تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المفاهيم والمعلومات


lakhdarali66
2011-07-26, 18:44
المفاهيم والمعلومات

قد يخلط الكثير بين المفاهيم والمعلومات, وتوضيحا لهذا الأمر,
فالمعلومات
هي جمع معلومة, والمعلومة مأخوذة من العلم أي إدراك الشيء على ما هو عليه بغض النظر عن موضوع ذلك الشيء وبغض النظر عن استفادتك من تلك المعلومة او تأثرك بها, فكم هي كثيرة تلك المعلومات التي لا نستفيد منها ولانتأثر بها.
بينما المفاهيم
هي معاني الأفكار لامعاني الألفاظ, فالإرتباط بين الألفاظ ومعاني الأفكار هو أن الألفاظ جاءت لإيصال تلك المعاني.
والكلام كما نعرفه هو ألفاظ تدل على معنى, قد يكون لهذا المعنى وجودا واقعيا, أو تصوريا لا واقعيا فإذا كان لذلك المعنى الذي تضمنته الألفاظ واقع يقع عليه الحس او يتصوره الذهن ويصدقه كشيء محسوس فإنه يكون مفهوما عند من يحسه ويتصوره ولا يكون مفهوما عند من لايحسه ولايتصوره فعلى المتلقي أن يفهم معاني الجمل التي يريد المتكلم ايصالها اليه وأن يدرك في نفس الوقت واقع هذه المعاني في ذهنه ادراكا يشخص له هذا الواقع فتصبح تلك المعاني في هذه الحالة مفاهيما.
فالمفاهيم هي المعاني التي أدركنا لها واقعا في أذهاننا سواء كان ذلك الواقع محسوسا أو مسلما به, وما عدا ذلك من معاني الألفاظ والجمل لايسمى مفهوما بل مجرد معلومات,
والمفاهيم تتكون من ربط الواقع بالمعلومات او من ربط المعلومات بالواقع فما أتى به ديننا الإسلامي الحنيف هو مفاهيم وليست مجرد معلومات, وكون ما أتى به الدين هو مفاهيم يعني أن له مدلولات واقعة في معترك الحياة وليست مجرد شرح للأشياء التي يفرض العقل المجرد وجودها,
ويمكن للإنسان أن يضع إصبعه على مدلولات ما أتى به الإسلام سواء كانت مفاهيم عميقة يحتاج ادراكها الى فقه واستنباط او كانت في مستوى التفكير المعتاد, ويستوي في ذلك ما كان منها محسوسا بالحواس كالأفعال التي امرنا بفعلها او تركها وكذلك الأحكام ذات الطابع الفكري, او كانت من عالم الغيب كالملائكة والجنة والنار فكل ذلك وقائع موجودة لها مدلولات واقعة حسا وذهنا او مدلولات واقعة ذهنا على شكل قطعي جازم.
وهذا يفسر لنا لماذا البعض منا أكثر ايمانا من بعض. ذلك لأن من وجد وشعر واستشعر بأن ما اتى به الإسلام هو حقائق لها انعكاس في الواقع وتأثر بهذه المفاهيم كان ايمانه على درجة عالية من القوة.
بينما من أخذ الدين وراثة ولم يتدبر ولم يستشعر بمعاني ما جاء به الإسلام مكث في درجة منخفضة من الإيمان فمن أحس بوجود النار لابد ان يتقيها وستكون تقواه على حسب شعوره بوجودها, وقس على ذلك.
واما الذين تمسكوا بمجرد الألفاظ فقد وقعوا في خلط كبير يصيبون ويخطئون وهو ما يسميه العلماء أهل الظاهرية الذين يأخذون بظاهر النص ولا يتعمقون في فهمه والإستشعار بمعانيه فهم أناس اقتصروا على ظاهر الألفاظ فقط,
ونحن نعلم أن هناك نصوص معناها ظاهر فيتفق فيها الجميع ولكن أغلب النصوص تحتاج الى تفكير وفقه واستنباط ولهذا يقول القرآن " لعلمه الذين يستنبطونه منهم".
ولاشك أن أي مسلم يعتمد في دينه على الكتاب والسنة, ولكن السؤال كيف نأخذ المعاني من الكتاب والسنة ؟ وبعبارة أوضح متى نقف عند حد اللفظ فلا نتجاوزه ومتى نتعمق في فهمه للوصول الى معنى أدق ؟
من هنا كان السلف الصالح قسمان منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم
قسم يأخذ بظاهر النص كالذين أخروا الصلاة يوم بني قريظة
وقسم يتعمق ويستنبط وهم الذين عجلوا بالصلاة قبل الوصول الى بني قريظة.
ومن خلال سيرة الصحابة وجدنا أن الذين يفكرون ويستنبطون هم الغالبية الغالبة من السلف الصالح من أمثال عمر و عائشة وعثمان وعلي وغيرهم وكذلك نجد أن عمر يقترح كتابة المصحف ويأبى الصديق في بادئ الأمر ثم يوافق, كما نرى في عمر مثالا للكثير من الإستنباطات وإدخال أمور لم يكن المسلمين يعرفونها مثل التاريخ بالهجرة وانشاء الدواوين والبريد وغيره.
ونحن ان تخلفنا فلأن أفكارنا وتفكيرنا متخلف وأصبحنا نتقوقع في حدود النص وان كان النص يسمح بالتفكير والإستنباط فإذا صدر استنباط من عالم اتهمه أهل التوقف على ظاهر النصوص بالفسوق والمروق وما هو بفاسق ولا مارق ولكنه يبحث في القرآن والسنة عن معاني من وراء الألفاظ يحل به مشاكل المسلمين في زمنهم المعاصر.

أسأل الله أن يعلمنا ما نعمل به وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

منقول بتصرف