أمر الله أي من شأنه، فهو الذي يخلقها عزّ وجل: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)(الاسراء: الآية85) وهذا فيه نوع من التوبيخ،كأنه قال:ما بقي عليكم من العلم إلاالروح حتى تسألوا عنها، ولهذا قال الخضر لموسى عليه السلام لما شرب الطائر من البحر: (ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور بمنقاره من البحر. أي أنه لم ينقص شيئاً).
وَيُؤْمَرُ أي الملك بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ والآمر هو الله عزّ وجل بِكْتبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ .
رِزْقه الرزق هنا: ما ينتفع به الإنسان وهو نوعان: رزق يقوم به البدن، ورزق يقوم به الدين.
والرزق الذي يقوم به البدن: هو الأكل والشرب واللباس والمسكن والمركوب وما أشبه ذلك.
والرزق الذي يقوم به الدين:هو العلم والإيمان، وكلاهما مراد بهذا الحديث.
وَأَجَله أي مدة بقائه في هذه الدنيا، والناس يختلفون في الأجل اختلافاً متبايناً، فمن الناس من يموت حين الولادة، ومنهم من يعمر إلى مائةسنة من هذه الأمة ، أما من قبلنا من الأمم فيعمرون إلى أكثر من هذا، فلبث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً.
واختيار طول الأجل أو قصر الأجل ليس إلى البشر، وليس لصحة البدن وقوام البدن ،إذ قد يحصل الموت بحادث والإنسان أقوى ما يكون وأعز ما يكون، لكن الآجال تقديرها إلى الله عزّ وجل.
وهذا الأجل لا يتقدم لحظة ولا يتأخر، فإذا تم الأجل انتهت الحياة
((( قصــة )))
وأذكر لكم قصة وقعت في عنيزة: مر دباب أي دراجة نارية بتقاطع، وإذا بسيارة تريد أن تقطع، فوقف صاحب الدباب ينتظر عبور السيارة، والسيارة وقفت تنتظر عبور الدباب، ثم انطلقا جميعاً فصُدم الدباب ومات الراكب الرديف الذي وراء السائق، فتأمل الآن، وقف هذه الدقيقة من أجل استكمال الأجل (سبحان الله) . قال الله تعالى: (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا) (المنافقون:11)
وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ هذه النهاية،
والسعيد هو الذي تم له الفرح والسرور، والشقي بالعكس، قال الله تعالى: (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ* فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ* خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ* وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) [هود:105-108] فالنهاية إما شقاء وإما سعادة ، فنسأله سبحانه أن يجعلنا من أهل السعادة.
فَوَاللهِ الَّذِيْ لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ هذا قسم مؤكد بالتوحيد، القسم: فَوَاللهِ والتوكيد بالتوحيد: الَّذِيْ لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ أي لا إله حق غير الله، وإن كان توجد آلهة تعبد من دون الله لكنها ليست حقاً،كما قال الله عزّ وجل:( أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) (الانبياء:43) وقال عزّ وجل: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِل)(لقمان: الآية30).
إِنَّ أَحَدَكم لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ أي حتى يقرب أجله تماماً. وليس المعنى حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع في مرتبة العمل،لأن عمله الذي عمله ليس عملاً صالحاً،كما جاء في الحديث: إِنَّ أَحَدَكم لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فيما يبدو للناس وهو من أهل النار لأنه أشكل على بعض الناس:كيف يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها.
فنقول: عمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، ولم يتقدم ولم يسبق، ولكن حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع أي بدنو أجله ، أي أنه قريب من الموت. فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فيدع العمل الأول الذي كان يعمله، وذلك لوجود دسيسة في قلبه ( والعياذ بالله) هوت به إلى هاوية.
أقول هذا لئلاّ يظن بالله ظن السوء: فوالله ما من أحد يقبل على الله بصدق وإخلاص، ويعمل بعمل أهل الجنة إلا لم يخذله الله أبداً.
فالله عزّ وجل أكرم من عبده، لكن لابد من بلاء في القلب.
((( قصــة )))
واذكروا قصة الرجل الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة من غزواته عليه الصلاة والسلام، وكان هذا الرجل لا يدع شاذة ولا فاذة للعدو إلا قضى عليها، فتعجب الناس منه وقالوا: هذا الذي كسب المعركة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فعظم ذلك على الصحابة رضي الله عنهم كيف يكون هذا الرجل من أهل النار؟ فقال رجل: لألزمنه،أي أتابعه، فتابعه، فأصيب هذا الرجل الشجاع المقدام بسهم من العدو فجزع، فلما جزع سل سيفه (والعياذ بالله) ثم وضع ذبابة سيفه على صدره ومقبضه على الأرض، ثم اتّكأ عليه حتى خرج من ظهره، فقتل نفسه، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره وقال: أشهد أنك رسول الله، قال: بِمَ قال: إن الرجل الذي قلت فيه إنه من أهل النار حصل منه كذا وكذا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فِيْمَا يَبْدُو للِنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ .
((( قصــة )))
واذكروا قصة الأصيرم من بني عبد الأشهل من الأنصار،كان منابذاً للدعوة الإسلامية عدواً لها، ولما خرج الناس إلى غزوة أحد ألقى الله تعالى في قلبه الإيمان فآمن وخرج في الجهاد وقتل شهيداً، فجاء الناس بعد المعركة يتفقدون قتلاهم وإذا الرجل، فقالوا: ما الذي جاء بك يا فلان، أجئت حدباً على قومك، أم رغبة في الإسلام، قال: بل رغبةفي الإسلام، ثم طلب منهم أن يقرؤوا على النبي صلى الله عليه وسلم السلام، فصار هذا ختامه أن قتل شهيداً مع أنه كان منابذاً للدعوة.
والله تعالى أعلم .
ا. هـ
شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
التوحيد الخالص
2011-09-16, 21:39
فلنكمل على بركة اللهhttp://www.air.flyingway.com/airlogo/rose/7yakm.gif
غدا إن شاء الله تعالى -إن كان في الوقت متسع-، وإلا فبعد غدٍ.
التوحيد الخالص
2011-09-17, 11:15
بارك الله فيك الوقت الذي يساعدك
التوحيد الخالص
2011-09-18, 09:31
http://img127.imageshack.us/img127/9579/55287432.jpg
- (عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا....).
- حدَّثنا: كلمة تداولها المحدثون، وهي من صيغ الأداء عندهم، وقد بوَّب البخاري في كتاب العلم من صحيحه عن استعمال المحدِّث لـ: (حدَّثنا)، وذكر تحت الترجمة هذا الحديث.
- (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق).
قوله: (وهو الصادق المصدوق)، فيه أسلوب الإطناب بالجملة المعترضة، والغرضُ منها: تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن الكذب؛ لأن ما في الحديث هو من أمور الغيب التي اختص الله بعلمِها، كما قال تعالى: (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام)، فخَشِيَ ابن مسعود رضي الله عنه أن يتوهَّم متوهِّمٌ أن الله لم يُوحِ بهذا لنبيِّه صلى الله عليه وسلم؛ فيُظنُّ السوء بحديث النبي صلى الله عليه وسلم.
- (والصادق) هو الذي يُخبِر بالصدق.
- (والمصدوق) هو الذي يُخبَرُ بالصدق.
فهو صادقٌ فيما أَخْبَرَ به، مصدوقٌ فيما أُخْبِرَ به.
والصدق هو مطابقة الكلام للواقع –كما تقدم في حديث جبريل عليه السلام-، وهذا مذهب أكثر البلاغيين.
- (إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك.....).
- (إن أحدكم) أي: واحدًا منكم، وقد اختُلِف في الفرق بين الواحد والأحد؛ فقيل:
1- إن الأحد يستغرق جميع أفراده، بخلاف الواحد؛ فلو قلتَ: (فلان لا يقاومه أحد)، لا يجوز أن تقصدَ: أنه يقاومه اثنان وثلاثة، ولكن إذا قلتَ: (فلانٌ لا يقاومه واحد)، فإنه يجوز أن يقاومه الاثنان والثلاثة.
2- وقيل: إن الأحد يكون في النفي، والواحد يكون في الإثبات؛ وهذا الحديثُ يردُّه، وكذا يرده قوله تعالى: (قل هو الله أحد).
3- وقيل: إن الأحد لا يدخل العدد، فلا يكون للأحد ثانٍ، بخلاف الواحد فإنه يدخل في العدد، فتقول: واحد، اثنان، ثلاثة ..... الخ.
4- وقيل: هما سواءٌ.
والله أعلم بالصواب.
- وقوله: (إن أحدكم)، «أحد» مفردٌ، أُضِيف إلى معرفة، فيَعُمُّ، أي: كل واحد منكم.
- وقوله: (إنَّ أحدكم) بكسر همزة (إِنَّ) على حكاية لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فإن الأصل أَنْ تُفْتَح.
التوحيد الخالص
2011-09-18, 21:00
http://www.12allchat.com/chatters/do.php?img=88894
مشكووووووووووووووووووووور على عملك
التوحيد الخالص
2011-09-18, 21:12
مشكووووووووووووووووووووور على عملك
بارك الله فيك واحسن الله اليك وافدنا مما في جعبتك من علم
- (يُجمَع خلقُه) هذا من استعمال المصدر (خَلْق) وإرادة اسم المفعول، أي: يُجمع المخلوق منه، وهو ماء الرجل.
- (في بطن أمه) أي: رَحِمِها، وإطلاق البطن على الرحم مجازٌ مرسَلٌ -عند من يقول به-، علاقته المجاورة.
- (أربعين يوما نطفةً) وليس في صحيح البخاري لفظ (نطفة).
و نطفةً: منصوبٌ على التمييزِ.
وقوله: (أربعين يوما نطفة) تقديره: ويستقرُّ أربعين يوما نطفةً؛ ولا يصح أن يُجعل (أربعين يوما) ظرفًا لـ(يُجمع)؛ لاقتضائه أن الجمع يستمر أربعين يوما! وهو غير مرادٍ، والله أعلم.
- (ثم يكون) أي: يصير؛ فإن (كان) تأتي مرادفةً لـ (صار)، كما ذكر ابن هشام في قطر الندى.
- (علقة) أي: قطعة دم غير جافة، فإذا جفت لم تُسَمَّ: علقةً، سميت كذلك لأنها تَعْلَقُ بما يمرُّ بها.
- (مثل ذلك) أي: مثل ذلك الزمن، وهو أربعون يوما.
- إشكال: جاء في هذا الحديث أن الإنسان خُلِق من علقة (أي: واحدة)، وجاء في سورة العلق أن الإنسان خُلِق من علقٍ (جمعٍ)، قال تعالى: (خلق الإنسان من علق)؟
والدمع بينهما: أن كلمة (الإنسان) في الآية، جمعٌ من جهةِ المعنى، و(العلق) جمع، ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحادا.
- (ثم يكون مضغة) أي: قطعة لحمٍ صغيرة، سميت: مضغةً؛ لأنها بقدر ما يُمضَغ، أو لأنها تُشْبِه ما يُمضَغ من حيث اللُّيُونة.
- (مثل ذلك) تقدم نظيره.
التوحيد الخالص
2011-09-18, 21:17
بارك الله فيك جزاك الله خيرا
- (ثم يُرسل إليه الملَك، فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات......).
- (ثم يُرسل) مبني لما لَم يُسَم فاعله، والذي يُرسله هو الله تعالى، وحُذِفَ للعلم به.
- (يُرْسلُ إليه الملك) أي: الموكَّل بالأرحام، فـ(أل) فيه للعهد.
- (فينفخ فيه الروح) أي: يُدْخِلها فيه، فيُصبح حيًّا.
- والروح: هو ما يحيا به البدن، وقد قال الله تعالى: (ويسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).
- (ويُؤمر): معطوف على (ينفخ)، والعطف لا يدل على الترتيب، والمراد: أنه يُؤمر ثم ينفخ، والله أعلم.
- (بأربع كلمات) أي: بكتابة أربع كلمات.
يُتبع.............
- (بكتب رزقه) قليلا أو كثيرا، حلالا أو حراما؛ إذِ الرزق هو ما يُقَام به البدن ولو حرامًا، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة خلافا للمعتزلة.
- (وأجله) طويلا أو قصيرا.
- (وعمله) خيرا أو شرًّا.
- (وشقيٌّ أو سعيدٌ) ولم يقل -كما هو مقتضى الظاهر-: (وشقاوته وسعادته)؛ لأجل أن يُحكى ما يكتبه الملك نصًّا.
- (فوالله) الفاء: واضعة في جواب شرطٍ مقدَّرٍ، وهي التي تُسَمَّى بـ: الفصِيحة -بالصاد-، أو الفضِيحة -بالضاد-، والتقديرُ: إذا كانت الشقاوة والسعادة مكتوبتين، فوالله الذي..... الخ.
- وقوله: (فوالله الذي لا إله غيره)، يدل على جواز الحلِف من غير استحلافٍ، عند ظهور الحاجة لذلك.
يُتبع...............
التوحيد الخالص
2011-09-18, 21:33
بارك اله فيك
- (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة) فعلًا للمأمورات، واجتنابا للمنهيات.
- (حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع) أي: إلى أن لا يبقى (بينه) أي: العامل، (وبينها) أي: الجنة.
- (إلا ذراع) أي: جزء يسيرٌ من آخر عمره، وليس المراد بالذراع حقيقته، وإنما الغرض منه تمثيل شدة القرب.
- (فيسبق عليه الكتاب) أي: يغلب عليه مضمون ما في الكتاب.
- (فيعمل بعمل أهل النار) بأن يرتدَّ مثلا.
- (فيدخلُها)، والفاء سببية؛ وهي تدل على أن الأعمال سبب لدخول النار.
- (وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار) فعلا للمنهيات، وتركا للمأمورات.
- (حتى ما يكون بينه) أي العامل (وبينها) أي: النار (إلا ذراع) أي: مدة قصيرة من حياته.
- (فيسبق عليه الكتاب) أي: مضمون الكتاب -على حذف مضاف-.
- (فيعمل بعمل أهل الجنة) بأن يتوبَ ويسْتَعْتِبَ.
- (فيدخلها) أي: يدخل الجنة؛ والفاء سببية، كما تقدم في نظيره، وهذا فيه دليل على أن الأعمال سبب لدخول الجنة، كما قال تعالى: (ادخلوا الجنة بِـما كنتم تعملون) أي: بسبب ما كنتُم تعملون.
- فائدة: هذا الحديث مقيَّد بحديث آخر، (يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس)، (ويعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس).
والله أعلم
انتهى الحديث الرابع، ولله الحمد والمنة
التوحيد الخالص
2011-09-18, 21:37
غدا نضيف الحديث الخامس ان شاء الله
التوحيد الخالص
2011-09-19, 10:15
http://upload.arb7.com/uploads/6c15f65617.bmp (http://upload.arb7.com/)الحديث الخامس : النهي عن الإبتداع في الدين
عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: "مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ".
http://upload.arb7.com/uploads/0f4a0017b2.gif (http://upload.arb7.com/)معاني الكلمات :
مَنْ أَحْدَثَ : أي أوجد شيئاً لم يكن .
فِيْ أَمْرِنَا : أي في ديننا وشريعتنا.
مَا لَيْسَ مِنْهُ : أي مالم يشرعه الله ورسوله.
فَهُوَ رَدٌّ: أي مردود على صاحبه وعليه إثمه .
التوحيد الخالص
2011-09-19, 10:16
http://upload.arb7.com/uploads/0f4a0017b2.gif (http://upload.arb7.com/)الشرح
هذا الحديث أصل من أصول الإسلام و أصل في رد البدع المستحدثة في دين الإسلام
عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها : كُنّيَتْ عائشة رضي الله عنها بأم المؤمنين لأنها إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، وجميع أمهات المؤمنين تكنى بهذه الكنية، كما قال الله عزّ وجل: { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } [الأحزاب: الآية:6] فكل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين.
وقوله: أُمِّ عَبْدِ اللهِ هذه كنية .
(من) شرطية ، (أحدث) فعل الشرط، وجواب الشرط: (فهو رد) .
والمعنى : أن من عمل أي عمل سواء كان عبادة، أو كان معاملة، أو غير ذلك ليس عليه أمر الله ورسوله فإنه مردود عليه .
http://upload.arb7.com/uploads/dc86c6fddd.gif (http://upload.arb7.com/)
http://upload.arb7.com/uploads/0f4a0017b2.gif (http://upload.arb7.com/)شرح الإستفادة
*اتفق العلماء - رحمهم الله - أن العبادة لا تصح إلا إذا جمعت أمرين:
أولهما: الإخلاص لحديث : ( إنما الأعمال بالنيات ).
والثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، والمتابعة أخذت من هذا الحديث ومن الآية { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } [ الأنعام: الآية153 ] .
*تحريم إحداث شيء في دين الله ولو عن حسن نية .
*خطر البدع والإحداث في الدين .
لأن البدع تستلزم أن الشريعة غير كاملة ، وأنها لم تتم والعياذ بالله ، وهذا تكذيب للقرآن .
قال تعالى :[ اليوم أكملت لكم دينكم ... ]فهذه الآية الكريمة تدل على تمام الشريعة وكمالها ، وكفايتها لكل ما يحتاجه الخلق .
* وعن أبي ذر قال : ( تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكر لنا فيه علماً ، قال صلى الله عليه وسلم : ما بقي شيء يقرب إلى الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم ). رواه الطبراني .
قال ابن الماجشون : ” سمعت مالكاً يقول : من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ، فقد زعم أن محمداً خان الرسالة ، لأن الله يقول : اليوم أكملت لكم دينكم ، فما لم يكن يؤمئذ ديناً ، فلا يكون اليوم ديناً “.
* جاءت نصوص كثيرة في التحذير من البدع وأنها ضلال .
كحديث الباب .
وقوله : ( إياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ). رواه أبو داود
*البدع أحب إلى إبليس من المعصية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” إن أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع “ .
* المتابعة لا تتحقق إلا إذا كان العمل موافقاً للشريعة في أمور ستة: سببه ، وجنسه، وقدره، وكيفيته، وزمانه، ومكانه.
فإذا لم توافق الشريعة في هذه الأمور الستة فهو باطل مردود، لأنه أحدث في دين الله ما ليس منه.
أولاً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في سببه: وذلك بأن يفعل الإنسان عبادة لسبب لم يجعله الله تعالى سبباً مثل: أن يصلي ركعتين كلما دخل بيته ويتخذها سنة، فهذا مردود.
مع أن الصلاة أصلها مشروع، لكن لما قرنها بسبب لم يكن سبباً شرعياً صارت مردودة.
مثال آخر: لو أن أحداً أحدث عيداً لانتصار المسلمين في بدر، فإنه يرد عليه ، لأنه ربطه بسبب لم يجعله الله ورسوله سبباً.
ثانياً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الجنس : فلو تعبّد لله بعبادة لم يشرع جنسها فهي غير مقبولة
مثال ذلك: لو أن أحداً ضحى بفرس ، فإن ذلك مردود عليه ولا يقبل منه، لأنه مخالف للشريعة في الجنس، إذ إن الأضاحي إنما تكون من بهيمة الأنعام وهي: الإبل، والبقر، والغنم.
أما لو ذبح فرساً ليتصدق بلحمها فهذا جائز، لأنه لم يتقرب إلى الله بذبحه وإنما ذبحه ليتصدق بلحمه.
ثالثاً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في القدر: فلو تعبد شخص لله عزّ وجل بقدر زائد على الشريعة لم يقبل منه، ومثال ذلك: رجل توضأ أربع مرات أي غسل كل عضو أربع مرات ، فالرابعة لا تقبل، لأنها زائدة على ما جاءت به الشريعة، بل قد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً وقال: مَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ
رابعاً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الكيفية: فلو عمل شخص عملاً ، يتعبد به لله وخالف الشريعة في كيفيته، لم يقبل منه، وعمله مردود عليه.
ومثاله: لو أن رجلاً صلى وسجد قبل أن يركع، فصلاته باطلة مردودة، لأنها لم توافق الشريعة في الكيفية.
خامساً : أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الزمان: فلو صلى الصلاة قبل دخول وقتها، فالصلاة غير مقبولة لأنها في زمن غير ما حدده الشرع .
ولو ضحى قبل أن يصلي صلاة العيد لم تقبل لأنها لم توافق الشرع في الزمان.
سادساً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في المكان: فلو أن أحداً اعتكف في غير المساجد بأن يكون قد اعتكف في المدرسة أو في البيت ، فإن اعتكافه لا يصح لأنه لم يوافق الشرع في مكان الاعتكاف، فالاعتكاف محله المساجد .
الأصل في العبادات المنع والحظر حتى يقوم دليل على أنها مشروعة.
أما غير العبادات فالأصل فيها الحل، سواء من الأعيان، أو من الأعمال فإن الأصل فيها الحل.
http://upload.arb7.com/uploads/dc86c6fddd.gif (http://upload.arb7.com/)
http://upload.arb7.com/uploads/0f4a0017b2.gif (http://upload.arb7.com/)والقاعدة :
الأقسام ثلاثة:
الأول: ما علمنا أن الشرع شرع من العبادات، فيكون مشروعاً.
الثاني: ما علمنا أن الشرع نهى عنه، فهذا يكون ممنوعاً.
الثالث: ما لم نعلم عنه من العبادات، فهو ممنوع.
أما في المعاملات والأعيان: فنقول هي ثلاثة أقسام أيضاً:
الأول : ما علمنا أن الشرع أذن فيه، فهو مباح، مثل أكل النبي صلى الله عليه وسلم من حمر الوحش .
الثاني: ما علمنا أن الشرع نهى عنه كذات الناب من السباع، فهذا ممنوع.
الثالث: ما لم نعلم عنه، فهذا مباح، لأن الأصل في غير العبادات الإباحة.
http://upload.arb7.com/uploads/e8f4a38d13.gif (http://upload.arb7.com/)
الواجب : ماهي شروط العمل لألا يكون بدعة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-19, 13:53
برك الله فيكما
الأخت برك الله فيك أكملي ولا تبخلي علينا وجزاك الله خيرا
إنا متابعون
برك الله فيكما
الأخت برك الله فيك أكملي ولا تبخلي علينا وجزاك الله خيرا
إنا متابعون
جزاكم الله خيرا
التوحيد الخالص
2011-09-19, 18:09
احسن الله اليك موفقة ان شاء الله
HADIL146
2011-09-22, 13:37
:dj_17:النية هي خالص الاعمال
وخالصها يعني اتقنها وادقها...
فقصده ان كل امرا على حسب خلص اعماله ..ولكل واحد جزاء في ذلك حسب اخلاصه في العمل فان كان متقنا خلصا وان كان ناقصا
والله اعلم...
http://www.masrawy.com/Ketabat/Images/2011/3//16-3-2011-18-21-5899.gif
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-25, 12:49
الأخت أم حاتم نحن ننتظر في شرح الحديث الرابع وبرك الله فيكم
الأخت أم حاتم نحن ننتظر في شرح الحديث الرابع وبرك الله فيكم
انتهى الحديث الرابع، وسأبدأ في الحديث الخامس قريبا إن شاء الله تعالى
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-26, 10:11
نعم عفوا على الخطأ أقصد الحديث الخامس
جزاكم الله خيرا
نحن ننتظر
kalvlal2011
2011-09-27, 09:35
بارك الله فيك يا ابن اختي
جزاك الله الف خير
عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري ومسلم.
- (أم المؤمنين عائشة): أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين، كما قال تعالى: (وأزواجه أمهاتهم)، وإذا كانت زوجاتُه أمهاتٍ لنا، فهو صلى الله عليه وسلم بمنزلة أبينَا، أي: في المكانة والمنزلة، لا في النسب، لأن الله قال: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم).
وقد قرأ ابن مسعود أو غيره: (وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم).
- (عائشة) علمٌ منقول عن اسم الفاعل من العيش، كأنهم كانوا يُسمون بهذا الاسم تفاؤلا بعيشها وسلامتها.
وعائشة رضي الله عنها أم المؤمنين لها خصائص كثيرة، أحصاها ابن العطار الشافعي في شرحه لعمدة الأحكام.
- وتكنية عائشة رضي الله عنها بـ: أم عبد الله؛ قيل: كُنيت باسم ولد أختها عبد الله بن الزبير، وقيل: حملت وأسقطت، والأول: هو المعروف عند أهل العلم.
- (من أحدث) أي: اخترع من نفسِه دون الرجوع إلى الشرع.
وقوله: (مَن): من أسماء الشرط، وهي دالة على العموم.
- (في أمرنا) أي: في شأننا؛ لأن الأمر يُطلق ويُراد به: الشأن، كما قال تعالى: (وما أمر فرعون برشيد) أي: ما شأنه برشيد.
- (هذا) أي: الذي نحن عليه، وهو دين الإسلام.
- (ما ليس منه، فهو رد).
- (ما ليس منه)، (ما): يحتمل أن يكون اسما وصولا، أو نكرة، والتقدير على الأول: من أحدث في أمرنا الذي ليس منه فهو رد، والتقدير على الثاني: من أحدث في أمرنا هذا شيئا ليس منه فهو رد.
وقوله: (ليس منه) أي: لم يُنص عليه في الشرع، ولا تشهد له قواعد الشرع، وهذه هي البدعة.
والبدعة في اللغة: من الإبداع، وهو الاختراع على غير مثال سابق، كما قال تعالى: (بديع السماوات والأرض) أي: خالقهما من غير مثال سابق.
وأما في الشرع؛ فقد عرفها الشمني بقوله: (هي ما أُحدث على خلاف الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، قولا أو فعلا أو اعتقادا، وجُعل ذلك دينا قويما، وصراطا مستقيما) -أو قال عبارة نحو هذه-.
- مسألة: البدع في الدين كلها ضلالة، وليس فيها بدعة حسنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة)، ولا يجوز الاستدراك على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام مالك رحمه الله: (من زعم أن في الإسلام بدعة حسنة، فقد زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم خان الرسالة!).
- إشكال: جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال في صلاة التراويح: (نعمت البدعة هذه)، فهل في هذا إثبات لبدعة حسنة؟
الجواب: لا، بل البدع كلها ضلالة، بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة).
وكلام عمر رضي الله عنه أُجيب عنه:
1- بأنه أراد به البدعة اللغوية، فلا يُخالف: (كل بدعة ضلالة)، لأن كلام النبي صلى الله عليه وسلم عن البدعة الشرعية.
وهذا الجواب فيه نظر، وذلك لأن البدعة اللغوية هي ما أُحدث على غير مثال سابق، وصلاة التراويح كان لها مثال سابق، إذْ قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم.
2- وقيل: إن عمر رضي الله عنه أراد بها البدعة الشرعية، ومع ذلك قال: (نعمت البدعة هذه)!! وقد فهم بعضهم هذا، ثم ذهب يُنكر على عمر رضي الله عنها فقال معلقا: (البدعة: بدعة، وإن كانت من عمر!!!!!!).
حكى هذا العلامة الدكتور عبد الكريم الخضير في شرحه للأربعين.
3- وقيل -وهو الأصح-: إن هذا من باب المشاكلة، وبيان ذلك: أن عمر رضي الله عنه لما رأى الناس يصلون التراويح جماعة أعجبه هذا وسرَّه؛ لأحيائه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فتصور أن رجلا يعترض عليه قائلا: هذه بدعة يا عمر! فقال: (نعمت البدعة هذه).
فعبر عنها بالبدعة مشاكلةً -وإن لم تكن في الشرع كذلك-، والمشاكلة أسلوب معروف عند البلاغيين.
فائدة: قاعدة البدعة: أن كل فعل لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع قيام المقتضي لفعله، ولم يوجد مانع من تركه، ففعله: بدعة، وتركه: سنة.
- (فهو) الضمير يرجع إلى (ما) أي: الذي أُحْدِثَ على غير ما عليه أمر الشرع؛ هو رد، أي: مردود.
ويحتمل أن يعود الضمير على (مَن)، ويكون الرد على المبتدِع.
ولا تعارض بين التقديرين، فيمكن أن يُحمل عليهما جميعا، فتكون البدعة مردودة على صاحبها، والمُبتدع مردودٌ أي: مطرودٌ.
- (فهو رد) هذا من استعمال المصدر وإرادة اسم الفعول، فـ (رد) أي: مردود، كقولهم: (سد) أي: مسدود.
وهذا رواه البخاري ومسلم.
- (وفي رواية لمسلم) ورواها البخاري أيضا، ولكن بصيغة التلعيق في باب النجش.
- (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)، وهو بمعنى الأول، إلا أن فيه زيادة:
وهو أن الرواية الأولى تتكلم عن المُحدِث نفسِه، والثانية تشمل المُحدِثَ، وتشمل الذي يعمل عملَهُ وإن لم يكن هو الذي أحدثه.
والله تعالى أعلم.
انتهى الحديث الخامس ولله الحمد والمنة.
عبد الحفيظ بن علي
2011-09-29, 09:33
جزاك الله أفضل الجزاء،
هكذا الله يحفظك، مع أنك هذه المرة تأخرت علينا كثيرا،
وفقك الله إنا متابعون
أعتذر عن التأخر، ولكنْ هي الأشغال.
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-03, 13:35
لكل كل العذر وعلى راحتك برك الله فيك
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-06, 08:12
اين أنت أختي في الدين والله اشتقنا إلى شرحك الميسر،
إن قررت أن لا تكملي أو عندك أشغال كثيرة فاتخذي القرار الذي تريدين فأنا منتظر دائما
وجزاكم الله خيرا
سأضيف الحديث السادس غدا إن شاء الله تعالى
وأعتذر عن التأخر
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-09, 09:55
نحن ننتظر وعلى أقل من مهلك
والله كلنا مرتبطون بأشغال
المهم، عندما تتهيئين لذلك فنحن معك إلى النهاية
خذوي وقتك وبرك الله فيك
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-12, 14:13
يوم 07/10/2011 قلت
سأضيف الحديث السادس غدا إن شاء الله تعالى
والآن 12/10/2011 لم أرى لا الحديث السادس ولا السابع
أختي في الدين إن كنت قد توقفت فأخبريني حتى أعلم، وإن كنت تربطين ذلك بالأشغال، ما عليش إذا كان عندك وقت أفيدينا برك الله فيك
فأنا كذلك بسبب الأشغال أصبحت لا أدخل إلى المنتدى إلا لأجل أن أطالع شرحك الميسر الممتاز
على كل أنا أنتظر وبرك الله فيك
وعذرا
لا، لم أتوقف، وإن شاء الله أستمر حتى نهاية الكتاب، ولكني أنشغل، وعلى كلٍّ، سأضيف الآن جزءًا من شرح الحديث السادس في انتظار إتمامه.
عن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).
هذا الحديث أحد الأحاديث تدور عليها قواعد الإسلام، واختلفوا في تعيينها، فقيل: (إن الحلال بين...)، و(ازهد في الدنيا...)، و(من حسن إسلام المرء...)، و(إنما الأعمال بالنيات)، وهي التي جمعها الشاعر بقوله:
عمدةُ الدِّين عندنا كلماتٌ ---- أربع من كلامِ خيرِ البريَّهْ
اتَّق الشبهاتِ، وازهد، ودع ما ---- ليس يَعْنِيك، واعملَنَّ بنيَّهْ
- (عن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنهما) وهو أول مولود وُلد للأنصار بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم، ونظيرُه: عبد الله بن الزبير أول مولودٍ وُلِد للمهاجرين.
- (إن الحلال بيِّنٌ) أي: واضحٌ حِلُّه من الشَّرع.
واختلفوا في تعريف الحلال:
1- فقيل: ما لم يرِد دليلٌ بتحريمه.
2- وقيل: ما ورد دليل بحلِّه.
وبينهما فرقٌ؛ بناءً على الأصل في الأشياء: أهو الإباحة أم التحريم:
فمن قال: إن الأصلَ في الأشياء الإباحةُ، قال: الحلالُ ما لم يرد دليلٌ بتحريمِه.
ومن قال: إن الأصل في الأشياء التحريمُ، قال: ما ورد دليلٌ بحلِّه، فعندهم: أن ما لم يرد دليل بحلِّه، يبقى على الأصل وهو التحريم.
* والصوابُ: الأول؛ وهو أن الأصل في الأشياء الإباحةُ، والدليلُ قوله تعالى: (خلق لكم ما في الأرض جميعا)، فقوله: (ما) اسمٌ موصول، يُفيد العمومَ؛ وقوله: (لَكم) دليل على الإباحة.
- ومن قال: الأصل في الأشياء التحريمُ، قال: إن الأشياءَ كلَّها ملكٌ لله تعالى، ولا يجوز لأحدٍ أن يتصرَّف في مُلك غيرِه إلا بإذْنِهِ؛ وعليه فلا يجوزُ لأحد أن ينتفعَ بأي شيءٍ إلا بإذنٍ من الشارع، وهو المطلوب من أن الأصل في الأشياء التحريم.
- ويُجاب عنه: بأنه -نعم- لا يجوز لأحد أن يتصرَّف في ملك غيرِه إلا بإذنِه اتفاقًا؛ ولكن وقع الإجماع على أنَّ للإنسانِ أن ينتفعَ بمُلك غيرِه بما لا ضررَ فيه على المالكِ، كأن يستظِلَّ بجدار غيره، أو يستضيءَ بضوءِ نارِهِ؛ واللهُ جل جلاله أغنى الأغنياءِ.
فتَمَّ بهذا الاستدلال على أن الأصلَ في الأشياء الحلُّ.
- (وإن الحرام بيِّنٌ)، والحرام هو ما ورد دليلٌ بتحريمه، أو هو: ما لم يرد دليلٌ بحِلِّه.
وهذا التعريف يجري على الخلاف الذي سبق في الحلال.
- (وبينهما) أي: بين الحلالِ والحرامِ.
- (أمور مشتبهات) جمع (مشتبه): أي: ليس بواضحِ الحلِّ والتَّحريم.
* واختُلِفَ في تعريف (المشتبهات) على أقوالٍ أربعةٍ:
1- فقيل: هي ما اختلف العلماءُ فيها حلًّا وتحريمًا.
2- وقيل: ما اختلفت فيه الأدلة.
3- وقيل: هو المكروه.
4- وقيل: هو المباح.
و الصواب أحد القولين الأَوَّلَيْن، وهما متلازمان، لأن الذي تختلف فيه الأدلة يلزم منه اختلاف العلماء.
* ثم هذا الاختلاف يُنظر فيه:
- إذا كان الخلاف قويا، في هذه الحالة تحصل شبهة.
- و إذا كان الخلاف ضعيفا، فلا يُعَوَّل عليه، بل يُعمل بالقول الذي تؤيده الدلائلُ من الكتاب والسنة.
- (لا يعلمهن) على حذف مضافٍ، أي: لا يعلمُ حكمَهُنَّ كثيرٌ من الناس، وإلا فقد يعرفون أعيانَها.
- (كثير من الناس) مفهومه: أنَّ القليل من الناس يعلمونها، فلا تشتبه عليهم.
يُتبع.........................
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-13, 08:30
هكذا أختي في الدين
برك الله فيك
أمتعينا وأنا معك للأخير إن شاء الله تعالى
وفقك الله للخير
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-13, 08:35
اسألك أختي في الدين بالنسبة لشرح الأصول الثلاثة
هل تكملينها أم تريدين ان نترك ذلك حتى ننتهي من الأربعين
ما هو رأيك
اعلمي أنني معك في كل ما تريدين
واختاري ما هو أحسن لك
فيما يخص ثلاثة الأصول، سأحاول الجمع بينهما ما أمكن، وإلا فنجعل الأصل هو شرح الأربعين النووية.
وأرجو المعذرة عن التأخر المتكرر.
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-13, 14:42
أنا أفضل أن نجعل الأربعين كما قلت هي الأصل،
ولا نلتفت للأصول الثلاثة مطلقا إلا عند الانتهاء
لأنني أظن أنه مع الأشغال وضيق الوقت أن نقتصر على موضوع واحد أفضل
فالمداومة مع موضوع واحد أفضل من الانقطاع والتأخر مع مواضيع متعددة
أختي في الدين هذا رأي من أخيك في الدين، وإلا فإنّ الأمر لك وحدك أنت التي تتعبين وتجتهدين،
أما أنا فأقرأ وأستفيد وأجمع وأنظم وأرصص حتى يخرج في أبهى حلّة، وللفائدة عملي مرتبط ارتباط وثيق بكتابة الكتب وتنظيمها وإخراجها في أبهى حلة، ولي علاقة وطيدة مع الكثير من دار النشر
وفقك الله للخير، لا تنسينا من دعائكم
المهم أنا معكم إلى الأمام ولا تبخلوا علينا من علمكم
والسلام
ماشاء الله
الله يزيدكم من العلم.
تابع للحديث السادس:
- (فمن اتقى الشبهات) أي: اتخذ وقايةً من الشبهات، بأن ابتعد عنها واجتنبها.
وكان مقتضى الظاهر أن يُقال: (وبينهما أمورٌ مشتبهات، فمن اتقاها)، ولكن قال: (فمن اتقى الشبهات)، وهو أسلوب بلاغي يُعرَف بـ: وضع الظاهر موضع المضمر، والغرضُ منه: تفخيم الأمر باجتنابها.
- (فقد استبرأ) أي: طلب البراءة، أو حصَّلها.
- (لدينِه) فلا يستحق الذمَّ مِن الشَّرع.
- (وعِرضه) فلا يُذم ولا يُعاب من الناس.
والعِرْض هو محل الذم والمدح من الإنسان.
- (ومن وقع في الشبهات) بأن لم يتَّقِها، بل واقَعَها.
- (وقع في الحرام) أي: وقع فيه، أو قارب ذلك.
* وقد اختُلِف في حكم المتشابه:
1- فقيل: هي حرام، بدليل: (فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام)، وبدليل: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه).
2- وقيل: حلال، بدليل: (كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه) فإنه يدل على أنه حلال.
3- وقيل: لا نجزم بحرمتها، ولا بحلِّها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الحلال البين، وذكر الحرام البين، ثم ذكر المشتبهات، فدلَّ على أنها قسم آخرُ مستقل، فلا نجزم بإلحاقها بأحد القسمين.
والمقصود من الحديث: أن الإنسان إذا تساهل، فإنه يقع في أمرٍ فيه شُبهةٌ، ثم يقع في أمرٍ فيه شُبهةٌ أعظمُ، وهكذا، حتَّى يقع في الحرام المحضِ.
ولهذا يقول أهل العلم عن قوله تعالى: (تلك حدود الله فلا تقربوها): «إن الله نهى عن المقاربة، حذرًا من المواقعة».
- (كالراعي يرعى حول الحمى..) أي: الذي يقع في المتشابهاتِ إلى أن يقع في الحرام المحض؛ مثله كمثل الراعي يرعى حول الحمى....الخ.
والراعي: هو الحافظ للحيوان، وهذا اصطلاحٌ عُرْفيٌّ، وإلا فإن كلَّ حافظٍ لشيءٍ يكون راعيًا لهُ؛ ومنه: «كلكم راعٍ...».
- (كالراعي يرعى حول الحمى)، والحمى: هو المكان المحميُّ، وحول الحمى: هو العشب الذي لا ملكَ فيه لأحدٍ، ولكنَّه قريبٌ من المكان المحميِّ الذي له مالكٌ.
- (يوشك أن يقع فيه) أي: يقرُبُ أن يقع فيه، أي: بالرعيِّ.
والوقوعُ وإن نُسِب للراعي في الظاهر، فإن المقصود الماشية؛ وإنما نُسِب الفعلُ إليه لأنَّه مٌتَسَبِّبٌ فيه.
* وفي لفظ: (أن يَرْتعَ فيه) وهو بمعنى الرعي.
والذي يرعى العشب هي الماشية، فإسناد الفعلِ (يرتَعَ) إلى الراعي من باب إسناد الفعل إلى سببِهِ، وهو مجازٌ عقليٌّ -عند من يقول بالمجاز-.
- (ألا) أداة استفتاحٍ، وهي من أدوات توكيد الخبر عند البلاغيين.
- (وإن لكل ملكٍ حِمًى) أي: إن لكل ملِكٍ مكانًا يحميهِ، ويُعاقبُ من تجاوزَهُ.
ولذلك مَن يخافُ من عقاب الْـمَلِكِ؛ فإنه يبتعد عن المكان، خوفًا من أن يجُرَّه القُرْبُ إلى الوقوعِ؛ فيستحق العقوبة.
- (ألا وإن حمى الله محارمه) أي: ما حرَّمه، وهو فعل المحظور، أو ترك المأمور.
- (ألا وإن في الجسد مضغةً)، والمراد به القلبُ؛ كما في آخر الحديث، وسمي القلبُ مُضغةً؛ لصغرِهِ، وإلا فهو أكبر من قدر ما يُمضَغ.
- (إذا صلحت) يصح فيه فتحُ اللام وضمُّها، والفتح أفصحُ.
- (صلح الجسد كله) إذا صلحت هذه المضغة بالإيمان صلح الجسد بالأعمال الصالحة.
- (وإذا فسدت فسد الجسد كله) أي: إذا فسدت هذه المضغة بالكفر والفجور، فسدت الجوارح بالمعاصي والكفر والكبائر.
* ومعلومٌ: أن المراد بصلاح القلبِ وفسادِهِ؛ ليس في نفسه، وإنما بالمعاني التي تقومُ به؛ فيكون إسنادُ الصلاحِ والفسادِ إلى القلب مجازًا مُرسلا، علاقتُه: الـمحَلِّيَّةُ؛ إذْ أُطلِق الـمحلُّ وأُريد الذي يحُلُّ فيه.
- (ألا وهي القلب)، والقَلْبُ في الأصل: مصدرٌ، قلَبَ يَقْلِبُ قَلْبًا، فسميت هذه المضغة بالقلب لكثرة تقلُّبِهِ.
والله تعالى أعلم.
انتهى الحديث السادس والحمد لله، ويليه الحديث السابع إن شاء الله تعالى
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-16, 09:13
برك الله فيك أختي في الدين
وجعل ثعبك في ميزان حسناتك
وفتح عليك ابواب الخيرات
أميــــــــــــــن
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-18, 16:39
نحن دائما ننتظر
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-19, 09:33
أختي في الدين لدي اقتراح حتى لا نمل ولا نمر بفراغ
أقترح أن تقومي بتقسيم الحديث إلى شطرين أو حتى أربعة أو خمسة وذلك ليتسنّى لنا الاستفادة منه كلّ يوم
خير من أن تثعبي نفسك في شرحه ثم تقومي بعرضعه هنا كله مرّة واحدة
كل يوم تذكرين لنا شطر من الحديث ولا يهم إن طالت المدّة، فإذا كنّا نستفيد كلّ يوم فتلك هي الغاية
مثلا الحديث السادس لو نشرت لنا كلّ يوم شطر لما بقينا هذه الأيام بلا مذاكرة، هذا اقتراح وانا أتمنى أن نكمل حتى النهاية فطريقة شرحك الله يبارك فيها
واسماحيلي على الإزعاج
أختي في الدين لدي اقتراح حتى لا نمل ولا نمر بفراغ
أقترح أن تقومي بتقسيم الحديث إلى شطرين أو حتى أربعة أو خمسة وذلك ليتسنّى لنا الاستفادة منه كلّ يوم
خير من أن تثعبي نفسك في شرحه ثم تقومي بعرضعه هنا كله مرّة واحدة
كل يوم تذكرين لنا شطر من الحديث ولا يهم إن طالت المدّة، فإذا كنّا نستفيد كلّ يوم فتلك هي الغاية
مثلا الحديث السادس لو نشرت لنا كلّ يوم شطر لما بقينا هذه الأيام بلا مذاكرة، هذا اقتراح وانا أتمنى أن نكمل حتى النهاية فطريقة شرحك الله يبارك فيها
واسماحيلي على الإزعاج
نعم، فكرة جيدة، ولكنها تقطع تسلسل الأفكار في ذهني، فقد تعرض لي مسألة أود الحديث عنها، وأراها مناسبة لشطر معين من الحديث؛ فإذا طال الفصل ربما أنساها.
على كلٍّ، سأبدأ في تطبيقها، فإن رأيتُ أنها تفوت عليَّ بعض الأمور، تركتُها.
الحديث السابع
عن أبي رقية تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدين النصيحة)، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم) رواه مسلم.
- (عن أبي رقية)، كُنِّيَ باسم ابنتِهِ، والغالبُ: أن الكنية تكون بالذكرِ، ولكن لمَّا لم يُولَد له إلا ابنة كُنِّيَ بها.
* فائدة: قد تكون الكنية بغير الأناسِيِّ؛ كـ (أبي هريرة)؛ فإنه كُنِّيَ بهذه الكنية لأن هرة كانت تأوي إليه، فيجعلها في كُمِّهِ! كذا قيل.
- (تميم بن أوس الداري) ويُقال له: الدَّيْرِيُّ، وهو نسبة إلى دَيْرٍ كان يتعبَّد فيه.
ولتميم الداري شرفٌ كبيرٌ؛ إذْ قد حدَّثَ عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم حديثَ الجَسَّاسة والدجال -وهو في صحيح مسلم-، وهو من رواية الأكابر عن الأصاغر، وهو فنٌّ لطيف من فنون علوم الحديث.
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-19, 15:30
جزاك الله خيرا
حتى لا تتشتت أفكارك أنت حضّري الحديث بكامله ثم قومي بعرضه على المنتدى مقسما إلى أجزاء، كل يوم جزء
منها تكون مادة المخصصة ليومين أو ثلاثة حاضرة عندك ومنها تتفرغين لشرح الحديث الموالي
وبرك الله فيكم
- (الدين النصيحة) هذه الجملة تحتمل وجهين، كلاهما مُخرَّجٌ على أسلوبٍ بلاغيٍّ:
1- أنَّ في الجملة إيجازًا بالحذف، والتقدير: (عماد الدين: النصيحة)، والدليل على الحذف: هو اشتمال دين الإسلام على شعائر كثيرة غيرِ النصيحة.
2- أن أسلوب القصر في (الدين النصيحة)، -الذي يُفْهَمُ من تعريفِ الجُزْأَيْنِ-، هو قصرٌ مجازيٌّ -عند من يقول بالمجاز- لا حقيقيٌّ، القصدُ منه أهمية النصيحة حتى كأنَّها الدينُ كلُّهُ.
* والنصيحة في اللغة: التصفية.
وفي الشرع: إرادة الخير للمنصوح، هذا المشهور في تعريفها عند كثيرٍ من أهل العلم.
وأجود منه ما قاله بعض أهل العلم من أنها: تصفية النية من الغشِّ والدَّغَلِ للمنصوح قولًا وفعلًا.
* حكم النصيحة:
1- قد تكون النصيحة واجبةً؛ إذا تعلَّقت بفعل واجبٍ أو ترك محرم.
2- وقد تكون النصيحة مستحبة؛ إذا تعلَّقت بفعل مستحب أو ترك مكروه.
* فائدة: جاء في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدين النصيحة) -ثلاثا-، ووقع هذا في بعض طبعات كتاب الأربعين النووية.
والغرض من هذا التَّكرار هو الاهتمام بشأن النصيحة.
- وقوله: (الدين النصيحة) هكذا على وجه الإبهامِ، لِمن تكون؟ وفائدةُ هذا الإبهامِ: حَثُّ السَّامعين على الاستفهام عن ذلك؛ فيقع الجوابُ على نفوسٍ متطلعةٍ إلى معرفة الحكم، فيكون أرسخَ في الذهن.
- (قلنا) أي: نحنُ السَّامعين.
ويَحتمل أن يكون القائلُ واحدًا، إلا أنَّه لما وافقَ كلامُه ما في نفوسِ بقيَّة الصحابةِ، خرَّجه الرَّاوي على كلام الجماعة، والله تعالى أعلم.
- (لِمَن، يا رسولَ الله؟) أي: لِمَن هِيَ؛ فـ (لِمَنْ) خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ.
يُتبع...........
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-20, 15:11
جزاك الله خيرا
هكذا الله يبارك فيك
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-24, 10:26
إن شاء الله تكونين بخير
وبرك الله فيكم
عبد الحفيظ بن علي
2011-10-30, 11:24
الأخت أسأل الله أن تكوني بخير
وإن كان وقررت التوقف فأعلميني فقط
وإن قررت المواصلة فأنا معك إلى النهاية
رزقك الله الصبر والتوفيق
أعتذر غاية الاعتذار، فانشغالي بأطروحتي للدكتوراه لم يبق لي كثيرَ وقتٍ، مع أشغالٍ أخرى لابد منها.
ولكني، سأكمل الشرح إن شاء الله تعالى.
- (لله) والنصيحة لله: الإيمان بوجوده، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، وطاعتُه بفعل أمواره، واجتناب نواهيه، والحب فيه، والبُغض فيه.
- (ولكتابه) الإيمان به، وتلاوته، وتدبره، والعمل به؛ فعلًا للمأمور واجتنابا للمحظور، والتأدب بآدابه، والدفاع عنه.
- (ولرسوله) الإيمان به وبما جاء به، وتوقيره وتبجيله، واتباعه، والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه، وإحياء سنته، ومحبة آله وأصحابه.
- (ولأئمة المسلمين) وأئمة المسلمين صنفان من الناس:
1- العلماء، 2- الأمراء.
* والنصيحة للعلماء: تكون بمحبتهم، وتوقيرهم، واتباعهم في الحق، والدفاع عنهم بالحق.
* والنصيحة للأمراء: تكون باعتقاد أنهم إِمْرَتِهِم، وطاعتهم في غير معصية الله، ومعاونتُهم على الحق، وعدم الخروج عليهم ما داموا مسلمين.
- (وعامتهم) والمراد بعامة المسلمين: كلهم ما عدا أئمتهم، ونصيحتهم تكون: بمحبتهم، وتوجيههم، وتعليمهم ما فيه خيرُهم في الدنيا والآخرة، وأن تحب لهم ما تحب لنفسك من الخير.
* فائدة: النصيحة نوعان: نصيحة واجبةٌ، ونصيحة نافلةٌ.
فمن وجد مسلما واقعا في حرام أو تاركا لواجب؛ وجب نُصْحُه، وإذا كان واقعا في مكروه أو تاركا لمندوب؛ استُحِبَّت النصيحة.
والنصيحة أصبَحَت كالكبريت الأحمر، والغراب الأبقع؛ وقديما قيل: «النصح بين المسلمين موجود في القرطاس، قليل بين الناس».
عبد الحفيظ بن علي
2011-11-08, 13:08
جزاك الله خيرا الأخت، هكذا متعينا بعلمك وفوائدك، ونحن دائما معكم ، وأنت لا تقلقي اشتغلي بدروسك ومشاغلك ، وعندما يكون عندك وقت فأفيدينا بعلمك، جزاك الله خيرا، وأنا معك إلى النهاية
الحديث الثامن
عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- (أُمِرْتُ) هذا فعلٌ ماضٍ مبنيُّ لما لَم يُسَمَّ فاعلُه، والذي أمرَه الله جل جلاله.
فحُذِف الفاعل ههنا تعظيمًا، أو لأنه مُتعَيِّنٌ؛ إذْ لا يأمرُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلا ربُّه جل وعلا.
والأمرُ في اللغة له معانٍ، منها: طلب الفعل، والصفة، والشأن، والفعل نفسه.
وفي الاصطلاح: هو طلب الفعل على وجه الاستعلاء، -على المشهور- وفيه نظرٌ.
- (أُمِرتُ أن أُقَاتِلَ النَّاسَ)، (أَنْ) وما دخلت عليهِ: في تأويل مصدرٍ، والتقدير: أُمرتُ قِتالَ الناسِ، أي: بقِتالِهم؛ فحُذِفَ حرفُ الجرِّ، وحذفُه ههنا قِياسيٌّ، كما قال ابن مالك في ألفيته:
وعدِّ لازما بحرف الجرِّ ---- وإن حُذِف فالنصب للمُنْجرِّ
نَقْلًا، وفي (أَنَّ) و(أَنْ) يطَّرِدُ ---- معْ أمنِ لَبْسٍ، كعَجِبْتُ أَنْ يدُوا
- (أُمِرْتُ...)، وهذا الأمر ليس خاصًّا به، بل أُمَّته كذلك؛ لأن الأصل استواؤُه مع أمته في الأحكام، إلا ما قام الدليل على اختصاصه بها.
قال في مراقي السعود:
وما بهِ قد خُوطِبَ النبيُّ --- تعميمُه في الـمذهبِ: السَّنِيُّ
وقوله: (الناس) المراد بهم الكُفَّارُ، ويُلحق بهم تاركوا الصلاة ومانعوا الزكاة، بدليل تتمة الحديث.
- ويدخل (الجن) في لفظ (الناس) على الصحيح، خلافًا لبعض أهل العلم كالعلامة الطاهر بن عاشور، وإذا كان كذلك فالأصل أنهم يدخلون في قوله: (أُمرت أن أقاتل الناس)، ولكنهم خرجوا من اللفظ -وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا إليهم أيضًا- لأن قتالَهم مُتعذِّرٌ.
- (حتَّى) أي: إلى أن، فهو غايةٌ لما قبله، وهو القتال.
* إشكال: قد يُقال: إن الـمُغَيَّا بـ (حتى)، الصحيح فيه دخول الغاية فيه، كقولك: أكلتُ السمكةَ حتى رأسَها، فالرأسُ مأكولٌ، وإذا كان كذلك، فالحديث يُفيد أن القتال مستمرٌّ ولو قال الناسُ الشهادتين ولو صلَّوا!
ويُجاب عنه بأجوبة:
1- أن دخول الغاية في الـمُغَيَّا بـ (حتى) يكون إذا كان ما قبلها وما بعدها متجانسَيْنِ، ففي المثال السابق: (أكلتُ السمكة حتى رأسها)؛ رأسُ السمكة من جنسِ السمكة، بخلاف ما في الحديث فقول الشهادتين والصلاة والزكاة ليس من جنس القتال؛ فافترقا.
2- أنَّ (حتَّى) ليست للغاية، وإنما للتعليل، كقولك: اجتهد حتَّى تنجحَ، أي: لأجل أن تنجح؛ فمعنى الحديث على هذا: أُمرت أن أقاتل الناس لأجل أن يقولوا....الخ.
3- أن (حتى) بمعنى (إلى)، والـمُغَيَّا بـ (إلى) لا تدخل الغاية فيه، والمعنى: أُمرت أن أقاتل الناس إلى أن يشهدوا.... فيتوقف قتالهم.
* فائدة: هذا الحديث يصلح مثالًا لما جاءت فيه السنة عامة، والقرآن خاصا، فيُخصص الحديثُ بالقرآن؛ إذْ هذا الحديث مخصوص بقوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يُحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).
يُتبع...........
عبد الحفيظ بن علي
2011-12-01, 01:45
برك الله فيك وجزاك الله خيرا وأستسمحك على عدم دخولي الى المنتدي هده الأيام بسبب انشغالتي الكثيرة ولنا عودة إن شاء الله وأكملي ولا تتركينا برك الله فيك
عبد الحفيظ بن علي
2011-12-13, 00:39
أراك قد توقفت عن شرح الأربعين، لعلك مشغولة بالأطروحة التي انت مشغولة بها، إن كنت قررت التوقف فأعلميني حتى أعلم وإن كنت تريدين المواصلة فأنا معك إلى الأخير، وأسلك إن لم يكن فيه مانع ما هو موضوع أطروحتك التي انت بصدد كتابتها، وإن احتجت إلى أي كتب مصورة فأنا موجود حتى أوفرها لك فاطلبي ما تشائين فعندي الكثير ألاف الكتب المصورة في كل الأبواب ووفقك الله للخير
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir