المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمي لا تعمل


ـ غزلان ـ
2008-10-31, 17:46
بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي الكرام
قرأت هذا المقال في أحد المواقع وأعجبني لما فيه من تصحيح لمفاهيم خاطئة تعم المجتمعات وللأسف مجتمعاتنا الإسلامية
وعلى بركة الله تعالى
_________________________________
أمي لا تعمل
****
***
**
*


عاد الطفل يوماً من مدرسته كعادته ..
يتصبَّبُ جبينه عرقا كالجمان، قد التصقت ملابسه بجسده من سخونة الجو آنذاك!
طرقتان على الباب .. وفُتَحْ (على ميعادٍ هما)
أمه الولهى كانت هي المستقبلة .. وبلهفة الذي لم يلق حبيباً منذ عام .. فتحت يديها
ارتمى الطفل على الصدر الحنون يشحن في جسده الغض بقايا عاطفة استنفدها المدرس والمرشد والمدير في مدرسة تعلمك كل شيء وتنسى إن تعلمك أسهل شيء وأحسنه وأعلاه (العاطفة الحقة)!
تلك اللحظات .. لحظات الغيبوبة الرائعة فوق صدر الأم الحنون ..
لم ينسها الطفل يوما .. (لا زال حتى اليوم يكرر فعلته تلك، وليس بين ذلك الأمس ويومه هذا سوى عشرين عاما فقط)
ذلك اليوم .. وبعد تبادل الأسئلة المعتادة عند كل أوبة، أخرج لها ورقة بيضاء(في مظهرها)!
كانت الأم امرأة تجيد القراءة ..
أكملت تعليمها في زمنٍ راحل ..
بل كانت رأس قائمة المتخرجين يوماً من الدهر، إذ كانت الأولى على رأس الدفعة التي خرجت من مدينتها الكبرى يومذاك..
لكنها آثرت أن تدع الحقيبة المدرسية بعد بلوغها هذه المرحلة ..
لتستلم حقيبة الحكم في أسرة ما .. ترفرف على أطيافها خمائل السعادة، وتميس بجنباتها حلل النعم!
ومن أجل ذلك وحده رضيت أن تتزوج، وأن ترتبط برباط الحياة المقدس، والذي كان طفلنا أحد أفراد دولته الميمونة..
مدَّ الطفل لها ورقته البيضاء..
وقال بصوت تلمح في نواحيه فعل العاطفة وتغنج الطفل أمام أمه: يقول لكِ المعلم لا أن بد أن تملئيها قبل يوم الغد..
قالت له: وإن لم أملأها إلا صبح الغد
فال لها متوعدا: سيأتي المعلم لينزل العقاب بنا أهل البيت أجمعين!
قالت: لا بأس عليك سأملؤها .. انزع ملابسك وادلف إلى مخدعك وتوارى تحت ركام الدُثُر .. ونمْ!
ومضى ذلك اليوم كعادة هذه الأيام الراحلة ..
تتخلله طرقات زائر .. وأسئلة حائر .. واستغاثة مظلوم من دَهمَاتِ جائر ...
عالم الأطفال ودولتهم لا يعرفها احد كما الأم .. (وإن شئتم بيانا فانشدوا من طلَّقَ أو ترمَّلَ ولديه ثلاثة منهم فقط، كيف ذاق الحياة إن بقيت لديه حاسة التذوق)
...
لم تعمل الأم يومها ذاك كثير عمل!
غسلت ملابس الأطفال وأكسيتهم (ليس لديها سوى خمسة أطفال، ولكل طفل خمس قطع صغيرة وثلاث كبيرة، أي بمعدل أربعين قطعة غسلتها ذلك اليوم سوى قطع الستائر المتسخة)
قامت بتنظيف فناء المنزل الصغير (كانسةً أوراق الشجر المتساقطة، ومزوقة مدخل البيت، وساقيةً الزهور المتناثرة على أطرافه)
في المطبخ لم يكن هناك كثير عمل (خمسة أفواه لا تعرف من أخطار الحياة إلا المجاعة ووجبتان كبريان وطبقان من حلوىً لم يذق الطفل حتى يومه هذا مثلها روعة وجمالا)
في غرفة الجلوس كانت الكراسي تحتاج لإعادة ترتيب وتنظيم وربما تعديل حالٍ بعد ضربات الأطفال المغيرين!
في دورة المياه (هناك طفلان لم يكن طفلنا من بينهم لا بد من أن يستحموا في اليوم ثلاثا .. لا حبا في النظافة وإنما إيمانا من أمهم بأنهم لا بد أن يكونوا كذلك) ولا تنس أنها ستقوم بتلميع أرض الحمام وجلوه بعد أن يكون قد تغيرت ملامحه ..
في غرفة الألعاب (من الأحسن أن لا أتحدث هنا كثيرا .. لقد كانت تقوم بمجهود فحسب)
بعد العصرِ كان الجميع يتَحلَّقُون حولها ممسكين بمصاحف كبيرة يرددون خلف صوتها الجميل آيات نديات وشروحات عطرات (ربما رأى الطفل دمعتين تنحدران على وجنتي أمه .. يبهت قليلا وينقطع الصغار عن الترديد ، تنتبه لهم فتمسح وجنتيها ثم تعاود التلاوة .. لا تزال تلك الدمعتان تسيل في وجدان الطفلِ الرجلِ حتى اليوم)
بعد المغرب كان الصالون يتحول إلى فصل دراسي، تتساءل الأم الحنون: إذاً ماذا عمل لك الأستاذ يا بني؟
ومرة تجدها تقول له: وأين كنت أنت؟ فيقول لها لقد كنت موجودا لكن المعلم لم يحضر منذ ثلاث!
تعيد الأم شرح الدروس كرة أخرى، وتساعدهم في حل الواجبات..
ولكم كانوا يبهجون حينما يعرضون أمامها لوحات الرسوم الفنية فتتألى قائلة ببهجةٍ أنها لم تر مثلها(حقا لم ترَ مثلها من قبل)!
تزوِّقُ لهم صحائف الواجب وتضع لهم بعض الرسوم على أطرافها .. (بإمكاني أن أصمت .. لقد كانت تقوم بمجهود)
حينما يحل المساء كانت الأفواه الفاغرة تلتهم آخر وجبة لذلك اليوم ..
وتتسابق إلى فرشها لتنعم بنومٍ هادئ ربما تعكر بسبب مزاج أحد الصبية الأشرار .. لكنَّ وجودها بينهم حتى يناموا كان كفيلا بأن تَهُدَّ السكينة المستوحاة من وجودها أقوى جبلٍ مكابر .. كيف لو مسحت على خد أحدهم ثمَّ طبعت عليه قبلةً وهي تقول له: نم يا أعظم طفل في الوجود؟ .. (يقسم الطفل أنه بعد أن حصل على حملِ بعيرٍ من الشهادات لم تعنه كما عنته تلك الشهادة الخالدة من فيِّ الأم الحنون في تلكَ الليلة الدافئة)
الأب لم يكن بعيدا .. كان لديه عمل ربما استمر ليلاً وربما يوماً كاملاً، لذلك لا تعجب إذا علمت أن الأم الحنون أضحت تعرف ردهات مستشفى المدينة الكبير أكثرَ من زوجها!
كثيرة هي المرات التي كانت تذهب إلى هناك لتضمد جرحا غائرا في ركبة الطفل الشيطان ..
أو تضع بعض الغرز في جبهة الطفل الذي لم يعرف السجود للذل بعد منتصف الليل!
في مساء ذلك اليوم .. كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة بعد منتصف الليل ..
الكل نام عداها
دلفت إلى غرفتها .. زوجها المسكين لم يعد حتى الساعة
استلقت على فراشها وألقت فوقها غطائها، مرت عليها صور الأطفال واحدا تلوَ الآخر .. تستعرض مطالبهم، وتتذكر مواقفهم..
فجأة تذكرت ورقة طفلها التي لا بد من ملئها قبل حلول الصباح حسب رغبة الطفل وتوجيهات المعلم ..
قامت وأشعلت مصباح الغرفة الصغير وجلبت ورقة الصبي الذي كان يغط في غياهب النوم
كانت الورقة عبارة عن استبيانات من إدارة المدرسة حول البيانات الشخصية للطفل:
أسمه، عمره، هواياته، اسم أبيه، عمره أيضا، عمله، مرتبه ..
اســم الأم: ....
مستوى التعليم: ....
وتحتهما كانت هنالك خانتان تكتفي بالإشارة أمام احدهما:
الأم : تعمل ...
الأم : لا تعمل ...
ترى .. ماذا يعني (تعمل) .. (معلمة، سكرتيرة، طبيبة، ممرضة، مضيفة طيران، موضفة استقبال، مقدمة طلبات بمطعم ... هاه ربما)
والخانة الأخرى كانت لا تعمل(في البيت .. نائمة .. كسولة ..عاطلة .. غير موظفة أم ماذا؟؟)
هل هذا ما يقصدون؟
أم ماذا يريدون؟
إن أشارت إلى تعمل . ماذا تضع في خانة وصف العمل، وإن أن أشارت إلى الأخرى هل هي حقا لا تعمل ..!
ومر شريط اليوم الفائت تواً أمام عينيها بكل ما فيه من قيام وقعود .. وتدريس وتكريس .. وإعداد وطهيٍ .. وتعليم وذهاب وإياب وسقي وتنظيف ..
ليسقط القلم من بين يديها وهو يشير على (لا تعمل)
سقط القلم ومن على جانبيه دمعتان تواريانه ثرى الورقة (الغير بيضاء) ..
*****
***

أمي ..
حبيبة قلبي .. وقرة عيني
أنا طفلك الحبيبُ لا زلت .. على العهد ماضٍ
أقول لك بكل حبٍ وإجلال:
لا عليكِ أن قالوا أنك (لا تعملين) ..
يكفيك أنكِ كالسلطانةِ في بيتك آمرةً ناهية، مطاعةً مسموعة الكلمة!
و لولاك لما كان أحد فينا شيئا يا أغلى الناس.

بوبكر28
2008-10-31, 18:02
أمي ..
حبيبة قلبي .. وقرة عيني
أنا طفلك الحبيبُ لا زلت .. على العهد ماضٍ
أقول لك بكل حبٍ وإجلال:
لا عليكِ أن قالوا أنك (لا تعملين) ..
يكفيك أنكِ كالسلطانةِ في بيتك آمرةً ناهية، مطاعةً مسموعة الكلمة!
و لولاك لما كان أحد فينا شيئا يا أغلى الناس.
أحببت أن اعبر عن حبى لامى فحبى لها ليس يوما واحدا كما يدعون بالهدايا والزهور
فحبى لك يا امى يزيدا يوما بعد يوم فكل يوم وأنت ِ حبيبتى وكل يوم وأنت أمى يارب بصحة وعافية
ربنا يبارك فيكِ يا أمى ويبارك فى عمرك ويجعلك راضية عنى يا أمى فرضاكِ من رضى ربى عنى
كل املى ان اسعدك و أكون قرة عين لك فى الدنيا والاخرة

كلمات أكتبها وأهديها لأمى الحبيبة
مهما أكتب و أوصف وأعبر عن حبى لأمى او فضلها عليا مش رايح انوفى حتى حق التراب اللى تحت قدم أمى ..

zoheir39102
2008-10-31, 18:14
و الله غزلان أشكرك على الموضوع الجميل ,
لكن للأسف وقتنا الحالي اصبحت المراة تضحي بابنائها وزوجها واسرتها لاجل العمل لاجل ان تثبت ذاتها كما تضن هي لاجل ان تصبح عنصر فعال كما يقولون ونسيت انها في بيتها وبتربية اسرتها وابنائها هي السلطانه ,
زهير ليس ضد المراة العاملة لكن على المراة ان تفهم ان الاصل هو بيتها ولا تحاول تحدي الرجل في العمل لانه لم يبقى لها ميدان لم تدخله .
فالماكثة بالبيت الام الحنون عاملة ومتعبة وكل الاعباء على راسها .

BEST ALGERIA
2008-10-31, 18:16
بارك الله فيك ختي على الطرح حقيقة موضوع جميل رغم أنه منقول وكما يقال الام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق ويقال أيضا الام مدرسة اذا اعددتها اعددت الف ديوان وقصيدة ... وكاتب الموضوع على ما أظن سيناريست .. والله أعلم ... والسلام عليكم

ـ غزلان ـ
2008-10-31, 20:41
بارك الله فيكم و جزاكم كل خير ، أثرتم الموضوع

شكرا لكم جميعا و يا رب احفظ أمهاتنا الغاليات و استرهن في الدنيا و الآخرة

ام زينب
2008-10-31, 22:16
شكرا الاخت غزلان على الموضوع وبالمناسبة اطلب من الاخوة والاخوات الاعضاء ان يدعوا لامي بالشفاء العاجل.