عبد الحفيظ بن علي
2011-08-18, 14:30
هذا الحديث الثاني من كتاب الطهارة لبلوغ المرام، لم أقل ولا كلمة، كل الشرح من اقوال العلماء، أنا قمت برطها بعضها ببعض فقط...أعطوني رايكم في هذه الطريقة وبرك الله فيكم
طهارة ماء البحر:
1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - في البحر-:" هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته". أخرجه الأربعة، وابن أبي شيبة و اللفظ له، و صححه ابن خزيمة و الترمذي [ ورواه مالك والشافعي وأحمد].
تخريج الحديث:
أخرجه أبو داود و النسائي و الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح وابن ماجة والدارمي ومالك والشافعي والبخاري في التاريخ الكبير واحمد في مواضع وابن أبي شيبة وابن الجارود وابن عديّ وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي والدراقطني .
وحكى الترمذي عن البخاري تصحيحه ، و تعقبه ابن عبد البر بأنه لو كان صحيحا عنده لأخرجه في صحيحه وردّه الحافظ وبن دقيق العيد بأنّه لم يلتزم الاستعاب ثم حكم ابن عبد البر مع ذلك بصحته لتلقي العلماء له بالقبول فرده من حيث الإسناد وقبله من حيث المعنى،... وصححه أيضا ابن المنذر وابن منده والبغوي وقال ، هذا الحديث صحيح متفق على صحته، وقال ابن الأثير في شرح المسند هذا حديث صحيح مشهور أخرجه الأئمة في كتبهم واحتجوا به ورجاله ثقات، وقال ابن الملفن في البدر المنير هذا حديث جليل موري من طرق وصححه الحاكم وابن جبان والطحاوي والألباني وغيرهم كثيرون و صححه النووي وقال الإمام أحمد هذا خير من مائة حديث وقال أبو علي ابن السكن إنه أصح ما في الباب وأخرجه في صحاحه .
وجاء هذا الحديث مرويّ من طرق كثيرة فقد روي من حديث أبي هريرة ومن حديث جابر ومن حديث علي ابن أبي طالب ومن حديث أنس ومن حديث عبد الله ابن عمر ومن حديث الفراسي ومن حديث أبي بكر
سبب ورود الحديث:
و قد وقع جوابا كما في الموطأ أنّ أبا هريرة رضي الله عنه قال " جاء رجل " وفي مسند أحمد " من بني مدلج "وعند الطبري اسمه " عبد الله " إلى رسول الله ، فقال يا رسول الله إنّا نركب البحر و نحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ به – وفي لفظ أبي داود " بماء البحر " فقال رسول الله "هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته " .
التعريف بالصحابي راوي الحديث :
أبو هريرة رضي الله عنه، هو الإمام الفقيه المجتهد الحافظ صاحب رسول الله ، أبو هريرة الدوسي سيد الحفّاظ الأثبات.
اختلف في اسمه على أقوال جمّة أرجحها عبد الرحمان بن صخر ... ويقال في الجاهلية كان اسمه عبد شمس أو أبو الأسود فسماه رسول الله عبد الله و كنّاه أبو هريرة .
والمشهور عنه أنّه كني بأولاد هرّة برية، قال: وجدتها فأخذتها في كمّي فكنيت بذلك .
وأخرج الترمذي بسند حسن عن عبيد الله ابن رافع قال، قلت لأبي هريرة لم كنيت بأبي هريرة قال: كنت أرعى غنم أهلي وكانت لي هرة صغيرة فكنت أضعها بالليل في شجرة وإذا كان النهار ذهبت بها معي فلعبت بها فكنّوني أبا هريرة .
حمل أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي علمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه لم يلحق في كثرته. وحدث عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين فقيل بلغ عدد أصحابه ثمانمائة .
قال البخاري رحمه الله : روى عنه نحو ثمانمائة رجل أو أكثر من أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم .
وقال الشافعي رحمه الله : أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره ولد رضي الله عنه سنة 19 قبل الهجرة و توفي سنة 58.
شرح بعض كلمات الحديث
البَحْرُ : البحر معروف، والجمع بحور وأبحر وبحار سمي بذلك لاتساعه وهو مستقر الماء الواسع بحيث لا يُدرِكُ طرفيه من كان في وسطه وقيل هو الماء الكثير ملحًا كان أو عذبًا وهو خلاف البر سمي بذلك لعمقه واتساعه وقد غلب في الملح حتى قلّ في العذب .
الطَهُورُ : طهور قيل هو مبالغة وأنّه بمعنى طاهر، و الأكثر أنه لوصف زائد، قال ابن فارس قال ثغلب : الطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، وقال الأزهري أيضا، الطهور في اللغة هو الطاهر المطهِّر . والماء الطهور بالفتح هو الذي يرفع الحدث و يزيل النجس لأنّ فعولاً من أبنية المبالغة فكأنّه تناهى في الطهارة .
مَاؤُهُ : والمياه على ضربين مطلق ومضاف، فالمطلق ما لم يتغير بمخالطة ما ليس بقرار له وينفك الماء عنه غالبًا، كماء السماء و الآبار والأنهار والعيون والبحر وهذا هو الطاهر المطهر.... وأمّا المضاف من المياه فهو في اللغة ما خالطه غيره وكان مضافًا إليه .
وضمير ماؤه يقتضي أنه أريد بالضمير في قوله هو طهور البحر إذ لو أريد به الماء لما احتيج إلى قوله ماؤه إذ يصير المعنى الماء طهور ماؤه .
الحِلُ : هو مصدر حلّ الشيء ضد حرم وهو وصف بالمصدر ويتعدى بالهمزة والتضعيف فيقال: أحللته وحللّته ، ومنه " أحلّ الله البيع" أي أباحه وخير في الفعل والترك .
مَيْتَتُهُ : والميتة هي ما فارقته الروح بغير ذكاة شرعية بأن يموت حتف أنفه من غير سبب لآدمي فيه، وقد يكون ميتة لسبب فعل آدمي إذا لم يكن فعله فيه على وجه الذكاة المبيحة واسم الميتة إذا أطلق في الشرع فإنما يطلق على ما فانت نفسها من غير ذكاة ولذلك قال الله تعالى "حرمت عليكم الميتة" والمراد ميتته ما مات فيه من دوابه ممّا لا يعيش إلاّ فيه، لا ما مات فيه مطلقا فإنه وإن صدق عليه لغة أنه ميتة بحر فمعلوم أنه لا يراد إلا ما ذكرنا، وظاهره حلّ كل ما مات فيه ولو كان كالكلب والخنزير .
بعض فوائد الحديث :
الأولى : قوله إنّا نركب البحر فأقرهم النبي ولم ينكره ، فذلك دليل على جواز ركوبه ... وقد فال تعالى " هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك " ،
وفي الحديث دليل على جواز ركوبه لغير حج ولا عمرة ولا جهاد لأن السائل إنما سأله للصيد .
الثانية : أنّه طاهر مطهر يعني الذي يتكرر التطهير به ولا يصح أن يكون معنى طهور طاهر، لأنهم لم يسألوه هل هو طاهر وإنما سألوه هل هو مطهّر فأجابهم بأنه طهور، وهذا يقتض أن لفظ طهور يتضمن معنى مطهّر ولا يكون مطهر حتى يكون ماء طاهرًا .
الثالثة : قوله فإن توضأنا به عطشنا، دليل على أنّ العطش له تأثير في ترك استعمال الماء للشرب ولذلك أقره النبي على التعلق به .
الرابعة : أنّ النبي لم يقل لهم نعم ، فإنه لو فال ذلك لما جاز الوضوء به إلا للضرورة وعليها وقع سؤالهم لأنه كان يكون جواب قوله إنّا نركب ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، فشكوا إليه بصفة الضرورة وعليها وقع سؤالهم فما كان يرتبط جواب نعم لو قاله، فستأنف بيان الحكم بجواز الطهارة وقد كانت الصحابة تسافر في البحر فتتوضأ به وما تيممت ولا حملت ماء لطهورها غيره وإنما كانت تحمل للمشقَّة خاصة .
الخامسة : وهي مشروعية الزيادة في الجواب على سؤال السائل لقصد الفائدة وعدم لزوم الاقتصار وأن المفتي إذا سئل عن شيء وعلم أن للسائل حاجة إلى ذكر ما يتصل بمسألته استحب تعليمه إيّاه لأنّ الزيادة في الجواب بقوله الحلّ ميتته لتتميم الفائدة وهي زيادة تنفع لأهل الصيد وكأنّ السائل منهم ولم يكن ذلك تكلفا لما لا يعنيه لأنّه ذكر الطعام وهم سألوه عن الماء لعلمه أنّه قد يعوزهم الزّاد في البحر ويتأكد ذلك عند ظهور الحاجة إلى الحكم كما هنا لأنّ من توقف في طهورية ماء البحر فهو عن العلم بحلّ ميتته مع تقدّم تحريم الميتة أشدّ توقفًا والنبي لمّـا عرف اشتباه الأمر على السائل في ماء البحر أشفق أن يشتبه عليه حكم ميتته وقد يبتلى بها راكب البحر فعقب الجواب عن سؤاله ببيان حكم الميتة .
وقد أجاب النبي السائل بأكثر ممّا سأل عنه في موضعين، الأول : قوله " هو الطهور ماؤه " فإنه لو قال له نعم لكان جوابا محالا على السؤال وكان يقتضي ألا يجوز الوضوء بماء البحر إلا عند خوف العطش وقلّة الماء ، فأطلق النبي القول إطلاقًا ليبيّن أنّه طهور مطلق وحكم عام . الموضع الثاني : قوله " الحل ميتته " وكأن النبي فهم من السائل استنكافّا من البحر فأراد النبي أن يبيّن له أنّه بركة كلّه ماءه طهور وميتته حلال وظهره مجاز وقعره جواهر ودرر .
الفائدة السادسة : أن الماء كله بركة ورحمة ماؤه طهور وميتته حلال وهي جميع حيوانات البحر أي ما لا يعيش إلا بالبحر والحيوان جنسان بحري وبري، أما البحري فنوعان نوع لا تبقى حياته في البر كالحوت، ونوع تبقى حياته في البر كالضفدع والسرطان والسلحفاة، فأما الحوت فإنه طاهر مباح على أيّ وجه فانت نفسه وبهذا قال مالك والشافعي .
وفي الحديث فائدة هامة وهي حلّ كل ما مات في البحر مما كان يحي فيه ولو كان طافيًا .
بعض أقوال أهل العلم
قال ابن الملقن رحمه الله تعالى : إنه حديث عظيم أصل من أصول الطهارة مشتمل على أحكام كثيرة وقواعد مهمّة، وقال الماوردي في الحاوي : قال الحميدي، قال الشافعي : هذا الحديث نصف علم الطهارة وقال أحمد هذا الحديث خير من مائة حديث .
وقال الزرقاني في شرح الموطأ : وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام تلقته الأمة بالقبول وتداوله فقهاء الأمصار في سائر الأعصار في جميع الأقطار ورواه الأمة الكبار .
طهارة ماء البحر:
1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - في البحر-:" هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته". أخرجه الأربعة، وابن أبي شيبة و اللفظ له، و صححه ابن خزيمة و الترمذي [ ورواه مالك والشافعي وأحمد].
تخريج الحديث:
أخرجه أبو داود و النسائي و الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح وابن ماجة والدارمي ومالك والشافعي والبخاري في التاريخ الكبير واحمد في مواضع وابن أبي شيبة وابن الجارود وابن عديّ وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي والدراقطني .
وحكى الترمذي عن البخاري تصحيحه ، و تعقبه ابن عبد البر بأنه لو كان صحيحا عنده لأخرجه في صحيحه وردّه الحافظ وبن دقيق العيد بأنّه لم يلتزم الاستعاب ثم حكم ابن عبد البر مع ذلك بصحته لتلقي العلماء له بالقبول فرده من حيث الإسناد وقبله من حيث المعنى،... وصححه أيضا ابن المنذر وابن منده والبغوي وقال ، هذا الحديث صحيح متفق على صحته، وقال ابن الأثير في شرح المسند هذا حديث صحيح مشهور أخرجه الأئمة في كتبهم واحتجوا به ورجاله ثقات، وقال ابن الملفن في البدر المنير هذا حديث جليل موري من طرق وصححه الحاكم وابن جبان والطحاوي والألباني وغيرهم كثيرون و صححه النووي وقال الإمام أحمد هذا خير من مائة حديث وقال أبو علي ابن السكن إنه أصح ما في الباب وأخرجه في صحاحه .
وجاء هذا الحديث مرويّ من طرق كثيرة فقد روي من حديث أبي هريرة ومن حديث جابر ومن حديث علي ابن أبي طالب ومن حديث أنس ومن حديث عبد الله ابن عمر ومن حديث الفراسي ومن حديث أبي بكر
سبب ورود الحديث:
و قد وقع جوابا كما في الموطأ أنّ أبا هريرة رضي الله عنه قال " جاء رجل " وفي مسند أحمد " من بني مدلج "وعند الطبري اسمه " عبد الله " إلى رسول الله ، فقال يا رسول الله إنّا نركب البحر و نحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ به – وفي لفظ أبي داود " بماء البحر " فقال رسول الله "هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته " .
التعريف بالصحابي راوي الحديث :
أبو هريرة رضي الله عنه، هو الإمام الفقيه المجتهد الحافظ صاحب رسول الله ، أبو هريرة الدوسي سيد الحفّاظ الأثبات.
اختلف في اسمه على أقوال جمّة أرجحها عبد الرحمان بن صخر ... ويقال في الجاهلية كان اسمه عبد شمس أو أبو الأسود فسماه رسول الله عبد الله و كنّاه أبو هريرة .
والمشهور عنه أنّه كني بأولاد هرّة برية، قال: وجدتها فأخذتها في كمّي فكنيت بذلك .
وأخرج الترمذي بسند حسن عن عبيد الله ابن رافع قال، قلت لأبي هريرة لم كنيت بأبي هريرة قال: كنت أرعى غنم أهلي وكانت لي هرة صغيرة فكنت أضعها بالليل في شجرة وإذا كان النهار ذهبت بها معي فلعبت بها فكنّوني أبا هريرة .
حمل أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي علمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه لم يلحق في كثرته. وحدث عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين فقيل بلغ عدد أصحابه ثمانمائة .
قال البخاري رحمه الله : روى عنه نحو ثمانمائة رجل أو أكثر من أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم .
وقال الشافعي رحمه الله : أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره ولد رضي الله عنه سنة 19 قبل الهجرة و توفي سنة 58.
شرح بعض كلمات الحديث
البَحْرُ : البحر معروف، والجمع بحور وأبحر وبحار سمي بذلك لاتساعه وهو مستقر الماء الواسع بحيث لا يُدرِكُ طرفيه من كان في وسطه وقيل هو الماء الكثير ملحًا كان أو عذبًا وهو خلاف البر سمي بذلك لعمقه واتساعه وقد غلب في الملح حتى قلّ في العذب .
الطَهُورُ : طهور قيل هو مبالغة وأنّه بمعنى طاهر، و الأكثر أنه لوصف زائد، قال ابن فارس قال ثغلب : الطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، وقال الأزهري أيضا، الطهور في اللغة هو الطاهر المطهِّر . والماء الطهور بالفتح هو الذي يرفع الحدث و يزيل النجس لأنّ فعولاً من أبنية المبالغة فكأنّه تناهى في الطهارة .
مَاؤُهُ : والمياه على ضربين مطلق ومضاف، فالمطلق ما لم يتغير بمخالطة ما ليس بقرار له وينفك الماء عنه غالبًا، كماء السماء و الآبار والأنهار والعيون والبحر وهذا هو الطاهر المطهر.... وأمّا المضاف من المياه فهو في اللغة ما خالطه غيره وكان مضافًا إليه .
وضمير ماؤه يقتضي أنه أريد بالضمير في قوله هو طهور البحر إذ لو أريد به الماء لما احتيج إلى قوله ماؤه إذ يصير المعنى الماء طهور ماؤه .
الحِلُ : هو مصدر حلّ الشيء ضد حرم وهو وصف بالمصدر ويتعدى بالهمزة والتضعيف فيقال: أحللته وحللّته ، ومنه " أحلّ الله البيع" أي أباحه وخير في الفعل والترك .
مَيْتَتُهُ : والميتة هي ما فارقته الروح بغير ذكاة شرعية بأن يموت حتف أنفه من غير سبب لآدمي فيه، وقد يكون ميتة لسبب فعل آدمي إذا لم يكن فعله فيه على وجه الذكاة المبيحة واسم الميتة إذا أطلق في الشرع فإنما يطلق على ما فانت نفسها من غير ذكاة ولذلك قال الله تعالى "حرمت عليكم الميتة" والمراد ميتته ما مات فيه من دوابه ممّا لا يعيش إلاّ فيه، لا ما مات فيه مطلقا فإنه وإن صدق عليه لغة أنه ميتة بحر فمعلوم أنه لا يراد إلا ما ذكرنا، وظاهره حلّ كل ما مات فيه ولو كان كالكلب والخنزير .
بعض فوائد الحديث :
الأولى : قوله إنّا نركب البحر فأقرهم النبي ولم ينكره ، فذلك دليل على جواز ركوبه ... وقد فال تعالى " هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك " ،
وفي الحديث دليل على جواز ركوبه لغير حج ولا عمرة ولا جهاد لأن السائل إنما سأله للصيد .
الثانية : أنّه طاهر مطهر يعني الذي يتكرر التطهير به ولا يصح أن يكون معنى طهور طاهر، لأنهم لم يسألوه هل هو طاهر وإنما سألوه هل هو مطهّر فأجابهم بأنه طهور، وهذا يقتض أن لفظ طهور يتضمن معنى مطهّر ولا يكون مطهر حتى يكون ماء طاهرًا .
الثالثة : قوله فإن توضأنا به عطشنا، دليل على أنّ العطش له تأثير في ترك استعمال الماء للشرب ولذلك أقره النبي على التعلق به .
الرابعة : أنّ النبي لم يقل لهم نعم ، فإنه لو فال ذلك لما جاز الوضوء به إلا للضرورة وعليها وقع سؤالهم لأنه كان يكون جواب قوله إنّا نركب ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، فشكوا إليه بصفة الضرورة وعليها وقع سؤالهم فما كان يرتبط جواب نعم لو قاله، فستأنف بيان الحكم بجواز الطهارة وقد كانت الصحابة تسافر في البحر فتتوضأ به وما تيممت ولا حملت ماء لطهورها غيره وإنما كانت تحمل للمشقَّة خاصة .
الخامسة : وهي مشروعية الزيادة في الجواب على سؤال السائل لقصد الفائدة وعدم لزوم الاقتصار وأن المفتي إذا سئل عن شيء وعلم أن للسائل حاجة إلى ذكر ما يتصل بمسألته استحب تعليمه إيّاه لأنّ الزيادة في الجواب بقوله الحلّ ميتته لتتميم الفائدة وهي زيادة تنفع لأهل الصيد وكأنّ السائل منهم ولم يكن ذلك تكلفا لما لا يعنيه لأنّه ذكر الطعام وهم سألوه عن الماء لعلمه أنّه قد يعوزهم الزّاد في البحر ويتأكد ذلك عند ظهور الحاجة إلى الحكم كما هنا لأنّ من توقف في طهورية ماء البحر فهو عن العلم بحلّ ميتته مع تقدّم تحريم الميتة أشدّ توقفًا والنبي لمّـا عرف اشتباه الأمر على السائل في ماء البحر أشفق أن يشتبه عليه حكم ميتته وقد يبتلى بها راكب البحر فعقب الجواب عن سؤاله ببيان حكم الميتة .
وقد أجاب النبي السائل بأكثر ممّا سأل عنه في موضعين، الأول : قوله " هو الطهور ماؤه " فإنه لو قال له نعم لكان جوابا محالا على السؤال وكان يقتضي ألا يجوز الوضوء بماء البحر إلا عند خوف العطش وقلّة الماء ، فأطلق النبي القول إطلاقًا ليبيّن أنّه طهور مطلق وحكم عام . الموضع الثاني : قوله " الحل ميتته " وكأن النبي فهم من السائل استنكافّا من البحر فأراد النبي أن يبيّن له أنّه بركة كلّه ماءه طهور وميتته حلال وظهره مجاز وقعره جواهر ودرر .
الفائدة السادسة : أن الماء كله بركة ورحمة ماؤه طهور وميتته حلال وهي جميع حيوانات البحر أي ما لا يعيش إلا بالبحر والحيوان جنسان بحري وبري، أما البحري فنوعان نوع لا تبقى حياته في البر كالحوت، ونوع تبقى حياته في البر كالضفدع والسرطان والسلحفاة، فأما الحوت فإنه طاهر مباح على أيّ وجه فانت نفسه وبهذا قال مالك والشافعي .
وفي الحديث فائدة هامة وهي حلّ كل ما مات في البحر مما كان يحي فيه ولو كان طافيًا .
بعض أقوال أهل العلم
قال ابن الملقن رحمه الله تعالى : إنه حديث عظيم أصل من أصول الطهارة مشتمل على أحكام كثيرة وقواعد مهمّة، وقال الماوردي في الحاوي : قال الحميدي، قال الشافعي : هذا الحديث نصف علم الطهارة وقال أحمد هذا الحديث خير من مائة حديث .
وقال الزرقاني في شرح الموطأ : وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام تلقته الأمة بالقبول وتداوله فقهاء الأمصار في سائر الأعصار في جميع الأقطار ورواه الأمة الكبار .