أريد تعريف الفن الساذج [الأرشيف] - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

salim ess

2011-04-28, 21:26

الفن الساذج وتعريفه
بداية أحب أن أوضح لك بان التعريفات تختلف باختلاف مفهومنا لمعنى الجمال و تزوقنا بالفن كأسلوب و فكرة
فما كان جميلا و رائعا في العصر الحديث لم يكن يمت للجمال بصلة في عصر الفن الكلاسيكي إبان الحضارة الرومانية و البيزنطية و ما هو جميل إبان العصر الكلاسيكي اليوم كأنه درب من الخيال أو إننا بغنى عنه لطالما تغيرت ملامح الحضارة و إشكال التطور السريع و عصر العولمة و قد أصبح العالم قرية صغيرة فقد أصبحت حتى المعاني مختصرة و مقتضبة بمدى المنفعة الحسية التي تعود على الفرد العصري الحديث في عصر السرعة و الانترنت
إن ما تراه فنا ساذجا قد يكون العكس تماما لدى متذوق أخر و ذلك لاختلاف الأذواق و مدى استمتاعنا بالجمال و تقيمنا له . فقد يروق لك الفن الإفريقي و الوجوه الغريبة و الموحشة و قد لا يروق لغيرك من المتذوقين
و لكن تأكد بان ما لا يروق لك و يروق لغيرك من الضروري إن يكون يحمل فكرة و موضوع و هدف و قيمة فنية أو سر أو لعله رمز ما. هذا ما لا نختلف عليه كما إننا لا نختلف بان الفن الذي لا يحمل فكرة ولا مضمون ولا أسلوب ولا مغزى ولا حتى ملمس جمالي.. فمن المؤكد إن لا نختلف عليه بأنه فن ساذج... و لا اعتقد بان إنسان ما في زمن ما يضع لمساته بأي طريقة و بأي أسلوب لابد و إن تجد ما يعجبك و يلفت انتباهك و إلا لما تسمى فن ؟؟ و ما هو مفهومك للفن إذا ما كنا من الأصل قد صنفنا هذا العمل ضمن إطار الفن
لذلك حتى نقيم هذا العمل الفني إن كان ساذج أو مفيد و ممتع لابد إن يكون في إطار العمل الفني الجميل أو المفيد أو الغريب.. دعنا نتغاضا عن العناصر الكاملة للعمل الفني و نجد في العمل إي عنصر من عناصر العمل الفني حتى لا يدخل في إطار التفاهة و السذاجة لذلك إن لم يتوفر في اعمل ما يدعي انتباهك و يداعب زوقك و تشعر بشيء غريب يأخذك إلى التأمل و التفكر أو الاستغراب أو يرسم على وجهك البسمة أو لربما ملامح الحزن تعاطفا مع الفكرة أو قسوة الأسلوب فما يكون هذا عملا فنيا و لا اعتقد بانه يستحق إن يضاف إلى مصاف العمل الفني لأنه لم تكتمل به مقومات العمل الفني التي تستدعي المشاعر بأنواعها و لم يكون مفيد بأي طريقة لأي قضية ولا فائدة
هذا و قد يروق للبعض أن يقدم عملا ساذجا من باب التغير و التجديد فقط و تذكر بان ما نراه عملا ساذجا قد يحمل الكثير لآخرين و قد يروق لهم و لا يرونه ساذجا بقدر نظرتهم للأشياء و تقيمهم للفن والجمال بشكل عام
التقليديون يموتون من أول لوحة، لا ينبغي أن نقول مثل هذا الكلام في حضرة السيد روسو، لأننا سنكون مدينون له بحيوانات كثيرة، هي المزيج الأول لفطرة الإنسان والتقاءه مع كونه فنانا
ولد هنري روسو في عام1844 في فرنسا وعمل مدة كبيرة كموظف للجمارك، ومن هذا العمل أكتسب رتبته (ديونير) التي صارت فيما بعد الاسم الثاني لروسو، و كثيرا ما يذكر روسو عندما يتعلق الأمر بما يسمى بالفن الساذج في القرن العشرين، كما يصنفه الكثير من النقاد على أنه رائد هذا الفن
أنتقل الفنان في جزء من حياته إلى المكسيك ليؤدي الخدمة العسكرية المترتبة عن التحاقه المبكر في الجيش، النقاد قالوا فيما بعد إن هذه السيرة صنعها الفنان روسو في خياله وعزى نبوغه للفن إليها، وليس لها وجود في الواقع، نفسها الصيغة التهكمية التي عوامل بها روسو من أبناء جيله من الفنانين
من الصعب جداً أن تنسجم لوحات الفنان روسو مع ما يسمى بالفن الحديث، غير إننا لا نستطيع أن ننكر أن لوحاته هي مزيج من التكعيبية، وسلائف حديثة، تختلط فيها السخرية بالأشكال البدائية التي تنم عن مزاج وخبرة غير كافيتين لأن نقول بأن هناك فنان أكاديمي متخصص، لكن تكفينا الدقة المتناهية في الحفاظ على شكل الطبيعة الساحرة والخلابة في لوحاته، للقول بأن روسو ظاهرة فنية حقيقية معزولة ومنفصلة لتطور الفن بمعناه
الترابي المعهود
من أعمال رسو
لا يستطيع أن يقرأ النقاد لوحات روسو بمنأى عن الوضع الغامض الذي نشأ عن وحدانية واضحة كما لا يمكن تجاهلها في حياة هذا الفنان، و لم تكن الوحدانية هي مصدر هذا الغموض بقدر ما هو افتتان بهذه الحياة ، أو الهروب من المجتمع الأكاديمي عن سابق إصرار، والتخفي وراء الهلع من حياة التخصص
تقاعد الفنان روسو عن عمله في الجمارك بشكل مبكر، ونال شهادة التفرغ للفن، ويحسب لهذا الفنان أنه عمل على قهر المنظور في الوقت الذي كان يعول عليه الكثير من جيله من
الفنانين آنذاك، كما أعطى للوهم مساحة كبيرة في اللوحة في عام1908 أقام الفنان بيكاسو مأدبة على شرف الفنان روسو، وفي الشرفة التي أقيمت أحتفل فيها الفنانون، نال روسو نصيبه من التهكم والسخرية، وفي فترة لاحقة من حياة هذا الفنان قال أندريه مارلو:( إن روسو يمتلك نوع من السلطة ولكن بطولية ماكرة، إن الشعراء غالباً ما يمتلكون مثل هذا الحس)
من أعمال روسو
يطلق الفن الساذج على الفن المرتبط بحياة التجريبيين الذين لم تتح لهم الفرصة لتعلم الفن، ودائما ما يقع الفنانون المنتمون لهذه المدرسة في فخ التقليد، أو يمتزج في تجاربهم العشوائي باللامتوائم، ويلجأ كثير من رواد هذه المدرسة إلى استخدام الدقة في رسم التفاصيل للهروب من كمائن المنظور والشكل، لكن وفاء الكثير من هؤلاء الفنانين لتجاربهم جعلهم في صدارة فناني العالم، مثل الفنان روسو والفنانة الجزائرية بآية محي الدين والتي هي الأخرى، ولدت في مجال فلاحي بحت، لكن إقامتها عند عائلات فرنسية معمرة أكسبها خبرة للدخول في تاريخ الفن والفنانين، كما يشهد التاريخ الحديث للفن التشكيلي ميلاد الكثير من الفنانين العرب السذج، نظراً للنظرة التقليدية التي جعلت من الفن أول ضحاياها، الشيء الذي حدا بالفنانين إلى إقامة تجارب فنية فردية بالاعتماد على الذات، والمغامرة في هذا العالم اللامحدود