المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( صوت صفير البلبل )


الوادعي
2007-07-04, 00:34
كان الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور
كان لا يعطي الشاعر على قصيدة نقلها من غيره
وكان يحفظ ما يسمع من أول مرة ،
وله غلام يحفظ القصيدة من مرتين ،
و جارية تحفظ القصيدة من ثلاث ..

فكان الشاعر يكتب قصيدة طويلة ،
يدبجها طول ليلة وليلتين وثلاث

فيقول له الخليفة :
إن كانت من قولك أعطيناك وزن الذي كتبته عليها ذهبا ،

وإن كانت من منقولك لم نعطك عليها شيئا

فيوافق الشاعر .. ويلقيها على مسامع الخليفة فيحفظها
الخليفة من أول مرة .. فيقول له أنني أحفظها منذ زمن بعيد فيقولها له ..
ثم يؤكد ذلك بالغلام الذي حفظها أيضا فيذكرها كاملة
ثم ينادي على الجارية التي قد فتقولها كاملة ..
فيشك الشاعر في نفسه ..وهكذا مع كل الشعراء ..

فبينما هم كذلك إذا بالأصمعي يقدم عليهم فيشكون إليه حالهم ..
فقال : دعوا الأمر لي .. فكتب قصيدة ملونة الأبيات والموضوعات ..
وتنكر بزي أعرابي وأتى الأمير ليسمعه شعره ..

فقال الخليفة : أتعرف الشروط .. قال : نعم ..
قال : هات القصيدة .. فقال :

صـــوت صـفـيـر الـبـلـبـل ** هــيــج قـلـبـي الـثـمـل

المـاء والـزهـر مــعــــا ** مــع زهـــر لـخـط المـقـل

وأنت يـا ســـيــد لـــي ** وســيــدي و مـــــولـلــي

فــكــم فــكــم تـيـمـني ** غــزيــــــــــــل عــقــيــقــــــــل

قــطــفــتـه مــن وجـنــة ** مـــن لــثــم ورد الخـجـل

فـــــقــــــــال لا لا لا لا ** و قــد غـــدا مــهــرول

والــخـــود مــالـت طــربا ** مــن فـــعـــل هذا الرجل

فــولــولــت وولـــولــت ** ولــي ولــي يـــا ويـــــــلـلـي

فـــقــالـت لا تــولــولـي ** وبــيــنــي الـلـــــــــؤلــــــــؤلــي

قــــالــت لـه حـيـن كــذا ** أنــهــض وجــــــد بـالمـقـل

وفــتــيــة ســقــــــــونــنـي ** قــهــيـــــــــــوة كــالـعــسـلـلي

شــمــمـتــهــا بـأنــفـــــــي ** أزكـــــــى مــــــن الــقــرنــفــل

فـي وسـط بـسـتــان حـلـي ** بـالــزهــر والــســـرور لـي

والــعــود دنــدنــدن لي ** والــطــبــل طـبـطـب طـبـلي

طـــبــطــب طــبــطـــــــــب ** طــبــطــب طــبــــــــــطـب لـــي

والــرقــص قــد طــاب لـي ** والـسـقـف ســقــسـق سـق لـي

شـــوا شــــوا وشــاهــش ** عـلـى ورق ســــفـــرجــــل

وغــرد الــقــمــري يـصيح ** مـــلـــل فـــي مــلــلـــــــــــي

ولــو تــرانــي راكــبــــــــــــا ** عـلـى حــمــــــــــار أهـــــزل

يــمــشــي عـلـى ثـلاثـــــــة ** كــمــشــيـــــــة الــعــرنــجــل

والـنـاس تـرجـم جـمــلي ** فــي الــســوق بالــقـلـقـلـلـي

والـكـل كــعـكــــــع كـعـكـع ** خـلـفـي ومـن حــــويـلـلـي

لـكـن مــشــيــت هــاربـــا ** مـن خــشــيــــة الــعــقـنـقـل

إلـــــى لــقــــــــــــــاء مـلـك ** مــعــظـــــــــم مـــبــجـــــــــــــــل

يـأمــــــــــــر لـي بِـخِـلـعَــةٍ ** حـــمــراء كــالـدم دم لــــي

أجـــــــــر فــيــهـا مـاشـيا ** مــبــغــــــــددا لـلــــذيــــــــــــل

أنـــا الأديــب الألـمــعـي ** مــــن حــــي أرض الـمــوصـل

نــظــمــت قــطــعـا زخـرفـت ** يــعــجــز عــنــهــا الأدبـل

أقــول فـي مـــطــلــعــهـا ** صــــوت صــفــيــر الــبـلبل

فلم يستطيع الخليفة أن يحفظها لصعوبة كلماتها وتداخل حروفها ،

فنادى الغلام فلم يستطع شيئا غير أبيات متقطعة ..

فنادى الجارية فعجزت .. عندئذ قال الخليفة

أحضر ما كتبته عليها لنعطيك وزنه ذهبا ..

قال الأصمعي ورثت عمود رخام من أبي نقشت عليه القصيدة وهو على ظهر

الناقة لا يحمله إلا أربعة من الجنود ..

فانهار الخليفة وجئ بالعمود فوزن كل ما في الخزنة ...

وعندما أراد الخروج .. عرف الخليفة أنه الأصمعي ، وعرف منه سبب حيلته ..

فاتفق معه أن يعطي الشعراء ما تيسر من أجل تشجيعهم

حرمة
2007-07-04, 19:26
شكرا على المجهود

الوادعي
2007-07-04, 20:45
]شكرا على هدا الرد الرائع!!!!!

ARCHIO
2007-07-05, 10:44
بارك الله فيك اخي على هاته القصيدة التي كنت ابحث عنها شخصيا وارجو ان تعطيني عنوان الكتاب لاني احفظ اغلب ابياتها لكنني اختلف معك في بعض الكلمات ولا اعرف اين اجد ابيات القصيدة الحقيقية وبارك الله قيك واتمنى ان تكون اصمعي هذا الزمن

الوادعي
2007-07-07, 00:35
أنظر كتاب الأدكياء لإبن الجوزي رحمه الله تعالى.
ولكن ما وجه الإختلاف معي أنا بالضبط مع أنني لم أكتب هده الأبيات .
الشاعر هو الألمعي .

ARCHIO
2007-07-25, 23:26
بارك الله فيك اختلفت معك فقط لاني سمعتها من اشخاص ومادمت انك مطلع عليها في كتاب فيعني اني انا المخطا اما الكاتب فخو على ما اضن انه الاصمعي وشششششششششششششششششششكرا

aseel22
2007-07-25, 23:32
مجهود جبار اخي شكرا لك
اما انا فأختلف معك في كلمة واحده وهي
((فقلت)) لا تولولي
وجزاك الله خيرا

bchouli
2007-07-31, 02:04
أحفظ هذه القصيدة عن ظهر قلب
و لكن الأصمعي لم يعاصر الخليفة أبو جعفر المنصور
و لم يلتقي به أبدا هذا من جهة ،
و من جهة اخرى الأصمعي أكبر من أن يكتب قصيدة ركيكة
كهذه ليس فيها من الشعر شيء.
ثم أن الخليفة أبو جعفر المنصور كان إنسان ورع
يخاف الله و لم يكن مجلسه للّهو و الطّرب و المجون

i_love_djelfa
2007-07-31, 04:54
رائعة القصة أخي

بارك الله فيك

الباشق
2007-08-17, 00:24
انا اسمع ان القصة صحيحة

ferhat39
2007-08-17, 10:38
بيان تهافت حكاية قصيدة
‘‘ صوت صفير البلبل ‘‘
شاع بين نابتة هذا العصر قصيدة متهافتة المبنى والمعنى ، منسوبة للأصمعي ، صنعت لها قصة أكثر تهافتاً ، وخلاصة تلك القصة أن أبا جعفر المنصور كان يحفظ الشعر من مرة واحدة ، وله مملوك يحفظه من مرتين ، وجارية تحفظه من ثلاث مرات ، فكان إذا جاء شاعر بقصيدة يمدحه بها ، حفظها ولو كانت ألف بيت (؟!!) ثم يقول له :إن القصيدة ليست لك ، وهاك اسمعها مني ، ثم ينشدها كاملة ، ثم يردف : وهذا المملوك يحفظها أيضاً – وقد سمعها المملوك مرتين ، مرة من الشاعر ومرة من الخليفة – فينشدها ، ثم يقول الخليفة : وهذه الجارية تحفظها كذلك – وقد سمعتها الجارية ثلاث مرات- فتنشدها ، فيخرج الشاعر مكذباً متهماً .
قال الراوي : وكان الأصمعي من جلسائه وندمائه ، فعرف حيلة الخليفة ، فعمد إلى نظم أبيات صعبة ، ثم دخل على الخليفة وقد غيّر هيئته في صفة أعرابي غريب ملثّم لم يبِنْ منه سوى عينيه (!!) فأنشده :
صوت صفير البلبل هيّج قلب الثمل
الماء والزهر معاً مع زهر لحظ المقل
وأنت يا سيددلي وسيددي وموللي (!)
ومنها - وكلها عبث فارغ - :
وقال : لا لا لللا وقد غدا مهرولي (!)
وفتية سقونني (!) قهيوة كالعسل
شممتها في أنففي (!) أزكى من القرنفل
والعود دن دن دنلي والطبل طب طب طبلي (!)
والكل كع كع كعلي (!) خلفي ومن حويللي (!)
وهلمّ شرّا ( بالشين لا بالجيم ) ، فكلها هذر سقيم ، وعبث تافه معنى ومبنى .
ولم ينته العبث بالعقول ، فقد زاد الراوي أن الخليفة والمملوك والجارية لم يحفظوها، فقال الخليفة للأصمعي : يا أخا العرب ، هات ما كتبتها فيه نعطك وزنه ذهباً، فأخرج قطعة رخام وقال : إني لم أجد ورقاً أكتبها فيه ، فكتبتها على هذا العمود من الرخام ، فلم يسع الخليفة إلا أن أعطاه وزنه ذهباً ، فنفد ما في خزانته (!!!) . إنّ هذه القصة السقيمة والنظم الركيك كذب في كذب ، وهي من صنيع قاصّ جاهل بالتاريخ والأدب ، لم يجد ما يملأ به فراغه سوى هذا الافتعال الواهن .
إن القصة المذكورة لم ترد في مصدر موثوق ، ولم أجدها بعد بحث طويل إلا في كتابين ، الأول : إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس ، لمحمد دياب الإتليدي ( ت بعد 1100هـ ) وهو رجل مجهول لم يزد من ترجموا له على ذكر وفاته وأنه من القصّاص ، وليس له سوى هذا الكتاب .
والكتاب الآخر : مجاني الأدب من حدائق العرب ، للويس شيخو ( ت 1346ه ) ،وهو رجل متّهم ظنين ، ويكفي أنه بنى أكثر كتبه على أساس فاسد - والتعبير لعمر فرّوخ ( ت 1408ه ) - وكانت عنده نزعة عنصرية مذهبية ، جعلته ينقّب وينقّر ويجهد نفسه ، ليثبت أن شاعراً من الجاهليّين كان نصرانياً ( راجع : تاريخ الأدب العربي1/23).
ويبدو أن الرجلين قد تلقفا القصة عن النواجي ( ت859ه ) _ وقد أشار شيخو إلى كتابه ( حلبة الكميت ) على أنه مصدر القصة ، ولم أتمكّن من الاطلاع عليه ، على أن النواجي أديب جمّاع ، لا يبالي أصحّ الخبر أم لم يصحّ ، وإنما مراده الطرفة ، فهو يسير على منهج أغلب الإخباريين من الأدباء ، ولذا زخرت مدوّنات الأدب بكل ما هبّ ودبّ ، بل إن بعضها لم يخلُ من طوامّ وكفريّات .
وتعليقاً على كون الإتليديّ قصّاصاً ، أشير إلى أن للقصّاص في الكذب والوضع والتشويه تاريخاً طويلاً ، جعل جماعة من الأئمة ينهون عن حضور مجالسهم ، وأُلّفت في التحذير منهم عدة مصنّفات ( راجع : تاريخ القصّاص ، للدكتور محمد بن لطفي الصباغ) .
ثمّ اعلم أيها القارئ الحصيف أن التاريخ يقول : إن صلة الأصمعي كانت بهارون الرشيد لا بأبي جعفر المنصور الذي توفي قبل أن ينبغ الأصمعي ، ويُتّخذ نديماً وجليساً ، ثم إن المنصور كان يلقّب بالدوانيقي ، لشدة حرصه على أموال الدولة ، وهذا مخالف لما جاء في القصة ، ثم إن كان المنصور على هذا القدر العجيب من العبقريّة في الحفظ ، فكيف أهمل المؤرخون والمترجمون الإشارة إليها ؟
أضف إلى ذلك أن هذا النظم الركيك أبعد ما يكون عن الأصمعي وجلالة قدره ، وقد نسب له شيء كثير ، لكثرة رواياته ، وقد يحتاج بعض ما نُسب إليه إلى تأنٍّ في الكشف والتمحيص قبل أن يُقضى بردّه ، غير أن هذه القصة بخاصة تحمل بنفسها تُهَم وضعها ، وكذلك النظم ، وليس هذا بخاف عن اللبيب بل عمّن يملك أدنى مقوّمات التفكير الحرّ .
ولم أعرض لها إلاّ لأني رأيت جمهرة من شداة الأدب يحتفون بالنظم الوارد فيها ، ويتماهرون في حفظه ، وهو مفسدة للذوق ، مسلبة للفصاحة ، مأذاة للأسماع .
وبعد : فإنه يصدق على هذه القصّة قول عمر فرّوخ رحمه الله :( إن مثل هذا الهذر السقيم لا يجوز أن يُروى ، ومن العقوق للأدب وللعلم وللفضيلة أن تؤلف الكتب لتذكر أمثال هذا النظم) .
نشر في المجلة العربية - عدد ( 256 ) جمادى الآخرة 1419 ص 94

منقول