تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صلاة الاستخارة... دراسة فقهية (حلقات)


**ولد مزغنة**
2008-10-28, 00:35
تعريف الاستخارة لغة وشرعاً

1- الاستخارة لغة: " طلب الخيرة في الشيء. وخار الله لك؛ أي أعطاك ما هو خير لك، واستخار الله: طلب منه الخيرة والاختيار: الاصطفاء وكذلك التخير، ويقال: استخر الله يخر لك".(1)
2- والاستخارة في الاصطلاح الشرعي: "طلب الاختيار، أي طلب صرف الهمة لما هو المختار عند الله والأولى، بالصلاة والدعاء الوارد في الاستخارة ". (2)
وبعبارة أوضح هي: عبارة عن دعاء معين ورد في السنة يقوله المسلم ويدعو به أو يأتي به بعد صلاة ركعتين من غير الفريضة، إذا عزم على فعل شيء ما، من زواج أو تجارة أو سفر أو نحو ذلك، فيطلب من الله سبحانه وتعالى أن يختار له الخير ويعينه عليه، وييسره له، ويطلب منه سبحانه أن يصرفه عما يريد إذا كان فيه شر له، وسيأتي ذكر هذا الدعاء ومزيد من التفصيل فيه.

أهمية الاستخارة في حياة المسلم وتوصية العلماء بها



إن الإنسان مخلوق ضعيف، بحاجة إلى إعانة الله تعالى في أموره كلها؛ وذلك لأنه لا يعلم الغيب، فلا يدري أين موطن الخير والشر فيما يستقبله من حوادث ووقائع؟
لذا كان من حكمة الله سبحانه ورحمته بعباده أن شرع لهم هذا الدعاء، لكي يتوسلوا بربهم ويستغيثوا به في توجيه السير نحو الخير والنفع.
وإن العبد المسلم على يقين لا يخالطه شك أن تدابير الأمور وصرفها بيد الله سبحانه وتعالى وأنه يقدر ويقضي بما شاء، في خلقه قال تعالى: ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (القصص:68-70).

قال العلامة محمد بن أحمد القرطبي المالكي - رحمه الله - : (( قال بعض العلماء: لا ينبغي لأحد أن يقدم على أمر من أمور الدنيا حتى يسأل الله الخيرة في ذلك، بأن يصلي ركعتين صلاة الاستخارة)) (3).
ولقد فهم السلف الصالح هذا المعنى فكانوا يستخيرون ربهم في أمورهم كلها.

ومن الأدلة على ذلك قصة زينب رضي الله عنها في زواجها من النبي ، فقد استخارت ربها في ذلك.
عن أنس رضي الله عنه قال: (( لما انقضت عدة زينب قال رسول الله لزيد: ( فاذكرها علي). قال زيد: فانطلقت فقلت: يا زينب أبشري أرسلني إليك رسول الله يذكرك فقالت: ما أنا صانعة شيئاً حتى أستأمر ربي، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن. وجاء رسول الله فدخل بغير أمر )). (4)

ومعنى قول زينب: (( حتى أستأمر)) أي: حتى أستخير.
ومعنى قوله: (( إلى مسجدها)) أي: موضع صلاتها من بيتها.
ومعنى قول النبي: (( أذكرها علي؟)) أي: أخطبها لي من نفسها. (5)

قال محي الدين النووي الشافعي رحمه الله مبيناً ما في هذا الحديث من حكم وفقه قال: (( وفيه - أي في الحديث - استحباب صلاة الاستخارة لمن هم بأمر، سواء كان ذلك الأمر ظاهر الخير أم لا)). (6)

وقال النووي أيضاً: (( ولعلها استخارت لخوفها من تقصير في حقه )) (7).
والنووي رحمه الله قال هذه العبارة الأخيرة ليرفع الإشكال الذي قد يرد وهو أن الاستخارة تكون في الأمر الذي لا يعرف أهو خير أم شر؟ وأما زواج المرأة من النبي فخير لها، أي خيره ظاهر فكيف تستخيره؟ فبين ذلك رحمه الله.
هكذا كان حرصهم رضي الله عنهم على تطبيق هذه السنة في حياتنا، ونتوكل على ربنا سبحانه، فهو نعم المولى ونعم الوكيل.

ولقد أحسن من قال:

توكل على الرحمن في كل حاجة........إذ ما يرد ذو العرش أمراً بعبده
وقد يهلك الإنسان من وجه حذره......أردت فإن الله يقضي ويقدر
يصبه وما للعبد ما يتخير.............وينجو بحمد الله من حيث يحذر (8).

بيان نص دعاء ودليل صلاة الاستخارة من السنة وتخريجه وشرح معانيه الغريبة


أولاً: نص دعاء الاستخارة:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: (إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ قَالَ أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ) (9).

ثانياً: تخريج النص:
الحديث: أخرجه أحمد في مسنده (11/520) (4642) والبخاري في عدة مواضع من صحيحه، فقد أخرجه في كتاب التهجد باب: ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1162) ، الفتح (3/61 - 62) وأخرجه أيضاً في الدعوات، باب: الدعاء عند الاستخارة، برقم (6382)، الفتح (11/218، 219).
وأخرجه أيضاً في كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى: ? قُلْ هُوَ الْقَادِرُ ? (الأنعام: من الآية65) برقم (7390)، الفتح (13/464).
وأخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الصلاة، باب: في الاستخارة، برقم (1583) (2/91).
وأخرجه الترمذي في سننه، في أبواب الوتر، ما جاء في صلاة الاستخارة، برقم (480) (2/345).
وأخرجه النسائي في سننه، في كتاب النكاح، باب: كيفية الاستخارة، برقم (3253) (3/3389). وأخرجه أبو يعلى في مسنده (2/411) (2082)، وابن حبان في صحيحه (3/169) (887).


ثالثاً: شرح معاني غريب الحديث:
وبعد أن بينا بعض من أخرجه لكي تطمئن النفوس على صحة الحديث نشرع الآن في بيان ما يشكل من بعض معانيه الغريبة.
قوله: (( إذا هم )) ، أي إذا قصد.
قوله: (( بالأمر )) أي: بأمر من الأمور.
قوله: (( فليركع ركعتين )): أي: ليصل، وقد يذكر الركوع ويراد به الصلاة كما يذكر السجود ويراد به الصلاة، من قبل ذكر الجزء وإرادة الكل.
قوله: (( من غير الفريضة )) يعني: النوافل: أي تكون تلك الركعتان من النافلة.
قوله: (( أستخيرك )) أي: أطلب الخير، أن تخير لي أصلح الأمرين؛ أي تختاره، لأنك عالم به وأنا جاهل.
قوله: (( وأستقدرك )): أي: أطلب أن تقدرني على أصلح الأمرين، إذ أطلب منك القدرة على ما نويته، فإنك قادر على إقداري عليه، أو أن تقدر لي الخير بسبب قدرتك عليه.
قوله: (( تسميه باسمه )) أي: تسمي أمرك وحاجتك التي قصدت الاستخارة لها في هذا الموضع.
مثلاً تقول: اللهم إن كنت تعلم أن هذا السفر خير لي، أو هذا الزواج، أو هذا النوع من التجارة، أو هذه السيارة، ونحو ذلك مما تريد.
قوله: ( في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله) يعني: إن كان فيه خير يرجع لديني ولمعاشي وعاقبة أمري، وإنما ذكر عاقبة الأمر، لأنه رب كل شيء يهمه الرجل يكون فيه خير في ذل الحال، ولكن لا يكون خيراً في آخر الأمر، بل ينقلب إلى عكسه، فزاد في الدعاء بقوله: ( وعاقبة أمري).
قوله: ( فاقدره) بضم الدال، أي: اقض لي به وهيئه.
قوله: (فاصرفه عني)، أي: لا تقض لي به، ولا ترزقني إياه.
قوله: ( واصرفني عنه) أي: لا تيسر لي أن أفعله وأقلعه من خاطري، أي لا أهتم به ولا أهمه بعد ذلك.
قوله: ( حيث كان) أي: اقض لي بالخير حيث كان الخير.
قوله: (ثم رضني به) أي: اجعلني راضياً بذلك، أي: بخير المقدور (10).

الحواشي:

(1) لسان العرب (4/259) مادة خير.
(2) الموسوعة الكويتية (2413).
(3) الجامع لأحكام القرآن (13/202).
(4) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب: زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب برقم (3488)، والنسائي واللفظ له (6/387) برقم (3251).
(5) حاشيتا السندي والسيوطي على سنن النسائي (6/387 - 388).
(6) شرح مسلم للنووي (9/229 - 230).
(7) شرح مسلم للنووي (9/229 - 230).
(8) ذكر هذه الآيات القرطبي في تفسيره (13/202).
(9) ونص الحديث نقلته من كتاب صحيح الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، بتحقيق العلامة الألباني (ص 47 - 48) لأنه أسهل في الحفظ والفهم.
(10) انظر شرح ما سبق في: فتح الباري (11/220 - 223)، نيل الأوطار (3/88 - 90). عون المعبود (4/277)، شرح الطيبي على المشكاة (4/1245)، مرقاة المفاتيح (3/401 - 406)، عارضة الأحوذي (2/262 - 265)، تحفة الأحوذي (2/482 - 484)، العلم الهيب في شرح الكلم الطيب (ص 232 - 334).


ـ يتبع ـ

جويرية
2008-10-28, 14:44
احسن اللهاليكم

تذكرت اني قرات مرة انه ممكن الاستخارة بدون صلاة


والله اعلم

fantouh
2008-10-28, 21:59
http://absba9.absba.org/teamwork1/tawkee/222.gif (http://absba9.absba.org/teamwork1/tawkee/doaa.png)الرجاء التعميم بارك الله فيكم

**ولد مزغنة**
2008-10-29, 04:16
(بيان مسائل حول صلاة الاستخارة من حديث جابر السابق)


المسألة الأولى: بيان الحكم الشرعي للاستخارة، فهل هي واجبة أم سنة؟



لا خلاف بين العلماء أن صلاة الاستخارة سنة وليست بواجبة، ومعنى ذلك أن من عزم على فعل أمر ما كسفر أو زواج أو تجارة يسن له أن يصلي الاستخارة قبل أن يفعل ولا يجب عليه، ولكن لا يترك هذه السنة لأن فيها خيراً كثيراً، والله يعلم الغيب والعبد لا يعلمه. فالحاصل أنها سنة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( فليركع ركعتين )) ومع ذلك حكم العلماء أنها سنة.

قال العلامة زين الدين العراقي الشافعي - رحمه الله - : ( ولم أر من قال بوجوب الاستخارة) (11).

وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - : ( فكأنهم فهموا أن الأمر فيه للإشارة فعدلوا به عن سنن الوجوب، ولما كان مشتملاً على ذكر الله والتفويض إليه كان مندوباً والله أعلم) (12).

وقال محي الدين النووي الشافعي - رحمه الله -: ( صلاة الاستخارة سنة) (13).

وقال العلامة عبد العزيز ابن باز - رحمه الله -: ( صلاة الاستخارة سنة) (14).

ومما يدل على أنها سنة حديث الأعرابي الذي أتى يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ما يجب عليه من الفرائض، وهو الحديث الذي من مسند طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: (( جاء رجل إلى رسول الله من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله ، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله : ( خمس صلوات في اليوم والليلة) فقال: هل عليّ غيرهن؟ قال: (لا، إلا أن تطوع)، قال رسول الله : ( صيام شهر رمضان ) قال: هل عليّ غيره؟ فقال: ( لا إلا أن تطوع) قال: وذكر له رسول الله الزكاة، فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: ( لا، إلا أن تطوع). قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه. فقال رسول الله : (أفلح إن صدق) (15).

والشاهد من الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم : (خمس صلوات في اليوم والليلة).
فدل على أن الفرض من الصلاة انحصر في هذه الفروض الخمس، وما سواها نفل.

قال بدر الدين العيني الحنفي - رحمه الله - : ( فأما الاستخارة فدل على عدم وجوبها للأحاديث الصحيحة الدالة على انحصار فرض الصلاة في الخمس) (16).

وقال العراقي: (( ودل على عدم وجوب الاستخارة ما دل على عدم وجوب صلاة زائدة على الخمس في حديث: هل علي غيرها؟ قال: ( لا إلا أن تطوع) )) (17).

ولكن هذا الدليل يصلح للاستدلال به على عدم وجوب ركعتي الاستخارة، فهو صرف الأمر في حديث جابر إلى الندب، وبقي الأمر في الدعاء على ظاهره يدل على الوجوب يحتاج إلى صارف.

وبيّن الحافظ رحمه الله كيف أن الدعاء مندوب أيضاً وليس بواجب وذلك كما في قوله السابق قبل قليل وهو قوله: ( فكأنهم فهموا أن الأمر فيه للإشارة فعدلوا به عن سنن الوجوب، ولما كان مشتملاً على ذكر الله والتفويض إليه كان مندوباً والله أعلم) (18) اهـ.

ومعنى كلام الحافظ رحمه الله أن الصارف للأمر شيئان:
الأول منهما: أن العلماء فهموا أن الأمر في قوله: (( فليركع ركعتين من دون الفريضة ثم يقول )) فهموا أن الأمر فيه من باب المشورة، لا من باب الإلزام، أي: يشير عليهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأفضل، وذلك كأن ننصح رجلاً ما يريد وجهة ما فنقول له: اذهب من ذاك الطريق الغربي فهو أيسر لك، فالمشورة هنا واضحة أنها للإلزام والوجوب؛ فكأن النبي صلى الله عليه وسلم يشير عليهم وينصحهم بالاستخارة.
والثاني منهما: حيث إن الأمر هنا في باب الدعاء، وأصل الدعاء من باب الندب والاستحباب كان هذا كذلك ، وحيث إن هذا الدعاء فيه تفويض الأمر لله، وترك الأمر له كان ندباً والله أعلم.

المسألة الثانية: فيم تكون الاستخارة؟



تكون الاستخارة في الأمور المباحة كالزواج والتجارة المباحة وغيرها، وكذلك تكون الاستخارة في المندوبات إذا حصل للمرء بينها تعارض، كأن يحتار الرجل بين أمرين فيختار الأصلح منهما والأقرب نفعاً ثم يستخير الله فيه.
ولا تكون الاستخارة في ترك المحرمات والمكروهات، فلا يستخير أحد هل يسرق أو لا؟
كما أنها لا تكون في الواجبات وصنائع المعروف، مما هو معروف خيره ونفعه، فلا يستخير أحد هل يصلي الظهر أو لا؟ لأن ذلك واجب عليه، فهي إذن في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب والخير والنفع فيها، أما الواجبات وصنائع المعروف كالعبادات فلا حاجة للاستخارة فيها.
وقد يستخير الإنسان في شيء يتعلق بالعبادة، وذلك مثل السفر للحج، فيستخير الله هل يسافر هذه السنة؛ وذلك لاحتمال عدو أو فتنة؟ واختيار الرفقة هل يرافق فلاناً أم لا؟ (19).

قال الحافظ ابن حجر: ( قال ابن أبي جمرة: فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما، والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما، فانحصر في الأمر المباح، وفي الأمر المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه ) (20).
ولا تحتقرن شيئاً في الأمر فاستخر الله في الأمر الصغير والكبير، والعظيم والحقير مما يشرع الاستخارة فيه (فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم) (21).

الحواشي:

(11) فتح الباري (11/221 - 222).
(12) فتح الباري (11/221 - 222).
(13) المجموع (3/546).
(14) مجموع فتاوى ابن باز (3/546).
(15) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان برقم (46 ) الفتح (2/142)، ومسلم واللفظ له في كتاب الإيمان برقم (100) مسلم بشرح النووي (1/119 - 120)، وأبو داود في سننه (391) (1/104)، والنسائي برقم (457) (1/246).
(16) عمدة القارئ (7/233).
(17) الفتح (11/221).
(18) الفتح (11/222).
(19) انظر هذه المسألة في: كشاف القناع (1/419)، الأذكار للنووي (ص 112)،عمدة القارئ (7/233 - 234)، نيل الأوطار (3/88)، تحفة الأحوذي (2/482)، غاية المرام (5/528)، الفتح الرباني (5/52).
(20) فتح الباري (11/220).
(21) فتح الباري (11/220).
(22) الفتح (11/220).

ـ يتبع ـ

zakaria el-assimi
2008-10-29, 08:03
السلام عليكم ورحمة الله

بارك الله فيك أخي ولد مزغنة

**ولد مزغنة**
2008-10-30, 05:40
شكرا للأخت جويرية على المرور وسنتطرق إلى مسألتك في ثنايا الدراسة..... تابعي معنا

شكرا للأخ fantouh على مرورك ولكن للأسف لم أفهم قصدك.

شكرا للأخ abdou على مرورك ونفع الله بك.

عطر الجنة
2008-10-30, 07:18
جزاك الله الف خير ولكن في احد الكتب قرات انك تستطيع ان تستخير نفسك بدون صلاة ودلك باستخارة الموضوع في نفسك 7 مرات وتنظر اين يميل قلبك فهل هذا صحيح؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

بوركت

**ولد مزغنة**
2008-10-30, 17:03
شكرا للأخت الكريمة على المرور

يجوز الاستخارة بدون صلاة لأنها من جنس الدعاء أما الاستخارة سبع مرات فالحديث شديد الضعف لا ينجبر ولا يثبت به حكما شرعيا...............على العموم تابعي معنا وسنتطرق لهذه المسألة لاحقا.

**ولد مزغنة**
2008-10-30, 21:57
المسألة الثالثة: ما الحكمة من تشبيه صلاة الاستخارة بالسورة من القرآن؟


المراد بهذه المسألة معرفة الحكمة التي قال لأجلها جابر رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن).

فشبّه جابر رضي الله عنه تعليمهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الاستخارة والدعاء كما كان يعلمهم السورة من القرآن.
وقيل: ( وجه التشبيه عموم الحاجة في الأمور كلها إلى الاستخارة كعموم الحاجة إلى القراءة في الصلاة) (22).

أي كما أنه يحتاج إلى قراءة القرآن في الصلاة، فكذلك يحتاج إلى الاستخارة في الحياة.

هذا ( فيه إشارة إلى الاعتناء التام البالغ بهذا الدعاء، وهذه الصلاة لجعلها تلوين للفريضة والقرآن) (23).

ولعل هناك حكمة أكبر ومعنى أغزر في هذا التصوير والتشبيه وهي: عدم جواز الابتداع في صلاة الاستخارة وهيئتها بشكل عام، وألفاظ دعائها بشكل خاص، فلا تدخل الألفاظ المستحدثة، والأفعال المبتدعة فيها، ويجب الاقتصار على ما ورد النص به من قول وفعل.

فيكون المعنى والحكمة: كما أنه لا يجوز التغيير في القرآن عموماً ومطلقاً، فلا يزاد فيه، ولا ينقص منه، كذلك صلاة الاستخارة وألفاظها لا يزاد فيها ولا ينقص منها كالسورة من القرآن تماماً، والله أعلم.

وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، فقد حذر من ذلك بإشارة لطيفة، ومع ذلك فقد استحدثت اليوم أنواع مبتدعة وجديدة للاستخارة، كاستخارة الكف والفنجان والأبراج وغير ذلك كما سيأتي طرحه في مبحث مستقل بإذن الله تعالى.

قال العلامة محمد بن عبد الله بن الحاج المالكي رحمه الله وهو يتحدث عن عدم جواز إضافة شيء إلى الاستخارة ليس منها، فبعد أن منع ذلك ونبه عليه قال: ( فيا سبحان الله ! صاحب الشرع اختار لنا ألفاظاً منتقاة جامعة لخيري الدنيا والآخرة حتى قال الراوي للحديث في صفتها على سبيل التخصيص والحض على التمسك بألفاظها وعدم العدول إلى غيرها ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن ) والقرآن قد علم أنه لا يجوز أن يغير ولا يزاد فيه ولا ينقص منه، وإذا نص فيه على الحكم نصاً لا يحتمل التأويل لا يرجع لغيره) اهـ (24).


المسألة الرابعة: متى تشرع صلاة الاستخارة ؟
أو متى يبدأ وقتها ؟


المراد بهذه المسألة: تحديد الوقت الذي تشرع في الاستخارة، يبدأ وقت الاستخارة عند العزم على فعل شيء من الأشياء، والإقدام على أمر من الأمور المباحة.

ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق من رواية جابر رضي الله عنه حيث جاء فيه: ( إذا همّ ) ؛ أي: إذا قصد وعزم.

وقيل: إذا ورد على قلبه الخاطر للفعل أو فعل الشيء فإنه يستخير فيظهر له ببركة الدعاء والصلاة ما هو خير له.

ولكن الاستخارة عند العزم على الأمر والتصميم على فعله وقبل الشروع أرجح؛ لأن الخواطر التي ترد على القلب كثيرة، فلو استخار في كل ما بدا له وخطر على قلبه لضاعت عليه أوقاته.(25)

ومما ينبغي التنبه له أن المستخير حال استخارته ينبغي أن يكون خالي الذهن غير متعصب لأمر بعينه، أي: لا يميل لهواه ورغبته، بل يتجرد من ذلك ويكل الأمر لله سبحانه ليظهر له الخير فيما عز وأراد.

الحواشي:

(22) الفتح (11/220).
(23) المصدر السابق.
(24) المدخل (4/37 - 38).
(25) الفتح (11/220).

يوسف زكي
2008-10-30, 22:04
بارك الله فيك أخي و لد مزغنة. على هذا الشرح النافع

**ولد مزغنة**
2008-11-01, 20:30
المسألة الخامسة: هل لابد من تخصيص ركعتين لصلاة الاستخارة أم تحصل مع النوافل؟

المراد بهذه المسألة: هل إتيان دعاء الاستخارة دبر النوافل وذلك كالرواتب مثلاً، كأن يصلي المرء راتبة الظهر، وهي: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتان بعدها، أو راتبة المغرب وهي ركعتان بعد صلاة المغرب، فلو صلى المسلم راتبة المغرب واستخار بعدها، فهل ذلك كاف ومجزئ أم لابد من أن يصلي ركعتين خاصتين لكي يستخير بعدهما؟
الصحيح الراجح في هذه المسألة - والله أعلم - أنه إن صلى نافلة من النوافل مع نية الاستخارة أجزأه ذلك بإذن الله تعالى، ولكن عليه أن يعقد العزم والنية على أنه يريد بهذه الصلاة النافلة والاستخارة معا قبل الشروع في النافلة.

قال محي الدين النووي - رحمه الله - : (والظاهر أنها تحصل بركعتين من السنن الرواتب، وبتحية المسجد وغيرها من النوافل).

وقال رحمه الله: (لو دعا بدعاء الاستخارة عقب راتبة صلاة الظهر مثلا أو غيرها من النوافل الراتبة والمطلقة سواء اقتصر على ركعتين أو أكثر أجزأ).

وقال زين الدين العراقي - رحمه الله- : ( إن كان همه بالأمر قبل الشروع في الراتبة ونحوها ثم صلى من غير نية الاستخارة وبدا له بعد الصلاة الإتيان بدعاء الاستخارة فالظاهر حصول ذلك).
وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: ( إن نوى تلك الصلاة بعينها وصلاة الاستخارة معاً أجزأ بخلاف ما إذا لم ينو) (26).

وقال المناوي رحمه الله تعالى: (والأكمل الاستخارة عقب صلاة ركعتين بنيتها).(27)

وقال في عون المعبود: ( من غير الفريضة ) بيان للأكمل ونظيره تحية المسجد وشكر الوضوء).(28)

والدليل على جواز ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( من غير الفريضة )) فهذا المنطوق مفهومه أنها تحصل بعد النافلة، أما بعد الفرض فلا تجزئ، فلو صلى فريضة الصبح - مثلاً - واستخار بعدها لم يكن عمله صحيحاً.

المسألة السادسة: من عزم على الاستخارة بعد الانتهاء من صلاة النافلة، وأراد أن يأتي بدعاء الاستخارة بعد الصلاة فهل يستخير أم يعيد الصلاة؟

المراد بالمسألة: من صلى نافلة من النوافل ثم عرض له طلب الاستخارة لأمر من الأمور وهو ممن يقصد الاستخارة بعد صلاة ركعتين، فهي يكفيه صلاة النافلة التي صلاها أم يعيد صلاة أخرى؟

الظاهر - والله أعلم - أنه يعيد ركعتين لأجل الاستخارة غير التي صلاها منذ قليل؛ وذلك لأنه لابد من وجود الإرادة والنية؛ أي نية الاستخارة قبل الشروع أو الانتهاء من الصلاة؛ وذلك لعموم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى).

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - : ( ويبعد الإجزاء لمن عرض له الطلب بعد فراغ الصلاة لأن ظاهر الخبر أن تقع الصلاة والدعاء بعد وجود إرادة الأمر) (29).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (ولا يقال دعاء الاستخارة إذا صلى تحية المسجد، أو الراتبة ولم ينوه من قبل؛ لأن الحديث صريح بطلب صلاة الركعتين من أجل الاستخارة فإذا صلاهما بغير هذه النية لم يحصل الامتثال).(30)

الحواشي:

(26) الأذكار: (ص 112)، نيل الأوطار (3/88)، الفتح (11/221).
(27) فيض القدير (1/576).
(28) عون المعبود (4/287).
(29) فتح الباري (11/221).
(30) مجموع رسائل وفتاوى ابن عثيمين (14/218).

ـ يتبع ـ

**ولد مزغنة**
2008-11-02, 09:13
شكرا لك أخي يوسف زكي على مرورك

وحياك ربي ونفع بك

ليتيم الشافعي
2008-11-02, 09:31
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم جزاك الله خيرا واصل ممتاز

**ولد مزغنة**
2008-11-02, 22:20
مشكور أخي شافعي على المرور

نفع الله بك

**ولد مزغنة**
2008-11-03, 08:28
المسألة السابعة: أين يقال دعاء الاستخارة قبل السلام أم بعده؟


المقصود بهذه المسألة: أن دعاء الاستخارة الذي جاء في حديث جابر رضي الله عنه يقال بعد السلام والانتهاء من الصلاة أم قبل السلام؟

الأمر في هذه المسألة فيه سعة، فمن ذكر الدعاء بعد التشهد وقبل السلام فذلك جائز وهو ترجيح شيخ الإسلام أحمد بن عبد السلام بن تيمية رحمه الله حيث قال: ( يجوز الدعاء في صلاة الاستخارة وغيرها قبل السلام وبعده، والدعاء قبل السلام أفضل؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر دعائه كان قبل السلام، والمصلي قبل السلام لم ينصرف، فهذا أحسن، والله تعالى أعلم) (28).

ومن أتى بالدعاء بعد السلام - أيضاً - جاز له ذلك، والأرجح والأقرب والله أعلم أن الدعاء يكون بعد السلام والانتهاء من الصلاة، وذلك ظاهر في حديث النبي صلى الله وعليه وسلم كما مر في حديث جابر حيث قال: ( فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم يقول: اللهم إني أستخيرك ...).

فقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ثم يقول) يدل على تأخير الدعاء عن الصلاة؛ لأن (ثم) في اللغة تفيد الترتيب مع التراخي، أي: يصلي أولاً ثم يذكر الدعاء.

قال الشوكاني - رحمه الله -: ( والحديث - أي حديث جابر - يدل على مشروعية صلاة الاستخارة والدعاء عقيبها، ولا أعلم في ذلك خلافاً) (29).

وقال الحافظ ابن حجر: (هو ظاهر في تأخير الدعاء عن الصلاة، فلو دعا به أثناء الصلاة احتمل الأجزاء، ويحتمل الترتيب على تقديم المشروع في الصلاة قبل الدعاء فإن موطن الدعاء في الصلاة السجود أو التشهد) (30).

وقال الشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله لما سئل عن موضع دعاء الاستخارة ومتى يكون قال: (والدعاء فيها - أي في صلاة الاستخارة - يكون بعد السلام كما جاء بذلك الحديث الشريف) (31).

وبأرجحية وقوع دعاء الاستخارة بعد السلام أفتى أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - وفق الله القائمين عليها - برئاسة الشيخ الوالد عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى حيث ورد على اللجنة العلمية للإفتاء السؤال الآتي:

(س): هل دعاء الاستخارة يكون قبل التسليم أم بعد التسليم والخروج من الصلاة؟

(ج): (دعاء الاستخارة يكون بعد التسليم من صلاة الاستخارة) (32).



الحواشي:

(28) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (23/177).

(29) نيل الأوطار (3/89).

(30) فتح الباري (11/222).

(31) مجموع فتاوى ابن باز (2/236).

(32) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء (8/162).

hani_dj4
2008-11-03, 12:43
جزاك الله خيرا

**ولد مزغنة**
2008-11-04, 02:41
شكرا أخي الكريم هاني ونفع الله بك

جادي ج
2008-11-04, 07:08
حفظك الله ورعاك

**ولد مزغنة**
2008-11-04, 21:36
مشكور أخي الكريم جادي على مرورك

الله يحفظنا وإياك من كل سوء

**ولد مزغنة**
2008-11-05, 20:34
المسألة الثامنة:هل تجوز قراءة دعاء الاستخارة من كتاب أم لابد من حفظ هذا الدعاء؟

إن بعض الناس قد يحتج لتركه صلاة الاستخارة بعدم حفظه لدعائها وأنه لا يستطيع حفظه لطوله.

ويقال لمثل هذا: إن استطعت أن تحفظ الدعاء فذلك خير لك وأنفع، وإن لم تستطع حفظه، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ويجوز لك أن تقرأ الدعاء من كتاب مفتوح من كتب الأدعية وهي متوفرة، أو تكتبه في ورقة تقرأ منها بعد الصلاة، فالأمر فيه سعة ولله الحمد على تيسيره.

ومع كثر تطبيق هذه السنة وتكرارها يحفظ الدعاء تلقائياً مع مرور الأيام.
وبجواز قراءة دعاء الاستخارة من كتاب ما، أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فقد سئلت اللجنة سؤالاً نصه:

(س): بالنسبة إلى صلاة الاستخارة لعمل ما، أو حاجة ما أو أي شيء؛ هل يشترط أن أحفظ الدعاء الوارد عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام (دعاء الاستخارة) أم يمكن قراءته في الكتاب فقط وبعد أداء الصلاة؟

فكان الجواب كما يلي:
( إن حفظت الدعاء للاستخارة أو قرأته من الكتاب فالأمر في ذلك واسع، وعيك الاجتهاد في إحضار قلبك والخشوع لله، والصدق في الدعاء..) (33).

المسألة العاشرة: هل تجزئ صلاة الاستخارة بعد الفريضة؟

المراد بهذه المسألة: إن صلى الفرض كصلاة الفجر مثلاً ثم دعاء بدعاء الاستخارة فهل يجزئ ذلك ويجوز أم لا؟

ويقال في تفصيل هذه المسألة: إن دعا بدعاء الاستخارة بعد أداء صلاة الفرض فلا يجزئه ذلك، ومعنى لا يجزئ: أي: لم يقع منه الفعل الصحيح للعبادة، فلم تقبل منه.
والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في صفة صلاة الاستخارة: ( فليركع ركعتين من غير الفريضة).

فقوله: ( من غير الفريضة) قال بدر الدين العيني - رحمه الله -: ( دليل على أنه لا تحصل سنة صلاة الاستخارة بوقوع الدعاء بعد صلاة الفريضة لتقييد ذلك في النص بغير الفريضة) (34).

وقال العلامة محمد بن عبد الرحمن المباركفوري رحمه الله في شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غير الفريضة):
( فيه دليل على أنه لا تحصل سنة صلاة الاستخارة بوقوع الدعاء بعد صلاة الفريضة) (35).

وقال الحافظ ابن حجر: ( فيه احتراز عن صلاة الصبح مثلاً) (36).

الحواشي:

(33) فتاوى اللجنة الدائمة (8/161).
(34) عمدة القارئ (1/233).
(35) تحفة الأحوذي (2/482).
(36) فتح الباري (11/221)، وانظر مرقاة المفاتيح (3/402).



ـ يتبع ـ

**ولد مزغنة**
2008-11-06, 19:29
المسألة التاسعة: هل هناك آيات أو سور معينة مخصوصة لصلاة الاستخارة؟


لا يوجد دليل ما يدل على قراءة سور أو آيات معينة مخصوصة بصلاة الاستخارة؛ لذا فالصحيح في المسألة أن المسلم إذا صلى الاستخارة يقرأ الفاتحة في الركعتين ثم ما تيسر له من القرآن، فيقرأ ما يحفظ من كتاب الله دون تحديد أو تقييد لشيء معين فيه، فهذا هو الصواب.

واستحب النووي رحمه الله أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة (قل يا أيها الكافرون) وفي الثانية (قل هو الله أحد) (37).

قال العراقي: ( ما ذكره النووي مناسب ، لأنهما سورتا الإخلاص فناسب الإتيان بهما في صلاة المراد منها إخلاص الرغبة ، وصدق التفويض ، وإظهار العجز ) (38).

واستحب بعض السلف أن يزيد على القراءة بعد الفاتحة في الركعة الأولى بقوله تعالى:

(وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون * وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون * وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ) الآيات في سورة القصص، وفي الركعة الثانية بقوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا) الآية في سورة الأحزاب. (39 ).

قال ابن حجر: ( والأكمل أن يقرأ في كل منهما السورة والآية الأوليين في الأولى والأخريين في الثانية ) (40)، فكأنه رحمه الله رأى الجمع بين القولين ، لأنه مناسب وإن لم يرد.

وهذا الذي استحبه بعض أهل العلم من آيات أو سور معينة لا يلتفت إليه، لأنه لا يجوز تقييد ما أطلقه الشرع، ولا تخصيص العموم إلا بدليل، والاستحباب حكم شرعي يحتاج لدليل.

قال العلامة زين الدين العراقي - رحمه الله -: ( لم أجد في شيء من طرق أحاديث الاستخارة تعيين ما يقرأ فيها) (41).

قال ابن حجر رحمه الله: ( قال شيخنا في شرح الترمذي: لم أقف على دليل ذلك ولعله ألحقهما بركعتي الفجر والركعتين بعد المغرب ).(42)

ولما سئل العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله عن صفة صلاة الاستخارة قال: ( وصفتها أنها تصلى ركعتين مثل بقية صلاة النافلة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن ثم يدعو) (43).

تأمل قوله - رحمه الله-: ( فاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن) فإنه في غاية الأهمية والحكمة.

وقال أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله وقد سئلوا:

هل تقرأ سور أو آيات معينة في صلاة الاستخارة؟

قالوا: ( أما القراءة فيها بالفاتحة وما تيسر بعدها من القرآن سورة كاملة أو بعض سورة) (44).


خلاصة: إن عدم تقييد صلاة الاستخارة بسورة أو آيات معينة - سوى الفاتحة - هو الذي يناسب حكمة الشرع وسهولته ويسره؛ وذلك لأن هذه الصلاة مطلوب تطبيقها والاعتناء بها من كل الناس، والناس درجات: منهم من يحفظ القرآن ومنهم من يحفظ آيات أو سوراً معينة من قصار السور، فلو حددها الشرع وقيدها بسور معينة قد لا يكون كل الناس يحفظون هذه الآيات أو السور المخصوصة بهذه الصلاة، وحينئذ يحرم كثير من الناس تطبيق هذه السنة العظيمة والتي يوفق الله بها كثيراً من البشر إلى الخير، ولكن لما شرعت هذه الصلاة وترك أمر القراءة فيها مفتوحاً للناس دل على تيسير الأمر لهم، فكل منهم يقرأ ما يحفظ ليمكنه تطبيق هذه السنة واستخارة الله عز وجل في شؤون الحياة.

فتقييد صلاة الاستخارة بآيات معينة فيه نوع تضييق على المسلمين، والدين العبادات فيه مبناها على اليسر والسهولة، فالله عز وجل الذي أوحى إلى نبيه تشريع هذه الصلاة والدعاء كان قادراً على تقييدها بآيات معينة لكنه سبحانه بحكمته وتيسيره للناس، ورحمة بهم ترك الأمر لهم يختارون ما يشاءون من كتابه، فلله الحمد والمنة، فتأمل.

الحواشي:


(37)- "الأذكار" ص(180).
(38)- "الفتوحات الربانية" (3/354).
(39)- "تفسير القرطبي" (13/307) والموسوعة الفقهية (3/245).
(40)- فتح الباري (11/185).
(41)- عمدة القاري (7/235).
(42)- فتح الباري (11/185).
(43) مجموع فتاوى ابن باز(2/236).
(44) فتاوى اللجنة الدائمة (8/161).

ـ يتبع ـ

**ولد مزغنة**
2008-11-07, 16:28
المسألة الحادية عشرة: ما حكم صلاة الاستخارة في أوقات النهي؟

هناك أوقات معينة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها، فهل يجوز أداء صلاة الاستخارة في مثل هذا الوقت المنهي عنه؟

وجاءت هذه الأوقات الثلاثة في حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: ( ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب) (41).

ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع) أي: أول ما تطلع، فالوقت وقت نهي إلى أن ترتفع قيد رمح، وكذلك بعد صلاة الفجر وقت نهي عن الصلاة إلى أن ترتفع قيد رمح، حينها يجوز التنفل كصلاة الضحى والاستخارة.

ومعنى قوله: (حين يقوم قائم الظهيرة) أي: حين تكون الشمس في كبد السماء أي وسطها عند الظهيرة حتى تزول وتميل بعدها يدخل وقت الظهر.

ومعنى قوله: (حين تضيف الشمس للغروب) أي: تميل للغروب. (42). فبعد صلاة العصر وقت منهي عنه، وكذلك حين تبدأ الشمس في الغروب يكون النهي ساعتها آكد.

فهذه الأوقات نهي عن الصلاة فيها إلا لضرورة، كمن نام عن صلاة العصر أو الفجر واستيقظ في هذه الأوقات المنهي عنها جاز له أن يصلي لأن هذا الوقت بالنسبة له وقت أداء الصلاة المفروضة عليه.
فالأفضل للمسلم أن لا يؤدي صلاة الاستخارة في هذه الأوقات المنهي عنها كبعد العصر أو الفجر، ولكن إن اضطر إلى صلاة الاستخارة بأن كان الأمر عاجلاً لا يمكن ولا يحتمل التأخير جاز له الاستخارة وإن كان الوقت وقت نهي؛ كأن يحتاج إلى شراء سيارة بعد صلاة العصر ولا يستطيع التأجيل إلى بعد غروب الشمس فحينئذ يجوز له الاستخارة لأنها تكون حينئذ من ذوات الأسباب التي يشرع فعلها في وقت النهي مثل تحية المسجد وصلاة الجنازة، وكسوف الشمس، فلو مات ميت واحتجنا إلى الصلاة عليه بعد العصر ودفنه حينئذ جاز الصلاة عليه، ولو كسفت الشمس بعد صلاة العصر جازت صلاة الكسوف وإن كان الوقت وقت نهي؛ لأن هذه الصلوات من ذوات الأسباب، أي: التي لها سبب يدفع لفعلها في وقت النهي؛ وكذلك صلاة الاستخارة إذا كان الذي يستخير لأجله يفوت بانتهاء وقت الكراهة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (ذوات الأسباب تفعل في وقت النهي، فقد كتبنا فيما تقدم في الإسكندرية وغيرها كلاماً مبسوطاً في أن أصح قولي العلماء وهو مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه، اختارها أبو الخطاب).(43)

ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ( وذوات الأسباب كلها تفوت إذا أخرت عن وقت النهي مثل: سجود التلاوة، وتحية المسجد وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة كما في حديث بلال، وكذلك صلاة الاستخارة إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخرت الصلاة (44).
إذن فإذا كان الذي يستخير له يفوت عليه إن أخرت الصلاة حتى ينتهي وقت النهي جاز له الاستخارة في وقت النهي، والله أعلم.

الحواشي:

(40) فتح الباري (11/221)، وانظر مرقاة المفاتيح (3/402).
(41) أخرجه مسلم واللفظ له برقم (1926)، وأبو داود برقم (2192)، والترمذي برقم (1030)، والنسائي برقم (559)، وابن ماجة برقم (1519).
(42) شرح النووي على مسلم (6/354). المعنى الأخير فقط.
(43) يعني: عند طلوع الشمس وعند غروبها، وانظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (23/210)
(44) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (23/210، 213 - 214، 215).

أختكم في الله
2008-11-07, 22:35
بــــــــــــــارك الله فيك يا أخي وجعله في ميزان حسناتك

**ولد مزغنة**
2008-11-07, 23:03
شكرا على مرورك أختي الكريمة

نفع الله بك وعساك على الخير والقوة

**ولد مزغنة**
2008-11-11, 22:10
المسألة الثانية عشرة: ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة؟



معنى المسألة: هل يبني اختياره على المنام، أم على انشراح الصدر، أم يُمضي ما اتفق له؟

يعتقد كثير من الناس أو بعضهم أن المستخير إذا استخار ربه في شيء عليه أن ينتظر حتى يرى مناماً في نومه، وبناء على الرؤيا التي يراها يفعل أو لا يفعل، وهذه خرافة لا أصل لها من الدين، ولا تبنى الأحكام الشرعية على المنامات، فمتى استخرت الله لعمل ما، توكل على الله واستمر وأقدم على ما تريد.


أما انشراح الصدر للمضي في الأمر بعد الاستخارة فقد اختلف فيه العلماء:

1ـ فمنهم من منعه مطلقا كالإمام عز الدين ابن عبد السلام حيث قال: (يفعل ما اتفق) (1)، واستدل بأحد طرق حديث ابن مسعود: ((ثم ليعزم)) ومعناه: يمضي في الأمر فإن تيسر له وسهل فهو مختار له، وإلا صرف عنه إلى غيره.

وممن منع انشراح الصدر محمد بن علي كمال الدين الزملكاني - رحمه الله- حيث قال: (إذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأمر، فليفعل بعدها ما بدا له، سواء انشرحت نفسه له أم لا، فإن فيه الخير وإن لم تنشرح نفسه ) قال: ( وليس في الحديث انشراح النفس) (2).


2ـ ومن العلماء من اشترط انشراح الصدر مطلقا منهم النووي حيث قال: (وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره) (3) واستدل بحديث رواه بن السني من حديث أنس مرفوعا بلفظ: ((إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه)) قال العراقي: (لكن الحديث ساقط لا حجة فيه) (4)، وقال ابن حجر في الفتح: (وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد لكن سنده واه جدا) (5).


وممن قال بانشراح الصدر ابن عثيمين رحمه الله حيث قال: (ثم بعد ذلك إن انشرح صدره بأحد الأمرين بالإقدام أو الإحجام فهذا المطلوب يأخذ بما ينشرح به صدره فإن لم ينشرح صدره لشيء وبقى مترددا أعاد الاستخارة مرة ثانية وثالثة) (6).


3ــ ومنهم من فصّل وجمع بين القولين وهو الراجح والله أعلم، وذلك أنه لابد مع انشراح الصدر أن يقترن معه خلو النفس من الذي تهواه، والقيد الأخير هو الذي جعل المانعين من نفي الانشراح وعدم الاعتبار به، وبهذا يكون هذا القول وسط بين القولين الماضيين.


ولهذا عرّف العلماء انشراح الصدر بقولهم: (عِبَارَةٌ عَنْ مَيْل الإِْنْسَانِ وَحُبِّهِ لِلشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ هَوًى لِلنَّفْسِ ، أَوْ مَيْلٍ مَصْحُوبٍ بِغَرَضٍ ، عَلَى مَا قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ) (7).

قال القرطبي في تفسيره : (قال العلماء: وينبغي له أن يفرغ قلبه من جميع الخواطر حتى لا يكون مائلا إلى أمر من الأمور، فعند ذلك ما يسبق إلى قلبه يعمل عليه، فإن الخير فيه إن شاء الله) (8).

قال ابن تيمية: (فإذا استخار الله كان ما شرح له صدره وتيسّر له من الأمور هو الذي اختاره) (9).

قال ابن حجر: (والمعتمد انه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان له فيه هوى قوي قبل الاستخارة) (10).

قال علي القاري: (ويمضي بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره انشراحا خاليا عن هوى النفس فإن لم ينشرح لشيء فالذي يظهر أنه يكرر الصلاة حتى يظهر له الخير) (11).

وقال الشوكاني: (فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة ، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأساً ، وإلا فلا يكون مستخيراً لله بل يكون مستخيراً لهواه) (12).


(الخلاصة):

فتبين من اختلاف العلماء أن ضابط معرفة المضي في الأمر بعد الاستخارة يكون بعد انشراح الصدر انشراحا خاليا من هوى النفس حتى لا يكون اختياره تابعا لهوى في نفسه، لأن فيه جمعا بين كلام العلماء وهو مقتضى الحال، والله أعلم.

الحواشي:

(1) الفتح (11/223).
(2) طبقات الشافعية الكبرى (9/206).
(3) الفتح (11/187).
(4) تحفة الأحوذي (2/593).
(5) الفتح (11/187).
(6) شرح رياض الصالحين (1/792).
(7) حاشية العدوي على الخرشي (1 / 38)، وابن عابدين (1 / 643)، والفتوحات الربانية (3 / 357)، والمغني (1 / 769).
(8) تفسير القرطبي (13/307).
(9) مجموع الفتاوى (10/539).
(10) الفتح (11/187).
(11) مرقاة المفاتيح (4/470).
(12) نيل الأوطار (3/ 317).


ـ يتبع ـ

**ولد مزغنة**
2008-11-13, 23:37
المسألة الثالثة عشرة: هل يصح الفصل بين الصلاة ودعاء الاستخارة؟

والمراد بالمسألة:
أن من صلى صلاة الاستخارة ثم فصل بينها وبين الدعاء بفاصل قليل (49)، أو ذكر الله وحمده قبل الشروع في الدعاء فهل جائز وتصح به الاستخارة أم لا؟

ذكر أهل العلم أنه إن كان الفاصل قليلاً ولم يطل لا يضر ذلك، كما أن الفصل بين الصلاة والدعاء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إشكال فيه أيضاً، لأنه دعاء والدعاء يفتح بحمد الله والثناء عليه قبل الشروع فيه.

قال محي الدين النووي - رحمه الله-: ( ويستحب افتتاح الدعاء المذكور (50) وختمه بالحمد لله والصلاة والتسليم على رسول الله (51).

وقال بدر الدين العيني رحمه الله مبيناً قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة: " ثم ليقل اللهم..." قال: (دليل على أنه لا يضر تأخير دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل) (52).
وقال الشوكاني - رحمه الله -: (قوله: "ثم ليقل" فيه أنه لا يضر تأخير دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل، وأنه لا يضر الفصل بكلام آخر يسير خصوصاً إن كان من آداب الدعاء لأنه أتى بـ (ثم) المقتضية للتراخي) (53).

المسألة الرابعة عشرة: ما حكم تكرار صلاة الاستخارة؟

قد يستخير المسلم ربه في أمر ما، ثم يشعر أن الأمور لم تنجل جيداً، ولم تتضح له الصورة ولا وجه الخير فيما عزم عليه، فيحتاج إلى تكرار وإعادة الاستخارة مرة أخرى فهل يشرع له ذلك؟

قال بدر الدين العيني - رحمه الله -: ( فإن قلت: هل يستح تكرار الاستخارة في الأمر الواحد إذا لم يظهر له وجه الصواب في الفعل أو الترك ما لم ينشرح صدره لما يفعل. قلت: بلى، يستحب تكرار الصلاة والدعاء لذلك) (54).

وقال علي القاري - رحمه الله -: ( ويمضي بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره انشراحاً خالياً عن هوى النفس، فإن لم ينشرح لشيء فالذي يظهر أن يكرر الصلاة حتى يظهر له الخير) (55).

وقال الشوكاني (56) - رحمه الله -: ( وهل يستحب تكرار الصلاة والدعاء؟ قال العراقي: الظاهر يستحب) (57).
إذن من أهل العلم من قال إنه يستحب فضلاً عن الجواز، مما يؤكد جواز تكرار الاستخارة.
وبجواز التكرار - أيضاً - أفتى سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى وسماحة الشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني (58)، وقُيُد التكرار بقيد من لم تطمئن نفسه لصلاته الأولى.

والدليل على جواز تكرار الاستخارة ما يلي:

أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً، والاستخارة دعاء بصورة مخصوصة فهي صلاة ثم دعاء، بمعنى أنها إلى الدعاء أقرب.

ثانياً: ما أخرجه مسلم في صحيحه، في قصة غزو أهل الشام الكعبة واحتراقها في زمن معاوية، وأراد عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن ينقض بناءها قبل إصلاحها ثم يبنيها على قواعد إبراهيم عليه السلام فقال ابن الزبير: (يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة: أنقضها ثم ابني بناءها، أو أصلح ما وهي منها؟) قال ابن عباس: (فإني قد فرق لي رأي فيها، أي أن تصلح ما وهي منها، وتدع بيتاً أسلم الناس عليه، وأحجاراً أسلم الناس عليها، وبعث عليها النبي صلى الله عليه سولم، قال ابن الزبير: ( لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجده (59) فكيف بيت ربكم؟ إني مستخير ربي ثلاثاً ثم عازم على أمري ...) (60).

والشاهد من الأثر والقصة قول الزبير: (إني مستخير ربي ثلاثاً) فهو دليل على جواز تكرار صلاة الاستخارة لأنه قول وفعل صحابي، فهو حجة إذا لم يعارض بل الأدلة العامة في مشروعية تكرار الدعاء والإلحاح فيه تؤيد هذا العمل.

ثالثاً: ( إن صلاة الاستخارة أشبه ما تكون بصلاة الاستسقاء من حيث إنها صلاة حاجة، وتشابهاً من حيث ارتباط الصلاة بالدعاء، وهذا النوع من الصلاة أشبه ما يكون دعاء بصورة مخصوصة، فإذا انضم إلى هذا المعنى اللغوي للصلاة - وهو الدعاء وكان الإكثار من الدعاء مطلوباً - فلا نرى مانعاً من تكرارها.... ومهما قيل فهي دعاء، والدعاء يستحب تكراره، والإلحاح فيه، سواء كان مخصوصاً أو غير مخصوص) (61).
وأما حديث أنس رضي الله عنه الذي فيه تكرار الاستخارة سبع مرات فلا يصح ولا يجوز الاحتجاج به على أنها تكرر سبع مرات (62).

الحواشي:

(49) مثل أن يناديه أحد فيرد عليه بقوله: لحظة سآتيك بعد قليل.
(50) يعني: دعاء صلاة الاستخارة الذي جاء في حديث جابر رضي الله عنه.
(51) الأذكار (ص 112)، حاشية ابن عابدين (2/28).
(52) عمدة القارئ (7/234).
(53) نيل الأوطار (3/89).
(54) عمدة القارئ (7/235).
(55) مرقاة المفاتيح (3/406). وبينت آنفاً أنه يستخير ويمضي فيها عزم ولا ينتظر انشراح الصدر.
(56) هو العلامة القاضي محمد بن علي بن محمد الشوكاني، من علماء اليمن رحمه الله تعالى.
(57) نيل الأوطار (3/89).
(58) نقل ترجيحهما الشيخ عدنان عرعور في كتابه: ثلاث صلوات مهجورة (ص33).
(59) يجده: يجدده، انظر شرح مسلم للنووي (5/105).
(60) أخرجه مسلم في الشواهد والمتابعات (1333/402) في كتاب الحج، باب: نقض الكعبة.
(61) ثلاث صلوات مهجورة (ص 32-33) عدنان عرعور، وأثر ابن الزبير استفدته من كتابه.
(62) وهو حديث النضر بن أنس بن مالك حدثنا أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه). لكنه ضعيف جداً وأشبه بالموضوع، قال الحافظ عن هذا الحديث في الفتح (11/223): (سنده واه جداً).
أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص: (281-282)، أنظر كتاب المجروحين لابن حبان (1/118)، انظر الكامل لابن عدي (1/411 - 412)، الميزان للذهبي (1/139).

ـ تبع ـ

**ولد مزغنة**
2008-11-16, 19:15
المسألة الخامسة عشرة: من لم يتمكن من الصلاة فهل يجوز له أن يقتصرعلى دعاء الاستخارة وحده دون أن يصلي ركعتين؟


معلوم أن الاستخارة تكون بركعتين، ثم الدعاء بعد الصلاة، ولكن إن لم يستطع المسلم الصلاة فهل يستخير بالدعاء الوارد فقط دون الصلاة؟


وذلك كالمرأة الحائض مثلاً، إذا طرأت لها حاجة وأرادت أن تستخير فهي لا تستطيع الصلاة، فهل يشرع لها الاستخارة بالدعاء فقط؟


الجواب: نعم تجوز الاستخارة بالدعاء دون الصلاة لمن لا يمكنه الصلاة، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، حيث أجازوا الاستخارة بالدعاء فقط من غير صلاة إذا تعذرت الاستخارة بالصلاة والدعاء معاً(63).


قال النووي رحمه الله تعالى: " ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء"(64).


المسألة السادسة عشرة: ما الحكمة من تقديم صلاة ركعتين على دعاء الاستخارة؟


إن الله سبحانه وتعالى موصوف بالحكمة، وديننا الإسلامي دين حكمة وتدبر. وقد يحاول الإنسان التوصل إلى شيء من الحكم التي في النصوص الشرعية، فيعرف حكمة التشريع فيزداد إيماناً وثباتاً، وإن لم تظهر لنا الحكمة قلنا سمعنا وأطعنا.
ودعاء الاستخارة مسبوق بصلاة ركعتين، فحاول بعض أهل العلم معرفة الحكمة من ذلك.


فقالوا: إن الهدف من الاستخارة أن يجمع بين خيري الدنيا والآخرة، وأن يبعد الله عنه شر ما يريد الإقدام عليه، فهذا الطلب نوع دعاء يحتاج إلى مقدمة فيها ذل وخشوع ومناجاة واعتراف يقرع بها باب الملك قبل الشروع في الطلب وليس أفضل وأنجح لذلك من الصلاة.


قال الحافظ ابن حجر: ( قال ابن أبي جمرة: الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة فيحتاج إلى قرع باب الملك، ولا شيء لذلك أنجح من الصلاة لما فيها من تعظيم الله والثناء عليه والافتقار إليه مآلاً وحالاً ) (65).


وقال العلامة ابن الحاج المالكي - رحمه الله -: ( ثم انظر رحمنا الله وإياك إلى حكمة أمره عليه الصلاة والسلام المكلف بأن يركع ركعتين من غير الفريضة، وما ذاك إلا لأن صاحب الاستخارة يريد أن يطلب من الله قضاء حاجته.


وقد قضت الحكمة أن من الأدب قرع باب من تريد حاجتك منه، وقرع باب المولى سبحانه وتعالى إنما هو بالصلاة...، ولأنها جمعت بين آداب جمة فمنها خروجه عن الدنيا كلها وأحوالها بإحرامه بالصلاة، ألا ترى إلى الإشارة برفع اليدين عند الإحرام إلى أنه خلف الدنيا وراء ظهره، وأقبل على مولاه يناجيه، ثم ما فيها من الخضوع والندم والتذلل بين يدي المولى الكريم بالركوع والسجود؟ إلى غير ذلك مما احتوت عليه من المعاني الجليلة ليس هذا موضع ذكرها.


فلما أن فرغ من تحصيل هذه الفضائل الجمة حينئذ أمره صاحب الشرع عليه الصلاة والسلام بالدعاء ) (66).


الحواشي:
(63) ابن عابدين (1 / 643)، وحاشية العدوي والخرشي (1 / 38)، والفتوحات الربانية (3 / 348).
(64) الأذكار (ص 112)، حاشية ابن عابدين ( 2/28).
(65) فتح الباري (11/222).
(66) المدخل (4/38 - 39) بتصرف يسير.


ـ يتبع ـ

**ولد مزغنة**
2008-11-19, 18:34
الجمع بين الاستخارة والاستشارة

إن الله سبحانه بكرمه وحكمته امتن على بعض عباده بعقل راجح، ونظر ثاقب وحكمة بليغة، وتجارب في الحياة كبيرة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لذا كان الأسعد للمسلم أنه إذا اختار ربه في أمر ما، استشار ذوي العقول الناصحة فالجمع بين الاستخارة والاستشارة من كمال الحكمة والفهم والسلامة.

ومن أحسن ما قيل:
شاور سواك إذا نابتك نائبة =======فالعين تلقى كفاحاً من نأى ودنا
يوماً وإن كنت من أهل المشورات=====ولا ترى نفسها إلا بمرآة (68).

وقال ابن الحجاج المالكي - رحمه الله-: " والجمع بين الاستخارة والاستشارة من كمال الامتثال للسنة، فينبغي للمكلف أن لا يقتصر على إحداهما، فإن كان ولابد من الاقتصار فعلى الاستخارة لما تقدم من قول الراوي: (كان رسول الله ( يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها ما يعلمنا السورة من القرآن). والاستخارة والاستشارة بركنهما ظاهرة بينة لما تقدم ذكره من الأمثال للسنة والخروج عما يقع في النفوس من الهواجس والوساوس وهي كثيرة متعددة.، وقال بعض السلف: ( من حق العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العلماء ويجمع إلى عقله عقول الحكماء، فالرأي الفذ ربما زل، والعقل الفرد ربما ضل) (69).

وقال أبو الحسن المارودي الشافعي - رحمه الله -: (ومن الحزم لكل ذي لب أن لا يبرم أمراً ولا يمضي عزماً إلا بمشورة ذي الرأي الناصح ومطالعة ذي العقل الراجح؛ فإن الله أمر بالمشورة نبيه ( مع ما تكفل به من إرشاده وعونه وتأييده فقال تعالى: ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) ) (70).

وقال النووي - رحمه الله-: ( يستحب أن يستشير قبل الاستخارة من يعلم من حاله النصيحة والشفقة، والخبرة، ويثق بدينه ومعرفته... وإذا استشار وظهر أنه مصلحة، استخار الله في ذلك) (71).

وقال ابن حجر الهيثمي: ( حتى عند التعارض - ( أي تقديم الاستشارة) - لأن الطمأنينة إلى قول المستشار أقوى منها إلى النفس لغلبة حظوظها وفساد خواطرها، وأما لو كانت نفسه مطمئنة صادقة إرادتها متغلبة عن حظوظها قدم الاستخارة) (72).

وقال شيخ الإسلام: (ما ندم من استخار الخالق، وشاور المخلوقين، وتثبت في أمره، وقال تعالى: ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) (آل عمران: من الآية159) (73).

وقال قتادة: ( ما تشاور قوم يبتغون وجه الله إلا هدوا إلى أرشد أمرهم) (74).

الحواشي:
(68) انظر كشف الخفا للعجلوني (2/185 - 186).
(69) المدخل (4/40 - 41) بتصرف يسير.
(70) نقله ابن الحاج في المدخل (4/41).
(71) الموسوعة الكويتية (3/243).
(72) الموسوعة الكويتية (3/243).
(73) الوابل الصيب (ص247).


ــ يتبع ــ

**ولد مزغنة**
2008-11-26, 21:05
خصال من يُستشار:



فإذا علمت أهمية الاستشارة فاعلم أن من يستشار وتطلب منه المشورة له خصال وصفات حميدة، ذكرها بعض أهل العلم، فرأيت نقلها إتماماً للفائدة، وليعلم المسلم على من يطرح أمره، ولمن يفشي سره.

قال ابن الحاج المالكي رحمه الله في هذا الصدد:

( فإذا عزم على المشورة ارتاد لها من أهلها من استكملت فيه خمس خصال:


إحداهن: عقل كامل مع تجربة سابقة، فإن بكثرة التجارب تصح الروية، وقال عبد الله بن الحسن لابنه محمد: احذر مشورة الجاهل وإن كان ناصحاً كما تحذر عداوة العاقل إن كان عدواً، فإنه يوشك أن يورطك بمشورته فيسبق إليك مكر العاقل وتوريط الجاهل.

وكان يقال: إياك ومشاورة رجلين: شاب معجب بنفسه قليل التجارب في غرة، وكبير قد أخذ الدهر من عقله كما أخذ من جسمه، وقيل في منثور الحكم: كل شيء محتاج إلى العقل، والعقل محتاج إلى التجارب.


وقال الشاعر:
ألم تر أن العقل زين لأهله====ولكن تمام العقل طول التجارب


والخصلة الثانية: أن يكون ذا دين وتقى فإن ذلك عماد كل صلاح وباب كل نجاح، ومن غلب عليه الدين فهو مأمون السريرة موفق العزيمة.
والخصلة الثالثة: أن يكون ناصحاً ودوداً فإن النصح والمودة يصدقان الفكرة ويمحصان الرأي.
وقال بعض الحكماء: لا تشاور إلا الحازم غير الحسود، واللبيب غير الحقود، وإياك ومشاورة النساء فإن رأيهم إلى الأفن (75)، وعزمهن إلى الوهن.
وقال بعض الأدباء: مشورة المشفق الحازم ظفر، ومشورة غير الحازم خطر.

وقال بعض الشعراء:
أضف ضميراً لمن تشاوره====وارض من المرء في مودته
واسكن إلى ناصح تشاوره====بما يؤدي إليك ظاهره

والخصلة الرابعة: أن يكون سليم الفكر من هم قاطع وغم شاغل. فإن من عارضت فكرته شوائب الهموم لم يسلم له رأي ولم يستقم له خاطر. وقد قيل في منثور الحكم: بترداد الفكر ينجاب لك العكر.
والخصلة الخامسة: أن لا يكون له في الأمر المستشار فيه غرض يتابعه ولا هوى يساعده، فإن الأغراض جاذبة، والهوى صاد، والرأي إذا عارضه الهوى وجاذبته الأغراض فسد.

وقال الفضل بن العباس:

وقد تحكم الأيام من كان جاهلاً ====ويحمد في الأمر الفتى وهو مخطئ
ويردي الهوى ذا الرأي وهو لبيب====ويعذل في الإحسان وهو مصيب


فإذا استكملت هذه الخصال الخمس في رجل كان أهلاً للمشورة، ومعدناً للرأي فلا تعدل عن استشارته اعتماداً على ما توهمه من فضل رأيك وثقة بما تستشعره من صحة رويتك، فإن رأي غير ذي الحاجة أسلم، وهو من الصواب أقرب؛ لخلوص الفكر وخلو الخاطر مع عدم الهوى وارتفاع الشهوة (76).

وقال بعض الحكماء: " الناس ثلاثة: فواحد كالغذاء لا يستغنى عنه، وواحد كالدواء يحتاج إليه في بعض الأوقات، وواحد كالداء لا يحتاج إليه أبداً" (77).

ونقل الخطيب في تلخيص المتشابه عن قتادة قال: " الرجال ثلاثة: رجل، ونصف رجل، ولا شيء. فأما الذي هو رجل فرجل له عقل ورأي يعمل به وهو يشاور، وأما الذي هو نصف رجل؛ فرجل له عقل ورأي يعمل به وهو لا يشاور، وأما الذي هو لا شيء: فرجل له عقل وليس له رأي يعمل به وهو لا يشاور" (78).

الذي يترك الاستخارة والاستشارة يخاف عليه من الخطأ والتعب:



فإذا علمت أهمية الاستخارة وبركتها وضرورة الاستشارة والاستعانة بآراء الرجال فإن الذي يدعهما يخاف عليه من الخطأ ومجانبة الصواب والزلل في متاعب لا طاقة له بها، ومصائب لا حل لها.

قال ابن الحاج المالكي - رحمه الله -: " فمن ترك الاستخارة والاستشارة يخاف عليه من التعب فيما أخذ بسبيله لدخوله في الأشياء بنفسه دون الامتثال للسنة المطهرة، وما أحكمته في ذلك، إذ أنها لا تستعمل في شيء إلا عمته البركات، ولا تترك من شيء إلا حصل فيه ضد ذلك، نسأل الله السلامة بمنه " (79). اهـ.

الحواشي:

(75) الأفَن: بالفتح ضعف الرأي، حاشية المدخل (4/43)، وهذا الكلام ليس على إطلاقه بل ينطبق على بعض النساء فقط، فكم من نساء مؤمنات مشورتهن فلاح، وأكبر دليل على ذلك خديجة رضي الله عنها، وقصة النبي ( مع أم سلمة حين أشارت عليه بحلق رأسه في قصة الحديبية.
(76) المدخل (4/42 - 43) بتصرف يسير.
(77) انظر كشف الخفاء للعجلوني (2/186).
(78) المدخل (2/43).
(79) المدخل (2/43).

ـ يتبع ـ

**ولد مزغنة**
2008-11-29, 15:25
بيان وذكر الاستخارات المبتدعة



مع أن دعاء صلاة الاستخارة نطق به خير البشر بوحي من رب البشر والعالم بأحوالهم وما يصلحهم، ومع أن ألفاظ حديثه مانعة جامعة، مع ذلك اختار بعض الناس استخارة لنفسه مبتدعة بعيدة كل البعد عن الصحة والصواب، فحرم نفسه الخير، بل ربما أوقعها في الشرك والخرافة.


قال العلامة أبو عبد الله محمد العبدري الشهير بابن الحاج - رحمه الله -: ( وليحذر مما يفعله بعض الناس ممن لا علم عنده أو عنده علم وليس عنده معرفة بحكمة الشرع الشريف في ألفاظه الجامعة للأسرار العلية؛ لأن بعضهم يختارون لأنفسهم استخارة غير الاستخارة المتقدمة الذكر، وهذا فيه ما فيه من اختيار المرء لنفسه غير ما اختار له من هو أرحم به وأشفق عليه من نفسه ووالديه، العالم بمصالح الأمور المرشد لما فيه الخير والنجاح والفلاح صلوات الله عليه وسلامه) (80).

ومن تلك الاستخارات المبتدعة المصنوعة:


1-اشتراط الرؤية المنامية: ( كأن يشترط فيها: أن يرى المستخير في منامه ما نواه، أو يرى خضرة أو بياضاً إن كان ما يقصده خيراً، ويرى حمرة أو سواداً إن كان ما يقصده لا خير فيه ) (81).


قال ابن الحاج المالكي - رحمه الله - : ( وبعضهم يستخير الاستخارة الشرعية ويتوقف بعدها حتى يرى مناماً يفهم منه فعل ما استخار فيه أو تركه، أو يراه غيره له. وهذا ليس بشيء؛ لأن صاحب العصمة ( قد أمر بالاستخارة والاستشارة لا بما يرى في المنام ) (82).


2-استخارة السبحة: وصورتها: " أن يأخذ الشخص مسبحة فيتمتم عليها بحاجته، ثم يحصر بعض حباتها بين يديه، ويعدها، فإن كانت فردية عدل عما نواه، وإن كانت زوجية، اعتبر ما نواه خيراً وسار فيه".


3- استخارة الفنجان: " يعملها عادة غير صاحب الحاجة، ويقوم بعلمها رجل أو امرأة، وطريقتها، أن يشرب صاحب الحاجة القهوة المقدمة إليه، ثم يكفئ الفنجان، وبعد قليل، يقدمه لقارئه، فينظر فيه، بعد أن أحدثت فضلات القهوة به رسوماً وأشكالاً مختلفة، شأنها في ذلك شأن كل راسب في أي إناء إذا انكفأ ، فيتخيل ما يريد، ثم يأخذ في سرد حكايات كثيرة لصاحب الحاجة، فلا يقوم من عنده إلا وقد امتلأت رأسه بهذه الأسطورة".


4-استخارة المندل: " وطريقتها: أن يوضع الفنجان مملوءاً ماء على كف شخص مخصوص في كفه تقاطيع مخصوصة، ويكون ذلك في يوم معلوم من أيام الأسبوع، ثم يأخذ صاحب المندل (العرّاف) في التعزيم والهمهمة بكلام غير مفهوم وينادي بعض الجن ليأتوا بالمتهم السارق". (83)



الحواشي:
(80) المدخل (4/37).
(81) القول المبين في أخطاء المصلين (ص 409) مشهور حسن.
(82) المدخل (4/37).
(83) انظر ما سبق نقله من الرقم واحد إلى أربعة في كتاب القول المبين (ص 409 -410) قال الشيخ مشهور.



ـ يتبع ـ

اميرة اليالي البيضاء
2008-11-29, 15:30
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا ونفع بك الأمة جمعاء


وجعله في ميزان حسناتك


شكرا جزيلا

عربية مسلمة
2008-11-29, 15:52
شكرا على الموضوع
سبحان الله صلاة الإستخارة شيء عجيب رائع في نفس الوقت
أنا جربت صلاة الإستخارة في شيئ لم اكن أعرف كيف أبدؤهأو ماذا أفعل لكن بعد الصلاة اتضح كل شيء وتيسرت الامور لي
أنها نعمة من الله .

**ولد مزغنة**
2008-11-29, 23:17
حي الله الأختين الفاضلتين

ونفع الله بكما وبارك فيكما

وفالكم الجنة

doar
2008-11-30, 12:55
جزاك الله خيرا
أحبك الله الذي أحببتنا من أجله

**ولد مزغنة**
2009-01-02, 16:49
جزاك الله خيرا
أحبك الله الذي أحببتنا من أجله


وإياك أخي الكريم

ومن يرى ومن يسمع

ودمت بود

**ولد مزغنة**
2009-01-19, 17:06
5-استخارة الرمل: (( وطريقتها أن يخطط الشخص في الرمل خطوطاً متقطعة ثم يجري بعدها طريقة حسابية معروفة لديهم، فينتهي منها إلى استخراج برج الشخص فيكشف عنه في كتاب استحضره لهذا الغرض، فيسرد عليه حياته الماضية والمستقبلية بزعمه، وهذا الكلام بعينه الذي قيل له، يقال لغيره ما دام برجاهما قد اتفقا.

6-استخارة الكف: لا تخرج عما مضى، فيعمل قارئ الكف مستعملاً قوة فراسته مستعيناً - بزعمه - باختلاط خطوط باطن الكف على سرد حياة الشخص المستقبلية )). (83)
وهذا يدخل في الكهانة والتنجيم والعرافة المنهي عنها، وسيأتي بيان ذلك.

7-استخارة المصحف: وصورتها أن يفتح المستخير المصحف مباشرة دون تخير أو انتقاء ثم ينظر ما نوع الآية التي فتح عليها، فإن كانت آية رحمة ونعمة استمر فيما عزم ومضى، وإن كانت آية عذاب أو نقمة أو نار ترك وأحجم عما نواه.

8-استخارة الورق: وهي لعبة الورق وتسمى (البُلوت أو الكوتشينة) فهي أيضاً من المبتدعات.

9- الاستخارة المعتمدة على اسم الداخل: وطريقتها انتظار من يدخل ليشتق من اسمه الفعل أو الترك، فإن كان الداخل حسن الاسم فعل ما أراد ونواه، وإن كان فيه شدة أو غلظة كحرب أو جمر ترك ولم يقدم على ما نوى. (84)

10-الاستخارة بواسطة الأبراج: وقد انتشرت هذه الطريقة في آخر الزمان، لأن هذه الأبراج تعرض على صفحات الجرائد، ويقوم كل شخص بمعرفة برجه ويومه الذي ولد فيه، ثم ينظر ماذا مكتوب فيه، فيجد مثلاً: ستواجه مشاكل وحوادث وصعوبات، لا تفعل كذا أو لا تسافر، وهكذا إلى غير ذلك من المحرمات والخرافات التي تتعلق بالكهانة والتنجيم، وإلى الله المشتكى.

قال ابن الحاج المالكي - رحمه الله -: (( ومن الناس من هو أسوأ حالاً من هذا، وهو ما يفعله بعضهم من الرجوع إلى قول المنجمين والنظر في النجوم، إلى غير ذلك مما يتعاطاه بعضهم )). (85)

فالذي يفعل ما ذكر من الاستخارات المبتدعة ويترك ما شرعه الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لاشك أنه محروم، حرم نفسه بركة هذا الدعاء، وحرم نفسه التوفيق ودفع الضر الذي يلحق به، ولاشك في بطلان هذا الصنيع.

قال ابن الحاج رحمه الله مبيناً فساد رأي من جنح إلى الاستخارة المبتدعة: (( فمن فعل شيئاً مما ذكره أو غيره، وترك الاستخارة الشرعية فلاشك في فساد رأيه، ولو لم يكن فيه من القبح إلا أنه من قلة الأدب مع صاحب الشرع صلوات الله عليه وسلامه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام اختار للمكلف ما جمع له فيه بين خيري الدنيا والآخرة بلفظ يسير وجيز، واختار هو لنفسه غير ذلك، فالمختار في الحقيقة إنما هو ما اختاره المختار صلوات الله عليه وسلامه.
فعلى هذا لا يشك ولا يرتاب في أن من عدل عن تلك الألفاظ المباركة إلى غيرها فنه يخاف عليه من التأديب أن يقع به وأنواعه مختلفة إما عاجلاً وإما آجلاً في نفسه أو ولده أو ماله إلى غير ذلك )). (86)

والاستخارة المبتدعة مردودة، غير مقبولة، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " )). (87)
أي مردود على صاحبه، وهذا كل بدعة، ولا يكون فيها خير، لأن كل بدعة ضلالة، والعجب كيف استبدل الناس الذي هو أدنى بالذي هو خير.

قال ابن الحاج المالكي - رحمه الله -: (( ولا يضيف إلى الاستخارة الشرعية غيرها؛ لأن ذلك بدعة، ويخشى من أن البدعة إذا دخلت في شيء لا ينجح أو لا يتم؛ لأن صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالاستخارة والاستشارة (88) فقط فينبغي له أن لا يزاد عليهما ولا يعرج على غيرهما، فيا سبحان الله، صاحب الشرع صلوات الله وسلامه عليه اختار لنا ألفاظاً منقاة جامعة لخيري الدنيا والآخرة، حتى قال الراوي للحديث في صفتها على سبيل التخصيص والحض على التمسك بألفاظها وعدم العدول إلى غيرها: (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن )) والقرآن قد علم أنه لا يجوز أن لا يغير ولا يزاد فيه ولا ينقص منه، وإذا كان ذلك كذلك فلا يعدل عن تلك الألفاظ المباركة التي ذكرها عليه الصلاة والسلام في الاستخارة إلى غيرها من الألفاظ التي يختارها المرء لنفسه ولا غيرهما من منام يراه هو، أو يراه له غيره، أو انتظار فأل أو نظر في اسم الأيام، قال مالك رحمه الله: "الأيام كلها أيام الله" )). (89)

الحواشي:

(83) انظر ما سبق نقله من الرقم واحد إلى ستة في كتاب القول المبين (ص 409 -410) للشيخ مشهور.
(84) انظر الاستخارات المبتدعة أيضاً في: المدخل (4/37 - 38). الفتح الرباني للساعاتي (5/25) القول المبين (ص 409 - 410) للشيخ مشهور.
(85) المدخل (4/37).
(86) المدخل (4/38).
(87) متفق عليه.
(88) لعله يشير بذلك إلى حديث يروى عن النبي ( أنه قال: " ما خاب من استخار ولا ندم من استشار" وهو حديث موضوع، وسيأتي تخريجه.
(89) المدخل (4/37 - 38).



ـ يتبع ـ

**ولد مزغنة**
2009-01-25, 17:01
صلة الاستخارة بالتوحيد مباشرة



إن للاستخارة صلة قوية بالتوحيد، وذلك أن الإنسان عادة - ولله المثل الأعلى - لا يستشير إلا من يحب، ولا يشاور إلا من له مكانة في القلب، ومنزلة في النفس، وتعظيم لرأيه وتوجيهه.
فالعبد الذي يستخير ربه في أموره كلها، ويناديه بتلك الكلمات الجليلة، ويناجيه بألفاظها الغزيرة، هذا العبد قد عظم مولاه، وعرف مكانته، وعلمه الذي لا حدود له.
فالاستخارة توحيد خالص، فيها التسليم لله، واليقين بتوفيقه، والاعتراف بعلمه للمغيبات، والتصريح بتصرفه سبحانه في الأقدار كما شاء، ومن خلال طرح النقاط التالية تنجلي لك الصلة بينهما أكثر فأكثر.


1ـ الاستخارة بديل لما كان عليه العرب من الأزلام، والتنجيم والتكهن:

قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (المائدة:3).

والأزلام هي: قداح الميسر واحدها زَلَم وزُلم (118).
وكانت الأزلام والاستقسام - وهو طلب القسم والنصيب - عند العرب على ثلاثة أنواع، ومنها: (( التي كان يتخذها كل إنسان لنفسه، على أحدها: افعل، وعلى الثاني: لا تفعل، والثالث: مهمل لا شيء عليه، فيجعلها في خريطة معه، فإذا أراد فعل شيء أدخل يده - وهي متشابهة - فإذا خرج أحدها ائتمر وانتهى بما يخرج له، وغن خرج القدح الذي لا شيء عليه أعاد الضرب.
وإنما قيل هذا الفعل استقسام لأنهم كانوا يستقسمون به الرزق وما يريدون.
ونظير هذا الذي حرمه الله تعالى قول المنجم: لا تخرج من أجل نجم كذا، واخرج من نجم كذا، وقال عز وجل: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً) (لقمان: من الآية34).
هكذا كانت العرب تفعل في الجاهلية، وهو عمل محرم وصفه الله سبحانه بالفسق كما قال سبحانه في ختام تلك المحرمات: ( ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) (المائدة: من الآية3) (119).

وحرمه الله لأنه نوع من التعرض لدعوى علم الغيب، كما أنه ليس للأزلام في معرفة علم الغيب والمستقبل أي أثر، ما هي إلا أقداح من خشب وغيره لا حول لها ولا قوة.

قال العلامة أبو عبد الله القرطبي - رحمه الله-:

( قال الكيا الطبري: وإنما نهى الله عنها فيما يتعلق بأمور الغيب، فإنه لا تدري نفس ماذا يصيبها غداً، فليس للأزلام في تعريف المغيبات أثر) (120).

ولما جاء الإسلام أبطل هذا العمل الذي لا ينفع ولا يضر، وخطأ هذه العقيدة الباطلة ووصفها بالفسق، وشرع لنا الاستخارة التي فيها النفع والخير الكثير.


قال العلامة ابن القيم الجوزية - رحمه الله -:

( وأغنانا عن الاستقسام بالأزلام طلباً لما هو خير وأنفع لنا بالاستخارة التي هي توحيد وتفويض، واستعانة وتوكل ) (121).


الحواشي:

(118) الجامع لأحكام القرآن (6/40).

(119) قاله القرطبي في تفسيره (6/40).

(120) الجامع لأحكام القرآن (6/41).

(121) إغاثة اللهفان (2/70)، ومعنى قوله: أغنانا أي: أغنانا الله سبحانه.

ـ يتبع ـ

**ولد مزغنة**
2009-02-06, 13:36
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: ( وأهل النجوم لهم اختيارات إذا أراد أحدهم أن يفعل فعلاً أخذ طالعاً سعيداً فعمل فيه ذلك العمل لينجح بزعمهم، وقد وصف الناس كتباً في الرد عليهم وذكروا كثرة ما يقع من خلاف مقصودهم فيما يخبرون به ويأمرون به، وكم يخبرون من خبر فيكون كذباً، وكم يأمرون باختيار فيكون شراً ). (122)

وقال أيضاً - رحمه الله -: ( وهذه الاختيارات لأهل الضلال بدل الاستخارة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين كما أخبر جابر في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره ). (123)

الاستخارة فيها التسليم لما يختاره الله والاعتراف الكامل بأن الله علام الغيوب:
إن المؤمن يؤمن إيماناً جازماً أن الله تعالى يختار لعباده ما يشاء، وسبحانه المتصرف في الكون والأقدار بعلمه وحكمته.
قال تعالى: ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ). (القصص:68)

وقال الشاعر:

العبد ذو ضجر والرب ذو قدر****والخير أجمع فيما اختار خالقنا
والدهر ذو دول والرزق مقسوم****وفي اختيار سواه اللوم والشوم

فإذا تقرر ذلك، فإن الاستخارة خير ما يوكل فيها العبد أمره إلى مولاه ليختار له خيري الدنيا والآخرة.
ويبدو ذلك جلياً واضحاً في لفظ دعاء الاستخارة عند قوله: ( اللهم إني أستخيرك بعلمك ) والباء في قوله: ( بعلمك ) سببية؛ أي: بسبب علمك بالغيب والخير.

(( والمعنى: أطلب منك أن تشرح صدري لخير الأمرين بسبب علمك بكيفيات الأمور وجزئياتها، وكلياتها، إذ لا يحيط بخير الأمرين على الحقيقة إلا من هو كذلك كما قال تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ )) (البقرة: من الآية216). (124)

ويعترف العبد بقدرة الله سبحانه وعلمه بالأمور، ويقر بعجزه وقلة علمه وانعدامه في الأمور الغيبية.
حيث يقول العبد في لفظ الدعاء: ( فإنك تقدر ولا أقدر) أي: لا أقدر على شيء إلا بقدرتك وحولك وقوتك.

وتقول: ( وتعلم ولا أعلم ) أي: وتعلم بالعلم المحيط بجميع الأشياء خيرها وشرها كليها وجزئيها وغيرها؛ ولا أعلم أي: لا أعلم شيئاً منها إلا بإعلامك وإلهامك.

وتقول: ( وأنت علام الغيوب ) وهذا من الاكتفاء أو من طريق البرهان؛ أي: أنت كثير العلم بما يغيب عن السوى، فإنك تعلم السر وأخفى، فضلاً عن الأمور الحاضرة والأشياء الظاهرة في الدنيا والآخرة )). (125)

أرأيت أخي كيف أن النطق بهذه العبارات اعتراف بالعقيدة الصحيحة، ووصف لله سبحانه بصفات الكمال والتعظيم؟
وقال العلامة بدر الدين العيني الحنفي رحمه الله وهو يذكر ما في حديث جابر من الفوائد: (( وفيه أنه يجب على المؤمن رد الأمور كلها إلى الله تعالى وصرف أزمتها والتبرؤ من الحول والقوة إليه، وأن لا يروم شيئاً من دقيق الأمور ولا جليلها حتى يسأل الله فيه، ويسأله أن يحمله فيه على الخير، ويصرف عنه الشر إذعاناً بالافتقار إليه في كل أمره، والتزاماً لذاته بالعبودية له، وتبركاً لاتباع سنة سيد المرسلين في الاستخارة، وربما قدر ما هو خير ويراه شراً نحو قوله تعالى: ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ) (البقرة: 216). (126)

الحواشي:
(122) الفرقان بين الحق والباطل (ص 117).
(123) الفرقان (ص 116).
(124) قاله علي القاري في المرقاة شرح المشكاة (3/402).
(125) انظر ما سبق في المرقاة (3/403).
(126) عمدة القاري (2/235).


ـ يتبع ـ

متفائل
2009-02-06, 14:16
بارك الله فيك اخي على هذه المشاركه الطيبه

وقد قيل ما خاب من استخار وما ندم من استشار وما عال من اقتصد

متفائل
2009-02-07, 12:50
مشكور اخي على الموضوع الطيب

وبارك الله فيك ونفع بك

ام زينب
2009-02-07, 18:15
مشكور اخي على الافادةوجزاك الله بقدر كل حرف حسنة

أم عدنان
2009-02-07, 21:59
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أخي على الموضوع القيم ، وحعل الله لك بكل حرف كتبت الأجر والثواب

**ولد مزغنة**
2009-02-20, 23:58
الأخ محمد صبحي، والأختين ليلى وريحانة العنبر

شرفني مروركم... حيّاكم ولا عدمناكم

جمال هشماوي
2009-03-10, 18:02
السلام عليكم
شكرا جزيلا .....أيامازيغ
ثــــانميرث فلاك

anfel26
2009-03-11, 09:17
بارك الله فيك أخي بركة تحميك وتنجيك خير النجاة على موضوعك في الحقيقة الكل يعلم بصلاة الإستخارة لكن نجهل بعض أحكامها والموضوع نزع اللبس على الموضوع بوركت بوركت :19:

**ولد مزغنة**
2009-03-16, 16:35
الأخ هشماوي والأخت أنفال26
مستأنس بمروركما... نفع الله بكما.

**ولد مزغنة**
2009-03-20, 17:45
بيان ضعف بعض الأحاديث في الاستخارة

إن الأحاديث الضعيفة قد دخلت في جوانب كثيرة من جوانب هذا الدين، وغزت الكتب بألوانها وعلومها من فقه وعقائد ووعظ وتاريخ وسير وتفسير وغير ذلك.
والله سبحانه قيض لهذه الأمة من يحفظ لها أمر دينها، فيتصدون لما أدخل فيه فينفقون عنه تأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، وكذب الوضاعين.
ولما قيل للإمام عبد الله بن المبارك: هذه الأحاديث الضعيفة من لها؟ قال - رحمه الله -: يعيش لها الجهابدة.

فالدين بحاجة إلى تصفية، تصفية من البدع والخرافات، والأحاديث الضعيفة والموضوعة التي أدخلها ضعفاء النفوس والإيمان والحفظ والإتقان.
لهذا وذاك جعلت آخر بحث لي في هذه الرسالة بخصوص هذا الشأن لعلي أشارك ولو بالنزر اليسير في التصفية والتربية، وأحذر من شيء قد انتشر بين الناس، أسأل الله سبحانه القبول والتوفيق، فجمعت بعض الأحاديث الضعيفة في الاستخارة، وبينت وجه الضعف فيها ونقلت تضعيف العلماء لها حتى تطمئن القلوب، ويحذر من روايتها الناس، ويأبوا قبولها والعمل بها إن سمعوها من جهول أو مجهول يروي ما هب ودرج، فإن القصاص قد كثروا في آخر الزمان، والله المستعان وعيه التكلان.


1- " ما خاب من استخار، وما ندم من استشار، ولا عال من اقتصد" [موضوع].

أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (2/7) (774). والطبراني في الصغير (2/175) برقم (980 - الروض الداني ). وفي الأوسط (6/365) (6627) من طريق عبد السلام بن عبد القدوس عن أبيه عبد القدوس بن حبيب عن الحسن عن أنس بن مالك به.
وهذا إسناد تالف. عبد القدوس وابنه متهمان.
أما عبد السلام بن عبد القدوس، فقد ضعفه أبو حاتم، وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات.
وقال ابن عدي: " عامة ما يرويه غير محفوظ".
وأما عبد القدوس بن حبيب فهو الكلاعي الشامي أحد المشاهير بالكذب.
قال ابن حبان فيه: " كان يضع الحديث على الثقات، لا يحل كتابة حديثه ولا الرواية عنه، وكان ابن المبارك يقول: لأن أقطع الطريق أحب إلي من أن أروي عن عبد القدوس الشامي".
وقال عبد الرزاق: ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله كذاب إلا لعبد القدوس.
وقال الفلاس: أجمعوا على ترك حديثه.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال ابن عدي: " له أحاديث غير محفوظة، وهو منكر الحديث إسناداً ومتناً".

وللحديث طرق أخرى أخرجها الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (3/266) من طريق أبي جعفر محمد بن موسى عن أبيه علي، عن أبيه موسى عن آبائه عن علي قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال لي وهو يوصيني: " يا علي ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، يا علي عليك بالدلجة، فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار، يا علي اغد باسم الله، فإن الله بارك لأمتي في بكورها".
وهذا إسناد مظلم أوهى من السابق وفيه انقطاع ظاهر بين آباء موسى هذا، فلا يصلح هذا الإسناد، ولا تقوم به حجة، و الحديث ضعفه أهل العلم وإليك البيان:

قال الهيثمي في المجمع (8/99): " رواه الطبراني في الأوسط والصغير من طريق عبد السلام بن عبد القدوس وكلاهما ضعيف جداً".
وقال الحافظ في الفتح (11/220): " أخرجه الطبراني في الصغير بسند واه جداً".
وقال العجلوني في الكشف له (2/185): " ضعيف جداً".
وقل محمد الطرابلسي السندروسي في الكشف الإلهي (2/618): " ضعيف جداً".
وقال الحوت في أسنى المطالب (ص 247): " سنده واه".
وقال العلامة ناصر الدين الألباني في الضعيفة (2/78): "موضوع".

ـ يتبع ـ

**ولد مزغنة**
2009-03-30, 16:33
بيان ضعف بعض الأحاديث في الاستخارة


2- (( يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه )) [ضعيف جداً].

أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 362) (598) من طريق إبراهيم بن البراء ثنا أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يا انس...)) فذكره.

وآفة هذا الحديث إبراهيم بن البراء هذا وهو: إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك. قال عنه العقيلي في ضعفائه (1/45): " يحدث عن الثقات بالبواطيل".

وقال ابن حبان في المجروحين (1/118): " شيخ كان يدورالشام لا يجوز ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه".

وذكر له ابن عدي في الكامل (1/412) عدة أحاديث ثم قال فيه: " وإبراهيم بن البراء هذا أحاديثه التي ذكرتها وما لم أذكرها كلها مناكير موضوعة، ومن اعتبر حديثه علم أنه ضعيف جداً، وهو متروك الحديث".

والحديث تناوله أهل العلم بالضعف:

قال النووي في الأذكار (ص 113): " إسناده غريب فيه من لا أعرفهم". ومعنى غريب؛ أي ضعيف، فإن أهل الحديث يعبرون عن الضعف بالغرابة أحياناً، كما يفعل ذلك الترمذي كثيراً في سننه.

وقال العراقي متعقباً النووي فيما قاله سابقاً: " كلهم معروفون ولكن بعضهم معروف بالضعف الشديد"(129).

وقال العراقي أيضاً: " فالحديث على هذا ساقط لا حجة فيه"(130).

وقال الحافظ في الفتح (11/223): " وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد لكن سنده واه جداً".

الحواشي:

(129) نقل كلامه الشوكاني في النيل (3/89).
(130) المصدر السابق.





ـ يتبع ـ

نعاس
2009-05-04, 22:41
الحمد لله الذي علمنا الإستخارة فلن نخيب أبدا
الحمد لله الذي علمنا الإستخارة فلن نخيب أبدا
الحمد لله الذي علمنا الإستخارة فلن نخيب أبدا
الحمد لله الذي علمنا الإستخارة فلن نخيب أبدا
الحمد لله الذي علمنا الإستخارة فلن نخيب أبدا
الحمد لله الذي علمنا الإستخارة فلن نخيب أبدا
الحمد لله الذي علمنا الإستخارة فلن نخيب أبدا
الحمد لله الذي علمنا الإستخارة فلن نخيب أبدا
الحمد لله الذي علمنا الإستخارة فلن نخيب أبدا
الحمد لله الذي علمنا الإستخارة فلن نخيب أبدا
الحمد لله الذي علمنا الإستخارة فلن نخيب أبدا