تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : احذر السقوط -- كلام نفيس للإمام ابن القيم رحمه الله--


** أم عبد الرحمن **
2011-09-01, 16:25
كلما عمل العبد معصية نزل إلى أسفل درجة،

ولا يزال في نزول حتى يكون من الأسفلين،

وكلما عمل طاعة ارتفع بها درجة،

ولا يزال في ارتفاع حتى يكون من الأعلين.

وقد يجتمع للعبد في أيام حياته الصعود من وجه،

والنزول من وجه،

وأيهما كان أغلب عليه كان من أهله،

فليس من صعد مائة درجة ونزل درجة واحدة،

كمن كان بالعكس.

ولكن يعرض هاهنا للنفوس غلط عظيم،

وهو أن العبد قد ينزل نزولا بعيدا أبعد مما بين المشرق والمغرب،

ومما بين السماء والأرض،

فلا يفي صعوده ألف درجة بهذا النزول الواحد،

كما في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

«إن العبد ليتكلم بالكلمة الواحدة ،

لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار أَبْعَدَ مما بين المشرق

والمغرب».

فأي صعود يوازن هذه النزلة ؟

والنزول أمر لازم للإنسان،

ولكن من الناس من يكون نزوله إلى غفلة،

فهذا متى استيقظ من غفلته عاد إلى درجته،

أو إلى أرفع منها بحسب يقظته.

ومنهم من يكون نزوله إلى مباح لا ينوي به الاستعانة

على الطاعة،

فهذا متى رجع إلى الطاعة فقد يعود إلى درجته،

وقد لا يصل إليها ،

وقد يرتفع عنها،

فإنه قد يعود أعلى همة مما كان،

وقد يكون أضعف همة ،

وقد تعود همته كما كانت.

ومنهم من يكون نزوله إلى معصية،

إما صغيرة أو كبيرة،

فهذا يحتاج في عوده إلى درجته إلى توبة نصوح،

وإنابة صادقة.

واختلف الناس هل يعود بعد التوبة إلى درجته التي كان فيها،

بناء على أن التوبة تمحو أثر الذنب،

وتجعل وجوده كعدمه فكأنه لم يكن،

أو لا يعود،

بناء على أن التوبة تأثيرها في إسقاط العقوبة،

وأما الدرجة التي فاتته فإنه لا يصل إليها.

قالوا :

ومثل ذلك رجلان يرتقيان في سلمين لا نهاية لهما،

وهما سواء،

فنزل أحدهما إلى أسفل،

ولو درجة واحدة،

ثم استأنف الصعود،

فإن الذي لم ينزل يعلو عليه ولا بد.

وحكم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين الطائفتين حكما مقبولا فقال:

التحقيق أن من التائبين من يعود إلى أرفع من درجته،

ومنهم من يعود إلى مثل درجته،

ومنهم من لا يصل إلى درجته.

قلت :

وهذا بحسب قوة التوبة وكمالها،

وما أحدثته المعصية للعبد من الذل والخضوع والإنابة،

والحذر والخوف من الله،

والبكاء من خشية الله،

فقد تقوى هذه الأمور،

حتى يعود التائب إلى أرفع من درجته،

ويصير بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة،

فهذا قد تكون الخطيئة في حقه رحمة،

فإنها نفت عنه داء العجب،

وخلصته من ثقته بنفسه وإدلاله بأعماله،

ووضعت خد ضراعته وذله وانكساره على عتبة

باب سيده ومولاه،

وعرفته قدره،

وأشهدته فقره وضرورته إلى حفظ مولاه له،

وإلى عفوه عنه ومغفرته له،

وأخرجت من قلبه صولة الطاعة،

وكسرت أنفه من أن يشمخ بها أو يتكبر بها،

أو يرى نفسه بها خيرا من غيره،

وأوقفته بين يدي ربه موقف الخطائين المذنبين،

ناكس الرأس بين يدي ربه،

مستحيا خائفا منه وجلا،

محتقرا لطاعته مستعظما لمعصيته،

عرف نفسه بالنقص والذم.

وربه متفرد بالكمال والحمد والوفاء كما قيل:


استأثر الله بالوفاء وبالحمد ... وولى الملامة الرجلا


فأي نعمة وصلت من الله إليه استكثرها على نفسه

ورأى نفسه دونها ولم يرها أهلا،

وأي نقمة أو بلية وصلت إليه رأى نفسه أهلا لما هو أكبر منها،

ورأى مولاه قد أحسن إليه،

إذ لم يعاقبه على قدر جرمه ولا شطره،

ولا أدنى جزء منه.

فإن ما يستحقه من العقوبة لا تحمله الجبال الراسيات،

فضلا عن هذا العبد الضعيف العاجز،

فإن الذنب وإن صغر،

فإن مقابلة العظيم الذي لا شيء أعظم منه،

الكبير الذي لا شيء أكبر منه،

الجليل الذي لا أجل منه ولا أجمل،

المنعم بجميع أصناف النعم دقيقها وجلها من أقبح الأمور

وأفظعها وأشنعها،

فإن مقابلة العظماء والأجلاء وسادات الناس بمثل ذلك يستقبحه

كل أحد مؤمن وكافر.

وأرذل الناس وأسقطهم مروءة من قابلهم بالرذائل،

فكيف بعظيم السماوات والأرض،

وملك السماوات والأرض،

وإله أهل السماوات والأرض؟

ولولا أن رحمته سبقت غضبه،

ومغفرته سبقت عقوبته،

وإلا لتدكدكت الأرض بمن قابله بما لا يليق مقابلته به،

ولولا حلمه ومغفرته لزلزلت السماوات والأرض من معاصي

العباد،

قال تعالى :

﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾[ سورة فاطر:41].

فتأمل ختم هذه الآية باسمين من أسمائه ،

وهما : " الحليم ، والغفور "

كيف تجد تحت ذلك أنه لولا حلمه عن الجناة ومغفرته للعصاة

لما استقرت السماوات والأرض ؟

وقد أخبر سبحانه عن كفر بعض عباده أنه :

﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا﴾ [سورة مريم: 90].

وقد أخرج الله سبحانه الأبوين من الجنة بذنب واحد ارتكباه

وخالفا فيه نهيه،

ولعن إبليس وطرده وأخرجه من ملكوت السماوات والأرض

بذنب واحد ارتكبه وخالف فيه أمره،

ونحن معاشر الحمقى كما قيل :

نصل الذنوب إلى الذنوب ونرتجي ... درج الجنان لذي النعيم الخالد

ولقد علمنا أخـرج الأبوين من ... ملكوتـه الأعلى بذنب واحد

والمقصود أن العبد قد يكون بعد التوبة خيراً مما كان قبل

الخطيئة وأرفع درجة،

وقد تضعف الخطيئة همته وتوهن عزمه،

وتمرض قلبه،

فلا يقوى دواء التوبة على إعادته إلى الصحة الأولى،

فلا يعود إلى درجته،

وقد يزول المرض بحيث تعود الصحة كما كانت

ويعود إلى مثل عمله، فيعود إلى درجته.

هذا كله إذا كان نزوله إلى معصية،

فإن كان نزوله إلى أمر يقدح في أصل إيمانه،

مثل الشكوك والريب والنفاق،

فذاك نزول لا يرجى لصاحبه صعود إلا بتجديد إسلامه.


الجواب الكافي للإمام ابن القيم رحمه الله

الموضوع منقول من :

شبكة الإمام الآجري

geographe
2011-09-01, 18:55
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

وغفر الله لك ولوالديك وجزاهم عنك أحسن الجزاء ورزقكم الجنة اللهم آمين يا رب العالمين

سالكة نهج النبي
2011-09-01, 21:02
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موعظة نفيسة -والله-، وما أكثر مثل هذه المواعظ في كتُب الشيخ الواعظ ابن القيم رحمة الله عليه
جزاك الله خيرا أختي على حسن النقل
وبارك الله فيك
مواضيعك في القمّة

نهج السلف
2011-09-01, 22:05
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيك أم عبد الرحمن على النقل الطيب

مواضيعك في الصميم

أختك أم سارة

** أم عبد الرحمن **
2011-09-01, 22:15
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيك أم عبد الرحمن على النقل الطيب

مواضيعك في الصميم

أختك أم سارة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا بالطيبة أمّ سارة ، وفيكِ بارك الله
جزاك الله خيرا أخيتي وثبتنا وإياك
أخيتي هل سجّلتي هناك ، لأنّهم مدّدوا الفترة وآخر أجل الجُمعة ، إذا لم يتم تفعيل عضويتك وأردتِ الاشتراك فأعليميني حتّى أُعلِمهم فهي فُرصةٌلا تُعوَّض.
وفقنا الله وإياك.

** أم عبد الرحمن **
2011-09-01, 22:18
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موعظة نفيسة -والله-، وما أكثر مثل هذه المواعظ في كتُب الشيخ الواعظ ابن القيم رحمة الله عليه
جزاك الله خيرا أختي على حسن النقل
وبارك الله فيك
مواضيعك في القمّة


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكِ الله خيرا أُخيَّة ووفقنا الله وثبتنا وإياكِ
وجعلنا جميعا من السلكين نهج نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم
ومواضيعي ما هي إلى نقل عسى أن تنفعنا وإياكم.

** أم عبد الرحمن **
2011-09-01, 22:20
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

وغفر الله لك ولوالديك وجزاهم عنك أحسن الجزاء ورزقكم الجنة اللهم آمين يا رب العالمين

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
غفر الله لنا ولكم و لجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.
جزاكم الله خيرا على الدعاء الطيب

نهج السلف
2011-09-01, 23:00
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا بالطيبة أمّ سارة ، وفيكِ بارك الله
جزاك الله خيرا أخيتي وثبتنا وإياك
أخيتي هل سجّلتي هناك ، لأنّهم مدّدوا الفترة وآخر أجل الجُمعة ، إذا لم يتم تفعيل عضويتك وأردتِ الاشتراك فأعليميني حتّى أُعلِمهم فهي فُرصةٌلا تُعوَّض.
وفقنا الله وإياك.

بارك الله فيك أم عبد الرحمن و جزاك الجنة على المعروف الذي أسديته لي

و قد تلقيت رساله بأنه تم تسجيلي و تفعيل عضويتي

و أعتذر كثيرا أختي على التأخر فأنا جد مشغولة و أنت تعلمين الأحوال

لكن أختي المشروع لا أستطيع الإنضمام إليه الآن لأنني في الأيام القادمة إن شاء الله سأكون غائبة كليا إلا أن يشاء الله

إن عدت سأنضم بإذن الله أسأل الله فقط أن يسر لي العودة للخير إن شاء الله

إلى لقاء إن شاء الله عز و جل أختي

*أم سلمى*
2011-09-02, 09:52
وعليكم السلام
بارك الله فيك اختي امة الله جعله الله في ميزان حسناتك

youcef00
2011-09-02, 10:12
جزاك الله خير

** أم عبد الرحمن **
2011-09-02, 14:31
بارك الله فيك أم عبد الرحمن و جزاك الجنة على المعروف الذي أسديته لي

و قد تلقيت رساله بأنه تم تسجيلي و تفعيل عضويتي

و أعتذر كثيرا أختي على التأخر فأنا جد مشغولة و أنت تعلمين الأحوال

لكن أختي المشروع لا أستطيع الإنضمام إليه الآن لأنني في الأيام القادمة إن شاء الله سأكون غائبة كليا إلا أن يشاء الله

إن عدت سأنضم بإذن الله أسأل الله فقط أن يسر لي العودة للخير إن شاء الله

إلى لقاء إن شاء الله عز و جل أختي

الحمد لله على كلِّ حال
أسأل الله أن يُيسر أمورك ويوفقك لكل خير، وأن يجعلك من الفائزين في الدُنيا والآخرة
أستودعُكِ الله الذي لا تضيع ودائعه
ثبتنا الله وإياك يا أُمّ سارة

في أمان الله

** أم عبد الرحمن **
2011-09-02, 14:32
وعليكم السلام
بارك الله فيك اختي امة الله جعله الله في ميزان حسناتك

جزاك الله خير

بارك الله فيكما وجزاكما الله خيرا على المرور الطيب

عُبيد الله
2011-09-03, 06:35
بارك الله فيك وجزاك خيرا
نسأل الله التوفيق وأن يعزنا بطاعته وان لا يذلنا بمعصيته
نصل الذنوب إلى الذنوب ونرتجي ... درج الجنان لذي النعيم الخالد

ولقد علمنا أخـرج الأبوين من ... ملكوتـه الأعلى بذنب واحد

جواهر الجزائرية
2011-09-03, 08:16
السلام عليكم
بارك الله فيك اختاه على هذا النقل الطيب
بوركت اخية وثبتك الله وإيانا لما فيه خير الجميع

** أم عبد الرحمن **
2011-09-03, 14:26
السلام عليكم
بارك الله فيك اختاه على هذا النقل الطيب
بوركت اخية وثبتك الله وإيانا لما فيه خير الجميع

آمين آمين آمين

بارك الله فيك وجزاك خيرا

نسأل الله التوفيق وأن يعزنا بطاعته وان لا يذلنا بمعصيته

نصل الذنوب إلى الذنوب ونرتجي ... درج الجنان لذي النعيم الخالد

ولقد علمنا أخـرج الأبوين من ... ملكوتـه الأعلى بذنب واحد

آمين آمين آمين


جزاكما الله خيرا على المرور الطيب

وثبتنا الله وإياكما على الحقّ حتى نلقاه