salaf
2011-08-29, 07:15
بسم الله الرحمن الرحيم
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم تعظيمهم وطاعتهم ، حسب ما جاءت به الشريعة ؛ لأنهم إذا احتقروا أمام الناس ، وأذلوا ، وهون أمرهم ؛ ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى ، ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ .
فهذان الصنفان من الناس : العلماء والأمراء ، إذا احتقروا أمام أعين الناس فسدت الشريعة ، وفسدت الأمن ، وضاعت الأمور ، وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم ، وكل إنسان يرى لأنه هو الأمير ، فضاعت الشريعة وضاعت البلاد ، ولهذا أمر الله تعالى بطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء: 59] .
ونضرب لكم مثلاً : إذا لم يعظم العلماء والأمراء ، فإن الناس إذا سمعوا من العالم شيئاً قالوا : هذا هين ، قال فلان خلاف ذلك .
أو قالوا : هذا هين هو يعرف ونحن نعرف ، كما سمعنا عن بعض السفهاء الجهال ، أنهم إذا جودلوا في مسألة من مسائل العلم ، وقيل لهم : هذا قول الإمام أحمد بن حنبل ، أو هذا قول الشافعي ، أو قول مالك ، أو قول أبي حنيفة ، أو قول سفيان ، أو ما أشبه ذلك قال : نعم ، هم رجال ونحن رجال ، لكن فرق بين رجولة هؤلاء ورجولة هؤلاء ، من أنت حتى تصادم بقولك وسوء فهمك وقصور علمك وتقصيرك في الاجتهاد وحتى تجعل نفسك نداً لهؤلاء الأئمة رحمهم الله ؟
فإذا استهان الناس بالعلماء كل واحد يقول : أنا العالم ، أنا النحرير ، أنا الفهامة ، أنا العلامة ، أنا البحر الذي لا ساحل له وصار كل يتكلم بما شاء ، ويفتي بما شاء ، ولتمزقت الشريعة بسبب هذا الذي يحصل من بعض السفهاء .
وكذلك الأمراء ، إذا قيل لواحد مثلاً : أمر الولي بكذا وكذا ، قال : لا طاعة له ؛ لأنه مخل بكذا ومخل بكذا ، وأقول : إنه إذا أخل بكذا وكذا ، فذنبه عليه ، وأنت مأمور بالسمع والطاعة ، حتى وإن شربوا الخمور وغير ذلك ما لم نر كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان ، وإلا فطاعتهم واجبة ؛ ولو فسقوا ، ولو عتو ، ولو ظلموا
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ))(185) .
وقال لأصحابه فيما إذا أخل الأمراء بواجبهم ، قال : (( اسمعوا وأطيعوا فإنما عليكم ما حملتم وعليهم ما حملوا )) (186).
أما أن نريد أن تكون أمراؤنا كأبي بكر وعمر ، وعثمان وعلى ، فهذا لا يمكن ، لنكن نحن صحابة أو مثل الصحابة حتى يكون ولاتنا مثل خلفاء الصحابة .
أما والشعب كما نعلم الآن ؛ أكثرهم مفرط في الواجبات ، وكثير منتهك للحرمات ، ثم يريدون أن يولي الله عليهم خلفاء راشدين ، فهذا بعيد ، لكن نحن علينا أن نسمع ونطيع ، وإن كانوا هم أنفسهم مقصرين فتقصيرهم هذا عليهم . عليهم ما حملوا ، وعلينا ما حملنا .
فإذا لم يوقر العلماء ولم يوقر الأمراء ؛ ضاع الدين والدنيا . نسأل الله العافية .
جواب سماحة الشيخ : عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - :
سؤال :
سماحة الشيخ , هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم ومحاولة التغيير وإن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد , والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة , فما رأي سماحتكم ؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين , وصلى الله على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه , أما بعد :
فقد قال الله عز وجل : (( ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) - النساء 59 -
فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر وهم الأمراء والعلماء وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة , وهي فريضة في المعروف .
والنصوص من السنة تبين المعنى , وتفيد بأن المراد : طاعتهم بالمعروف , فيجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي , فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية , لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا من ولي عليه وال , فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله , ولا ينزعن يدا من طاعة ) , ( ومن خرج من الطاعة , وفارق الجماعة, فمات , مات ميتة جاهلية ) وقال صلى الله عليه وسلم http://www.sahab.net/ipb/public/style_emoticons/default/sad.gif على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره , إلا أن يؤمر بمعصية , فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )
وسأله الصحابة - لما ذكر أنه سيكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون - قالوا : فما تأمرونا ؟ قال : ( أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم ) .
قال عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا , وأثرَة علينا , وأن لا ننازع الأمر أهله " , وقال :" إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " .
فهذا يدل على أنهم لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان , وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا , وشرا عظيما , فيختل به الأمن , وتضيع الحقوق , ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم , وتختل السبل ولا تأمن , فيترتب على الخروج على ولاة الأمر فساد عظيم وشر كبير , إلا إذا رأى المسلمون كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان , فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة , أما إذا لم يكن عندهم قدرة , فلا يخرجوا , أو كان الخروج يسبب شرا أكثر فليس لهم الخروج , رعاية للمصالح العامة , والقاعدة الشرعية المجمع عليها ( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه , بل يجب درء الشر بما يزيله ويخففه ) .
وأما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين , فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرا بواحا وعندهم قدرة تزيله بها , وتضع إماما صالحا طيبا , من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس .
أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد واختلال الأمن وظلم الناس واغتيال من لا يستحق الإغتيال , إلى غير هذا من الفساد العظيم , فهذا لا يجوز , بل يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور والدعوة لهم بالخير , والإجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير , هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة , ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير , ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر , نسأل الله للجميع التوفيق والهداية .
---------
المصدر :
فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم تعظيمهم وطاعتهم ، حسب ما جاءت به الشريعة ؛ لأنهم إذا احتقروا أمام الناس ، وأذلوا ، وهون أمرهم ؛ ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى ، ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ .
فهذان الصنفان من الناس : العلماء والأمراء ، إذا احتقروا أمام أعين الناس فسدت الشريعة ، وفسدت الأمن ، وضاعت الأمور ، وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم ، وكل إنسان يرى لأنه هو الأمير ، فضاعت الشريعة وضاعت البلاد ، ولهذا أمر الله تعالى بطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء: 59] .
ونضرب لكم مثلاً : إذا لم يعظم العلماء والأمراء ، فإن الناس إذا سمعوا من العالم شيئاً قالوا : هذا هين ، قال فلان خلاف ذلك .
أو قالوا : هذا هين هو يعرف ونحن نعرف ، كما سمعنا عن بعض السفهاء الجهال ، أنهم إذا جودلوا في مسألة من مسائل العلم ، وقيل لهم : هذا قول الإمام أحمد بن حنبل ، أو هذا قول الشافعي ، أو قول مالك ، أو قول أبي حنيفة ، أو قول سفيان ، أو ما أشبه ذلك قال : نعم ، هم رجال ونحن رجال ، لكن فرق بين رجولة هؤلاء ورجولة هؤلاء ، من أنت حتى تصادم بقولك وسوء فهمك وقصور علمك وتقصيرك في الاجتهاد وحتى تجعل نفسك نداً لهؤلاء الأئمة رحمهم الله ؟
فإذا استهان الناس بالعلماء كل واحد يقول : أنا العالم ، أنا النحرير ، أنا الفهامة ، أنا العلامة ، أنا البحر الذي لا ساحل له وصار كل يتكلم بما شاء ، ويفتي بما شاء ، ولتمزقت الشريعة بسبب هذا الذي يحصل من بعض السفهاء .
وكذلك الأمراء ، إذا قيل لواحد مثلاً : أمر الولي بكذا وكذا ، قال : لا طاعة له ؛ لأنه مخل بكذا ومخل بكذا ، وأقول : إنه إذا أخل بكذا وكذا ، فذنبه عليه ، وأنت مأمور بالسمع والطاعة ، حتى وإن شربوا الخمور وغير ذلك ما لم نر كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان ، وإلا فطاعتهم واجبة ؛ ولو فسقوا ، ولو عتو ، ولو ظلموا
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ))(185) .
وقال لأصحابه فيما إذا أخل الأمراء بواجبهم ، قال : (( اسمعوا وأطيعوا فإنما عليكم ما حملتم وعليهم ما حملوا )) (186).
أما أن نريد أن تكون أمراؤنا كأبي بكر وعمر ، وعثمان وعلى ، فهذا لا يمكن ، لنكن نحن صحابة أو مثل الصحابة حتى يكون ولاتنا مثل خلفاء الصحابة .
أما والشعب كما نعلم الآن ؛ أكثرهم مفرط في الواجبات ، وكثير منتهك للحرمات ، ثم يريدون أن يولي الله عليهم خلفاء راشدين ، فهذا بعيد ، لكن نحن علينا أن نسمع ونطيع ، وإن كانوا هم أنفسهم مقصرين فتقصيرهم هذا عليهم . عليهم ما حملوا ، وعلينا ما حملنا .
فإذا لم يوقر العلماء ولم يوقر الأمراء ؛ ضاع الدين والدنيا . نسأل الله العافية .
جواب سماحة الشيخ : عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - :
سؤال :
سماحة الشيخ , هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم ومحاولة التغيير وإن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد , والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة , فما رأي سماحتكم ؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين , وصلى الله على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه , أما بعد :
فقد قال الله عز وجل : (( ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) - النساء 59 -
فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر وهم الأمراء والعلماء وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة , وهي فريضة في المعروف .
والنصوص من السنة تبين المعنى , وتفيد بأن المراد : طاعتهم بالمعروف , فيجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي , فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية , لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا من ولي عليه وال , فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله , ولا ينزعن يدا من طاعة ) , ( ومن خرج من الطاعة , وفارق الجماعة, فمات , مات ميتة جاهلية ) وقال صلى الله عليه وسلم http://www.sahab.net/ipb/public/style_emoticons/default/sad.gif على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره , إلا أن يؤمر بمعصية , فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )
وسأله الصحابة - لما ذكر أنه سيكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون - قالوا : فما تأمرونا ؟ قال : ( أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم ) .
قال عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا , وأثرَة علينا , وأن لا ننازع الأمر أهله " , وقال :" إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " .
فهذا يدل على أنهم لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان , وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا , وشرا عظيما , فيختل به الأمن , وتضيع الحقوق , ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم , وتختل السبل ولا تأمن , فيترتب على الخروج على ولاة الأمر فساد عظيم وشر كبير , إلا إذا رأى المسلمون كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان , فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة , أما إذا لم يكن عندهم قدرة , فلا يخرجوا , أو كان الخروج يسبب شرا أكثر فليس لهم الخروج , رعاية للمصالح العامة , والقاعدة الشرعية المجمع عليها ( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه , بل يجب درء الشر بما يزيله ويخففه ) .
وأما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين , فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرا بواحا وعندهم قدرة تزيله بها , وتضع إماما صالحا طيبا , من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس .
أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد واختلال الأمن وظلم الناس واغتيال من لا يستحق الإغتيال , إلى غير هذا من الفساد العظيم , فهذا لا يجوز , بل يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور والدعوة لهم بالخير , والإجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير , هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة , ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير , ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر , نسأل الله للجميع التوفيق والهداية .
---------
المصدر :
فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة