isyami
2011-08-30, 22:13
السلام عليكم ورحمة الله...
"أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيراوني (310هـ-386هـ").
يعتبر من أكبر فقهاء الغرب الإسلامي حتى لقّب بمالك الصّغير،و قد اعتبره مؤرّخو المدرسة المالكيّة الحلقة الفاصلة بين طبقة المتقدّمين و طبقة المتأخّرين من الفقهاء المالكيّة.
فإذا قال المالكيّة "المتقدّمون" فإنهم يعنون بهم من جاؤوا قبل ابن أبي زيد القيراوني من تلامذة دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه كعبد الرحمان بن القاسم و نظراؤه من مالكية مصر كابن وهب و ابن عبد الحكم و أصبغ بن الفرج و أشهب عبد العزيز....
و أيضا الإمام سحنون و نظراؤه كابن الماجشون و علي بن زياد و أسد بن الفرات و غيرهم.
أما إذا قال المالكية "المتأخّرون" فيقصد بهم إبن أبي زيد و ما جاء بعده من علماء المالكية، قال محمد عرفة الدّسوقي في حاشيته على الشّرح الكبير لأبي البركات أحمد الدّردير : "إن أوّل طبقات المتأحّرين طبقة إبن أبي زيد،و أما من قبله فمتقدّمون (1/25).
و إذا أطلق المالكية مصطلح "الشّيخان" فهما عبد الله بن أبي زيد القيراوني و أبو الحسن القابسي القيراوني أيضا.
وإطلاق مصطلح" الشيّخ" يعني إثنين من أعلام المالكيّة، فإذا أطلق محمد بن عرفة الورغمّي (803هـ) مصطلح "الشيّخ" فإنه يعني ابن أبي زيد ( و هذا الذي يهمنا) .
- ترك ابن أبي زيد أثارا غزيرة تعتبر مبتكرة في مجالاتها و لعلّ من بينها :
- كتاب الرّسالة الذي يعدّ المصدر الفقهي المالكي بعد مدوّنة الإمام سحنون (240هـ)،
- كتاب الجامع في السّنن و الآداب و التّاريخ .
- النّوادر و الزّيادات على ما في المدوّنة من غيرها من الأمّهات .
- الفتاوي .
- الذّّب عن مذهب مالك.
- مختصر المدوّنة.
فإنّ ابن أبي زيد ينتمي إلى المدرسة القروية أو القيروانيّة التي قارنها أحمد المقّري التّلمساني بالمدرسة المالكيّة العراقية التي كانت متأثّرة بالمدوّنة السّحنونية و بابن أبي زيد و بآثاره.
و شهرة ابن أبي زيد بلغت الآفاق، و لقد أثنت كتب الّتراجم على سعة علمه ، فهذا أبو إسحاق الشّيرازي يقول في كتابه "طبقات الفقهاء" "إليه إنتهت الرّئاسة في الفقه، و كان يسمّى مالك الصّغير".
و لقد وصفه القاضي عياض في المدارك بإمام المالكية في وقته و قدوتهم، و جامع مذهب مالك و شارح أقواله، لخّص المذهب و ضمّ نشره و ذبّ عنه.
كما حلاّه الحافظ الذّهبي ب"الإمام العلاّمة القدوة الفقيه، عالم أصل المغرب و يقال له مالك الصّغير.
الرّسالة : هي أشهر كتب ابن أبي زيد رغم صغر حجمها،و من أشهر وأنفس ذخائر التراث المالكي، بل المصدر الثالث في المذهب بعد الموطأ والمدونة ، والكتيب على صغر حجمه واختصاره، حوى بين دفتيه أربعة آلاف مسألة، يجب على المكلف معرفتها ولا يسعه جهلها ،ألّفها في شبابه و سنّه سبعة عشر عاما بطلب من الشّيخ محرز بن خلف .
أفصح المؤلف في المقدمة عن موضوع رسالته وأنه ألفها تلبية لطلب سائل فقال : فإنك سألتني أن أكتب لك جملة مختصرة من واجب أمور الديانات مما تنطق به الألسنة، وتعتقده الأفئدة، وتعلمه الجوارح، وما يتعلق بالواجب من ذلك في السنن من مؤكدها ونوافلها ورغائبها وشيء من الآداب منها، وجمل من أصول الفقه، وفنونه على مذهب الإمام مالك بن أنس وطريقته.
والكتاب قد تضمن مسائل عقدية: تتعلق بما تنطق به الألسن وتعتقده الأفئدة، من واجب أمور الديانات، ومسائل فقهية من: الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والنكاح والبيوع ، والوصايا، والمدبر، والمكاتب ، والشفعة، والهبة، والصدقة، والحبس، والرهن، والعارية، والوديعة، واللقطة، وأحكام الدماء، والحدود، والأقضية، والشهادات، والأطعمة، وغيرها، بالإضافة إلى بعض الآداب الشرعية.
وقد سلك المؤلف رحمه الله منجها رصينا،وأسلوبا واضحا، وجنح إلى الاختصار المفيد حتى لا يتم الإخلال بالمقصود، مجتنبا بذلك الحشو والزيادة، والاعتماد على المشهور والراجح من المذهب دون ذكر الخلاف، ولا عجب في هذا فالكتاب قد رام فيه مؤلفه تبصرة للمبتدئين.
، و مع أنّها أوّل تآليفه فقد بارك الله فيها و انتشرت في الآفاق و تنافس النّاس في شرائها و العلماء في شرحها .
رُوي أن أول نسخة منه بيعت ببغداد في حلقة أبي بكر الأبهري بوزنها ذهبا، كما رُوي أن بعض نسخه كتبت بالذهب، وليس هذا فحسب فقد انكب عليه المعلمون والمتعلمون بالقراءة والشرح والتعليق قديما وحديثا، بحيث اعتبرها القرافي : من جملة خمسة كتب عكف عليها المالكيون شرقا وغربا، وأنشد في الثناء عليها القاضي عبد الوهاب البغدادي قائلا :
رسالة علم صاغها العلم النهد *** قد اجتمعت فيها الفرائض والزهد
أصول أضاءت بالهدى فكأنما *** بدا لعيون الناظرين بها الرشد
وفي صدرها علم الديانة واضح *** وآداب خير الخلق ليس لها ند
لقد أم بانيها السداد فذكره *** بها خالد ما حج واعتمر الوفد
وقد ذكر الدكتور عمر الجيدي أن الأعمال التي أقميت حول الرسالة بلغت ثلاث وخمسين عملا، وأشار إلى أن الشيخ حسن حسني عبد الوهاب ذكر أن عدد شروح الرسالة يفوق المائة، نخص منها بالذكر على سبيل المثال: شرح القاضي عبد الوهاب، وقد بيعت أول نسخة منه بمائة مثقال ذهبا، وممن شرحها أيضا: يوسف بن عمر الأنفاسي، وقاسم بن عيسى بن ناجي، وأبو العباس القلشاني، وابن الفخار، وغيرهم.
وقد لقي الكتاب اهتماما بليغا أيضا من لدن المستشرقين وترجموه إلى اللغتين الانجليزية والفرنسية.
طبع على الحجر في فاس في 88 صفحة , وفي المطبعة الاميرية بولاق سنة 1314 هـ في 254 صفحة , وفي مصر سنة 1320 و 1331 هـ , وفي مطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر سنة 1338 هـ وبهامشها الشرح المسمى: الثمر الداني في تقريب المعاني لرسالة ابن ابي زيد القيرواني للشيخ صالح بن عبد السميع الآبي الأزهري , وفي دار الغرب الإسلامي الطبعة الثانية 1997م بتحقيق د. الهادي حمو، د ومحمد أبو الأجفان , وفي المكتبة الثقافية بيروت وغير ذلك.
إليكم كتاب الرسالة على شكل ملف pdf و معه الثمر الداني في تقريب المعاني على هامشه لنفس المؤلف.
الرابط
http://www.archive.org/download/RISALAZAID/RISALAZAID.pdf
إسم الملف
RISALAZAID.pdf
لا تنسوا الدعاء لي بارك الله فيكم.
تحياتي...
"أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيراوني (310هـ-386هـ").
يعتبر من أكبر فقهاء الغرب الإسلامي حتى لقّب بمالك الصّغير،و قد اعتبره مؤرّخو المدرسة المالكيّة الحلقة الفاصلة بين طبقة المتقدّمين و طبقة المتأخّرين من الفقهاء المالكيّة.
فإذا قال المالكيّة "المتقدّمون" فإنهم يعنون بهم من جاؤوا قبل ابن أبي زيد القيراوني من تلامذة دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه كعبد الرحمان بن القاسم و نظراؤه من مالكية مصر كابن وهب و ابن عبد الحكم و أصبغ بن الفرج و أشهب عبد العزيز....
و أيضا الإمام سحنون و نظراؤه كابن الماجشون و علي بن زياد و أسد بن الفرات و غيرهم.
أما إذا قال المالكية "المتأخّرون" فيقصد بهم إبن أبي زيد و ما جاء بعده من علماء المالكية، قال محمد عرفة الدّسوقي في حاشيته على الشّرح الكبير لأبي البركات أحمد الدّردير : "إن أوّل طبقات المتأحّرين طبقة إبن أبي زيد،و أما من قبله فمتقدّمون (1/25).
و إذا أطلق المالكية مصطلح "الشّيخان" فهما عبد الله بن أبي زيد القيراوني و أبو الحسن القابسي القيراوني أيضا.
وإطلاق مصطلح" الشيّخ" يعني إثنين من أعلام المالكيّة، فإذا أطلق محمد بن عرفة الورغمّي (803هـ) مصطلح "الشيّخ" فإنه يعني ابن أبي زيد ( و هذا الذي يهمنا) .
- ترك ابن أبي زيد أثارا غزيرة تعتبر مبتكرة في مجالاتها و لعلّ من بينها :
- كتاب الرّسالة الذي يعدّ المصدر الفقهي المالكي بعد مدوّنة الإمام سحنون (240هـ)،
- كتاب الجامع في السّنن و الآداب و التّاريخ .
- النّوادر و الزّيادات على ما في المدوّنة من غيرها من الأمّهات .
- الفتاوي .
- الذّّب عن مذهب مالك.
- مختصر المدوّنة.
فإنّ ابن أبي زيد ينتمي إلى المدرسة القروية أو القيروانيّة التي قارنها أحمد المقّري التّلمساني بالمدرسة المالكيّة العراقية التي كانت متأثّرة بالمدوّنة السّحنونية و بابن أبي زيد و بآثاره.
و شهرة ابن أبي زيد بلغت الآفاق، و لقد أثنت كتب الّتراجم على سعة علمه ، فهذا أبو إسحاق الشّيرازي يقول في كتابه "طبقات الفقهاء" "إليه إنتهت الرّئاسة في الفقه، و كان يسمّى مالك الصّغير".
و لقد وصفه القاضي عياض في المدارك بإمام المالكية في وقته و قدوتهم، و جامع مذهب مالك و شارح أقواله، لخّص المذهب و ضمّ نشره و ذبّ عنه.
كما حلاّه الحافظ الذّهبي ب"الإمام العلاّمة القدوة الفقيه، عالم أصل المغرب و يقال له مالك الصّغير.
الرّسالة : هي أشهر كتب ابن أبي زيد رغم صغر حجمها،و من أشهر وأنفس ذخائر التراث المالكي، بل المصدر الثالث في المذهب بعد الموطأ والمدونة ، والكتيب على صغر حجمه واختصاره، حوى بين دفتيه أربعة آلاف مسألة، يجب على المكلف معرفتها ولا يسعه جهلها ،ألّفها في شبابه و سنّه سبعة عشر عاما بطلب من الشّيخ محرز بن خلف .
أفصح المؤلف في المقدمة عن موضوع رسالته وأنه ألفها تلبية لطلب سائل فقال : فإنك سألتني أن أكتب لك جملة مختصرة من واجب أمور الديانات مما تنطق به الألسنة، وتعتقده الأفئدة، وتعلمه الجوارح، وما يتعلق بالواجب من ذلك في السنن من مؤكدها ونوافلها ورغائبها وشيء من الآداب منها، وجمل من أصول الفقه، وفنونه على مذهب الإمام مالك بن أنس وطريقته.
والكتاب قد تضمن مسائل عقدية: تتعلق بما تنطق به الألسن وتعتقده الأفئدة، من واجب أمور الديانات، ومسائل فقهية من: الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والنكاح والبيوع ، والوصايا، والمدبر، والمكاتب ، والشفعة، والهبة، والصدقة، والحبس، والرهن، والعارية، والوديعة، واللقطة، وأحكام الدماء، والحدود، والأقضية، والشهادات، والأطعمة، وغيرها، بالإضافة إلى بعض الآداب الشرعية.
وقد سلك المؤلف رحمه الله منجها رصينا،وأسلوبا واضحا، وجنح إلى الاختصار المفيد حتى لا يتم الإخلال بالمقصود، مجتنبا بذلك الحشو والزيادة، والاعتماد على المشهور والراجح من المذهب دون ذكر الخلاف، ولا عجب في هذا فالكتاب قد رام فيه مؤلفه تبصرة للمبتدئين.
، و مع أنّها أوّل تآليفه فقد بارك الله فيها و انتشرت في الآفاق و تنافس النّاس في شرائها و العلماء في شرحها .
رُوي أن أول نسخة منه بيعت ببغداد في حلقة أبي بكر الأبهري بوزنها ذهبا، كما رُوي أن بعض نسخه كتبت بالذهب، وليس هذا فحسب فقد انكب عليه المعلمون والمتعلمون بالقراءة والشرح والتعليق قديما وحديثا، بحيث اعتبرها القرافي : من جملة خمسة كتب عكف عليها المالكيون شرقا وغربا، وأنشد في الثناء عليها القاضي عبد الوهاب البغدادي قائلا :
رسالة علم صاغها العلم النهد *** قد اجتمعت فيها الفرائض والزهد
أصول أضاءت بالهدى فكأنما *** بدا لعيون الناظرين بها الرشد
وفي صدرها علم الديانة واضح *** وآداب خير الخلق ليس لها ند
لقد أم بانيها السداد فذكره *** بها خالد ما حج واعتمر الوفد
وقد ذكر الدكتور عمر الجيدي أن الأعمال التي أقميت حول الرسالة بلغت ثلاث وخمسين عملا، وأشار إلى أن الشيخ حسن حسني عبد الوهاب ذكر أن عدد شروح الرسالة يفوق المائة، نخص منها بالذكر على سبيل المثال: شرح القاضي عبد الوهاب، وقد بيعت أول نسخة منه بمائة مثقال ذهبا، وممن شرحها أيضا: يوسف بن عمر الأنفاسي، وقاسم بن عيسى بن ناجي، وأبو العباس القلشاني، وابن الفخار، وغيرهم.
وقد لقي الكتاب اهتماما بليغا أيضا من لدن المستشرقين وترجموه إلى اللغتين الانجليزية والفرنسية.
طبع على الحجر في فاس في 88 صفحة , وفي المطبعة الاميرية بولاق سنة 1314 هـ في 254 صفحة , وفي مصر سنة 1320 و 1331 هـ , وفي مطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر سنة 1338 هـ وبهامشها الشرح المسمى: الثمر الداني في تقريب المعاني لرسالة ابن ابي زيد القيرواني للشيخ صالح بن عبد السميع الآبي الأزهري , وفي دار الغرب الإسلامي الطبعة الثانية 1997م بتحقيق د. الهادي حمو، د ومحمد أبو الأجفان , وفي المكتبة الثقافية بيروت وغير ذلك.
إليكم كتاب الرسالة على شكل ملف pdf و معه الثمر الداني في تقريب المعاني على هامشه لنفس المؤلف.
الرابط
http://www.archive.org/download/RISALAZAID/RISALAZAID.pdf
إسم الملف
RISALAZAID.pdf
لا تنسوا الدعاء لي بارك الله فيكم.
تحياتي...