تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التَّصْنِيفُ الفِيزيَائِي لِأَصْوَاتِ الكَلامِ


lakhdarali66
2011-09-04, 14:14
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

***

هذا بحثٌ جمعتُ فيه اليسير فيما يخص: فيزيائية الصوت اللغوي، (وهذا لايعني أنّي أتقنها " اللهم فقّهنيها")، لكن الذي دفعني إلى وضعها أنها مادة صعبة على معظم طلاب اللغة والأدب، إضافة إلى صعوبة إيجاد مراجعها، فأرجو أن يستفيد منها الطلاب، كما أرجو ممّن له إضافة أو تصحيح معلومة أو تيسيرها وشرحها من أساتيذنا الكرام أن يجود بها، ونحن في شهر الجود...


***


التَّصْنِيفُ الفِيزيَائِي لِأَصْوَاتِ الكَلامِ (الصَّوَامِتُ وَالصَّوَائِتُ)

الحَمدُ لِلهِ، الّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَفْصَحِ الخَلْقِ لِسَانًا وَأَبْيَنِهِمْ مَنْطِقًا ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَحْسَنِ الخُلُقِ.

فَلَقَد خَلَقَ اللهُ النَّاسَ وَجَعَلَ لَهُمْ أَلْسُنًا تُتَرْجِمُ بِأَصْوَاتٍ تُصَاغَ فِي تَرَاكِيبٍ للتّعْبِيرِ بِها عَنْ حَاجَاتِهْم، وَأَغْرَاضِهِم. وَهَذِه الأَصْوَاتُ تُنْتَج بِوَاسِطَةِ الجِهَازِ الصَّوْتِي وَتَلْتَقِطُهَا الأُذُنُ ـ تَسْتَمْتِعُ بِهَا وَتَسْتَلِذُّهَا، وَتعُانِيْ مِنْهَا أحيانًا، تَرْصُدُهَا وَتُمَيِّزُ عُلُوَهَا مِنْ خَفْضِهَا، وَغِلْظَتَهَا مِنْ حِدَّتِهَا. كُلُ هَذِهِ التَنَوعَاتِ الّتِي تَلْتَقِطُهَا الأُذُنُ تَجْعَلُنَا نَحْتَارُ وَنَتَسَاءَلُ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ، لِمَا نَرَاهُ مِنْ تَجَانُسٍ ظَاهِرٍ فِيْ الأَجْهِزَةِ النُّطْقِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ لَدَى الإِنْسَانِ؛ فَهَلْ يَا تُرَى كُلُ هَذِهِ التَّنَوعَاتِ أَصْلِيَّةٌ نَابِعَةٌ هَكَذَا مِنْ مَصْدَرِهَا، أَمْ هُنَاكَ مَا يَتَعَرَّضُ لَهَا أَثْنَاءَ مَسِيْرِهَا سَواءٌ عَلَى مُسْتَوى الجِهَازِ النُّطْقِيْ، أَمْ عَلَى المُسْتَويَاتِ الأُخْرَى؟
فِيْ الحَقِيْقَةِ، إِنَّ التَّنَوعَاتِ الّتِي تَتَمَيّزُ بِهَا أَصْوَاتُ الكَلَامِ غَيْرُ أَصِيْلَةٍ فِيْهَا، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ نَتِيْجَةَ تَعَرُضِهَا لِجُمْلَةٍ مِنَ الظَّوَاهِرِ النُّطْقِيّةِ وِالفِيْزْيَائِيّةِ الّتِيْ تَعْتَرِضُ مَسَارَ الهَوَاءِ ـ الخَارِجِ مِنَ الرِئَتَينِ أَثْنَاءَ عَمَلِيَّةِ الزّفِيرـ بِدَايَةً بِالرّقِيْقَتَيْنِ الصَوتِيَتَيْنِ، مُرُورًا بِالتَّجَاوِيْفِ العُلْيَا لِقَنَاةِ الصَّوتِ...

أَولًا: إنْتَاجُ الأَصواتِ اللُغَوِيةِ فِيزيَائِيًا

1ـ تَحَولُ النَّشَاطُ النُّطْقِي إِلَى مَوجَةٍ صَوتِية

يُمكِنُ وَصْفُ عَمَلِيَّةِ إنتاجِ أَصْوَاتِ الكَلام فِيزيَائيًا مِنْ خِلالِ الرَّبْطِ بَيْنَ الجَانِبِ النُّطْقِي وَالجَانِبِ الفِيزيَائي فِي دِرَاسَةِ الأَصْوَاتِ بِصِفَةٍ عَامَة، وإسْقَاطِ ذَلكَ عَلَى دِرَاسَةِ الصَّوتِ اللُغَوِي العَرَبِي بِصِفَةٍ خَاصَة ، والَتِي يُمْكِن أَنْ نُجْمَلُهَا فِيْ عَشْرِ نِقَاط :

أولا: يَرتَبِطُ حُدُوثُ الصَّوتِ فِيزْيَائِيًا بِوجُودِ جِسْمٍ مُهْتَزٍ فِيْ وَسَطٍ مَرِنٍ قَابِلٍ لِنَقْلِ الاهْتِزَاز؛ وَهَكَذَا يَتَولّدُ الكَلامُ المَسْمُوعُ عَنِ التُّغَيرِ فِي ضَغْطِ الهَواءِ نَتِيْجَةَ انْدِفَاعِ هَوَاءِ الزَّفِيْرِ إِلَى الخَارِجِ أساسًا، أو لاندفاع هواء الشهيق* إلى الداخل أحيانا. واعتراض أعضاء النطق في الحنجرة وقناة الصوت لتيار الهواء بألوان مختلفة(من الاعتراض)؛ وبذلك ينشأ التضاغط والتخلخل في الوسط المرن الناقل.(الهواء)

ثانيا: يمثل الوتران الصوتيان (الرّقِيْقَتَانِ الصَوتِيَتَانِ) أولَ نقاط الاعتراض لتيار الهواء؛ واهتزازهما الناتج عن مرونتهما العضلية في وضع التصويت وديناميكية الهواء المندفع ينشأ عنه : انطلاق الهواء في دفعات متتالية؛ ويسمى الناتج عنه: الجهر أو التصويت أو النغمة الحنجرية.

ثالثا: تكون النغمة الحنجرية نغمة مركبة شديدة التركيب، تتضح فيها جميع خصائص الموجات التوافقية المركبة من حيث :
أ ـ تكونها من عدد(كبير جدا) من النغمات التوافقية.

ب ـ اشتمالها على نغمة أساس هي القاسم المشترك الأكبر بين جميع النغمات التوافقية.

ج ـ قابليتها للتحليل التوافقي.

د ـ عدم التساوي في توزيع القوة على النغمات التوافقية. تحظى منه النغمة الأساس بأكبر اتساع.

هـ ـ اختلاف مكوناتها من حيث الطور، إذ لا تبدأ جميعها في نقطة صفر واحدة.

رابعا: إن ضخامة عدد التوافقيات المكونة للنغمة الحنجرية تزيد من فرص تعرضها لعملية الرنين في تجاويف ما فوق الحنجرة؛ حيث يهتز الوتران الصوتيان اهتزازا حرا وتستجيب الفراغات بالاهتزاز القسري.

ـ ويمكن أن نلخص دور تجاويف ما فوق الحنجرة في تعديل نغمة الحنجرة وتكييفها على النحو التالي:

1ـ الاستجابة بالرنين والتقوية لمجموعات منتقاة من النغمات الحنجرية، ويتم الانتقاء للمجموعات التي توافق تردد الرنين الطبيعي للتجاويف.

2ـ ترشيح النغمة الحنجرية (أيضا حسب تردد الرنين الطبيعي للتجاويف)وإعادة توزيع القوة على مكوناتها، بحيث تصدر بعد مرورها خلال التجاويف عل هيئة مجموعات أو حزم من النغمات التوافقية تتجمع كل مجموعة منها حول تردد معين، تصل القوة معها إلى ذروتها؛ على حين تتوزع القوة تنازليا على جانبي هذا التردد/الذروة والذي هو أحد الترددات المركزية للتجاويف العليا. كما أنه يمثل ذروه تردد الرنين وذروة قوة التمرير الترشيحي في الوقت نفسه.

3ـ نظرا لعدم انتظام القطاعات العرضية لتجاويف ما فوق الحنجرة فإن الحزم تظهر أحيانا متقاربة وأحيانا متباعدة.

4ـ تختلف الحزم المكونة للنغمة الحنجرية بسبب اختلاف التجاويف، من حيث العدد و الأشكال والعلاقات النسبية بينها أثناء التصويت.

5ـ تختلف ـ تبعا لذلك ـ مناطق الترشيح والرنين والتقوية من حركة إلى حركة؛ وبذلك تتميز الحركات بعضها من بعض أكوستيكيا وطيفيا .

ـ وتتميز العلاقة بين التجاويف والحزم المكونة.(على حسب نظرية ديللاتر)كما يلي:

1ـ توجد علاقة مباشرة بين ارتفاع تردد الحزمة الأولى f1، ومدى الانفتاح الكلي لجهاز النطق؛ فكلما زاد ترددها كانت درجة الانفتاح الكلي أكبر. والعكس صحيح.

2ـ توجد علاقة مباشرة بين استدارة الشفتين وحركة اللسان إلى الخلف من ناحية، وانخفاض تردد الحزمة الثانية 2f من ناحية أخرى؛ فكلما زادت استدارة الشفتين أو زاد تراجع اللسان إلى الخلف ـ أي كلما استطال التجويف الأمامي ـ انخفض تردد 2f. والعكس صحيح.

3ـ توجد علاقة بين تردد الحزمة الثالثة 3f وصفة الأنفية، وتفصيل ذلك على النحو التالي:


أ ـ إن زيادة تردد الحزمة الثالثة 3f هو نتيجة مباشرة لانخفاض الحنك اللين.

ب ـ إن انخفاض الحنك اللين ينتج عنه وجود ترددات إضافية و ألوان من الرنين تميز خاصية الأنفية.

ج ـ إن الحزمة الثالثة 3f مسؤولة ـ بالإضافة إلى ما سبق وبمقارنته بتردد2f ـ عن تميز لون الحركة، أي الخواص الأكوستيكية العامة التي تتسم بها الحركة.


خامسا: إن غنى النغمة الحنجرية بالترددات وضخامة عدد التوافقيات المشاركة في تكوينها يرجع إلى أسباب منها:

1ـ عدم تجانس الوترين الصوتيين ومكونات الحنجرة في التكوين التشريحي، إذ يدخل في تكوينها أغشية وألياف عضلية وتكوينات غضروفية.

2ـ حساسية الضبط والتحكم التي تقوم بها العضلات أثناء التصويت، ويؤدي ذلك إلى ألوان مختلفة من التحكم في طول الوترين الصوتيين، ومدى تواترهما وارتفاع الحنجرة وانخفاضها، وينشأ عن ذلك تغيرات مستمرة في الكميات الفيزيائية التي تتكون منها النغمة الحنجرية.

3ـ طبيعة الحركة الاهتزازية التي يقوم بها الوتران الصوتيان، اللذان يهتزان على هيئة حركة موجية متقدمة من الخلف إلى الأمام، مع اهتزازهما اهتزازا ثانويا في اتجاه رأسي أيضا.

4: تتعرض الأجزاء السفلى للوترين الصوتيين لتيار الهواء قبل الأجزاء العليا، ومن ثم لا تبدأ جميعها الاهتزاز في وقت واحد، وينشأ عن هذا عدم اتفاق النغمات التوافقية المكونة للنغمة الحنجرية في الطور.

سادسا: يتم اعتراض الهواء الخارج من الحنجرة بأشكال أخرى غير اهتزاز الوترين الصوتيين منها:

ـ الإغلاق المحكم والتسريح المفاجئ، أو التضييق المنتج للهمس أو الوشوشة.

سابعا: تقوم أعضاء التجاويف العليا باعتراض تيار الهواء بكيفيات مختلفة ينتج عنها تنوعات كثيرة من أصوات الكلام.

ثامنا: إن الاختلاف الكيفي في طبيعة التدخلات التي يقوم بها أعضاء قناة الصوت قد يصاحبها اختلاف مكاني من حيث النقاط التي يتم فيها التدخل (المخارج)، وبذلك يمكن أن تتفق التدخلات كيفا وتختلف مكانا، كما يمكن حدوث تدخلات مختلفة كيفًا في مكان واحد أو تزامن أكثر من تدخل في أكثر من مكان.

تاسعا: إن هذه التدخلات الحادثة في قناة الصوت يمكن أن تكون مصحوبة باهتزاز الوترين الصوتيين، وتسمى الأصوات الناتجة أصوات مجهورة مشتملة في تكوينها على نغمة حنجرية؛ كما يمكن أن تتم دون أن يصحبها هذا الاهتزاز فتكون أصواتا مهموسة.

عاشرا: إن هذه الإمكانات الكبيرة من التدخلات المتنوعة كيفا ومكانا تنعكس على الموجة الصوتية المتولدة في أثناء الكلام، وبذلك يرتبط التمايز في نطق الأصوات بالتمايز في خصائصها الفيزيائية المقابلة.

هـ 2ـ مُسْتَوَيَاتُ التَّحْلِيلِ الصَّوتِي

إِنَّ عَمَلِيَّةَ الْكَشْفِ عَنْ أَسْبَابِ الْتَّمَايُزِ وَالاخْتِلافِ فِي أَصْوَاتِ الْكَلِامِ الإِنْسَانِي وَمَظَاهِرِهِ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِدِرَاسَةٍ مَعْمَلِيَّةٍ تَجْرِيْبِيَّةٍ مُفَصِلَةٍ لِلخَصَائِصِ النُطْقِيَّةِ ـ الفِيْزْيَائِيَّةِ لِلْكَلَامِ، وَالَّتِي تَسْتَلْزِمُ تَحْلِيْلَ الْمَنْطُوقِ عَلَى مُسْتَوَيَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ لِتَكْشِفَ فِي النِّهَايَةِ عَنِ الْظَّوَاهِرِ الصَّوْتِيةِ الَّتِي تُعَدَّ مَعَايِيِرُ يَتَحَدَّدُ عَلَى أَسَاسِهَا تَمَايُزُ أَصوَاتِ اْلكَلامِ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، وَتَتَنَوَّعُ هَذِهِ الظَّوَاهِرُ إِلَى صَوْتِيَّةٍ لِسَانِيةٍ، وَصَوْتِيَّةٍ غَيْرِ لِسَانِيَّةٍ.

2 أ ـ الظَّوَاهِرُ الصَّوتِيَةِ غَيْرُ اللِسَانِيةِ

عِندَ تَسجيلِ جُملةٍ مَا نَطَقَ بِهَا مَجمُوعةٌ مِنَ الأَشخَاصِ، وَإِعادةِ سَماعِها يَكشِفُ التَّسجيلُ لأولِ وَهْلةٍ عَن قَدرٍ مِن الاخْتِلافَاتِ يُمكنُ رَدُهُ إِلى أَسبابٍ غَيرِ لُغَويةٍ ، كَمَدَى عُلُوِ الصَّوتِ أَو سُرْعَةٍ فِي النُّطْقِ أَو بَعضِ الجَوانبِ المُتعلِّقةِ بِدَرجَةِ الصَّوتِ وَالَّتِي فِي مُجْمَلِهَا يُمكنُ حَصرُهَا فِي أَمْرَينِ اثْنَينِ:

أَوَّلُهُمَا: الاختِلافاتُ فِي مُجرَياتِ الْمَوقِفِ الاجْتِماعِي، فَقَد يَكونُ السَّببُ فِي اخْتِلافِ العُلُوِّ إِلَى اخْتِلافِ المَسَافَةِ الفَاصِلَةِ بَيْنَ الْمُتَكَلِّمِ وَالسَّامِع، وَتَعُودُ سُرعَتُه فِي النُّطقِ (الْمُتَكَلِّمُ)إِلَى طَبِيعتِهِ وَعَادَاتِهِ النُّطْقِيةِ أَو انشِغَالِهِ بِبَعضِ شَأْنِهِ ، مِمَّا اقْتَضَى أَنْ يَنْطِقَ الكَلامَ عَلَى عَجَلٍ، َوتَرجِعُ حِدَّةُ الصَّوْتِ وَغِلْظُهُ إِلَى العُمرِ أَو الجِنْسِ...

وَثَانِيُهُما: الفُروقُ التَّفْصِيليةِ فِي التَّكوِينِ التَّشرِيحِي بَينَ الأَفرَادِ، وَالَّتِي تُؤثِرُ عَلَى الْأصواتِ النَّاتِجةِ، وَتُسهِمُ فِي تَميِيزِ الشَّخْصِيَّاتِ الْمُتكَلِمةِ وَذَلكَ لِانعِدَامِ التَّطَابُقِ التَّامِ بَينَ المُتَكلِّمِينَ فِي جَمِيعِ التَّفَاصِيل التَّشرِيِحِيَّةِ الدَّقِيقَةِ، وَلَا سِيَمَا فِي تَكوِينِ الوَتْرينِ الصَّوتِيينِ، وَالشَكلِ العَامِ لِلتَجَاويفِ.
ويُمكنُ الكَشفُ عَنِ الأَسَاسِ الفِيزيَائِي لِهَذِهِ التَّمَايُزَاتِ بِدِرَاسَةِ الشِّدَّةِ intensity، وَالْمُدةِ duration، وَالتَّرَدُدِ frequency.

2 ب ـ الظَّوَاهِرُ الصَّوتِيَةِ اللِسَانِيةِ

تَخضَعُ عَمَلِيَّةُ نُطْقِ الكَلامِ إِلى قَوَاعِدِ النِّظَامِ اللُّغَوِي ، وَيَربِطُ البَاحِثونَ التَّمَايزَ فِي الْمَادةِ الفِيزيَائِيةِ لِلصَّوتِ بِالتَّمَايُزِ فِي الْمَضمُونِ أَو الْمَعْنَى الَّذِي يُدرِكُه السَّامِعُ (عَلَى فَرضِ انتِماءِ المُتكلمِ وَالسَّامعِ إِلَى جَمَاعَةٍ لُغَوِيةٍ وَاحِدةٍ) ؛ فَمِنْ أَجلِ فَهمِ جُملةٍ مِن مِثلِ :" انتَفَضَ الشَّبَابُ الْفِلسطِينِي" يُفتَرضُ بِنَا المُرُورُ عَبرَ عِدَّة مُستَوَيَاتِ تَجْرِيدٍ وَتَحليلٍ، أَقَلُّهَا تَجزِئةُ هَذَا المَنطوقِ إَلَى مَجمُوعةٍ مِنَ الأجزَاءِ المُكونَةِ لَهُ وَدِرَاسَتِهَا.
وَيَقتَضِي تَحلِيلُهَا عَلَى المُسْتَوى النُّطقِي تَحدِيدَ الْأَعضَاءِ المُشَارِكَةِ فِيهَا، مِنْ نَوَاطِقَ وَكَيفِياتِ النُّطْقِ ، كَمَا يَقْتضِي عَلَى الْمُسْتَوى الفِيزيَائِي تَحدِيدَ الْكِميَاتِ الأكوستِيكِية الَّتِي يَتَأَلَّفُ مِنْهَا الصَّوتُ وَالتَأثِيرَاتِ المُتَبَادَلةِ بَينَهَا، أَمَّا عَلَى مُستَوى الارتِبَاطِ النُّطقِي/ الفِيزيَائِي فَلا بُدَّ مِن دِرَاسَةِ وُجوهِ الارتِبَاطِ بَينَ الكَيْفِياتِ النُّطقِيةِ وَأَثَرِ تَغَيُّرِهَا عَلى تَغَيُّرِ الْكِمِّيَاتِ الْأَكُوسْتِيكِيةِ الْمُقَابِلَةِ.
ثانيا: أسس التصنيف الفيزيائي للصوامت والصوائت

يقوم تصنيف الصوامت والصوائت بالنسبة للأساس الفيزيائي على معيارين اثنين، هما: وجود أو انعدام النغمة الحنجرية، نشاط تجاويف ما فوق الحنجرة.

1: التصنيف الصوتي على أساس وجود النغمة الحنجرية

إنَّ النغمة الحنجرية هي المصدر الوحيد لعنصر النغمة في الكلام ، وهي نغمة مركبة تمتاز بخاصيتي دورية الذبذبات والتكوين التوافقي؛ حيث تتكون من تردد دوري يمثل نغمة الأساس ، وترددات توافقية هي مضاعفات لنغمة الأساس، ويتشكل من توافر وعدم توافر هاتين الخاصيتين ثلاث أنواع من الأصوات،

النوع الأول: الصوت النغمة، وهو الصوت المركب الذي تتوافر فيه النغمة الأساس، والترددات التوافقية المضاعفة لها.

النوع الثاني: الصوت الضجة، حين يفتقد الصوت المركب صفتي دورية الذبذبات والتكوين التوافقي يصبح من قبيل الضجة التي يدخل في تكوينها جميع الترددات، وليس الترددات التوافقية فقط.

النوع الثالث: الصوت خليط من النغمة والضجة، حيث يمكن أن يكون الصوت خليطا من النغمة والضجة، وحينئذ تتوقف الكيفية التي يتم بها إدراكه على نسبة المكونات وتوزيع القوة عليها.

وللدقة أكثر نضيف التصنيف التالي :

2: التصنيف الصوتي على أساس التردد
وينتج عن هذا التقسيم ثلاثة أنواع من الأصوات؛ أصوات عديمة الصوت لا تحدث أي تردد، وأصوات ذات ترددات منتظمة، وأصوات ذات الترددات غير المنتظمة.

النوع الأول: أصوات بلا تردد تتميز بعض الأصوات من أنها لا تنتج موجات صوتية، وإن كان هناك ترددات أثناء نطقها فتتسم بالانخفاض والضعف، ومنها الصوامت الوقفية/الشديدة ؛ والتي في جوهرها عملية توقف تام للنطق ـ حيث يكون الفم والأنف مغلقين أثناء النطق بها، ومن ثم لا يوجد مخرج يخرج منه الصوت باستثناء الموجات الصادرة عن اهتزاز الرقيقتين الصوتيتين والتي تخترق الجهاز الصوتي عندما يكون الصوت مجهورا، إلا أنها ضعيفة ذات تردد منخفض (= 300 هرتز)، أما الأصوات المهموسة فلا يصدر عنها أي صوت.

النوع الثاني: أصوات ذات ترددات غير منتظمة هناك نوع من الأصوات تكون فيه الموجة غير منتظمة ليس لها نمط محدد في التردد، و من أصوات اللغة ممثلا له الأصوات الاحتكاكية مهموسة و مجهورة. ففي أثناء النطق بالأولى يحدث أن يضيق مكان ما في الجهاز الصوتي لدرجة تسمح للهواء الخارج من هذا المخرج بأن يضطرب عشوائيا محدثا موجات غير منتظمة، وتتميز الثانية بأنها خليط من الموجات المنتظمة ـ الناتجة عن تردد الرقيقتين الصوتيتين ـ والموجات غير المنتظمة ـ الناتجة عن اضطراب الهواء الخارج من مخرج الصوت. (وهو ما سميناه في التقسيم الأول بالصوت الضجة.)

النوع الثالث: أصوات ذات ترددات منتظمة يعود السبب لانتظام موجات بعض الأصوات إلى تردد الرقيقتين الصوتيتين الذي هو منتظم، بمعنى أنه في حالة الأصوات ذات التردد المنتظم تكون الرقيقتان الصوتيتان متذبذبتين ومن ثم فإن الأصوات منتظمة التردد هي جميع الأصوات ما عدا الأصوات المهموسة، ومنها الصوائت وأشباه الصوائت والجانبية والأنفية. (وهي الأصوات النغمة حسب التقسيم الأول.)

3: التصنيف الصوتي على أساس نشاط تجاويف ما فوق الحنجرة تتمتع تجاويف ما فوق الحنجرة بقدرة كبيرة على تغيير شكلها وحجمها بمعدل سريع أثناء الكلام، وهذا ما يجعلها قادرة على إلحاق تعديلات مختلفة ـ من ألون الرنين ـ بشكل دائم وباستمرار بالنغمة الحنجرية، ويساعدها على ذلك تكون هذه الأخيرة من عدد كبير من التوافقيات، وإذا ما أخذنا في الاعتبار الاضطراب الذي يحدث للهواء أثناء مروره من هذه التجاويف بسبب اهتزاز الرقيقتين الصوتيتين، أمكن لنا أن نلاحظ المقابل الأكوستيكي للارتباط بين درجة انفتاح ممر الهواء في أثناء النطق وبين تصنيف الأصوات إلى صوامت وحركات.
ولا يخرج الصوت في أثناء ذلك عن الحالات الثلاثة الآتية: فإما أن يكون رنينا خالصا وهو الصوت النغمة، وإما أن يكون رنينا مزيجا من النغمة والضجة ، وإما أن يكون صوت ضجة ينعدم فيها الرنين تماما.

أـ حالة الرنين: تنشأ كل ما كان الممر أقرب إلى الانفتاح، وانعدمت الموانع المؤثرة في طريق الهواء المضطرب المار بالتجاويف العليا، حيث تعمل هذه الأخيرة على تشكيل غرف الرنين التي تكيف نغمة الحنجرة وتعدلها، دون أن تضيف من جانبها أي عنصر من عناصر الضجة.
وتسمى الأصوات الناتجة عن هذه الحالة بالأصوات الرنانة resonantوهي التي تعزى إلى طائفة الحركات.

ب ـ حالة شبيهة بالرنين: يضيق فيها الممر بانغلاق جزئي أو متقطع ـ مع استمرار حدوث الجهر وانطلاق الهواء ـ ولا يكون الرنين الناتج عن ذلك رنينًا خالصاً، لما يتخلله من ضجيج noise.
وتسمى الأصوات الناتجة عن هذه الحالة بالأصوات شبه الرنانة .

ج ـ حالة عدم الرنين: يتم فيها زيادة شدة تضييق الممر إلى الإغلاق المحكم ما يؤدي إلى زيادة نسبة الضجيج وانعدام تام للرنين، بحيث يمكن وصف الصوت الناتج بأنه غير رنان nonresonant.
و تعزى أصوات الحالتين الأخيرتين (شبه الرنانة وغير الرنانة) إلى طائفة الصوامت.

ـ وتلحق الصوامت شبه الرنانة بالأصوات الرنَّانة في بحوث الدارسين نظرا لقابليتها للرنين، ولما تتمتع به النُّطُق الرنينية من وضوح ظاهر في الصور الطيفية.

النوع الأول:الأصوات الرنانة (وتشتمل على الأصوات شبه الرنانة )
وينتمي إلى أصوات هذه المجموعة فئة الصوائت والصوامت المنحرفة والأنفيات والتكراريات؛ وتكون العقبات المتعرضة لتيار الهواء في أدنى درجاتها، أو ضعيفة نسبيا،
وصوائت العربية القصيرة والطويلة والثنائية هي كلها أصوات رنانة، ويضاف لها شبيها الصوائت الواو والياء.
ويكون أثر الرنين أكبر في الصوائت إذ يمكن أن يقال إنها جهر حنجري محض. يتأثر أقل التأثير بوجود ترددات إضافية غير حنجرية على الرغم من أنها تتعرض لتعديلات قوية عن طريق الرنين الذي يحدث في التجاويف العليا.
وتتميز أصوات الصوائت من غير الصوائت داخل مجموعة الأصوات الرنانة من حيث المظهران الآتيان كلاهما. وهما:

ـ تعديلات النغمة الحنجرية.

ـ نماذج الضجة النمطية الخاصة بكل منهما: تلك التي يسببها الاحتكاك والعقبات المعترضة لتيار الهواء على طول الممرات؛ وتظهر هذه الضجات في الرسوم الطيفية على هيئة ترددات عشوائية، وإن كان كل صوتيم من هذه الصوتيمات المتنوعة يبدي تردداته العشوائية النمطية الخاصة به.

النوع الثالث: الأصوات غير الرنانة

وتشمل هذه المجموعة عديمة الرنين كلا من الأصوات الاحتكاكية والأصوات الوقفية /الشديدة.
توصف الضجة في الأصوات الاحتكاكية على أنها احتكاكات عارضة لا ترقى بها إلى مصاف الأصوات الرنانة. ويتم إبرازها عن قصد أثناء النطق بها؛ ويجري اختيارها لتصير خصائص دالة تتحدد بها الصوامت الاحتكاكية المتنوعة بطريقة نمطية. ومن ثم فإن الخصائص الاحتكاكية تصبح ذات أهمية أكوستيكية كما تكون لها الغلبة على الصورة الطيفية.
ويصحب النطق بالأصوات الاحتكاكية المجهورة نغمة حنجرية، لا يعرض لها تعديل ذو أهمية في نغماتها العليا تبقى مجرد خلفية من الجهر.وأما المهموسة، فهي ضجات خالصة تنعدم فيها جميع خصائص النغمة الحنجرية من الناحية الأكوستيكية ومن ناحية التصوير الطيفي.
وأما الأصوات الانفجاريةـ كما أسلفنا ـ فتنتج من الوجهة النظرية والمثالية من إغلاق تام يصنعه المتكلم بطريقة نمطية ومقصودة في أي مكان بين الحنجرة والشفتين؛ ويتقطع بسببه تيار الهواء الصادر من الأنف والفم انقطاعا تاما.

قد تبدو التقسيمات هي نفسها لكن حالة الدقة تتطلب ذلك،
ثالثا: التصوير الطيفي للنغمة الحنجرية

ثَمَّ أمران مهمّان نحن في حاجة إلى معرفتهما عن النغمة الحنجرية،

أولهما: معرفة تردد الأساس والتغيرات التي تطرأ عليه في أثناء التصويت، وهو أمر لابد منه لمعرفة النمط التنغيمي الذي نُطقت به الحركة أو الحدث اللغوي بعامة.

وثانيهما: معرفة ما يطرأ على نغمة الحنجرة من تغيرات بعد مرورها من خلال تجاويف ما فوق الحنجرة، نتيجة لتعرضها لعوامل الترشيح والرنين والتقوية، والاضمحلال، أي معرفة عدد الحزم التي تتكون منها الحركة وتردداتها، وهو أمر لابد منه لتمييز نوع الحركة.

ويقدم لنا جهاز المطياف إمكانات كبيرة لتسهيل تعرف هذين الجانبين، بالإضافة إلى بعض الإمكانات الأخرى.

1ـ جهاز المطياف

يتكون جهاز المطياف ـ على اختلاف أنواعه ونماذجه ـ من وحدات ثلاث، وهي:

1ـ1ـ وحدة التسجيل(Recording Unit)، وتقوم بتسجيل الرسالة المراد تحليلها، وذلك لتثبيت العينة طوال عملية التحليل، وتجنب الاعتماد على النطق البشري المباشر أكثر من مرة للرسالة الواحدة؛ إذ من المؤكد أنه لن يتشابه نطقان ـ ولو لعبارة واحدة لمتكلم واحد ـ في جميع الخصائص.

1ـ2ـ وحدة الترشيح (Filtering Unit)، وتقوم بترشيح الرسالة المنطوقة بحيث تمر الرسالة من خلال مرشِّح متغير. مع إعادتها عددا من المرات، ليتم في كل مرة تمرير حزام معين من الترددات، أو من خلال منظومة ترشيحية في وقت واحد ولمرة واحدة، ويمكن للقائم بالتجربة تحديد القوة المناسبة، ومن ثم تحديد حزام التمرير المناسب حسب مقتضيات التجربة.

1ـ 3ـ وحدة الرسم(Graphing Unit )، وتقوم بإنجاز الرسم الطيفي على شاشة الجهاز، أو على نوع من الورق خلص بالجهاز، أو على شريط تصوير(فيلم) متحرك حسب نوع الجهاز ومواصفاته الفنية.

2 : عمل المطياف والمعلومات المستمدة منه،

ـ ويمكن للمطياف أن يُمدنا بمعلومات عن الكميات الآتية:

أ: التكوين التوافقي للنغمة
ونعني به مجموعة النغمات التوافقية المكونة لها، وما يطرأ عليها من تغيرات أثناء التصويت.
ويستخدم الجهاز لهذا الغرض مرشَّحا ذا حزام تمريري ضيق narrow band filter يقع نطاق تمريره عادة ما بين 45 ذ/ث، و50 ذ/ث. و يقوم هذا المرشِّح ـ إذا كان من النوع المتغيرـ بتمرير نغمة توافقية واحدة في كل جولة تحليلية، حتى لا تتداخل النغمات أثناء ترشيحها فيصعب تمييز التوافقيات؛ وقد يختفي تردد الأساس من الصورة بسبب عدم دخوله في حزام تمرير المرشِّح. ولكن مادمنا نعرف أن تردد الأساس هو القاسم المشترك الأعظم لهذه التوافقيات، فمن الممكن التوصل إليه بالحساب الرياضي، وذلك باستطلاع التوافقيات العليا.
وعلى أي حال فإن نطاق التمرير 54 ذ/ث يكفل تسجيل تردد الأساس بالنسبة للكلام؛ حيث القيمة النمطية لتردد نغمة الأساس في صوت الذكر هي 120 ذ/ث، وفي صوت الأنثى في 220 ذ/ث. تقريبا
ومعنى ذلك أن نغمة الأساس عند الذكر يمكن ترشيحها في الجولة الثالثة للمرشِّح، حيث يصل التردد المركزي للتمرير إلى 135، ويغطي حزام التمرير-45 و+45 من هذا التردد المركزي، أي ما بين 90 ذ/ث و 180 ذ/ث.

أما نغمة الأساس عند الأنثى فيمكن أن تدخل في حزام التمرير في الجولة الخامسة، حيث التردد المركزي للتمرير هو 225 ذ/ث مغطيا المسافة ما بين 180 ذ/ث و270 ذ/ث.

والواقع أن الأذن تتوصل إلى تغيرات نغمة الأساس حتى عندما تكون قوتها صفرا، ويتم ذلك بتحليل المسافات الفاصلة بين التوافقيات على سلم التردد، أي أنها تقوم باستطلاع نغمة الأساس على مستوى التوافقيات العليا.وعليه يكون عمل جهاز التحليل الطيفي مشابها للطريقة التي تمارس بها الأذن عملية تحليل التوافقيات في النغمة الحنجرية .

ب : الزمن

يقوم المطياف بحساب الزمن على البعد الأفقي عادة. والزمن عنصر لا غنى عنه في تحليل أصوات الكلام. ويتم حسابه بتقسيم طول الورقة على الزمن الذي يستغرقه الرسم. أو الاستعانة بسرعة التصوير على الفيلم. أما في الأجهزة المتصلة بالحاسوب فيتولى الحاسوب استخراج النتائج بنفسه.

ج: توزيع القوة على الترددات المكونة

ويظهر في الرسم على هيئة اختلاف في درجات السواد، إذا كان الرسم على الورق الخاص بالجهاز، أو على هيئة بياض إذا كان الرسم على هيئة صورة سلبية لشريط الفيلم، بحيث تحظى الترددات الأقوى بدرجات سواد أو بياض أكبر.
ومن ذلك ترى أن المطياف لا يسجل الكميات المطلقة للقوة(أو الشدة)، ولكن يسجل توزيعها النسبي على المكونات، وهذا هو ما يهمنا.
إن الباحث لا يهمه كمية الشَّدة في المكونات المحسوبة بالأرقام، بل يعنيه تفاوت أنصبة المكونات من الشدة من حيث القلة والكثرة بنسبة بعضها إلى بعض. ذلك أنه لا وجود للغة يختلف فيها معنى الكلمة إذا ما نطقت بصوت عالٍ عن معناها إذا نُطقت بصوت منخفض()، كما أن النبرـ وهو العلو النسبي ـ لا يميز المقطع إلا بالنسبة لما يسبقه أو يلحقه من مقاطع.

د: الحزم المكونة للنغمة الحنجرية

يستطيع المطياف أن يمدنا بصورة تعكس أثر عمل التجاويف العليا في هذه النغمة. أين يختلف تكوين نغمة الحنجرة الصادرة من التجاويف العليا عن تكوينها قبل دخولها إلى هذه التجاويف.

ويتطلب تسجيل ذرى القوة(تجمعات الترددات =الحزم المكونة) استخدام مرشِّح ذي حزام تمريري واسع wide band filter (حوالي 300 ذ/ث عادة). ومثل هذا المرشح يكون قادرا على تمرير أكثر من نغمة توافقية في وقت واحد. كما يسمح بتكرار تسجيل النغمة التوافقية إذا كانت تتمتع بنسبة كافية من الشدة وبذلك تنمحي الفواصل بين التوافقيات. تلك التي كانت واضحة عند استخدام المرشح ذي الحزام الضيق. وتظهر الحزم في الصورة على هيئة أحزمة من السواد أو البياض تنتشر في الصورة على مساحة أكبر.
وهذه الأحزمة هي ما سميناها سابقا الحزم المكونة وهي التي يعتمد عليها الباحث اعتمادا أساسيا في تمييز شخصية الحركة.

وينبغي عند تحليل الحزم المكونة للصوائت التمييز بين أمرين مهمين،

أولهما، الموقع المطلق للحزم على سلم الترددات.

وثانيهما، الموقع النسبي لهذه الحزم، أي موقع F1 بالنسبة لموقع F2؛ وهكذا.

ـ إن الموقع المطلق ظاهرة فردية تتعلق بصوت المتكلم الفرد.

ـ أما الموقع النسبي فيتعلق بنوع الحركة.

أي أن الأول خاص والثاني عام، ومن ثم نجد عند التصوير الطيفي للحركة الواحدة ـ منطوقة بواسطة عدد من المتكلمين ـ أن الموقع النسبي ثابت تقريبا، وإن اختلف الموقع المطلق من متكلم إلى آخر.
رابعًا: التصوير الطيفي للأصوات العربية

1ـ الأصوات الرنانة(النغمات ذات الترددات المنتظمة)

النوع الأول: الصوائت

تتميز الرسوم الطيفية للصوائت بوضوح النطق الرنينية فيها والتي قد يصل عددها إلى أكثر من ثلاث حزم ترددية*. والحزم الثلاث الأولى بالإضافة إلى الحزمة الصفرية* ، هي التي تقدم لنا معلومات عن نوع الصائت يتميز بها كل صائت من غيره. أما ما زاد عن الثلاثة فيشمل في الغالب خصائص صوت الفرد المعين، وتدخل فيما يعرف ببصمة الصوت.

الصوائت القصيرة
الصوائت القصيرة ثلاثة أنواع، عالي أمامي/ـ ـِ ـ/، وعالي خلفي /ـ ـُ ـ/، ومنخفض/ـ ـ َـ/، والفرق بين الصوائت الثلاثة من الناحية الأكوستيكية هو الفرق في تردد النطاقين الرنينين الأول والثاني، فتجد النطاق الرنيني الأول يكون منخفضا في حال الصائتين العاليين، وعالي في حال الصائت المنخفض.
و يكون النطاق الرنيني الثاني عاليا في حال الصائت الأمامي ، و منخفضا في حال الصائتين الخلفي والمنخفض.

الصوائت الطويلة

وما هي إلا صوائت قصيرة إلا أن مدتها الزمنية تساوي ضعف مدة الصوائت القصيرة تقريبا، فالفرق الأساس إذا ما هو إلا فرق في المدة/الكمية، ومع هذا فهناك فرق في الكيفية أيضا، إلا أنه فرق ثانوي بين المجموعتين فلو وضعنا تردد النطاق الرنيني الأول و الثاني لجميع الصوائت القصيرة منها و الطويلة لظهر عندنا فرق في تردد النطق الرنينية بين الصوائت القصيرة وما يقابلها من الصوائت الطويلة.

الصوائت الثنائية

هناك صائتان ثنائيان في اللغة العربية، وهما/ـَ ـ ـُ ـ/ و/ـَ ـ ـِ ـ/ كما في الكلمتين "قَول"، "بيت" على التوالي، ويظهران في الرسوم الطيفية على شكل مزيج من صائتين.

النوع الثاني: أشباه الصوائت

أصوات نصف صائتة

نصفا الحركة شبيها الصوائت في اللغة العربية، هما/ي/،/و/ وهما يشبهان الصائتين العالي الأمامي والعالي الخلفي على التوالي، والفرق بينهما من الناحية الفيزيائية هو أن النطاق الرنيني الأول أكثر انخفاضا فيهما منه في حالة الصوائت.

الصوت الجانبي

الصوت الجانبي هو/ل/، وهناك شبه بين تردد موجاته وتردد موجات الصوائت والفرق بينهما هو أن النطق الرنينية تكون منخفضة الشدة في حالة/ل/عنها في حالة الصوائت.

الأصوات الأنفية

تشبه الرسوم الطيفية للأصوات الأنفية الرسوم الطيفية للصوت الجانبي مع اختلاف طفيف، وهذا الاختلاف هو ظهور ما يسمى بمضادات النطق الرنينية، إذ نشاهد في حالة الصوائت نطقا رنينية على محور التردد يفصل بينها مساحات أقل شدة يظهر فيها خطوط عمودية تمثل تردد الرقيقتين الصوتيتين، أما في حالة الأصوات الأنفية فإن رسوم الطيف تبين نطقا رنينية يفصل بينها مساحات خالية تماما من أي ترددات.
أما الفرق بين/م/و/ن/ فإنه شبيه إلى حد كبير بالفرق بين /ب/و/د/على التوالي، أي أنه فرق في تردد النطق الرنينية الانتقالية للصائت المجاور

صوت التكرار

صوت التكرار في اللغة العربية هو /ر/، والراء في حالة تضعيفه يظهر في الصظرة الطيفية تكرارا لنطقه أكثر من مرتين، فالفرق لا يكون في المدة الزمنية كما يحدث في حال تضعيف الأصوات الأخرى، ولكنه فرق في عدد مرات التكرار لنفس الخصائص الأكوستيكية.

2: الأصوات غير الرنانة

النوع الأول : أصوات عديمة صوت

1ـ الأصوات الوقفية المهموسة

تظهر كل من /ت/،/ك/،/ق/،/ء/* ،/ط/ في الرسم الطيفي على هيئة فراغ ينعدم فيه تسجيل أي إشارة أكوستيكية، وبهذا يكون لها نفس الخصائص الفيزيائية، والتي تضعنا في إشكال كيفية تمييز بعضها من بعض.

وتبقى الوسيلة الوحيدة للتعرف على هذه الأصوات والتفريق بينها هي الاعتماد على الخصائص الأكوستيكية للحزم الانتقالية؛ أي الشكل الطيفي للانزلاق من الصوت السابق إلى جوهر الصوت المدروس، والانزلاق من جوهر الصوت المدروس إلى الصوت اللاحق.
حتى لو قمنا بتثبيت الحركة وتغيير الصامت الوقفي أو العكس، فإن طبيعة الانزلاقات ستتغير تبعا لذلك، كما ستتغير أكوستيكيا ـ وبالتالي طيفياـ الترددات الانتقالية في منطقة التخوم الواقعة بينها، هذا على الرغم من أن الصورة الطيفية للصامت الوقفي تظل في جميع الحالات فراغا في الرسم يمثل انعدام الطاقة.

وصف :

نلاحظ في البداية أن هناك خاصية تشمل الجميع، وهي أنه بالقرب من فترة القفل تظهر تغيرات في تردد النطق الرنينية الانتقالية، فنجد أن النطاق الرنيني الأول F1 يأخذ تردده في الانخفاض في جميع الأصوات المذكورة عند الاقتراب من فترة القفل، وهذا يعطي مؤشر لأن الصوت هنا هو صوت وقف Stop. أما النطاق الرنيني الثاني F2 فإنه يبين مخرج الصوت، فعندما يكون على التردد نفسه فإنه يدل على أنه/ت/أو/ط/؛ وعندما يكون (أي F2) أعلى من مستواه الأصلي في الصائت فإنه/ك/أو/ق/؛ أما الطاء فلأنه صوت مطبق فإن تردد النطاق الرنيني الثاني يكون منخفضا ليس بالقرب من فترة القفل فقط ولكن في حالة الصائت ككل.

2 ـ الأصوات الوقفية المجهورة

تتصف أصوات الجهر بما تتصف به أصوات الهمس من حيث النطق الرنينية للصائت المجاور. فتردد النطاق الرنيني الأول F1 يكون منخفض كلما اقتربنا من فترة القفل. ولأن مخرج/ت/ هو نفس مخرج /د/ فإن بداية تردد النطاق الرنيني الثاني يقع تحت نفس التأثير. أي أنه لا يكون على تردد قريب من التردد المنتظم في منتصف الصائت. أما في حالة الباء فإن النطاق الرنيني الثاني يسلك مسارا شبيها بمسار النطاق الرنيني الأول F1 وهو انخفاض تردده كلما اقتربنا من فترة القفل.

وقد توصل العلماء من خلال التجارب إلى عدد من الدوال أو المفاتيح التي تعين على تمييز الصوامت الوقفية، ومن بينها،

* الترددات التي تتكون منها الحزمة الانتقالية.
* المدة التي تستغرقها هذه الحزمة.
* هيئة اتصال الحزمة الانتقالية بالحزمة الثانية في الحركة السابقة أو اللاحقة.
* موقع الانفجار أو النفس* التالي للصوت الوقفي.
* هيئة اتصال الانفجار أو النفس بحزم الحركة اللاحقة.

النوع الثاني : أصوات ذات ترددات غير منتظمة

من بين الأنواع الثلاثة للموجة الصوتية نوع تكون فيه الموجة غير منتظمة ليس لها نمط محدد في التردد، و نجد لهذا مثيل في مجموعة الأصوات اللغوية ممثلا في الأصوات الاحتكاكية.

1ـ الأصوات الاحتكاكية المهموسة

في أثناء النطق بهذه الأصوات يحدث أن يضيق مكان ما في الجهاز الصوتي لدرجة تسمح للهواء الخارج من هذا المخرج بأن يضطرب عشوائيا محدثا موجات غير منتظمة تظهر في رسوم الطيف على شكل حزمة ذات تردد وعرض معين
و الأصوات الاحتكاكية المهموسة منها ما هو مطبق و هو/ص/ ومنها ما هو غير ذلك وهي أصوات:/ف/،/ث/،/س/،/ش/،/خ/،/ح/،/هـ/، وهي كلها ذات خصائص متشابهة غير أنها متباينة من ناحية التردد والشدة.

أما بالنسبة لـ /ص/ الذي له نفس المخرج مع نظيره /س/ ولا يتميز عنه إلا بخاصية الإطباق، فلا يوجد فرق بينهما في الرسم الطيفي لا في الجوهر ولا حتى في التردد الذي نجده متطابقا في كليهما،

إنما نلجأ في التفريق بينهما إلى ملاحظة الصوت المجاور، حيث يظهر الفرق في تردد النطاق الرنيني الثاني للصائت المجاور، الذي يكون تردده منخفضا في حالة الصوت /ص/أكثر منه في حالة نظيره/س/.

2 ـ الأصوات الاحتكاكية المجهورة
وتتميز هذه الأصوات بأنها خليط من الموجات المنتظمة (الناتجة عن تردد الرقيقتين الصوتيتين)والموجات غير المنتظمة(الناتجة عن اضطراب الهواء الخارج من مخرج الصوت).
وتتمثل في أصوات/ذ/،/ز/،/ج/،/ع/،/غ/ وهي شبيهة بالاحتكاكية المهموسة عندما تظهر في الرسوم الطيفية، إلا أن الفرق بين المجموعتين يكون في حالة الأصوات المجهورة، إذ تظهر ترددات الرقيقتين الصوتيتين في أسفل الرسم الطيفي(300 هرتز)،أما المهموسة فخالية من أي تردد في هذا النطاق.
والصوت /ظ/من الأصوات المطبقة ويشترك مع هذه الأصوات في خاصية الجهر والاحتكاك إلا أن الفرق بينه وبينها هو الفرق نفسه بين/ص/،/س/ أي أن تردد النطاق الرنيني الثاني يكون منخفضا في حالة الصوت المطبق.


ملخص عام

.................في الأخير ننتهي إلى أن الأصوات اللغوية تنتج فيزيائيا بتحول النشاط النطقي إلى موجة صوتية، ويرتبط حدوثها بوجود جسم مهتز في وسط مرن قابل لنقل الاهتزاز يتولد من ذلك الكلام المسموع عن التغير في ضغط الهواء نتيجة لاندفاع هواء الزفير إلى الخارج أساسا، واعتراض أعضاء النطق في الحنجرة وقناة الصوت لتيار الهواء بألوان مختلفة من الاعتراض؛ كل ذلك ينشأ التضاغط والتخلخل في الوسط المرن الناقل، ويسمى الناتج عنه النغمة الحنجرية.التي هي نغمة مركبة تتضح فيها جميع خصائص الموجات التوافقية المركبة، تسبب ضخامة عدد التوافقيات المكونة لها تعرضها لعملية الرنين في تجاويف ما فوق الحنجرة؛ حيث يهتز الوتران الصوتيان اهتزازا حرا وتستجيب الفراغات بالاهتزاز القسري.

.................ويتم تصنيف أصوات الكلام إلى صوامت و صوائت فيزيائيا على أساس وجود أو انعدام النغمة الحنجرية، وكذا نشاط تجاويف ما فوق الحنجرة.حيث يكون لدينا الصوت النغمة، الذي تتوافر فيه النغمة الأساس، والترددات التوافقية المضاعفة لها و الصوت الضجة الذي يفتقد صفتي دورية الذبذبات والتكوين التوافقي والصوت خليطا من النغمة والضجة، أين تتوقف الكيفية التي يتم بها إدراكه على: نسبة المكونات وتوزيع القوة عليها؛ وينتج على أساس التردد أصوات عديمة الصوت لا تحدث أي تردد، وأصوات ذات ترددات منتظمة، وأصوات ذات الترددات غير المنتظمة؛ أما على أساس نشاط تجاويف ما فوق الحنجرة فيكون الصوت الرنان وشبه الرنان وغير الرنان.

.................وفي التصوير الطيفي لنغمة الحنجرة نحتاج إلى معرفة تردد الأساس والتغيرات التي تطرأ عليه في أثناء التصويت، وهو أمر لابد منه لمعرفة النمط التنغيمي الذي نُطقت به الحركة أو الحدث اللغوي بعامة، و معرفة ما يطرأ على نغمة الحنجرة من تغيرات بعد مرورها من خلال تجاويف ما فوق الحنجرة، نتيجة لتعرضها لعوامل الترشيح والرنين والتقوية، والاضمحلال، أي معرفة عدد الحزم التي تتكون منها الحركة وتردداتها، وهو أمر لابد منه لتمييز نوع الحركة.

.................ويقدم لنا جهاز المطياف إمكانات كبيرة لتسهيل تعرف هذين الجانبين، بالإضافة إلى بعض الإمكانات الأخرى. وهو يتكون من وحدات ثلاث، وهي: وحدة التسجيل، وتقوم بتسجيل الرسالة المراد تحليلها، و وحدة الترشيح وتقوم بترشيح الرسالة المنطوقة ووحدة الرسم وتقوم بإنجاز الرسم الطيفي على شاشة الجهاز مثلا.
و يُمدنا بمعلومات عن مجموعة النغمات المكونة للنغمة الأساس، وما يطرأ عليها من تغيرات أثناء التصويت، وكذا عن الزمن الذي يقوم بحسابه على البعد الأفقي عادة. وتوزيع القوة على الترددات المكونة والتي تظهر في الرسم على هيئة اختلاف في درجات السواد، أو على هيئة بياض بحيث تحظى الترددات الأقوى بدرجات سواد أو بياض أكبر.
.................و الحزم المكونة للنغمة الحنجرية Formants هي التي يعتمد عليها الباحث اعتمادا أساسيا في تمييز شخصية الحركة.إذ ينبغي عند تحليل الحزم المكونة للصوائت تمييز الموقع المطلق للحزم على سلم الترددات. والموقع النسبي لهذه الحزم، والموقع المطلق ظاهرة فردية تتعلق بصوت المتكلم الفرد وأما الموقع النسبي فيتعلق بنوع الحركة.

هذا كل ما ـ أمكن وتم جمعه ـ وإن كان ناقصا أو فيه أخطاء فهذه طبيعة البشر، ونسأل التمام من الله وحده ، والله من وراء القصد،

(والمعذرة من أصحاب الشأن)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مصادره ومراجعه

1ـ أرنست بولجرام: مدخل إلى التصوير الطيفي للكلام؛ تر: سعد عبد العزيز مصلوح ـ عالم الكتب القاهرة ـ2002م
2ـ سعد عبد العزيز مصلوح، دراسة السمع والكلام : صوتيات اللغة من الإنتاج إلى الإدراك؛ عالم الكتب: نشر، توزيع وطباعة ط1،1420هـ/2000م.
3ـ منصور محمد الغامدي: الصوتيات العربية،مكتبة الملك فهد الوطنية 1421هـ/ 2000م،

NEWFEL..
2011-09-06, 17:48
بارك الله فيك

شروق33
2011-09-07, 16:37
مرحبا انا نهاد اعيش في الولايات المتحدة الامريكية لي تجربة طويلة في عالم
الربح من الانترنت علمت الكثير من اخوتي العرب صارو اليوم بفضل الله يحققون دخل شهري
من الانترنت تصلني الكثير من الرسائل يوميا ولا استطيع الاجابة عنها كلها لهذا قد وضعت هذا الشرح ببساطة لكي يفهم الجميع كيفية الاشتراك وسحب ارباح كما راعيت المبتدئين في المجال تقبلو تحياتي نهاد اتمنى لكم ان تحققو كل ماتتمنوه في حياتك
http://neobuxforevernow.blogspot.com/