تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رد أوهام أبي زهرة في حق....شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ ا لإسلام


الماسة الزرقاء
2008-10-14, 12:03
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

رد أوهام أبي زهرة في حق

شيخ الإسلام ابن تيمية ، وشيخ الإسلام

محمد بن عبد الوهاب

رحمهما الله

لصـاحب الفضيلة شيخنا العلامـة صـالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارا به وتوحيدا ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما مزيدا .

أما بعد ؛ فإنه كان من الواجب علينا احترام علمائنا في حدود المشروع كما قال تعالى :

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾[سورة المجادلة : 11 ] .

وقال تعالى : ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الزمر : 9] .

وقال - صلى الله عليه وسلم - : (( وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ))[ سنن الترمذي العلم (2682)،سنن أبو داود العلم (3641)،سنن ابن ماجه المقدمة (223)،مسند أحمد بن حنبل (5/196).] ولا سيما العلماء المجددون لدين الله ، والدعاة المخلصون إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن - فكان حقهم علينا الاقتداء بهم ، واحترامهم ، والترحم عليهم ، والدعاء لهم لقاء ما قاموا به من الواجب ، وما بينوه من الحق وردوا الباطل - إلا أننا نجد بدلا من ذلك من بعض حملة الأقلام والمتطفلين على العلم والتأليف من يكيل التهم في حقهم ويرميهم بما هم بريئون منه ، ويحاول صرف الناس عن دعوتهم بدافع الحقد أو سوء الاعتقاد - أو الاعتماد على ما يقوله أعداؤهم وخصومهم - ومن ذلك أني قد اطلعت على كتاب بعنوان " تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد " ، " وتاريخ المذاهب الفقهية " ، للشيخ محمد أبي زهرة . تعرض فيه لإمامين عظيمين ، وداعيين إلى الله مخلصين ، هما : شيخ الإسلام ابن تيمية ، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله - ووجه ضدهما نفس التهم التي يروجها ويرددها أعداؤهما المضلون في كل زمان ، حيث تروعهما دعوة الإصلاح ، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، ويريدون أن يبقى الناس في ظلام ، ويعيشوا في ضلال ، حتى يتسنى لخرافاتهم أن تروج ، وما كان يليق بباحث يتحرى الحقيقة مثل الشيخ أبي زهرة أن يعتمد في حق هذين الإمامين الجليلين على كلام خصومهما ، بل كان الواجب عليه وعلى كل باحث منصف أن يرجع إلى كلام من يريد أن يقدم للناس معلومات عنه من كتبه ، ويوثق ذلك بذكر اسم الكتاب المنقول عنه ، مع ذكر الصفحة والسطر ، حتى تحصل القناعة التامة من صحة ما يقول ؛ لأننا والحمد لله في عصر قد وضعت فيه ضوابط للبحث العلمي ، وأصبح لا يقبل فيه إطلاق القول على عواهنه من غير تقيد بتلك الضوابط ،
وفوق هذه الضوابط هناك وقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى ، وسؤال عما يقوله الإنسان ويكتبه في حق غيره من اتهام وكذب ، قال تعالى :
﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [سورة الإسراء : 36] .

وقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾[سورة الحجرات : 6] .

إلا أن الشيخ أبا زهرة تجاهل ذلك كله ، ونسب إلى الشيخين الإمامين الجليلين : الشيخ تقي الدين ابن تيمية ، والشيخ محمد بن عبد الوهاب ما لا يليق بمقامهما ، وما يتنزهان عنه من التهم الباطلة والتهجم السخيف ، اعتمادا على ما يقوله عنهما خصومهما ، وما يروجه المخرفون ضدهما ، غير متقيد بضوابط البحث العلمي ، ولا خائف من الوعيد الذي توعد الله به من أقدم على مثل هذا العمل ، وإليك بيان هذه التهم مع الرد عليها ، سائلين الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه .


= = = = = = = = = = = = = = = =

أولا : ما نسبه إلى شيخ الإسلام ابن تيمية :

1 - في صفحة 187 قال : ( إنه أضاف إلى مذهب السلف أمورا أخرى قد بعثت إلى التفكير فيها ).

أقول هذا من الافتراء على شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قد أحدث أمورا من عند نفسه ، وزادها على مذهب السلف ، وهو اتهام خطير قد برأ الله منه شيخ الإسلام ، فإنه لم يزد شيئا ولم يخترع شيئا من عند نفسه ، وإنما دعا إلى مذهب السلف ، وبينه ودافع عنه بأمانة
وإخلاص ، يشهد لذلك أن ما في كتبه ورسائله يتطابق تمام التطابق مع ما ذكره الأئمة قبله في كتبهم ، وهو إنما ينقل كلامهم ويعزوه إلى مصادره المعروفة من غير زيادة ولا نقصان ، وأبو زهرة لم يذكر مثالا واحدا يدل على صدق ما يقول .

2 - في صفحة 193 قال : ( وعلى ذلك يقرر ابن تيمية أن مذهب السلف هو إثبات كل ما جاء في القرآن الكريم من فوقية وتحتية واستواء على العرش ، ووجه ويد ومحبة وبغض ، وما جاء في السنة من ذلك أيضا من غير تأويل وبالظاهر الحرفي ، فهل هذا هو مذهب السلف حقا ،ونقول في الإجابة عن ذلك :
ولقد سبقه بهذا الحنابلة في القرن الرابع الهجري كما بينا وادعوا أن ذلك مذهب السلف .
وناقشهم العلماء في ذلك الوقت وأثبتوا أنه يؤدي إلى التشبيه والجسمية لا محالة ، وكيف لا يؤدي إليها والإشارة الحسية إليه جائزة ، لهذا تصدى لهم الإمام الفقيه الحنبلي الخطيب ابن الجوزي ، ونفى أن يكون ذلك مذهب السلف ، ونفى أيضا أن يكون ذلك رأي الإمام أحمد . انتهى كلامه ،

وفيه من الخلط والكذب ما لا يخفى ، وبيان ذلك كما يلي :

( أ ) اتهم شيخ الإسلام ابن تيمية واتهم معه الحنابلة بأنهم نسبوا إلى السلف ما لم يقولوه ولم يعتقدوه في صفات الله تعالى ، وهذا اتهام ظاهر البطلان فإن ما قاله الحنابلة وقاله شيخ الإسلام موجود في كلام الأئمة الأربعة وغيرهم في كتبهم ، وقد نقل ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وعزاه إلى مصادره من كتبهم التي يوجد غالبها في أيدي الناس اليوم ، انظر على سبيل المثال ما ذكره عنهم في الرسالة الحموية .

( ب ) اتهم الشيخ بأنه ينسب إلى السلف وصف الله بالتحتية حيث قال : يقرر ابن تيمية أن مذهب السلف هو إثبات كل ما جاء في القرآن الكريم من فوقية وتحتية ، وهذا كذب على القرآن الكريم وعلى الشيخ ؛ فإنه لم يرد في القرآن ذكر التحتية في حق الله - تعالى الله عن ذلك - لأنها لا تليق به ، ولم يقل الشيخ ذلك ولم ينسبه إلى السلف ، لكنه التخبط الأعمى والتخليط العجيب من أبي زهرة .

( ج ) اتهم القرآن بأنه جاء بالتشبيه والتجسيم وما لا يليق بالله تعالى ، واتهم السلف الصالح بأنهم لا يعتقدون ما جاء القرآن الكريم والسنة النبوية من وصف الله بالفوقية والاستواء على العرش ، وأنه له يد ووجه ، وأنه يحب ويبغض ؛ لأن ذلك بزعمه يؤدي إلى التشبيه والجسمية ، وهذا معناه أن القرآن جاء بالباطل ، وأن السلف يخالفون الكتاب والسنة في أهم الأمور وهي العقيدة ، فماذا بقي بعد ذلك؟!

ما الذي يوافقون فيه الكتاب والسنة ، ولم يذكر دليلا على ذلك إلا ما نقله من كلام ابن الجوزي ، وكلام ابن الجوزي لا يحتج به من ناحيتين :

- إنه معروف باتجاهه المخالف لعقيدة السلف في الصفات وكلام المخالف لا يحتج به على خصمه .

- إن كلام أئمة السلف ومنهم الإمام أحمد يبطل ما قاله ابن الجوزي ، وكلامهم موجود - بحمد الله - في كتبهم المتداولة المعروفة التي نقل منها شيخ الإسلام ابن تيمية .

( د ) قال أبو زهرة : وكيف لا يؤدي إليهما والإشارة الحسية إليه جائزة - يعني كيف لا يؤدي إثبات ما دل عليه الكتاب والسنة من صفات الله إلى التشبيه والتجسيم ، وقد جاء في الحديث أن الله يشار إليه بالإصبع في جهة العلو ، كما أشار إليه أعظم الخلق به - صلى الله عليه وسلم - في خطبته في حجة الوداع ، - وهذا بزعم أبي زهرة يؤدي إلى التشبيه والتجسيم فهو باطل - ، وهذا مصادمة للحديث الصحيح بسبب توهم باطل ، فإن الإشارة إلى الله سبحانه في جهة العلو ووصفه بما ثبت في الكتاب والسنة من صفات الكمال لا يؤديان إلى التشبيه ؛ لأن الله ليس كمثله شيء ، فله صفات تخصه لا يشاركه فيه أحد ، وأما لفظ التجسيم فهو لفظ محدث لم يرد نفيه ولا إثباته في حق الله تعالى ، ولم يتكلم فيه السلف ، وإنما ورد في الكتاب والسنة تنزيه الله عن التشبيه والتمثيل ، وهو الذي ينفيه السلف عن الله تعالى .

يتبع إن شاء الله و بالتدريج