syrus
2011-08-20, 22:47
إن الإسلام ليس دعوة إلى أمة قومية يختلف أفرادها عن الجماعات الأخرى فقط من حيث التسمية و الانتماء و يشتركون معهم في دعاوى التعصب و الكراهية للغير, بل هو دعوة لأمة مؤمنة بالله , تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر , و لا يتحقق معنى الأمة دون تحقق هذين الشرطين ... "كنتم خير أمة أخرجت للناس , تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله"... و بهذا المعنى لا يتحقق الانتماء الفعلي للأمة إلا بتشرب مبدأ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بدء من الاستنكار القلبي و نهاية للتغيير باليد لمن استطاع. أما من يفقد مرارة الاستنكار القلبي عندما يرى منكرا أو من يتخلى عن مواجهته باللسان أو اليد و هو قادر على ذلك فهو شخص فاقد للصلة مع الأمة التي تحمل رسالة التوحيد و العدل و لا ينتمي إليها إلا إسميا حتى و لو كان عالما أو فقيها ... و مبدأ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر يعني أن الإسلام لا يسعى لقهر مخالفيه و إذلالهم و إخضاعهم لسلطان أتباعه كما هو شأن كل النزعات القومية و الامبريالية , بل يهدف بالدرجة الأولى إلى تحريرهم و إنقاذهم من ظلمات الظلم و الاستبداد و العنصرية و الفساد و التيه و الفراغ الروحي الناتجة عن العبودية لغير الله ... فغاية الإسلام هي تحرير الإنسان من قيد كل أشكال العبودية الزائفة . و لا يمكن لهذه الأمة أن تدعو غيرها للتحرر من الفساد و الظلم و الاستبداد و العنصرية و الكراهية و تحقيق للعدل إذا كانت عاجزة عن تحقيق ذلك فيها . و لهذا فإن كل دعوة بيننا تدعو لاستعباد البشر و سلبهم حقوقهم و حرياتهم هي دعوى تعارض جوهر الإسلام و لو ادعت صلتها به ... و كل فتوى تدعو المستضعفين من المسلمين أن يسلموا ظهورهم لسياط جلاديهم و رقابهم لسيوف الظلمة من الحكام و المستبدين بعد أن اجبروا على تسليم ما في جيوبهم ثم لا تجرؤ على استنكار المنكر الواضح و على الجهر بكلمة الحق في وجه السلطان الجائر هي فتوى شيطان اخرس أعماه قربه من السلطان أو طمعه في الدنيا أو تعصبه الأعمى عن رؤية الحق و الدفاع عن أهله , و عجبا لقوم يدافعون عن الباطل بدعوى الدفاع عن السنة و يكرسون لاستعباد البشر لغير الله بدعوى الإتباع و طاعة الله ثم يلصقون بكل من يدعو للتحرر من القهر و الاستعباد كل أنواع التهم بالهرطقة و البدعة و الظلال ... ألا يخشى هؤلاء أن يكونوا ممن يصدق فيهم قوله تعالى "و الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات" ... ما لقوم يصطفون وراء الحاكم و يزكون كل أفعاله صغيرة و كبيرة و يسبحون بحمده ليل نهار و كأنه نبي مرسل أو ملاك منزل و كأنه هو من يطعمنا من جوع و يأمننا من خوف ...
إن تشرب مبدأ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر يدفع البشر للتحرر من الخوف و من تقديس البشر و يزرع في نفوسهم العزة و المروءة و الشجاعة و روح التضحية إذا تطلب الأمر ذلك , فيحولهم من أتباع مقهورين مستسلمين لسلطان المستبدين و أحبارهم إلى رجال أحرار لا يرضون بالضيم و الفساد و لا يترددون عن الوقوف إلى جانب الحق بالكلمة إذا لم يقدروا على نصرته باليد ... رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ... و ما بدلوا تبديلا ... و هؤلاء للأسف من تصفهم الآلة الإعلامية للاستبداد بالفوضويين و الهراطقة و المشوشين و العملاء و المتآمرين , و كل ذنبهم أنهم يؤمنون بالحرية و يؤمنون أنهم هم من يطعم الحاكم و ليس هو من يطعمهم و أنهم ليسوا قطيعا يسوقه الحاكم بعصاه كما شاء و أن لا لأحد أن يدعي الربوبية من دون الله و يستعبد البشر و يذلهم ... ليس من الغريب إذن أن يحول فقهاء السلاطين الدين إلى جملة من الطقوس و المظاهر مع إهمال للمعنى و الجوهر و يحولوا العقيدة إلى خوض في التفاصيل الشكلية التي تصرف الناس عن جوهرها الذي يحررهم من كل أشكال العبودية ... فليس من مصلحة الحكام أن يتحدث هؤلاء عن الحرية و العدالة و العقيدة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلا بما يوافق مصالحهم , فالحرية و الرغبة في التحرر لابد و أن تكون مصدرا للفتنة و الفساد عند هؤلاء , و العدالة لا تكون إلا بالطاعة التامة للحاكم و الملك الذي تحول إلى ولي أمر شرعي , و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يكون إلا كما يحدده الحاكم و بطانته , بل المنكر كل المنكر في معارضة الحاكم و الاحتجاج على قراراته و المطالبة بحق مسائلته و عزله , بل هو الكفر عينه كما لا يتردد البعض في وصفه , جاعلين الاعتراض على الحاكم اعتراضا على الله و الخروج عليه و لو بالوسائل السلمية خروجا على الله ... و لكن رغم كل ذلك , يعجز الخطاب التنويمي و الاستسلامي أن يتغلغل في قلوب الجميع و ها هي الثورة في تونس و مصر التي بدأها الشباب ممن استنكر المنكر الذي أقامه بن علي و مبارك و التحق بها الأحرار من الرجال و النساء قد أطاحت برأسي النظام و لا زال ينتظر أبنائها من الأحرار و المخلصين الكثير من النضال لتحقيق العدالة و الإصلاح حتى تؤتي أكلها ... أمام هذا الواقع الجديد أتساءل عن موقف من عارض الثورات الآن و قد سقط صنمان من أصنام البانثيون العربي و ما هي الرسالة التي يبعثها لإخوانه في مصر و تونس بعد أن وصلوا إلى نقطة اللارجوع ... من العجيب أننا لا نجد اليوم ذلك الكم الهائل من الفتاوى و الرسائل من العلماء الذين عارضوا الثورة ينصحون لأهلها و يوجهونهم لما هو في صلاحهم بعد سقوط النظام , بعد أن أطاحوا بولاة أمورهم ,,, فهل استحقت هذه الشعوب الغضب من علمائنا الأجلاء حتى يبخلوا عليها بما يرونه مصلحة لهم , أو أن الفأس وقعت في الرأس و لم يبق مجال للنصح و التحذير. أم أنهم لازالوا يتوقعون فشلها حتى تنشرح قلوبهم و تثبت صحة حكمهم و يثبت معه حكم من يدافعون عن حكمهم من الملوك و الرؤساء... أو أن كل ما في الأمر هو أن مصلحة الشعوب لا تهمهم من قريب و لا من بعيد و لذلك ملأوا الدنيا تحذيرا و نصحا بدعوى مصلحة الشعوب و لكن لما انهارت الأنظمة خبت أصواتهم , و لو كانوا ممن يهتمون لمصلحة الشعوب حقا لما سكتوا عن النصح و التوجيه , و لكن يبدو أن النصيحة عندهم لا تكون إلا بطاعة ولي الأمر و أما و قد ذهب ولي الأمر إلى الجحيم فليلحق به الشعب ... و أما في سوريا فيبدو أن الرأي فيها غير الرأي الأول , فالخروج على ولي الأمر فيها صار واجبا ... إن هذا السكوت عن ما بعد الثورة في تونس و مصر لذو دلالات عميقة على طبيعة الخطاب الديني المرتبط بالسلطة و يفضحه بشكل تام كونه لا ينطق إلا بما يريده السلطان , فاعتبارات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر يحددها الحاكم مرة أخرى و مصالحه و حساباته السياسية و هي التي تجعل الثورة على مبارك حراما و الثورة على الأسد جهادا ... و الذي يبدو هو أن هذا هو حال اغلب من عارض الثورة في بلد غير بلده , و أما من عارضها في بلده فقد تحول بقدرة قادر إلى نصير للشعب و معارض للنظام و الكثير منهم صاروا يخرجون للشارع تعبيرا عن أرائهم و مواقفهم و يعملون على تأسيس الأحزاب السياسية و تقديم المرشحين للانتخابات و لا يترددون في استخدام الدين للأغراض الانتخابية كما كانوا يستخدمونه في السابق لمصلحة الحكام ... و لا ادري كيف يجرؤ هؤلاء على هذا الانقلاب المفضوح . فلو فشلت الثورة لكان أصحابها من الخوارج و أما و قد نجحت فأصحابها أبطال و شرفاء ...
كلمة لا إله إلا الله تعني أن لا نتخذ من السياسيين و الزعماء أربابا من دون الله , و لا من العلماء المزيفين أربابا أيضا يزينون الباطل و يدافعون عنه , العلماء الذين يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق و هم يعلمون ... الذين يرون المئات من إخوانهم المسلمين تسفك دمائهم و تنتهك أعراضهم و تسرق أموالهم من الحكام المستكبرين و لا يحركون لذلك بنت شفة رغم ظهور الفساد و شيوع الظلم و الاستبداد , و حبذا لو سكتوا عن نصرة الباطل كما صمتوا عن قول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر ... و لكن وعد الله سيتم و ستنهار كل الأصنام , و مهما علت كلمة أنصار الباطل فإنها ستسقط و تزهق عندما تسطع شمس الحرية و العدالة على هذه الأمة عندما نحيي عقيدة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و يتحقق فينا معنى "لا إله إلا الله" و "الله اكبر" ...
..... Syrus
إن تشرب مبدأ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر يدفع البشر للتحرر من الخوف و من تقديس البشر و يزرع في نفوسهم العزة و المروءة و الشجاعة و روح التضحية إذا تطلب الأمر ذلك , فيحولهم من أتباع مقهورين مستسلمين لسلطان المستبدين و أحبارهم إلى رجال أحرار لا يرضون بالضيم و الفساد و لا يترددون عن الوقوف إلى جانب الحق بالكلمة إذا لم يقدروا على نصرته باليد ... رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ... و ما بدلوا تبديلا ... و هؤلاء للأسف من تصفهم الآلة الإعلامية للاستبداد بالفوضويين و الهراطقة و المشوشين و العملاء و المتآمرين , و كل ذنبهم أنهم يؤمنون بالحرية و يؤمنون أنهم هم من يطعم الحاكم و ليس هو من يطعمهم و أنهم ليسوا قطيعا يسوقه الحاكم بعصاه كما شاء و أن لا لأحد أن يدعي الربوبية من دون الله و يستعبد البشر و يذلهم ... ليس من الغريب إذن أن يحول فقهاء السلاطين الدين إلى جملة من الطقوس و المظاهر مع إهمال للمعنى و الجوهر و يحولوا العقيدة إلى خوض في التفاصيل الشكلية التي تصرف الناس عن جوهرها الذي يحررهم من كل أشكال العبودية ... فليس من مصلحة الحكام أن يتحدث هؤلاء عن الحرية و العدالة و العقيدة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلا بما يوافق مصالحهم , فالحرية و الرغبة في التحرر لابد و أن تكون مصدرا للفتنة و الفساد عند هؤلاء , و العدالة لا تكون إلا بالطاعة التامة للحاكم و الملك الذي تحول إلى ولي أمر شرعي , و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يكون إلا كما يحدده الحاكم و بطانته , بل المنكر كل المنكر في معارضة الحاكم و الاحتجاج على قراراته و المطالبة بحق مسائلته و عزله , بل هو الكفر عينه كما لا يتردد البعض في وصفه , جاعلين الاعتراض على الحاكم اعتراضا على الله و الخروج عليه و لو بالوسائل السلمية خروجا على الله ... و لكن رغم كل ذلك , يعجز الخطاب التنويمي و الاستسلامي أن يتغلغل في قلوب الجميع و ها هي الثورة في تونس و مصر التي بدأها الشباب ممن استنكر المنكر الذي أقامه بن علي و مبارك و التحق بها الأحرار من الرجال و النساء قد أطاحت برأسي النظام و لا زال ينتظر أبنائها من الأحرار و المخلصين الكثير من النضال لتحقيق العدالة و الإصلاح حتى تؤتي أكلها ... أمام هذا الواقع الجديد أتساءل عن موقف من عارض الثورات الآن و قد سقط صنمان من أصنام البانثيون العربي و ما هي الرسالة التي يبعثها لإخوانه في مصر و تونس بعد أن وصلوا إلى نقطة اللارجوع ... من العجيب أننا لا نجد اليوم ذلك الكم الهائل من الفتاوى و الرسائل من العلماء الذين عارضوا الثورة ينصحون لأهلها و يوجهونهم لما هو في صلاحهم بعد سقوط النظام , بعد أن أطاحوا بولاة أمورهم ,,, فهل استحقت هذه الشعوب الغضب من علمائنا الأجلاء حتى يبخلوا عليها بما يرونه مصلحة لهم , أو أن الفأس وقعت في الرأس و لم يبق مجال للنصح و التحذير. أم أنهم لازالوا يتوقعون فشلها حتى تنشرح قلوبهم و تثبت صحة حكمهم و يثبت معه حكم من يدافعون عن حكمهم من الملوك و الرؤساء... أو أن كل ما في الأمر هو أن مصلحة الشعوب لا تهمهم من قريب و لا من بعيد و لذلك ملأوا الدنيا تحذيرا و نصحا بدعوى مصلحة الشعوب و لكن لما انهارت الأنظمة خبت أصواتهم , و لو كانوا ممن يهتمون لمصلحة الشعوب حقا لما سكتوا عن النصح و التوجيه , و لكن يبدو أن النصيحة عندهم لا تكون إلا بطاعة ولي الأمر و أما و قد ذهب ولي الأمر إلى الجحيم فليلحق به الشعب ... و أما في سوريا فيبدو أن الرأي فيها غير الرأي الأول , فالخروج على ولي الأمر فيها صار واجبا ... إن هذا السكوت عن ما بعد الثورة في تونس و مصر لذو دلالات عميقة على طبيعة الخطاب الديني المرتبط بالسلطة و يفضحه بشكل تام كونه لا ينطق إلا بما يريده السلطان , فاعتبارات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر يحددها الحاكم مرة أخرى و مصالحه و حساباته السياسية و هي التي تجعل الثورة على مبارك حراما و الثورة على الأسد جهادا ... و الذي يبدو هو أن هذا هو حال اغلب من عارض الثورة في بلد غير بلده , و أما من عارضها في بلده فقد تحول بقدرة قادر إلى نصير للشعب و معارض للنظام و الكثير منهم صاروا يخرجون للشارع تعبيرا عن أرائهم و مواقفهم و يعملون على تأسيس الأحزاب السياسية و تقديم المرشحين للانتخابات و لا يترددون في استخدام الدين للأغراض الانتخابية كما كانوا يستخدمونه في السابق لمصلحة الحكام ... و لا ادري كيف يجرؤ هؤلاء على هذا الانقلاب المفضوح . فلو فشلت الثورة لكان أصحابها من الخوارج و أما و قد نجحت فأصحابها أبطال و شرفاء ...
كلمة لا إله إلا الله تعني أن لا نتخذ من السياسيين و الزعماء أربابا من دون الله , و لا من العلماء المزيفين أربابا أيضا يزينون الباطل و يدافعون عنه , العلماء الذين يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق و هم يعلمون ... الذين يرون المئات من إخوانهم المسلمين تسفك دمائهم و تنتهك أعراضهم و تسرق أموالهم من الحكام المستكبرين و لا يحركون لذلك بنت شفة رغم ظهور الفساد و شيوع الظلم و الاستبداد , و حبذا لو سكتوا عن نصرة الباطل كما صمتوا عن قول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر ... و لكن وعد الله سيتم و ستنهار كل الأصنام , و مهما علت كلمة أنصار الباطل فإنها ستسقط و تزهق عندما تسطع شمس الحرية و العدالة على هذه الأمة عندما نحيي عقيدة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و يتحقق فينا معنى "لا إله إلا الله" و "الله اكبر" ...
..... Syrus