تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ساعي البريد


sollo44
2011-09-04, 11:59
ها هي علامات الكبر تلوح أمام العينين أخيرا . و ذلك الوهن المقيت بدأ يدفع لحظات السرور بعيدا لتحل محلها لحظات عسيرة كرجفان اليد و تجعد البشرة و ارتفاع الضغط و وهن العيون . تلك العيون العسلية التي كانت في يوم مضى شعلة مضطرمة من الجمال و السحر البديع ، ترى ماذا حل بها اليوم ؟ و ذلك الشعر الحريري نال نصيبه أيضا فقد وشع به الشيب و أضاءت به خيوطه البيضاء الصامتة و الموحية بقروب النهاية ، و بداخل ذلك الرأس المترنح مليون حكاية و مليون سر و أمنية . الجسم الهزيل ذو الساقين المستدقتين عند أخمص الأقدام ، إنه يحتضر فوق حافة السرير ، هل إنها النهاية هذه المرة؟؟
ماذا ستترك و راءك غير بدلتك السوداء الرسمية ، و حكايات رسائل خالطتها النشوة و الطموحات و الشجن ، بل أنت بحد ذاتك رسالة بقدمين تجول بين الشوارع و المدن و الحارات الضيقة ، أنت رسالة ود يا ساعي البريد ، تنتظرك العيون المتلهفة خلف البيبان ، بقلوب مازجتها عواطف القلق و اللهفة و الشوق في انتظار رسالة من عند الخطيب ، أو من عند ولد مغترب يقبع خلف الديار ، أو من والد هائم في أقاصي الأرض بحثا عن قوت العيال ، اليوم أقف لك بكل احترام ، احترام يليق بمقامك يا ناشر الأخبار السعيدة ، و يا صاحب المحفظة الجلدية القديمة المهترئة الأطراف . في صغري كنت أراك مهرولا في نشاط يشي بحبك لمهنتك ، و كانت يدك الخفيفة تضع الرسائل تحت الباب بينما تطرق اليد الأخرى على الباب في خفة مماثلة ثم سرعان ما تختفي بين الحيطان كالسراب . و أخيرا أعطتك مهنتك شكلك المحبوب ، و روحك الوديعة و قلبك المجاهر بمحبة الناس ...قال والدي مسيقنا : إن ساعي البريد هو الإنسان الوحيد الذي لا يفرق بين طبقات البشر، فهو يوصل الرسائل للفقراء و الأغنياء ، و لليتامى و الثكالى و كذلك للصوص و السكارى .
- كم من مرة تعرضت للإزعاج و أنت تمارس مهنتك ، كأن يتبعك الأولاد الصغار و هم يغنون خلفك في حبور " الفكتور الفكتور..... راهو يدور راهو يدور .....نديرولو قهوة و فطور " ..... أو أن تتعرض لعضة كلب شريد قرب مكب النفايات.
و ربما باغتك أحد الحمقى بحجارته المصوبة نحوك . و رغم ذلك كله تواصل عملك في خشوع .
- اليوم و بعد ذلك الزمن الجميل ، يلقيك القدر جثة هزيلة ضعيفة فوق السرير ... و محبوك يتسمرون حول سريرك متمنين لك الشفاء . و جاء الطبيب فجأة و رأسه يقذف بعينيه في كل اتجاه ، تطلع الجميع إلى عينيه الداهشتين فتيقنوا من صعوبة الموقف . و خلف الأكتاف تبودلت النظرات الحائرة و طارت الأماني و الدعوات بالشفاء لساعي البريد . و لكنه كان ينظر إليهم في ابتسامته المعهودة و طلب منهم أن يهونوا على أنفسهم ريثما يحين القضاء .
- رشف من كوب الشاي رشفة صغيرة ، و بالجهد عدل هيئته وسط محبيه ، و راح يتحدث بلا نهاية عن عمله الذي مارسه لثلاثين سنة كاملة . إنها مرحلة كفيلة بصنع الرجال و فيها تدجنت حواسه و من خلالها رأى الدنيا بعين متفحصة عليمة و قال بصوت مبحوح : لم أواجه في حياتي موقفا أصعب مما واجهته في ذلك اليوم ، كانت في يدي رسالتان لشخص واحد ، الأولى برقية بوفاة أمه و الثانية رسالة قبول من جامعة كامبردج لمواصلة دراسته هناك . ترددت في أيهما أدفع بها إليه أولا ...... أأفجعه في أمه أولا فتتحطم الدنيا في ناظريه ؟؟ أم أبشره بالقبول في الجامعة حتى تغمره السعادة المتفجرة ثم أطيح بأحلامه في ضربة واحدة عندما أنعي إليه أمه ؟ .... ماذا عساي أفعل في حيرتي ؟؟... اتخذت آخر الأمر قرارا صعبا و فعلت ما يمليه علي الضمير .
- تنهد ساعي البريد و استند إلى وسادة بجانبه بينما راح ينظر إلى الطبيب و الزوار و الورد عند النافذة و قال في تسليم : أعتقد أنني أديت رسالتي في الحياة

fatimazahra2011
2011-09-04, 14:59
http://noorfatema.com/images/b/noorfatema12.gif
http://i4.glitter-graphics.org/pub/120/120694amtl4adb8a.gif

http://s002.radikal.ru/i197/1006/78/3df41f42b29c.gif

http://img5.dreamies.de/img/575/b/25f6vl3tvca.gif

ி ιllιl █║▌│▌║║█│║▌║║▌│▌ ⊙△⊙

sollo44
2011-09-08, 13:14
شكرا جزيلا على تشجيعك .

اسراء نور
2011-09-10, 18:36
رائع هل هده هي النهاية"؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

sollo44
2011-09-11, 11:59
رائع هل هده هي النهاية"؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :
ستكون هناك تكملة بحول الله و في القريب العاجل أيضا ... أتمنى منكم التفاعل و النقد و التوجيه .
- انتظروني
سلام