تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من عجائب اعارة الكتب


التوحيد الخالص
2011-09-07, 15:23
من عجائب إعارة الكتب !

من سلك في إعارة الكتاب طريق البخل ! وضن به عمن ليس له بأهل

1 - قال بعض الأدباء : البخل بالعلم على غير أهله قضاء لحقه ومعرفة بفضله ،
2- وكان بعض أهل العلم إذا أتاه رجل يستفيد منه علما ، أو يستعير منه كتابا امتحنه فإن وجده أهلا له أعاره وإلا منعه .
3- وكان إذا أراد أن يعيره وعده وردده ، فإن عاد إليه ولم يضجر أعاره ، وإن لم يعد إليه كفي أمره وعلم أنها خطرة بقلبه خطرت ، وشهوة كاذبة عرضت .
4- وكان يقول : لا تعر كتاب علم من ليس من أهله واعتبارك ذلك بأن تستقريه الكتاب الذي طلبه ، فإن قرأه قراءة صحيحة فهو من أهله ، وإن لم يحسن قراءته فليس من أهله ، فلا تعره .
5- وكان يقول : من حق العلم إعزازه ، وقال غيره : لا تعر كتابا إلا بعد يقين بأن المستعير ذو علم ودين ، وفي معنى ما ذكرناه من أن العلم تجب صيانته عن غير أهله.
6- وقال الأعمش : لا تنثروا اللؤلؤ تحت أظلاف الخنازير ، يعني الحديث.
7- ورأى بعض الحكماء رجلا يبتذل كتابا فقال له : بينت عن نقصك ، وبرهنت عن جهلك ، فما أهان أحد كتاب علم إلا لجهله بما فيه ، وسوء معرفته بما يحويه .
8- ورأى آخر رجلا قد جلس على كتاب ، فقال : سبحان الله يصون ثيابه ولا يصون كتابه ، لصون الكتاب أولى من صون الثياب .
9- وكان بعضهم إذا سأله إنسان أن يعيره كتابا قال : أرني كتبك فإن وجدها مصونة مكنونة ، أعاره ، وإن رآها مغبرة متغيرة منعه .
10- وقيل : من أعار كتاب علم غير أهل العلم ، فقد جهل حق العلم وأضاعه.
11- وكان بعض أهل العلم يكتب على ظهور كتبه التي يعيرها : يا رب من حفظ كتابي فاحفظه ومن أضاعه فلا تحفظه .
12- وكتب آخر : ليس من أهل العلم من أضاع كتاب علم ، وكتب آخر : الكتاب أمانة وهو حقيق بالصيانة ، وكتب آخر : أكرم الله من أكرمك وردك كما تسلمك ، وكتب آخر : كتابي أعز شيء علي وإحسانك إليه إحسانك إلي!.


13- قال ابن المرزبان:
أنشدت من الخفيف :
أيها المستعير مني كتابا... إن رددت الكتاب كان صوابا
أنت والله إن رددت كتابا... كنت أعطيته أخذت كتابا

14- استعار رجل من أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الأسفرائيني الفقيه كتابا ، فرآه أبو حامد يوما وقد أخذ عليه عنبا ، ثم إن الرجل سأله بعد ذلك أن يعيره كتابا ، فقال تأتيني إلى المنزل ، فأتاه فأخرج الكتاب إليه في طبق وناوله إياه ، فاستنكر الرجل ذلك ، وقال : ما هذا ؟ فقال له أبو حامد : هذا الكتاب الذي طلبته ، وهذا طبق تضع عليه ما تأكله فعلم بذلك ما كان من ذنبه.
15- استعار رجل من بعض أهل العلم كتابا ، ثم رده إليه بعد حين متكسرا متغيرا ، عليه آثار البزور وغيره ، فسأله أن يعيره غيره ، فقال له : ما أحسنت ضيافة الأول فنضيفك الثاني!.
16- واستعار رجل من رجل كتابا بنفسه ثم رده مع غلام له ، فكتب إليه : ليس من حق العلم أن يمكن منه غير أهل العلم ، وقد كان ينبغي أن تكون الكرامة في رده كالكرامة في أخذه ، وإنك لما أخذته بنفسك وجب أن ترده بنفسك ، فكتب إليه : إن الغلام الذي أنفذته معه مؤتمن على المال ، فكتب إليه : العلم أفضل من المال وليس كل مؤتمن على المال يؤتمن على العلم ، والمال يعرف قدره كل أحد ؛ فهو يصونه ويعظمه ، وليس العلم كذلك ، ولم يعره شيئا بعد ذلك.


17- حدث بعض البصريين ، قال : أعارني رجل من وجوه بني هاشم بالبصرة دفترا ، فضاع ، فتفجع لذلك ، فاعتذرت إليه وقلت من المنسرح :
يا مالكا ما تزال راحته... تعطي المعالي وتبسط النعما
هب لمقر بالذنب معترف ...بواسع العفو منك ما اجترما
أعرته دفترا تضن به ...فخانه الدهر فيه فاصطلما
إعظامك العلم إذ فجعت به ...يزيد عندي خطيئتي عظما
- باختصار وتصرف من كتاب "تقييد العلم للخطيب البغدادي –