المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتاوى السلف في تكفير أعيان الجهمية و النهي عن الصلاة خلفهم رد شهاداتهم (مقتطفات من كتب العقيدة الأصلية)


أم سلمة عادت
2011-09-06, 17:18
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أحمين و على التابعين و تابعيهم و تابعيهم إلى يوم الدين

أما بعد،

فقد أنكر بعض الجاهلين لفتاوى السلف الصالح في تكفير الجهمية و أعيانهم "أو تكفير من أنكر صفة واحدة أو أكثر"، أن السلف يكفرونهم و يجعلونهم خارجين عن الـ 72 فرقة الضالة التي تبقى في دائرة الإسلام حتى تقام عليها الحجة، لذا قررت أن أكتب هذا الموضوع و أن أجمع فيه القليل من فتاوى السلف في تكفيرهم و وصفهم بالزندقة، ذلك أن المقام لا يسع للتفصيل و ذكر كل فتاويهم، لذا سأكتفي بالإختصار و بالله التوفيق،
و لا يظن ظان، أنني أشمت في البعض أو أثير المشاعر و المشاكل، بل و الله إنني لأريد النصح و ما توفيقي إلآ بالله.


قال النضر بن محمد: من قال في هذه الآية (إنني أنا الله لا إله إلآ انا فاعبدني) مخلوق فهو كافر
قال الإمام عبد الله ابن المبارك: الجهمية كفار، بلغوا نساءهم أنهن طوالق، لا يصلى خلفهم و لا عليهم.
قال الإمام عبد الله بن المبارك: من قال القرآن مخلوق فهو زنديق. (و لاحظ أنه حكم عليه بالزندقة و لم يحكم على كلامه بالكفر أو عذره بجهل لأنه أمر معلوم من الدين بالضرورة أن القرآن كلام الله)
سئل الإمام الحجة القدوة محمد بن إدريس: ما تقول في الجهمية، يصلى خلفهم؟ فقال : أمسلمون هؤلاء؟ لا، ولا كرامة، لا يصلى خلفهم.
قال الإمام سفيان بن عيينة: القرآن كلام الله، من قال مخلوق فهو كافر، و من شك في كفره فهو كافر. (......تأمل)
قال الإمام الحسن بن عيسى حين ذكر عنده خبر الجهمية: الجهمية... و من يشك في كفر الجهمية؟؟؟
قال الإمام مالك: الجهمية كفرا لا يصلى خلفهم و لا تحضر جنائزهم و لا تؤكل ذبائحهم
قال الإمام الشافعي: الجهمية كفار و لا كرامة
قال الإمام أحمد: الجهمية كفرا و من شك في كفرهم ممن يعلم حالهم فقد كفر (وكذا قال كل السلف)
قال الإمام البخاري: لا أبالي أصليت خلف جهمي أو رافضي أو صليت خلف يهودي أو نصراني، لا تأكل ذبائحهم و لا يسلم عليهم و لا يتزوج منهم و لا يزوجوا.
قال الإمام ابن خزيمة: من لم يقل إن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، يستتاب، و إلآ فيقتل و يرمى في الزبالة كي لا يتأذى من ريح نتنه أهل الملة ولا أهل الذمة
قال الإمام سلام بن أبي مطيع: الجهمية كفار لا يصلى خلفهم
قال الإمام عبد الله بن المبارك: الجهمية كفار، ليست الجهمية تعبد شيئ
قال الإمام الحسن بن عيسى: الجهمية،... و من يسك في كفر الجهمية؟
قال الإمام عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: سألت أبي رحمه الله -أي الإمام أحمد- عن الصلاة خلف أهل البدع؟ قال: لا يصلى خلفهم، مثل الجهمية و المعتزلة. (و المؤمون معتزلي فكيف تقول أنه أجاز الصلاة خلف أهل الأهواء؟؟؟، هذا دليل على ما قلته أنا من أن أهل الأهواء و البدع هم درجات)
و خذ هذا الجواب أيضا حول الشهادة للإمام أحمد: إذا كان القاضي جهميا فلا تشهد عنده.
قال الإمام ابراهيم ابن طمهان: الجهمية كفرا و القدرية كفار
قال الإمام أحمد: من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كافر (و لم يقل عندنا قوله قول كفر)
قال الإمام أحمد: إذا رأيت أحد يذكر أصحابة محمد بسوء فإتهمه على الإسلام (و هذا قاله للعامة من الناس، لأن الصحابة عدالتهم معلومة بالضرورة من الدين فلا يعذر الجاهل بذلك، بل الذي يعذر هو الذي لديه شبهة، و أما الجاهل فلا، كما قاله شيخ الإسلام في منهاج السنة)
قال الإمام أبو زرعة الرازي: إذا رأيت أحدا يذكر أحدا الصحابة بسوء فغعلم أنه زنديق، يريدون إبطال الأثر، لأن القرآن حق و السنة حقن و الذين أوصلوا لنا الكتاب و السنة هم الصحابة.... (و هذا دليل على أن الإمام أبا زرعة لا يعذر بجهل أو شبهة كما قرره أئمة كثيرون من أهل السنة في كتبهم)
قال الإمام مالك: من أبغض أصحاب محمد فهو كافر (تأمل... مجرد البغض، و لم يقل أن الفعل هو فعل كفر)


قال الإمام محمد بن عبد الوهاب في الدرر السنية بإختصار (المجلد العاشر/93-95): (( و كذلك إجماع السلف على تكفير غلاة القدرية، و غيرهم مع علمهم -أي علم القدرية-، و شدة عبادتهم، و كونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، لم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم لأجل كونهم لم يفهموا، فإذا علمتم ذلك، فإن هذا الذي أنتم فيه كفر))

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 00:23
أختي الفاضلة " أم سلمة" حفظكِ الله



السلام.عليكم ورحمة.الله وبركاته







وبحكم أن العلم له رحم لا بدَّ من وصلها، فلا مانع من فتح باب النقاش العلمي المؤصل في مسألة


هل يلزم من تكفير العموم تكفير الأعيان ؟


وذلك ان كثيرا من المبتدئين في طلب العلم لا يميزون ؛ بين إطلاقات كثير من العلماء في كتبهم ..نحو :


( حكاية ابن القيم رحمه الله عن خمسمائة إمام من أئمة الإسلام أنهم كفروا من أنكر الاستواء


وزعم أنه بمعنى الاستيلاء ) أو نحو قولهم :


( من قال (القرآن مخلوق) فقد كفر )


أو (قال (إن الله في كل مكان) فقد كفر )

وكذلك اطلاقات العلماء في الطوائف المنحرفة ، عن عقيدة أهل السنة والجماعة كقولهم




(الجهمية كفار) ، أو ( القدرية كفار ) أو نحو ذلك .

فلا يميزون بين هذا ، وبين تنزيل هذه الأحكام على الأعيان ..
فربما كفروا كل من سمعوا منه شيئاً من هذه المقالات أو قرؤوه في كتبه ومؤلفاته

والصواب عند العلماء المحققين أنهم وإن أطلقوا تلك الإطلاقات في المقالات أو الطوائف التي تنتحلها ..


إلا أنهم لا ينزلون حكم التكفير على المعين إلا بعد النظر في شروط التكفير وموانعه،


فمن ذلك ما ذكره شيخ الإسلام مراراً في الفتاوى أن


(الجهمية كفرهم السلف والأئمة تكفيراً مطلقاً


وإن كان الواحد المعين لا يكفر إلا بعد قيام الحجة التي يكفر تاركها ) أهـ

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 00:24
وخلاصة هذا الموضع :



- أن التكفير المطلق : هو أن يثبت بالدليل الشرعي كفر من أتى بقول أو فعل معين ، وذلك أن يقال من قال كذا فقد كفر
أو من فعل كذا فقد كفر ، هكذا بإطلاق دون تنزيل الحكم بالكفر على شخص بعينه .

- فالتكفير المطلق : هو تنزيل الحكم بالكفر على السبب ، لا على الشخص فاعل السبب .

أي هو (تجريم الفعل نفسه لا الفاعل) ؛ ولذلك يكفي فيه فقط ، النظر في الدليل الشرعي من حيث كونه قطعي الدلالة
على الكفر الأكبر ، وأنه ليس من الصيغ محتملة الدلالة ، مع النظر في قطعية دلالة الفعل أو القول نفسه على الكفر .

- أما تكفير المعين : فهو تنزيل حكم التكفير على الشخص المعين ، الذي قال أو فعل السبب المكفر
فلا بد فيه إضافة إلى النظر في تجريم الفعل كما في التكفير المطلق ، أن ينظر في حال الفاعل أو القائل
من حيث ثبوت الفعل عليه ، وانتفاء موانع الحكم في حقه ، أي استفاء شروط التكفير وانتفاء موانعه ..






يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-


: ( وكنت أبين لهم أن ما نقل لهم عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من قال كذا وكذا ، فهو أيضا حق
لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين ، وهذه أول مسألة تنازعت فيها الأمة من مسائل الأصول الكبار
وهي مسألة ( الوعيد ) فإن نصوص القرآن في الوعيد مطلقة كقوله ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما … ) الآية
وكذلك سائر ما ورد؛ من فعل كذا فله كذا ، فإن هذه مطلقة عامة .. وهي بمنزلة من قال من السلف ، من قال كذا فهو كذا
ثم الشخص المعين يلغى حكم الوعيد فيه بتوبة أو حسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو شفاعة مقبولة .


والتكفير هو من الوعيد ، فإنه وإن كان القول تكذيبا لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة ، ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة ، وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص أو سمعها ، ولم تثبت عنده أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئا ) أهـ


مجموع الفتاوى ( 3/147-148 )

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 00:25
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- ( 35/101 ):


( وأصل ذلك : أن المقالة التي هي كفر بالكتاب والسنة والإجماع يقال هي كفر قولا يطلق ، كما دل على ذلك
الدلائل الشرعية ، فإن " الإيمان " من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله ، وليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم
ولا يجب أن يحكم في كل شخص قال ذلك بأنه كافر حتى يثبت في حقه شروط التكفير ، وتنتفي موانعه
مثل من قال إن الخمر أو الربا حلال ، لقرب عهده بالإسلام أو لنشوئه ببادية بعيدة ، أو سمع كلاما أنكره
ولم يعتقد أنه من القرآن ولا أنه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم …..الخ )



وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- ( 23/195 ) :


( وحقيقة الأمر في ذلك : أن القول قد يكون كفرا ، فيطلق القول بتكفير صاحبه ، ويقال : من قال كذا فهو كافر
لكن الشخص المعين الذي قاله لا يحكم بكفره ، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها
وهذا كما في نصوص الوعيد فإن الله سبحانه وتعالى يقول :


((إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا))


فهذا أو نحوه من نصوص الوعيد حق ، لكن الشخص المعين لا يشهد عليه بالوعيد ، فلا يشهد لمعين من أهل القبلة بالنار لجواز ألا يلحقه الوعيد لفوات شرط ، أو ثبوت مانع ، فقد لا يكون التحريم بلغه ، وقد يتوب من فعل المحرم ، وقد تكون له حسنات عظيمة تمحو ذلك المحرم ، وقد يبتلى بمصائب تكفر عنه ، وقد يشفع فيه شفيع مطاع .


وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده
أو لم يتمكن من فهمها ، وقد يكون عرضت له شبهات يعذره الله بها ، فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ ، فإن الله يغفر له خطأه – كائنا ما كان – سواء كان في المسائل النظرية ، أو العملية ، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام ) أهـ .


وبعد أن ذكر نزاع بعض المتأخرين في تكفير أهل البدع هل هو كفر ينقل عن الملة أم لا ، وهل يخلدون في النار أم لا … قال-رحمه الله- :



( وحقيقة الأمر : أنهم أصابهم في ألفاظ العموم في كلام الأئمة ما أصاب الأولين في ألفاظ العموم في نصوص الشارع
كلما رأوهم قالوا : من قال كذا فهو كافر ، اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكل من قاله
ولم يتدبروا أن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين ، وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين
إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع
يبين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم هذا الكلام بعينه
فإن الإمام أحمد مثلا قد باشر الجهمية الذين دعوه إلى القول بخلق القرآن ونفي الصفات ، وامتحنوه وسائر علماء وقته وفتنوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافقوهم على التجهم بالضرب والحبس …
وذكر أن أكثر أولي الأمر كانوا يكفرون كل من لم يكن جهميا موافقا لهم ويعاملونهم معاملة الكفار … الخ ،


إلى قوله : ( ومعلوم أن هذا من أغلظ التجهم فإن الدعاء إلى المقالة أعظم من قولها
وإثابة قائلها وعقوبة تاركها أعظم من مجرد الدعاء إليها …..


ثم إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره ، ممن ضربه وحبسه ، واستغفر لهم وحللهم مما فعلوه …




ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لم يجز الاستغفار لهم


فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع


وهذه الأقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهمية ….


وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه كفر به قوما معينين ، فأما أن يذكر عنه في المسألة روايتان ففيه نظر ، أو يحمل الأمر على التفصيل ، فيقال : من كفر بعينه ، فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه ، ومن لم يكفره بعينه فلانتفاء ذلك في حقه ، هذا مع إطلاق قوله بالتكفير على سبيل العموم )أهـ.


مجموع الفتاوى (12/261-262)

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 00:36
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في "مجموع الفتاوى" (7/ 538):
"الجهل ببعض أسماء الله وصفاته لا يكون صاحبه كافرًا إذا كان مقرًا بما جاء به رسول الله(r)
، ولم يبلغه ما يوجب العلم بما جهله على وجه يقتضي كفره إذا لم يعلمه" أ.هـ.



قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في "الرد على البكري" (ص 259):

"كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله فوق العرش لما وقعت محنتهم:
أنا لو وافقتكم كنت كافرًا؛ لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال.
وكان هذا خطابًا لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم" أ.هـ.


وقال في كلامه على مذهب وحدة الوجود في "مجموع الفتاوى" (2/367):

"وأما الجهال الذين يحسنون الظن بقول هؤلاء ولا يفهمونه، ويعتقدون أنه من جنس كلام المشايخ العارفين،
الذين يتكلمون بكلام صحيح لا يفهمه كثير من الناس، فهؤلاء تجد فيهم إسلامًا وإيمانًا ومتابعة للكتاب والسنة
بحسب إيمانهم التقليدي، وتجد فيهم إقرارًا لهؤلاء وإحسانًا للظن بهم وتسليمًا لهم بحسب جهلهم وضلالهم،
ولا يتصور أن يثني على هؤلاء إلا كافر ملحد أو جاهل ضال" أ.هـ.

ثم قال (2/379):
"ولكن لقولهم سر خفي وحقيقة باطنة لا يعرفها إلا خواص الخلق، وهذا السر أشد كفرًا وإلحاحًا من ظاهره،
فإن مذهبهم فيه دقة وغموض وخفاء قد لا يفهمه كثير من الناس.
ولهذا تجد كثيرًا من عوام أهل الدين والخير والعبادة ينشد قصيدة ابن الفارض ويتواجد عليها ويعظمها،
ظانًا أنها من كلام أهل التوحيد والمعرفة وهو لا يعلم مراد قائلها، وكذلك كلام هؤلاء يسمعه طوائف من
المشهورين بالعلم والدين، فلا يفهمون حقيقته" أ.ه

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 00:43
وتَذَكَّرِي أُخَيَّتِي مَا قَالَهُ تِلْمُيذُهُ



الحافظ عمر بن علي البزار حيث قال - رحمه الله-


( ولقد أكثر - رضي الله عنه- التصنيف في الأصول فضلا عن غيره من بقية العلوم فسألته عن سبب ذلك، والتمست منه تأليف نص في الفقه يجمع اختياراته وترجيحاته ليكون عمدة في الإفتاء فقال لي- ما معناه-:

الفروع أمرها قريب ومن قلد المسلم فيها احد العلماء المقلدين جاز له العمل بقوله ما لم يتيقن خطأه وأما الأصول فإني رأيت أهل البدع والضلالات والأهواء كالمتفلسفة والباطنية والملاحدة والقائلين بوحدة الوجود والدهرية والقدرية والنصيرية والجهمية والحلولية والمعطلة
والمجسمة والمشبهة والراوندية والكلابية والسليمية وغيرهم من أهل البدع

قد تجاذبوا فيها بأزمة الضلال وبان لي أن كثيرا منهم انما قصد إبطال الشريعة المقدسة المحمدية الظاهرة العلية على كل دين وان جمهورهم أوقع الناس في التشكيك في أصول دينهم ولهذا قل أن سمعت أو رأيت معرضا عن الكتاب والسنة مقبلا على مقالاتهم إلا وقد تزندق أو صار على غير يقين في دينه واعتقاده

فلما رأيت الأمر على ذلك بان لي انه يجب على كل من يقدر على دفع شبههم وأباطيلهم وقطع حجتهم وأضاليلهم أن يبذل جهده ليكشف رذائلهم ويزيف دلائلهم ذبا عن الملة الحنيفية والسنة الصحيحة الجلية

ولا والله ما رأيت فيهم أحدا ممن صنف في هذا الشأن وادعى علوم المقام إلا وقد ساعد بمضمون كلامه في هدم قواعد دين الإسلام

وسبب ذلك إعراضه عن الحق الواضح المبين وعن ما جاءت به الرسل الكرام عن رب العالمين وإتباعه طرق الفلسفة في الاصطلاحات
التي سموها بزعمهم حكميات وعقليات وإنما هي جهالات وضلالات وكونه التزمها معرضا عن غيرها أصلا ورأسا فغلبت عليه حتى غطت على عقله السليم فتخبط حتى خبط فيها عشواء ولم يفرق بين الحق والباطل وإلا فالله أعظم لطفا بعباده أن لا يجعل لهم عقلا يقبل الحق ويثبته ويبطل الباطل وينفيه لكن عدم التوفيق وغلبة الهوى أوقع من أوقع في الضلال وقد جعل الله تعالى العقل السليم من الشوائب ميزانا يزن به العبد الواردات فيفرق بهبين ما هو من قبيل الحق وما هو من قبيل الباطل ولم يبعث الله الرسل إلا إلى ذوي العقل ولم يقع التكليف إلا مع وجوده فكيف يقال انه مخالف لبعض ما جاءت به الرسل الكرام عن الله تعالى هذا باطل قطعا يشهد له كل عقل سليم لكن


( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور )


قال الشيخ الإمام- قدس الله روحه -: فهذا ونحوه هو الذي اوجب أني صرفت جل همي إلى الأصول وألزمني أن أوردت مقالاتهم وأجبت عنها بما انعم الله تعالى به من الأجوبة النقلية والعقلية

قلت: وقد أبان بحمد الله تعالى فيما ألَّفَ فيها لكل بصير الحق من الباطل وإعانة بتوفيقه حتى رد عليهم بدعهم وآراءهم وخدعهم وأهواءهم مع الدلائل النقلية بالطريقة العقلية حتى يجيب عن كل شبهة من شبههم بعدة أجوبة جلية واضحة يعقلها كل ذي عقل صحيح ويشهد لصحتها كل عاقل رجيح

فالحمد لله الذي مَنَّ علينا برؤيته وصحبته فلقد جعله الله حجة على أهل هذا العصر المعرض غالب أهله عن قليله وكثيره لاشتغالهم بفاني الدنيا عما يحصل به باقي الآخرة فلا حولولا قوة إلا بالله

لكن الله ذو القوة المتين ضمن حفظ هذا الدين إلى يوم الدين وأظهره على كل دين فالحمد لله رب العالمين)





"الأعلام العلية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية"ص(33-35).

ومن حسناتك أختي "أم سلمة"







تفضل أخي في الله


كتاب: الأعلام العلية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية

المؤلف: عمر بن علي البزار أبو حفص


التحميل المباشر: الكتاب (http://www.archive.org/download/waq20225/20225.pdf)

التوحيد الخالص
2011-09-07, 01:03
تكفير المعين



http://www.binbaz.org.sa/themes/binbaz_default/images/download.jpg (http://www.binbaz.org.sa/audio/noor/023909.mp3)
حدث حوارٌ بيني وبين صديق لي عن الإسلام، حيث قال هذا الصديق: إنه لا يصلي على الإطلاق، فقلت له: أنت كافر؛ لأن الله تعالى يقول: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ))[البقرة:85]، وقال لي: أنت أيضاً كذلك، وذكر لي القول: (من كفَّر مسلماً فقد كفر)، وبعد ذلك تركته وذهبت حتى لا يحتدم النقاش إلى أكثر مما وصل إليه، فما حكم كلامنا هذا الذي تم بيننا، وهل نأثم عليه؟

الصواب أن من ترك الصلاة فهو كافر وإن كان غير جاحد لها، هذا هو القول المختار والمرجح عند المحققين من أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرَّجه الإمام أحمد وأهل السنن عن بريدة بن حصين - رضي الله عنه -، ولقوله أيضاً - صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرَّجه الإمام مسلم في صحيحه، ولقوله أيضاً عليه الصلاة والسلام: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) خرَّجه الإمام أحمد والإمام الترمذي رحمة الله عليهما بإسناد صحيح عن معاذ - رضي الله عنه -، ولأحاديث أخرى جاءت في الباب، فالواجب على من ترك الصلاة أن يتوب إلى الله وأن يبادر بفعلها ويندم على ما مضى من تقصيره، ويعزم أن لا يعود، فهذا هو الواجب عليه. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكون عاصٍ معصية كبيرة وجعل هذا الكفر كفراً أصغر، واحتج بما جاء في الأحاديث الصحيحة من فضل التوحيد ومن مات عليه فهو من أهل الجنة إلى غير هذا، لكنها لا تدل على المطلوب، فإن ما جاء في فضل التوحيد وأن من مات عليه فهو من أهل الجنة إنما يكون بالتزامه أمور الإسلام ومن ذلك أمر الصلاة، فمن التزم بها حصل له ما وعد به المتقون، ومن أبى حصل عليه ما وعد به غير المتقين، ولو أن إنساناً قال: لا إله إلا الله ووحد الله ثم جحد وجوب الصلاة كفر ولم ينفعه قول لا إله إلا الله أو توحيده لله مع جحده وجوب الصلاة، فهكذا من تركها تساهلاً وعمداً وقلة مبالاة فحكمه حكم من جحد وجوبها في الصحيح، ولا تنفعه شهادته بأنه لا إله إلا الله؛ لأن ترك حق هذه الكلمة، فإن من حقها أن يؤدي الصلاة، وهكذا لو وحد الله وأقر بأنه لا إله إلا الله ولكنه استهزأ بشيء من دين الله فإنه يكفر، كما قال الله عز وجل: ..قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ.. (65-66) سورة التوبة، وهكذا لو قال: لا إله إلا الله ووحد الله وجحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب صوم رمضان أو جحد الحج مع الاستطاعة أو جحد تحريم الزنا أو جحد تحريم السرقة أو جحد تحريم اللواط أو ما أشبه ذلك فإن من جحد هذه الأمور كفر إجماعاً، ولو أنه يصلي ويصوم، ولو أنه يقول لا إله إلا الله؛ لأن هذه النواقض تفسد عليه دينه وتجعله بريئاً من الإسلام بهذه النواقض. فينبغي للمؤمن أن ينتبه لهذا الأمر، فهكذا من ترك الصلاة وتساهل بها يكون كافراً وإن لم يجحد وجوبها في الأصح من قولي العلماء للأحاديث السابقة وما جاء في معناها. فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يرد كافرهم إلى التوبة، ومن ذلك من ترك الصلاة نسأل الله أن يهديه للإسلام، وأن يرده إلى ما أوجب الله عليه من إقامة الصلاة، وأن يمن عليه بالتوبة الصادقة النصوح، والله المستعان. سماحة شيخ هنا لا أدري هذا السائل ذكر أن كفَّر هذا الشخص المعين، يعني أطلق عليه الكفر وهذا رد عليه بقول: (من كفر مسلماً فقد كفر) ما أدري ما الحكم في هذا؟ ج/ نعم، وقوله: (من كفَّر مسلماً فقد كفر) هذا إذا كان التكفير في غير محله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من قال لأخيه يا عدو الله أو قال: يا كافر وليس كذلك إلا حار عليه)، لكن هذا الذي قال له: أنت كافر بترك الصلاة قد وقعت في محلها فقد وقع تكفيره في محله، فلا يرجع إلى القائل، فلا يكون القائل كافراً؛ لأن القائل قد نفذ أمر الله وأدى حق الله وبين ما أوجبه الله من تكفير هذا الصنف من الناس، فهو مأجور وليس بكافر، وإنما الكافر الذي ترك الصلاة وعاند وكابر، نسأل الله العافية.

التوحيد الخالص
2011-09-07, 01:03
http://www.binbaz.org.sa/mat/18097

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 09:50
قواعد في شروط تكفيرالمعين


الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين نبينا محمد صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين,,, أما بعد:



فمن خلال استقراء أهل العلم في النصوص الشرعية استنبطوا قواعدَ في التكفير, وهي كما يلي:

القاعدة الأولى

أن التكفير حكمٌ شرعي من أحكام الدين له أسبابه وضوابطه وشروطه وموانعه وآثاره
شأنه في ذلك شأن سائر الأحكام الشرعية .

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (17/78):



" لأن الكفر حكم شرعي وإنما يثبت بالأدلة الشرعية ..."ا.هـ.

وقال رحمه الله في رده على البكري (1/381):

" فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم وإن كان ذلك المخالف يكفرهم؛
لأن الكفر حكم شرعي فليس للإنسان أن يعاقب بمثله كمن كذب عليك وزنى بأهلك
ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله لأنَّ الكذب والزنا حرامٌ لحق الله.

وكذلك التكفير حق لله فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأيضاً فإن تكفير الشخص المعين وجواز قتله موقوف
على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها وإلا فليس كلُّ من جهل شيئا من الدين يكفر..."ا.هـ.

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 09:55
ونستنتج من هذه القاعدة نتائج عدة:




1- - أنه لا يثبت التكفير على قول إلا بدليل شرعي؛ لأن الكافر هو من كفره الله ورسوله .



2- - أنه لا يحكم في التكفير إلا العالم بالأدلة الشرعية .



3- - أنه لابد من تعلم أحكامه والتفقه فيه؛ لأنه حكم شرعي؛ ولأن له أهمية كبيرة لارتباطه بكثيرٍ من الأحكام الشرعية,
مثاله: النكاح فلكي نقبل بالرجل زوجاً لابد أن يكون مسلماً .



4- - أنه لا يصح ولا يجوز مجاوزة الحدِّ الشرعي فيه، لا بالإفراط ولا بالتفريط .



وهناك فرق بين التحذير من التكفير وبين التحذير من الغلو في التكفير


فالنصوص تحذر من الغلو فيه وليس التحذير منه, ومن تلك النصوص ما رواه البخاري في صحيحه (5698)
من طريق أبي معمر عن عبد الوارث عن الحسين عن عبد الله بن بريدة قال حدثني يحيى بن يعمر أن أبا الأسود الديلي
حدثه عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
"لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك".



ولذا قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله في إحكام الأحكام: (4/76) "



"وهذا وعيدٌ عظيمٌ لمن كفَّر أحداً من المسلمين وليس كذلك وهي ورطة عظيمة وقع فيها خلق كثير من المتكلمين
ومن المنسوبين إلى السنة وأهل الحديث لـمَّا اختلفوا في العقائد فغلظوا على مخالفيهم وحكموا بكفرهم ..."ا.هـ.

التوحيد الخالص
2011-09-07, 10:00
تكفير المعيّن ... وموقف الأئمة
عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« إن أخوف ما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن، حتّى إذا رُئيتْ بهجتُه عليه، وكان رِدْءاً للإسلام؛ انسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف، ورماه بالشرك. قلت: يا نبيَّ الله! أيُّهما أولى بالشرك، الرامي أو المرمي؟ قال: بل الرامي ».
رواه ابن حبان في صحيحه. وقال ابن كثير عن إسناده هذا إسناد جيد، وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد، وصححه الألباني. انظر السلسلة الصحيحة رقم 3201.
وهذه مواقف بارزة لأئمة السنة ومجددي الدين في عصور متفاوتة حول تكفير المعين:

.■ موقف إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل (المتوفى سنة :241)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة. لكن ما كان يَكْفُرُ أعيانُهم فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به، والذي يُعاقِبُ مُخالفه أعظم من الذي يدعو فقط، والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه، ومع هذا فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق وإن الله لا يُرى في الآخرة وغير ذلك. ويدعون الناس إلى ذلك ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم ويكفرون من لم يجبهم. حتى أنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق وغير ذلك. ولا يُولُّون متولياً ولا يعطون رزقا من بيت المال إلا لمن يقول ذلك، ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى ترحَّم عليهم واستغفر لهم لعلمه بأنهم لم يُبين لهم أنهم مكذبون للرسول، ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطئوا وقلّدوا من قال لهم ذلك". [الفتاوى ( 23 / 349 )]
وقال أيضاً:
"ومعلوم أن هذا من أغلظ التجهُّم فإن الدعاء إلى المقالة أعظم من قولها، وإثابة قائلها وعقوبة تاركها أعظم من مجرد الدعاء إليها، والعقوبة بالقتل لقائلها أعظم من العقوبة بالضرب . ثم إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره . ممن ضربه وحبسه واستغفر لهم وحللهم مما فعلوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر. ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لم يجز الاستغفار لهم؛ فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع". [الفتاوى ( 12 / 389 )]
وقال أيضاً:
"مع أن أحمد لم يكفر أعيان الجهمية، ولا كل من قال إنه جهمي كفّره، ولا كل من وافق الجهمية في بعض بدعهم؛ بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا إلى قولهم وامتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة لم يكفرهم أحمد وأمثاله؛ بل كان يعتقد إيمانهم وإمامتهم؛ ويدعو لهم؛ ويرى الائتمام بهم في الصلوات خلفهم والحج والغزو معهم والمنع من الخروج عليهم ما يراه لأمثالهم من الأئمة" . [الفتاوى (7 / 507)]

.■ الإمام ابن عبد البر (المتوفى سنة : 463)
قال رحمه الله:
"ومن جهة النظر الصحيح الذي لا مدفع له أن كل من ثبت له عقد الإسلام في وقت بإجماع من المسلمين ثم أذنب ذنبا أو تأول تأويلا فاختلفوا بعد في خروجه من الإسلام لم يكن لاختلافهم بعد إجماعهم معنى يوجب حجة ولا يخرج من الإسلام المتفق عليه إلا باتفاق آخر أو سنة ثابتة لا معارض لها". [التمهيد (16 / 315 )]

.■ شيخ الإسلام ابن تيمية (المتوفى سنة :728)
قال رحمه الله:
"هذا مع أني دائما ومن جالسني يعلم ذلك مني: أني من أعظم الناس نهياً عن أن يُنسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة، وفاسقاً أخرى، وعاصيا أخرى. وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها: وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية" . [الرد على البكري ( 2 / 494 )]
وقال أيضاً:
"التكفير المطلق مثل الوعيد المطلق لا يستلزم تكفير الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة التي تُكفِّر تاركها، كما ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي قال: « إذا أنا مت فأحرقوني ثم استحقوني ثم ذروني في اليم، فوالله لئن قدر الله على ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين. فقال الله له: ما حملك على ما فعلت؟ قال: خشيتك. فغفر له ».
فهذا الرجل اعتقد أن الله لا يقدر على جمعه إذا فعل ذلك أو شك، وأنه لا يبعثه، وكل من هذين الاعتقادين كفر يكفر من قامت عليه الحجة، لكنه كان يجهل ذلك ولم يبلغه العلم بما يرده عن جهله وكان عنده إيمان بالله وبأمره ونهيه ووعده ووعيده فخاف من عقابه فغفر الله له بخشيته
فمن أخطأ في بعض مسائل الاعتقاد من أهل الإيمان بالله وبرسوله وباليوم الآخر والعمل الصالح لم يكن أسوأ حالا من الرجل فيغفر الله خطأه أو يعذبه إن كان منه تفريط في اتباع الحق على قدر دينه، وأما تكفير شخص عُلم إيمانه بمجرد الغلط في ذلك فعظيم.
فقد ثبت في الصحيح عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لَعْنُ المؤمن كقتله، ومَنْ رَمَى مُؤْمِنا بكفر فهو كَقتلَه ».
وثبت في الصحيح أن «مَن قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدُهما» وإذا كان تكفير المعين على سبيل الشتم كقتله فكيف يكون تكفيره على سبيل الاعتقاد فإن ذلك أعظم من قتله، إذ كل كافر يباح قتله، وليس كل من أبيح قتله يكون كافرا، فقد يقتل الداعي إلى بدعة لإضلاله الناس وإفساده مع إمكان أن الله يغفر له في الآخرة لما معه من الإيمان فإنه قد تواترت النصوص بأنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان". [كتاب الاستقامة ص 165]
وقال أيضاً:
"وأصل ذلك أن المقالة التي هي كفر بالكتاب والسنة والإجماع يقال هي كفر قولا يطلق كما دل على ذلك الدلائل الشرعية؛ فإن "الإيمان" من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله؛ ليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم. ولا يجب أن يحكم في كل شخص قال ذلك بأنه كافر حتى يثبت في حقه شروط التكفير وتنتفي موانعه ". [الفتاوى ( 35 / 164 )]

.■ الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب (المتوفى سنة :1206)
قال رحمه الله:
"وإذا كنا لا نكفّر مَن عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا، ولم يكفّر ويقاتل؟ {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} ". [ الفتاوى والمسائل ص 12]
وقال رحمه الله:
"ونكفره بعد التعريف إذا عرف وأنكر، والذي يدعي الإسلام وهو يفعل من الشرك الأمور العظام، فإذا عليت عليه آيات الله استكبر عنها فليس هذا بالمسلم، وأما الإنسان الذي يفعلها بجهالة، ولم يتيسر له من ينصحه، ولم يطلب العلم الذي أنزله الله على رسوله، بل أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلا أدري ما حاله". [الفتاوى والمسائل) ص 11]
وقال رحمه الله ضمن إجابته على بعض ما نسب إليه من مسائل في التكفير وغيره:
"وقوله: إني أكفر البوصيري بقوله: (يا أكرم الخلق ... )، فجوابي فيها أن أقول: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} ". [ الرسائل الشخصية ص 12]
وقال رحمه الله:
"أن من أطلق الشارع كفره بالذنوب، فالراجح فيها قولان:
أحدهما: ما عليه الجمهور: أنه لا يخرج من الملة.
والثاني: الوقف، كما قال الإمام أحمد: أمرّوها كما جاءت؛ يعني لا يقال: يخرج، ولا ما يخرج، وما سوى هذين القولين غير صحيح".
"ومعنى (كفر دون كفر) أنه ليس يخرج من الملة مع كبره". [ (الفتاوى والمسائل) ص 51 ، 66 ]
ويبعث رحمه الله رسالة لمحمد بن عيد أحد مطاوعة ثرمداء، يقول فيها:
"وأما ما ذكره الأعداء عني أني أكفر بالظن، والموالاة، أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله". [مجموعة مؤلفات الشيخ، 5 / 25]
وقال رحمه الله:
"ما ذكر لكم عني: أني أكفّر بالعموم، فهذا من بهتان الأعداء". [ الرسائل الشخصية ص 58]
وقال الشيخ عبد اللطيف في تورع جده - الشيخ الإمام - عن التكفير:
"والشيخ محمد رحمه الله من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطلاق الكفر، حتى أنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور، أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها". [منهاج التأسيس، ص 65]

.■ الإمام محمد بن علي الشوكاني (المتوفى سنة :1250)
قال رحمه الله:
"اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام، ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة أن «مَن قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدُهما» ، هكذا في الصحيح وفي لفظ آخر في الصحيحين وغيرهما: « مَنْ دَعَا رَجُلاً بالكُفْرِ، أو قالَ : عَدُوَّ اللهِ، وَلَيْسَ كَذلكَ إلاَّ حَارَ عَلَيْهِ » أي رجع، وفي لفظ في الصحيح : « فقد كفر أحدهما » ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير - ثم قال -
فإن الإقدام على ما فيه بعض البأس لا يفعله من يشح على دينه، ولا يسمح به فيما لا فائدة فيه ولا عائدة، فكيف إذا كان يخشى على نفسه إذا أخطأ أن يكون في عداد من سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كافراً". [السيل الجرار (4/578)]

.■ الإمام عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين مفتي الديار النجدية (المتوفى سنة :1282)
قال رحمه الله بعد أن ذكر اختلاف العلماء وتنازعهم في التكفير، وقد سُئل عن هذه المسألة فقال في آخر الجواب:
"يجب على من نصح نفسه أن لا يتكلم في هذه المسألة إلا بعلم وبرهان من الله، وليحذر من إخراج رجل من الإسلام بمجرد فهمه، واستحسان عقله، فإن إخراج رجل من الإسلام، أو إدخاله فيه أعظم أمور الدين، وقد كفينا بيان هذه المسألة كغيرها بل حكمها في الجملة أظهر أحكام الدين.
فالواجب علينا الاتباع وترك الابتداع، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، وأيضا فما تنازع العلماء في كونه كفرا، فالاحتياط للدين التوقف وعدم الإقدام ما لم يكن في المسألة نص صريح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم.
وقد استزل الشيطان أكثر الناس في هذه المسألة فقصر بطائفة، فحكموا بإسلام من دلت نصوص الكتاب والسنة والإجماع على كفره، وتعدى بآخرين، فكفروا من حكم الكتاب والسنة مع الإجماع بأنه مسلم.
ومن العجب أن أحد هؤلاء لو سئل عن مسألة في الطهارة أو البيع، لم يفت بمجرد فهمه واستحسان عقله، بل يبحث عن كلام العلماء ويفتي بما قالوه، فكيف يعتمد في هذا الأمر العظيم الذي هو أعظم أمور الدين وأشدها خطرا على مجرد فهمه واستحسانه؟
فيا مصيبة الإسلام من هاتين الطائفتين، ومحنته من تينك البليتين، ونسألك اللهم أن تهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين". ["مناهج أهل الحق والاتباع في مخالفة أهل الجهل والابتداع" للعلامة سليمان ين سحمان ص 77]

.■ الإمام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (المتوفى سنة :1293)
قال رحمه الله:
"والتجاسر على تكفير من ظاهره الإسلام من غير مستند شرعي ولا برهان مرضي يخالف ما عليه أئمة العلم من أهل السنة والجماعة، وهذه الطريقة هي طريقة أهل البدع والضلال، ومن عدم الخشية والتقوى فيما يصدر عنه من الأقوال والأفعال". [الرسائل والمسائل النجدية (3/20)]

.■ العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (المتوفى سنة :1421)
قال رحمه الله:
"وكثير من الناس- اليوم- ممن ينتسبون إلى الدين وإلى الغيرة في دين الله- عز وجل- تجدهم يكفّرون من لم يكفّره الله- عز وجل- ورسوله، بل- مع الأسف- إن بعض الناس صاروا يناقشون في ولاة أمورهم، ويحاولون أن يطلقوا عليهم الكفر، لمجرد أنهم فعلوا شيئا يعتقد هؤلاء أنه حرام، وقد يكون من المسائل الخلافية، وقد يكون هذا الحاكم معذوراً بجهله، لأن الحاكم يجالسه صاحب الخير وصاحب الشر، ولكل حاكم بطانتان، إما بطانة خير، وإما بطانة شر، فبعض الحكام- مثلا- يأتيه بعض أهل الخير ويقولون: هذا حرام، ولا يجوز أن تفعله، ويأتيه آخرون، ويقولون: هذا حلال ولك أن تفعله!
ولنضرب مثلا في البنوك، الآن نحن لا نشك بأن البنوك واقعة في الربا الذي لعن النبي- صلى الله عليه وسلم- آكله، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، وأنه يجب إغلاقها واستبدال هذه المعاملات بالمعاملات الحلال، حتى يقوم- أولاً- ديننا ثم اقتصادنا- ثانياً-... فالتعجيل في تكفير الحكام المسلمين في مثل هذه الأمور خطأ عظيم ، ولا بد أن نصبر فقد يمكن أن يكون الحاكم معذورا! فإذا قامت عليه الحجة وقال: نعم هذا هو الشرع، وأن هذا الربا حرام ، لكن أرى أنه لا يصلح هذه الأمة في الوقت الحاضر إلا هذا الربا! حينئذ يكون كافراً لأنه اعتقد أن دين الله في هذا الوقت غير صالح للعصر ، أما أن يشبّه عليه ويقال:- هذا حلال- يعنى: الفقهاء قالوا كذا! ولأن الله قال- كذا-!! فهذا قد يكون معذوراً، لأن كثيراً من الحكام المسلمين الآن يجهلون الأحكام الشرعية- أو كثيراً من الأحكام الشرعية - فأنا ضربت هذا المثل حتى يتبين أن الأمر خطير،وأن التكفير يجب أن يعرف الإنسان شروطه قبل كل شيء ". [آخر شرح القواعد المثلى]

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 10:17
وقال الامام الشوكاني رحمه الله في السيل الجرار (4/578):



" اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر
أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار ، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة :
( أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما) ، هكذا في الصحيح وفي لفظ آخر في الصحيحين وغيرهما :
( من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه)
أي: رجع وفي لفظ في الصحيح : ( فقد كفر أحدهما)
ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر و أكبر واعظ عن التسرع في التكفير..."ا.هـ.




القاعدة الثانية


التفريق بين التكفير المطلق ( الأوصاف) والتكفير المعين( الأعيان )


وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة.



وخالفت فرقٌ، فأما الخوارج فأطلقوا التكفير ، وأما المرجئة فمنعوا منه ، فهما مابين طرفيْ نقيضٍ


وكذا ما وقع من بعض الأفرادِ من انحراف في هذه القاعدة .



قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (12/501):



" فليس لأحدٍ أن يُكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلِط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة ..
ومن ثبت إيمانه بيقين لم يَزُلْ ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة "ا.هـ.



وقال رحمه الله في مجموع الفتاوى (35/99):



" لكنَّ تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين ، فإن بعض العلماء قد يتكلم في مسألة باجتهاده فيخطئ فيها فلا يُكفر
وإن كان قد يُكفر من قال ذلك القول إذا قامت عليه الحجة المكفرة..."ا.هـ.



وقال رحمه الله في مجموع الفتاوى(3/230):



" وكنت أُبين لهم أنما نُقل لهم عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو أيضا حقٌ,
لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين وهذه أول مسألة تنازعت فيها الأمة
من مسائل الأصول الكبار وهي مسألة ( الوعيد)..."ا.هـ.

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 10:26
القاعدة الثالثة


الضوابط في تكفير المعين واجبةٌ في المقدور عليه, ولا تجب في الممتنع ولا المحارب ،


أي : لابد أنْ نفرق بين أمرين : بين الحكم بتكفير المعين وبين إقامة أحكام الردة على ذلك المعين ،
فلا يلزم من عدم إقامة أحكام الردة عدم تكفير المعين .
مثال ذلك من الواقع : من انتسب إلى الإسلام ولكن ثبت يقيناً أنه كافر وهو غير مقدور عليه ،
أي : غيرُ مقدورٍ على إقامة الأحكام الشرعية المترتبة عليه ، فلا يلزم من ذلك عدم تكفيره .



وأما المحارب ففرقٌ بين أن يغزوا المسلمون بلده فهذا تُبَلَّغُ له الحجة؛ لأن القصد من الجهاد تبليغُ الدين ،
وأما إنْ غزا المحارب بلاد المسلمين فلا تجب إقامة الحجة عليه ، بل الواجب دفعه إجماعاً كما نقله غير واحد من أهل العلم
وهذا في جهاد الدفع .





القاعدة الرابعة


التوقف فيعدم تكفير المعين – حتى تتوفر الشروط وتنتفي الموانع – إنما يكون ذلك فيمن ثبت إسلامه بيقينٍ أو جُهِل حاله ،
وأما من ثبت كفره فلا يتوقف فيه .

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 10:38
القاعدة الخامسة :



أنَّ شرط توفر الشروط وانتقاء الموانع ليس مطلقاً ، بل هو في المسائل التي يخفى علمها على مثل ذلك المعيَّن؛
لأن مايُعلم بالضرورة أمرٌ نسبي



كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (13/118):



" فكون الشيء معلوماً من الدين ضرورة أمرٌ إضافي فحديث العهد بالإسلام ومن نشأ ببادية بعيدة قد لا يعلم
هذا بالكلية فضلاً عن كونه يعلمه بالضرورة ، وكثيرٌ من العلماء يعلم بالضرورة أن النبي سجد للسهو،
وقضى بالدية على العاقلة ، وقضى أنَّ الولد للفراش ، وغير ذلك مما يعلمه الخاصة بالضرورة وأكثر الناس
لا يعلمه البتة "ا.هـ.



وقال رحمه الله في درءالتعارض (3/304):



"وكذلك كون العلم ضرورياً ونظرياً والاعتقاد قطعياً وظنياً أمورٌ نسبية فقد يكون الشيء قطعياً عند شخصٍ وفي حالٍ ،
وهو عند آخرٍ وفي حالٍ أخرى مجهول فضلاً عن أنْ يكون مظنوناً ، وقد يكون الشيء ضرورياً لشخصٍ وفي حالٍ ،
ونظرياً لشخصٍ آخرَ وفي حالٍ أخرى"ا.هـ.



فما قد يكون معلوم بالضرورة عند العالم قد لا يكون معلوماًعند طالب العلم, وما قد يكون معلوماً بالضرورة
عند طالب العلم قد لا يكون معلوماً عند عامة الناس, وهكذا...





القاعدة السادسة


أحكام الكفر في الدنيا تجُرى على الظاهر. فمن أظهر الكفر- وتوفرت فيه الشروط وانتفت الموانع-
فإنه يُكَفَّرُ, وأما عن باطنه فعلمه عند الله تعالى .

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 10:43
شروطُ تكفير المعيَّنِ :



الشرط الأول:



إقامة الحجة


قال الله تعالى : (( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً )) (الإسراء: من الآية15).


ومن ذلك مارواه مسلم في صحيحه (153) من طريق يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن عمرو
أنَّ أبا يونس حدثه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:


" والذي نفس محمدٍ بيده لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي
أرسلتُ به إلا كان من أصحاب النار".



والمراد ببلوغ الحجة أي : الحجة الرسالية



قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3/229):



"ومن جالسني يعلم ذلك مني أنِّي من أعظم الناس نهياً عن أنْ ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية
إلا إذا عُلم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة ، وفاسقاً أخرى ،وعاصياً أخرى"ا.هـ.

أم سلمة عادت
2011-09-07, 11:50
السلام عليكم و رحمة الله
بارك الله فيكم

لكن الواجب أن يكون النقاش لا يخرج عن النطاق السلفي و آثار السلف

أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية أو ابن القيم أو غيرهم من أئمة الإسلام على رؤوسنا، لكنهم ليسوا بمعصومين، و لسنا بمأمورين بإتباع شيخ الإسلام أو ابن القيم أو غيره من الأئمة بل نحن مأمورون بإتباع السنة آثار السلف الصالح، هذا أولآ

ثانيا، بما أن شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه من أعلم الناس بآثار السلف، فقد ألف الكثير من الكتب بناءا على تلك الآثار، و للأسف قد فهم الكثير من كلامه على غير مراده، فنجد مثلا الكثير من الناس يدعي زورا و بهتانا و كذبا و أحيانا كيدا و نفاقا أن شيخ الإسلام يعتبر من حكم بغير ما أنزل الله مسلم فاسقا فقط، و أن كفره غير مخرج من الملة، أو أن شيخ الإسلام لا يكفر أعيان و علماء الجهمية و القدرية و الروافض.

و هذا خطأ كبير لأن أئمة الدعوة و على رأسهم الإمام محمد بن عبد الوهاب قد بين الكثير من أخطاء هؤلاء المدعين و أن شيخ الإسلام يكفر أعيان الجهمية بمجرد وصول الحجة إليهم و بلوغها من دون إشتراط أن يفهموا الحجة.

و جعلوا أقواله رحمه الله على مذهب المرجئة للأسف. و هذا إدعاء على شيخ الإسلام، أيضا شيخ الإسلام كان يعذر الجهمية في وقته لأسباب معينة كانت سائدة في وقته هو، و ليس كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وحي يتلى صالح لكل زمان و مكان، بل كل يؤخذ من كلامه و يرد إلآ ما كان وحيا.

أيضا:و كما يعلم طلبة العلم، فإن التجهم و الرفض كان سائدات جدا في زمن شيخ الإسلام و الشبه كثيرة و أدعياء العلم كالتراب و الحصى، لذا كان شيخ الإسلام رحيما جدا مع عامة الجهمية و الروافض لأنه يعذرهم بالجهل الكبير و الشبه الكثيرة.

أما زمننا هذا في الحال غير ما كان في زمن شيخ الإسلام، مع أن كلام شيخ الإسلام واضح في تكفير أعيان الجهمية أو الروافض بمجرد أن تقام الحجة و هي بلوغها فقط من دون إشتراط فهمها، أو أن يكون مبلغها عالما.

و بخصوص القول أن مبلغ الحجة يجب أن يكون عالما فهذا باطل و غلط كبير، و إلآ لكانت الكثير من الأحاديث الصحيحة مردودة و لا تقام الحجة بها لأن في إسنادها من هو ليس بعالم و مجرد حافظ أو مسند فقط للأحاديث. فتأمل


و أخيرا عليك بمراجعة هذا الموضوع
فتاوى علماء الدعوة في تكفير المعين بمجرد إقام الحجة (الحق المبين في بيان تدليس المدعين) (http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=700669)

samou el fedjm
2011-09-07, 17:12
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أحمين و على التابعين و تابعيهم و تابعيهم إلى يوم الدين

أما بعد،

فقد أنكر بعض الجاهلين لفتاوى السلف الصالح في تكفير الجهمية و أعيانهم color]


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[color="magenta"]قال تعالى : "رحماء بينهم "
فلا أظن يا أختنا أن من خالفك في مسألة اجتهادية ستصفينه بالجاهل

فأنت اجتهدت ورأيت أنه يجب تنزيل تكفيرهم على الأعيان وقد تكونين محقة وقد تكونين مخطئة

والآخر اجتهد ولم يكفر الأعيان وقد يكون محقا أو مخطئا

وكلاكما إن شاء الله بين الأجر والأجرين

وعموما الكلام الذي نقلته في هذا الموضوع ليس فيه دليل علة تنزيل الأحكام على الأعيان مباشرة ( وهذه ليست مسألتنا )

ولا أعتقد أن هذه الأوصاف تفيد في نقاش بل غنها لا تزيد إلا تنفيرا فقد كان السلف يستعملونها ضد المبتدعة لا ضد أهل السنة وكان يعذر بعضهم بعضا

ملاحظة : أعترف بقوة مادتك العلمية في هذا المجال لذلك لا أريد أن تفتحي مناظرة معي بعد هذا الكلام لأني لا أستطيع مجاراتك

جواهر الجزائرية
2011-09-07, 21:21
http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=679280

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 23:14
السلام عليكم و رحمة الله



وعليكم السلام.ورحمة.الله وبركاته

بارك الله فيكم

وفيكم بارك الله

لكن الواجب أن يكون النقاش لا يخرج عن النطاق السلفي وآثار السلف

وهل كان التأصيل السابق - وإن لم يكن فيه توسع-نابع من ضيق الخلف وآثار من خالف السلف

أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية أو ابن القيم أو غيرهم من أئمةالإسلام على رؤوسنا، لكنهم ليسوا بمعصومين، و لسنا بمأمورين بإتباع شيخ الإسلام أوابن القيم أو غيره من الأئمة بل نحن مأمورين بإتباع السنة آثار السلف الصالح، هذا أولآ


هذا تحصيل حاصل ، من الذي ادعى العصمة لهم -أو لغيرهم-
وإتباع آثار السلف بمجموعهم لا آحادهم، لأن لبعض الأئمة من الإجتهادات ما لا يتابعون عليه

ثانيا، بما أن شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه من أعلم الناس بآثار السلف

إي وربي، بل هو بوابة علم السلف لمن جاء بعده ممن له خلف، لله دَرُّهُ من إمام


فقد ألف الكثير من الكتب بناءا على تلك الآثار

هذا من الوهم العظيم في حق هذا الإمام العظيم ، فإنه - رحمه الله - ما ألَّف مُؤلفا في مسائل الاعتقاد أو الأصول أو الفرق والمقالات فضلا عن الفقه وأصوله؛ إلا ورصَّعَهُ بالأدلة من الكتاب والسنة ثم أثار السلف
أمَّا أن يكون اعتماده (بناءً) على تلك الآثار استقلالاً فلا وألف لا
فإنه لم يعرف عنه –رحمه الله- تعظيم أقوال الرجال دون الرجوع إلى النبع الصافي (كتاباً وسنةً)

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 23:19
و للأسف قد فهم الكثير من كلامه على غير مراده، فنجد مثلا الكثير من الناس يدعي زورا و بهتانا و كذبا و أحيانا كيدا و نفاقا أن شيخ الإسلام يعتبر من حكم بغير ما أنزل الله مسلم فاسقا فقط، و أن كفره غير مخرج من الملة


التأصيل والتفصيل لا مجرد الادعاء والأقاويل

قال شيخ الإسلام ابن تيمية–رحمه الله-
في "مجموع الفتاوى" (3/267):

(والإنسان متى حلّل الحرام المجمع عليه أو حرم الحرام المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء، وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين : ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة:44] ؛
أي: المستحل للحكم بغير ما أنزل الله".)


وقال في "منهاج السنة" (5/130):

(قال تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا
مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾ [النساء:65]؛


فمن لم يلتزم تحكيم الله ورسوله فيما شجر بينهم؛ فقد أقسم الله بنفسه أنه لا يؤمن، وأما من كان ملتزماً لحكم
الله ورسوله باطناً وظاهراً، لكن عصى واتبع هواه؛ فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة.
وهذه الآية مما يحتج بها الخوارج على تكفير ولاة الأمر الذين لا يحكمون بما أنزل الله،
ثم يزعمون أن اعتقادهم هو حكم الله،وقد تكلم الناس بما يطول ذكره هنا، وما ذكرته يدل عليه سياق الآية".)

وقال في "مجموع الفتاوى" (7/312):

"وإذا كان من قول السلف: (إن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق)، فكذلك في قولهم: (إنه يكون فيه إيمان وكفر)
ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملّة، كما قال ابن عباس وأصحابه
في قوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَل َاللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾
قالوا: كفروا كفراً لا ينقل عن الملة، وقد اتّبعهم على ذلك أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة".)


وفي "منهاج السنة النبوية" (5/130) "قال:

(ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله سبحانه وتعالى كسوالف البادية وكأوامر المطاعين فيهم ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة وهذا هو الكفر فإن كثيرا من الناس أسلموا ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعون
فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك
بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار
[وإلا كانوا جهالاً كمن تقدم أمرهم])


ما بين معقوفين من كلام شيخ الإسلام – رحمه الله – يوضح مقصده، ويبين مرامه، ولكن للأسف الشديد؛
قد حُذِفَ من "كتاب التوحيد للشيخ الفوزان" من أول طبعة إلى آخر طبعة من غير استدراك أو تدارك

وقد نقل هذا النص المهم عن شيخ الإسلام – رحمه الله – مؤلف كتاب العلمانية: (683)
إلى قوله: "فهم كفار". وحذف مابعده

وكما فعل مُنَظِّر الحركيِّين: محمد قطب في كتابه " واقعنا المعاصر"(ص330)

ووضع صاحب كتابيْ "إن الله هو الحكم" (34) و"الطريق إلى الخلافة" (55) عدة نقاط بدل قوله :
"وإلا كانوا جهالاً"!!. وهذه خصلة تبكي لها عيون الإسلام!!.
وهذا التصرف في بعض النصوص المنقولة عن أهل العلم حذفًا أو تغييرًا على وجه يفهم منه نقيض الحق الذي أراده صاحبه.....
هو عين تحريف الغالين
فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم مُسَلِّمِين وللحجة مذعنين


أو أن شيخ الإسلام لا يكفر أعيان و علماء الجهمية و القدرية والروافض.

قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في "الرد على البكري" (ص 259):
"كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله فوق العرش لما وقعت محنتهم:
أنا لو وافقتكم كنت كافرًا ؛ لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال.

وكان هذا خطابًا لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم" أ.هـ.

وفيما سبق غنية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 23:29
و هذا خطأ كبير لأن أئمة الدعوة و على رأسهم الإمام محمد بن عبدالوهاب قد بين الكثير من أخطاء هؤلاء المدعين و أن شيخ الإسلام يكفر أعيان الجهمية بمجرد وصول الحجة إليهم و بلوغها من دون إشتراط أن يفهموا الحجة.

ثم ماذا ؟؟؟
هذا فهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله-
نترك الصريح من أقوال شيخ الإسلام ونتشبث بفهم غيره عنه- عجيب والله-
اللهم إلا على مذهب : ( عنزة ولو طارت )

مع التبجيل والتوقير لمجدد الدعوة وأحفاده - رحمهم الله جميعاً-

و جعلوا أقواله رحمه الله على مذهب المرجئة للأسف. و هذا إدعاء على شيخ الإسلام،

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"لو يُعطى الناسُ بدَعْواهم لادَّعى رجالٌ دماءَ قوم وأموالهم. ولكن اليمين على المدعى عليه"
رواه مسلم.
وفي لفظ عند البيهقي: "البينة على المدعي، واليمين على من أنكر".
البينة ثم البينة وإلا فإن رائحة التكفيريين قد أزكمت أنوف السلفيين
وباتوا يتهمونهم بالإرجاء في كل النواحي والأرجاء

ثُمَّ ما معنى قولكِ ؟


قال الإمام ابراهيم ابن طمهان: الجهمية كفرا و القدرية كفار


الصواب: الجهمية كفارٌ
ألا تعلمين بأن ابراهيم بن طهمان من المرجئة ومع ذلك تُشِيدِينَ به
وتقولين: قال الإمام ؟
ففي ( بحر الدم فيمن تكلم فيهم أحمد بمدح أو ذم )ص(35)رقم(28)
(إبراهيم بن طهمان الخراساني الهروي:
قال عنه الامام أحمد: كان مرجئًا، شديدا على الجهمية..)

لم يقل: قوله قول المرجئة أو وافق المرجئة، بل قال: كان مرجئاً
قلتُ: وقول الإمام أحمد - هنا -هو من الموازنات المشروعة الجائزة - لا الواجبة- التي ينكرها بعض إخواننا
تقليدا منهم لبعض الفضلاء
ومن أراد فتح بابٍ للمناقشة العلمية في مسألة الموازنات من إخواننا الطيبيين، فليتفضل مشكوراً

أيضا شيخ الإسلام كان يعذر الجهمية في وقته لأسباب معينة كانت سائدة في وقته هو
لو قالها غيرك ؟ ..... مَنْ مِنَ العلماء قالها قبلك أو بعدك ؟

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 23:35
و ليس كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وحي يتلى صالح لكل زمان و مكان، بل كل يؤخذ من كلامه و يرد إلآ ما كان وحيا.


كلمة حق أريد بها باطل - وقد سبق مثلها-


أيضا : و كما يعلم طلبة العلم، فإن التجهم و الرفض كان سائدات؟ جدا في زمن شيخ الإسلام و الشبه كثيرة و أدعياء العلم كالتراب و الحصى، لذا كان شيخ الإسلام رحيما جدا مع عامة الجهمية و الروافض لأنه يعذرهم بالجهل الكبير و الشبه الكثيرة.
أين أنتِ من قوله-رحمه الله-:
وكان هذا خطابًا لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم


أما زمنناهذا في الحال غير ما كان في زمن شيخ الإسلام، مع أن كلام شيخ الإسلام واضح في تكفيرأعيان الجهمية أو الروافض بمجرد أن تقام الحجة و هي بلوغها فقط من دون إشتراط فهمها، أو أن يكون مبلغها عالما.

أين صدق هذا الإدّعاء من النقول الموثوقة آنفة الذكر
أم هو: أعتقد ثم دَلِّل
والذي عليه أهل الحق: ( دَلِّل ثم أعتقد )

و بخصوص القول أن مبلغ الحجة يجب أن يكون عالما فهذا باطل و غلط كبير، و إلآ لكانت الكثير من الأحاديث الصحيحة مردودة و لا تقام الحجة بها لأن في إسنادها من هو ليس بعالم ومجرد حافظ أو مسند فقط للأحاديث. فتأمل

خَلْطٌ في المفاهيم
الوجه الأول
من اشترط هذا الشرط؟
وإنما محل البحث؛ هل كل واحد من الناس عنده أهلية إقامة الحجة ؟
زيد أو عمرو من الناس ممن لا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَلِفِ وَالعَصَا يُقيمون حجة الله على عباده ؟
وذكَّرني هذا في طرفة كان الإمام الألباني -رحمه الله- يذكرها في بعض مجالسه وهي:
أنَّ كُردِيًّا وضع سيفه على رقبة يهودي وقال: تُسْلِمْ وإلا قتلتُك
فقال اليهودي: وماذا أقول حتى أُسلم ؟
فقال الكردي: والله ما أدري ؟
- قال الشيخ سليمان بن سحمان -رحمه الله- في "منهاج الحق والاتِّباع" (ص/68) :
(( الذي يظهر لي – والله أعلم – أنَّها لا تقوم الحجة إلاَّ بمن يُحسِنُ إقامتها ، وأما من لا يحسن إقامتها ؛ كالجاهل الذي لا يعرف أحكام دينه ، ولا ماذكره العلماء في ذلك ؛ فإنه لا تقوم به الحجَّة )) .



- ولنا في موسى عليه السلام مع الطاغية فرعون في مسألة إقامة الحجة ومتى أقيمت عليه عِظَاتٌ وَعِبَر
ولولا خشية الإطالة لذكرت درراً لأهل العلم في ذلك ، ولكن ( لكل مقام مقال )
الوجه الثاني:
التبليغ عن الله ورسوله
عن جبير بن مطعم قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالخيف من منى، فقال:
نَضَّرَ اللهُ امرأ سَمِعَ مقالتي فَبَلَّغَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلى من هو أفقه منه
ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن إخلاص العمل لله والنصيحة لولاة المسلمين ولزوم جماعتهم
فإن دعوتهم تحيط من ورائهم ."

صححه الألباني-رحمه الله-في "صحيح ابن ماجه" برقم: 2498

ابو الحارث مهدي
2011-09-07, 23:40
و أخيراعليك بمراجعة هذا الموضوع

فتاوى علماء الدعوة في تكفير المعين بمجرد إقام الحجة (الحق المبينفي بيان تدليس المدعين) (http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=700669)

ما المانع أن يكون جوابي هو جوابك


أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية أو ابن القيم أو غيرهم من أئمة الإسلام على رؤوسنا، لكنهم ليسوا بمعصومين، و لسنا بمأمورين بإتباع شيخ الإسلام أوابن القيم أو غيره من الأئمة بل نحن مأمورون بإتباع السنة آثار السلف الصالح

أستبدال اسم شيخ الإسلام وتلميذه العلامة ابن القيم بعلماء الدعوة
والنتيجة الحتمية تكون هكذا

أقوال علماء الدعوة أو غيرهم من أئمةالإسلام على رؤوسنا، لكنهم ليسوا بمعصومين، و لسنا مأمورين بإتباع علماء الدعوة أو غيرهم من الأئمة بل نحن مأمورين بإتباع الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح

أحرام على بلابله الدوح * حِلٌ للطير من كل جنس
إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة
أين العلم وأين التأصيل العلمي ؟
أم أنَّ للناس فيما يشتهون مذاهب
والسلام.عليكم ورحمة.الله وبركاته

ابو الحارث مهدي
2011-09-08, 00:16
قال النضر بن محمد: من قال في هذه الآية (إنني أنا الله لا إله إلآ انا فاعبدني) مخلوق فهو كافر
قال الإمام عبد الله ابن المبارك: الجهمية كفار، بلغوا نساءهم أنهن طوالق، لا يصلى خلفهم و لا عليهم.
قال الإمام عبد الله بن المبارك: من قال القرآن مخلوق فهو زنديق. (و لاحظ أنه حكم عليه بالزندقة و لم يحكم على كلامه بالكفر أو عذره بجهل لأنه أمر معلوم من الدين بالضرورة أن القرآن كلام الله)
سئل الإمام الحجة القدوة محمد بن إدريس: ما تقول في الجهمية، يصلى خلفهم؟ فقال : أمسلمون هؤلاء؟ لا، ولا كرامة، لا يصلى خلفهم.
قال الإمام سفيان بن عيينة: القرآن كلام الله، من قال مخلوق فهو كافر، و من شك في كفره فهو كافر. (......تأمل)
قال الإمام الحسن بن عيسى حين ذكر عنده خبر الجهمية: الجهمية... و من يشك في كفر الجهمية؟؟؟
قال الإمام مالك: الجهمية كفرا لا يصلى خلفهم و لا تحضر جنائزهم و لا تؤكل ذبائحهم
قال الإمام الشافعي: الجهمية كفار و لا كرامة
قال الإمام أحمد: الجهمية كفرا و من شك في كفرهم ممن يعلم حالهم فقد كفر (وكذا قال كل السلف)
قال الإمام البخاري: لا أبالي أصليت خلف جهمي أو رافضي أو صليت خلف يهودي أو نصراني، لا تأكل ذبائحهم و لا يسلم عليهم و لا يتزوج منهم و لا يزوجوا.
قال الإمام ابن خزيمة: من لم يقل إن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، يستتاب، و إلآ فيقتل و يرمى في الزبالة كي لا يتأذى من ريح نتنه أهل الملة ولا أهل الذمة
قال الإمام سلام بن أبي مطيع: الجهمية كفار لا يصلى خلفهم
قال الإمام عبد الله بن المبارك: الجهمية كفار، ليست الجهمية تعبد شيئ
قال الإمام الحسن بن عيسى: الجهمية،... و من يسك في كفر الجهمية؟
قال الإمام عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: سألت أبي رحمه الله -أي الإمام أحمد- عن الصلاة خلف أهل البدع؟ قال: لا يصلى خلفهم، مثل الجهمية و المعتزلة. (و المؤمون معتزلي فكيف تقول أنه أجاز الصلاة خلف أهل الأهواء؟؟؟، هذا دليل على ما قلته أنا من أن أهل الأهواء و البدع هم درجات)
و خذ هذا الجواب أيضا حول الشهادة للإمام أحمد: إذا كان القاضي جهميا فلا تشهد عنده.
قال الإمام ابراهيم ابن طمهان: الجهمية كفرا و القدرية كفار
قال الإمام أحمد: من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كافر (و لم يقل عندنا قوله قول كفر)
قال الإمام أحمد: إذا رأيت أحد يذكر أصحابة محمد بسوء فإتهمه على الإسلام (و هذا قاله للعامة من الناس، لأن الصحابة عدالتهم معلومة بالضرورة من الدين فلا يعذر الجاهل بذلك، بل الذي يعذر هو الذي لديه شبهة، و أما الجاهل فلا، كما قاله شيخ الإسلام في منهاج السنة)
قال الإمام أبو زرعة الرازي: إذا رأيت أحدا يذكر أحدا الصحابة بسوء فغعلم أنه زنديق، يريدون إبطال الأثر، لأن القرآن حق و السنة حقن و الذين أوصلوا لنا الكتاب و السنة هم الصحابة.... (و هذا دليل على أن الإمام أبا زرعة لا يعذر بجهل أو شبهة كما قرره أئمة كثيرون من أهل السنة في كتبهم)
قال الإمام مالك: من أبغض أصحاب محمد فهو كافر (تأمل... مجرد البغض، و لم يقل أن الفعل هو فعل كفر)
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب في الدرر السنية بإختصار (المجلد العاشر/93-95): (( و كذلك إجماع السلف على تكفير غلاة القدرية، و غيرهم مع علمهم -أي علم القدرية-، و شدة عبادتهم، و كونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، لم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم لأجل كونهم لم يفهموا، فإذا علمتم ذلك، فإن هذا الذي أنتم فيه كفر))

كل هذه النقولات من أولها الى أخرها ليس فيها ولا واحد قال بكفر التعيين
إنما هي إطلاقات عامة
هل فيها كفر ابن ابي دؤاد أو واصل بن عطاء (من علماءهم) أو المأمون أو المعتصم أو...(من حُكَّامِهِم)
هؤلاء هم أعيان المعتزلة الذين أجبروا الناس بالحديد والنار قول واعتقاد الكفر وهو : ( القول بخلق القرآن )
وأين في هذه النقول تكفير أعيان الروافض بأسمائهم مع اهمالك للنقول الواردة في تكفير بعض أعيانهم ؟؟؟
بمعنى أن تكفير الأعيان بابه ضيق إلا مع الحجة والبيان
بل حتى قول الإمام أحمد في ابن ابي قتيلة: زنديق زنديق لا يلزم منه التكفير العيني
لابد من التفريق بين المتشابهات والتوفيق بين المتماثلات
لا خلط الحابل بالنابل
فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا

لقاءنا يتجدد إن شاء الله
والسلام.عليكم ورحمة.الله وبركاته

أم سلمة عادت
2011-09-08, 13:25
سأرد على هذا التخبط الذي كتبته لاحقا

لكن لا تطيل الكتابة مرة أخرى
فكلامك كثير جدا و الرد عليه يحتاج لزمن طويل أريد أن أستخدمه في أمور أخرى

أم سلمة عادت
2011-09-08, 18:30
اقتباس: لكن الواجب أن يكون النقاش لا يخرج عن النطاق السلفي وآثار السلف




وهل كان التأصيل السابق - وإن لم يكن فيه توسع-نابع من ضيق الخلف وآثار من خالف السلف






لم أقل هذا و لم يحتمله كلامي، اللهم إلآ إن كنت تتحامل لتشن هجومك علي فهذا أمر آخر





اقتباس:
أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية أو ابن القيم أو غيرهم من أئمةالإسلام على رؤوسنا، لكنهم ليسوا بمعصومين، و لسنا بمأمورين بإتباع شيخ الإسلام أوابن القيم أو غيره من الأئمة بل نحن مأمورون بإتباع السنة آثار السلف الصالح، هذا أولآ




هذا تحصيل حاصل ، من الذي ادعى العصمة لهم -أو لغيرهم-


وإتباع آثار السلف بمجموعهم لا آحادهم، لأن لبعض الأئمة من الإجتهادات ما لا يتابعون عليه







نعم، لم يدعي أحد العصمة لغير النبي صلى الله عليه و سلم
أما العصمة في المجموعة، فهي ثابتة في السنة: قال النبي عليه الصلاة و السلام (لا تجتمع أمتي على ضلالة) قال الإمام أحمد و البخاري و ابن القيم و غيرهم : الأمة المقصودة في الحديث هم القرون المفضلة، لذا العصمة في إجتماعهم أو جمهورهم على الأقل لا غير

أيضا، آحاد علماء السلف إن خالفوا جمهمورهم لا تقوم حجة بذلك و هذا معلوم لكل طالب علم سلفي، أما أنت فتتبع آثار شيخ الإسلام ابن تيمية فقط؟؟؟ مع أنه هناك من إجتهاداته رحمه الله التي لم يتابع عليها و لم يكن له سلف فيها فهل نتركها أم نعمل بها؟











اقتباس:
فقد ألف الكثير من الكتب بناءا على تلك الآثار


هذا من الوهم العظيم في حق هذا الإمام العظيم ، فإنه - رحمه الله - ما ألَّف مُؤلفا في مسائل الاعتقاد أو الأصول أو الفرق والمقالات فضلا عن الفقه وأصوله؛ إلا ورصَّعَهُ بالأدلة من الكتاب والسنة


ثم أثار السلف، أمَّا أن يكون اعتماده (بناءً) على تلك الآثار استقلالاً فلا وألف لا


فإنه لم يعرف عنه –رحمه الله- تعظيم أقوال الرجال دون الرجوع إلى النبع الصافي (كتاباً وسنةً)




بل الوهم منك أنت، ربما التحامل و الغيظ الذي تحمله هو الذي أدى بك لتتوهم أقوال لم أقلها

فشيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يبني كتبه العقائدة و الفقهية و غيرها على الكتاب و السنة لكن لا يخالف أبدا آثار السلف الصالح التي فيها إجماعهم أو جمهورهم إلآ في القليل النادر من الفتاوى الفقهية.

و إلآ فراجع الفتوى الحموية و هي فتوى في غاية الأهمية عقائديا لكن مبناها على فتاوى السلف الصالح رضي الله عنهم، و الرد عليك يطول لكن قولك باطل من عدة وجوه أكتفي بسرد الرد على أمرين فقط.
الثاني هو: أن أئمة أهل السنة و خاصة علماء الحديث إذا أطلقوا لفظ "الآثار" فالمقصود هو الكتاب و السنة و آثار السلف، أو المقصود هو السنة و آثار السلف على حسب السياق، و بردك هذا، بان لي ضعفك الشديد في علم مصطلح الحديث و علوم السنة النبوية، أو أن تحاملك علي قد سول لك أن تبحث عن كلمات تفيد عموما عند إطلاقها كي تلبس على الزوار و العامة أنني لا أقول الحق في حق شيخ الإسلام، أو أنني أتهمه رحمه الله و رضي عنه بأنه لا يعتمد الكتاب و السنة، و هذا القول لا يقوله مسلم

و في موضوع التعصب للأشخاص، فالمعروف عن شيخ الإسلام و هذا شرف له أنه يتعصب كثييييرااا لمذهب السلف في الإعتقاد و السلف أشخاص بل إن كل مؤلفاته هي دفاع عن السلف رضي الله عنهم، فكيف تلبس على الناس أنه يعتمد الكتاب و السنة فقط؟؟؟ من دون الرجوع لآثار السلف كأساس في فهم الكتاب و السنة؟؟؟
و لو إعتمد على الكتاب و السنة فقط من دون الرجوع لآثار الصحابة و التابعين، لضل عن سواء السبيل. لأنه حينئذ يكون قد تكلم في الكتاب و السنة برأيه و هذا باطل أيضا، بل شيخ الإسلام كان سلفيا حرا مدافعا عن منهج السلف بكل ما آتاه الله من علم و عمر، و لو لم يكن يعتمد على آثار السلف في التأليف و فهم نصوص الوحيين لما كان سلفيا و حاشاه من البدعة أو الرأي...
قال الإمام الشعبي: (ما أتاك عن أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم فشد بيديك عليه، و ما أتاك من آرائهم فبُل عليه) صدق و الله (أخرجه الإمام ابن عبد البر)

و لبيان تدليسك و تغطيتك على الحق إما جهلا أو عمدا، أنصح الزوار بدراسة كتاب (باعث النهضة الإسلامية إبن تيمية السلفي) للشيخ الهراس رحمه الله





الرد على باقي التخبطات و الذبذبات و هدمها ردا ردا، يكون فيما بعد بإذن الله

التوحيد الخالص
2011-09-10, 12:15
السؤال الخامس من الفتوى رقم ( 17626 )
س 5 : ما حكم تكفير المعين ؟
ج 5 : من فعل أو قال أو اعتقد ما يقتضي الكفر حكم بكفره ، وعومل معاملة الكفار ، معينا كان أو غير معين ، لعموم الأدلة ، كمن دعا غير الله أو ذبح لغير الله أو تكلم بكلام الكفر ، كمن سب الله أو رسوله أو استهزأ بشيء من الدين ، فإنه يحكم بكفره ويستتاب ، فإن تاب وإلا وجب على ولي أمر المسلمين قتله مرتدا .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 17749 )
س 3 : اختلفنا نحن جماعة من الطلبة ، في مسألة إقامة الحجة على المخالف ، في مسألة أصول الدين . فقال بعضنا : إنه يعذر بالجهل كل إنسان جاهل ، وفي كل المسائل لا نفرق بين الأصول والفروع الظاهر والخفي . وقالت طائفة : بأنه يعذر بالجهل ، ولكن في الأمور الخفية ، أما أن نعذر بالجهل في الأصول فلا ، إذ إنه لا عذر لمن أشرك بالله تبارك وتعالى وعبد غيره من القبور والأحجار والشجر ، إذ لا يسع مسلما الجهل بهذا ، وأنه إذا فعل ليس بمسلم ، أما الأمور الخفية فنعم فيها العذر بالجهل ، حتى تقام الحجة الرسالية . فما هو الحق والصواب في المسألة ؟ أفتونا جزاكم الله خيرا .
ج 3 : الصواب أنه لا يعذر أحد في عدم معرفة أصول الإسلام وقواعده ممن بلغه القرآن وبعث الرسول صلى الله عليه وسلم لقول الله عز وجل : { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } وقوله سبحانه : { هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ } وما جاء في معناهما من الآيات ، أما المسائل الفرعية التي قد يخفى حكمها ، فهذه يعذر فيها بالجهل حتى تقام عليه الحجة ؛ لأحاديث كثيرة وردت في ذلك .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية 1/419)
http://www.alathary.net/vb2/Juice/images/buttons/quote.gif (http://www.alathary.net/vb2/newreply.php?do=newreply&p=68448)
#2 (http://www.alathary.net/vb2/showpost.php?p=68527&postcount=2)
http://www.alathary.net/vb2/Juice/images/statusicon/post_old.gif 09-19-2010, 08:46 PM

ابو الحارث مهدي
2011-09-10, 12:27
الثاني هو: أن أئمة أهل السنة و خاصة علماء الحديث إذا أطلقوا لفظ "الآثار" فالمقصود هو الكتاب والسنة و آثار السلف، أو المقصود هو السنة و آثار السلف على حسب السياق،


هَذَا الكَلاَمُ حَقٌ لَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ
لكن إذا قُيّد لفظ "الآثار" بالسلف فكان هكذا: "آثار السلف"
فحينئذ يتغير المعني من العموم إلى الخصوص، فينحصر في الصحابة ومن دونهم من التابعين ومن تبعهم بإحسان
أما عند الإطلاق فالأمر كما ذكرتِ - بارك الله فيك -
وأنتِ -حفظكِ الله - قُلتِ:

...بل نحن مأمورون بإتباع السنة وآثار السلف الصالح
بما أن شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه من أعلم الناس بآثار السلف

فكان قَولُكِ مُقَيَّدًا بالسَّلَفِ لاَ مُطْلَقاً كَمَا تَفَضَّلْتِ به

و بردك هذا،بان لي ضعفك الشديد في علم مصطلح الحديث و علوم السنةالنبوية،


أُخيتي هذا لا يضرُّني، لأني ما ادَّعَيْتُ عِلْماً، ولست طالب علم فضلا عن عالم
أو بعبارة موجزة: إنما أنا متعلم على وجه الحقيقة أرجو النجاة
(وَأَعُوذُ بِاللهِ مِنْ تَوَاضُعِ التَّكَبُّر)
مُقْتَدٍ ومُتَّبِع لعلمائنا علماء السنة كابراً عن كابر
من السلف الأولين، وأخرهم من المعاصرين:
أئمتنا الثلاثة الذين ماتوا والأمة عنهم راضية
سماحة الوالد الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز
الشيخ الإمام والعلامة الهُمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني
الفقيه الأصولي المفسر الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
تغمدهم الله برحمته جميعاً وأَلحَقَنَا بهِم لاَ مُغَيِّرِينَ وَلاَ مُبَدِّلِين
وحفظ الله علماءنا الأحياء
أُولئِكَ أَبَائِي فآتِنِي بمِثْلِهِمُ * إِذَا جَمَعَتْنَا يَا سَلفيُّ المحَافِلُ

خَيْرَ خَلَفٍ لخَيْرِ سَلَفْ إن شاء الله

ابو الحارث مهدي
2011-09-10, 12:28
بل الوهم منكَ أنتَ، ربما التحامل و الغيظ الذي تحمله هو الذي أدى بك لتتوهم أقوالا لم أقلها
لا ليس الأمر كما ذكرتي أُخيتي
فأقول بالله مُقسِمًا؛ ولا يُحلَفُ بأحد سِواه
فَوَ الذِي فَلَقَ الحبَّةَ وَبَرأَ النَّسمَة لا أَحمِلُ لَكِ ولا لغيرك من الإخوة أو الأخوات
حِقدًا ولا غِلاً ولا تحامُلاً

لاَ أَحْمِلُ الحِقْدَ القَديمَ عَلَيْهُمُ * وَلَيسَ سَوِيُّ القَوْمِ مَنْ يَحْمِلُ الحِقدَ
وإنما أحبُّ لكم الخير وأرجوه
وأهل السنة غرباء، فهم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود
فَلْنَسْتَوْصِي بأهل السنة خيرا
واعلمِي - حفظني الله وإيَّاك – أنه ليس بيني وبين الحق عداوة
وليس من أراد الخير فأخطأَهُ كمن تعمد الشَّرَّ فأصابه

فَلاَ نُغْلِظ لِبَعْضِنَا القَول



أما باقي الكلام المذكور فهو من قَبِيل سوء التفاهم لا غير

فلابُدَّ من التفريق بين المتشابهات والتوفيق بين المتماثلات
لا خلط الحابل بالنابل
فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا

فإن الغرض من الكتابة أو المناقشة ؛ التعلم ونشر العلم لا النزاعات اللفظية التي هي أشبه
بالجدال الذي حذرنا منه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآَلِهِ وَسَلَّمَ- فقال:
( ما هلك قوم على هدى كانوا عليه إلا أوتو الجدل )

‏أَخْرَجَهُ الترمذي وأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ جَرِيرٍ وصححه الألباني


وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّم وَبَارِك عَلى نَبِيِّنَا مُحمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ وَإخْوَانِه
وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً كَثِيراً

ابو الحارث مهدي
2011-09-12, 08:57
http://www.p-yemen.com/highstar/bsm4/p-yemen4%20%2872%29.gif


أول العلم أن تسمع



وثاني العلم أن تفهم ما تسمع



وثالث العلم أن تعتقد ما تفهم



ورابع العلم أن تعمل بما تعتقد



وخامس العلم ان تدعو الى ما سمعت وفهمت واعتقدت وعملت



وكل ذلك لا وزن له عند الله إلا بالإخلاص والمتابعة






http://www.p-yemen.com/highstar/bsm4/p-yemen4%20%2872%29.gif




روى القاضي عياض في كتاب الإلماع عن عون بن عبد الله قال:



كان الفقهاء يتواصون بثلاث, ويكتب بعضهم إلى بعض:



1- - أنه من أصلح سريرته أصلح الله علانيته



2-- ومن أصلح مابينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس



3-- ومن عمل للآخرة كفاه الله الدنيا



http://www.p-yemen.com/highstar/bsm4/p-yemen4%20%2872%29.gif

ابو الحارث مهدي
2011-10-17, 12:29
قال الشوكاني– رحمه الله تعالى:




وقد أوضحت في تلك الرسالة حال كل واحد من هؤلاء، وأوردت نصوص كتبهم وبينت أقوال العلماء في شأنهم


وكان تحرير هذا الجواب في عنفوان الشباب وأنا الآن أتوقف في حال هؤلاء وأتبرأ من كل ما كان من أقوالهم وأفعالهم مخالفا لهذه الشريعة البيضاء الواضحة التي ليلها كنهارها


ولم يتعبدني الله بتكفير من صار في ظاهر أمره من أهل الإسلام ، وهب أن المراد بما في كتبهم وما نقل عنهم من الكلمات المستنكرة المعنى الظاهر والمدلول العربي وأنه قاض على قائله بالكفر البواح والضلال الصراح ، فمن أين لنا أن قائله لم يتب عنه؟!! ونحن لو كنا في عصره بل في مصره بل في منزله الذي يعالج فيه سكرات الموت لم يكن لنا إلى القطع بعدم التوبة سبيل لأنها تقع من العبد بمجرد عقد القلب ما لم يغرغر بالموت فكيف وبيننا وبينهم من السنين عدة مئين؟!! ولا يصح الاعتراض على هذا بالكفار فيقال هذا التجويز ممكن في الكفار على اختلاف أنواعهم؛ لأنا نقول فرق بين من أصله الإسلام ومن أصله الكفر ؛ فإن الحمل على الأصل مع اللبس هو الواجب لاسيما والخروج من الكفر إلى الإسلام لا يكون إلا بأقوال وأفعال لا بمجرد عقد القلب والتوجه بالنية المشتملين على الندم والعزم على عدم المعاودة فإن ذلك يكفى في التوبة ولا يكفى في مصير الكافر مسلما


وأيضا فرق بين كفر التأويل وكفر التصريح على أني لا أثبت كفر التأويل كما حققته في غير هذا الموطن


وفي هذه الإشارة كفاية لمن له هداية


وفي ذنوبنا التي قد أثقلت ظهورنا لقلوبنا أعظم شغلة وطوبى لمن شغلته عيوبه


"ومن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه"

ابو الحارث مهدي
2011-10-17, 12:31
فالراحلة التي قد حملت مالا تكاد تنوء به إذا وضع عليها زيادة عليه انقطع ظهرها وقعدت على الطريق قبل وصول المنزل ، وبلا شك أن التوئب على ثلب أعراض المشكوك في إسلامهم فضلا عن المقطوع بإسلامهم جراءة غير محمودة ، فربما كذب الظن ، وبطل الحديث ، وتقشعت سحائب الشكوك ، وتجلت ظلمات الظنون ، وطاحت الدقائق ، وحقت الحقائق ، وأن يوماً يفر المرء من أبيه ، ويشح بما معه من الحسنات على أحبابه وذويه ، لحقيق بأن يحافظ فيه على الحسنات ولا يدعها يوم القيامة نهباً بين قوم قد صاروا تحت أطباق الثرى قبل أن يخرج إلى هذا العالم بدهور وهو غير محمود على ذلك ولا مأجور ، فهذا مالا يفعله بنفسه العاقل ، وأشد مِن ذلك أن ينثر جراب طاعاته ، وينثل كنانة حسناته على أعدائه ، غير مشكور بل مقهور ، وهكذا يفعل عند الحضور للحساب بين يدي الجبار بالمغتابين والنمامين والهمازين واللمازين ، فإنه قد علم بالضرورة الدينية أن مظلمة العرض كمظلمة المال والدم ، ومجرد التفاوت في مقدار المظلمة لا يوجب عدم إنصاف ذلك الشيء المتفاوت أو بعضه بكونه مظلمة ، فكل واحدة من هذه الثلاث مظلمة لآدمي ، وكل مظلمة لآدمي لا تسقط إلا بعفوه ، وما لم يعف عنه باق على فاعله يوافى عرصات القيامة .

فقل لي كيف يرجو من ظلم ميتا بثلب عرضه أن يعفو عنه ؟!! ومن ذاك الذي يعفو في هذا الموقف وهو أحوج ما كان إلى ما يقيه عن النار وإذا التبس عليك هذا فانظر ما تجده من الطباع البشرية في هذه الدار !! فإنه لو ألقى الواحد من هذا النوع الإنساني إلى نار من نار هذه الدنيا وأمكنه أن يتقيها بأبيه أو بأمة أو بابنه أو بحبيبه لفعل ، فكيف بنار الآخرة التي ليست نار هذه الدنيا بالنسبة إليها شيئاً ؟!! ومن هذه الحيثية قال بعض من نظر بعين الحقيقة: لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت أبي وأمي! لأنهما أحق بحسناتي التي تؤخذ مني قَسراً [الحسن البصري].
وما أحسن هذا الكلام.
ولا ريب أن أشد أنواع الغيبة وأضرها وأشرها وأكثرها بلاء وعقاباً ، ما بلغ منها إلى حد التكفير واللعن ؛ فإنه قد صح أن تكفير المؤمن كفر، ولعنه راجع على فاعله ، وسبابه فسق ، وهذه عقوبة من جهة الله سبحانه. وأما من وقع له التكفير واللعن والسب فمظلمة باقية على ظهر المكِّفر واللاعِن والسَبَّاب فانظر كيف صار المكفر كافراً، واللاعن ملعوناً والسَبَّاب فاسقاً ، ولم يكن ذلك حد عقوبته ؛ بل غريمه ينتظر بعرصات المحشر ليأخذ من حسناته أو يضع عليه من سيئاته بمقدار تلك المظلمة ، ومع ذلك فلا بد من شيء غير ذلك وهو العقوبة على مخالفة النهي ؛ لأن الله قد نهى في كتابه وعلى لسان رسوله عن الغيبة بجميع أقسامها ، ومخالف النهي فاعل محرم ، وفاعل المحرم معاقب عليه ، وهذا عارض من القول جرى به القلم ، ثم أحجم عن الكلام ، سائلا من الله حسن الختام . . .)).

(الصوارم الحداد القاطعة لعلائق مقالات أرباب الاتحاد)

أم سلمة عادت
2011-10-17, 14:50
ماذا تكتب

أنت كثير الكلام

عليك بما قل و دل

قلت لك كفاك ردودا فأنا لن أقرء كل ما تكتب

لكنني عند وعدي بإذن الله أن أرد عليك، أقصد الردود السابقة، لكن كونك تكتب كل يوم ردا فهذا مستحيل

ليس لدي الوقت الكافي

و أنا أدعوك للنقاش لكن ليس هنا

ما رأيك لو نتناقش في منتدى أهل الحديث و الأثر السلفي، هكذا نكون في راحة و أمان من أن نطرد بسبب النقاش لأن المنتدى سلفي و أنا من فريق الإدارة و لله الحمد

ما رأيك

ابوزيدالجزائري
2011-10-17, 20:52
لا عليك أختي الكريمة علماؤنا أشبعوا المسألة بحثا و أما كلام الأخ فهو كلام من لم يأخذ العقيدة من مصادرها و لم يثني ركبتيه عند المشايخ فهو يعيد تكرار شبهات داود بن جرجيس و أشباهه في هذه المسألة و ان كنا ننزه عن أن يكون مثله بل نعتقد أنه ممن لم يضبط هذه المسائل :
1-قال ابن سحمان في الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق ص 383:
فإذا عرفت أن كلام الشيخ ابن تيمية في أهل الأهواء كالقدرية والخوارج والمرجئة، ونحوهم، ما خلا غلاتهم، تبين لك أن عباد القبور والجهمية خارجون من هذه الأصناف.
وأما كلامه في عدم تكفير المعين فالمقصود به في مسائل مخصوصة قد يخفى دليلها على بعض الناس، كما في مسائل القدر والإرجاء، ونحو ذلك مما قاله أهل الأهواء، فإن بعض أقوالهم تتضمن أموراً كفرية من رد أدلة الكتاب والسنة المتواترة، فيكون القول المتضمن لرد بعض النصوص كفراً، ولا يحكم على قائله بالكفر، لاحتمال وجود مانع كالجهل، وعدم العلم بنفس النص، أو بدلالته، فإن الشرائع لا تلزم إلا بعد بلوغها، ولذلك ذكر هذا في الكلام على بدع أهل الأهواء، وقد نص على هذا فقال في تكفير أناس من أعيان المتكلمين بعد أن قرر هذه المسألة، قال:
وهذا إذا كان في المسائل الخفية فقد يقال بعدم التكفير، وأما ما يقع منهم في المسائل الظاهرة الجلية، أو ما يعلم من الدين بالضرورة، فهذا لا يتوقف في كفر قائله.
2-و قال عبد اللطيف آل الشيخ
في منهاج التأسيس و التقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس ص101:
وأما الكلام في تكفير المعين، فالمقصور به مسائل مخصوصة، قد يخفى دليلها على بعض الناس، كما في مسائل القدر والإرجاء ونحو ذلك مما قاله أهل الأهواء. فإن بعض أقوالهم تتضمن أموراً كفرية من رد أدلة الكتاب والسنة المتواترة النبوية. فيكون القول المتضمن لرد بعض النصوص كفراً، ولا يحكم على قائله بالكفر، لاحتمال وجود مانع، كالجهل وعدم العلم بنفس النص، أو بدلالته. فإن الشرائع لا تلزم إلا بعد بلوغها. ولذلك ذكر هذا في الكلام على بدع أهل الأهواء. وقد نص على هذا، فقال في تكفير أناس من أعيان المتكلمين، بعد أن قرر هذه المسألة قال: وهذا إذا كان في المسائل الخفية فقد يقال: بعدم التكفير. وأما ما يقع منهم في المسائل الظاهرة الجلية، أو ما يعلم من الدين بالضرورة. فهذا لا يتوقف في كفر قائله.

ابوزيدالجزائري
2011-10-17, 20:54
قال رحمه الله في كتابه الانتصار لحزب الله الموحدين و الرد على من جادل عن المشركين ص41 فما بعدها :
واحتج بعض من يجادل عن المشركين: بقصة الذي أوصى أهله أن يحرقوه بعد موته (4) . على أن من ارتكب الكفر جاهلا لا يكفر, ولا يكفر إلا المعاند.
والجواب عن ذلك كله: أن الله سبحانه أرسل رسله مبشرين ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل .
وأعظم ما أرسلوا به , ودعوا إليه: عبادة الله وحده لا شريك له,
والنهي عن الشرك الذي هو عبادة غيره.
فإن كان مرتكب الشرك الأكبر معذورا لجهله، فمن هو الذي لا يعذر؟
ولازم هذه الدعوى: أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند. مع أن صاحب هذه الدعوى لا يمكنه طرد أصله, بل لابد أن يتناقض؛ فإنه لا يمكنه أن يتوقف في تكفير من شك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم, أو شك في البعث, أو غير ذلك من أصول الدين. والشاك جاهل!.
والفقهاء رحمهم الله: يذكرون في كتب الفقه حكم المرتد: وأنه المسلم الذي يكفر بعد إسلامه /: نطقا, أو فعلا, أو شكا, أو اعتقادا . وسبب الشك: الجهل.
ولازم هذا: أنا لا نكفر جهلة اليهود والنصارى, ولا الذين يسجدون الشمس والقمر والأصنام لجهلهم, ولا الذين حرقهم علي ابن أبي طالب رضي الله عنه بالنار ؛ لأننا نقطع أنهم جهال!!!
وقد أجمع العلماء على كفر من لم يكفر اليهود والنصارى أو يشك في كفرهم، ونحن نتيقن أن أكثرهم جهال.
وقال الشيخ تقي الدين: من سب الصحابة وواحدا منهم، واقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو نبي, أو أن جبرائيل غلط. فلا شك في كفر هذا, بل لا يُشكُّ في كفر من توقف في تكفيره.
قال: ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر, أو أنهم فسقوا. فلا ريب في كفر قائل ذلك, بل من شك في كفره فهو كافر.
قال: ومن ظن أن قوله سبحانه وتعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} . بمعنى: قدر , وأن الله ما قدر شيئا إلا وقع, وجعل عباد الأصنام ما عبدوا إلا الله: فإن هذا من أعظم الناس كفرا بالكتب كلها. انتهى .
ولا ريب أن أصحاب) هذه المقالة: أهل علم وزهد وعبادة, وأن سبب دعواهم هذه:الجهل.
وقد أخبر الله سبحانه عن الكفار أنهم في شك مما تدعوهم إليه الرسل, وأنهم في شك من البعث، فقالوا لرسلهم: {وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} (5) وقال: {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ} (6) وقال إخبارا عنهم: {إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} (7) .
وقال عن الكفار: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} (1) .
وقال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا {103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (2) .
ووصفهم بغاية الجهل، كما في قوله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (3) .
وقد ذم الله المقلدين بقوله عنهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} (4) الآيتين, ومع ذلك كفرهم سبحانه وتعالى.
واستدل العلماء بهذه الآية (5) ونحوها: على أنه لا يجوز التقليد في معرفة الله والرسالة.
وحجة الله سبحانه قائمة على الناس بإرسال الرسل إليهم, وإن لم يفهموا حجج الله وبيناته.
قال الشيخ موفق الدين أبو محمد بن قدامة (6) رحمه الله - لما انجر كلامه في مسألة: هل كل مجتهد مصيب؟ ورجح قول الجمهور: إنه ليس كل مجتهد مصيبا (7) بل الحق في قول واحد من أقوال المجتهدين
قال-: وزعم الجاحظ (1) أن مخالف ملة الإسلام إذا نظر فعجز عن درك (2) الحق: فهو معذور غير آثم.
إلى أن قال: أما ما ذهب إليه الجاحظ فباطل يقينا، وكفر بالله، ورد عليه وعلى رسوله؛ فإنا (3) نعلم قطعا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر اليهود والنصارى بالإسلام واتباعه, وذمهم على إصرارهم, وقاتل جميعهم (4) , يقتل البالغ (5) .
ونعلم أن المعاند العارف ممن يقل, وإنما الأكثر مقلدة: اعتقدوا دين آبائهم تقليدا, ولم يعرفوا معجزة (6) النبي (7) وصدقه. والآيات الدالة (8) في القرآن على هذا كثيرة (9) , كقوله: {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} (10) . وقال: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ} (11) {إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} (12) ، وقوله: {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ} (13) {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} (14)
{الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ} الآية (1) .
وفي الجملة: ذم المكذبين للرسول مما لا ينحصر في الكتاب والسنة. انتهى .
والعلماء يذكرون: أن من أنكر وجوب عبادة من العبادات الخمس، أو قال في واحدة منها : إنها سنة لا واجبة, أو جحد حل الخبز ونحوه, أو جحد تحريم الخمر أو نحوه، أو شك في ذلك ومثله لا يجهله: كفر, وإن كان مثله يجهله: عرف ذلك, فإن أصر بعد التعريف كفر وقتل , ولم يقولوا: فإذا تبين له الحق وعاند: كفر.
وأيضا، فنحن لا نعرف أنه معاند حتى يقول: أنا أعلم أن ذلك حق ولا ألتزمه، أو لا أقوله ، وهذا لا يكاد يوجد.
وقد ذكر العلماء من أهل كل مذهب: أشياء كثيرة لا يمكن حصرها من الأقوال والأفعال والاعتقادات: أنه يكفر صاحبها، ولم يقيدوا ذلك بالمعاند.
فالمدعي أن مرتكب الكفر متأولا, أو مجتهدا مخطئا , أو مقلدا، أو جاهلا: معذور . مخالف للكتاب والسنة والإجماع بلا شك، مع أنه لا بد أن ينقض أصله: فلو طرد أصله كفر بلا ريب، كما لو توقف في تكفير من شك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك /.
وأما الرجل الذي أوصى أهله أن يحرقوه، وأن الله غفر له, مع
شكه في صفة من صفات الرب سبحان: فإنما غفر له لعدم بلوغ الرسالة له. كذا قال غير واحد من العلماء .
ولهذا قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: من شك في صفة من صفات الرب ومثله لا يجهلها: كفر, وإن كان مثله يجهلها: لم يكفر.
قال: ولهذا لم يكفر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الشاك في قدرة الله؛ لأنه لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة . وكذا قال ابن عقيل , وحمله على أنه لم تبلغه الدعوة.
واختيار الشيخ تقي الدين في الصفات: أنه لا يكفر الجاهل، وأما في الشرك ونحوه: فلا , كما ستقف على بعض كلامه إن شاء الله. وقد قدمنا بعض كلامه في الإتحادية وغيرهم، وتكفيره من شك في كفرهم.
قال صاحب اختياراته : والمرتد: من أشرك بالله، أو كان مبغضا لرسوله أو لما جاء به, أو ترك إنكار كل منكر بقلبه، أو توهم أن من الصحابة من قاتل مع الكفار أو أجاز ذلك, أو أنكر مجمعا عليه إجماعا قطعيا, أو جعله بينه وبين الله وسائط: يتوكل
ليهم ويدعوهم ويسألهم ، ومن شك في صفة من صفات الله ومثله لا يجهلها: فمرتد. وإن كان مثله يجهلها: فليس بمرتد؛ ولهذا لم يكفر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الشاك في قدرة الله تعالى .
فأطلق فيما تقدم من المفكرات، وفرق في الصفة بين الجاهل وغيره, مع أن رأي الشيخ رحمه الله تعالى- في التوقف عن تكفير الجهمية ونحوهم- خلاف نصوص الإمام أحمد وغيره من أئمة الإسلام .
قال المجد رحمه الله: كل بدعة كفرنا فيها الداعية, فإنا نفسق المقلد فيها, كمن يقول بخلق القرآن, أو أن علم الله مخلوق، أو أن أسماءه مخلوقة, أو أنه لا يرى في الآخرة, أو يسب الصحابة تدينا, أو أن الإيمان مجرد الاعتقاد، وما أشبه ذلك.
فمن كان عالما في شيء من هذه البدع: يدعو إليه ويناظر عليه، فهو محكوم بكفره. نص أحمد على ذلك في مواضع. انتهى.
فانظروا ! كيف حكموا بكفرهم مع جهلهم.

ابوزيدالجزائري
2011-10-17, 20:59
حكم تكفير المعين


والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة


تأليف الشيخ العلامة إسحاق بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ


(المتوفى سنة 1319هـ )


رحمه الله تعالى






بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله الأحد الصمد، الذي لا يستغاث في الشدائد ولا يدعى إلا إياه، فمن عبد غيره فهو المشرك الكفور، بنص القرآن، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخليله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، الذي قامت به الحجة على العالمين ، فلا نبي بعده ولا رسول، أما بعد:
فقد بلغنا وسمعنا من فريق ممن يدعى العلم والدين، وممن هو بزعمه مؤتم بالشيخ محمد بن عبد الوهاب إن من أشرك بالله وعبد الأوثان لا يطلق عليه الكفر والشرك بعينه، وذلك أن بعض من شافهني منهم بذلك سمع من بعض الإخوان أنه أطلق الشرك والكفر على رجل دعا النبي صلى الله عليه وسلم واستغاث به، فقال له الرجل : لا تطلق عليه حتى تُعَرِّفه، وكان هذا وأجناسه لا يعبأون بمخالطة المشركين في الأسفار وفي ديارهم بل يطلبون العلم على من هو أكفر الناس من علماء المشركين، وكانوا قد لفقوا لهم شبهات على دعواهم يأتي بعضها في أثناء الرسالة ـ إن شاء الله تعالى ـ وقد غَرّوا بها بعض الرعاع من أتباعهم ومن لا معرفة عنده ومن لا يعرف حالهم ولا فرق عنده ولا فهم متحيزون عن الإخوان بأجسامهم وعن المشايخ بقلوبهم ومداهنون لهم، وقد استوحشوا واستُوحِشَ منهم بما أظهروه من الشبهة وبما ظهر عليهم من الكآبة بمخالطة الفسقة والمشركين، وعند التحقيق لا يُكَفرون المشرك إلا بالعموم، وفيما بينهم يتورعون عن ذلك، ثم دبت بدعتهم وشبهتهم حتى راجت على من هو من خواص الإخوان وذلك والله أعلم بسبب ترك كتب الأصول وعدم الاعتناء بها وعدم الخوف من الزيغ .
رغبوا عن رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ قدس الله روحه ـ ورسائل بنيه فإنها كفيلة بتبيين جميع هذه الشبه جدا كما سيمر، ومن له أدنى معرفة إذا رأى حال الناس اليوم ونظر إلى اعتقاد المشايخ المذكورين تحير جدا ولا حول ولا قوة إلا بالله، وذلك أن بعض من أشرنا إليه بحثته ([2]) عن هذه المسألة فقال نقول لأهل هذه القباب الذين يعبدونها ومن فيها فعلك هذا شرك وليس هو بمشرك، فانظر ترى واحمد ربك واسأله العافية، فإن هذا الجواب من بعض أجوبة العراقي ([3]) التي يرد عليها الشيخ عبد اللطيف وذكر الذي حدثني عن هذا أنه سأله بعض الطلبة عن ذلك وعن مستدلهم فقال : نكفر النوع ولا نعين الشخص إلا بعد التعريف، ومستندنا ما رأيناه في بعض رسائل الشيخ محمد ـ قدس الله روحه ـ على أنه امتنع من تكفير من عبد قبة الكلواز وعبد القادر من الجهال لعدم من ينبه، فانظر ترى العجب ثم اسأل الله العافية وأن يعافيك من الحور بعد الكور، وما أشبههم بالحكاية المشهورة عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ أنه ذات يوم يقرر على أصل الدين ويبين ما فيه ورجل من جلسائه لا يسأل ولا يتعجب ولا يبحث، حتى جاء بعض الكلمات التي فيها ما فيها، فقال الرجل : ما هذه كيف ذلك ؟ فقال الشيخ : قاتلك الله ذهب حديثنا منذ اليوم لم تفهم ولم تسأل عنه، فلما جاءت هذه السقطة عرفتها، أنت مثل الذباب لا يقع إلا على القذر أو كما قال .
ونحن نقول : الحمد لله، وله الثناء، ونسأله المعونة والسداد، ولا نقول إلا كما قال مشايخنا الشيخ محمد في إفادة المستفيد وحفيده في رده على العراقي وكذلك هو قول أئمة الدين قبلهم ومما هو معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، أن المرجع في مسائل أصول الدين إلى الكتاب والسنة وإجماع الأمة المعتبر وهو ما كان عليه الصحابة، وليس المرجع إلى عالم بعينه في ذلك، فمن تقرر عنده هذا الأصل تقريرا لا يدفعه شبهة وأخذ بشراشير قلبه، هان عليه ما قد يراه من الكلام المشتبه في بعض مصنفات أئمته، إذ لا معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم .
ومسألتنا هذه وهى عبادة الله وحده لا شريك له والبراءة من عبادة ما سواه، وأن مَنْ عبد مع الله غيره فقد أشرك الشرك الأكبر الذي ينقل عن الملة، هي أصل الأصول وبها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وقامت على الناس الحجة بالرسول وبالقرآن، وهكذا تجد الجواب من أئمة الدين في ذلك الأصل عند تكفير من أشرك بالله فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، لا يذكرون التعريف في مسائل الأصول، إنما يذكرون التعريف في المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض المسلمين، كمسائل نازع بها بعض أهل البدع كالقدرية والمرجئة، أو في مسألة خفية كالصرف والعطف وكيف يُعَرِّفون عُبّادَ القبورِ وهم ليسوا بمسلمين ولا يدخلون في مسمى الإسلام، وهل يبقى مع الشرك عمل والله تعالى يقول : {ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} ([4]) {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق} ([5]) {إن الله لا يغفر أن يشرك به} ([6]) {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله} ([7]) إلى غير ذلك من الآيات ، ولكن هذا المعتقد يلزم منه معتقد قبيح وهو أن الحجة لم تقم على هذه الأمة بالرسول والقرآن نعوذ بالله من سوء الفهم الذي أوجب لهم نسيان الكتاب والرسول، بل أهل الفترة الذين لم تبلغهم الرسالة والقرآن وماتوا على الجاهلية لا يسمون مسلمين بالإجماع ولا يستغفر لهم، وإنما اختلف أهل العلم في تعذيبهم في الآخرة، وهذه الشبهة التي ذكرنا قد وقع مثلها أو دونها لأناس في زمن الشيخ محمد رحمه الله ولكن مَنْ وقعت له يراها شبهة ويطلب كشفها، وأما من ذكرنا فإنهم يجعلونها أصلا ويحكمون على عامة المشركين بالتعريف ويُجَهِّلون من خالفهم فلا يوقفون للصواب، لأن لهم في ذلك هوى وهو مخالطة المشركين، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، الله أكبر ما أكثر المنحرفين وهم لا يشعرون، ونحن ذكرنا هذه المقدمة لتكون أدعى لفهم ما سيأتي من الحجج على هذه المسألة :
رسالة للشيخ محمد بن عبد الوهاب في هذه المسألة :
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب قدس الله روحه في الرسالة التي كتب إلى أحمد بن عبد الكريم صاحب الأحساء أحد الصلحاء أولاً قبل أن يفتتن، فنذكر منها شيئا لمشابهة من رددنا عليه كصاحب الرسالة وهذا نصها :
"من محمد بن عبد الوهاب إلى أحمد بن الكريم سلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، أما بعد :
وصل مكتوبك تقرر المسألة التي ذكرت وتذكر أن عليك إشكال تطلب إزالته ثم ورد منك رسالة تذكر أنك عثرت على كلام شيخ الإسلام أزال عنك الإشكال، فنسأل الله أن يهديك لدين الإسلام، وعلى أي شيء يدل كلامه ؟ على أن من عبد الأوثان عبادة اللات والعزى وسب دين الرسول بعد ما شهد به مثل سب أبي جهل أنه لا يكفر بعينه ؟ بل العبارة صريحة واضحة في تكفير مثل ابن فيروز وصالح بن عبدالله وأمثالهما كفرا ظاهرا ينقل عن الملة فضلا عن غيرهما، هذا صريح واضح في كلام ابن القيم وفي كلام الشيخ الذي ذكرت أنه أزال عنك الإشكال في كفر من عبد الوثن الذي على قبر يوسف وأمثاله، ودعاهم في الشدائد والرخاء وسب دين الرسول بعدما أقر وشهد به ودان بعبادة الأوثان بعدما أقر بها، وليس في كلامي هذا مجازفة بل أنت تشهد به عليهم، ولكن إذا أعمى الله القلب فلا حيلة فيه، وإنما أخاف عليك من قول الله تعالى : {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون} ([8]) .
والشبهة التي دخلت عليك من أجل هذه البضّيعة التي في يديك تخاف أن تضيع أنت وعيالك إذا تركت بلد المشركين، وشاك في رزق الله، وأيضا قرناء السوء، وأنت والعياذ بالله تنزل درجة أول مرة في الشك وبلد الشرك وموالتهم والصلاة خلفهم" انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
فتأمل قوله في تكفير هؤلاء العلماء وفي كفر من عبد الوثن الذي على قبر يوسف وأنه صريح في كلام ابن القيم رحمه الله وفي حكايته عن صاحب الرسالة، وحكم عليه بأية المنافقين وأن هذا حكم عام، وكذلك تأمل اليوم حال كثير ممن ينتسب إلى الدين والعلم من أهل نجد يذهب إلى بلاد المشركين ويقيم عندهم مدة يطلب العلم منهم ويجالسهم، ثم إذا قدم على المسلمين وقيل له : اتق الله، وتب إلى ربك من ذلك، استهزأ بمن يقول له ذلك، ويقول : أتوب من طلب العلم ؟ ثم يظهر من أفعاله وأقواله ما ينبئ عن سوء معتقده وزيفه، ولا عجب من ذلك لأنه عصى الله ورسوله بمخالطة المشركين فعوقب، ولكن العجب من أهل الدين والتوحيد لانبساطهم مع هذا الجنس الذين أرادوا أن يقرنوا بين المشركين والموحدين، وقد فرق الله بينهم في كتابه وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .
ثم قال الشيخ رحمه الله تعالى في تلك الرسالة بعدما ذكر كثرة من ارتد عن الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم كالذين في زمن أبي بكر رضي الله عنه حكموا عليهم بالردة بمنع الزكاة، وكأصحاب علي وأهل المسجد الذين بالكوفة وبنو عبيد القداح كل هؤلاء حكموا عليهم بالردة بأعيانهم، ثم قال : وأما عبارة شيخ الإسلام ابن تميمة التي لبسوا بها عليك فهي أغلط من هذا كله، ولو نقول بها لكفرنا كثيرا من المشاهير بأعيانهم، فإنه صَرَّح فيها بأن المعين لا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة، فإذا كان المعين يكفر إذا قامت عليه الحجة، فمن المعلوم أن قيامها ليس معناه أن يفهم كلام الله ورسوله مثل فهم أبي بكر الصديق رضي الله عنه، بل إذا بلغه كلام الله ورسوله وخلا عن ما يعذر به فهو كافر كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن مع قول الله تعالى : {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه} ([9]) وقوله : {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} ([10]) وإذا كان كلام الشيخ ليس في الردة والشرك بل في المسائل الجزيئات .
ثم قال : يوضح ذلك إن المنافقين إذا أظهروا نفاقهم صاروا مرتدين، فأين نِسْبَتُكَ أنه لا يكفر أحداً بعينه، وقال أيضا في كلامه على المتكلمين ومن شاكلهم لما ذكر من أئمتهم شيئا من أنواع الردة والكفر، قال رحمة الله تعالى : وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال : إنه مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها، لكن يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي يعلم المشركون واليهود والنصارى أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث بها وكَفَّر من خالفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سواه من النبيين والملائكة وغيرهم، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام، ثم تجد كثيرا من رؤسائهم وقعوا في هذه الأنواع فكانوا مرتدين، وتارة كثير منهم يرتد عن الإسلام ردة صريحة إلى أن قال : وأبلغ من ذلك أن منهم من صنف في الردة كما صنف الرازي في عبادة الكواكب، وهذه ردة عن الإسلام باتفاق المسلمين، هذا لفظه بحروفه، فتأمل كلامه في التفرقة بين المقالات الخفية وبين ما نحن فيه في كفر المعين، وتأمل تكفيره رؤساءهم فلانا وفلانا بأعيانهم وردتهم ردة صريحة، وتأمل تصريحه بحكاية الإجماع على ردة الفخر الرازي عن الإسلام مع كونه من آكابر أئمة الشافعية، هل يناسب هذا من كلامه أن المعين لا يكفر ولو دعا عبد القادر في الرخاء والشدة، ولو أحب عبد الله بن عوف وزعم أن دينه حسن مع عبادته لأبى حديدة ؟
وقال شيخ الإسلام أيضا : بل كل شرك في العالم إنما حدث عن رأي بني جنسهم، فهم الآمرون بالشرك الفاعلون له ومن لم يأمر منهم بالشرك فلم ينه عنه بل يقر هؤلاء وهؤلاء وإن رجح الموحدين ترجيحاً ما فقد رجح غيره المشركين وقد يعرض عن الأمرين جميعا، فتدبر هذا فإنه نافع جدا وكذلك الذين كانوا في ملة الإسلام لا ينهون عن الشرك ويوجبون التوحيد بل يسوغون الشرك ويأمرون به وهم إذا ادَّعوا التوحيد فإنما توحيدهم بالقول لا بالفعل . انتهى كلامه رحمه الله .
فتأمل كلامه واعرضه على ما غرك به الشيطان من الفهم الفاسد الذي كَذَّبْت به الله ورسوله وإجماع الأمة وتحيزت به إلى عبادة الطاغوت فإن فهمت هذا وإلا أشير عليك أنك تكثر من التضرع والدعاء إلى مَنْ الهداية بيده، فإن الخطر عظيم، فإن الخلود في النار جزاء الردة ما يساوي بضّيعة تربح تومان أو نصف تومان، وعندنا أناس يجون بعيالهم ولا شحذوا وقد قال الله في هذه المسألة : {يا عبادي الذين آمنوا إن أرضى واسعة فإياي فاعبدون} ([11]) {وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم} ([12]) انتهى كلام الشيخ المذكورة بحروفه مع الإختصار فراجعها من التاريخ ([13]) فإنها نافعة جدا .
والمقصود أن الحجة قامت بالرسول والقرآن فكل من سمع بالرسول وبلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، وهذا ظاهر في كلام شيخ الإسلام عند قوله فمن المعلوم أن قيامها ليس أن يَفهم كلام الله ورسوله مثل فهم أبي بكر الصديق، بل إذا بلغه كلام الله ورسوله وخلَى عن شيء يعذر به فهو كافر، كما كان الكفار كلهم تقوم عليم الحجة بالقرآن مع قوله تعالى : {إنا جعلنا قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا} ([14]) فتأمل كلامه واحضر فكرك واسأل الله الهداية .
وهذه ثلاثة مواضع يذكر فيها أن الحجة قامت بالقرآن على كل من بلغه وسمعه ولو لم يفهمه، وهذا ولله الحمد يؤمن به كل مسلم سمع القرآن، ولكن الشياطين اجتالت أكثر الناس عن فطرة الله التي فطر عباده عليها، ثم تأمل كلام شيخ الإسلام في حكمه عليهم بالكفر وهل قال لا يكفرون حتى يُعرفوا أو لا يسمون مشركين ؟ بل فعلهم شرك كما قال من أشرنا إليه .
ثم تأمل حكاية الشيخ عن شيخ الإسلام في كلامه على المتكلمين ومن شاكلهم، وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال أنه مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها حتى يعرف، لكن يكون ذلك في الأمور الظاهرة، إلى أن قال : أن اليهود والنصارى والمشركين يعلمون أن محمداً بعث بها وكفر من خالفها مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له ونهيه عن عبادة أحد سواه من النبيين والملائكة، ثم تجد كثيرا من رؤسائهم وقعوا في هذه الأنواع فكانوا مرتدين، إلى أن قال الشيخ : فتأمل كلامه في التفرقة بين المقالات الخفية وبين ما نحن في كفر المعين وتأمل تكفيره رؤساءهم فقف وتأمل كما قال الشيخ، وهذا القدر كاف في رد هذه الشبهات وقد جعلها شيخ الإسلام قدس الله روحه من الأمور الظاهرة حتى اليهود والنصارى يعلمون ذلك من دين الإسلام ومن وصفنا لك عمَى عن ذلك ولعله يقرأها ويقررها، ولكن حيل بينه وبين تنزيلها على الواقع من الناس، وهذا له أسباب منها عدم الخوف على النفس من الزيغ والانقلاب وقد خاف السلف من ذلك، وقد يكون للإنسان هوى يمنعه عن معرفة الحق واستخراجه من النصوص كما ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في بعض رسائله التي ذكر صاحب التاريخ أنه قال : ومن ذلك أن نقرر المسألة في أصل الدين سنة كاملة على بعض الطلبة فيعرفها ويتصورها، ثم إذا وقعت لا يفهمها، قف وتأمل .
ومن ذلك أنه ذكر أن بعض علماء الوشم قرر التوحيد في بعض مراسلته للشيخ محمد وسأله هل أصاب أم لا، فقال له : تقريرك التوحيد حق وقد أصبت لكن الشأن في العمل بعد المعرفة، فإنك لما قدم بلدكم بعض رسائل أعداء الدين في سب الدين وأهله مشيت معهم ولم تنابذهم ولم تفارقهم أو كما قال فتأمل ذلك ( فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة ) ([15]) .
تأمل كلام الشيخ رحمه الله في تنزيله على صاحب الرسالة أن المنافقين وإن تحيزوا إلى عبادة الطاغوت ثم حكم عليه بالردة . ومن أعظم ما حكى عن الشيخ أنه توقف في تكفير المعين وأن الذي منعه من الهجرة بأهله ما في يده من البضائع وخوف الفقر، ثم انظر حال من ذكرنا ومن شاكلهم في رحلتهم للمشركين وقراءتهم عليهم وطلب العلم بزعمهم منهم هذا أقروا به وهو مما علم منهم، وإلا فهم يتهمون بموالاتهم والركون إليهم .
ومن المصائب أنه إذا قدم هذا الجنس على المسلمين عاملوهم بمثل معاملتهم قبل الذهاب للمشركين من الإكرام والتحية، وقد يظهر منهم حكاية وثناء على بلاد المشركين واستهجان المسلمين وبلادهم، مما يعلم أنه لا يظهر إلا من سوء طوية ويبقون على ذلك دائما، وقليل من يستنكر ذلك منهم، وأما كون أحد يخاف عليهم الردة والزيغ بسبب أفعالهم فلا أظن ذلك يخطر ببال أحد، فكأن هذه الأحكام الشرعية التي يحكم بها على من صدر منه ما ينافيها .
حكم من جحد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وقامت عليه الحجة : كما ذكر الشيخ رحمه الله وشيخ الإسلام رحمه الله قبله في أناس كانوا فبانوا، كما ذكر داعية أولئك المشاهير الذين تقدم ذكرهم فانظر حالك وتفكر فيما تعتقده فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة، وإلا فلا عجب ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ومن الدليل على مسألتنا ما كتب الشيخ رحمه الله تعالى إلى عيسى بن قاسم وأحمد بن سويلم لما سألاه عن قول شيخ الإسلام تقي الدين قدس الله روحه : من جَحَد ما جاء به الرسول وقامت عليه الحجة فهو كافر، فأجاب بقوله إلى الأخوين عيسى بن قاسم وأحمد بن سويلم :
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : ما ذكرتموه من كلام الشيخ كل من جحد كذا وكذا وأنكم تسألون عن هؤلاء الطواغيت وأتباعهم هل قامت عليه الحجة أم لا ؟ فهذا من العجب العجاب، كيف تشكون في هذا المجال وقد وضحت لكم مرارا أن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام، أو الذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون ذلك في مسائل خفية مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يُعرف، وأما أصول الدين التي وضحها الله في كتابه فإن حجة الله هي القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة، ولكن أصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة وفهم الحجة، فإن أكثر الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم كما قال تعالى : {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا} ([16]) .
وقيام الحجة وبلوغها نوع، وفهمهم إياها نوع آخر، فتأمل كلام الشيخ ونسأل الله أن يرزقك الفهم الصحيح وأن يعافيك من التعصب . وتأمل كلام الشيخ رحمه الله أن كل من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة وإن لم يفهم ذلك، وجعله هذا هو السبب في غلط من غلط وأن جعل التعريف في المسائل الخفية . ومن حكينا عنه جعل التعريف في
أصل الدين، وهل بعد القرآن والرسول تعريف ؟ ثم يقول : هذا اعتقادنا نحن ومشايخنا ! نعوذ بالله من الحوار بعد الكور، وهذه المسألة كثيرة جدا في مصنفات الشيخ محمد رحمه الله لأن علماء زمانه من المشركين ينازعون في تكفير المعين، فهذا شرح حديث عمرو بن عبسه من أوله إلى آخره كله في تكفير المعين، حتى أنه نقل فيه عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن من دعا عليّا فقد كفر ومن لم يكفره فقد كفر، وتدبر ماذا أودعه من الدلائل الشرعية التي إذا تدبرها العاقل المنصف فضلا عن المؤمن عرف أن المسألة وفاقية ولا تشكل إلا على مدخول عليه في اعتقاده، وقد ذكر الشيخ سليمان بن عبدالله رحمه الله تعالى في شرح التوحيد في مواضع منه أن من تكلم بكلمة التوحيد، وصلى، وزكى، ولكن خالف ذلك بأفعاله وأقواله من دعاء الصالحين والاستغاثة بهم، والذبح لهم أنه شبيه باليهود والنصارى في تكلمهم بكلمة التوحيد ومخالفتها، فعلى هذا يلزم من قال بالتعريف للمشركين أن يقول بالتعريف باليهود والنصارى ولا يكفرهم إلا بعد التعريف، وهذا ظاهر بالاعتبار جدا .
وأما كلام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله تعالى على هذه المسألة فكثير جدا، فنذكر من ذلك شيئا يسيراً لأن المسألة وفاقية والمقام مقام اختصار، فلنذكر من كلامه ما ينبهك على الشبه التي استدل بها من ذكرنا في الذي يعبد قبة الكواز وأن الشيخ توقف في تكفيره، ونذكر أولا مساق الجواب، وما الذي سيق لأجله ؟ وهو أن الشيخ محمد رحمه الله ومن حكى عنه هذه القصة يذكرون ذلك معذرة له عن ما يدعيه خصومه عليه من تكفير المسلمين، وإلا فهي نفسها دعوى لا تصلح أن تكون حجة بل تحتاج لدليل وشاهد من القران والسنة، ومن فتح الله بصيرته وعوفي من التعصب وكان ممن اعتنى بين هذه المسألة بيانا شافيا وجزم بكفر المعين في جميع مصنفاته، ولا يتوقف في شيء منها، ولنرجع إلى مساق الجواب الذي أشرنا إليه .
قال الشيخ عبد اللطيف رحمه الله، على قول العراقي : قد كفرتم الحرمين وأهلها، فذكر كلامه وأجاب عنه إلى أن قال : قال العراقي : ومن المعلوم أن المنع من تكفير المسلمين الذين تكلموا في هذا الباب وإن أخطأوا من أحق الأغراض الشرعية، وهو إذا اجتهد فله أجران إن أصاب، وإن أخطأ فله أجر واحد، انتهى كلام العراقي . والجواب أن يقال : هذا الكلام من جنس تحريفه الذي قررناه، فإن في هذا تحرفين، أحدهما : أنه أسقط السؤال، وفرضه في التكفير في المسائل التي وقع فيها نزاع وخلاف بين أهل السنة والجماعة والخوارج والروافض، فإنهم كفروا المسلمين وأهل السنة بمخالفتهم فيما ابتدعوه وأصَّلوه ووضعوه وانتحلوه، فأسقط هذا خوفا من أن يقال : دعاء أهل القبور وسؤالهم والاستغاثة بهم ليست من هذا الباب، ولم يتنازع فيها المسلمون بل هي مجمع على أنها من الشرك المكفر كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية وجعلها مما لا خلاف في التكفير بها، فلا يصح حمل كلامه هنا على ما جزم هو بأنه كفر مجمع عليه، ولو صح حمل هذا العراقي لكان قوله قولا مختلفا وقد نزهه الله وصانه عن هذا، فكلامه متفق يشهد بعضه لبعض . إذا عرفت هذا عرفت تحريف العراقي في إسقاطه بعض الكلام وحذفه، وأيضا فالحذف لأصل الكلام يخرجه عن وجهه وإرادة المقصود .
التحريف الثانى : أن الشيخ رحمه الله قال : أصل التكفير للمسلمين، وعبارات الشيخ أخرجت عباد القبور من مسمى المسلمين، كما سننقل من كلامه في الحكم عليهم بأنهم لا يدخلون في المسلمين في مثل هذا الكلام، فذكر كلاما فيما أخطأ من المسلمين في بعض الفروع إلى أن قال : فمن اعتقد في بشر أنه إله، أو دعا ميتا وطلب منه الرزق والنصر والهداية وتوكل عليه وسجد له، فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه انتهى .
فبطل استدلال العراقي وانهدم من أصله، كيف يجعل النهي عن تكفير المسلمين متناولاً لمن يدعو الصالحين ويستغيث بهم مع الله ويصرف لهم من العبادات ما لا يستحقه إلا الله، وهذا باطل بنصوص الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة .
ومن عجيب جهل العراقي أنه يحتج على خصمه بنفس الدعوى، والدعوى لا تصلح دليلا، فإن دعوى العراقي لإسلام عبّاد القبور تحتاج دليلا قاطعا على إسلامهم فإذا ثبت إسلامهم منع من تكفيرهم، والتفريع ليس مشكلا ومعلوم أن من كفر المسلمين لهواه كالخوارج والرافضة، أو كفر من أخطأ في المسائل الاجتهادية أصولا وفروعا فهذا ونحوه مبتدع ضال مخالف لما عليه أئمة الهدى ومشايخ الدين ومثل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب لا يكفر أحداً بهذا الجنس، ولا من هذا النوع وإنما يكفر من نطق بتكفيره الكتاب العزيز وجاءت به السنة الصحيحة وأجمعت على تكفيره الأمة، كمن بدل دينه وفعل فعل الجاهلية الذين يعبدون الأنبياء والملائكة والصالحين ويدعونهم، فإن الله كفرهم وأباح دماءهم وأموالهم وذراريهم بعبادة غيره نبياً أو ولياً أو صنماً، لا فرق في الكفر بينهم كما دل عليه الكتاب العزيز والسنة المستفيضة، وبَسْط هذا يأتيك مفصلا وقد مر بعضه .
وقال : وقد سئل عن مثل هؤلاء الجهال فقرر أن من قامت عليه الحجة وتأهل لمعرفتها يكفر بعبادة القبور، وأما من أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلا أدري ما حاله، وقد سبق من كلامه ما فيه كفاية مع أن العلامة ابن القيم رحمه الله جزم بكفر المقلدين لمشايخهم في المسائل المكفرة إذا تمكنوا من طلب الحق ومعرفته وتأهلوا لذلك وأعرضوا ولم يلتفتوا، ومن لم يتمكن ولم يتأهل لمعرفة ما جاءت به الرسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ممن تبلغه دعوة لرسول من الرسل، وكلا النوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند من لم يكفر بعضهم وسيأتيك كلامه .
وأما الشرك فهو يصدق عليهم واسمه يتناولهم، وأي إسلام يبقى مع مناقضة أصله وقاعدته الكبرى شهادة أن لا إله إلا الله، وبقاء الإسلام ومسماه مع بعض ما ذكره الفقهاء في باب حكم المرتد أظهر من بقائه مع عبادة الصالحين ودعائهم، ولكن العراقي يفر من أن يُسَمَّى ذلك عبادة ودعاء، ويزعم أنه توسل ونداء، ويراه مستحبا وهيهات أين المفر والإله الطالب ، حيل بين العير والنزوات بما من الله به من كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وبما جاء به محمد عبده ورسوله من الحكمة والهدى والبيان لحدود ما أنزل الله عليه ولا يزال الله سبحانه وتعالى يغرس لهذا الدين غرساً تقوم به حجته على عباده، ويجاهدون في بيان دينه وشرعه من ألحد في كتابه ودينه وصرفه عن موضوعه إلى آخر ما ذكر .
فتأمل قوله رحمه الله دعاء القبور وسؤالهم والإستغاثة بهم ليست من هذا الباب ولم يتنازع فيها المسلمون بل هي مجمع على أنها من الشرك المكفر، كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية نفسه، وجعله مما لا خلاف بالتكفير به ولا يصح حمل كلامه هنا على ما جزم هو بأنه كفر . قلت : ويدل عليه كلامه المتقدم، أن من دعا عليّا فقد كفر .
ثم قال : التحريف الثاني الذي قال فيه أصل التكفير للمسلمين وعبارات الشيخ أخرجت عباد القبور من مسمى المسلمين فتأمل كلامه الأول والثاني أن هذا شيء مجمع عليه وأن عباد القبور ليسوا بمسلمين ولا يدخلون في مسمى الإسلام وأن هذا هو عين كلام الشيخ شيخ الإسلام ابن تيمية، إلى أن قال : يستتاب فإن تاب وإلا قتل بضرب عنقه ولم يقل يعرّف، ولا قال ما يكفر حتى يعرف كما ظن ذلك من لا علم عنده ومن هو مدخول عليه في أصل دينه .
ثم تأمل كلامه في رده على العراقي بقوله : فبطل استدلال العراقي وانهدم من أصله كيف يجعل النهي عن تكفير المسلمين متناولا لمن يدعو الصالحين ويستغيث بهم، قال وهذا باطل بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة، إلى أن قال : وإنما يكفر الشيخ محمد من نطق الكتاب والسنة بتكفيره واجتمعت الأمة عليه، كمن بدل دينه وفعل فعل الجاهلية الذين يعبدون الملائكة والأنبياء والصالحين ويدعونهم، فإن الله كفرهم وأباح دماءهم وأموالهم وذراريهم بعبادة غيره، نبيا أو وليا أو صنما لا فرق في الكفر بينهم كما دل عليه الكتاب العزيز والسنة المستفيضة وبسط هذا يأتيك مفصلا وقد مر بعضه . انتهى كلامه .
قلت : وهذا من أعظم ما يبين الجواب عن قوله في الجاهل العابد لقبه الكواز لأنه لم يستثن في ذلك لا جاهلا ولا غيره وهذه طريقة القرآن تكفير من أشرك مطلقا، وتوقفه رحمه الله في بعض الأجوبة يحمل على أنه لأمر من الأمور، وأيضا فإنه كما ترى توقف مرة كما في قوله : وأما من أخلد إلى الأرض فلا أدري ما حاله ؟
فيا لله العجب كيف يترك قول الشيخ في جميع المواضع مع دليل الكتاب والسنة وأقوال شيخ الإسلام وابن القيم كما في قوله من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، ويقبل في موضع واحد مع الإجمال . وتفطن أيضا فيما قال الشيخ عبد اللطيف فيما نقله عن ابن القيم أن أقل أحوالهم أن يكونوا مثل أهل الفترة الذين هلكوا قبل البعثة، ومن لا تبلغه دعوة نبي من الأنبياء، إلى أن قال : وكلا النوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند ما لم يكفر بعضهم، وأما الشرك فهو يصدق عليهم واسمه يتناولهم، وأي إسلام يبقى مع مناقضة أصله وقاعدته الكبرى شهادة أن لا اله إلا الله .
ولنذكر كلاما لابن القيم ذكره في طبقات المكلفين نقله عنه الشيخ "عبد اللطيف" في رده على العراقي مثل التفسير لما ذكرنا لك ويجلوا عنك بقايا هذه الشبهة .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب طبقات المكلفين لما ذكر رؤوس الكفار الذين صدوا عن سبيل الله وأن عذابهم مضاعف، ثم قال : الطبقة السابعة عشرة طبقة المقلدين وجهال الكفار وأتباعهم وحميرهم الذين هم معهم تبع، يقولون إنا وجدنا آباءنا على أمة ولنا أسوة بهم ومع هذا فهم مسالمون لأهل الإسلام غير محاربين لهم كنساء المحاربين وخدمهم وأتباعهم الذين لم ينصبوا أنفسهم لما نصب له أولئك أنفسهم من السعي في إطفاء نور الله وهدم دينه وإخماد كلماته بل هم بمنزلة الدواب، وقد اتفقت الأمة على هذه الطبقة أنهم كفار وإن كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعون ولا من بعدهم، وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدَث في الإسلام . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "ما مولود إلا وهو يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" ([17]) فأخبر أن أبويه ينقلانه عن الفطرة إلى اليهودية أو النصرانية أو المجوسية ولم يعتبر في ذلك غير المربى والمنشأ على ما عليه الأبوان وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة " ([18]) وهذا المقلد ليس بمسلم وهو عاقل مكلف والعاقل لا يخرج عن الإسلام أو الكفر، وأما من لم تبلغه الدعوة فليس بمكلف في تلك الحال وهو بمنزلة الأطفال والمجانين وقد تقدم الكلام عليهم . قلت : وهذا الصنف أعني من لم تبلغهم الدعوة هم الذين استثناهم شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقل العراقي، واستثناهم شيخنا محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى .
قال ابن القيم : والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان برسوله واتّبَاعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافرًا معاندا فهو كافر جاهل، فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارًا، فإن الكافر من جحد توحيد الله تعالى وكذب رسوله إما عنادًا وإما جهلًا وتقليدًا لأهل العناد، فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد، وقد أخبر الله تعالى في القرآن في غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار، وأن الأتباع مع متبوعيهم وأنهم يتحاجون في النار، ثم ذكر آياتٍ في هذا وأحاديث، ثم قال : وهذا يدل على أن كفر من اتبعهم إنما هو مجرد اتباعهم وتقليدهم، نعم لا بد في هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه، ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه، والقسمان واقعان في الوجود، فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله، وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي لا يتمكن من العلم بوجه، فهم قسمان أحدهما مريد للهدى مؤثر له محب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم مرشد، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة، الثاني : مُعْرض لا إرادة له ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه فالأول يقول : يا رب لو أعلم لك دينا خيرا مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي، والثاني : راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق فالأول كمن طلب الدين في الفترة فلم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزا وجهلا، والثاني كمن لم يطلبه بل مات على شركه ولو كان طلبه لعجز عنه، ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض .
فتأمل هذا الموضع والله يقضي بين عباده يوم القيامة بعدله وحكمته ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل فهذا مقطوع به في جملة الخلق، وأما كون زيد بعينه وعمرو بعينه قامت عليه الحجة أم لا فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وعباده فيه، بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر، وأن الله تعالى لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول، هذا في الجملة، والتعيين موكول إلى علم الله، وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب وأما أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر، فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم وبهذا التفصيل يزول الإشكال في هذه المسألة وهو مبني على أربعة أصول .
أحدها : أن الله سبحانه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه كما قال تعالى : {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} ([19]) وقال : {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} ([20]) وذكر آيات ثم قال : وقال تعالى : {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين} ([21]) والظالم من عرف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو تمكن من معرفته ثم خالفه أو أعرض عنه، وأما من لم يكن عنده من الرسول علم أصلا، ولا تمكن من معرفته بوجه، وعجز عن ذلك فكيف يقال أنه ظالم ؟
الأصل الثاني : أن العذاب يستحق بشيئين، أحدهما : الإعراض عن الحجة وعدم إرادته لها ولموجبها، الثاني : العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها . فالأول كفر إعراض والثاني كفر عناد، وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا هو الذي نفى الله التعذيب عليه حتى تقوم حجته بالرسل .
الأصل الثالث : أن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان، وفي بقعة وناحية دون أخرى، كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون، وإما لعدم فهمه لكونه لا يفهم ولم يحضر ترجمان يترجم له، فهذا بمنزلة الأصم الذي لا يسمع شيئا ولا يتمكن من التفهم وهو أحد الأربعة الذين يدلون على الله بالحجة يوم القيامة كما تقدم في حديث الأسود وأبي هريرة وغيرهما إلى آخره .
ثم قال الشيخ رحمه الله : فقف هنا وتأمل هذا التفصيل البديع فإنه رحمه الله لم يستثن إلا من عجز عن إدراك الحق مع شدة طلبه وإرادته له فهذا الصنف هو المراد في كلام شيخ الإسلام وابن القيم وأمثالهما من المحققين، وأما العراقي وإخوانه المبطلون فشبهوا بأن الشيخ لا يكفر الجاهل وأنه يقول هو معذور وأجملوا القول ولم يفصلوا وجعلوا هذه الشبهة ترسا يدفعون به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وصاحوا على عباد الله الموحدين كما جرى لأسلافهم من عبّاد القبور والمشركين وإلى الله المصير، وهو الحاكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون، إلى آخر ما ذكر الشيخ رحمه الله .
فتأمل إن كنت ممن يطلب الحق بدليله، وإن كنت ممن صمم على الباطل وأراد أن يستدل عليه بما أجمل من كلام العلماء فلا عجب، وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين .
ذي الحجة سنة الحجة 1312هـ


_______________________
[3]) هو داود بن جرجيس رد عليه الشيخ عبد اللطيف فى كتابه منهاج التأسيس والتقديس .

[4]) الأعراف : 40 .

[5]) الحج : 31 .

[6]) النساء : 116.

[7]) المائدة : 5 .


[8]) المنافقون : 3 .

[9]) الكهف : 57 .

[10]) الأتفال : 22 .

[11]) العنكبوت : 56 .

[12]) العنكبوت : 60.

[13]) لعله يقصد تاريخ ابن غنام (روضة الأفكار والأفهام) .

[14]) الكهف : 57 .

[15]) بيت شعر عجزه :" وإلا فإني لا أخالك ناجيا" .

[16]) الفرقان : 44 .

[17]) أخرجه مسلم فى كتاب القدر، باب معنى كل مولد يولد على الفطرة : (16/207) برقم (2658) وأخرجه البخاري كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه ؟ انظر الفتح : (3/260) برقم ( 1359) .

[18]) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، انظر الشرح النووي : (2/122) برقم (178) ، وأخرجه الترمذي ، كتاب الحج ، باب ما جاء في كراهية الطواف عريانا : (3/222) برقم (8712)، وأخرجه ابن ماجه في كتاب الصيام ، باب النهي عن صيام أيام التشريق : (1/548) برقم (1720) ، والنسائي في الحج ، باب قوله تعالى ( خذوا زيناتكم عند كل مسجد) : ( 5/234) برقم (2958) .

[19]) سورة الإسراء : آية رقم 15.

[20]) سورة النساء : آية رقم 165 .

[21]) سورة الزخرف : آية رقم 76 .

ابوزيدالجزائري
2011-10-17, 21:04
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

جَوَاب الْمسَائِل الْمَسْئُول عَنْهَا
المسئلة الأولى
فِي رجلَيْنِ تنَازعا فِي تَكْفِير الْجَهْمِية والقبورية والإباضية وَهل بلغتهم الدعْوَة وَقَامَت عَلَيْهِم الْحجَّة أَولا إِلَى آخر السُّؤَال
الْجَواب الْحَمد لله أما الْجَهْمِية فَالْمَشْهُور من مَذْهَب أَحْمد رَحمَه الله وَعَامة أَئِمَّة السّنة تكفيرهم لِأَن قَوْلهم صَرِيح فِي مناقضة مَا جَاءَت بِهِ الرُّسُل وأنزلت بِهِ الْكتب وَحَقِيقَة قَوْلهم جحود الصَّانِع وجحود مَا أخبر بِهِ عَن نَفسه بل وَجَمِيع الرُّسُل وَلِهَذَا قَالَ الإِمَام عبد الله بن الْمُبَارك إِنَّا لنحكي كَلَام الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلَا نستطيع أَن نحكي كَلَام الْجَهْمِية وَبِهَذَا كفرُوا من يَقُول الْقُرْآن
(1/155)

مَخْلُوق وَأَن الله لَا يرى فِي الْآخِرَة وَأَن الله لَيْسَ على الْعَرْش وَأَنه لَيْسَ لَهُ علم وَلَا قدرَة وَلَا رَحْمَة وَلَا غضب وَلَا غير ذَلِك من صِفَاته وهم عِنْد كثير من السّلف مثل ابْن الْمُبَارك ويوسف بن أَسْبَاط وَطَائِفَة من أَصْحَاب أَحْمد لَيْسُوا من الثَّلَاث وَسبعين فرقة
وَقد بَينا لَك فِيمَا مضى أَن الإِمَام أَحْمد وَأَمْثَاله من أهل الْعلم والْحَدِيث لَا يَخْتَلِفُونَ فِي تَكْفِير الْجَهْمِية وَأَنَّهُمْ ضلال زنادقة مرتدون وَقد ذكر من صنف فِي السّنة تكفيرهم من عَامَّة أهل الْعلم والأثر كاللالكائي وَعبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة لَهُ وَابْن أبي مليكَة والخلال فِي السّنة لَهُ وَإِمَام الْأَئِمَّة ابْن خُزَيْمَة قد قرر كفرهم وَنَقله عَن أساطين الْأَئِمَّة وَقد حكى كفرهم شمس الدّين ابْن الْقيم رَحمَه الله فِي كافيته عَن خَمْسمِائَة من أَئِمَّة الْمُسلمين وعلمائهم فَكيف إِذا انضاف إِلَى ذَلِك كَونهم من عباد الْقُبُور وعَلى طريقتهم فَلَا إِشْكَال وَالْحَالة هَذِه فِي كفرهم وضلالهم
وَأما أباضية أهل هَذَا الزَّمَان فحقيقة مَذْهَبهم وطريقتهم إِذا سبرت أَحْوَالهم فهم جهمية قبوريون وَإِنَّمَا ينتسبون إِلَى الأباضية انتسابا فَلَا يشك فِي كفرهم وضلالهم إِلَّا من غلب عَلَيْهِ الْهوى وأعمى عين بصيرته فَمن تولاهم فَهُوَ عَاص ظَالِم يجب هجره ومباعدته والتحذير مِنْهُ حَتَّى يعلن بِالتَّوْبَةِ كَمَا أعلن بالظلم وَالْمَعْصِيَة
(1/156)

وَمَا ذكر فِي السُّؤَال عَمَّن لَا يرى كفر الْجَهْمِية وأباضية أهل هَذَا الزَّمَان وَيَزْعُم أَن جِهَاد أهل الْإِسْلَام لَهُم سَابِقًا غلوا وَهُوَ لأجل المَال كاللصوص فَهَذَا لم يعرف حَقِيقَة الْإِسْلَام وَلَا شم رَائِحَته وَإِن انتسب إِلَيْهِ وَزعم أَنه من أَهله وَمن يرد الله فتنته فَلَنْ تملك لَهُ من الله شَيْئا وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور
وَأما مَا ذكرته من اسْتِدْلَال الْمُخَالف بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى صَلَاتنَا) وَأَشْبَاه هَذِه الْأَحَادِيث فَهَذَا اسْتِدْلَال جَاهِل بنصوص الْكتاب وَالسّنة لَا يدْرِي وَلَا يدْرِي أَنه لَا يدْرِي فَإِن هَذَا فَرْضه وَمحله فِي أهل الْأَهْوَاء من هَذِه الْأمة وَمن لَا تخرجه بدعته من الْإِسْلَام كالخوارج وَنَحْوهم فَهَؤُلَاءِ لَا يكفرون لِأَن أصل الْإِيمَان الثَّابِت لَا يحكم بزواله إِلَّا بِحُصُول منَاف لحقيقته مُنَاقض لأصله والعمدة اسْتِصْحَاب الأَصْل وجودا وعدما لكِنهمْ يبدعون ويضللون وَيجب هجرهم وتضليلهم والتحذير عَن مجالستهم ومجامعتهم كَمَا هُوَ طَريقَة السّلف فِي هَذَا الصِّنْف
وَأما الْجَهْمِية وَعباد الْقُبُور فَلَا يسْتَدلّ بِمثل هَذِه النُّصُوص على عدم تكفيرهم إِلَّا من لم يعرف حَقِيقَة الْإِسْلَام وَمَا بعث الله بِهِ الرُّسُل
(1/157)

الْكِرَام لِأَن حَقِيقَة مَا جاؤا بِهِ ودعوا إِلَيْهِ وجوب عبَادَة الله وَحده لَا شريك لَهُ وإخلاص الْعَمَل لَهُ وَأَن لَا يُشْرك فِي وَاجِب حَقه أحدا من خلقه وَأَن يُوصف بِمَا وصف بِهِ نَفسه من صِفَات الْكَمَال ونعوت الْجلَال فَمن خَالف مَا جاؤا بِهِ ونفاه وأبطله فَهُوَ كَافِر ضال وَإِن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَزعم أَنه مُسلم لِأَن مَا قَامَ بِهِ من الشّرك يُنَاقض مَا تكلم بِهِ من كلمة التَّوْحِيد فَلَا يَنْفَعهُ التَّلَفُّظ بقول لَا إِلَه إِلَّا الله لِأَنَّهُ تكلم بِمَا لم يعْمل بِهِ وَلم يعْتَقد مَا دلّ عَلَيْهِ
وَأما قَوْله نقُول بِأَن القَوْل كفر وَلَا نحكم بِكفْر الْقَائِل
فإطلاق هَذَا جهل صرف لِأَن هَذِه الْعبارَة لَا تنطبق إِلَّا على الْمعِين وَمَسْأَلَة تَكْفِير الْمعِين مَسْأَلَة مَعْرُوفَة إِذا قَالَ قولا يكون القَوْل بِهِ كفرا فَيُقَال من قَالَ بِهَذَا القَوْل فَهُوَ كَافِر لَكِن الشَّخْص الْمعِين إِذا قَالَ ذَلِك لَا يحكم بِكُفْرِهِ حَتَّى تقوم عَلَيْهِ الْحجَّة الَّتِي يكفر تاركها وَهَذَا فِي الْمسَائِل الْخفية الَّتِي قد يخفى دليلها على بعض النَّاس كَمَا فِي مسَائِل الْقدر والإرجاء وَنَحْو ذَلِك مِمَّا قَالَه أهل الْأَهْوَاء فَإِن بعض أَقْوَالهم تَتَضَمَّن أمورا كفرية من رد أَدِلَّة الْكتاب وَالسّنة المتواترة فَيكون القَوْل المتضمن لرد بعض النُّصُوص كفرا وَلَا يحكم على قَائِله بالْكفْر لاحْتِمَال وجود مَانع كالجهل وَعدم الْعلم بِنَقْض النَّص أَو بدلالته فَإِن الشَّرَائِع لَا تلْزم إِلَّا بعد بُلُوغهَا ذكر
(1/158)

ذَلِك شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية قدس الله روحه فِي كثير من كتبه وَذكر أَيْضا تَكْفِير أنَاس من أَعْيَان الْمُتَكَلِّمين بعد أَن قرر هَذِه الْمَسْأَلَة قَالَ
وَهَذَا إِذا كَانَ فِي الْمسَائِل الْخفية فقد يُقَال بِعَدَمِ التَّكْفِير وَأما مَا يَقع مِنْهُم فِي الْمسَائِل الظَّاهِرَة الجلية أَو مَا يعلم من الدّين بِالضَّرُورَةِ فَهَذَا لَا يتَوَقَّف فِي كفر قَائِله انْتهى
وَلَا تجْعَل هَذِه الْكَلِمَة عكازة تدفع بهَا فِي نحر من كفر الْبَلدة الممتنعة عَن تَوْحِيد الْعِبَادَة وَالصِّفَات بعد بُلُوغ الْحجَّة ووضوح المحجة
وَأما قَوْله وَهَؤُلَاء فَهموا الْحجَّة
فَهَذَا مِمَّا يدل على جَهله وَأَنه لم يفرق بَين فهم الْحجَّة وبلوغ الْحجَّة ففهمها نوع وبلوغها نوع آخر فقد تقوم الْحجَّة على من لم يفهمها وَقد قَالَ شَيخنَا الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب رَحمَه الله فِي كَلَام لَهُ فَإِن الَّذِي لم تقم عَلَيْهِ الْحجَّة هُوَ الَّذِي حَدِيث عهد بِالْإِسْلَامِ أَو نَشأ ببادية بعيدَة أَو يكون ذَلِك فِي مسَائِل خُفْيَة مثل مَسْأَلَة الصّرْف والعطف فَلَا يكفر حَتَّى يعرف وَأما أصُول الدّين الَّتِي وضحها الله وأحكمها فِي كِتَابه فَإِن حجَّة الله هِيَ الْقُرْآن فَمن بلغه
(1/159)

فقد بلغته الْحجَّة وَلَكِن أصل الْإِشْكَال أَنكُمْ لم تفَرقُوا بَين قيام الْحجَّة وَفهم الْحجَّة فَإِن الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ لم يفهموا حجَّة الله مَعَ قِيَامهَا عَلَيْهِم كَمَا قَالَ تَعَالَى {أم تحسب أَن أَكْثَرهم يسمعُونَ أَو يعْقلُونَ} إِلَى قَوْله {سَبِيلا} وَقَالَ تَعَالَى {وَجَعَلنَا على قُلُوبهم أكنة أَن يفقهوه وَفِي آذانهم وقرا} فقيام الْحجَّة وبلوغها نوع وفهمها نوع آخر وكفرهم الله ببلوغها إيَّاهُم مَعَ كَونهم لم يفهموها إِلَى آخر كَلَامه رَحمَه الله تَعَالَى
وَأما قَوْله عَن الشَّيْخ مُحَمَّد رَحمَه الله أَنه لَا يكفر من كَانَ على قبَّة الكواز وَنَحْوه وَلَا يكفر الوثني حَتَّى مَا يَدعُوهُ وتبلغه الْحجَّة
فَيُقَال نعم فَإِن الشَّيْخ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لم يكفر النَّاس ابْتِدَاء إِلَّا بعد قيام الْحجَّة والدعوة لأَنهم إِذْ ذَاك فِي زمن فَتْرَة وَعدم علم بآثار الرسَالَة وَلذَلِك قَالَ لجهلهم وَعدم من ينهاهم فَأَما إِذا قَامَت الْحجَّة فَلَا مَانع من تكفيرهم وَإِن لم يفهموها وَفِي هَذِه الْأَزْمَان خُصُوصا فِي جهتكم قد قَامَت الْحجَّة على من هُنَاكَ واتضحت لَهُم المحجة وَلم يزل فِي تِلْكَ الْبِلَاد من يَدْعُو إِلَى تَوْحِيد الله ويقرره ويناضل عَنهُ ويقرر مَذْهَب السّلف وَمَا دلّت عَلَيْهِ النُّصُوص من الصِّفَات الْعلية والأسماء القدسية وَيرد مَا يشبه بِهِ
(1/160)

بعض أَتبَاع الْجَهْمِية وَمن على طريقتهم حَتَّى صَار الْأَمر فِي هَذِه الْمسَائِل فِي تِلْكَ الْبِلَاد أظهر مِنْهُ فِي غَيرهَا وَلَا تخفى النُّصُوص والأدلة حَتَّى على الْعَوام فَلَا إِشْكَال وَالْحَالة هَذِه فِي قيام الْحجَّة وبلوغها على من فِي جهتكم من المبتدعة والزنادقة الضلال وَلَا يُجَادِل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَيُشبه بهَا إِلَّا من غلب جَانب الْهوى وَمَال إِلَى المطامع الدُّنْيَوِيَّة وَاشْترى بآيَات الله ثمنا قَلِيلا وَالله أعلم
(1/161)

ابوزيدالجزائري
2011-10-17, 21:15
السائل: يوجد رجل في بلدتنا لا يصوم ولا يصلي، ورأيته بنفسي يلعب القمار، ويدعي أصحابه أنه من الأولياء والمقربين، وحدثني الثقات بأنه يسب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلما أنكرت هذا العمل الشنيع ادعى مريدوه وأصحابه بأن هذه حاله في الظاهر، أما في باطنه فهو مؤمن، فما حكم الشرع في مثل هذا؟
الجواب: هذا زنديق وليس بمؤمن، بل مثل هذا من أولياء الشيطان؛ فأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى، قال الله سبحانه: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس: 62 ، 63]، هكذا في سورة يونس هذه صفة أولياء الله الإيمان والتقوى في الظاهر والباطن، وقال عز وجل في سورة الأنفال: وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ وقال صلى الله عليه وسلم: إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما أوليائي هم المؤمنون فأولياء الله وأولياء الرسول صلى الله عليه وسلم هم المؤمنون هم أهل التقوى. فالذي يتظاهر بعدم الصلاة وبعدم الصوم وبسب الله ورسوله هذا ليس من أولياء الله، بل هو من أولياء الشيطان، والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوه أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل، فتارك الصلاة كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل. وأما ساب الله ورسوله فهذا يقتل من غير استتابة عند جمع من أهل العلم؛ لأن جريمته عظيمة، وقال قوم: يستتاب فإن تاب وإلا قتل. والخلاصة أن هذا الرجل وأشباهه ليسوا من أولياء الله ولكنهم من أولياء الشيطان والذين يناصرونهم ويذبون عنهم ويقولون: إنهم في الظاهر هكذا وفي الباطن مؤمنون؛ حكمهم حكمهم وهم من جنسهم. وقال علماء السنة رحمة الله عليهم فيمن يدعى له الولاية قالوا: لو طار في الهواء أو مشى على الماء فلا يعتبر أنه من أولياء الله حتى ينظر في أعماله، وحتى يوزن بميزان الشريعة، فإن استقام أمره في ميزان الشريعة، وعلم أنه مستقيم على طاعة الله ورسوله، مبتعد عن محارم الله ورسوله، فهذا هو المؤمن وهو الولي، وإن رئي منه ما يدل على فسقه واقترافه المحارم، أو تضييعه الواجبات فهذا يدل على أنه من أولياء الشيطان وليس من أولياء الله، كما نص على هذا الشافعي رحمه الله وأحمد وغيرهما من أهل العلم. فالحاصل أن مثل هذا من أولياء الشيطان، والواجب على من عرف ذلك أن يرفع أمره إلى ولاة الأمور، حتى يعامل بما يجب من استتابته أو قتله إذا لم يتب، أو قتله مطلقا إذا كان يسب الله ورسوله؛ فإن جمعا من أهل العلم يرون أنه يقتل من غير استتابة - نسأل الله العافية - كما أوضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه "الصارم المسلول على شاتم الرسول" وكما ذكر ذلك أهل العلم في باب حكم المرتد.
[فتاوى نور على الدرب : http://www.binbaz.org.sa/mat/4776 (http://www.binbaz.org.sa/mat/4776) ]
يقول السائل: إذا كان هناك إمام يفعل البدع أثناء الليل فإذا سأل يسأل باسم الشيخ أحمد التيجاني، وإذا استعاذ يستعيذ به ويحمده. فهل يجوز اتباعه والاقتداء به ؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: مثل هذا لا يصلى خلفه إذا كان بهذا الوصف، فمن كان بهذه المثابة يدعو التيجاني ويستعيذ بالتيجاني، أو بالحسين، أو بالبدوي، أو بغيرهم من الأنبياء، أو الأموات فهذا شرك أكبر، فالذي يقول: يا سيدي أحمد التيجاني أنا في حسبك أو في جوارك، أو أنا مستجير بك، أو يا سيدي الحسين، أو يا سيدي البدوي، أو يا ست زينب، أو يا فلان، أو يا فلان، فهذا من الشرك الأكبر، والله يقول سبحانه وتعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60]، ويقول عز وجل: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: 18]، ويقول سبحانه: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس: 106]، يعني المشركين. فالله أمر عباده أن يدعوه، كما قال سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60] ، وقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة: 186]، وقال عز وجل: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ فسمى دعاءهم إياهم شركا. قال جل وعلا: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون: 117] سماهم كفرة لدعوتهم غير الله من الأموات والملائكة والجن ونحو ذلك، فالعبادة حق الله، هو الذي يدعى سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة: 21] وكما قال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56] ويقول سبحانه: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل 36] وقال سبحانه: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر: 2-3] وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة: 5]. ونهى عن عبادة غيره فقال: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: 18] ، والدعاء هنا يشمل دعاء المسألة، ويشمل دعاء العبادة فلا يدعى مع الله أحد، لا بالصلاة، ولا بالصوم، ولا بالضراعة إليه وسؤاله، ولا بالنذر والذبح، ولا بالسجود، ولا بغير هذا، بل هذا حق الله وحده سبحانه وتعالى.
[المصدر : فتاوى نور على الدرب : http://www.binbaz.org.sa/mat/4791 (http://www.binbaz.org.sa/mat/4791) ]
السائل : هل تجوز الصلاة خلف من جوز دعاء الأموات؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: الذي يبيح دعاء الأموات يكون مشركا؛ فالذي يبيح أن يدعى الميت، وأن يطلب منه المدد يعتبر مشركا، ولا يصلى خلفه ولا خلف من يعمل عمله، ولا خلف من يرضى عمله أيضا، بل هذا من الشرك الأكبر، ومن عمل الجاهلية، من مثل عمل أبي جهل وغيره من المشركين؛ لأن الله يقول: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: 18] ويقول سبحانه: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس 106] يعني من المشركين. ويقول الله عز وجل: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر 13 ، 14] سمى دعاءهم إياهم شركا بالله، وقال عز وجل: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون : 117] وهكذا من يدعو الأصنام أو الأحجار أو الكواكب أو الأشجار أو الجن، ويستغيث بها، أو ينذر لها يسمى مشركا، فلا يصلى عليه، ولا يصلى خلفه، ولا يتخذ صاحبا بل يبغض في الله، ويعادى في الله سبحانه وتعالى، ولكن ينصح ويوجه ويعلم لعل الله أن يهديه.
[المصدر : فتاوى نور على الدرب : http://www.binbaz.org.sa/mat/4792 (http://www.binbaz.org.sa/mat/4792) ] [/URL] (http://www.djelfa.info/vb/#) (http://www.djelfa.info/vb/#)مقدم البرنامج: سماحة شيخ هنا لا أدري هذا السائل ذكر أن كفَّر هذا الشخص المعين، يعني أطلق عليه الكفر وهذا رد عليه بقول: (من كفر مسلماً فقد كفر) ما أدري ما الحكم في هذا؟
الشيخ بن باز : نعم، وقوله: (من كفَّر مسلماً فقد كفر) هذا إذا كان التكفير في غير محله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من قال لأخيه يا عدو الله أو قال: يا كافر وليس كذلك إلا حار عليه)، لكن هذا الذي قال له: أنت كافر بترك الصلاة قد وقعت في محلها فقد وقع تكفيره في محله، فلا يرجع إلى القائل، فلا يكون القائل كافراً؛ لأن القائل قد نفذ أمر الله وأدى حق الله وبين ما أوجبه الله من تكفير هذا الصنف من الناس، فهو مأجور وليس بكافر، وإنما الكافر الذي ترك الصلاة وعاند وكابر، نسأل الله العافية.
[المصدر: فتاوى نور على الدرب : [URL]http://www.binbaz.org.sa/mat/4775]

ابو الحارث مهدي
2011-10-18, 10:43
بسم الله.الرحمن.الرحيم

الحمدلله.رب.العالمين والصلاة والسلام على أشرف.الأنبياء والمرسلين وبعد:
السلام.عليكم ورحمة.الله وبركاته



فهذا بحث مختصر في تحقيق موقف ابن تيمية من الرافضة , وهل كان يحكم بكفرهم أم لا ؟ , والسبب الذي أوجب هذا البحث هو :
أن كثيرا من المعاصرين قد اختلفوا في تحديد موفق شيخ الإسلام ابن تيمية من الرافضة , فمنهم من فهم من كلامه أنه يكفر الرافضة بأعيانهم , ومنهم من فهم من كلامه أنه كان لا يكفرهم بأعيانهم إلا بتوفر شروط وانتفاء موانع , وزاد الخلاف بين الفريقين وتوسع , خاصة مع هذه الظروف المعاصرة , هذا كله مع أن كلام ابن تيمية موجود بين أيدينا , في كتبه ورسائله .

فالبحث العلمي يتطلب الرجوع إلى كلامه هو نفسه , وجمع متفرقه , ومراعاة أصول فكره وقواعده التي اعتمد عليها , ومنطلقاته
ومن ثم تحصيل رأيه في المسألة , وهذا ما أرجو أن يكون البحث قد حققه .

فالبحث في تحرير موقف ابن تيمية فقط , وليس في بحث المسألة ومناقشة تفاصيلها , وذكر أقوال العلماء فيها , وذكر ما استدلوا به في شأنها , بل في تحرير موقف ابن تيمية فقط .

وقد تكون هذا البحث من مسألتين :

المسألة الأولى : ذكر ما يدل من كلام ابن تيمية على عدم كفر الرافضة .

المسألة الثانية : الجواب على ما يشكل من كلام ابن تيمية في هذه المسألة .
المسألة الأولى :
كلام ابن تيمية الذي يدل على عدم كفر الرافضة
مما لا شك فيه إن فرقة الشيعة الإثني عشرية ( الرافضة ) من أشهر الفرق التي رد عليها ابن تيمية - رحمه الله - , ونقض أقوالها , وبين ما عندهم من خطأ في المسائل العلمية , أو في الأصول المنهجية في الاستدلال , وحرص على تتبع كل هذا في كثير من كتبه .

بل إن ابن تيمية لم يغلظ على فرقة من الفرق كما أغلظ على الرافضة , فقد وصفهم بقلة العلم والعقل , والتناقض والاضطراب , والعداء للمسلمين , والتعاون مع الأعداء ضد المسلمين , وأنهم من أكذب الطوائف , وأنهم من أبعد الطوائف عن الدين , ونص على أن معتقدهم من أخبث المعتقدات , وذكر أنهم من أحقد الفرق على المسلمين , وأشدهم خطرا عليهم([1]) ,
ومن كلامه في هذا قوله :"والرافضة أشد بدعة من الخوارج , وهم يكفرون من لم تكن الخوارج تكفره , كأبي بكر وعمر , ويكذبون على النبي صلى الله عليه وسلم , والصحابة كذبا ما كذب أحد مثله , والخوارج لا يكذبون , لكن الخوارج كانوا أصدق وأشجع منهم , وأوفى بالعهد منهم , فكانوا أكثر قتالا منهم , وهؤلاء أكذب وأجبن وأغدر وأذل , وهم يستعينون بالكفار على المسلمين , فقد رأينا ورأى المسلمون أنه إذا ابتلي المسلمون بعدو كافر كانوا معه على المسلمين , كما جرى لجنكز خان ملك التتر الكفار , فإن الرافضة أعانته على المسلمين .

وأما إعانتهم لهولاكو ابن ابنه لما جاء إلى خراسان والعراق والشام فهذا أظهر وأشهر من أن يخفى على أحد , فكانوا بالعراق وخراسان من أعظم أنصاره ظاهرا وباطنا , وكان وزير الخليفة ببغداد الذي يقال له ابن العلقمي منهم , فلم يزل يمكر بالخليفة والمسلمين ويسعى في قطع أرزاق عسكر المسلمين وضعفهم وينهى العامة عن قتالهم ويكيد أنواعا من الكيد حتى دخلوا فقتلوا من المسلمين , ما يقال إنه بضعة عشر ألف ألف إنسان , أو أكثر أو أقل , ولم ير في الإسلام ملحمة مثل ملحمة الترك الكفار المسمين بالتتر , وقتلوا الهاشميين وسبوا نساءهم من العباسيين وغير العباسيين , فهل يكون مواليا لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم من يسلط الكفار على قتلهم , وسبيهم وعلى سائر المسلمين "([2]) .

ومن أقواله أيضا :" الرافضة , إنما نقابلهم ببعض ما فعلوه بأمة محمد صلى الله عليه وسلم سلفها وخلفها , فإنهم عمدوا إلى خيار أهل الأرض من الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين , وإلى خيار أمة أخرجت للناس , فجعلوهم شرار الناس , وافتروا عليهم العظائم , وجعلوا حسناتهم سيئات , وجاءوا إلى شر من انتسب إلى الإسلام من أهل الأهواء , وهم الرافضة بأصنافها غاليها وإماميها وزيديها , والله يعلم وكفى بالله عليما ليس في جميع الطوائف المنتسبة إلى الإسلام مع بدعة وضلالة شر منهم , لا أجهل ولا أكذب ولا أظلم ولا أقرب إلى الكفر والفسوق والعصيان وأبعد عن حقائق الإيمان منهم "([3]),
وكلام ابن تيمية في ذم الرافضة , وبيان ما عندهم كثير جدا , فهو من أشهر العلماء الذين ذموا الرافضة .


([1]) انظر : مجموع الفتاوى (3/356) ومنهاج السنة البنوية ( 7/220 )و(2/46)و(5/160)و(3/377) .

([2]) منهاج السنة (5/154) .

([3]) منهاج السنة (5/160) .

ابوزيدالجزائري
2011-10-18, 11:12
فقد بلغنا وسمعنا من فريق ممن يدعى العلم والدين، وممن هو بزعمه مؤتم بالشيخ محمد بن عبد الوهاب إن من أشرك بالله وعبد الأوثان لا يطلق عليه الكفر والشرك بعينه، وذلك أن بعض من شافهني منهم بذلك سمع من بعض الإخوان أنه أطلق الشرك والكفر على رجل دعا النبي صلى الله عليه وسلم واستغاث به، فقال له الرجل : لا تطلق عليه حتى تُعَرِّفه، وكان هذا وأجناسه لا يعبأون بمخالطة المشركين في الأسفار وفي ديارهم بل يطلبون العلم على من هو أكفر الناس من علماء المشركين، وكانوا قد لفقوا لهم شبهات على دعواهم يأتي بعضها في أثناء الرسالة ـ إن شاء الله تعالى ـ وقد غَرّوا بها بعض الرعاع من أتباعهم ومن لا معرفة عنده ومن لا يعرف حالهم ولا فرق عنده ولا فهم متحيزون عن الإخوان بأجسامهم وعن المشايخ بقلوبهم ومداهنون لهم، وقد استوحشوا واستُوحِشَ منهم بما أظهروه من الشبهة وبما ظهر عليهم من الكآبة بمخالطة الفسقة والمشركين، وعند التحقيق لا يُكَفرون المشرك إلا بالعموم، وفيما بينهم يتورعون عن ذلك، ثم دبت بدعتهم وشبهتهم حتى راجت على من هو من خواص الإخوان وذلك والله أعلم بسبب ترك كتب الأصول وعدم الاعتناء بها وعدم الخوف من الزيغ .
رغبوا عن رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ قدس الله روحه ـ ورسائل بنيه فإنها كفيلة بتبيين جميع هذه الشبه جدا كما سيمر،

ابوزيدالجزائري
2011-10-18, 11:14
الرجاء قراءة النقل السابق و ما قبله مما نقلناه فانه مهمك جد لمن نور الله قلبه و القارئ يستطيع التمييز بين المحق و المبطل .

ابو الحارث مهدي
2011-10-18, 18:37
لا عليك أختي الكريمة علماؤنا أشبعوا المسألة بحثا و أما كلام الأخ فهو كلام من لم يأخذ العقيدة من مصادرها و لم يثني ركبتيه عند المشايخ فهو يعيد تكرار شبهات داود بن جرجيس و أشباهه في هذه المسألة و ان كنا ننزه عن أن يكون مثله[ ذر الرماد على العيون ] بل نعتقد أنه ممن لم يضبط هذه المسائل :....


السلام.عليكم ورحمة.الله وبركاته

ما شاء الله أخانا أبا زيد ،حفظكَ الله وغفر لنا ولك

أين تحيّة الإسلام ؟

وتقول:
لم يأخذ العقيدة من مصادرها ؟؟
والأكبر منها: يُعيد شبهات داود بن جرجيس !!!
ما قولكَ لو ركبتُ رأسي وعاملتكَ بما عاملتني به وذهبتُ إلى أبعد مما ذهبتَ إليه
فقلتُ: أنَّ كلامكَ يشبه لحد كبير قول من حكى الله تعالى قوله ( ما أُريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)

وهذا بحكم أن الكلام لكم حلالٌ مطلقُ، ومع ذلك لا أُعاملكَ بما تعاملني به
واعلم : ( إنَّ لِلسِّلمِ كلاماً وَللحَربِ كلاماً )
وما قتلُ الأحْرارِ كالعفوِ عنهمُ ... ومَن لكَ بالحُرِّ الَّذي يحفظُ اليَدَا
إذا أنتَ أكـرمتَ الكريمَ ملكتَـهُ ... وإنْ أنتَ أكرمـتَ اللَّئـيمَ تمرَّدا
ما هذه المهازل ؟
ألا يكون الرد عندكم إلا بباقة من أشواك الهمز واللمز والتُّهم المعلبة الجاهزة
... لم يأخذ العقيدة من مصادرها...يعيد تكرارشبهات داود بن جرجيس و أشباهه
وما زلنا نسمعُ في كلِّ يومٍ صوتاً في الفضاء مدويّاً كصرخةِ حُبلى تستقبلُ وليدَها


أفتجعلني والمبتدعة من أهل الأهواء في خندق واحد ؟
نريد العلم والتحقيق العلمي على مدار التاريخ الإسلامي العظيم لا نصرة للمذهب الذي تعتقده
بنظرة ضيقة لا تتعدى عتبة أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمهم الله تعالى-
وستتضحُ لك ولغيرك -إن شاء الله- وجه المفارقات بين منهج شيخ الإسلام المُتَّزِن
وبين منهج غيره في تكفير المعين والعذر بالجهل و......

وعليه فإن
الـ

ابوزيدالجزائري
2011-10-20, 16:48
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته :
أخي الكريم أنا تعمدت الغلظة لهدف ،و حكمت عليك بأنك غير ضابط لهذه المسائل كما أنك تحكم علي و لا بد بأنني غير ضابط لهذه المسائل لأن أحدنا مصيب و الآخر مخطئ ،و الكلام الذي قلته أنت من حقك و لن أغضب منه لأنه هذه طبيعة الردود قد تعتريها الشدة أحيانا .
و لكن أعتب عليك أمران :الأول زعمك أني جعلتك مع أهل الأهواء في سلة واحدة و هذا غير صحيح فأنا قلت "في هذه المسألة"فكلامي مقيد ،وقلت: و ان كنا ننزه عن أن يكون مثله[ ذر الرماد على العيون )
و الكلام الذي و ضعته أنت بين معكوفتين هو ظنك بي ،و هو خاطئ يشهد الله و ان كنت كاذبا فعلي كذبي ،و الواجب عليك قبول ظاهر الكلام .
و الأمر الثاني :لماذا عندكم حساسية من أئمة الدعوة و اذا نقلتم عنهم تنقلون نقولا مبتورة ،على أن في كلام كثير من اخواننا الذين يذهبون الى ما تذهبون اليه طعن مبطن في مخالفيهم فيرمون من قال بتكفير المعين في مسائل الشرك و عدم العذر بالجهل فيها الا في نطاق ضيق بالغلو في التكفير و الخروج على الرغم من أن هذا قول للكثير من أهل العلم .

ابو الحارث مهدي
2011-10-27, 23:51
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته



عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (http://www.islamweb.net/hadith/RawyDetails.php?RawyID=4396)، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ السَّلامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ ، فَأَفْشُوهُ بَيْنَكُمْ "


المعجم الأوسط (3/231) (3008) ، صحيح الجامع (3697). .


:



أخي الكريم أنا تعمدت الغلظة لهدف




هلاَّ أفصحتَ أخي الحبيب عن الهدف المنشود، حتى لا تختلط الأوراق على الزائرين من الوفود


فعندها تحمدُ على الغلظة وتُشكَر على الشِدَّة


لأنَّهُ كما لا يخفى عليكم-حفظكم الله-؛ أنه (إذا عُرف السَّبَبْ بَطلَ العجب )




و حكمتُ عليك بأنك غير ضابط لهذه المسائل كما أنك تحكم علي ولا بد بأنني غير ضابط لهذه المسائل لأن أحدنا مصيب و الآخر مخطئ



مسألة أنَّ "أحدنا مصيب والآخر مخطئ"، فهذا مما لاشكَّ فيه


لكن المشكل الشاكل في الحكم على الآخرين من دون بينة تَرفعُ نقاب اللبس كشفا لعورة الخطأ


( ليحي من حيَّ عن بينة )


أمَّا أَنَا فَلاَ أَحكمُ عليكَ ولا على غيرك من إخواننا الطيبين، لأني لست أهلا لذلك،


(ومن تكلم في غير فنِّهِ أتى بالعجائب)


وليس من الحكمة الشماتة ببعضنا، ولا تعكير صفوِ الوِدِّ فيما بيننا


فــــ(ــالمؤمنون عذَّارون، والمنافقون عثَّارون)


و مـن لـم يـغـمـض عـيـنـه عن صديــقه
و عـن بـعـض مافـيـه يـمـت و هـو عاتبُ

و مـن يـتـتـبـع جـاهـدا كـل عـثــــرة
يـجـدهـا ولايـسـلـم لـه الـدهـر صـاحبُ

ابو الحارث مهدي
2011-10-28, 00:06
و الكلام الذي قلته أنت من حقك و لن أغضب منه

ليس في قولي ما يُغضِب سوى الدفاع عن نفسي، وتأمَّل الحديث المزبور في الصورة الرمزية

لأنه هذه طبيعة الردود قد تعتريها الشدة أحيانا


نَعَمْ ..صِدقٌ ما تقول، لكن تحقيق ذلك بعد وضع الدواء على موضع الداء، ولستُ بِنَاسٍ ما قاله شيخ الإسلام-رحمه الله-

((فإنَّ المؤمن للمؤمن كاليدين، تغسل إحداهما الأخرى، وقد لاينقلع الوسخ إلا بنوعٍ من الخشونة، لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة، ما نحمد معه ذلك التخشين)).



ولكن أعتب عليك أمران :الأول زعمك أني جعلتك مع أهل الأهواء في سلة واحدة و هذا غير صحيح فأنا قلتُ "في هذه المسألة" فكلامي مقيد


لا تَقُل : هذا غير صحيح ، وإنما قل: هذا صحيح ولكنه مقيد بهذه المسألة ...
وإلاَّ فما معنى قولكِ-حفظكَ الله-: فهو كلام من لم يأخذ العقيدة من مصادرها و لم يثني ركبتيه عند المشايخ فهو يعيد تكرار شبهات داود بن جرجيس و أشباهه في هذه المسألة

هل صحيحٌ ما قلتُ، أم افتراءً زعمتُ ؟
ونَبِيُّنَا - صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم – يقول: ( بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا )

ولتتمة الفائدة ؛ انظر "السلسلة الصحيحة" الحديث رقم (866) ، وفقهه
ولا يَغُرَّنَكَ تشويشُ الصِّغار على صحة الحديث، فإن مهازل القوم لا تنتهي


وقلتُ:وإن كنَّا ننزه عنأن يكون مثله [ذر الرماد على العيون]
و الكلام الذي و ضعته أنت بين معكوفتين هو ظنك بي ،و هوخاطئ يشهد الله و إن كنت كاذبا فعلي كذبي ،و الواجب عليك قبول ظاهر الكلام


أرجو أن أكون مخطأً في ظني تجنبا للاثم، لأن بعض الظنِّ إثم، وتحرزاً من القيل والقال من الحديث، لأن الظنَّ أكذب الحديث.

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :
"إِنِّيَ لَمْ أُوْمَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوْبِ الْنَّاسِ وَلَا أَنْ أَشُقَّ بُطُوْنَهُمْ"
رواه البخاري (4351) (5 / 164)، ومسلم (1064) (2 / 742).

قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه -
(إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمنّاه وقربناه ، وليس إلينا من سريرته شيء، الله حسيبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءً لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنه )
رواه البخاري (15502).

ليس لنا إلاّ الظواهر، أما المقاصد ونيات القلوب فمرجعها إلى الله علام الغيوب

ابو الحارث مهدي
2011-10-28, 00:37
والأمر الثاني :لماذاعندكم حساسية من أئمة الدعوة


لا...ليس الأمر كما ادَّعيتَ أخي!!

لا أدري هل هذا تَسَاءُلٌ منكَ مع نفسك، أم سُؤالٌ طرحتَهُ على غيرك

فلئِنْ كُنتَ حَسَنَ الظنِّ كما هو الظنُّ بكَ؛ فأجعل بينكَ وبين هذا القولِ الـمُستَفْهَم مفاوِز

والسؤال الحتميُّ الذي اضطررتني إليه هو :
هل عدم أخذي - أو غيري –بقول فضلاء وعلماء الدعوة – في مسألة ما – إتباعاً لشيخ الإسلام أو تلميذه الهُمام
أو غيرهما من علماء السنة، يُعدُّ حساسيةً منهم ؟؟؟


إنَّ هذا لشيءٌ كُبَّار

أم نُسمِّيهَا دعوة للتقليد بثوب جديد ؟

وأُذكِّرُكَ بقول الإمام أحمد - رحمه الله –: ( لا تحمل الناس على مذهبك )

و إذا نقلتم عنهم تنقلون نقولا مبتورة



اختصارًا حتى لا نطيل، ودفعا للاستطراد الـمَلِيل، أقول:

((قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ))

وسيأتيكَ تحقيق المسألة بما تقَّرُ به عينكَ بإذن الله

ابو الحارث مهدي
2011-10-28, 00:55
على أن في كلام كثير من إخواننا الذين يذهبون إلى ما تذهبون إليه طعن مبطن في مخالفيهم فيرمون من قال بتكفير المعين في مسائل الشرك و عدم العذر بالجهل فيها إلا في نطاق ضيق بالغلو في التكفير و الخروج




تذكر قول البَارِي جلَّ في عُلَاه ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38))[المدثر]

ولا تنسَ قوله سبحانه (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى(39)) [النجم]
وكن على علم بقوله عزَّ وجلَّ- حكاية عن الصديق يوسف- عليه السلام-:
( قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَاعِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ(79))[يوسف]



على الرغم من أن هذا قول للكثير من أهل العلم


ونسبة هذا القول للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله – هكذا بإطلاق؛ فيه نظر
وسيأتي تحقيقه إن شاء الله

وقد قلتُ لكَ سابقًا أخي "أبا زيد"- إنْ كنتَ تذكر- :

( أنَا لاَ أُنكِرُ عليكَ، وإنما أُنكِرُ عليكَ استنكَاركَ عليَّ )

ونقطة البحث – هنا- في قول من قالوا:

أنَّ الحجة تقوم على الشخص ببلوغها إياه وإن لم يفهمها !!

يقال: من سَلَفُهُم في ذلك، من الصحابة والتابعين أو من الأئمة المتبوعين ؟
- فالحجة لا يمكن أن تقوم على شخص إلاَّ بعد فهمه لها، لدلالة كثير من النصوص الشرعية على العذر بعدم الفهم في أحكام الشرع، فكيف لا يعذر في أهم وأخطر مسألة ألا وهي مسألة التكفير، ومن الأدلة على ذلك:

ابو الحارث مهدي
2011-10-28, 05:17
حفظك الله أخي ' أبا زيد ' وأعلى قدرك
وإن نسيت فلا أنسى تلك الليلة المباركة معكَ
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=6257950&postcount=69





ونزولاً عند بُغية الأخت 'أم سلمة' التي أحترمها
حيث قالت:



قلت لك كفاك ردودا فأنا لن أقرأ كل ما تكتب



ومواصلة للبحث في غير هذا الموضع
إليك الرابط
http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?p=7703147#post7703147

ابوزيدالجزائري
2011-11-03, 10:24
انتقلنا الى الصفحة التي أشار اليها الأخ الكريم

ابو الحارث مهدي
2012-07-15, 07:25
حكم تكفير رجل معين يعمل أعمالاً كفرية


السؤال:فضيلة الشيخ! اختلف العلماء في تكفير رجل معين يعمل أعمالاً كفريــَّة ما بين متشدِّد وما بين متساهل
بعضهم يقول: إذا رأيت رجلاً يطوف حول قبر فاسأل عن نيَّته: لماذا يطوف؟
وبعضهم يقول: بمجرد رؤية الرجل فإنَّــه يكفر، خصوصاً إذا كان يعلم هذا الشيء
فهل ينكر بعضهم على بعض؟ وما رأيكم في هذا الشيء؟

الجواب: أقول: لعلك تفهم أنَّ في الأمَّة الإسلامَّية طائفتين متطرِّفتين: الخوارج والمرجئة.

فالخوارج يقولون: لا ينفع مع المعصية إيمان، ويكفِّرون كل فاعل كبيرة.
والمرجئة يقولون: لا يضر مع الإيمان معصية، ويجعلون كل صاحب معصية مؤمناً كامل الإيمان.



وهكذا في زمنك الآن فيه من جذبته المرجئة وتوسع في التَّساهل في الحكم على النَّاس، وفيهم من نزع نزعة الخوارج وصار يكفِّر في كل ذنب.
والواجب الإقتصار في التَّكفير على ما جاء في الكتاب والسنَّة؛ لأن الحكم بالتَّكفير من جملة الأحكام التي تُتلقى من عند الله،
فكما أنَّه لا يحلُّ لنا أن نقول: هذا واجب وهذا حرام إلّا بدليل، فلا يجوز أن نقول: هذا كفر وهذا إيمان إلّابدليل
ثمَّ إنَّا إذا قلنا: هذا كفر فلا نحكم على كل فاعل أن يكون كافراً ؛ لأنَّه قد يكون معذوراً، أو يشتبه عليه الحق، أو يكون مضطراً ارتكب هذا للضّرورة، فنصبر حتى نتبيَّن حال هذا المرء، فإذا تبيَّن حاله وأنَّ الرَّجل عنده علم، ولكنَّه تجرأ على ما يصل به إلى الكفر؛ كفَّرناه.

السائل: هل ينكر بعضنا على البعض الآخر؟

الشيخ: نعم، معلوم ننكر على المتطرِّف في هذا، ونقول له: اتَّق الله في عباد الله، لا تكفر من لم يكفره الله عزَّ وجلَّ، وللآخر لا ترجئ من لم يرجئه الله، هذا الكتاب والسنَّة نمشي عليهما.




لقاء الباب المفتوح
الشريط السادس