تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سلسة الرد على شبهات دعاة التكفير


جمال البليدي
2008-10-12, 11:59
سلسة الرد على شبهات غلاة التكفير

بسم الله الرحمان الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :

قال العلامة عبد الحميد بن باديس -مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين- رحمه الله-؛ كما في «آثار الإمام ابن باديس» (4/98):
« اتقوا الله! ارحموا عباد الله! اخدموا العلم بتعلمه ونشره، تحمّلوا كلّ بلاء ومشقة في سبيله، وَلْيَهُنْ عليكم كلّ عزيز، وَلْتَهُنْ عليكم أرواحكم من أجله.
أما الأمور الحكومية وما يتصل بها؛ فدعوها لأهلها ، وإياكم أن تتعرضوا لها بشيء».

كان الدافع لكتابة هذه السلسلة التي هي عبارة عن بحث قمت بجمعه من كتب وأقوال أهل العلم هو ما رأيته من تغرير الإرهابيين بالشباب الناشئ على الإلتزام مستغلين غيرتهم على الإسلام والمسلمين وجهلهم بأصول أهل السنة والجماعة في قواعد التكفير وقد جرت بيني وبين بعض من هؤلاء المكفرين نقاشات في المنتديات فخرجت بملاحظات عنهم فأردت أن أبينها لكي يعرف الناس حالهم ومدى جهلهم بأصول اهل السنة ومنهج السلف الصالح قال تعالى"ولتستبين سبيل المجرمين" مع الرد على الشبهات التي يثيرونها ليصطادوا بها الشباب المتحمس وعوام الناس بإسم الجهاد تارة وبإسم تغيير المنكر تارة أخرى وغيرها من الألقاب الشرعية الشريفة إلا أن الأسماء لا تغير من الحقائق شيئا إذ ان الدعايات والشعارات ليس ميزانا ولا معيارا يقاس به الحق من الباطل
قال الشاعر
والدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء

..واعلم أخي القارئ (أنَّ سفَّاكي الدماء بالجزائر قسمان:
ـ قسمٌ يُقاتل الشعبَ كلَّه، لا يُفرِّق بين حاكم ومحكوم، وهم غلاة التكفير.
ولا يُحاولنَّ خوَّانٌ تبرئتَهم من انتهاك أعراض النساء وقَتْل الشيوخ والعجَزة وذَبح الصبيان، وتقطيع أعضاء آبائهم بالفؤوس وهم ينظرون، وتحريق العائلة بأسرِها مأسورة في سيارتها ...
يا ابنَ الكرامِ ألا تدنو فتُبصرَ ما قد حدَّثوكَ فما راءٍ كمَن سَمِعَا
ـ وقسمٌ يزعم أنَّ قِتَالَه نظيفٌ؛ لأنَّه يقتصر على رجال الدولة والشُّرَط والعساكر...وهؤلاء جميعاً هم جماعات تكفير؛ لأنَّهم لم يستبيحوا قتالَ مَن ذكرتُ إلاَّ بعد تكفيرهم.
وتكفيرُهم لهؤلاء لا برهان عليه من الله، ولا اتَّبعوا فيه أهلَ العلم المُبَرِّزين.)(1)

وفي سلسلتنا هذه إن شاء الله سنتطرق إلى القسم الثاني إذ أنه لا وجود للفرع لولا وجود الأصل خاصة وأن هذا القسم قد تأثر به الكثير من الشباب المغرر به لقلة علمه وحسن نيته التي أدت به إلى إعتناق هذه الأفكار التي من ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.


ملاحظاتي في أصحاب الفكر الثوري


قد تبين لي من خلال مناقشة هؤلاء عدة أمور يبنون عليها أحكامهم وشبهاتهم وهي كالآتي :

أولا:عدم تفرقتهم بين كفر النوع والمعين

إذ أنهم يجهلون قاعدة أهل السنة في التفريق بين النوع والمعين ف ليس كلّ من وقع في الكفر أصبح كافراً ؛ إذ قد يوجد عند الواقع في الكفر ما يمنع من تكفيره وهذا ما يجهله أولائك المتهورين في التكفير
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 16/434 ) :
« فليس كل مخطيء كافراً ؛ لا سيما في المسائل الدقيقة التي كثر فيها نزاع الأمة » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/466 ) :
« وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط ؛ حتى : تقام عليه الحجة ,
وتبين له المحجة ,ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزُل ذلك عنه بالشكّ ؛ بل لا يزول إلا :
بعد إقامة الحجة , وإزالة الشبهة » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/487 ) :
« . . . كلّما رأوهم قالوا : ( من قال كذا فهو كافر ) , اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكلّ من قاله , ولم يتدبروا أن التكفير لـه شروط وموانع قد تنتفي في حق المُعَيّن , وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المُعَيّن إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع .
يُبيِّن هذا :
أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه » انتهى .

وقال - رحمه الله - عن مسائل التكفير ( فتاواه 23/348 ) :
« . . . ولكن المقصود هنا :
أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين . . . » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/500 ) :
« . . . فتكفير المُعيّن من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يُحكم عليه بأنه من الكفار ؛ لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبيّن بها أنهم مخالفون للرسل ؛ وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر .
وهكذا الكلام في تكفير جميع المُعيّنين . . . » انتهى .

وقال الإمام الألباني - رحمه الله - ( الصحيحة ، تحت الحديث رقم : 3048 ) :
« ليس كل من وقع في الكفر - من المؤمنين - وقع الكفرُ عليه وأحاط به » انتهى .
فائدة :
شروط التكفير أربعةٌ , تقابلها أربعٌ من الموانع ؛ وهي :
1. توفر العلم وانتفاء الجهل .
2. وتوفر القصد وانتفاء الخطإ .
3. وتوفر الاختيار وانتفاء الإكراه .
4. وانعدام التأويل السائغ , والمانع المقابل له هو : وجود التأويل السائغ .

ثانيا:تلاعبهم بأقوال اهل العلم

هذا التلاعب يعتمد على عدة طرق منها :
أولا : بتر نصوص العلماء
مثال ذلك ما نقله كثيرون من هؤلاء المكفرين للحكام بالقوانين الوضعية بإطلاق ودون تفصيل من قول شيخ الإسلام بن تيمية في مجموع فتاواه (3/267): "والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع المجمع عليه، كان كافرًا مرتدًّا باتفاق الفقهاء".

دون أن يكملوا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يقصم ظهورهم (وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين : ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة:44] ؛ أي: المستحل للحكم بغير ما أنزل الله".انتهى كلامه رحمه الله.
فهاهو شيخ الإسلام ابن تيمية يشترط الإستحلال في مسألة تحكيم القوانين لا التكفير مطلقا دون تفصيل
ثانيا : تلاعبهم بمصطلحات أهل العلم
كمثل مصطلح "التبديل" الذي يفسرونه بالتغيير فقط حسب اللغة ويتناسون المعنى الشرعي لهذا المصطلح
فمصطلح "التبديل" في لغة الفقهاء وعرف العلماء معناه الحكم بغير ما أنزل الله على أنه من شرع الله، وفي ذلك يقول ابن العربي في "أحكام القرآن" (2/624): "إن حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل يوجب الكفر".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية(والشرع المبدل: هو الكذب على الله ورسوله أو على الناس بشهادات الزور ونحوها والظلم البين، فمن قال: إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع). والحكام بالقوانين الوضعية لَمْ يبدلوا الشرع المجمع عليه، ذلك بأنَّهُم لَمْ ينسبوا هذه القوانين إلى الشريعة الإسلامية، فهاهم أولاء يصرحون بأنَّهَا نتاج العقول البشرية: بريطانية كانت، أو فرنسية.
ثالثا :إعتمادهم على إطلاقات أهل العلم دون الرجوع إلى التفصيل (التقييد) في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله فتجدهم يعنونون مواضعيهم ب(كفر من لم يحكم بما أنزل الله) مع أنك لو إطلعت على الفتوى التي إستندوا إليها لوجدت فيها تفصيلا لا علاقة له بالعنوان
وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة التفصيل الآتي : قال الله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وقال تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) وقال تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) لكن إن استحل ذلك واعتقده جائزاً فهو كفر أكبر وظلم أكبر وفسق أكبر يخرج من الملة ، أما إن فعل ذلك من أجل الرشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك فإنه آثم يعتبر كافراً كفراً أصغر وظالماً ظلماً أصغر وفاسقاً فسقاً أصغر لا يخرجه من الملة كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ثالثا:إسقاط كبار العلماء الناصحين

بدعوى عدم فقههم للواقع! وأنهم مغيبون منذ ثلاثين سنة! وأنهم لم يفتحوا صدورهم للشباب! وأنهم لم ينزلوا للساحة والميدان - كما يقولون - وأنهم في أبراج عاجية! وأنهم علماء سلطان فلا ينطقون بالحق! وأنهم لجنة رسمية حكومية! وأنه لا يوجد عندنا مرجعية علمية موثوقة!، إلى آخر ما جاء في قاموس الجماعات الحركية الحزبية السياسية في باب سبِّ علماء السنة والتوحيد. يفعلون هذا ليفصلوا العامة عن العلماء فيخلوا الجو لهم!،
وانظروا كيف أن أولئك المفتونين أطاعوا رؤؤس الفتنة وعصوا العلماء الربانيين حتى حصلت المجازر في البلاد الإسلامية.. وما من فتوى في قضايا الأمة الكبرى تصدر من علمائنا الكبار مبنية على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح إلا ويأتيك سيل من التشكيك فيها والهمز واللمز، والطعن المغلف بغلاف الغيرة على قضايا الأمة!. ثم يفاجأ الناس بعد هذا التشكيك ومحاولة التهميش لفتاوى علمائنا الأكابر؛ يفاجئون ببيانات أخرى يصدرها أصحاب التوقيعات الجماعية ورموز الثورة الحركية، بيانات فيها افتيات على العلماء الذي أوْكَل إليهم وليُّ الأمر النظر في أمور الدولة العظمى، وإصدار الفتاوى ليعمل بها فتكون البلاد على رأي واحد ويحسم النزاع والخلاف، فلهؤلاء العلماء - كما ترى- سلطان لا يتُعدى عليه، كما أن القاضي له سلطان لا يتعدى ولا يفتات عليه ، وإلا فسيكون الناس في حيرة لا يدرون بأي رأي يأخذون فتعم الفوضى والتنازع والخلاف.


رابعا: التقية الشديدة

ويظهر هذا جليا في تناقضاتهم الكثيرة فمن جهة يطعنون في العلماء بشتى اتهامات ومن جهة أخرى يستشهدون بأقوالهم التي يبترونها ويفسرونها على هواهم
خامسا:عدم إلتزامهم بفهم السلف للنصوص الشرعية

[FONT=arial black][SIZE=4]وهذا سبب ضلال الفرق المنحرفة قديما وحديثا ومن ذلك تمسكم بظاهر النصوص دون الرجوع إلى تفسير السلف الصالح لتلك النصوص ومن هذه النصوص" {[COLOR=blue]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. وأخذهم بظاهرها، وانتزاعهم منها الحكم بكفر من حكم بالقوانين الوضعية بغير جحود للشريعة الإسلامية، وقد اتفق أهل السنة على تكفير من جحد الحكم بالشريعة الإسلامية دون من لَمْ يجحد ونسب العلماء القول بظاهر هذه الآية لفرقة الخوارج المارقة. وفي ذلك يقول القرطبي في "المفهم" (5/118) بعد أن نسب القول بظاهر هذه الآية للخوارج: "ومقصود هذا البحث أن هذه الآيات المراد بِهَا أهل الكفر والعناد، وأنَّهَا وإن كانت ألفاظها عامة، فقد خرج منها المسلمون؛ لأن ترك العمل بالحكم مع الإيمان بأصله هو دون الشرك، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}. وترك الحكم بذلك ليس بشرك بالاتفاق، فيجوز أن يغفر، والكفر لا يغفر، فلا يكون ترك العمل بالحكم كفرًا".
وقال الجصاص في "أحكام القرآن" (2/534): "وقد تأولت الخوارج هذه الآية على تكفير من ترك الحكم بما أنزل الله من غير جحود".
وقال أبو المظفر السمعاني "في تفسيره" (2/42): "واعلم أن الخوارج يستدلون بِهَذه الآية، ويقولون: من لَمْ يحكم بما أنزل الله فهو كافر. وأهل السنة قالوا: لا يكفر بترك الحكم".
وقال أبو عمر بن عبد البر "في التمهيد" (17/16): "وقد ضلت جماعة من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة فاحتجوا... من كتاب الله تعالى بآيات ليست على ظاهرها، مثل قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}.
وقال صاحب "تفسير المنار" (6/406): "أما ظاهر الآية فلم يقل به أحد من أئمة الفقه المشهورين، بل لَمْ يقل به أحد قط".
ونسب القول بظاهر الآية إلى الخوارج أيضًا الإمام الحافظ أبو بكر الآجري المتوفى سنة (360هـ) في كتاب "الشريعة" (27) وأبو يعلى الحنبلي في "مسائل الإيمان" (340) وأبو حيان في "تفسيره" (3/493) وغيرهم.
ومن أمثلة ذلك أيضًا تحريفهم لمعنى قوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}. فقد ذكر أهل السنة أن معنى قوله: {لاَ يُؤْمِنُونَ}. لا يستكملون الإيمان، أما الخوارج فهم الذين أخذوا بظاهره، وقالوا بنفي أصل الإيْمان؛ ولذلك قال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله- في "منهاج السنة" (5/131). "وهذه الآية مما يحتج بِهَا الخوارج على تكفير ولاة الأمر الذين لا يحكمون بما أنزل الله". يعني: من غير جحود.

جمال البليدي
2008-10-12, 11:59
[/color][/size][/font]سادسا:مخالفتهم لمنهج اهل السنة والجماعة في أصل التثبت

فتجدهم يعتمدون على أخبار الصحف والقنوات الهدامة وكذا أخبار المنتديات وهذا مخالف لأص التثبت عند أهل السنة والجماعة
قال الله تعالى :
« . . . إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبيَّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين » .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 19/63 ) :
« يسمع خبر الفاسق ويتبين ويتثبت ؛ فلا يجزم بصدقه ولا كذبه إلا ببينة كما قال تعالى : ( إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) . . . » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 15 / 308 ) :
« وأيضاً فإنه علّل ذلك بخوف الندم , والندم إنما يحصل على عقوبة البريء من الذنب , كما في سنن أبى داود ( ادرؤوا الحدود بالشبهات فإن الإمامَ أن يخطيءَ في العفو خير من أن يخطيءَ في العقوبة ) , فإذا دار الأمرُ بين أن يخطيء فيعاقب بريئاً أو يخطيء فيعفو عن مذنب ؛ كان هذا الخطأ خير الخطأين » انتهى .

وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - ( تفسيره 4/245 ) :
« يأمر الله تعالى بالتثبُّت في خبر الفاسق ليُحتاط لـه , لئلا يُحكَم بقوله فيكون - في نفس الأمر - كاذباً أو مخطئاً » انتهى .
وكم سبَّبَ عدم التثبت من فتنٍ ومصائب على الأمةِ لا زالت تعاني منها حتى يومنا هذا .
وقال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً}.
قال ابن كثير -رحمه الله- :" في هذه الآية إنكارٌ على من يبادر إلى الأمور قبل تحقُّقِها فيخبر بها ، ويفشيها ، وينشرها ، وقد لا يكون لها صحة".
فهذه الآية توجبُ التثبُّتَ والتبيُّنَ عند سماعِ الأخبار ، وتُنكِر –كما ذكر ابن كثير- على من بَادَرُ وسارَعَ في نقلها ونشرها قبل أن يتحققَ من صحتها ، وأرشدت كذلك إلى أمر آخر مهم ؛ وهو أن الأخبار إنما تنقل إلى أولي الأمر من العلماءِ والأمراءِ ، ولا تنقَلُ إلى عامَّةِ الناس لأن النقلَ إلى عامة الناس لا فائدة فيه، وإنما الفائدة في نقله إلى أهل الحلِّ والعقدِ الذين يحسنون فهم الأمور، واستنباط المصالح منها ، ولديهم القدرة على درء المفاسد.
وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- عدَّةَ رواياتٍ تحذِّرُ من العجلةِ وعدم التثبت منها: حديث أبي هريرة -رضي اللهُ عنه- عن النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: ((كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكلِّ ما سمع))
وعن المغيرة بن شعبة -رضي اللهُ عنه- : أنَّ رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- نهى عن قيل وقال.
قال ابن كثير -رحمه الله- : "أي الذي يكثر من الحديث عمَّا يقول الناسُ من غيرِ تثبُّتٍ ، ولا تدبُّرٍ ، ولا تبيُّنٍ.
ثم ذكر ابن كثير -رحمه الله- قوله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((بئس مطية الرجل زعموا)).

قال ابن كثير -رحمه الله- : "ويُذكَر هاهنا حديث عمر -رضي اللهُ عنه- المتفَقِ عليه حين بلغه أنّ رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- طلَّقَ نساءه ، فجاء من منْزله حتى دخل المسجد فوجد الناسَ يقولون ذلك فلم يصبِر حتى استأذن على رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فاستفهمه : أطلقت نساءك؟ قال: ((لا)) فقلت: الله أكبر ...الحديث .
وعند مسلم: فقلت : أطلَّقتهنَّ؟ فقال: ((لا)). فقمتُ على باب المسجد فناديتُ بأعلى صوتي : لم يطلِّق رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- نساءه . ونزلت الآية.
قال عمر -رضي اللهُ عنه-: أنا استنبطت ذلك الأمر.
وقال السعدي -رحمه الله- : "هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق ، وأنَّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمورِ المهمَّة ،والمصالح العامة ما يتعلَّقُ بالأمن ، وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبةٌ عليهم ؛ أن يتثبَّتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر.
بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ؛ أهل الرأي ، والعلم ، والنصح ، والعقل ، والرزانة ؛ الذين يعرفون الأمور ، ويعرفون المصالِحَ وضدَّها.
فإذا رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطاً للمؤمنين ، وسروراً لهم ، وتَحَرُّزاً من أعدائهم ؛ فعلوا ذلك .
وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة ، أو فيه مصلحة ولكن مضرَّته تزيد على مصلحته لم يذيعوه ولهذا قال: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة ،وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي: أنه إذا حصل بحث في أمرٍ من الأمور ، ينبغي أن يولَّى من هو أهل لذلك ، ويجعل إلى أهله ، ولا يتقدم بين أيديهم ، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ .
وفيه النهي عن العجلة والتسَرُّع لنشر الأمور من حين سماعها ، والأمر بالتأمل قبل الكلام ، والنظر فيه ، هل هو مصلحة فيقدم عليه الإنسان؟ أم لا ، فيحجم عنه؟".

يتبع بإذن الله..........

أخوكم جمال البليدي
-------------------------------------
(1) منقول بإختصار وتصرف من كتاب فتاوى العلماء الأكابر حول إراقمة الدماء في الجزائر للشيخ عبد المالك رمضاني

أبو مسلم
2008-10-12, 15:53
وكذلك كما الفنا جميع موضيعك حق وصدق وحسن إ فهام أسأ ل الله أخي جمال ان يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه ويرزقنا إتباع الحق والصبر عليه.
في الحقيقة كثير من المسائل قد أ شكلة على بعض الناس فأولها على حسب فهمهم وأ عرص عن كلام أ هل العلم فما كان إلا أن تشبكة حولهم الحقا ئق فما بصر و الطريق الحق ولكن الحمد الله فقد جعل الله من يكشف الباطل ويبدله بالحق ويبين للناس الصواب من الخطأ أسأ ل الله أن يوفقهم

جمال البليدي
2008-10-15, 22:56
وكذلك كما الفنا جميع موضيعك حق وصدق وحسن إ فهام أسأ ل الله أخي جمال ان يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه ويرزقنا إتباع الحق والصبر عليه.
في الحقيقة كثير من المسائل قد أ شكلة على بعض الناس فأولها على حسب فهمهم وأ عرص عن كلام أ هل العلم فما كان إلا أن تشبكة حولهم الحقا ئق فما بصر و الطريق الحق ولكن الحمد الله فقد جعل الله من يكشف الباطل ويبدله بالحق ويبين للناس الصواب من الخطأ أسأ ل الله أن يوفقهم

جزاك الله خيرا على هذا الكلام الطيب الذي يدل على مدى حبك لإخوانك أهل السنة فاللهم إجمعنا على الحب فيك

جمال البليدي
2008-10-15, 22:58
بداية الرد على الشبهات

الشبهة الأولى:تكفيرهم بمسألة الحكم بغير ما أنزل الله بدون تفصيل !

الرد على الشبهة من أربعة أوجه
الوجه الأول :

ليس كلّ من حكم بغير ما أنزل الله يكون كافراً ؛ إذ هناك تفصيلٌ في المسألة - من جهة النوع - , فليست هذه المسألة مكفِّرةً بإطلاق .

الوجه الثاني :
لا يُنكَر أنه قد يوجد من الحكام - في هذا الزمان - من وقع في الحكم بغير ما أنزل الله على صورته المُكفِّرة . ولكن الحاكم - وإن وقع في أمرٍ مُكفِّرٍ - فإنه لا يجوز تكفيره بعينه إلا بعد إقامة الحجة عليه .
لأن اعتقاد أهل السنة والجماعة يقضي بعدم تنزيل الأحكام على الأعيان إلا بعد إقامة الحجة على تلك الأعيان .لأنه قد يكون جاهلاً . . أو قد يكون متأوِّلاً . . أو قد يكون عنده مِن علماء السوءٍ مَن لبَّس عليه . . .إلى غير تلك الاحتمالات التي توجب التريُّث وعدم العجلة ؛
ولئن كانت الحدود تُدرأُ بالشبهات ؛ تالله إن الكفر لمن باب أولى .
وهنا السؤال :
هل أقيمت الحجة على كل حاكم بعينه بحيث يستطيع المُكفِّر الجزم بكفر ذلك المعين ؟

فإن دُعِيَ للخروج - مطلقاً- ؛ فـ

الوجه الثالث :
لا يُنكَر أنه قد يوجد من الحكام من وقع في الصورة المكفِّرة وقامت عليه الحجة المشروطة في المعين ؛
ولكن الخروج على الحاكم الكافر له شروط ؛ هي :
1. القدرة على إزاحة ذلك الكافر .
2. عدم ترتّب مفسدةٍ عُظمى .
3. إحلال مسلم مكانه .
فلا يجوز الخروج على الكافر ما لم تُستجمع هذه الشروط ؛
وإلا وجب الكفّ عن الخروج والصبر وسؤال الله تعالى الفرج .
نُقولٌ على ما نَقول


بيان أنه لا يجوز التكفير بمسألة الحكم بغير ما أنزل الله على الإطلاق ؛ بل لا بدّ من تفصيل

إن القول بالتكفير مطلقاً بكلّ صورةٍ من صور الحكم بغير ما أنزل الله يلزم منه لوازم فاسدة ؛ وبيان هذا على النحو التالي :

المقدمة الأولى :
مسألة الحكم بغير ما أنزل الله لا تختصّ بالحاكم أو القاضي ؛ بل يدخل فيها كل من تولَّى الحكم بين اثنين ؛

لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( الفتاوى 18/170 ) :
« وكل من حكم بين اثنين فهو قاضٍ , سواءً كان : صاحب حربٍ , أو متولِّي دِيوان , أو منتصِباً للاحتساب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , حتى الذي يحكم بين الصبيان في الخطوط ؛ فإن الصحابة كانوا يعدُّونه من الحكام » انتهى .

المقدمة الثانية :
المرء الواقع في أيّ معصيةٍ يصدُقُ عليه أنه حاكمٌ بغير ما أنزل الله ؛ فمثلاً : حالق اللحيةِ يكون كذلك ؛ لأن حُكْمَ اللهِ تعالى في اللحية ألاّ تُحلق , فمن ثَمّ كان الحالق قد حكَّم هواه في شأن نفسه ولم يأخذ بحكم الله تعالى .

اللازم الفاسد ( النتيجة ) :
فيلزم من هذا تكفير كلّ مَن وقع في المعصية ! كحالق اللحية في المثال السابق !

ولأجل فساد هذا الإطلاق فقد قال العلماء عن آية المائدة : « ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون » أن ظاهرها ليس بمرادٍ ؛ وأنه لا يجوز أخذها على إطلاقها :

قال ابن عبد البر - رحمه الله - ( التمهيد 17/16 ) :
« وقد ضلّتْ جماعة من أهل البدع من :الخوارج , والمعتزلة ,في هذا الباب فاحتجوا بآياتٍ من كتاب الله ليست على ظاهرها مثل قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) » انتهى .

وقال العلامة أبوحيان الأندلسي - رحمه الله - ( البحر المحيط 3/493 ) :
« واحتجّت الخوارج بهذه الآية على أن كل من عصى الله تعالى فهو كافر , وقالوا : هي نصٌّ في كل من حكم بغير ما أنزل الله ؛ فهو كافر » انتهى .

وقال الخطيب البغدادي - رحمه الله - ( تأريخه 10/183 , ترجمة الخليفة المأمون , ترجمة رقم : 5330 ) :« أخبرنا أبو محمد يحيى بن الحسن بن الحسن بن المنذر المحتسب ,
أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل ,أخبرنا أبو بكر بن دريد ,أخبرنا الحسن بن خضر قال :سمعت ابن أبي دؤاد يقول :أُدخل رجلٌ من الخوارج على المأمون ,فقال : ما حملك على خلافنا ؟قال : آيةٌ في كتاب الله تعالى .
قال : وما هي ؟
قال : قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) .
فقال له المأمون : ألكَ عِلْمٌ بأنها مُنزَلة ؟
قال : نعم ,
قال : وما دليلك ؟
قال : إجماع الأمة ,
قال : فكما رضيتَ بإجماعهم في التنزيل فارضَ بإجماعهم في التأويل ,
قال : صدقتَ , السلام عليك يا أمير المؤمنين » انتهى .
بيان أنه ليس كل من وقع في الكفر يكون كافراً

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 16/434 ) :
« فليس كل مخطيء كافراً ؛ لا سيما في المسائل الدقيقة التي كثر فيها نزاع الأمة » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/466 ) :
« وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط ؛ حتى : تقام عليه الحجة ,
وتبين له المحجة ,ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزُل ذلك عنه بالشكّ ؛ بل لا يزول إلا :
بعد إقامة الحجة , وإزالة الشبهة » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/487 ) :
« . . . كلّما رأوهم قالوا : ( من قال كذا فهو كافر ) , اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكلّ من قاله , ولم يتدبروا أن التكفير لـه شروط وموانع قد تنتفي في حق المُعَيّن , وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المُعَيّن إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع .
يُبيِّن هذا :
أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه » انتهى .

وقال - رحمه الله - عن مسائل التكفير ( فتاواه 23/348 ) :
« . . . ولكن المقصود هنا :
أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين . . . » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/500 ) :
« . . . فتكفير المُعيّن من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يُحكم عليه بأنه من الكفار ؛ لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبيّن بها أنهم مخالفون للرسل ؛ وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر .
وهكذا الكلام في تكفير جميع المُعيّنين . . . » انتهى .

وقال الإمام الألباني - رحمه الله - ( الصحيحة ، تحت الحديث رقم : 3048 ) :
« ليس كل من وقع في الكفر - من المؤمنين - وقع الكفرُ عليه وأحاط به » انتهى .
فائدة :
شروط التكفير أربعةٌ , تقابلها أربعٌ من الموانع ؛ وهي :
1. توفر العلم وانتفاء الجهل .
2. وتوفر القصد وانتفاء الخطإ .
3. وتوفر الاختيار وانتفاء الإكراه .
4. وانعدام التأويل السائغ , والمانع المقابل له هو : وجود التأويل السائغ .

بيان أن الخروج على الحاكم الكافر ليس على إطلاقه ؛ بل هو مشروطٌ

تقدم نقل كلام : الحافظ ابن حجر , والإمام ابن باز , والإمام ابن عثيمين , - رحمهم الله - ,
في الأصل الرابع من الأصول الأربعة التي في أول الكتاب , فراجعه إن شئت .
وأختم الكلام على هذه الشبهة بنقل جانب من فتاوى اللجنة الدائمة في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله

السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 5226 ) , ( فتاوى اللجنة 2/141 ) :
س : متى يجوز التكفير ومتى لا يجوز ؟ وما نوع التكفير المذكور في قوله تعالى :
( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ؟
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد :
أما قولك متى يجوز التكفير ومتى لا يجوز فنرى أن تبين لنا الأمور التي أشكلت عليك حتى نبين لك الحكم فيها .
أما نوع التكفير في قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) أكبر , قال القرطبي في تفسيره : قال ابن عباس - رضي الله عنهما - ومجاهد - رحمه الله - : ومن لم يحكم بما أنزل الله رداً للقرآن وجحداً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر . انتهى .
وأما من حكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أنه عاصٍ لله لكن حمله على الحكم بغير ما أنزل الله ما يُدفع إليه من الرشوة أو غير هذا أو عداوته للمحكوم عليه أو قرابته أو صداقته للمحكوم لـه ونحو ذلك , فهذا لا يكون كفره أكبر ؛ بل يكون عاصياً وقد وقع في كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز

السؤال الحادي عشر من الفتوى رقم ( 5741 ) , ( فتاوى اللجنة 1/780 ) :
س : من لم يحكم بما أنزل الله هل هو مسلم أم كافر كفراً أكبر وتقبل منه أعماله ؟

الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد :
قال الله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وقال تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) وقال تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) لكن إن استحل ذلك واعتقده جائزاً فهو كفر أكبر وظلم أكبر وفسق أكبر يخرج من الملة ، أما إن فعل ذلك من أجل الرشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك فإنه آثم يعتبر كافراً كفراً أصغر وظالماً ظلماً أصغر وفاسقاً فسقاً أصغر لا يخرجه من الملة كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز

جمال البليدي
2008-10-15, 22:59
الشبهة الثانية: الرد على إستدلالهم بخروج الزبير والحسين رضي الله عنهما

الرد على هذه الشبهة من خسمة أوجه:



الوجه الأول :

أن الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تمنع من الخروج ولو ظلم ولو فسق ولو عصى ,
ولم تستثنِ إلا الكفر الصريح .
جاء في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ( خ : 7053 - م : 7467 ) :
« من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر . فإن من فارق الجماعة شبراً فمات ؛ فميتةٌ جاهلية » .
وجاء في حديث أسيد بن حضير - رضي الله عنه - ( خ : 3792 - م : 4756 ) :
« إنكم ستلقون بعدي أثَرةً ؛ فاصبروا حتى تلقوني على الحوض » .
قال عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - ( خ : 7055 [ 7056 ] - م : 4748 ) :
دعانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه . فكان فيما أخذ علينا : أن بايَعَنا على السمع والطاعة ؛ في منشطنا , ومكرهنا , وعسرنا , ويسرنا , وأثَرَةٍ علينا . وألاّ ننازع الأمرَ أهلَهُ .
قال:
« إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان »


الوجه الثاني :

أن ابن الزبير والحسين قد خالفهم الصحابةُ في ذلك - - رضي الله عنهم - أجمعين - ,
كما أنكر بعضُ كبار التابعين - رحمهم الله - الدخولَ مع ابن الأشعث .
قال الإمام البخاري - رحمه الله - ( 7111 ) :
حدثنا سليمان بن حرب , حدثنا حماد بن زيد , عن أيوب , عن نافع , قال :
لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال :
إني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول :
« ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة » ,
وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله ,
وإني لا أعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجلٌ على بيع الله ورسوله ثم ينصب لـه القتال ,
وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه .

وقال العلامة ابن الأثير - رحمه الله - عن خروج الحسين - رضي الله عنه - ( أسد الغابة 2/28 ) :
« فأتاه كتب أهل الكوفة وهو بمكة , فتجهز للمسير , فنهاه جماعة , منهم : أخوه محمد ابن الحنفية وابن عمر وابن عباس وغيرهم » انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( المنهاج 4/529 ) :
« وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة ؛
كما كان عبد الله بن عمر , وسعيد بن المسيب , وعلي بن الحسين , وغيرهم : ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد .
وكما كان الحسن البصري , ومجاهد , وغيرهما : ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( المنهاج 4/530 ) :
« ولهذا لما أراد الحسين - رضي الله عنه - أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتباً كثيرة :
أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام : ألاّ يخرج . . . » انتهى .

وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - لمّا ذكر قتال أهل المدينة ليزيد ( البداية والنهاية 8/235 ، حوادث سنة : 64هـ ) :
« وقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب وجماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد ولا بايع أحداً بعينه بعد بيعته ليزيد » انتهى .

وقال - رحمه الله - عن خروج الحسين - رضي الله عنه - ( البداية والنهاية 8/161 ، حوادث سنة : 60هـ ) :
« ولما استشعر الناس خروجه : أشفقوا عليه من ذلك , وحذروه منه , وأشار عليه ذوو الرأي منهم والمحبة لـه بعدم الخروج إلى العراق , وأمروه بالمقام بمكة , وذكروا ما جرى لأبيه وأخيه معهم » انتهى .

قال عبد الله بن عبّاس - رضي الله عنهما - :
استشارني الحسين بن علي - رضي الله عنهما - في الخروج فقلت : لولا أن يزري بي الناس وبك , لنشبت يدي في رأسك فلم أتركك تذهب .

وجاءه ابن عباس - رضي الله عنهما - وقال :
يا ابن عمّ : إنه قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق فبيِّن لي ما أنت صانع , فقال لـه : إني قد أجمعت المسير في أحد يوميّ هذين إن شاء الله تعالى , فقال لـه ابن عباس - رضي الله عنهما - أخبرني : إن كانوا دعوك بعد ما قتلوا أميرهم , ونفوا عدوّهم , وضبطوا بلادهم , فسر إليهم , وإن كان أميرهم حي وهو مقيم عليهم قاهر لهم , وعمّاله تجبي بلادهم , فإنهم إنما دعوك للفتنة والقتال .
وجاءه مرّة فقال :
يا ابن عمّ : إنّي أتصبّر ولا أصبر , إنّي أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك , وإن أهل العراق قوم غدر فلا تغترّنّ بهم .
وبلغ ابنَ عمر - رضي الله عنهما - أن الحسين - رضي الله عنه - توجّه إلى العراق فلحقه على مسيرة ثلاثة ليال , فقال : أين تريد , قال : العراق , وهذه كتبهم وبيعتهم , فقال لـه ابن عمر : لا تذهب , فأبى , فقال ابن عمر : إنّي محدثك حديثاً : إن جبريل - عليه السلام - أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فخيّره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا , وإنّك بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يليها أحدٌ منكم أبداً , فأبى أن يرجع , فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال : استودعك الله من قتيل .

وقال سعيد بن ميناء - رحمه الله - : سمعت عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - يقول :
عجّل حسين - رضي الله عنه - قدره والله , ولو أدركته ما تركته يخرج إلاّ أن يغلبني .
وجاءه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - فقال :
يا أبا عبد الله : إني لكم ناصح , وإني عليكم مشفق , وقد بلغني أنه قد كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج فلا تخرج إليهم , فإني سمعت أباك - رضي الله عنه - يقول بالكوفة : والله لقد مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني .
وقال عبد الله بن مطيع العدوي - رضي الله عنه - :
إني فداك وأبي وأمي ؛ فأمتعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق , فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذونا عبيداً وخولاً .
وقال ابن عمر - رضي الله عنهما - له ولابن الزبير - رضي الله عنهم - أجمعين :
أذكركما الله إلاّ رجعتما ولا تفرقا بين جماعة المسلمين .
وكان يقول :
غلبَنَا الحسين بن علي - رضي الله عنهما - بالخروج ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة , فرأى من الفتنة وخذلان الناس لهما ما كان ينبغي لـه أن يتحرّك ما عاش , وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس , فإن الجماعة خير .
وقال لـه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - :
اتق الله والزم بيتك ولا تخرج على إمامك .
وقال أبو واقد الليثي - رضي الله عنه - :
بلغني خروج الحسين بن علي - رضي الله عنهما - فأدركته بملل , فناشدته بالله ألاّ يخرج , فإنه يخرج في غير وجه خروج , إنما خرج يقتل نفسه , فقال : لا أرجع .
وقال جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - :
كلمت حسيناً - رضي الله عنه - فقلت : اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض , فوالله ما حمدتم ما صنعتم , فعصاني .
وكتب إليه المسور بن مخرمة - رضي الله عنهما - :
إيّاك أن تغترّ بكتب أهل العراق .


الوجه الثالث :

أن الخروج على الحجاج ليس سببه الفسق !
بل كان بدافع التكفير - عند من رأوا الخروج عليه - .
قال الإمام النووي - رحمه الله - ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 433 ، تحت الحديث رقم : 4748 ) :
« قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق ؛ بل لما غيّر من الشرع وظاهر الكفر » انتهى


الوجه الرابع :

أن الإجماع استقرّ بعد ذلك على منع الخروج على الحاكم ؛
إلا في حالة الكفر الصريح فقط .
قال الإمام النووي - رحمه الله - بعد الكلام عن خروج الحسين وابن الزبير - رضي الله عنهم - وخروج بعض التابعين - رحمهم الله - ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 433 ، تحت الحديث رقم : 4748 ) :« قال القاضي : وقيل إن هذا الخلاف كان أولاً ؛ ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم » انتهى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( المنهاج 4/529 ) :
« ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين » انتهى .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - ( التهذيب 1/399 ، ترجمة : الحسن بن صالح بن حي ) :
« وقولهم : ( وكان يرى السيف ) يعني أنه كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور , وهذا مذهبٌ للسلف قديم . لكن استقرّ الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى أشدّ منه ؛ ففي وقعة الحرّة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عِظةٌ لمن تدبّر

الوجه الخامس:

خروج الزبير والحسين رضي الله عنهما فتنة ولا يصح الإستدلال بالفتنة بل هي حجة عليهم

جمال البليدي
2008-10-16, 18:46
الشبهة الثالثة:إستدلالهم بقصة تروى عن أحمد بن نصر الخزاعي


واستدل بعضهم على الخروج بقصة تُرْوَى عن أحمد بن نصر الخزاعي في ذلك.
قالوا: ولماذا تنكرون علينا الخروج على الحكام، وقد خرج أحمد بن نصر الخزاعي - أحد العلماء الثقات - على الواثق حاكم زمانه، ولما قتله الواثق؛ وصفه أحمد بن حنبل - مادحًا له - بأنه قد جاد بنفسه في سبيل الله، ووصفه ابن معين بأنه شهيد!!
والجواب: أن قصة خروج الخزاعي لا تصح سندًا: فقد أخرجها الخطيب في ((تاريخ بغداد))([1] (http://207.210.95.221/%7Eechorouk/montada/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=248848#_ftn1)) فقال: حدثني القاضي أبو عبد الله الصميري قال حدثنا محمد بن عمران المزرباني قال أخبرني محمد بن يحيى الصولي قال: كان نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي من أهل الحديث، وكان جده من رؤساء نقباء بني العباس، وكان أحمد وسهل بن سلامة - حين كان المأمون بخراسان - بايعا الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى أن يدخل المأمون بغداد، فرفق بسهل حتى لبس السواد، وأخذ الأرزاق، ولزم أحمد بيته، ثم أَمْرُه تحرك ببغداد في أيام الواثق، واجتمع إليه خَلْقٌ من الناس، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، إلى أن مَلَكُوا بغداد.
وتعدَّى رجلان من أصحابه، يقال لأحدهما: طالب في الجانب الغربي، ويقال للآخر: أبو هارون في الجانب الشرقي، وكانا موسرين، فبذلا مالًا، وعزما على الوثوب ببغداد في شعبان سنة ( 231 ) فَنَمَّ عليهم قوم إلى إسحاق بن إبراهيم، فأخذ جماعة فيهم أحمد بن نصر، وأخذ صاحبيه: طالبًا وأبا هارون، فقيدهما، ووجد في منـزل أحدهما أعلامًا، وضرب خادمًا لأحمد بن نصر، فأقر أن هؤلاء كانوا يصيرون إليه ليلا، فُيَعَرِّفونه ما عملوا، فحملهم إسحاق مقيدين إلى سُرَّ مَنْ رَأَى، فجلس لهم الواثق، وقال لأحمد بن نصر: دع ما أُخِذْتَ له، ما تقول في القرآن ؟ قال: كلام الله، قال: أفمخلوق هو ؟ هو كلام الله.
قال أَفَتَرى رَبَّك يوم القيامة ؟ قال: كذا جاءت الرواية، فقال: ويحك يُرى كما يُرَى المحدود المتجسم ؟ يحويه مكان، ويحصره الناظر ؟ أنا أَكْفُر برب هذه صفته، ما تقولون فيه ؟ فقال عبدالرحمن بن إسحاق - وكان قاضيًا على الجانب الغربي ببغداد، فعُزِل -: هو حلال الدم، وقال جماعة من الفقهاء كما قال، فأظهر ابن أبي دؤاد أنه كاره لقتله، فقال للواثق: يا أمير المؤمنين، شيخ مختل، لعل به عاهةً أو تَغَيُّرَ عَقْلٍ، يُؤَخَّر أَمْرُه، فقال الواثق: ما أراه إلا مؤدِّيًا لكفره، قائمًا بما يعتقده منه، ودعا الواثق بالصمصامة، وقال: إذا قُمْتُ إليه فلا يقومن أحد معي؛ فإني أحتسب خطاي إلى هذا الكافر الذي يعبد ربًّا لا نعبده، ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بها، ثم أمر بالنطع، فأُجلس عليه وهو مقيد، وأمر بشد رأسه بحبل، وأمرهم أن يمدوه، ومشى إليه حتى ضرب عنقه، وأمر بحمل رأسه إلى بغداد، فَنُصِبَ في الجانب الشرقي أيامًا، وفي الجانب الغربي أيامًا، وتتبع رؤساء أصحابه فوضعوا في الحبوس)).
قلت: وهذا سند لا يحتجُّ به: فإن محمد بن يحيى الصولي لم يدرك زمن هذه الواقعة، وليس له رواية عن أحمد بن نصر الخزاعي، وقد قُتِلَ أحمد بن نصر الخزاعي سنة 231هـ، فَبَيْنَ قَتْل أحمد بن نصر ووفاة الصولي خمس سنوات ومائة سنة، فمن المؤكد أنه لم يسمع منه، ولم يدرك هذه القصة، والصولي من جملة مشايخه أبو داود، وأبو داود نفسه لم يسمع من الخزاعي، إنما روى عنه بواسطة فما ظنك بتلميذه!!
فأقول لمن يحتج بهذه القصة: ثَبِّتْ العرش ثم انقش.
هذا من جهة الإسناد، وأما من جهة المتن ففيه نكارة: لأن المعروف عن السلف - في زمن الخزاعي - أنهم لا يخرجون على أمراء الجور، بل يصبرون على أذاهم، وينصحون لهم، قيامًا بواجب النصح، ودرءًا للفتنة والفساد، فكيف يمدحه أحمد بن حنبل في الخروج على الأئمة، وأحمد نفسه يَعُدُّ الخروج من الفتن، وقد حذر من ذلك أيما تحذير، كما مر من كلامه مع من أراد أن يخرج على الواثق.
ثم لماذا لا يُحمل مدح أحمد للخزاعي - رحمها الله تعالى - ووصف ابن معين له بالشهادة على ثبات الخزاعي في فتنة القول بخلق القرآن، لا فتنة الخروج على الولاة ؟ فتأمل كيف يستشهد القوم بالمتشابه من القول، وكيف يحاولون إقامة أَمْرٍ وإن هدموا به أمورًا، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أضف إلى ذلك: أن في القصة - لو صحت- ما يدل على أن الواثق قتل الخزاعي لقوله: القرآن كلام الله غير مخلوق، لا لخروجه، فإنه قال له: ((دَعْ ما أُخِذْتَ له، ما تقول في القرآن؟ )) إلى أن قال - وقد طُلب منه العفو عنه -: ((ما أراه إلا مُؤَدِّيًا لكفره؛ قائمًا بما يعتقده منه...)).
فهذا كله - لو صحت القصة – يدل على أنه قتله لذلك، وأن أحمد مدحه لذلك، لا للخروج، لما سبق من كلام الواثق، ولأن مذهب أحمد ذم الخروج، لا مدح من قام به، كما تقدم، والله أعلم.




~~~



([1]) (5/176) ترجمة أحمد بن نصر الخزاعي.
منقول من مشاركة الأخ ولد البرق وفقه الله


http://www.echoroukonline.com/montada/showpost.php?p=250089&postcount=40

جمال البليدي
2008-10-16, 18:47
الشبهة الرابعة : زعمهم بأن تحيكم القوانين كفر أكبر مخرج من الملة بالإجماع ولو بدون استحلال



رد الشبهة


هذا محض افتراء على أهل السنة منشؤه الجهل أو سوء القصد، نسأل الله العافية: وهذا أمر خطير للغاية، يجرئ الناس على تكفير الحكام، ثم تكون الفتن والدماء،ومما يتشبث به هؤلاء المهيجين ما تناقلته المنتديات من كلام مبتور لشيخ الإسلام ابن تيمية حيث نقلوا قولا له رحمه الله دون أن يأتوا به كاملا إنما إختطفوا الكلام من سباقه ولحاقه لأغرضهم الدنيئة نسأل الله العافية وإليكم القول المبتور :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية"(والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافرا باتفاق الفقهاء)."

أقول :
الرد على هذا الإستشهاد المبتور من عدة أوجه :
الوجه الأول : الكلام المنقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية كلام مبتور لم يأتوا به كاملا والله أعلم ما الهدف من ذلك؟؟
وإليك أخي القارئ كلامه كاملا دون بتر(والإنسان متى حلّل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء، وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين : ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة:44] ؛ أي: المستحل للحكم بغير ما أنزل الله".)مجموع الفتاوى" (3/267)

وهؤلاء المفتونين حذفوا الكلام الأهم في المسألة ألا هو : ( أي: المستحل للحكم بغير ما أنزل الله)
فهاهو شيخ الإسلام ابن تيمية يشترط الإستحلال ومعلوم أن الإستحلال لا يشترط في الكفر الأكبر إلا عند المرجئة كما هو معلوم فالساب الله تعالى لا نشترط له الإستحلال حتى نقول بكفره وكذلك الساجد للصنم بخلاف تحكيم القوانين فإن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اشترط الإستحلال حتى تحول الكفر من أصغر(وهو الأصل) إلى أكبر .
ومنه كلام شيخ الإسلام حجة عليهم ولله الحمد والمنة .
الوجه الثاني : مصطلح "التبديل" في لغة الفقهاء وعرف العلماء معناه الحكم بغير ما أنزل الله على أنه من شرع الله، وفي ذلك يقول ابن العربي في "أحكام القرآن" (2/624): "إن حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل يوجب الكفر". ولو أتم هؤلاء كلام ابن تيمية إلى آخره لوجد ذلك واضحًا بعد سطور؛ إذ يقول في بيان أوضح من فلق الصبح: "والشرع المبدل: هو الكذب على الله ورسوله أو على الناس بشهادات الزور ونحوها والظلم البين، فمن قال: إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع". والحكام بالقوانين الوضعية لَمْ يبدلوا الشرع المجمع عليه، ذلك بأنَّهُم لَمْ ينسبوا هذه القوانين إلى الشريعة الإسلامية، فهاهم أولاء يصرحون بأنَّهَا نتاج العقول البشرية: بريطانية كانت، أو فرنسية.
ومن هذين الوجهين يتبين أن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية حجة عليك لا لك ويؤيد ذلك :
الوجه الثالث : وهناك قول صريح لشيخ الإسلام ابن حيث يقول' "ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر.فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر.فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل.وقد يكون العدل في دينها ما يراه أكابرهم.بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعادتهم التي لم ينزلها الله كسواليف البادية(أي عادات من سلفهم) وكانوا الأمراء المطاعون ويرون أن هذا الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة وهذا هو الكفر.فإن كثير من الناس أسلموا ولكن لا يحكمون إلا بالعادات الجارية التي يأمر بها المطاعون.فهؤلاء إذا عرفوا أنه يجوز لهم الحكم بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك. بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار)) اه من منهاج السنة.

قلت: هاهو شيخ الإسلام ابن تيمية يشترط الإستحلال بكل وضوح الذي هو الإعتقاد بإستباحة ذلك الفعل المحرم بدليل أنه قال"ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر.فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر."
فهل بعد هذا شك
الوجه الرابع : سلمنا لكم جدلا أن شيخ الإسلام ابن تيمية ادعى الإجماع على أن تحكيم القوانين كفر أكبر(رغم ان هذا باطل من الأوجه الثلاثة المذكورة آنفا) فإن كلامه مردود عليه بأقوال أهل العلم الذين إشترطوا الإستحلال (العقدي) ومنه كلامه حتى لو كان كما فهمه هؤلاء المفتونين فإنه لا يغير من حقيقة الخلاف الظاهر الجلي في المسألة لا من قريب ولا من بعيد (فإن مسألة الحكم بالقوانين الوضعية تعد من المسائل الكبيرة الشائكة التي اشتد نزاع أهل العلم فيها في هذا العصر-وإن كنت لا أرى أنها من مسائل الخلاف المعتبر-؛ حيث ذهب فريق من أهل العلم -كالأخوين شاكر، وابن إبراهيم (على قول)، وابن عثيمين (في القديم)، والفوزان، والشيخ بكر أبي زيد- إلى أن تحكيم القوانين الوضعية كفر أكبر يخرج من ملة الإسلام، وذهب آخرون -كابن باز، والألباني، وابن عثيمين (في الأخير)، والعبَّاد، والسدلان- إلى أن تحكيم القوانين الوضعية كفر أصغر لا يخرج من ملة الإسلام.)(1)
وسأنقل لكم في ردي على الشبهة الخامسة كلام أهل العلم الذين إشترطوا الإستحلال في المسألة إن شاء الله.
تنبيه: العلماء الذين اعتبروا تحكيم القوانين كفر أكبر لم يكفروا الحكام إذ أن هناك فرق بين النوع(الفعل) والمعين(الفاعل) فليس كل من وقع في الكفر يعتبر كافرا حتى تتوفر فيه الشروط وتنتفي منه الموانع ومن هذه الشروط إقامة الحجة وإزالة الشبهة فقد يكون الواقع في الكفر جاهلا أو متأولا فلا يقع عليه الكفروما يدل على هذا:
(الحديث -الصحيح- الذي فيه قصة الرجل الذي اعتقد عدم قدرة الله أن يجمعه بعد إحراق نفسه!؛ بل اعتقد ألا يعيده أيضًا (=إنكار البعث)؛ فهذا اعتقد ما هو كفر بإجماع المسلمينعامتهم قبل خاصتهم؛ فكل الناس -حتى اليهود والنصارى- يعرفون تمامًا قدرة الله على كل شي، كما يعلمون -يقينًا- بأنهم مبعوثون؛ فإن ذلك من (أظهرالأمور) عند كل المؤمنين الذين بعث فيهم الأنبياء، ومع ذلك فقد عذره الله هذا الرجل بجهله المعلوم بالضرورة.
قال شيخ الإسلام –في "مجموع الفتاوى" (11/ 409)-:
«فهذا الرجل ظن أن الله لا يقدر عليه إذا تفرق هذا التفرق؛ فظن أنه لا يعيده إذا صار كذلك. وكل واحد من إنكار قدرة الله تعالى، وإنكار معاد الأبدان وإن تفرقت؛ كُفْرٌ!. لكنه كان مع إيمانه بالله وإيمانه بأمره وخشيته منه (جاهلا) بذلك (ضالا في هذا الظن مخطئا)؛ فغفر الله له ذلك. والحديث صريح في أن الرجل طمع أن لا يعيده إذا فعل ذلك وأدنى هذا أن يكون شاكا في المعاد؛ وذلك كفر!. ((إذا قامت حجة النبوة)) على منكره؛ حُكِمَ بكفره»اهـ. وانظر -للأهمية- تعليق شيخ الإسلام (11/ 411- 413) على قول عائشة للنبي http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif -كما في قصة استغفاره لأهل البقيع-: «هل يعلم الله كل ما يكتم الناس؟!!!».)(2)

-----------------------------------------------------------------
(1)و(2) من كلام الدكتور أبو رقية الذهبي حفظه الله ورعاه

يوسف زكي
2008-11-14, 18:34
يرفع للتذكير و التحذير

oumyahia
2008-11-15, 12:23
السلام عليكم

جزاك الله خيرا وزادك من فضله

بارك الله في الأخ الذي رفع الموضوع .

جمال البليدي
2008-11-15, 15:04
جزاكم الله خيرا إخواني كما أود أن أعتذر عن قلة مشاركتي في المنتدى

جمال البليدي
2008-11-15, 15:06
الشبهة الخامسة: زعمهم بأنه لا يوجد عالم ألبتة أعتبر تحكيم القوانين كفر أصغر إلا بالإستحلال

رد الشبهة


وهذا زعم باطل يتناقله أهل التكفير والتفجير ومتى بحث هؤلاء عن أقوال أهل العلم أصلا والأغرب من هذا أننا لو آتيناهم بأقوال ابن عباس والإمام أحمد والقرطبي والطبري و المروزي و ابن بطة و ابن عبد البر و البغوي و الواحدي ردوا أقوالهم بحجة أن القوانين لم تكن موجودة في زمانهم وأن كلامهم يحمل على الحكم بغير ما أنزل الله في المسألة أو المسألتين فقط وليس على التشريع العام ورغم زيف هذا الزعم وبيان فساده سنأتيكم بأقوال أهل العلم الذين عاصروا القوانين إبتداءا من قانون الياسق الذي جاء به الكافر جنكيزخان وتحاكم إليه التتار إلى يومنا هذا وعليه فإننا لن نعتمد على أقوال المتقدمين حتى لا يحتجوا لنا بتلك الشبه الزائفة إنما نبدأ من زمن ابن تيمية إلى يومنا هذا .



◄◄أولا شيخ الإسلام ابن تيمية

يقول رحمه الله"ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر.فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر.فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل.وقد يكون العدل في دينها ما يراه أكابرهم.بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعادتهم التي لم ينزلها الله كسواليف البادية(أي عادات من سلفهم) وكانوا الأمراء المطاعون ويرون أن هذا الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة وهذا هو الكفر.فإن كثير من الناس أسلموا ولكن لا يحكمون إلا بالعادات الجارية التي يأمر بها المطاعون.فهؤلاء إذا عرفوا أنه يجوز لهم الحكم بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك. بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار)) اه من منهاج السنة
قلت: هاهو شيخ الإسلام ابن تيمية يشترط الإستحلال الذي هو الإعتقاد بإستباحة ذلك الفعل المحرم بدليل أنه قال"ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر.فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر."


◄◄ثانيا:العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ (المتوفى سنة : 1293)


قال في "منهاج التأسيس" ( ص 71): وإنما يحرُم إذا كان المستند إلى الشريعة باطلة تخالف الكتاب والسنة، كأحكام اليونان والإفرنج والتتر، وقوانينهم التي مصدرها آراؤهم وأهوائهم، وكذلك البادية وعادتهم الجارية... فمن استحل الحكم بهذا في الدماء أو غيرها؛ فهو كافر، قال تعالى : ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ ... وهذه الآية ذكر فيها بعض المفسرين: أن الكفر المراد هنا: كفر دون الكفر الأكبر؛ لأنهم فهموا أنها تتناول من حكم بغير ما أنزل الله، وهو غير مستحل لذلك، لكنهم لا ينازعون في عمومها للمستحل، وأن كفره مخرج عن الملة".

وهاهو أيضا العلامة عبد اللطيف آل الشيخ يشترط الإستحلال أيضا

◄◄ثالثا:العلامة ابن ابراهيم(على قول) (المتوفى سنة : 1389)
يقول رحمه الله"في "مجموع الفتاوى" (1/80) له:"وكذلك تحقيق معنى محمد رسول الله: من تحكيم شريعته، والتقيد بها، ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي من حكم بها [يعني القوانين الوضعية] أو حاكم إليها؛ معتقداً صحة ذلك وجوازه؛ فهو كافر الكفر الناقل عن الملة، فإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛ فهو كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملّة"

◄◄رابعا :العلامة ابن باز

يقول رحمه الله في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" للشيخ ابن باز (2/326-330) باختصار-:
«...
* من يدرس القوانين أو يتولى تدريسها ليحكم بها أو ليعين غيره على ذلك مع إيمانه بتحريم الحكم بغير ما أنزل الله ، ولكن حمله الهوى أو حب المال على ذلك فأصحاب هذا القسم لا شك فساق وفيهم كفر وظلم وفسق لكنه كفر أصغر وظلم أصغر وفسق أصغر لا يخرجون به من دائرة الإسلام ، وهذا القول هو المعروف بين أهل العلم وهو قول ابن عباس وطاووس وعطاء ومجاهد وجمع من السلف والخلف كما ذكر الحافظ ابن كثير والبغوي والقرطبي وغيرهم ، وذكر معناه العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب (الصلاة) وللشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله رسالة جيدة في هذه المسألة مطبوعة في المجلد الثالث من مجموعة (الرسائل الأولى) ، ولا شك أن أصحاب هذا القسم على خطر عظيم ويخشى عليهم من الوقوع في الردة... .
* القسم الثالث: من يدرس القوانين أو يتولى تدريسها مستحلا للحكم بها سواء اعتقد أن الشريعة أفضل أم لم يعتقد ذلك فهذا القسم كافر بإجماع المسلمين كفرا أكبر؛ لأنه باستحلاله الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة لشريعة الله يكون مستحلا لما علم من الدين بل لضرورة أنه محرم فيكون في حكم من استحل الزنا والخمر ونحوهما ، ولأنه بهذا الاستحلال يكون قد كذب الله ورسوله وعاند الكتاب والسنة ، وقد أجمع علماء الإسلام على كفر من استحل ما حرمه الله أو حرم ما أحله الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة ومن تأمل كلام العلماء في جميع المذاهب الأربعة في باب حكم المرتد اتضح له ما ذكرنا... » اهـ.
وهذا شريط الدمعة البازية لمن أراد تحمليه
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=16099

◄◄خامسا العلامة العثيمين

سُئل في شريط "التحرير في مسألة التكفير" بتاريخ (22/4/1420) سؤالاً مفاده:
إذا ألزم الحاكم الناس بشريعة مخالفة للكتاب والسنة مع اعترافه بأن الحق ما في الكتاب والسنة لكنه يرى إلزام الناس بهذا الشريعة شهوة أو لاعتبارات أخرى، هل يكون بفعله هذا كافراً أم لابد أن يُنظر في اعتقاده في هذه المسألة؟

فأجاب: "... أما في ما يتعلق بالحكم بغير ما أنزل الله؛ فهو كما في كتابه العزيز، ينقسم إلى ثلاثة أقسام: كفر، وظلم، وفسق، على حسب الأسباب التي بُني عليها هذا الحكم، فإذا كان الرجل يحكم بغير ما أنزل الله تبعاً لهواه مع علمه أن بأن الحق فيما قضى الله به ؛ فهذا لا يكفر لكنه بين فاسق وظالم، وأما إذا كان يشرع حكماً عاماً تمشي عليه الأمة يرى أن ذلك من المصلحة وقد لبس عليه فيه فلا يكفر أيضاً، لأن كثيراً من الحكام عندهم جهل بعلم الشريعة ويتصل بمن لا يعرف الحكم الشرعي، وهم يرونه عالماً كبيراً، فيحصل بذلك مخالفة، وإذا كان يعلم الشرع ولكنه حكم بهذا أو شرع هذا وجعله دستوراً يمشي الناس عليه؛ نعتقد أنه ظالم في ذلك وللحق الذي جاء في الكتاب والسنة أننا لا نستطيع أن نكفر هذا، وإنما نكفر من يرى أن الحكم بغير ما أنزل الله أولى أن يكون الناس عليه، أو مثل حكم الله عز وجل فإن هذا كافر لأنه يكذب بقول الله تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾ وقوله تعالى: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾.
◄◄سادسا : العلامة عبد المحسن العباد البدر

سُئل في المسجد النبوي في درس شرح سنن أبي داود بتاريخ: 16/11/1420 :
هل استبدال الشريعة الإسلامية بالقوانين الوضعية كفر في ذاته؟ أم يحتاج إلى الاستحلال القلبي والاعتقاد بجواز ذلك؟ وهل هناك فرق في الحكم مرة بغير ما أنزل الله، وجعل القوانين تشريعاً عاماً مع اعتقاد عدم جواز ذلك؟

فأجاب: "يبدو أنه لا فرق بين الحكم في مسألة، أو عشرة، أو مئة، أو ألف – أو أقل أو أكثر – لا فرق؛ ما دام الإنسان يعتبر نفسه أنه مخطئ، وأنه فعل أمراً منكراً، وأنه فعل معصية، وانه خائف من الذنب، فهذا كفر دون كفر.
وأما مع الاستحلال – ولو كان في مسألة واحدة، يستحل فيها الحكم بغير ما أنزل الله، يعتبر نفسه حلالاً-؛ فإنه يكون كافراً ".

◄◄سابعا :العلامة الجبرين(أعاده الله إلى الجادة)

قال -حفظه الله-:
«أما الأمور التي قد يدخلها الاجتهاد قد أشرنا في الليلة الماضية إلى نوع منها ؛ وهي ما عليه كثير من الولاة مما يسمى حكما بالقوانين، فمثل هذه الأحكام الغالب عليها أنهم يرون فيها مصلحة وأنهم لم يلغوا الشرع إلغاءً كلياً بحيث لا يحكمون منه بشيء لأن الله قال: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ).
فمثل هؤلاء: إذا كان لهم وجهة فلا نقول بكفرهم، ولكننا نخطؤهم في هذا الاجتهاد الذي هو تغيير شيء من الشرع ولو كان عن طريق الاجتهاد فمثلاً:
إباحتهم للزنا إذا كان برضى الطرفين،
وكذلك تركهم -أو إلغاؤهم- للحدود؛ كحد السرقة وحد القذف وحد شرب الخمر
وإباحة الخمر ، وإعلان بيعها وما أشبه ذلك ؛ لا شك أن هذا ذنبٌ كبير!.
ولكن قد يكون لهم -مثلاً- من الأعذار ما يرون أنهم يعذرون فيه ؛ فيعتذرون أن في بلادهم من ليس بمسلمين ، وأن التشديد عليهم فيه تنفيرٌ.
وإذا كان لهم وجهة فـالله حسبهم.
فعلى كل حال؛ لاشك أنَّا لو حكمنا الشرع وطبقنا تعاليمه لكان فيه الكفاية ، وفيه الخير الكثير»
«سلسلة أشرطة شرح لمعة الاعتقاد»
الشريط السادس عشر (16)



وإليكم الشريط لمن أراد تحمليه
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...&series_id=441 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=9776&scholar_id=105&series_id=441)

◄◄ثامنا : اللجنة الدائمة للإفتاء

الفتوى رقم (6310): س: ما حكم من يتحاكم إلى القوانين الوضعية، وهو يعلم بطلانها، فلا يحاربها، ولا يعمل على إزالتها؟

ج: "الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله، وآله وصحبه؛ وبعد:

الواجب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عند الاختلاف، قال تعالى: ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾، وقال تعالى: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ﴾. والتحاكم يكون إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن يتحاكم إليها مستحلاً التحاكم إلى غيرهما من القوانين الوضعيه بدافع طمع في مال أو منصب؛ فهو مرتكب معصية، وفاسق فسقاً دون فسق، ولا يخرج من دائرة الإيمان".


◄◄تاسعا: العلامة محمد صديق خان ٍ (المتوفى سنة : 1307)



قال رحمه الله ( 3/309): «حكم الولاة والحكام المكرهين على الحكم بالقوانين الوضعية وأما من لا يقدر على ذلك وهو مكره من جهة المالك، ومقهور في مجاري أمور الممالك، ولا يجد بداً لنفسه ولأتباعه لمصالح هناك ومفاسد في مخالفة ذلك، ولا يستخف ، ولا يستحل شيئاً مما أنزله الله، وجاء به رسول الله ، فالله أرحم الراحمين ، وسيد الغافرين».




◄◄عاشر: العلامة محمد رشيد رضا




قال -رحمه الله- في «تفسير المنار» (6/405-406): «وقد استحدث كثير من المسلمين من الشرائع والأحكام نحو ما استحدث الذين من قبلهم، وتركوا- بالحكم بها- بعض ما أنزل الله عليهم، فالذين يتركون ما أنزل الله في كتابه من الأحكام ، من غير تأويل يعتقدون صحته، فإنه يصدق عليهم ما قاله الله في الآيات الثلاث أو في بعضها، كلّ بحسب حاله:


فمن أعرض عن الحكم بحد السرقة ، أو القذف، أو الزنا، غير مذعن له لاستقباحه إياه، وتفضيل غيره من أوضاع البشر عليه؛ فهو كافر قطعاً.


ومن لم يحكم به لعلة أخرى؛ فهو ظالم إن كان في ذلك إضاعة الحق أو ترك العدل والمساواة فيه، وإلا؛ فهو فاسق فقط...


وإننا نرى كثيرين من المسلمين المتدينين يعتقدون أن قضاة المحاكم الأهلية الذين يحكمون بالقانون كفاراً أخذاً بظاهر قوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، ويستلزم الحكم بتكفير القاضي الحاكم بالقانون تكفير الأمراء والسلاطين الواضعين للقوانين، فإنهم وإن لم يكونوا ألفوها بمعارفهم، فإنها وضعت بإذنهم ، وهم الذين يولون الحكام ليحكموا بها...أما ظاهر الآية فلم يقل به أحد من أئمة الفقه المشهورين، بل لم يقل به أحد قط»!







وللمزيد حمل المرفقات التالية :
http://www.2shared.com/file/3390320/a1f4e9be/____.html

فيها صوتيات وتفريغات لكبار العلماء في هذا العصرحول مسألة التشريع العام
فهل بعد كل هذا نقول لا يوجد علماء اعتبروا تحكيم القوانين كفر أصغر مشترطين الإستحلال

جمال البليدي
2008-11-15, 15:08
الشبهة السادسة: قولهم"سلمنا لكم بوجوب الإستحلال في التكفير ولكن حكامنا اليوم إستحلوا ما فعلوه بدليل أنهم شرعوا هذه القوانين وحكموا بها بين الناس"




رد الشبهة



أولا: الإستحلال معناه أن تعتقد حل ما فعلته
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله"المستحل للشيء هو الذي يأخذه معتقدا حله"الفتاوى الكبرى 24/6
وقال الشاطبي في الإعتصام"لفظ الإستحلال إنما يستعمل في الأصل فيمن اعتقد الشيء حلال"

ويعرف هذا الإستحلال بأن يصرح الشخص بلسانه أو بقلمه على أن هذا الفعل حلال أما أن يصر عليه وهو يعتقد أنه حرام فلا يعتبر مستحلا والأصل في المسلم عدم الإستحلال حتى يصرح بذلك
ثانيا: أما ما يسميه البعض بالإستحلال العملي كالإصرار على المعصية فلا يكفر به العبد إلا إذا كان الفعل في حد ذاته كفر أكبر كسب الله والسجود للصنم
قال الشيخ العثيمين في لقاء الباب المفتوح سـؤال رقم (1200)
الاستحلال هو أن يعتقد حلّ ما حرّمه الله أما الاستحلال الفعليّ
فينظر : إن كان هذا الاستحلال مما يكفِّر فهو كافر مرتدّ ، فمثلاً : لو أنّ الإنسان تعامل بالرِّبا ، لا يعتقد أنّه حلال لكنّه يصرُّ عليه ، فإنه لا يكفر ؛ لأنّه لا يستحلّه ، ولكن لو قال : إنَّ الرِّبا حلال ويعني بذلك الرِّبا الذي حرَّمه الله ، فإنه يكفر ، لأنّه مكذِّب لله و رسوله صلى الله عليه وسلم الاستحلال إذن : استحلال فعليّ ، واستحلال عقديّ بقلبه ، فالاستحلال الفعليّ ينظر فيه للفعل نفسه ، هل يكفِّر أم لا ؟ و معلوم أن أكل الرِّبا لا يكفر به الإنسان ، لكنّه من كبائر الذُّنوب ، أما لو سجد لصنم فهذا يكفر لماذا ؟ لأن الفعل يكفِّر ؛ هذا هو الضابط لكن لابد من شرط آخر وهو ألا يكون هذا المستحلُّ معذوراً بجهله، فإن كان معذوراً بجهله فإنه لا يكفر ))

◄وهذا الكلام فيه عدة فوائد نحتاجها في موضوعنا هذا :
1-الإستحلال هو أن يعتقد الشخص أو يصرح أن هذا الأمر حلال وهذا لا يكون إلا في الكفر الأصغر
2-الإستحلال لا يشترطه أهل السنة إلا في الأعمال (الغير الكفرية)كالمعاصي,وأما الأعمال الكفرية فإنهم لا يشترطون ذلك-خلاف المرجئة-فإن المواقع للكفر يكفر ,سواء استحل الفعل المكفر أم لا ,وهذا مع مراعاة ضوابط الحكم على الشخص المعين-وقد بينا هذا في بداية السلسلة-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية(من سب الله أو سب رسوله فإنه يكفر سواء استحل سبه أم لم يستحله).وعليه:فلو كان الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة للشريعة كفرا ,لم يكن لهؤلاء الأكابر تقييده بالإستحلال وقد اشتد نكيرهم على المرجئة لإشتراطهم ذلك في الأعمال الكفرية,فدل إشتراطهم الإستحلال فيمن حكم بالقوانين على أن الحكم بها معصية وليس كفرا .

◄وإنطلاقا من هذين الفائدتين أقول :
أي عالم إشترط الإستحلال في الحكم بالقوانين فهو يرى أنه معصية أو كفر أصغر لا يخرج من الملة إذ أنه لا إستحلال في الكفر الأكبر كالسجود للصنم وسب الله تعالى كما تقدم من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية.

◄قد يقول قائل : وهل نحن مطالبون بشق صدره حتى نعرف أنه استحل أم لا؟؟؟
فنقول : إذا صرح الشخص بأن هذا الفعل حلالا فهذا مستحل وقع في الكفر الأكبر الذي كان من قبل أصغر والتصريح إما أن يكون باللسان أو القلم
جاء في شريط الدمعة البازية :
(قال الإمام ابن باز : الأصل عدم الكفر حتى يستحل ، يكون عاصيا وأتى كبيرة ويستحق العقاب ، كفر دون كفر حتى يستحل .
فقال السائل : حتى يستحل ؟!! الاستحلال في قلبه ما ندري عنه ؟

فقال الإمام ابن باز ـ رحمه الله ـ هذا هو ، إذا ادعى ذلك ، إذا ادعى أنه يستحله
. )
والشريط موجود على الشبكة

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=16099

قلت : وكلام ابن باز صحيح يؤيده ما جاء في قصة ذلك الصحابي الذي قاتل أحد المشركين، فلما رأى هذا المُشرك أنه صار تحت ضربة سيف المسلم الصحابي، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فما بالاها الصحابي فقتله، فلما بلغ خبره النبي صلى الله عليه و سلم أنكر عليه ذلك أشد الإنكار، فاعتذر الصحابي بأن المشرك ما قالها إلا خوفاً من القتل، وكان جوابه صلى الله عليه و سلم: ] هلاّ شققت عن قلبه ؟! [. أخرجه البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.

ثالثا: وبناء على ما تقدم نقول:
الإستحلال لا يكون بالتمادي في المعصية مهما كثرت وعظمت مالم تكن كفرا كإهانة المصحف أو سب الله تعالى وإلا للزم تكفير أصحاب النوك الربوية وبيوت الفاحشة لكونهم تمادوا في هذا الفعل وهذا معلوم البطلان ومنه تشريع الحكام لهذه القوانين ليس دليلا على إستحلالهم لها إلا أن يصرحوا كأن يصرح بوحشية الحدود أو أن الشريعة غير مناسبة للعصر .

جمال البليدي
2008-11-15, 15:16
الشبهة السابعة: إستدلالهم ببعض أقوال أهل العلم الذين اعتبروا تحكيم القوانين كفر أكبر


رد الشبهة


أولا:مسألة الحكم بالقوانين الوضعية تعد من المسائل الكبيرة الشائكة التي اشتد نزاع أهل العلم فيها في هذا العصر-وإن كنت لا أرى أنها من مسائل الخلاف المعتبر-؛ حيث ذهب فريق من أهل العلم -كالأخوين شاكر، وابن إبراهيم (على قول)، وابن عثيمين (في القديم)، والفوزان، والشيخ بكر أبي زيد- إلى أن تحكيم القوانين الوضعية كفر أكبر يخرج من ملة الإسلام، وذهب آخرون -كابن باز، والألباني، وابن عثيمين (في الأخير)، والعبَّاد، والسدلان- إلى أن تحكيم القوانين الوضعية كفر أصغر لا يخرج من ملة الإسلام.

ثانيا:لو سلمنا لكم جدلا صحة ما ذهب إليه أولائك العلماء فإنه ليس لكم اي حجة في تكفير الحكام وذلك من ستة أوجه:

http://www3.0zz0.com/2007/10/03/15/64744553.gif
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gifالوجه الأولhttp://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif:


ليس كل من وقع في الكفر يعتبر كافرا
لأن قاعدة (أهل السنة) في التفريق بين النوع والعين إنما بنيت على أدلة (عامة) من الكتاب والسنة؛ فهي تنطبق على كل مسلم سواءً كان حاكمًا أو محكومًا، ومن فرق بين الحاكم والمحكوم في اندراجه تحت هذه القاعدة المأخوذة من الكتاب والسنة؛ فعليه بدليل التفريق.

فإذا كان المسلم (العادي) قد يعتذر له من الوقوع في الكفر لمانع –من موانع التكفير- منع من ذلك كالجهل؛ فلا تسقط حقوقه كمسلم –من أخوة ونصرة وتوريث ودفن في مقابر المسلمين..إلخ- حتى لو وقع في الكفر الصريح طالما أن الكفر لم يقع على عينه؛ فمن باب أولى أن يعتذر عن إمام المسلمين وحاكمهم لاسيما وغالبهم جُهَّال! –وهذا أقل ما يقال فيهم- كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله –في فتوى له (قديمة)-:

"وغالب الحكام الموجودين الآن جهلة!، لا يعرفون شيئاً، فإذا جاء إنسان كبير العمامة طويل الأذيال واسع الأكمام وقال له: هذا أمر يرجع إلى المصالح، والمصالح تختلف بحسب الزمان والمكان والأحوال، والنبي http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif قال: (أنتم أعلم بأمور دنياكم)، ولا بأس أن تغيروا القوانين التي كانت مقننة في عهد الصحابة وفي وقت مناسب إلى قوانين توافق ما عليه الناس في هذا الوقت؛ فيحللون ما حرم الله، ... ثم يقولون: اكتب هذه المادة!؛ فيكون هذا جاهلاً" اهـ. من "لقاءات الباب المفتوح" رقم (87) الوجه (ب) الدقيقة (00:28:24).

وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية -في "فتاواه" (12/500-501)- على عموم هذه القاعدة على (كل المسلمين) بلا استثناء؛ فقال: "فتكفير (المعيّن)- من هؤلاء الجهّال وأمثالهم- بحيث يحكم عليه أنه من الكفار- لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل، وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر. وهكذا الكلام في تكفير (جميع المعيّنين). ... فليس لأحد أن يكفّر (أحدًا) من المسلمين-وإن أخطأ وغلط- حتى تُقَامَ عليه الحجة، وتُبَيَّنَ له المحجة. ومن ثبت إيمانه بيقين، لم يزل ذلك عنه بالشك؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة"اهـ.

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/466 ) :
« وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط ؛ حتى : تقام عليه الحجة ,
وتبين له المحجة ,ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزُل ذلك عنه بالشكّ ؛ بل لا يزول إلا :
بعد إقامة الحجة , وإزالة الشبهة » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/487 ) :
« . . . كلّما رأوهم قالوا : ( من قال كذا فهو كافر ) , اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكلّ من قاله , ولم يتدبروا أن التكفير لـه شروط وموانع قد تنتفي في حق المُعَيّن , وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المُعَيّن إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع .
يُبيِّن هذا :
أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه » انتهى .

فائدة :
شروط التكفير أربعةٌ , تقابلها أربعٌ من الموانع ؛ وهي :
1. توفر العلم وانتفاء الجهل .
2. وتوفر القصد وانتفاء الخطإ .
3. وتوفر الاختيار وانتفاء الإكراه .
4. وانعدام التأويل السائغ , والمانع المقابل له هو : وجود التأويل السائغ .
http://www3.0zz0.com/2007/10/03/15/64744553.gif
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gifالوجه الثانيhttp://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif:


لا بد أن يكون الكفر الصريح لا يحتمل التأويل
أخرج الشيخان في «صحيحيهما» من حديث عبادة بن الصامت http://majles.alukah.net/images/smilies/radia.gif قال:
دَعَانَا النَّبِيُّ ص؛ فَبَايَعْنَاهُ؛ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا ... أَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ ((إِلا)):
[1]- أَنْ تَرَوْا [2]- كُفْرًا [3]- بَوَاحًا [4]- عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ

◄ وأفاد قوله: «بواحا»:
1- أنه يشترط أن يكون ذلك الكفر صريحًا ظاهرًا حُكْمُه عند أهل العلم؛ بألا يكون محتملاً لتأويل؛ قال الخطابي: «معنى قوله بواحًا: يريد ظاهرا باديا»اهـ. وزاد الشنقيطي: «لا لبس فيه»اهـ. أي أنه لا يخفى على أحد أن هذا –الذي وقع فيه الحاكم- كفر غير محتمل لتأويل.
2- أنه لا يكون الفعل كفرًا بواحًا إذا اختلف أهل العلم فيه؛ إما لاحتماله التأويل أو لاختلافهم في التكفير به أصلاً!. فإذا لم يُجْمَع على كونه: ◄(كفرًا) ◄(ظاهرًا) ◄(غير محتمل للتأويل)؛ لم يُخْرَج عليه؛ لأن ذلك أيضًا مدعاة لانقسام الناس إلى مُوَالٍ له ومنازع!؛ وفي هذا فتنة للأمة
ومسألة الحكم بالقوانين إختلف فيها العلماء وهذا الخلاف في ذاته مانع من موانع التكفير
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 16/434 ) :
« فليس كل مخطيء كافراً ؛ لا سيما في المسائل الدقيقة التي كثر فيها نزاع الأمة » انتهى .

http://www3.0zz0.com/2007/10/03/15/64744553.gif
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gifالوجه الثالثhttp://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif:


دعا ثلاثة من الخلفاء -وهم المأمون والمعتصم والواثق- إلى الكفر الصريح!؛ وهو القول بخلق القرآن؛ قال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيين: "أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم... [أن] من زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر"اهـ. أخرجه اللالكائي في "الاعتقاد".

فألزم هؤلاء الخلفاء الناس بذلك الكفر، مع أن قولهم كذب على الله وافتراء عليه، بل وحكم بغير ما انزل الله في التشريع العام –على اصطلاح البعض!-، فهل هناك تبديل للشرع أكبر من ذلك؟!؛ فإن لم يكن هذا تبديل للشرائع وتغيير للأحكام؛ فليس هناك تبديل ألبتة!؛ بل إن هذا أشد أنواع التبديل على الإطلاق كما قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} وقال: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ}.

فهؤلاء الخلفاء عاقبوا من خالفهم من العلماء بالقتل والضرب والحبس والعزل عن الولايات وأنواع الإهانة!، وقطعوا أرزاق من يخالفهم من بيت المال!، وبرغم كل ذلك؛ لم يقل أحد –من أهل السنة- بسقوط ولايتهم أو الخروج عليهم. بل ثبت عنهم خلاف ذلك كله؛ فكان فعلهم هذا منقبة من أهم مناقبهم التي يرويها عنهم أهل العلم في كتب الاعتقاد وغيرها.

قال حنبل : "اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلي أبي عبد الله [يعني: الإمام أحمد] وقالوا له: إن الأمر قد تفاقم وفشا -يعنون: إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك-، ولا نرضي بإمرته ولا سلطانه!؛ فناظرهم في ذلك، وقال: عليكم بالإنكار في قلوبكم ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دمائكم ودماء المسلمين معكم وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريحَ بَرٌ، ويُسْتَراحَ من فاجر. وقال ليس هذا [يعني: نزع أيديهم من طاعته] بصواب، هذا خلاف الآثار" اهـ عن "الآداب الشرعية" لابن مفلح (1/196)، وانظر "السنة" للخلال (1/133-134).

قال الشيخ ابن برجس في "معاملة الحكام" ص (9): "فهذه صورة من أروع الصور التي نقلها الناقلون، تبين مدي اهتمام السلف بهذا الباب، وتشرح –صراحة- (التطبيق العملي) لمذهب أهل السنة والجماعة فيه" أهـ.

وفي ذلك يقول شيخ الإسلام -في "مجموع الفتاوى" (7/507-508)-: "مع أن أحمد لم يكفر أعيان الجهمية، ولا كل من قال إنه جهمي كفره، ولا كل من وافق الجهمية في بعض بدعهم؛ بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا إلى قولهم وامتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة. لم يكفرهم أحمد وأمثاله بل كان يعتقد إيمانهم (((وإمامتهم))) ويدعو لهم ويرى الإئتمام بهم في الصلوات خلفهم والحج والغزو معهم والمنع من الخروج عليهم ((ما يراه لأمثالهم من الأئمة)) وينكر ما أحدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم وإن لم يعلموا هم أنه كفر وكان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب الإمكان فيجمع بين طاعة الله ورسوله في إظهار السنة والدين وإنكار بدع الجهمية الملحدين وبين رعاية حقوق المؤمنين من الأئمة والأمة وإن كانوا ((جهالاً مبتدعين)) وظلمة فاسقين" أهـ.

http://www3.0zz0.com/2007/10/03/15/64744553.gif
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gifالوجه الرابعhttp://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif:

* وقد نقل ((الإجـمـاع)) -على هذا الفهم- كل من العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، والعلامة القرآني محمد الأمين الشنقيطي:


1- فقال الشيخ عبد اللطيف - كما في "الدرر السنية" (8/378-388)-:

" ... ولم يَدْرِ هؤلاء المفتونون أن أكثر ولاة أهل الإسلام من عهد يزيد بن مُعَاوِيَة -حاشا عُمَر بن عبد العزيز ومن شاء الله من بني أمية- قد وقع منهم من الجرأة والحوادث العظام والخروج والفساد في ولاية أهل الإسلام، ومع ذلك فسيرة الأئمة الأعلام والسادة العظام معهم معروفة مشهورة، لا ينْزعونَ يدًا من طاعة فيما أمر الله به ورسوله من شرائع الإسلام، وواجبات الدين. وأضربُ لك مثلاً ...الطبقة الثانية من أهل العلم، كأحمد بن حنبل، وَمُحَمَّد بن إسْمَاعيل، وَمُحَمَّد بن إدريس، وَأَحْمَد بن نوح، وإسحاق بن راهويه، وإخوانهم... وقع فِي عصرهم من الملوك ما وقع من البدع العظام وإنكارالصفات، ودُعُوا إلى ذَلِكَ، وامتُحِنُوا فيه، وقُتِلَ من قُتِلَ، كمحمد بن نصر، ومع ذَلِكَ، فلا يُعْلَم أنَّ أحدًا منهم نزَعَ يدًا من طاعة ولا رأى الخروج عليهم" اهـ باختصار.



2- وقال الشيخ الشنقيطي في "تفسيره"/طـ المجمع (1/81-82 باختصار): "قال بعض العلماء: إذا صار فاسقا أو داعيا إلى بدعة جاز القيام عليه لخلعه، و(التحقيق) -الذي لا شك فيه- أنه لا يجوز القيام عليه لخلعه إلا إذا ارتكب كفرا بواحًا عليه من الله برهان" ثم نقل بعض الأحاديث الدالة على ذلك، ثم قال: "فهذه النصوص تدل على منع القيام عليه -ولو كان مرتكبا لما لا يجوز- إلا إذا ارتكب الكفر الصريح الذي قام البرهان (الشرعي) -من كتاب الله وسنة رسوله http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif- أنه كفر بواح؛ أي: ظاهر باد لا لبس فيه. وقد دعا المأمون والمعتصم والواثق إلى بدعة القول: بخلق القرآن وعاقبوا العلماء من أجلها بالقتل والضرب والحبس وأنواع الإهانة، ولم يقل أحد بوجوب الخروج عليهم بسبب ذلك، ودام الأمر بضع عشرة سنة حتى ولي المتوكل الخلافة، فأبطل المحنة، وأمر بإظهار السنة"اهـ.



http://www3.0zz0.com/2007/10/03/15/64744553.gif
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gifالوجه الخامسhttp://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif:


الكلام في المسألة من حيث هي مسألة يختلف عن الكلام في الأعيان
قال الشيخ ابن العثيمين :الحكم على مسألة بالحكم الذي ينطبق عليها غير الحكم على شخص معين.فالمهم؛ يجب على طلبة العلم أن يعرفوا الفرق بين الحكم على المسألة من حيث هي مسألة، وبين الحكم على الحاكم بها؛ لأن الحاكم المعين قد يكون عنده من علماء السوء من يلبّس عليه الأمور، وغالب حكام المسلمين اليوم ليس عندهم علم بالشرع، فيأتيهم فلان يُمَوِّه عليهم ، وفلان يموِّه عليهم ، ألم تر أن بعض علماء المسلمين المعتبرين قال: جميع مسائل الحياة ليس للشرع فيها تدخّل! واشتبه عليهم الأمر بقوله صلى الله عليه وسلم: «أنتم أعلم بأمور دنياكم»! قال هذا رجال نشهد لهم بالصلاح ، ولكن تلبّس عليهم، وهم لو تأملوا الأمر؛ لوجدوا أن هذا بالنسبة للمصانع والصنعة وما أشبه ذلك؛ لأن الرسول تكلم عن تأبير النخل، وهم أعلم به؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أتى من مكة، ما فيها نخل ولا شيء ، ولا يعرفه ، فلما رأى هؤلاء يصعدون إلى النخل ويأتون بلقاحه، ثم يؤبِّرون النخلة ويلقِّحونها ، فيكون فيه تعب وعمل، قال : «ما أظن ذلك يغني شيئاً»؛ فتركوه سنة، ففسدت النخلة، فأتوا إليه، فقالوا: يا رسول الله فسد التمر! قال: «أنتم أعلم بأمور دنياكم» ، ليس بأحكام دنياكم، لكن بأمور دنياكم، ثم الناس يلبّسون الآن، ألم تروا بعض العلماء في بلاد ما أباحوا الربا الاستثماري؟ وقالوا: المحرم الربا الاستغلالي، وشبهته قوله -تعالى-: { فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} [ البقرة: 279] .
الحاكم إذا كان جاهلاً بأحكام الشريعة ، وجاءه مثل هذا العالم، أليس يضله؟

جمال البليدي
2008-11-15, 15:16
http://www3.0zz0.com/2007/10/03/15/64744553.gif
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gifالوجه السادسhttp://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif:

أن هذا المذهب هو مذهب الأئمة في كل عصر، ولا يُعْلَمُ لهم مخالف (من أهل السنة)؛ فواقعنا الذي نعيشه الآن ((واقع مُكَرَّر)) بمعنى الكلمة!، وهذا الواقع قد عايشه جميع أئمة الإسلام وتَكَرَّرَ أمام أعينهم في أزمان عديدة خلال فترة لا تقل عن ستمائة عام سبقت؛ أي منذ دخول التتر بلاد الإسلام، وإليك بعض الأمثلة التاريخية التي تشير إلى وجود مثل حكام زماننا فيما سبق من القرون:

1- جاء في القاموس الإسلامي -التابع لوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية ص (48) نقلاً عن الموقع الرسمي (http:\www.al-islam.com (http://%5cwww.al-islam.com/)) بإشراف معالي الوزير الشيخ/صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ- جاء فيه:
أن "القوانين التي وضعها جنكيز خان ورتب فيها أحكاما وحدد فيها حدودا...كانت هي لب القانون الذي يطبق في الخلافات بين المماليك في عصر سلاطين المماليك.‏..."اهـ باختصار.

2- وقال المؤرخ الشهير يوسف بن تغري بردي -في "النجوم الزاهرة" (7/182)- :
(كان الملك الظاهر [بيبرس] رحمه الله يسير على قاعدة ملوك التتار وغالب أحكام جنكزخان من أمر اليسق والتورا..)اهـ.

3- وقال محمد فريد بك المحامي -في "تاريخ الدولة العثمانية"ص (177-178) نقلاً عن كتاب "التبيين والتفصيل في مسألتي التقنين والتبديل" لأبي عمر العتيبي- قال عند ذكر الترتيبات الداخلية للسلطان (محمد الفاتح):
"ووضع أول مبادئ القانون المدني وقانون العقوبات فأبدل العقوبات البدنية أي السن بالسن والعين بالعين وجعل عوضها الغرامات النقدية بكيفية واضحة أتمها السلطان سليمان القانوني الآتي ذكره"اهـ.

أقول: ولم يُعْلَم أن أحدًا من أهل العلم -ممن عاصر هؤلاء الحكام الذين حكموا بالياسق أو بالقوانين- نزَعَ يدًا من طاعة ولا رأى الخروج على هؤلاء الحكام المبدلين لشرع رب العالمين لمجرد أنهم حكموا بغير ما أنزل الله على صورة مكفرة؛ بل قد عُلِمَ منهم نقيض ذلك من الاعتراف بإمامة هؤلاء الحكام، والدعاء لهم، والجهاد معهم، وعدم الخروج عليهم...إلخ.

وكذلك فهذا هو مذهب كل الأئمة الكبار من (أهل السنة) المعاصرين أيضًا؛ فقد سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله -كما في لقاءات الباب المفتوح رقم (51) الوجه (ب) الدقيقة (00:12:41)/بفهرسة أهل الحديث والأثر-:هل ترد موانع التكفير أو ما اشترطه أهل السنة والجماعة في إقامة الحجة على من حكم بغير ما أنزل الله (تشريعاً عاماً)؟.

فأجاب: "كل إنسان فعل مكفراً [فلابد] أن يوجد فيه مانع التكفير، ولهذا جاء في الحديث الصحيح لما سألوه هلننابذ الحكام؟ قال: (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان) فلابد من أن يكون الكفر صريحًا معروفًا لا يحتمل التأويل، فإن كان يحتمل التأويل فإنه لا يكفر صاحبه وإن قلنا إنه كفر. فيفرق بين القول والقائل، وبين الفعل والفاعل، قد تكون الفعلة فسقاً ولا يفسق الفاعل لوجود مانع يمنع من تفسيقه، وقدتكون كفراً ولا يكفر الفاعل لوجود مانع يمنع من تكفيره، وما ضر الأمة الإسلامية في خروج الخوارج إلا هذا التأويل الفاسد، تتأول الخوارج مثلاً أن هذا كفر؛ فتخرج، فالخوارج كانوا مع علي بن أبي طالب على جيش أهل الشام ، فلما وقعت المصالحة بين علي بن أبي طالب وأهل الشام خرجت الخوارج الذين كانوا معه عليه حتى قاتلهم وقتلهم والحمد لله، لكن الشاهد أنهم خرجوا وقالوا: أنت حكمت بغير ما أنزل الله؛ لأنك حكمت البشر، فخرجوا عليه.

فالتأويل الفاسد هو البلاء؛ بلاء الأمة. فقد يكون الشيء غير كفرٍ فيعتقدها هذا الإنسان أنه كفر بواح فيخرج، وقد يكون الشيء كفراً لكن الفاعل ليس بكافر لوجود مانع يمنع من تكفيره، فيعتقد هذا الخارج أنه لا عذر له فيخرج!. ولهذا يجب على الإنسان التحرز من التسرع في تكفير الناس أو تفسيق الناس، ربما يفعل الإنسان فعلاً فسقاً لا إشكال فيه، لكنه لا يدري، فإذا قلت: يا أخي! هذا حرام. قال: جزاك الله خيراً. وانتهى عنه. أليس هذا موجودًا؟!؛ بلى بلا شك إذاً: كيف أحكم على إنسان بأنه فاسق دون أن تقوم عليه الحجة؟.

فهؤلاء الذين تشير إليهم [يعني ممن يحكمون بالقوانين] مما يجري في الساحة بين حكام العرب والمسلمين قد يكونون معذورين فيه لم تُبَيَّن لهم الحجة، أو بينت لهم وجاءهم من يلبس عليهم ويشبه عليهم مثلاً. فلا بد من التأني في الأمر..." اهـ.

جمال البليدي
2008-11-25, 16:58
الشبهة الثامنة:تكفيرهم الحكام بدعوى أنهم طواغيت !

الرد على الشبهة من وجهين
الوجه الأول :
إن أريد بهذا الوصف التكفير , فالتكفير لا يثبت إلا ببرهان ,
وعليه : فلا بدّ من التفصيل وعدم الإجمال .

والتفصيل هو : إيراد السبب الذي بعث على هذا الوصف المراد منه التكفير ؛ لينظر فيه :
أهو سبب موجب للتكفير أم لا ؟
ثم إن أوجب التكفير ؛ فينظر :
هل قامت الحجة على هذا الحاكم الواقع في الكفر أم لا ؟

الوجه الثاني :
أن وصف الشيء بأنه طاغوت لا يلزم منه تكفير كل موصوف به , وبيان هذا من ثلاثة أوجه :

الوجه الأول :
أن الطاغوت يطلق على : ( كل رأس في الضلالة ) , وذلك أنه مشتق من الطغيان الذي هو : مجاوزة الحدّ ؛ وهذا الطغيان قد يكون مكفراً ، وقد لا يصل لحدّ الكفر .

الوجه الثاني :
أن مِنْ أهل العلم مَنْ يُعلّق وصف الشيء بأنه طاغوت بمجرد أن يُتَجاوَز به الحدّ , بدون النظر للموصوف بأنه طاغوت . فساغ إطلاق هذا الوصف باعتبار المُتّخِذ لا بالنظر للمُتّخَذ .
وبرهان ذلك :
أنهم يصفون الجمادات المعبودة من دون الله بأنها طواغيت , ومن المعلوم بداهة أن الجمادات لا توصف بالإسلام ولا بالكفر .

الوجه الثالث :
أن من أهل العلم من أطلق وصف الطاغوت على بعض أهل الذنوب , ولو كان هذا الوصف مكفراً لما ساغ هذا الإطلاق , أو للزم منه تكفيرهم إياهم بتلك الذنوب .

وبياناً لما سبق تقريره ؛ فإني أقول :
إن وصف الطاغوت له حالتان :

الحالة الأولى :
أن يكون اسم فاعل : بحيث يطلق على من وقع منه الطغيان ؛ بأن تجاوزَ - هو - حدَّهُ . وهذا طاغوت بالنظر لفعله , وهذا الطاغوت قد يكون كافراً , وقد لا يكون كذلك ؛ بحسب نوع الطغيان الذي وقع منه .

الحالة الثانية :
أن يكون اسم مفعول : بحيث يطلق على من طُغِيَ فيه ؛ بأن تجاوزَ به الناسُ الحدَّ . وهذا طاغوت بالنظر لمُتَّخِذِيْهِ . وهذا الطغيان : قد يكون كفراً ، وقد لا يكون كذلك . ثم إن هذا المُتَّخَذَ : لا يَلْحَقُهُ الذمُّ إلا إذا رَضِيَ .

وتلخيصاً لما سبق :
لا بدّ قبل تكفير الموصوف بأنه طاغوت من النظر في مسألتين :

المسألة الأولى :
هل وصل به الحد في الطغيان للكفر ؟ أم لا ؟ وهذا يسلتزم التفصيل في طغيانه .

المسألة الثانية : هل سُمّي طاغوتاً لتجاوزه الحدّ ؟ أو لتجاوز الناس به الحدّ ؟ وهنا يُنظر : هل رضِيَ ؟ أم لا ؟وهذا يستلزم التفصيل في حاله .
نُقولٌ على ما نَقول
بيان عدم جواز التكفير بلا برهان
يكفي في ردع المكفر بلا برهان حديثُ ابن عمر - رضي الله عنهما - ( خ : 6104 - م : 213 واللفظ له ) :
« أيما امريء قال لأخيه ( يا كافر ) : فقد باء بها أحدهما ؛ إن كان كما قال وإلا رجعت عليه [34] (http://saaid.net/ahdath/wj1.htm#%5B34%5D) » .
بيان أن الطاغوت يطلق على كل رأس في الضلال
قال العلامة القرطبي - رحمه الله - ( تفسيره 5/75 ، تحت آية النحل 36 : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) :
« أي : اتركوا كل معبود دون الله ؛ كالشيطان , والكاهن , والصنم , وكل من دعا إلى الضلال » انتهى .

وقال العلامة الفيروز آبادي - رحمه الله - ( القاموس ، مادة : طغا ) :
« والطاغوت : اللات , والعزى , والكاهن , والشيطان , وكل رأس ضلال , والأصنام، وما عبد من دون الله , ومردة أهل الكتاب » انتهى .
بيان أن أهل العلم يعلقون وصف الطاغوت بمجرد الاتّخاذ لا بالنظر لهذا المُتّخَذ ,
ولذلك يصفون به بعض الجمادات
قال العلامة ابن الجوزي - رحمه الله - ( نزهة الأعين النواظر ص 410 ، باب الطاغوت ) :
« وقال ابن قتيبة :
كل معبود ؛ من حجر , أو صورة , أو شيطان : فهو جبت وطاغوت . وكذلك حكى الزجاج عن أهل اللغة » انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( فتاواه 16/565 ) :
« وهو اسم جنس يدخل فيه : الشيطان , والوثن ، والكهان , والدرهم , والدينار , وغير ذلك » انتهى .

وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله - ( أعلام الموقعين 1/50 ) :
« والطاغوت : كل ما تجاوز به العبد حده من معبود , أو متبوع , أو مطاع » انتهى .

وقال الإمام ابن عثيمين تعليقاً على كلام ابن القيم - رحمهما الله - ( القول المفيد 1/30 ) :
« ومراده : من كان راضياً . أو يقال : هو طاغوت باعتبار عابده , وتابعه , ومطيعه ؛ لأنه تجاوز به حده حيث نزّله فوق منزلته التي جعلها الله لـه , فتكون عبادته لهذا المعبود , واتباعه لمتبوعه , وطاعته لمطاعه : طغياناً ؛ لمجاوزته الحد بذلك » انتهى .
بيان إطلاق بعض أهل العلم وصف الطاغوت على بعض أهل الذنوب غير المكفرة
قال العلامة الراغب الأصفهاني - رحمه الله - ( مفرداته ص 108 ، مادة : طغى ) :
« الطاغوت عبارة عن : كل متعدٍّ , وكل معبود من دون الله . . .
ولما تقدم : سُمّي الساحر , والكاهن , والمارد من الجن , والصارف عن طريق الخير : طاغوتاً » انتهى .

وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ( الدرر 1/137 ) :
« والطواغيت كثيرة , والمتبين لنا منهم خمسة : أولهم الشيطان , وحاكم الجور , وآكل الرشوة , ومن عُبدَ فرضِيَ , والعامل بغير علم » انتهى .

وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - ( شرح الأصول الثلاثة ص 151 ) :
« وعلماء السوء الذين يدعون إلى الضلال والكفر , أو يدعون إلى البدع , أو إلى تحليل ما حرم الله , أو تحريم ما أحل الله : طواغيت » انتهى .

جمال البليدي
2008-11-25, 16:59
الشبهة التاسعة : قياسهم القوانين الوضعية بقانون الياسق


يتشبث هؤلاء المكفرين بما قاله الإمام ابن كثير في التحاكم إلى الياسق وإليك الأقوال التي يتشبثون بها

قال الإمام ابن كثير في تفسيره(2-90) : ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم...وعدل إلى ما سواه من الأراء والأهواء والإصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مشتند من شريعة الله...كما يحكم بها التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جينكيزخان الذي وضع لهم"الياسق" وهو كتاب مجموع من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها وفيها الكثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل وكثير ,قال الله تعالى"أفحكم الجاهلية يبغون..."

وقال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية (13/119): (من ترك الشرع المحكّم المنـّزل على محمد خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه، ومن فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين).

أقول :
والرد على هذا الإستشهاد من أوجه :


الوجه الأول :


ما فعله جنكيزخان كفر بواح عندنا عليه من الله برهان؛ لأنه استحلال للحكم بغير ما أنزل الله للأمور الآتية:
الأول : أن جنكيزخان كان مشركاً بالله -أصلاً- يعبد معه غيره ولم يكن مسلماً ؛ فهو كافر أصلي.
الثاني: أن «الياسا» خليط ملفّق من اليهودية والنصرانية وشيء من الملة الإسلامية وأكثرها أهواء جنكيزخان؛ كما سيأتي من قول الحافظ ابن كثير نفسه.
الثالث: أن المتحاكمين إليها أو الحاكمين بها يقدّمونها على شرع الله المنزل على محمد خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، أو يساوونه به؛ أو ينسوبنها لله تعالى كما فصل ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في «مجموع الفتاوى» (28/523): « يجعلون دين الإسلام كدين اليهود والنصارى ، وأنها كلها طرق إلى الله ، بمنزلة المذاهب الأربعة عند المسلمين، ثم منهم من يرجِّح دين اليهود أو دين النصارى ، ومنهم من يرجِّح دين المسلمين».
وقال - أيضاً- :«حتى إن وزيرهم هذا الخبيث الملحد المنافق صنف مصنفاً مضمونه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رضي بدين اليهود والنصارى، وأنه لا ينكر عليهم، ولا يذمون، ولا ينهون عن دينهم، ولا يؤمرون بالانتقال إلى الإسلام»
وقال -أيضاً-(28/521): « كما قال أكبر مقدميهم الذين قدموا إلى الشام، وهو يخاطب المسلمين ويتقرب إليهم بأنا مسلمون، فقال: هذان آيتان عظيمتان جاءا من عند الله: محمد وجنكستان، فهذا غاية ما يتقرب به أكبر مقدميهم إلى المسلمين؛ أن يسوي بين رسول الله وأكرم الخلق عليه، وسيد ولد آدم، وخاتم المرسلين، و بين ملك كافر مشرك من أعظم المشركين كفراً وفساداً وعدواناً من جنس بختنصر وأمثاله».
وقال -أيضاً-: «وذلك أن اعتقاد هؤلاء التتار كان في جنكستان عظيماً؛ فإنهم يعتقدون أنه ابن الله من جنس ما يعتقده النصارى في المسيح ، ويقولون: إن الشمس حَبَّلَت أمه، وأنها كانت في خيمة؛ فنزلت الشمس من كوة الخيمة؛ فدخلت فيها حتى حَبِلت، ومعلوم عند كل ذي دين أن هذا كذب، وهذا دليل على أنه ولد زنا، وأن أمه زنت فكتمت زناها، وادعت هذا حتى تدفع عنها معرة الزنا».
وقال -أيضاً- (28/521-522): «وهم مع هذا يجعلونه أعظم رسول عند الله في تعظيم ما سنّه لهم، وشرعه بظنه وهواه ، حتى يقولوا لما عندهم من المال: هذا رزق جنكسخان، ويشكرونه على أكلهم وشربهم، وهم يستحلون قتل من عادى ما سنه لهم هذا الكافر الملعون المعادي لله ولأنبيائه ورسوله وعباده المؤمنين».

وقال الذهبي في سير الأعلام(22/228) : (ودانت له قبائل المغول ووضع له ياسة يتمسكون بها لا يخالفونها ألبتة وتعبدوا بطاعته وتعظيمه)
وقال السيوطي :( واستقل جنكيزخان ودانت له التتار وانقادت له واعتقدوا فيه الألوهية) تاريخ الخالفاء(1/427)
وقال السبكي –طبقات الشافعية (1/332-333)-حاكيا عن جنكيزخان أنه :( أمر أولاده بجمع العساكر واختلى بنفسه في شاهق جبل مكشوف الرأس وافقا على رجليه لمدة ثلاثة أيام على ما يقال فزعم –عثره الله-أن الخطاب آتاه بأنك مظلوم واخرج تنتصر على عدوك وتملك الأرض برا وبحرا وكان يقول : الأرض ملكي والله ملكني إياها). وقال-الطبقات(1/329)-(ولا زال أمره يعظم ويكبر وكان من أعقل الناس وأخبرهم بالحروب ووضع لهم شرعا اخترعه ودينا ابتدعه –لعنه الله-"الياسا" لا يحكمون إلا به وكان كافرا يعبد الشمس)

وقال الإمام ابن كثير –البداية والنهاية(13/118) :(ذكر بعضهم أنه كان يصعد الجبل ثم ينزل ثم يصعد ثم ينزل مرارا حتى يعي ويقع مغشيا عليه ويأمر من عنده أن يكتب ما يلقى على لسانه حينئذ....فالظاهر أن الشيطان كان ينطق على لسانه بما فيها وذكر الجويني أن بعض عبادهم كان يصعد الجبال..للعبادة فسمع قائلا يقول : إنا قد ملكنا جنكيزخان وذريته وجه الأرض’قال الجويني :فمشايخ المغول كانوا يصدقون بهذا ويأخذونه مسلما))
هذه أحوال التتار عند مَن عاصرهم وعرفهم ، ولذلك نقل الحافظ ابن كثير -رحمه الله- إجماع المسلمين على كفرهم وهو الحق المبين؛ فهو خاص بملوك التتر، ومن كان مثلهم.


الوجه الثاني :


وصف ابن كثير أحكام الياسق ب(الشرع) يتضح معناه بوصف السبكي- الطبقات(1/329)- :( ووضع لهم شرعا اخترعه ودينا ابتدعه)) دليل على إستحلالهم لهذه الأحكام الجاهلية يجعلها دينا من عند الله وهذا كفر,قال ابن العربي في "أحكام القرآن" (2/624): "إن حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل يوجب الكفر".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية(والشرع المبدل: هو الكذب على الله ورسوله أو على الناس بشهادات الزور ونحوها والظلم البين، فمن قال: إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع). وقال الجصاص(من حكم بغير ما أنزل الله ثم قال إن هذا حكم الله فهو كافر كما كفرت بنو إسرائيل حين فعلوا ذلك)اه
جاء في شريط الدمعة البازية لابن باز :
(قال الشيخ سلمان : ابن كثير ـ فضيلة الشيخ ـ نقل في البداية والنهاية الإجماع على كفره كفرا أكبر .
فقال الإمام ابن باز : لعله إذا نسبه إلى الشرع )

وجاء أيضا :
(قال الشيخ ابن جبرين ـ حفظه الله ـ : هم يجعلونه بدل الشرع ، ويقولون هو أحسن وأولى بالناس ، وأنسب لهم من الأحكام الشرعية .
فقال الإمام ابن باز : هذا كفر مستقل ، إذا قال إن هذا الشيء أحسن من الشرع أو مثل الشرع أو جائز الحكم بغير ما أنزل الله يكون كفرا أكبر .)

الوجه الثالث :

تكفير ابن كثير لهؤلاء المتحاكمين مشروط بالتقديم الذي هو التفضيل ويظهر هذا في قوله( فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن فعل ذلك منهم فهو كافر) وكذا قوله( فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه).
والتقديم هنا : يعني التفضيل وهو عمل في القلب يكفر صاحبه ولا تعني كلمة التقديم هنا التقديم الظاهري بالحكم بغير حكم الله,وإلا للزم منه أن يكون الذي يحكم بغير حكم الله –ولو في قضية واحدة !-مقدما لحكمه على حكم الله,فليزم دخوله في هذا الإجماع وتكفيره بذلك ! وهذا باطل قطعا ,ويؤيد ما قررت : أن ابن كثير ذكر التقديم في البداية والنهاية مقرونا بالتحاكم إلى الياسق فدل هذا على أن التحكام يختلف عن التقديم إذ لو كان التقديم هو مجرد التحاكم لكان تكرار ليس له معنى قال ابن اكثير ( فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه ) ومنه الكفر يقع على المتحاكم الذي يقدم (يفضل) شرع الله على غيره وليس مجرد التحاكم فقط بل يشترط التفضيل الذي هو من الإستحلال الذي لا يكون إلا في كفر الأصغر كما تقدم هذا في الرد على الشبهة السادسة ولله الحمد والمنة .
وقد يقول قائلا : فكيف عرف العلماء أنهم كانوا يقدمون الياسق على الشريعة تقديما قلبيا؟؟؟
الجواب : لتصريحهم بذلك ولوجود القرائن الدالة على ذلك فقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية أنهم صرحوا وقالو" هذان آيتان عظيمتان جاءا من عند الله: محمد وجنكستان" وصرحوا بأن" دين الإسلام كدين اليهود والنصارى ، وأنها كلها طرق إلى الله ، بمنزلة المذاهب الأربعة عند المسلمين، ثم منهم من يرجِّح دين اليهود أو دين النصارى ، ومنهم من يرجِّح دين المسلمين وهذا القول فاش غالب فيهم ختى في فقهائهم وعبادهم ". وعليه فهؤلاء حكموا بهذه القوانين على أنها من عند الله بل على أنها أفضل من الإسلام وهذا كفر بالإجماع كما تقدم .
الوجه الرابع :


أما قول الإمام ابن كثير" من ترك الشرع المحكّم المنـّزل على محمد خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر" ليس على إطلاقه فلأهل العلم تفصيل في المتحاكم للشرائع المبدلة (والتي هي بداهة أشد من المنسوخة)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحلّ الله يكونون على وجهين:

أحدهما: أن يعلموا أنهم بدّلوا دين الله فيتّبعونهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤساهم، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شركاً وإن لم يكونوا يصلّون لهم ويسجدون لهم، فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركاً مثل هؤلاء.

والثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال وتحليل الحرام ثابتاً، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب،) ومنه يحمل كلام ابن كثير على التغليط وقيد الإعتقاد الذي جاء في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية فمن حكم بغير حكم ما أنزل الله معتقدا أنه أفضل من حكم الله أم أنه مساويه أم أنه من عند الله فهو كافر بخلاف من حكم بغير حكم الله مع إعترافه بالخطأ.

الوجه الخامس :


لقد أجمع أهل السنة والجماعة على أن ترك الحكم بغير ما أنزل الله مع الإيمان بأصله ليس بكفر ولا شرك مخرج من الملة وإنما كبيرة :
قال الإمام السمعاني (المتوفى سنة :510) (واعلم أن الخوارج يستدلون بهذه الآية، ويقولون: من لم يحكم بما أنزل الله؛ فهو كافر، وأهل السنة قالوا: لا يكفر بترك الحكم).
وقال الإمام القرطبي رحمه الله(هذه الآيات-آيات المائدة-المراد بها أهل الكفر والعناد وإنها وإن كانت ألفاظها عامة فقد خرج منها المسلمون لأن ترك العمل بالحكم مع الإيمان بأصله هو دون الشرك وقد قال تعالى"إن الله لا يغر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" وترك الحكم بذلك ليس شرك بالإتفاق فيجوز أن يغفر والكفر لا يغفر فلا يكون ترك العمل بالحكم كافرا)) فبناءا على هذه الإجماعات المتقدمة عن إجماع ابن كثير ينبغي أن يفهم ويوجه الإجماع المنقول عن كفر من تحاكم إلى الياسق على الإجماع السابق الذي ذكره السمعاني والقرطبي حتى لا تتعارض الإجماعات ومنه فإن إجماع ابن كثير في تكفير التحاكم إلى الياسق يحمل على من فضل هذا الحكم على حكم الله أي قدمه عليه أو استحله كما هو معلوم وهذا ما عليه أكثر أهل العلم
قال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ (المتوفى سنة : 1293)
في "منهاج التأسيس" ( ص 71): وإنما يحرُم إذا كان المستند إلى الشريعة باطلة تخالف الكتاب والسنة، كأحكام اليونان والإفرنج والتتر، وقوانينهم التي مصدرها آراؤهم وأهوائهم، وكذلك البادية وعادتهم الجارية... فمن استحل الحكم بهذا في الدماء أو غيرها؛ فهو كافر)
وقال العلامة سليمان بن سمحان شارحا ذلك كما في مجموعة الرسائل(3/309) : يعني أن استحل الحكم بغير ما أنزل الله ورأى أن حكم الطاغوت أحسن من حكم الله,وأن الحضر لا يعرفون لا يعرفون إلا حكم المواريث,وأن ما هو عليه من السوالف والعادات هو الحق,فمن اعتقد هذا فهو كافر.وأما من لم يستحل هذا,ويرى أن حكم الطاغوت باطل,وأن حكم الله ورسوله هو الحق,فهذا لا يكفر ولا يخرج من الإسلام)
قلت : وقد بينت معنى الإستحلال في الرد على الشبهة السادسة فليراجع .

والخلاصة مما سبق :

جنكيزخان إخترع دينا ونسبه إلى الله تعالى وزعم أنه من وحيه وقد إختار لنفسه الشمس يعبدها ليتقرب إلى الله وطلب من رعيته أن يتقربوا إلى الله بما شاؤوا ثم إنهم كانوا يعتقدون فيه النبوة وأن شرعه موحى من الله ففضلوه على الكتاب والسنة وأعتبروه خير من الإسلام كما صرحوا بذلك ومنه لا علاقة لهذه الأمور الكفرية بالقوانين الوضعية الموجودة الآن فالقياس فاسد إذ أن المتاحكمين إلى القوانين لن يصرحوا على أنها من عند الله ولا على أنها أفضل من شرع الله .

ليتيم الشافعي
2008-11-26, 10:32
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخى جمال وجزاك الله خيرا

جمال البليدي
2008-11-26, 20:39
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخى جمال وجزاك الله خيرا

وفيك بارك الله أخي الحبيب وشكر الله لك سعيك ودفاعك عن أهل السنة في المنتدى.

جمال البليدي
2008-11-26, 20:42
الشبهة العاشرة: إستدلالهم بفتوى العلامة ابن ابراهيم رحمه الله


يستدل هؤلاء المكفرين للحكام بفتوى للعلامة ابن ابراهيم التالية:
( وأما الذي قيل فيه أنه كفر دون كفر إذا حاكم إلى غير الله مع اعتقاده أنه عاص وأن حكم الله هو الحق فهذا الذي يصدر منه المرة ونحوها، أما الذي جعل قوانين بترتيب وتخضيع فهو كفر وإن قالوا أخطأنا وحكم الشرع أعدل، فهذا كفر ناقل عن الملة). (فتاوي الشيخ محمد بن ابراهيم 12/280).

وإنطلاقا من هذه الفتوى زعم أولائك التكفيرين أن الحكام بالقوانين كفار كفر أكبر
والرد على الفهم السقيم من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول:

إن العلامة ابن باز الذي هو من تلاميذ الشيخ توقف في هذه الفتوى كما في شريط الدمعة البازية وإليكم ما جاء في الشريط:


قال الشيخ سلمان : سماحة الشيخ ـ الشيخ محمد ـ الله يرحمه ـ ابن إبراهيم في رسالته ذكر أن الدول التي تحكم بالقانون دول كفرية يجب الهجرة منها .

فقال الإمام ابن باز : لظهور الشر لظهور الكفر والمعاصي .

فقال الشيخ سلمان : الذين يحكمون بالقانون .

فقال الإمام ابن باز : شفت رسالته ـ الله يغفر له ـ بل يرى ظاهرهم الكفر ، لأن وضعهم للقوانين دليل على رضى واستحلال ، هذا ظاهر رسالته ـ رحمه الله ـ ، لكن أنا عندي فيها توقف ، أنه ما يكفي هذا حتى يعرف أنه استحله ، أما مجرد أنه حكم بغير ما أنزل الله أو أمر بذلك ما يكفر بذلك مثل الذي أمر بالحكم على فلان أو قتل فلان ما يكفر بذلك حتى يستحله ، الحجاج بن يوسف ما يكفر بذلك ولو قتل ما قتل حتى يستحل ، لأن لهم شبهة ، وعبد الملك بن مروان ، ومعاوية وغيرهم ، مايكفرون بهذا لعدم الاستحلال ، وقتل النفوس أعظم من الزنا وأعظم من الحكم بالرشوة .

فقال أحدهم : مجرد وجود الإنسان في بلاد كفر لا يلزمه الهجرة …
فقاطعه الإمام ابن باز قائلا : الهجرة فيها تفصيل ، من أظهر دينه ما يلزمه ، أو عجز ما يلزمه إلا المستضعفين .


الوجه الثاني


كلام العلامة ابن ابراهيم ليس على إطلاقه بل له فتاوى أخرى متأخرة تقيد ماذهب إليه بقيد الإستحلال كما هو شأن جمهور علماء الإسلام
قال العلامة ابن ابراهيم رحمه الله:
«... من تحكيم شريعته والتقيد بها ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي:
[1] من حكم بها - أو حاكم إليها - معتقداً صحة ذلك وجوازه ؛ فهو كافر الكفر الناقل عن الملة ،
[2] وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛ فهو: كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة» انتهى.
وهي موجودة في "مجموع فتاواه" ضمن المجلد االأول ص(80) بتاريخ (9 / 1 / 1385هـ)، وقد كُررت في موضع آخر ضمن المجلد العاشر (النكاح) تحت عنوان: (الزواج بثانية مع وجود الأولى) (القسمة - معارف متنوعة).

وقال رحمه الله:«وأعظم خصال التقوى، وآكدها، وأصلها، ورأسها: إفراد الله تعالى بالعبادة، وإفراد رسوله بالمتابعة فلا يدعى مع الله أحد من الخلق، كائنا من كان، ولا يتبع في الدين غير الرسول ، ولا يحكم غير ما جاء به ولا يرد عند التنازع إلا إليه، وهذا هو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
فيفرد الرب سبحانه وتعالى بجميع أنواع العبادة ... ويفرد الرسول بالمتابعة، والتحكيم عند التنازع؛ فمن دعا غير الله من الأنبياء، والأولياء، والصالحين، فما شهد أن لا إله إلا الله، شاء أم أبى؛
ومن أطاع غير الرسول واتبعه في خلاف ما جاء به الرسول عالما ، وحكّم القوانين الوضعية ، أو حكم بها ، فما شهد أن محمدا رسول الله، شاء أم أبى؛ بل:
[1] إما أن يكون كافرا ،
[2] أو تاركا لواجب شهادة أن محمدا رسول الله» انتهى.
انظره في الدرر السنية (14 /511) ط6/جمع ابن قاسم؛ وهي موجودة في "مجموع فتاواه" ضمن المجلد الثالث عشر (القسمة - معارف متنوعة) بتاريخ (18 / 3 / 1378هـ)!!.
قلت: ومعلوم أن الإستحلال لا يشترطه أهل العلم إلا في الاعمال الغير الكفرية كما بينا ذلك في الرد على الشبهة السادسة

الوجه الثالث:


هب أن الشيخ رحمه الله يرى تحكيم القوانين كفر أكبر(وهذا زعم فاسد) فإن ذلك ليس لكم فيه أي حجة في تكفير الأعيان من الحكام إذ أنه من المقرر عند أهل السنة والجماعة أنه ليس كل من وقع في الكفر يصبح كافرا وذلك لعدة أسباب:
أولا:لأن قاعدة (أهل السنة) في التفريق بين النوع والعين إنما بنيت على أدلة (عامة) من الكتاب والسنة؛ فهي تنطبق على كل مسلم سواءً كان حاكمًا أو محكومًا، ومن فرق بين الحاكم والمحكوم في اندراجه تحت هذه القاعدة المأخوذة من الكتاب والسنة؛ فعليه بدليل التفريق.

فإذا كان المسلم (العادي) قد يعتذر له من الوقوع في الكفر لمانع –من موانع التكفير- منع من ذلك كالجهل؛ فلا تسقط حقوقه كمسلم –من أخوة ونصرة وتوريث ودفن في مقابر المسلمين..إلخ- حتى لو وقع في الكفر الصريح طالما أن الكفر لم يقع على عينه؛ فمن باب أولى أن يعتذر عن إمام المسلمين وحاكمهم لاسيما وغالبهم جُهَّال! –وهذا أقل ما يقال فيهم- كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله –في فتوى له (قديمة)-:

"وغالب الحكام الموجودين الآن جهلة!، لا يعرفون شيئاً، فإذا جاء إنسان كبير العمامة طويل الأذيال واسع الأكمام وقال له: هذا أمر يرجع إلى المصالح، والمصالح تختلف بحسب الزمان والمكان والأحوال، والنبي قال: (أنتم أعلم بأمور دنياكم)، ولا بأس أن تغيروا القوانين التي كانت مقننة في عهد الصحابة وفي وقت مناسب إلى قوانين توافق ما عليه الناس في هذا الوقت؛ فيحللون ما حرم الله، ... ثم يقولون: اكتب هذه المادة!؛ فيكون هذا جاهلاً" اهـ. من "لقاءات الباب المفتوح" رقم (87) الوجه (ب) الدقيقة (00:28:24).
ثانيا:لا بد أن يكون الكفر الصريح لا يحتمل التأويل
ثالثا:دعا ثلاثة من الخلفاء -وهم المأمون والمعتصم والواثق- إلى الكفر الصريح!؛ وهو القول بخلق القرآن؛ ومع هذا لم يكفرهم السلف بل كانوا يرون إمامتهم
رابعا:وقد نقل ((الإجـمـاع)) -على هذا الفهم- كل من العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، والعلامة القرآني محمد الأمين الشنقيطي
خامسا:الكلام في المسألة من حيث هي مسألة يختلف عن الكلام في الأعيان
سادسا:أن هذا المذهب هو مذهب الأئمة في كل عصر، ولا يُعْلَمُ لهم مخالف (من أهل السنة)؛ فواقعنا الذي نعيشه الآن ((واقع مُكَرَّر)) بمعنى الكلمة!، وهذا الواقع قد عايشه جميع أئمة الإسلام وتَكَرَّرَ أمام أعينهم في أزمان عديدة خلال فترة لا تقل عن ستمائة عام سبقت؛ أي منذ دخول التتر بلاد الإسلام

والأدلة على ماذكر في الوجه الثاني تجدها أخي القارئ في ردي على الشبهة السابعة بالتفصيل ولا داعي للتكرار.

جمال البليدي
2008-11-26, 20:44
الشبهة الحادية عشر:إستدلالهم بإحدى فتاوى العثيمين


الشبهة:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ********* http://www.echoroukonline.com/montada/ramden-qafleh/buttons/viewpost.gif (http://www.echoroukonline.com/montada/showthread.php?p=1709467#post1709467)
الشيخ بن عثيمين رحمه الله يكفر من يحكم القوانين الوضعية لاستبدالهم الدين بهذا القانون وقال:" هذا كفر حتى لو صلوا وصاموا وحجو فهم كفار ماداموا عدلوا عن حكم الله واستدل بقوله تعالى:" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم" لان الكفر ببعض الكتاب كفر بالكتاب كله..الشرع لا يتبعض.." انتهى
http://www.archive.org/download/gfggf/444.wmv


رد الشبهة:

بادئ ذي بدأ يجب أن يعلم أن من سنن أهل البدع التمسح بأهل العلم المعروفين بصحة المعتقد وسلامة المنهج فقديماً اجتهدت القدريَّةُ لترويج بدعتها بإلصاقها بأحد كبار أهل العلم، وهو الحسن البصري رحمه الله، قال الآجري رحمه الله: (( اعلموا
ـ رحمنا الله وإياكم ـ أنَّ من القدرية صِنفاً إذا قيل لبعضهم: مَن إمامُكم في مذهبكم هذا؟ فيقولون: الحسن!
وكَذَبوا على الحسن! وقد أجلَّ اللهُ الكريمُ الحسنَ عن مذهب القدرية )). الشريعة (2/879).
قال أيوب السختياني ـ رحمه الله ـ: (( كذب على الحسن ضَرْبان من الناس:
ـ قومٌ القَدَرُ رأيُهم، وهم يريدون أن يُنَفِّقوا بذلك رأيَهم.
ـ وقوم له في قلوبهم شنآنُ وبُغض، يقولون: أليس من قوله كذا؟! أليس من قوله كذا؟!)).
رواه أبو داود (4622)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (1253) بإسناد صحيح.
قال الآجري: (( بطلَتْ دعوى القدرية على الحسن؛ إذ زعموا أنَّه إمامُهم؛ يُموِّهون على الناس، ويَكذِبون على الحسن، لقد ضلُّوا ضلالاً بعيداً، وخسِروا خُسراناً مبيناً )). الشريعة (2/886).


لذلك أقول وبالله وحده أصول وأجول:

أولا:الكلام في المسألة من حيث هي مسألة يختلف عن الكلام في الأعيان وهذا ما عليه العثمين فكلامه كان في المسألة لا بالواقع والأعيان وإليك أخي القارئ فتوى للعلامة العثيمين:

السائل: نعم، ثم لما نقول له: يا أخي ما قالها الشيخ ابن عثيمين ، يقول لك: لكن الشيخ ابن عثيمين- مثلاً- في كتبه قال : التشريع العام: من حكم بغير ما أنزل الله؛ فهو كافر بدون تفصيل، والآن عندنا هذا الحاكم لا يحكم بما أنزل الله؛ فهو كافر، فهمت المسألة يا شيخ؟
الشيخ: فهمنا، أقول - بارك الله فيكم-:الحكم على مسألة بالحكم الذي ينطبق عليها غير الحكم على شخص معين.
فالمهم؛ يجب على طلبة العلم أن يعرفوا الفرق بين الحكم على المسألة من حيث هي مسألة، وبين الحكم على الحاكم بها؛ لأن الحاكم المعين قد يكون عنده من علماء السوء من يلبّس عليه الأمور، وغالب حكام المسلمين اليوم ليس عندهم علم بالشرع، فيأتيهم فلان يُمَوِّه عليهم ، وفلان يموِّه عليهم ، ألم تر أن بعض علماء المسلمين المعتبرين قال: جميع مسائل الحياة ليس للشرع فيها تدخّل! واشتبه عليهم الأمر بقوله صلى الله عليه وسلم: «أنتم أعلم بأمور دنياكم»! قال هذا رجال نشهد لهم بالصلاح ، ولكن تلبّس عليهم، وهم لو تأملوا الأمر؛ لوجدوا أن هذا بالنسبة للمصانع والصنعة وما أشبه ذلك؛ لأن الرسول تكلم عن تأبير النخل، وهم أعلم به؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أتى من مكة، ما فيها نخل ولا شيء ، ولا يعرفه ، فلما رأى هؤلاء يصعدون إلى النخل ويأتون بلقاحه، ثم يؤبِّرون النخلة ويلقِّحونها ، فيكون فيه تعب وعمل، قال : «ما أظن ذلك يغني شيئاً»؛ فتركوه سنة، ففسدت النخلة، فأتوا إليه، فقالوا: يا رسول الله فسد التمر! قال: «أنتم أعلم بأمور دنياكم» ، ليس بأحكام دنياكم، لكن بأمور دنياكم، ثم الناس يلبّسون الآن، ألم تروا بعض العلماء في بلاد ما أباحوا الربا الاستثماري؟ وقالوا: المحرم الربا الاستغلالي، وشبهته قوله -تعالى-: { فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} [ البقرة: 279] .
الحاكم إذا كان جاهلاً بأحكام الشريعة ، وجاءه مثل هذا العالم، أليس يضله؟
السائل: يضلّه.))) اه

قلت: وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - ( فتاواه 12/487 ) :
« . . . كلّما رأوهم قالوا : ( من قال كذا فهو كافر ) , اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكلّ من قاله , ولم يتدبروا أن التكفير لـه شروط وموانع قد تنتفي في حق المُعَيّن , وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المُعَيّن إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع .
يُبيِّن هذا :
أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه » انتهى .


ثانيا:لقد سئل العلامة العثيمين عن هذه الفتوى فبين أنها ليست على إطلاقها إنما يشترط الإستحلال كما بين ان مسائل التكفير من المسائل العظيمة التي لا يبغي للطلاب أن يخوضوا فيها وإليكم الرابط الصوتي:
http://www.fatwa1.com/anti-erhab/Hakmeh/oth_hokom.rm

ثالثا:كلام الشيخ كان مطلقا وليس مقيد ونحن مطالبون بالتفصيل خاصة في مسائل التكفير وإليك أخي القارئ تفصيل الشيخ العثيمين في هذه المسألة(تحكيم القوانين الوضعية):
سُئل في شريط "التحرير في مسألة التكفير" بتاريخ (22/4/1420) سؤالاً مفاده:

إذا ألزم الحاكم الناس بشريعة مخالفة للكتاب والسنة مع اعترافه بأن الحق ما في الكتاب والسنة لكنه يرى إلزام الناس بهذا الشريعة شهوة أو لاعتبارات أخرى، هل يكون بفعله هذا كافراً أم لابد أن يُنظر في اعتقاده في هذه المسألة؟



فأجاب: "... أما في ما يتعلق بالحكم بغير ما أنزل الله؛ فهو كما في كتابه العزيز، ينقسم إلى ثلاثة أقسام: كفر، وظلم، وفسق، على حسب الأسباب التي بُني عليها هذا الحكم، فإذا كان الرجل يحكم بغير ما أنزل الله تبعاً لهواه مع علمه أن بأن الحق فيما قضى الله به ؛ فهذا لا يكفر لكنه بين فاسق وظالم، وأما إذا كان يشرع حكماً عاماً تمشي عليه الأمة يرى أن ذلك من المصلحة وقد لبس عليه فيه فلا يكفر أيضاً، لأن كثيراً من الحكام عندهم جهل بعلم الشريعة ويتصل بمن لا يعرف الحكم الشرعي، وهم يرونه عالماً كبيراً، فيحصل بذلك مخالفة، وإذا كان يعلم الشرع ولكنه حكم بهذا أو شرع هذا وجعله دستوراً يمشي الناس عليه؛ نعتقد أنه ظالم في ذلك وللحق الذي جاء في الكتاب والسنة أننا لا نستطيع أن نكفر هذا، وإنما نكفر من يرى أن الحكم بغير ما أنزل الله أولى أن يكون الناس عليه، أو مثل حكم الله عز وجل فإن هذا كافر لأنه يكذب بقول الله تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾ وقوله تعالى: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾.
رابعا: لقد تقدم أنه ليس كل من وقع في الكفر يعتبر كافرا في الرد على الشبهة السابعة فليراجع

خامسا: لو كنتم تتبعون العلامة العثيمين كما تزعمون فلماذا لم تأخذوا بفتاويه في عدم جواز الخروج على الحكومات؟؟؟
إليكم مناقشة العلامة العثيمين لأحد السائلين:
السائل: بالنسبة للحاكم الجزائري يا شيخ! الآن الشباب الذين طلعوا من السجون أكثرهم لا زال فيهم بعض الدخن، حتى وإن طلعوا من السجون وعُفي عنهم، لكن لا زالوا يتكلمون في مسألة التكفير ، ومسألة تكفير الحاكم بالعين، وأن هذا الحاكم الذي في الجزائر حاكم كافر، ولا بيعة له، ولا سمع ولا طاعة لا في معروف ولا في منكر؛ لأنهم يكفرونهم، ويجعلون الجزائر- يا شيخ -أرض؛ يعني: أرض كفر.
الشيخ : دار كفر؟
السائل: إي، دار كفر، نعم يا شيخ؛ لأنهم يقولون : إن القوانين التي فيها قوانين غربية ، ليست بقوانين إسلامية ، فما نصيحتكم أولاً لهؤلاء الشباب؟ وهل للحاكم الجزائري بيعة، علماً - يا شيخ - بأنه يأتي يعتمر ويظهر شعائر الإسلام؟
الشيخ: يصلي أو لا يصلي؟
السائل: يصلي يا شيخ؟
الشيخ: إذن هو مسلم.
السائل: وأتى واعتمر هنا من حوالي عشرين يوماً أو شهر ، كان هنا في المملكة.
الشيخ: ما دام يصلي؛ فهو مسلم، ولا يجوز تكفيره، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخروج على الحكام قال:«لا؛ ما صلوا»، فلا يجوز الخروج عليه، ولا يجوز تكفيره، من كفره؛ فهذا بتكفيره يريد أن تعود المسألة جذعاً ، فله بيعة، وهو حاكم شرعي.
أما موضوع القوانين؛ فالقوانين يجب قبول الحق الذي فيها ؛ لأن قبول الحق واجب على كل إنسان ، حتى لو جاء بها أكفر الناس، فقد قال الله عز وجل: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا و الله أمرنا بها}. فقال الله -تعالى-: { قل إن الله لا يأمر بالفحشاء} [ الأعراف: 28]. وسكت عن قولهم: { وجدنا عليها آباءنا} ؛ لأنها حق ، فإذا كان- تعالى- قبل كلمة الحق من المشركين؛ فهذا دليل على أن كلمة الحق تقبل من كل واحد، وكذلك في قصة الشيطان لما قال لأبي هريرة: إنك إذا قرأت آية الكرسي لم يزل عليك من الله حافظ ولا يقربك الشيطان حتى تصبح، قبل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك اليهودي الذي قال: إنا نجد في التوراة أن الله جعل السماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع- وذكر الحديث- فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه أو نواجذه؛ تصديقاً لقوله، وقرأ: { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} [ الزمر: 67]».
فالحق الذي في القوانين- وإن كان من وضع البشر- مقبول، لا لأنه قول فلان وفلان أو وضع فلان وفلان ، ولكن؛ لأنه حق.
وأما ما فيه من خطأ ، فهذا يمكن تعديله باجتماع أهل الحل والعقد والعلماء والوجهاء، ودراسة القوانين، فيرفض ما خالف الحق، ويقبل ما يوافق الحق.
أما أن يكفر الحاكم لأجل هذا؟!
مع أن الجزائر كم بقيت مستعمرة للفرنسيين؟
السائل: 130 سنة.
الشيخ: 130 سنة ! طيب! هل يمكن أن يغير هذا القانون الذي دوَّنه الفرنسيون بين عشية وضحاها؟! لا يمكن.
أهم شيء: عليكم بإطفاء هذه الفتنة بما تستطيعون ، بكل ما تستطيعون، نسأل الله أن يقي المسلمين شر الفتن.
السائل: فتكملةً لمسألة الشباب الآن- يا شيخ - مثلاً في مناطق كثيرة ، ليست كل المناطق، لكن في مناطق كثيرة، لا زالوا يخوضون في مسألة هي كبيرة عليهم ، يعني: مسائل- مثلاً يا شيخ- التكفير، التشريع العام، والتكفير العيني... هذه المسائل- يا شيخ - قد يأخذون الفتوى منكم ، ثم يطبقونها على الحاكم ، هكذا تطبيقاً يعني...
الشيخ: عملهم هذا غير صحيح.
السائل: نعم، ثم لما نقول له: يا أخي ما قالها الشيخ ابن عثيمين ، يقول لك: لكن الشيخ ابن عثيمين- مثلاً- في كتبه قال : التشريع العام: من حكم بغير ما أنزل الله؛ فهو كافر بدون تفصيل، والآن عندنا هذا الحاكم لا يحكم بما أنزل الله؛ فهو كافر، فهمت المسألة يا شيخ؟
الشيخ: فهمنا، أقول - بارك الله فيكم-:الحكم على مسألة بالحكم الذي ينطبق عليها غير الحكم على شخص معين.


فالمهم؛ يجب على طلبة العلم أن يعرفوا الفرق بين الحكم على المسألة من حيث هي مسألة، وبين الحكم على الحاكم بها؛ لأن الحاكم المعين قد يكون عنده من علماء السوء من يلبّس عليه الأمور، وغالب حكام المسلمين اليوم ليس عندهم علم بالشرع، فيأتيهم فلان يُمَوِّه عليهم ، وفلان يموِّه عليهم ، ألم تر أن بعض علماء المسلمين المعتبرين قال: جميع مسائل الحياة ليس للشرع فيها تدخّل! واشتبه عليهم الأمر بقوله صلى الله عليه وسلم: «أنتم أعلم بأمور دنياكم»! قال هذا رجال نشهد لهم بالصلاح ، ولكن تلبّس عليهم، وهم لو تأملوا الأمر؛ لوجدوا أن هذا بالنسبة للمصانع والصنعة وما أشبه ذلك؛ لأن الرسول تكلم عن تأبير النخل، وهم أعلم به؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أتى من مكة، ما فيها نخل ولا شيء ، ولا يعرفه ، فلما رأى هؤلاء يصعدون إلى النخل ويأتون بلقاحه، ثم يؤبِّرون النخلة ويلقِّحونها ، فيكون فيه تعب وعمل، قال : «ما أظن ذلك يغني شيئاً»؛ فتركوه سنة، ففسدت النخلة، فأتوا إليه، فقالوا: يا رسول الله فسد التمر! قال: «أنتم أعلم بأمور دنياكم» ، ليس بأحكام دنياكم، لكن بأمور دنياكم، ثم الناس يلبّسون الآن، ألم تروا بعض العلماء في بلاد ما أباحوا الربا الاستثماري؟ وقالوا: المحرم الربا الاستغلالي، وشبهته قوله -تعالى-: { فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} [ البقرة: 279] .
الحاكم إذا كان جاهلاً بأحكام الشريعة ، وجاءه مثل هذا العالم، أليس يضله؟
السائل: يضلّه.
الشيخ: فلذلك لا نحكم على الحكام بالكفر إذا فعلوا ما يكفر به الإنسان حتى نقيم عليه الحجة.
السائل: من الذي يقيم الحجة يا شيخ؟
الشيخ: ما دمنا ما أقمنا عليهم الحجة لا نحكم بكفرهم .
السائل : سمعتك - يا شيخ - تقول في رمضان قلت:« إلا أن تروا »؛ يعني: الرؤية العينية، قلت- يا شيخ فيما أذكر - قلت : مثل رؤية العين.
الشيخ: نعم! هذا هو؛ أي : أن نعلم علم اليقين- مثل ما نرى الشمس- كفراً بواحاً، صريحاً ما فيه احتمال» (1)

وبهذا يتبين أن هؤلاء أبعد الناس عن العلماء فا لاهم في الفير ولا النفير فاللهم رحماك.
-----------
(1) من شريط سمعي: فتاوى الأكابر في نازلة الجزائر وقد نقله فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني ووافقه في ذلك العلامة العثمين رحمه الله.

جمال البليدي
2008-11-26, 20:47
الشبهة الثانية عشر : إستدلالهم بفتوى الشيخين الأخوين شاكر(أحمد ومحمود)


ومما يحاول الحزبيون أن يستغلوه أبشع استغلال، ويحرفوه أفظع تحريف تعليق الأستاذ محمود شاكر -رحمه الله- على خبر أبي مِجْلَز وإقرار أخيه الشيخ العلامة الأثري أحمد شاكر-رحمه الله-.
قال الشيخ أحمد شاكر في «عمدة التفسير» :(4/156-158): « اقتباس:
وهذه الآثار- عن ابن عباس وغيره- مما يلعب به المضللون في عصرنا هذا، من المنتسبين للعلم ، وغيرهم من الجرآء على الدين : يجعلونها عذراً أو إباحة للقوانين الوثنية الموضوعة ، التي ضُرِبت على بلاد الإسلام.
وهناك أثر عن أبي مجلز، في جدال الإباضية الخوارج إياه، فيما كان يصنع بعض الأمراء من الجور، فيحكمون في بعض قضائهم بما يخالف الشريعة ، عمداً إلى الهوى ، أو جهلاً بالحكم.
والخوارج من مذهبهم أن مرتكب الكبيرة كافر، فهم يجادلون يريدون من أبي مجلز أن يوافقهم على ما يرون من كفر هؤلاء الأمراء، ليكون ذلك عذراً لهم فيما يرون من الخروج عليهم بالسيف.
وهذان الأثران رواهما الطبري: (12025،12026)، وكتب عليهما أخي السيد محمود محمد شاكر تعليقاً نفيساً جداً ، قوياً صريحاً؛ فرأيت أن أثبت هنا نص أولى روايتي الطبري، ثم تعليق أخي على الروايتين.
فروى الطبري: (12025) عن عمران بن حُدَير، قال: «أتى أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سَدُوس، فقالوا : يا أبا مجلز، أرأيت قول الله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} أحق هو؟ قال نعم، قالوا: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}أحق هو؟ قال : نعم، قالوا: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} أحق هو؟ قال: نعم.
قال : فقالوا : يا أبا مجلز، فيحكم هؤلاء بما أنزل الله؟ قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه يقولون، وإليه يدعون؛ فإن هم تركوا شيئاً منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنباً ، فقالوا : لا والله، ولكنك تَفرَق([135]) ! قال: أنتم أولى بهذا مني! لا أرى، وإنكم ترون هذا ولا تحرجون ! ولكنها أنزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك، أو نحو من هذا».
ثم روى الطبري (12026) نحو معناه.
وإسناداه صحيحان.
فكتب أخي السيد محمود؛ بمناسبة هذين الأثرين ما نصه:
«اللهم أني أبرأ إليك من الضلالة .
وبعد ؛ فإن أهل الريب والفتن ممن تصدّروا للكلام في زماننا هذا، قد تَلَمَّس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله،وفي القضاء في الدماء والأعراض والأموال بغير شريعة الله التي أنزلها في كتابه، وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام؛ فلما وقف على هذين الخبرين، اتخذهما رأياً يرى به صواب القضاء في الأموال والأعراض والدماء بغير ما أنزل الله، وأن مخالفة شريعة الله في القضاء العام لا تكفر الراضي بها ، والعامل عليها([136]).
والناظر في هذين الخبرين لا محيص له عن معرفة السائل والمسؤول، فأبو مجلز (لاحق بن حميد الشيباني السدوسي) تابعي ثقة وكان يحب علياً- رضي الله عنه. -وكان قوم أبي مجلز ، وهم بنو شيبان ، من شيعة علي يوم الجمل وصفين. فلما كان أمر الحكمين يوم صفين، واعتزلت الخوارج، كان فيمن خرج على علي -رضي الله عنه- طائفة من بني شيبان ، ومن بني سَدُوس بن شيبان بن ذُهَل، وهؤلاء الذين سألوا أبا مجلز، من بني عمرو بن سدوس ( كما في الأثر: 12025)، وهم نفر من الإباضية (كما في الأثر:12026)، والإباضية من جماعة الخوارج الحرورية، هم أصحاب عبد الله بن إباض التميمي، وهم يقولون بمقالة سائر الخوارج في التحكيم، وفي تكفير علي -رضي الله عنه- إذ حكم الحكمين، وأن علياً لم يحكم بما أنزل الله، في أمر التحكيم.
ثم إن عبد الله بن إباض قال: إن من خالف الخوارج كافر ليس بمشرك، فخالف أصحابه، وأقام الخوارج على أن أحكام المشركين تجري على من خالفهم.
ثم افترقت الإباضية بعد عبد الله بن إباض الإمام افتراقاً؛ لا ندري معه- في أمر هذين الخبرين- من أي الفرق كان هؤلاء السائلون، بيد أن الإباضية كلها تقول: إن دُور مخالفيهم دُور توحيد، إلا معسكر السلطان؛ فإنه دار كفر عندهم.
ثم قالوا -أيضاً-: إن جميع ما افترض الله -سبحانه- على خلقه إيمان، وأن كل كبيرة؛ فهي كفر نعمة ، لا كفر شرك، وأن مرتكبي الكبائر في النار خالدون مخلدون فيها.
ومن البين أن الذين سألوا أبا مجلز -من الإباضية- إنما كانوا يريدون أن يلزموه الحجة في تكفير الأمراء؛ لأنهم في معسكر السلطان، ولأنهم ربما عصوا أو ارتكبوا بعض ما نهاهم الله عن ارتكابه ؛ ولذلك قال لهم في الخبر الأول (رقم 12025) : « فإن هم تركوا شيئاً منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنباً» ، وقال لهم في الخبر الثاني: «إنهم يعملون بما يعملون، ويعلمون أنه ذنب» .
وإذن ، فلم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعة زماننا من القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام، بالاحتكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فهذا الفعل إعراض عن حكم الله، ورغبة عن دينه، وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله -سبحانه وتعالى-، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل والداعي إليه.
والذي نحن فيه اليوم ، هو هجر لأحكام الله عامة بلا استثناء، وإيثار أحكام غير حكمه في كتابه وسنة نبيه، وتعطيل لكل ما في شريعة الله ، بل بلغ الأمر مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع، على أحكام الله المنزلة، وادعاء المحتجين لذلك بأن أحكام الشريعة إنما نزلت لزمان غير زماننا ، ولِعِلَل وأسباب انقضت ، فسقطت الأحكام كلها بانقضائها([137])، فأين هذا مما بيناه من حديث أبي مجلز والنفر من الإباضية من بني عمرو بن سدوس؟!
ولو كان الأمر على ما ظنوا في خبر أبي مجلز، أنهم أرادوا مخالفة السلطان في حكم من أحكام الشريعة؛ فإنه لم يحدث في تاريخ الإسلام أن سن حاكم حكماً وجعله شريعة ملزمة للقضاء بها؛ هذه واحدة .
وأخرى : أن الحاكم الذي حكم في قضية بعينها بغير حكم الله فيها ، فإنه إما أن يكون حكم بها وهو جاهل، فهذا أمره أمر الجاهل بالشريعة، وأما أن يكون حكم بها هوى ومعصية ، فهذا ذنب تناله التوبة ، وتلحقه المغفرة، وأما أن يكون حكم بها متأولاً حكماً خالف به سائر العلماء ، فهذا حكمه حكم كل متأول يستمد تأويله من الإقرار بنص الكتاب وسنة رسول الله.
وأما أن يكون كان في زمن أبي مجلز، أو قبله، أو بعده حاكم حكم بقضاء في أمر جاحداً لحكم من أحكام الشريعة ، أو مؤثراً لأحكام أهل الكفر على أحكام أهل الإسلام([138])، فذلك لم يكن قط؛ فلا يمكن صرف كلام أبي مجلز والإباضيين إليه؛ فمن احتج بهذين الأثرين وغيرهما في غير بابهما، وصرفهما إلى غير معناهما، رغبة في نصرة سلطان، أو احتيالاً على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله، وفرض على عباده؛ فحكمه في الشريعة حكم الجاحد لحكم من أحكام الله: أن يستتاب، فإن أصر وكابر وجحد حكم الله، ورضي بتبديل الأحكام؛ فحكم الكافر المصر على كفره معروف لأهل هذا الدين . وكتبه محمود محمد شاكر»أ.هـ


أقول: ظن هؤلاء الحزبيون: أن الشيخين أحمد ومحمود شاكر- رحمهما الله- يذهبان إلى ما يذهبون إليه من تكفير جميع من لم يحكم بما أنزل الله؛ سواء أكان جاحداً مستحلاً أم لا ، وأن المقصود بالتشنيع في كلامهما هم السلفيون القائلون بالتفصيل.
وهذا الظن الحزبي يريد أن ينقضّ، ولو حاول دعاته إقامته والترويج له في الأوساط الحزبية ذات الرؤى الضبابية ممن لم يبحث، ولا يراجع، وليس يسأل أصحابه على ما قالوه برهاناً!
وهذا استدلال باطل، ورأي عاطل من وجوه عديدة -كلها سديدة-:
الأول: تصريحهما بذكر المردود عليهم، وهم المشار إليهم في قول الشيخ أحمد: «وهذه الآثار - عن ابن عباس وغيره- مما يلعب به المضللون في عصرنا هذا من المنتسبين للعلم، ومن غيره من الجرآء على الدين، يجعلونها عذراً أو إباحة للقوانين الوثنية الموضوعة...».
وفي قول الشيخ محمود : «اللهم إني أبرأ إليك من الضلالة . وبعد ، فإن أهل الريب والفتن ممن تصدروا للكلام في زماننا هذا ، قد تلمس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله، وفي القضاء في الدماء والأعراض والأموال بغير شريعة الله التي أنزلها في كتابه، وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام».
فهذه الطائفة هذه صفاتها:
- مضللون يلعبون بالعلم.
- جريئون على الباطل.
- أهل ريب وفتن.
- خليط من المنتسبين للعلم ومن غيره.
- متصدرون للكلام في أمر العامة.
- إن هؤلاء هم الذين أنكروا أن يكون الإسلام له صلة بواقع الأمة ورعاية شؤونها، وحماية بيضتها، والفصل في نزاعاتها!
- وهذه الطائفة اتخذت هذه الأثار مطية لإباحة الحكم بالقانون الوضعي الوثني، أو للتسويغ للحاكم للحكم بقوانين الجاهلية!
فهذا الشيخ أحمد يقول: «... يجعلونها عذراً أو إباحة للقوانين الوثنية الموضوعة..».
وأما الشيخ محمود؛ فيقول: « فمن احتج بهذين الأثرين وغيرهما في غير بابهما، وصرفهما إلى غير معناهما؛ رغبة في نصرة سلطان، أو احتيالاً على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله وفرض على عباده؛ فحكمه في الشريعة حكم الجاحد لحكم من أحكام الله: أن يستتاب ؛ فإن أصر وكابر وجحد حكم الله، ورضي بتبديل الأحكام؛ فحكم الكافر المصر على كفره معروف لأهل الدين».

الثاني: أن كلام الشيخين الأخوين أحمد ومحمود شاكر - رحمهما الله- بيَّن في التفصيل، واضح في التأصيل، لا يحتاج إلى تأويل ؛ فهو يصرخ بأعلى صوته: أن المراد من التكفير ليس التكفير المطلق، وإنما كفر الحاكم الجاحد المستحل، وكذلك الراضي بذلك.
وتدبر قولهما: «...أو إباحة للقوانين الوثنية الوضعية»، «...أو احتيالاً على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله...حكم الجاحد...فإن أصر وكابر وجحد، ورضي بتبديل الأحكام ...».
أليست هذه الأقوال نصّاً في اشتراط الاستحلال والجحود؟!
فهما رحمهما الله قالا بالتسويغ، وبالاطلاع على أي معجم لغوي!؛ نجد الآتي:
* «ساغ: فعل الشيء بمعنى (الإباحة) ويتعدى بالتضعيف فيقال سَوَّغْتُه: أي أَبَحْتُه» "المصباح المنير " (1/ 296)
* و«سَوَّغَهُ له غيره تَسْويغاً أي جَوَّزَهُ» "مختار الصحاح" (1/ 135)،"القاموس المحيط" (1/ 1012).
* و«ساغَ له ما فَعَلَ أَي جَازَ له ذلك وأَنا سَوَّغْتُه له أَي جَوَّزْتُه» "لسان العرب" (8/ 436)
والشاهد:
أننا لو سلمنا بقولك أنه قال قوله ذلك في مسألة الحكم بالقوانين؛ فيكون ذلك في حالة واحدة فقط؛ ألا وهي كفر من (جَوَّزَ) أو (أباح=استحل) الحكم بها؛ فليس كلامه عمن حكم بها دون (تجويز) أو (استحلال) بدليل كلامه عن التسويغ والجحود؛ فإن قيل: إن حكمه للقوانين يتضمن استحلالها؛ قلنا: فما فائدة ذكر «التسويغ» إذاً ؟!

الثالث: وأما تحرير المقام فهو أن الحزبيين المستدلين بكلام الشيخين -رحمهما الله- أغمضوا أعينهم عن كلام رائع ومتين ختم بها الشيخ محمود كلامه فبتروه، وفصلوه، وعن قرائهم أخفوه، فالله حسيبهم.
قال الشيخ محمود في آخر تعليقه على «تفسير الطبري»: «وأقرأ كلمة أبي جعفر من أول قوله: «فإن قال قائل ...؛ ففيه قول فصل».
وكلمة الطبري التي عدّها الشيخ محمود شاكر قولاً فصلاً في المسألة وهي قوله -رحمه الله- :«فإن قال قائل: فإن الله -تعالى ذكره- قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله فكيف جعلته خاصاً؟
قيل: وإن الله -تعالى- عمّ الخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون، وكذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به، هو بالله كافر؛ كما قال ابن عباس».
الرابع: حتى لو سلمنا لكم جدلا بأن الشيخين يقولان بكفر تحكيم القوانين كفر أكبر فإن هذا لا يلزم منه تكفير الحاكم إذ أنه ليس كل من وقع في كفر يكفر حتى تتوفر فيه شروط وتتنفي عنه موانع وقد فصلت هذه المسألة في ردي على الشبهة السابعة فليراجع.

تنبيه : لقد إختطفت بعض الكلمات من شيخنا سليم الهلالي حفظه الله ورعاه في الرد على هذه الشبهة

جمال البليدي
2008-11-26, 20:48
الشبهة الثالثة عشر:إستدلالهم بإحدى فتاوى العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله


وينقلون عن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: "الإشراك بالله في حكمه والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد لا فرق بينهما البتة، فالذي يتبع نظاماً غير نظام الله وتشريعاً غير تشريع الله ومن كان يعبد الصنم، ويسجد للوثن لا فرق بينهم البتة فهما واحد وكلاهما مشرك بالله" (أضواء البيان 7/162) ، وبالرجوع إلى الموضع الذي عزا إليه الناقل في أضواء البيان، ، كان النص كالتالي:
(( فالإشراك بالله في حكمه كالإشراك به في عبادته ، قال في حكمه وَلاَ يُشرِكُ فيِ حُكمِهِ أَحَداً وفي قراءة ابن عامر من السبعة وَلاَ تُشْركْ فيِ حُكمِهِ أَحَداً بصيغة النهي ، وقال في الإشراك به في عبادته : فَمَن كَانَ يَرجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشرِكُ فيِ حُكمِهِ أَحَداً ، فالأمران سواء .

والجوب من وجهين:
الوجه الأول:
لقد قيد الشيخ ما أطلقه ، فقال بعد ذلك مباشرة : ((وبذلك تعلم أن الحلال هو ما أحله الله ، والحرام هو ما حرمه الله، والدين هو ما شرعه الله، فكل تشريع من غيره باطل،والعمل به – بدل تشريع الله عند من يعتقد أنه مثله أو خير منه_كفرٌ بواح لا نزاع فيه )) . اهـ
قال الباحثُ الفاضلُ الدكتور عبد العزيز بن صالح الطويان في رسالته العلمية الأكاديمية : "جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف" وهي من منشورات مركز البحث العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وقدَّم لها مدير الجامعة الدكتور الفاضل صالح العبود والشيخ العلامة عبد المحسن العباد .
إذ نقل قول الشيخ الشنقيطي : "إن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم أنَّه لا يشك في كفرهم وشركهم إلاَّ من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم .
ثم علَّق عليه قائلاً : "وبهذا تتجلَّى وقفة الشيخ الحازمة في وجه من غيَّر حكم الله ، وحكم بحكم الطواغيت ، حيث إنه يقول بكفره ، بل ويكفر كل من يشك في كفره . وليس موقف الشيخ رحمه الله هذا على إطلاقه ، بل نراه يبيَّن في موضع آخر متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفراً مخرجاً من الملَّة ، ومتى يكون صاحبه مرتكباً ذنباً محرماً لا يخرجه من دائرة الإسلام ، فيقول رحمه الله : "إن الكفر ، والظلم ، والفسق ، كل واحد منها ربما أطلق في الشرع مراداً به المعصية تارة ، والكفر المخرج من الملَّة أخرى :
ومن لم يحكم بما أنزل الله : معارضة للرسل ، وإبطالاً لأحكام الله ، فظلمه وفسقه وكفره كلها كفر ، مخرج عن الملة .
ومن لم يحكم بما أنزل الله معتقداً أنَّه مرتكب حراماً ، فاعل قبيحاً ، فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج من الملَّة"( ) .
ورأي الشيخ رحمه الله هذا هو رأي الأئمة الأعلام قبله ، من أمثال الإمام ابن القيم رحمه الله الذي قال : "إنَّ الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين ، الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم ، فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بغير ما أنزل الله في هذه الواقعة ، وعدل عنه عصياناً مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة ، فهذا كفر أصغر . وإن اعتقد أنَّه غير واجب ، وأنَّه مخير فيه ، مع تيقنه أنه حكم الله ، فهذا كفر أكبر . وإن جهله وأخطأه : فهذا مخطئ له حكم المخطئين"( ). وبهذا التفصيل الدقيق عن ابن القيم رحمه الله في هذه المسألة ندرك مدى توافق عقيدة الشيخ الأمين رحمه الله مع عقيدة السلف قبله ، ويتضح جهوده رحمه الله في تقرير عقيدة السلف والسير على منهجهم واتَّباع طريقهم"( ). اهـ .
على أن الشيخ قد أوضح مقصوده في الصفحة نفسها التي نقل منها الخصم فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدورفقال : "وأما النظام الشرعي المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض فتحكيمه كفر بخالق السماوات والأرض كدعوى أن تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف ، وأنهما يلزم استواؤهما في الميراث ، وكدعوى أن تعدد الزوجات ظلم ، وأن الطلاق ظلم للمرأة ، وأن الرجم والقطع ونحوها أعمال وحشية لا يسوغ فعلها بالإنسان ، ونحو ذلك"( ) .
فهذه أمثلةٌ ناطقةٌ أن مقصود الشيخ بالذين لا يُشك في كفرهم أولئك الذين طعنوا في أحكام الشريعة الإسلامية ، وفضلوا الحكم بالقوانين الوضعية والأحكام الجاهلية ، ولا يرتاب في هذا إلاَّ من طمس الله بصيرته ، وأعماه عن نور الوحي !

الوجه الثاني:حتى لو سلمنا لكم جدلا بأن الشيخ يقولان بكفر تحكيم القوانين كفر أكبر فإن هذا لا يلزم منه تكفير الحاكم إذ أنه ليس كل من وقع في كفر يكفر حتى تتوفر فيه شروط وتتنفي عنه موانع وقد فصلت هذه المسألة في ردي على الشبهة السابعة فليراجع.

تنبيه: جل نقولاتي في الرد على هذه الشبهة منقولة من كتاب (الأجوبة الأصولية في نقض الأصول الإرهابية (الجزء الثاني)) للدكتورخالد بن مفلح عبدالله آل حامد

جمال البليدي
2008-11-26, 20:50
الشبهة الرابعة عشر: إستدلالهم بمقولة(ومن لم يلتزم هذا فهو كافر)


كثيراً ما يذكر أهل العلم في كلامهم لا سيما الإمام أحمد بن تيمية – رحمه الله – أن من لم يلتزم هذا فهو كافر . فظن بعضهم أنه يريد المداومة على ترك الواجب أو المداومة على فعل الحرام ، ويسمون هذا غير ملتزم، وهذا الظن خاطئ ، وخطوة من خطوات الشيطان ليجعلهم على فكر الخوارج في مرتكب الكبيرة ، ورد هذا الظن من أوجه :

1/ بيان معنى ( عدم الالتزام ) من كلام أهل العلم لا سيما الإمام أحمد بن تيمية – رحمه الله - ، وأنه لا يرادف الترك المستمر كما يتصوره بعضهم قال – رحمه الله -: وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين . ومورد النزاع هو فيمن أقر بوجوبها والتزم فعلها ولم يفعلها ا.هـ
لاحظ قوله " التزم فعلها ولم يفعلها " يفيد أن معنى الالتزام غير معنى المداومة على الفعل فقد يكون الرجل ملتزماً لها لكنه لا يفعلها ، فالالتزام الذي ينبني على تركه الكفر أمر عقدي قلبي لا فعلي ؛ لذا لما أراد ابن تيميه التعبير بالالتزام الفعلي قيده بوصف ( الفعلي ) ثم لم يجعله مكفراً لذاته بل لأمر آخر عقدي فقال – بعد النقل المتقدم -: أن لا يجحد وجوبها ، لكنه ممتنع من التزام فعلها كبراً أو حسداً أو بغضاً لله ورسوله ، فيقول: اعلم أن الله أوجبها على المسلمين ، والرسول صادق في تبليغ القرآن ، ولكنه ممتنع عن التزام الفعل استكباراً أو حسداً للرسول ، أو عصبية لدينه ، أو بغضاً لما جاء به الرسول ، فهذا أيضاً كفر بالاتفاق ، فإن إبليس لما ترك السجود المأمور به لم يكن جاحداً للإيجاب ، فإن الله تعالى باشره بالخطاب ، وإنما أبى واستكبر وكان من الكافرين ا.هـ فلاحظ أنه لم يجعل ترك الالتزام الفعلي مكفراً لذاته ، بل لما احتف به اعتقاد كفري ، وهو الكبر والحسد أو بغض الله ورسوله .
فبهذا يتبين بجلاء أن ترك الالتزام ليس تركاً للفعل بل ترك للاعتقاد ، فإن قيل: ما معنى ( عدم الالتزام ) ؟
فيقال: معناه عدم اعتقاد الإيجاب على النفس . قال في معجم لغة الفقهاء (86): والالتزام في عرف العلماء واصطلاح الفقهاء: الإيجاب على النفس أو الإذعان ا.هـ

2/ يلزم على قولهم أن من المكفرات عند أهل السنة الإصرار على المعصية تركاً لواجب أو فعلاً لمحرم فأين هو من كلامهم ؟ بل إن كلامهم المسطور في كتب المعتقد أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله ، وذلك رد على الخوارج المكفرين بارتكاب الكبائر .

3/ يلزم على قولهم أن المصر على المعصية بفعل المحرم أو ترك الواجب كافر. وهذا مخالف لما ثبت عن ابن عباس أنه قال: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار . أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير في تفسيرهما لسورة النساء.

4/ أنه لا دليل من الكتاب والسنة على التكفير بمجرد الإصرار على الذنب، والتكفير حق لله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا مدخل للعواطف ولا للحماسات فيه ، بل النصوص دلت على عدم تكفير المصر كحديث صاحب البطاقة وغيره .
لذا المرجو التنبه لخطوة الشيطان هذه وألا ينساق وراءها .

من كتاب تبديد كواشف العنيد للشيخ عبد العزيز الريس.

جمال البليدي
2008-11-26, 20:52
الشبهة الخامسة عشر: إستدلالهم بقوله تعالى({فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَى يُحَكِّمُوكَ فِيْمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجَاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}،


أقول: ومفاد هذا الإستدلال أنهم يقولون بأن الله تعالى نفى الإيمان فمن ثم يكون الحاكم بغير ما أنزل الله بمجرد تحكيمه كافراً كفراً أكبر لأن الإيمان قد نفي عنه .

والجواب على هذه الشبهة:
أن الله تعالى لم ينفي أصل الإيمان بل كماله ويدل على هذا أربع أوجه:

الوجه الأول:نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان عن مرتكبي بعض المعاصي مثل الزنى والسرقة وشرب الخمر؛ فقال-: «لا يزني الزاني حين يزني؛ وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها؛ وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق؛ وهو مؤمن»([1])
«إذ لو كان كفراً ينقل عن الملّة؛ لكان مرتداً يقتل على كل حال، ولا تجري الحدود في الزنى والسرقة وشرب الخمر، وهذا معلوم بطلانه وفساده من دين الإسلام...ونصوص الكتاب والسنة والإجماع تدل على أن الزاني والسارق والقاذف لا يقتل، بل يقام عليه الحدّ، فدلّ على أنه ليس بمرتدٍّ»([2]).
وقال الإمام أبو عبيد -رحمه الله- في «الإيمان» (ص88-89) في ردِّه على مكفري المسلم بالمعصية:
«ثم قد وجدنا الله -تبارك وتعالى- يكذّب مقالتهم، وذلك أنه حكم في السارق بقطع اليد، وفي الزاني والقاذف بالجلد، ولو كان الذنب يكفر صاحبه؛ ما كان الحكم على هؤلاء إلا القتل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من بدّل دينه فاقتلوه»([3]).
أفلا ترى أنهم لو كانوا كفّاراً؛ لما كانت عقوباتهم القطع والجلد؟
وكذلك قول الله فيمن قتل مظلوماً: { فقد جعلنا لوليه سلطاناً} الآية [الإسراء:33]، فلو كان القتل كفراً؛ ما كان للولي عفو، ولا أخذ دية، ولزمه القتل».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في «مجموع الفتاوى»(7/287-288):

«وكذلك كل مسلم يعلم أن شارب الخمر والزاني والقاذف والسارق لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يجعلهم مرتدين يجب قتلهم ، بل القرآن والنقل المتواتر يبين أن لهم عقوبات غير عقوبة المرتد عن الإسلام؛ كما ذكر الله في القرآن جلد القاذف والزاني، وقطع يد السارق، وهذا متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كانوا مرتدين لقتلهم، فكلا القولين مما يعلم فساده بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم».
قلت : فإذا كانت المعاصي لا تزيل إيماناً ولا توجب كفراً مخرجاً من الملة فالمراد بنفي الإيمان الوارد في هذه الأحاديث؛ هو نفي كمال الإيمان الواجب لا أصل الإيمان، يدلك على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «إذا زنى العبد خرج منه الإيمان؛ وكان كالظلة؛ فإذا انقلع منه رجع إليه الإيمان»([4]).

الوجه الثاني:سبب نزول الآية وهو ما رواه الشيخان عن عبد الله بن الزبير أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة … إلخ ، وفيه أن الأنصاري لم يرض بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب ثم قال أن كان ابن عمتك … إلخ ، فقال ابن الزبير : والله إني لأحسب هذه الآية ما نزلت إلا في ذلك  فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ... 

وجه الدلالة : أنه وجد في نفس الأنصاري البدري حرج ولم يسلم تسليماً لحكم رسول الله ومع ذلك لم يكفر ، ويؤكد عدم كفره أن الرجل بدري والبدريون مغفورة لهم ذنوبهم كما في حديث علي في قصة حاطب لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال :اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " والكفر الأكبر لا يغفر ، فدل هذا على أن البدريين معصومون من أن يكفروا ، نص عليه ابن تيمية . ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطالبه بالإسلام .

الوجه الثالث: ما رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري قال بعث على بن أبي طالب وهو باليمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين أربعة فقال رجل يا رسول الله: اتق الله فقال " ويلك ألست أحق أهل الأرض أن يتقي الله ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا لعلَّه أن يكون يصلي "، قال خالد: وكم من مصلٍ يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم "الحديث .
وجه الدلالة: أن هذا الرجل اعترض على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرض به ويسلِّم ، ووجد في نفسه حَرَجاً ولم يكفِّره الرسول صلى الله عليه وسلم ، وامتنع عن قتله خشية أن يكون مصلياً ولو كان واقعاً في أمرٍ كفريٍّ لم تنفعه صلاته لأن الشرك والكفر الأكبرين يحبطان الأعمال ، فلا تنفع الصلاة معهما ، وأيضاً مما يدل على أن الرجل لم يقع في أمر كفري عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خالداً أراد أن يحيله على أمر كفري خفي في القلب فلم يرتض هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان قوله كفراً لتمسك به خالد بن الوليد ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس .. " لأن هذا القول –المدعى أنه مكفر – قد ظهر منه ، ومما يوضح أن هذه الكلمة ليست كفراً أنه ثبت في الصحيحين عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم جئنه يناشدنه العدل في بنت أبي قحافة ، ولم يكن هذا منهن كفراً.

الوجه الرابع:ما روى الشيخان عن أنس بن مالك أن ناساً من الأنصار قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالاً من قريش المائة من الإبل فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطي قريشاً وسيوفنا تقطر من دمائهم " وفي رواية لما فُتحت مكة قسم الغنائم في قريش فقالت الأنصار إن هذا لهو العجب إن سيوفنا تقطر من دمائهم … "
وجه الدلالة : أن هؤلاء استنكروا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجدوا في أنفسهم حرجاً ولم يكفِّرهم صلى الله عليه وسلم .
لذا قال ابن تيمية: والمقصود هنا أن كل ما نفاه الله ورسوله من مسمى أسماء الأمور الواجبة كاسم الإيمان والإسلام والدين والصلاة والصيام والطهارة والحج وغير ذلك فإنما يكون لترك واجبٍ من ذلك المسمى ومن هذا قوله تعالى  فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً  فلما نفى الإيمان حتى توجد هذه الغاية دل على أن هذه الغاية فرض على الناس، فمن تركها كان من أهل الوعيد … ا. هـ .
وقال ابن تيمية : فمن لم يلتزم تحكيم الله ورسوله فيما شجر بينهم فقد أقسم الله بنفسه أنه لا يؤمن ، وأما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً ، لكن عصى واتبع هواه ، فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة . وهذه الآية  فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ...  مما يحتج بها الخوارج على تكفير ولاة الأمر الذين لا يحكمون بما أنزل الله ، ثم يزعمون أن اعتقادهم هو حكم الله. وقد تكلم الناس بما يطول ذكره هنا ، وما ذكرته يدل عليه سياق الآية .ا.هـ

وقال –أيضاً- -رحمه الله- (فتاوى22/350):
"فما جاء من نفي الأعمال في الكتاب والسنة فإنما هو لانتفاء بعض واجباته كقوله تعالى: (ثم ساق الآية)"ا.هـ.

و قال الحافظ في "الفتح" (5/36) ناقلا قول ابن التين: ("لا يؤمنون" لا يستكملون الإيمان)اهـ.
وقال الحافظ بن رجب في "جامع العلوم والحكم" - شارحاً حديث "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به": (معنى الحديث: فهو أن الإنسان لا يكون مؤمنا كامل الإيمان الواجب حتى تكون محبته تابعة لما جاء به الرسول ..وقد ورد القرآن بمثل هذا..قال تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون..")اهـ.

ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله في "مجموع فتاواه" (6/249) -معلقاً على قوله تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمً)-:
«وهذا الإيمان المنفي هو أصل الإيمان بالله ورسوله (بالنسبة) إلى تحكيم الشريعة والرضا بها والإيمان بأنها الحكم بين الناس ، فلا بد من هذا ،
* فمن زعم أنه يجوز الحكم بغيرها ، أو قال إنه يجوز أن يتحاكم الناس إلى الآباء أو إلى الأجداد أو إلى القوانين الوضيعة التي وضعها الرجال - سواء كانت شرقية أو غربية - فمن زعم أن هذا يجوز فإن الإيمان منتف عنه ويكون بذلك كافرا كفرا أكبر. فمن رأى أن شرع الله لا يجب تحكيمه ولكن لو حكم كان أفضل ، أو رأى أن القانون أفضل ، أو رأى أن القانون يساوي حكم الله فهو مرتد عن الإسلام . وهي ثلاثة أنواع :
النوع الأول: أن يقول : إن الشرع أفضل ولكن لا مانع من تحكيم غير الشرع.
النوع الثاني: أن يقول : إن الشرع والقانون سواء ولا فرق .
النوع الثالث: أن يقول إن القانون أفضل وأولى من الشرع . وهذا أقبح الثلاثة ، وكلها كفر وردة عن الإسلام .
* أما الذي يرى أن الواجب تحكيم شرع الله ، وأنه لا يجوز تحكيم القوانين ولا غيرها مما يخالف شرع الله ولكنه قد يحكم بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه ضد المحكوم عليه ، أو لرشوة ، أو لأمور سياسية ، أو ما أشبه ذلك من الأسباب وهو يعلم أنه ظالم ومخطئ ومخالف للشرع - فهذا يكون ناقص الإيمان ، وقد انتفى في حقه كمال الإيمان الواجب؛ وهو بذلك يكون كافرا كفرا أصغر وظالما ظلما أصغر وفاسقا فسقا أصغر ، كما صح معنى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وجماعة من السلف رحمهم الله ، وهو قول أهل السنة والجماعة خلافا للخوارج!! والمعتزلة! ومن سلك سبيلهم، والله المستعان»اهـ.



-----------------------------------
(1)أخرجه البخاري (5/119-فتح)، ومسلم (57) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)«شرح العقيدة الطحاوية» (ص321-322).
(3)أخرجه البخاري (6/149- فتح).
(4)]) أخرجه أبو داود (4690) وغيره من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- بإسناد صحيح.

جمال البليدي
2008-12-04, 15:09
الشبهة السادسة عشر:إستدلالهم بقوله تعالى { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}

ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: إن الله تعالى حكم على من يطيع أولياء الشيطان بالكفر حيث قال تعالى: { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}([1] (http://%5BURL%5Dhttp://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn1) ومن حكم بغير ما أنزل الله فقد أطاع الشيطان وأولياءه

فالجواب على هذه الشبهة:
أن طاعة الشيطان وطاعة أوليائه : منها ما هو كفر ومنها ما هو كبيرة ومنها ما هو صغيرة ..
فطاعة الشيطان وأوليائه بتحريم الحلال أو تحليل الحرام شرك أكبر.
وطاعة الشيطان وأوليائه بفعل الحرام كالرشوة والزنا أو ترك واجب كإقامة الحد على من وجب عليه أو ترك بر والديه فهذا فسق وليس شركاً أكبر.
وطاعة الشيطان وأوليائه بفعل صغائر الذنوب كالنظر إلى العورات فهذا ليس كفراً ولا فسقاً بل صغيرة إذا أصر عليها صارت مفسقة ..
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمهُ اللهُ- : "{وإن أطعتموهم} في شركهم وتحليلهم الحرام ، وتحريمهم الحلال {إنكم لمشركون} لأنكم اتخذتموهم أولياء من دون الله ، ووافقتموهم على ما به فارقوا المسلمين ، فلذلك كان طريقكم طريقهم"([2] (http://%5BURL%5Dhttp://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn2).
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن: "..حَكَمَ على من أطاع أولياء الشيطان في تحليل ما حرم الله أنَّه مشرك وأكد ذلك بـ"إنَّ" المؤكدة.."([3 (http://%5BURL%5Dhttp://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn3)
منقول من كتاب دفع الشبه الغوية لفضيلة الشيخ أسامة بن عطايا العتيبي حفظه الله.


([1]) سورة الأنعام(آية/120).
([2]) تيسير الكريم الرحمن(ص/271) .
([3]) الرسائل والمسائل النجدية(3/46)

ربوح ميلود
2008-12-04, 17:13
بارك الله فيك اخونا جمال وزادك الله من العلم النافع والعمل الصالح

جمال البليدي
2008-12-05, 23:25
بارك الله فيك اخونا جمال وزادك الله من العلم النافع والعمل الصالح

وفيكم بارك الله أخانا ربوح ونفعني الله وإياك بما نتعلم.

جمال البليدي
2008-12-05, 23:30
الشبهة السابعة عشر:إستدلالهم بقوله تعالى({أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}


: ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: إن الحكم بغير ما أنزل الله تشريع لم يأذن الله به فهو كفر أكبر والله يقول: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}([1] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn1)) .
فالجواب على هذه الشبهة:
أن الآية نصت على أن هؤلاء الشركاء شرعوا لهم من الدين أي جعلوا شريعتهم ديناً يتدينون به ، ويتقربون به إلى الله ..
قال ابن جرير -رحمهُ اللهُ- : "يقول تعالى ذكره: أم لهؤلاء المشركين بالله {شركاء} في شركهم وضلالتهم ، {شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} يقول: ابتدعوا لهم من الدين ما لم يبح الله لهم ابتداعه"([2] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn2)).
وقال ابن كثير -رحمهُ اللهُ- : "وقوله جل وعلا : {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} أي : هم لا يتبعون ما شرع الله لك من الدين القويم ، بل يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس من تحريم ما حرموا عليهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وتحليل أكل الميتة والدم والقمار إلى نحو ذلك من الضلالات والجهالة الباطلة ، التي كانوا قد اخترعوها في جاهليتهم، من التحليل، والتحريم، والعبادات الباطلة، والأقوال الفاسدة"([3] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn3))
لذا درج جماعةٌ من العلماء [4] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn1)على ذكر الآية من الأدلة على تحريم البدع – التي هي تشريع أمور جديدة يزعم صاحبها أنها من الدين ليُتعبد الله بها - ومن هذا يتبين خطأ المستدلين بالآية على تكفير من شرع أحكاماً غير حكم الله ووجه خطأ استدلالهم أن الآية كفرت من جمع بين وصف التشريع والزعم أنه من الدين وهذا هو المسمى بالتبديل - كما تبين سابقا- أما التشريع وحده دون زعم أنه من الدين فلم تحكِ الآية كفره فتنبه .

[4] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftnref1) كما فعله ابن تيمية في مواضع منها في أوائل كتاب الاستقامة (1/5) والاقتضاء (2/582) .



جمعته من كتاب دفع الشبه الغوية السابق ومن كتاب تبديد كواشف العنيد للشيخ عبد العزيز الريس مع تصرف يسير

([1]) سورة الشورى(آية/21).

([2])تفسير الطبري(25/21)

([3])تفسير ابن كثير(4/112)

جمال البليدي
2008-12-05, 23:31
الشبهة الثامنة العشر:إستدلالهم بقوله تعالى{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً}


ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: إن الله -عزَّ وجلَّ- وجل يقول: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً}([1] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn1)) ، وسبب نزول الآية يدل على أن مجرد التحاكم إلى غير الشريعة كفر أكبر.
وقد وردت روايات في سبب نزولها أصحها ما ورد عن ابن عباس أنَّه قال: كان أبو برزة الأسلمي كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إليه ناس من المسلمين ، فأنزل الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ} - إلى قوله:- {إِحْسًاناً وَتَوْفِيقاً}"([2] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn2))


والجواب على هذه الشبهة:
أولاً:

هذه الآية عاريةُ الدلالة عن تكفير الواقعِ في الحكم بغير ما أنزل الله ، وذلك يتضح من أوجه :
الوجه الأول : أن الآية محتملةٌ لأمرين :
1- أن إيمانهم صار مزعوماً لكونهم أرادوا الحكم بالطاغوت وهذا ما تمسكت به .
2-أن من صفات أهل الإيمان المزعوم – المنافقين – كونهم يريدون التحاكم للطاغوت ومشابهة المنافقين في صفةٍ من صفاتهم لا توجب الكفر[3] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn1) ، فعلى هذا من حكم بغير ما أنزل الله فقد شابه المنافقين في صفةٍ من صفاتهم وهذا لا يوجب الكفر إلا بدليل آخر كمن شابه المنافقين في الكذب لم يكن كافراً فمن ثمَّ إذا توارد الاحتمال في أمرٍ بين كونه مكفِّراً أو غير مكفِّر لم يكفر بهذا الأمر لكون الأصل هو الإسلام فالنـتيجة أنه لا يصح تمسكك بالآية في التكفير لكونها من المحتمل .
الوجه الثاني : أن هؤلاء يريدون الحكم بالطاغوت وليست إرادتهم هذه إرادةً مطلقةً بل هي إرادةٌ تنافي الكفر به الكفر الاعتقادي ومن لم يعتقد وجوب الكفر بالطاغوت فلا شك في كفره الكفر الأكبر قال تعالى )فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى(
قال ابن جرير :" يريدون أن يتحاكموا في خصومتهم إلى الطاغوت يعني إلى من يعظمونه ويصدرون عن قوله ويرضون بحكمه من دون حكم الله وقد أمروا أن يكفروا به يقول وقد أمرهم أن يكذبوا بما جاءهم به الطاغوت الذي يتحاكمون إليه فتركوا أمر الله واتبعوا أمر الشيطان" ا. هـ[4] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn2)
فإن أبوإلا أن يحملوها على مطلق الإرادة فيُقال إن الإرادة هنا محتملةٌ لما قلنا وقالوا والكفر لا يكون في الأمور المحتملة - كما سبق -
ثانيا:
أن هذه الآية واردة في المنافقين ، وقد وضَّح ذلك ما بعدها من الآيات قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً}والآيات بعدها ، وعلى أن الآية في المنافقين عامة المفسرين.
فالمنافقون لا يؤمنون بالله ولا يوحدونه ، بل هم مشركون حالهم في الحقيقة كحال اليهود الذين يحكمون بغير ما أنزل الله جاحدين حكم الله ، مستحلين للحكم بغير ما أنزله -عزَّ وجلَّ- .

ثالثا: أن المنافقين طلبوا التحاكم إلى الطاغوت وهو الكاهن لأنهم يؤمنون بالجبت والطاغوت ، ففعلوا ذلك عن اعتقاد واستحلال.

رابعا: أنَّ من طلب التحاكم إلى الطاغوت فقد فعل كفعل المنافقين واليهود والمشركين في الجاهلية ، ويكون قد شابههم في ذلك ، كمشابهة الجاهلية في الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت والفخر بالأحساب، والتَّبَرُّجَِ، ونحو ذلك من خصال الجاهلية.
ولا يكون كافراً إلا بقرينة كاستحلال أو استكبار أو عناد للشريعة الإسلامية.
جاء في فتوى اللجنة الدائمة: "والتحاكم يكون إلى كتاب الله وإلى سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإن لم يتحاكم إليهما مستحلاً التحاكم إلى غيرهما من القوانين الوضعية بدافع طمع في مال أو جاه أو منصب فهو مرتكب معصية وفاسق فسقاً دون فسق ولا يخرج من دائرة الإيمان"([5] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftn3)) .

خامسا: أن التحاكم إلى غير الشريعة الإسلامية هو طلب للحكم بغير ما أنزل الله بالقول ، وحكم القاضي ونحوه بغير ما أنزل الله هو طلب للحكم بغير ما أنزل الله بالفعل وكلاهما حرام ، ويكون كفراً أكبر بالاستحلال والاستكبار ونحو ذلك لا بمجرد الحكم.

([1]) سورة النساء(آية/60).

([2])رواه ابن أبي حاتم في تفسيره(3/991رقم5547)، والطبراني في المعجم الكبير (11/373رقم 120045) ، وفي مسند الشاميين(2/119رقم1027)، والواحدي في أسباب النّزول(ص/160-161) وسنده صحيح.

[3] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftnref1) انظر جامع البيان في تفسير القرآن ( 5/99) .

[4] (http://www.echoroukonline.com/montada/#_ftnref2) ( 5/96 ) .


([5]) فتاوى اللجنة(1/781-782)

ali ahmed11
2008-12-13, 12:47
سؤال : لماذا تلبس على الناس دينهم ؟
فمرة تقول انهم خوارج ثم تذكر رأيا لاهل العلم يوافقهم .و مرة تذكر ما تزعم انها شبهة ولا تصوغها كما تريد.
-طيب الحنابلة يكفرون تارك الصلاة فهل نسبهم اهل العلم للخوارج.
-ثم الصحابة كفروا تاركي الزكاة و اعتبروهم مرتدين .و قاتلوهم . فهل الصحابة و العياذ بالله خوارج؟
- انت تخلط بين اقوال اهل العلم في عدم تكفير من حكم في واقعة ما بغير ما انزل الله و شرطوا فيها الاستحلال .و بين من يتحاكم اليها في جميع النوازل مثل ما هو حال حكام اليوم.
-من تزعم انهم خوارج لم يكفروا الحكام الحاليين لانهم فقط حكموا بغير ما انزل الله.و لكن ادلتهم كثيرة منها موالاة الكفار و الاستعانة بهم مثل ما حدث في حرب الخليج على المسلمين العراقيين (اقصد الشعب العراقي).و قتالهم لاهل الايمان و تركهم لاهل الاوثان.بل يقتلون المسلم بالكافر.
اسالك :هل لو حكمنا بوش يجوز الخروج عليه؟
و هل يجوز لمسلمي العراق الخروج و جهاد الحاكم الامريكي بول بريمر ثم من نصبه الامريكي من رافضي و علمانيو...ام انه لم يرتكب مكفرا و لم تقم عليه الحجة؟
تقول ان احكامهم مبنية على اخبار الصحف و انت ايضا احكامك مبنية على اخبار الصحف.
-تقول انهم يمارسون التقية في نقلهم عن العلماء المخالفين لهم . هذا ليس تقية بل استدل عليك بما خرج منك لاقول انك تناقض نفسك...هذا كل ما في الامر اين التقية؟
تقول انهم يحذفون ما يدينهم من كلام العلماء و ذكرت دليلا و احدا؟؟؟!!!!!!رغم الشك في صحته .لان من تحدث في هاته القضية (كفر الحاكم) كثر فمن تقصد.فلا تلقى الكلام على عواهنه.
اخيرا انصحك بقراءة ادبياتهم من مصدرها و ليس من الجرائد و المنتديات
و هذا واحد منها:
http://www.tawhed.ws/c?i=36

جمال البليدي
2008-12-16, 14:56
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يبدوا أنك أخي الكريم لم تقرأ السلسلة أصلا واكتفيت بالعناوين لتبني عليها اتهامات خالية من الدليل ناهيك عن إلزاماتك الفاسدة التي كثيرا ما يروج لها أصحاب الأفكار المنحرفة ليطعنوا في العقيدة السلفية فالأشاعرة يحاربون السلفية بالإلزامات الفاسدة ومن تلكم الإلزامات قولهم بلسان الحال الإثبات يستلزم التشبيه والتجسيم ومن إلزمات الخوارج قولهم طاعة الحكام الفاسقين يستلزم العمالة لهم وما إلى ذلك من الإلزمات الفاسدة والباطلة .

سؤال : لماذا تلبس على الناس دينهم ؟أقول:معاذ الله فالحق أحب إلينا من كل أحد وكل ما جئتك به هو من أقوال الله عزوجل ونبيه الكريم وأقوال الصحابة وعلماء الأمة عبر القرون فأين ترى التلبيس؟!!!
مع العلم أنني متجرد للحق لو بينت لي خطئي فيما ذكرته لك لكنت تراجعت أما أن تتهمني بالتلبيس فهذا ليس لك إليه سبيل.
فمرة تقول انهم خوارج ثم تذكر رأيا لاهل العلم يوافقهم
أين كان ذلك؟!
العلماء الذين اعتبروا تحكيم القوانين كفر أكبر لم يكفروا الحكام لأنهم يفرقون بين النوع والمعين (الفعل والفاعل) بخلاف الخوارج فهم يكفرون مباشرة وقد ذكرت ذلك في ردي على الشبهة السابعة
http://djelfa.info/vb/showpost.php?p=561002&postcount=14
ثم لو سلمنا لكم جدلا أن العلماء قد قالو ا بقول الخوارج فهذا لا يعني أنهم خوارج لأن لازم المذهب ليس بمذهب كما هو معلوم.
.و مرة تذكر ما تزعم انها شبهة ولا تصوغها كما تريد.
لا بل كما قال بذلك أهل العلم والسلف الصالح
-طيب الحنابلة يكفرون تارك الصلاة فهل نسبهم اهل العلم للخوارج.
أين وجدتني تكلمت عن الصلاة؟!!!!!
أنا تكلمت عن تحكيم القوانين وليس الصلاة فمابالك تدخل الصلاة؟!!!
الأعمال منها ما ينافي الإيمان من كل وجه ومنها مالا ينافي الإيمان من كل وجه فإن النوع الأول يكفر صاحبه مطلقاً إذا توافرت في حقه الشروط وانتفت الموانع .أما النوع الثاني فلا يكفر إلا بعد سؤاله واستبانة حاله فإن كان مريداً الاحتمال الكفريّ فهو كافر وإن لم يكن مريداً الاحتمال الكفريّ فليس كافراً ،وقد درج العلماء على هذه القاعدة قولاً وفعلاً.
ومسألة الصلاة أو تحكيم القوانين قد إختلف فيها العلماء فمنهم من جعلها في النوع الأول ومنهم من جعلها في النوع الثاني.
ثم الصحابة كفروا تاركي الزكاة و اعتبروهم مرتدين .و قاتلوهم . فهل الصحابة و العياذ بالله خوارج؟
لقد سبقتني لهذه الشبهة لأنني كنت سأتحدث عنها بالتفصيل فالسلسلة لم تكتمل بعد وعندي الكثير فكل ماذكرته هو في بالي بحمد الله لكن لا بأس أن أرد عليك.

أقول:قد اختلف العلماء في حكم هؤلاء هل هم كفار أم غير كفار على قولين هما روايتان عن أحمد –رحمه الله – ، وإن كنت أوافقك أنهم كفار ، وهذا ترجيح ابن تيمية لكن ليس كفرهم لأجل كونهم جماعة إذ القتال جماعة وقع من الخوارج ولم يكفروا باتفاق الصحابة، ووقع من خيار الأمة في الفتن ولم يكفروا والله يقول  وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا  فأثبت الإيمان مع وجود القتال جماعة . وليس الكفر أيضاً من أجل الترك المجرد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكفر أبا جميل الذي لم يدفعها بخلاً وإنما الكفر لأجل عدم التزام هذا الحكم الذي سببه عدم الإقرار بوجوبه، إذ من الممتنع أن يقر أحد بوجوب حكم ثم يتركه ويصر على تركه حتى تحت التهديد بالقتل فمثل هذا لا يكون إلا من غير مقر بوجوبها – كما سيأتي من كلام ابن تيمية – فبهذا يكون القتل دليلاً على عدم إقراره بهذا الحكم لا أنه السبب في تكفيره فتأمل .
وتنبه أن هذا مطرد في كل حكم شرعي . قال ابن تيمية : ولا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمناً بقلبه ، مقراً بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزماً لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به ، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع ، حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمناً في الباطن قط لا يكون إلا كافراً، ولو قال أنا مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذباً منه ا.هـ
وقال – رحمه الله - : فإن كان مقراً بالصلاة في الباطن، معتقداً لوجوبها يمتنع أن يصر على تركها حتى يقتل ولا يصلي، هذا لا يعرف من بني آدم وعادتهم ولهذا لم يقع هذا قط في الإسلام ، ولا يعرف أن أحداً يعتقد وجوبها ويقال له : إن لم تصل وإلا قتلناك وهو يصر على تركها مع إقراره بالوجوب ، فهذا لم يقع قط في الإسلام . ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل: إن لم يكن في الباطن مقراً بوجوبها ، ولا ملتزماً بفعلها، فهذا كافر باتفاق المسلمين ا.هـ .
فإذا تبين أن تهديد المصر على ترك الطاعة بالقتل وإصراره بعد ذلك على عدم فعل الطاعة دليل على عدم إقراره ، فمن ثم يقال: لو أن أحداً قوتل على فعل طاعة ولم يفعلها لا لأجل ذات الطاعة وإنما من أجل خوفه ممن هو أقوى منه فهذا لا يكفر لأن القتال هنا ليس دليلاً على عدم إقراره بوجوبها إذ هو مقر لكنه خائف من غيره الذي هو أقوى منه وهذا مغاير لمن ترك لذات الطاعة نفسها وليس هناك سبب آخر إذ هذا الصنف كافر لأنه دليل على عدم إقراره بوجوبها . ومثل هذا يقال فيمن ترك الحكم بما أنزل الله وقوتل على ذلك فهم صنفان:
الأول/ تارك لذات الحكم وهو مصر على الترك مع مقاتلته على الحكم بما أنزل الله فهذا كافر –ولا كرامة – لأنه دليل على عدم إقراره بوجوبها .
الثاني / تارك الحكم بما أنزل الله خوفاً من غيره إذ هو وإن كان حاكماً إلا أنه محكوم من جهة من هو أقوى منه فمثل هذا لا يدل قتاله على أنه غير مقر بالوجوب . والله أعلم .

انت تخلط بين اقوال اهل العلم في عدم تكفير من حكم في واقعة ما بغير ما انزل الله و شرطوا فيها الاستحلال .و بين من يتحاكم اليها في جميع النوازل مثل ما هو حال حكام اليوم.
iهذا دليل على أنك لم تقرأ السلسلة أصلا فأنا أفرق بين الحكم في الواقعة وبين الحكم في التشريع العام ولقد تحدثت عن هذا بإجمال ولي رد منفصل كذلك عن قريب لأن السلسلة لم تكتمل بعد .
من المعلوم ان الحكم بغير ما أنزل الله في الواقعة يعتبر كفر أصغر بلاخلاف أما الحكم في التشريع العام فقد إختلف أهل العلم في ذلك والجمهور على انه أصغر مثله مثل الحكم في الواقعة وقد بينت هذا في ردي على الشبهة 4و الشبهة 5
فقد قلت(فإن مسألة الحكم بالقوانين الوضعية تعد من المسائل الكبيرة الشائكة التي اشتد نزاع أهل العلم فيها في هذا العصر-وإن كنت لا أرى أنها من مسائل الخلاف المعتبر-؛ حيث ذهب فريق من أهل العلم -كالأخوين شاكر، وابن إبراهيم (على قول)، وابن عثيمين (في القديم)، والفوزان، والشيخ بكر أبي زيد- إلى أن تحكيم القوانين الوضعية كفر أكبر يخرج من ملة الإسلام، وذهب آخرون -كابن باز، والألباني، وابن عثيمين (في الأخير)، والعبَّاد، والسدلان- إلى أن تحكيم القوانين الوضعية كفر أصغر لا يخرج من ملة الإسلام.)

وقلت كذلك(والأغرب من هذا أننا لو آتيناهم بأقوال ابن عباس والإمام أحمد والقرطبي والطبري و المروزي و ابن بطة و ابن عبد البر و البغوي و الواحدي ردوا أقوالهم بحجة أن القوانين لم تكن موجودة في زمانهم وأن كلامهم يحمل على الحكم بغير ما أنزل الله في المسألة أو المسألتين فقط وليس على التشريع العام ورغم زيف هذا الزعم وبيان فساده سنأتيكم بأقوال أهل العلم الذين عاصروا القوانين إبتداءا من قانون الياسق الذي جاء به الكافر جنكيزخان وتحاكم إليه التتار إلى يومنا هذا وعليه فإننا لن نعتمد على أقوال المتقدمين حتى لا يحتجوا لنا بتلك الشبه الزائفة إنما نبدأ من زمن ابن تيمية إلى يومنا هذا .))
وفي كلامي هذا دليل على أنني افرق بين الحكم في الواقعة وبين الحكم في التشريعى العام كما هو حاصل في أغلب البلدان الإسلامية اليوم.
-من تزعم انهم خوارج لم يكفروا الحكام الحاليين لانهم فقط حكموا بغير ما انزل الله.و لكن ادلتهم كثيرة منها موالاة الكفار و الاستعانة بهم مثل ما حدث في حرب الخليج على المسلمين العراقيين (اقصد الشعب العراقي).و قتالهم لاهل الايمان و تركهم لاهل الاوثان.بل يقتلون المسلم بالكافر.
اسالك :هل لو حكمنا بوش يجوز الخروج عليه؟
و هل يجوز لمسلمي العراق الخروج و جهاد الحاكم الامريكي بول بريمر ثم من نصبه الامريكي من رافضي و علمانيو...ام انه لم يرتكب مكفرا و لم تقم عليه الحجة؟

لكن كلامنا عن تحكيم القوانين وليس عن مولاة الكفار لأن هذه الأخيرة سأبينها عن قريب وكذلك مسألة الإستعانة بالكفار سأبينها ريثما أنتهي من مسألة تحكيم القوانين والشبه المثارة حولها.
أما عن كلامك عن بوش فمثله مثل جنكيزخان فقد بينت لك أن العلماء كفروه فلتراجع السلسلة لأنني أكاد أجزم أنك لم تقرأها ألبتة.
تقول ان احكامهم مبنية على اخبار الصحف و انت ايضا احكامك مبنية على اخبار الصحف.
لا أخي أنا لا أصدق الصحف ألبتة ولا أبني عليها أحكاما لأن هذا مخالف لأصل التثبت فمسائل التكفير تبنى على اليقين (إلا أن ترو كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان) فعدم تكفيري مبني على البقاء على الأصل فمن دخل الإسلام بيقين لا يخرج عنه إلا بيقين.
-تقول انهم يمارسون التقية في نقلهم عن العلماء المخالفين لهم . هذا ليس تقية بل استدل عليك بما خرج منك لاقول انك تناقض نفسك...هذا كل ما في الامر اين التقية؟

التقية تكمن في أنهم يعلمون جيدا أن هؤلاء العلماء لا يجيزون الخروج عن الحكام وينادون بطاعتهم في المعروف ثم بعد ذلك يستدلون ببعض أقوالهم التي لا تمت لما يفعلونه بصلة بسبب جهلهم .
مثال ذلك أن العلماء الذين اعتبروا تحكيم القوانين كفر أكبر لم يكفروا الحكام كما بينت لك في السلسلة بسبب أنهم يفرقون بين النوع والمعين بخلاف من يتمسح بفتاويهم أفليس هذه تقية؟!!

تقول انهم يحذفون ما يدينهم من كلام العلماء و ذكرت دليلا و احدا؟؟؟!!!!!!رغم الشك في صحته .لان من تحدث في هاته القضية (كفر الحاكم) كثر فمن تقصد.فلا تلقى الكلام على عواهنه.

لقد أعطيتك أكثر من مثال أخي الكريم منها بتر كلامين لابن تيمية وبتر كلام الشنقيطي .
أما عمن أقصد فمختلف من يسيرون على هذا الفكر فقد اطلعت على فتاويهم في مواقعهم فوجدتها كذلك وعلى سبيل المثال أبي قتادة هداه الله.


اخيرا انصحك بقراءة ادبياتهم من مصدرها و ليس من الجرائد و المنتديات
و هذا واحد منها:
http://www.tawhed.ws/c?i=36

أين وجدتني أقرأ الصحف؟!!!!
اما ماجاء في الموقوع فأغلبهم تم الرد عليه في السلسلة خاصة مسألة الخلط بين التبديل والتغيير.

ali ahmed11
2008-12-18, 22:28
[QUOTE=جمال البليدي;583543]الشبهة العاشرة: إستدلالهم بفتوى العلامة ابن ابراهيم رحمه الله

كلام العلامة ابن ابراهيم ليس على إطلاقه بل له فتاوى أخرى متأخرة تقيد ماذهب إليه بقيد الإستحلال كما هو شأن جمهور علماء الإسلام

السؤال السادس عشر‏:‏

صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان

عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء

ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانون الفرنسي البريطاني وغيرها ، مع جعله قانوناً ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية ‏؟‏

الجواب ‏:‏

من نحّى الشريعة الإسلامية نهائياً وأحل مكانها القانون فهذا دليل على أنه يرى جواز هذا الشيء ، لأنه ما نحاها وأحل محلها القانون إلا لأنه يرى أنها أحسن من الشريعة ، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منها لما أزاح الشريعة وأحل محلها القانون، فهذا كفر بالله عز وجل ‏.‏

أما من نص على أن قضايا النكاح والميراث فقط تكون على حسب الشريعة ، هذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، يعني يحكّم الشريعة في بعض، ويمنعها في بعض، والدين لا يتجزأ، تحكيم الشريعة لا يتجزأ، فلا بد من تطبيق الشريعة تطبيقا كاملاً، ولا يطبق بعضها ويترك بعضها ‏.‏
http://www.mekkaoui.net/MaktabaIslamya/haditAR/AsiilaAgwiba/02.htm

قال العلامة ابن ابراهيم رحمه الله:
«... من تحكيم شريعته والتقيد بها ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي:
[1] من حكم بها - أو حاكم إليها - معتقداً صحة ذلك وجوازه ؛ فهو كافر الكفر الناقل عن الملة ،
[2] وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛ فهو: كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة» انتهى.
وهي موجودة في "مجموع فتاواه" ضمن المجلد االأول ص(80) بتاريخ (9 / 1 / 1385هـ)، وقد كُررت في موضع آخر ضمن المجلد العاشر (النكاح) تحت عنوان: (الزواج بثانية مع وجود الأولى) (القسمة - معارف متنوعة).


وقال رحمه الله:«وأعظم خصال التقوى، وآكدها، وأصلها، ورأسها: إفراد الله تعالى بالعبادة، وإفراد رسوله بالمتابعة فلا يدعى مع الله أحد من الخلق، كائنا من كان، ولا يتبع في الدين غير الرسول ، ولا يحكم غير ما جاء به ولا يرد عند التنازع إلا إليه، وهذا هو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
فيفرد الرب سبحانه وتعالى بجميع أنواع العبادة ... ويفرد الرسول بالمتابعة، والتحكيم عند التنازع؛ فمن دعا غير الله من الأنبياء، والأولياء، والصالحين، فما شهد أن لا إله إلا الله، شاء أم أبى؛
ومن أطاع غير الرسول واتبعه في خلاف ما جاء به الرسول عالما ، وحكّم القوانين الوضعية ، أو حكم بها ، فما شهد أن محمدا رسول الله، شاء أم أبى؛ بل:
[1] إما أن يكون كافرا ،
[2] أو تاركا لواجب شهادة أن محمدا رسول الله» انتهى.

هل عند اخي ان : ان يكون كافرا لا تساوي تاركا لواجب شهادة ان محمد رسول الله ام ان ترك واجب شهادة ان محمد رسول الله كفر اصغر غير مخرج من الملة؟

هب أن الشيخ رحمه الله يرى تحكيم القوانين كفر أكبر(وهذا زعم فاسد) فإن ذلك ليس لكم فيه أي حجة في تكفير الأعيان من الحكام إذ أنه من المقرر عند أهل السنة والجماعة أنه ليس كل من وقع في الكفر يصبح كافرا وذلك لعدة أسباب:
وقد جاء في سؤال الأخ؛ طلب بيان نواقض أصل الإيمان:
وهي كثيرة وقد تقدمت الإشارة إلى شيء منها:
- كترك جنس العمل مطلقاً.
- وترك الصلاة بالكلية.
- والطواف على القبور والسجود للأصنام.
- وإلقاء المصحف في القاذورات.
- ودعاء غير الله.
- والتقرب بالذبح لغير الله.
- والنذر للأولياء.
- وسب الله أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم.
- والاستهزاء بالدين.
- وتبديل شرع الله ووضع القوانين الوضعية وإقامتها مقام حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، فمناط الكفر في هذه الآية هو ترك حكم الله والإعراض عنه، وسبب نزول الآية يقضي بكفر من ترك حكم الله واعتاض عنه بغيره من أحكام البشر.
والكفر إذا عرف باللام فيراد به الكفر الأكبر.
وما روي عن ابن عباس؛ من كونه "كفراً دون كفر"، فلا يثبت عنه وقد بينت نكارته في غير موضع، وأبنت أن المحفوظ عنه إطلاق الكفر على من حكم بغير ما أنزل الله.
وقد سئل ابن مسعود عن الرشوة؟ فقال: (من السحت)، فقيل له: أفي الحكم؟ قال: (ذاك الكفر)، ثم تلا هذه الآية {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، وهذا أثر صحيح رواه ابن جرير في تفسيره ورواه أبو يعلى في مسنده و البيهقي ووكيع في أخبار القضاة.
فمن حكم بهذه القوانين الوضعية والتشريعات الجاهلية أو قننها أو شارك في تشريعها أو فرضها على العباد وألزم بالتحاكم إليها وأعرض عن شرع الله والتحاكم إليه أو استخف بمن ينادي بتحكيم الكتاب والسنة؛ فإنه كافر بالله العظيم، وأي كفر أكبر من الإعراض عن شرع الله والصد عنه ومحاكمة من دعا إليه ولمزه بالرجعية والتخلف عن الحضارة والمناداة عليه بالجهل وسوء الفهم.
ومن عظيم نفاق هؤلاء المشرّعين أنهم إذا دعوا إلى حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم أعرضوا عن ذلك وصدّوا واستكبروا استكباراً، وقد صرح أحدهم؛ "بأن حكم الله غير مناسب لمثل عصرنا، فنحن في عصر التطور والحضارة ومجاراة الدول الأوربية، بينما تحكيمُ الشريعة يعود بنا إلى الوراء والتخلف"، وهذا لسان حال الجميع من محكمي القوانين وإن لم يتكلم به أكثرهم، والأفعال شاهدة على القلوب والأقوال.
ولا أدل من ذلك محاربتهم للناصحين وإقصاؤهم شرع رب العالمين، وإعطاؤهم المخلوق حق التشريع بحيث تعرض الأحكام الشرعية القطعية على البرلمان فما أجازه فهو نظام الدولة وما حضره فهو ممنوع. وهذا الصنيع إعتداء كبير على التشريع الإلهي وتطاول على الأحكام القطعية، ولا ريب أن هذا منازعة لله في حكمه وحكمته وإلاهيته.
وتقييد الكفر بالجحود أو الاستحلال؛ لا أصل له، فإن الجحود أو الاستحلال كفر ولو لم يكن معه تحكيم القوانين.
...
فإن قيل؛ إن الحاكم بغير ما انزل الله لا يفضل القانون على حكم الله بل يعتقد أنه باطل.
فيقال:
هذا ليس بشيء ولا يغير من الحكم شيئاً، فان عابد الوثن مشرك ومرتد عن الدين وإن زعم أنه يعتقد أن الشرك باطل ولكنه يفعله من أجل مصالح دنيوية، قال تعالى: {وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}.
والاعتذار عن هؤلاء المشرعين المعرضين عن الدين بأنهم يشهدون أن "لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، يقال عنه:
- بأنّ المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار يشهدون الشهادتين ويصلون ويصومون ويحجون وليس هذا بنافع لهم.
- والذين يطوفون حول القبور ولها يصلون وينذرون ويذبحون يشهدون "أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، وقد قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}.
- والذين قالوا؛ "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء" - يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه ونزل القرآن ببيان كفرهم - كانوا يتكلمون بالشهادتين ويصلون ويصومون ويجاهدون.
- والرافضة الإثنا عشرية الذين يسبون الصحابة ويزعمون ردة أبي بكر وعمر وعثمان ويقذفون عائشة بالإفك يتكلمون بالشهادتين.
- والسحرة والكهان والمنجمون يلفظون بالشهادتين.
- وبنو عبيد القداح كانوا يتكلمون بالشهادتين ويصلون ويبنون المساجد، وقد أجمعت الأمة على كفرهم وردتهم عن الإسلام.
وهذا أمر يعرفه صغار طلبة العلم ناهيك عن كبارهم، وقد صنف أهل العلم كتباً كثيرة في الردة و نوا قض الإسلام، يمكن مراجعتها في مضانها.
وأهل العلم والسنة يفرقون بين ذنب ينافي أصل الإيمان وبين ذنب ينافي كماله الواجب، فلا يكفرون بكل ذنب. وقد أجمعوا على أنه لا يكفر صاحب الكبيرة ما لم يستحلها، فلا يكفر المسلم بفعل الزنا وشرب الخمر وأكل الربا لأنه هذه المحرمات لا تنافي أصل الإيمان.
والحديث عن هذه المسألة يطول ذكره، وقد تحدثت عن هذه القضية في غير موضع وبينت كفر تارك أعمال الجوارح مطلقاً وردة المبدّلين لشرع الله المعرضين عمّا جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
بيد أني أقول؛ إن الحديث عن هذه المسألة وغيرها من النواقض هو حديث عن النوع دون العين، بمعنى أن من قال أو فعل ما هو كفر صريح؛ كفر، وهذا ليس بلازم منه تكفير المعين، لأنه لا يحكم على العين بالكفر حتى تقام عليه الحجة وتنتفي عنه الشبهة لاحتمال أن يكون جاهلاً جهلاً معتبراً أو متأولاً تأويلاً سائغاً أو مكرهاً، وحين تقوم عليه الحجة وتنتفي عنه موانع التكفير يصبح حينئذ مرتداً عن الدين، ويجب على ولىّ أمر المسلمين تطبيق حكم الله فيه.
ويمتنع على آحاد الناس إقامة الحدود والأحكام دون السلطان، فان هذا يسبب فوضى في المجتمع ولا يحقق المصلحة المطلوبة.
وللحديث بقية لعلي أتحدث عنه في جلسة أخرى.
وأشير إلى أسباب الضلال في هذا الباب ومواطن الزلل في كلام كثير من المعاصرين:
فقد زلّ في هذه المسألة الكبيرة طائفتان:
1) الخوارج: حيث أخرجوا عصاه الموحدين من الإسلام وجعلوا ذنباً ما ليس بذنب ورتبوا على ذلك أحكام الكفر ولم يراعوا في ذلك الأحكام الشرعية ولا المطلق من المقيد ولا موانع التكفير.
2) وقابلهم في هذا الضلال أهل الإرجاء: حيث زعموا أنه لا يكفر أحد بذنب مهما كان ذنبه حتى يستحل أو يجحد.
وأختم بمسألة مهمة؛ وأنبه على أنه ليس كل من شابه المرجئة بقول أصبح مرجئاً ولا كل من دان بقول من أراء الخوارج صار خارجياً، فلا يحكم على الرجل بالإرجاء المطلق ولا أنه من الخوارج حتى تكون أصوله هي أصول المرجئة أو أصول الخوارج.
وقد يقال عن الرجل؛ "فيه شيء من الإرجاء في هذه المسألة، وذاك فيه شيء من مذاهب الخوارج".
وحذار حذار من الظلم والبغي حين الحديث عن الآخرين من العلماء والدعاة والمصلحين وغيرهم، فالعدل في القول والفعل من صفات المؤمنين وهو مما يحبه الله ويأمر به، قال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان}.
وقد اتفق الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم إنسهم وجنهم على حب العدل، واتفق الناس كلهم على بغض الظلم وذمه وبغض أهله وذمهم، ومهما كانت منزلة عدوك من الانحراف والضلال فهذا لا يسّوغ لك ظلمه وبهته. فكن من خير الناس للناس ولا تتحدث عن الآخرين إلا بعلم وعدل، واجعل قصدك نصرة الحق والنصيحة للآخرين.

(وغالب الحكام الموجودين الآن جهلة!، لا يعرفون شيئاً)

يعني كم سيأخذ هؤلاء الجهال من الوقت كي يتعلموا كيفية تطبيق الشريعة سنة اثنين ثلاثة .......عشرة .بعضهم مكث في الحكم لعشرات السنين.
و اذا كانوا جهالا لماذا لا يتنحون ليتركوا المكان لمن يعلم ...

جمال البليدي
2008-12-27, 22:47
السؤال السادس عشر‏:‏

صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان

عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء

ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانون الفرنسي البريطاني وغيرها ، مع جعله قانوناً ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية ‏؟‏

الجواب ‏:‏

من نحّى الشريعة الإسلامية نهائياً وأحل مكانها القانون فهذا دليل على أنه يرى جواز هذا الشيء ، لأنه ما نحاها وأحل محلها القانون إلا لأنه يرى أنها أحسن من الشريعة ، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منها لما أزاح الشريعة وأحل محلها القانون، فهذا كفر بالله عز وجل ‏.‏

أما من نص على أن قضايا النكاح والميراث فقط تكون على حسب الشريعة ، هذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، يعني يحكّم الشريعة في بعض، ويمنعها في بعض، والدين لا يتجزأ، تحكيم الشريعة لا يتجزأ، فلا بد من تطبيق الشريعة تطبيقا كاملاً، ولا يطبق بعضها ويترك بعضها ‏.‏
http://www.mekkaoui.net/maktabaislam...aagwiba/02.htm

لقد اخبرتك أن الشيخ الفوزان من الذين يقولون بتكفير تحيكم القوانين ولا أنكر هذا لكن مع هذا لا يكفر الحكام إذ أن هناك فرق بين النوع والمعين فتدبر وقد بينت هذا في ردي على الشبهة السابعة.

هل عند اخي ان : ان يكون كافرا لا تساوي تاركا لواجب شهادة ان محمد رسول الله ام ان ترك واجب شهادة ان محمد رسول الله كفر اصغر غير مخرج من الملة؟

نعم هناك فرق بدليل أن الشيخ فرق بينهما فالاول كفر أكبر والثاني يجب فيه التفصيل فحالق اللحية قد ترك واجب شهادة محمد رسول الله كذلك فتأمل .
ومما يدل على أن الشيخ ابن ابراهيم يرى بالتفصيل هو قوله التالي(«... من تحكيم شريعته والتقيد بها ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي:
[1] من حكم بها - أو حاكم إليها - معتقداً صحة ذلك وجوازه ؛ فهو كافر الكفر الناقل عن الملة ،
[2] وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛ فهو: كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة» انتهى.
وهي موجودة في "مجموع فتاواه" ضمن المجلد االأول ص(80) بتاريخ (9 / 1 / 1385هـ)، وقد كُررت في موضع آخر ضمن المجلد العاشر (النكاح) تحت عنوان: (الزواج بثانية مع وجود الأولى) (القسمة - معارف متنوعة).

وقد جاء في سؤال الأخ؛ طلب بيان نواقض أصل الإيمان:
وهي كثيرة وقد تقدمت الإشارة إلى شيء منها:
- كترك جنس العمل مطلقاً.
- وترك الصلاة بالكلية.
- والطواف على القبور والسجود للأصنام.
- وإلقاء المصحف في القاذورات.
- ودعاء غير الله.
- والتقرب بالذبح لغير الله.
- والنذر للأولياء.
- وسب الله أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم.
- والاستهزاء بالدين.
- وتبديل شرع الله ووضع القوانين الوضعية وإقامتها مقام حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، فمناط الكفر في هذه الآية هو ترك حكم الله والإعراض عنه، وسبب نزول الآية يقضي بكفر من ترك حكم الله واعتاض عنه بغيره من أحكام البشر.
والكفر إذا عرف باللام فيراد به الكفر الأكبر.
هنا أراك قلت بحجتين
الأولى:تبديل الشرع الله
الثانية: تعريف الكفر بالألف واللام

أما الجواب على الحجة الأولى فيقال لك: إن مصطلح التبديل لا يعني التغيير
التبديل هو أن يضع حكماً غير حكم الله زاعماً انه حكم الله أما من وضع حكماً غير حكم الله ولم يزعم أنه حكم الله فليس مبدلاً .
قال ابن العربي :" وهذا يختلف: إن حكم بما عنده على أنه من عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر … ا .هـ
وسأبين هذا بالتفصيل لأن كل ماذكرته من شبهات قد ردستها.
وأما الجواب على الحجة الثانية فيقال لك:
هذا لا يصح ، لورود أحاديث صحيحة جاء "الكفر" فيها معرفاً بأل ، ويراد به الكفر الأصغر إجماعاً.
عن مسروق -رحمهُ اللهُ- قال: سألت ابن مسعود -- عن الرشا في الحكم؟ قال: ذلك الكفر( ).
ومعلوم أن الرشوة في الحكم من الكبائر إجماعاً.
عن ابن عباس -رضي اللهُ عنهما-: أنَّ امرأة ثابت بن قيس أتت النبي -- فقالت: يا رسول الله ، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام.. الحديث ( ).
وقد قال ابن عباس -- عن الرجل الذي يأتي المرأة في دبرها : ((ذلك الكفر)) ( ).
قال محمد بن إسحاق حدثني أبان بن صالح عن طاوس وسعيد ومجاهد وعطاء: أنهم كانوا ينكرون إتيان النساء في أدبارهن، ويقولون هو الكفر( ) .
ثانياً: إن الآية ليس فيها كلمة (الكفر) فهذه مصدر، وإنما في الآية (الكافر) وهو اسم فاعل وفرق بين المصدر المعرف بأل ، وبين اسم الفاعل المعرف بأل ..
فكلام شيخ الإسلام -رحمهُ اللهُ- على المصدر لا على اسم الفاعل.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح بن عثيمين -رحمهُ اللهُ- : "من سوء الفهم أيضاً قول من نَسَبَ لشيخ الإسلام ابن تيميَّة أنَّه قال: "إذا أطْلِق الكفر فإنما يراد به كفر أكبر" مستدلاً بهذا القول على التَّكفير بآية : {فأولئك هم الكافرون} ، مع أنَّه ليس في الآية أن هذا هو (الكفر).
وأما القول الصحيح عن شيخ الإسلام فهو تفريقه -رحمهُ اللهُ- بين (الكفر) المعرف بـ(ال)، وبين (كفر) منَكَّراً( ).
فأما الوصف؛ فيصلح أن نقول فيه : "هؤلاء كافرون" أو "هؤلاء الكافرون" ؛ بناء على ما اتصفوا به من الكفر الذي لا يخرج من الملة، فَفَرْقٌ بين أن يوصف الفعل وأن يوصف الفاعل.
وعليه؛ فإنه بتأويلنا لهذه الآية على ما ذكر: نحكم بأن الحكم بغير ما أنزل الله ليس بكفر مخرج من الملة، لكنه كفر عملي، لأن الحاكم بذلك خرج عن الطريق الصحيح"( ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ اللهُ- : "وإذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم: إنه يكون فيه إيمان وكفر، ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قالوا: كفروا كفراً لا ينقل عن الملة ، وقد اتبعهم على ذلك أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة"( ) .

وما روي عن ابن عباس؛ من كونه "كفراً دون كفر"، فلا يثبت عنه وقد بينت نكارته في غير موضع، وأبنت أن المحفوظ عنه إطلاق الكفر على من حكم بغير ما أنزل الله.

فعن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-في قوله - عز وجل-:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44] قال: «ليس بالكفر الذي تذهبون إليه».
وفي رواية: « إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفراً ينقل عن الملة {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} كفر دون كفر».
أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (4/1482/749-تكملة) ، وأحمد في «الإيمان»([11]) (4/160/1419) -ومن طريقه ابن بطة في «الإبانة» (2/736/1010)-، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/521/569) ، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/1143/6434-ط الباز)، وابن عبد البر في «التمهيد» (4/237) ، والحاكم (2/313)- وعنه البيهقي (8/20)- عن سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس به.
قال الحاكم : «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.
قال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني- رحمه الله- في «الصحيحة» (6/113): «وحقِّهما أن يقولا : على شرط الشيخين؛ فإنَّ إسناده كذلك. ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في «تفسيره» (6/163) عن الحاكم أنه قال: «صحيح على شرط الشيخين» ، فالظاهر أن في نسخة «المستدرك» المطبوعة سقطاً ، وعزاه ابن كثير لابن أبي حاتم- أيضاً- ببعض اختصار».
قلت: وهو كذلك ؛ إلا أن هشام بن حجير راويه عن طاووس فيه كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.
قال ابن شبرمة: «ليس بمكة مثله» ، وقال العجلي :«ثقة صاحب سنة»، وقال ابن معين: «صالح» ، وقال أبو حاتم الرازي: «يكتب حديثه»، وقال ابن سعد: «ثقة له أحاديث» ، وقال ابن شاهين: «ثقة» ، ووثقه ابن حبان، وقال الساجي: «صدوق»، وقال الذهبي: «ثقة» ، ولخصه الحافظ بقوله: «صدوق له أوهام».
وضعفه يحيى القطان، والإمام أحمد، وابن معين - في رواية-([12]).
قلت : فرجل حاله هكذا ؛ لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن ما لم يخالف، وقد روى الشيخان له واحتجا به، ومع ذلك لم يتفرد به بل توبع.وإن أبيتم إلا تضعيف الأثر فقد صح عن اثنين من أصحاب ابن عباس وهما:
1. طاووس،
2. وعطاء؛
صرَّحا بأن المراد بالكفر في الآية الكفر الذي لا ينقل عن الملة، (انظر ما رواه المروزي 574، وابن جرير في تفسيره)،
كما لم يفهم أحدٌ من العلماء من كلام ابن عباس -رضي الله عنه- أنه يريد بهذه الرواية الكفر الأكبر.
فهذا يغلِّب إرادة الأصغر فإن أقوال أصحاب الرجل توضِّح قوله، ومذهب الصحابيِّ يؤخذ من مذهب أصحابه.

وثمَّ أمر آخر وهو:
أن ابن عباس -رضي الله عنه- أورد كلامه في مقابل قول الخوارج الذين يكفِّرون بالآية الكفر الأكبر؛ فلا وجه لكلام ابن عباس إلا أن يكون المراد عنده الكفر الأصغر.

وقد سئل ابن مسعود عن الرشوة؟ فقال: (من السحت)، فقيل له: أفي الحكم؟ قال: (ذاك الكفر)، ثم تلا هذه الآية {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، وهذا أثر صحيح رواه ابن جرير في تفسيره ورواه أبو يعلى في مسنده و البيهقي ووكيع في أخبار القضاة.
والجواب على هذه الشبهة من أوجه:
الوجه الأول: لو تأملت أثر ابن مسعود ولو قليلاً لعلمنا أنه لا يدل على ما يريد به هؤلاء ولا ممسك لهم به ، وذلك لأمرين:
1- أن الأخذ بظاهره على ما تظن يقتضي الكفر الأكبر لمن أخذ الرشوة ليحكم بغير ما أنزل الله في مسألة واحدة . وهذا الظاهر لا تقول به ، وقطعاً غير مراد للإجماعات التي سبق نقلها عن ابن عبدالبر وغيره من أن هذا قول الخوارج دون غيرهم .
2- أن ابن مسعود لم يبين أي الكفر المراد : الأكبر أو الأصغر . أما أثر ابن عباس فصريح في إرادة الأصغر دون الأكبر فلا يصح جعل الخلاف بين الصحابة بما هو مظنون ، فإن الأصل عدم خلافهم لقلته بينهم .
الوجه الثاني: : أن ابن مسعود يقول بالتفصيل الذي ذهب إليه ابن عباس وعامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كما نقله عنه القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (6/190): «وقال ابن مسعود والحسن هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله؛ أي: معتقداً ذلك مستحلاً له».
الوجه الثالث: الرشوة معصية بإجماع المسلمين، ولا يكفر مرتكب الكبيرة إلا بالاستحلال، بإجماع أهل السنة والجماعة.
الوجه الرابع: أن ابن مسعود وغيره من الصحابة- رضي الله عنهم- لم يقل أحد منهم برأي الخوارج؛ كما هو صريح قول ابن عباس للخوارج عندما ناظرهم: «جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فيكم منهم أحد، ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله».
والخوارج هم الذين يستدلون بهذه الآية على التكفير المطلق دون تفصيل؛ فلو كان ابن مسعود - رضي الله عنه- يرى رأيهم لكان معهم -وحاشاه-، وهو الذي أنكر على الخوارج ما هو أدنى من ذلك وأقل- التسبيح بالحصى- في مسجد الكوفة في القصة المشهورة.
الوجه الخامس: أن جميع أهل العلم الذين نقلوا تفسير عبد الله بن عباس وتلقوه بالقبول؛ نقلوا معه اتفاق الصحابة - رضي الله عنهم- ولم يذكروا له مخالفاً، فدعوى المخالفة لا دليل عليها، ولا أصل لها، ولكن القوم يتشبثون بخيوط القمر(!).

وأي كفر أكبر من الإعراض عن شرع الله والصد عنه ومحاكمة من دعا إليه ولمزه بالرجعية والتخلف عن الحضارة والمناداة عليه بالجهل وسوء الفهم.

والجواب: : إنك تريد تكفير هذا المسلم لكونك تصف فعله بأنه كفرُ إعراض . وأرجو قبل وصفك فعله بأنه كفر إعراض أن تكون مستحضراً لضابط كفر الإعراض الذي هو الإعراض بالكلية عن أصل الدين أو ترك جنس العمل .
وعلى هذا من ترك الحكم بما أنزل الله لم يقع في كفر الإعراض لأنه لم يترك جنس العمل أما إلزامك لمن ترك الحكم بما أنزل الله بأنه مستحلٌ لذلك فهذا إلزامٌ غير صحيح وإن كان محتملاً ولا يدفع الدين اليقيني بالكفر المحتمل لأن من دخل الدين بيقين لم يخرج إلا بيقينٍ مثله فأين هو ؟ ثم هذا يفتح باباً في تكفير أهل المعاصي . فكل من يستعظم معصية يحكم على صاحبها بأنه كافر لأنه مستحل لهذه المعصية إذ فعل هذه المعصية عظيم لا تكون عند ه إلا من مستحل لها .

أما باقي شبهاتك فسيتم الرد عليها فلا تستعجل.

جمال البليدي
2008-12-27, 22:50
الشبهة التاسعة عشر: إستدلالهم بقوله تعالى(ولا يشرك في حكمه أحدا).
ومما يلبس به الخوارج ما قالوا:
إن الله -عزَّ وجلَّ- قد خصَّ نفسه بالتشريع ، فهو حق من حقوق الله لا يشاركه فيها أحد ، فمن حكم بغير ما أنزل الله فهو مشرك كافر والله يقول: {ولا يشرك في حكمه أحداً}([1] (http://montada.echoroukonline.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=362969#_ftn1)) ، وقال تعالى: {إن الحكم إلا لله}([2] (http://montada.echoroukonline.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=362969#_ftn2)).
والجواب على هذه الشبهة من وجهين:
الوجه الأول: نقول هل هؤلاء الذين يحكمون بغير ما أنزل الله يقولون هذا حكم الله حتى يكونوا مشاركين له في وضع حكمه سبحانه وتعالى ؟ إن كانوا كذلك فقد سبق أن هذا كفرٌ لا شك فيه وإن لم يكونوا كذلك فلا يصح الاستدلال عليهم بالآية . فتأمل!
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي:" هذا يشمل الحكم الكوني القدري والحكم الشرعي الديني فإنه الحاكم في خلقه قضاءً وقدراً وخلقاً وتدبيراً والحاكم فيهم بأمره ونهيه وثوابه وعقابه …ا. هـ [3] (http://montada.echoroukonline.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=362969#_ftn3).
وقال الشاطبي :" ويمكن أن يكون من خفيِّ هذا الباب مذهب الخوارج في زعمهم أن لا تحكيم استدلالاً بقوله تعالى )إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ(فإنه مبنيٌّ على أن اللفظ ورد بصيغة العموم فلا يلحقه تخصيصٌ فلذلك أعرضوا عن قوله تعالى )فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا( وقوله )يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ… ( وإلا فلو علموا تحقيقاً قاعدة العرب في أن العموم يُراد به الخصوص لم يسرعوا إلى الإنكار ولقالوا في أنفسهم : لعلَّ هذا العام مخصوصٌ فيتأولون … ا. هـ
فحكم الله الكوني واقع سواءً كان الله سبحانه محباً له أو غير محبٍ كالإرادة الكونية وهذا بلا شك لا أحد يشاركه فيه ومن اعتقد أن أحداً يشارك الله في هذا فقد وقع في الشرك الأكبر إذ إنه سوى غير الله بالله في أمرٍ خاصٍ بالله وهو شرك في الربوبيَّة أما الحكم الشرعي ، فإن أريد به التحليل والتحريم فهذا لاشك كفرٌ كما سبق ، وإن أريد مخالفة أمر الله مع الاعتراف بالخطأ فهذا لاشك أنه ليس كفراً كما هو الحال في باقي الذنوب ، وإلا كنا كالخوراج مكفرين بالذنوب فلأجل هذا لا يصح لكم الاستدلال بهذه الآية.
الوجه الثاني: منازعة الله -سبحانه- ببعض ما اختص به نفسه دون عباده ليس كفراً مخرجاً من الملة بإطلاق، بل هو على نوعين:
الأول: ما يكون كفراً مخرجاً من الملة بإطلاق ودون تفصيل، كادعاء استحقاق العبادة، أو القدرة على الإحياء والإماتة ونحو ذلك.
الثاني: ما يكون فيه التفصيل والتفريق بين المستحل وغيره؛ فالخلق والتصوير من خصائصه -سبحانه وتعالى- ومنازعته في هذه الصفة ليس كفراً أكبر باتفاق السلف الصالح.
أخرج الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « قال الله - عز وجل- : ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي؟ فليخلقوا ذرة ، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة».
قال القرطبي في «المفهم» (5/432): « وقد دل هذا الحديث على أن الذم والوعيد إنما علق من حيث تشبهوا بالله -تعالى- في خلقه ، وتعاطوا مشاركته فيما انفرد الله -تعالى- به من الخلق والاختراع».
والتصوير مضاهاة لله في خلقه؛ فالمصورون ينازعون الله ما انفرد به، ومع ذلك فأهل السنة لم يكفِّروا منهم إلا من استحله أو قصد العبادة والمضاهاة له -سبحانه- أما من لم يستحل ذلك، فهو من أصحاب الكبائر وليس بكافر.
قال الإمام النووي في«شرح صحيح مسلم» (13/81): « تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر ؛ لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث، وسواء صنعته بما يمتهن أو بغيره، فصنعته حرام بكل حال؛ لأن فيه مضاهاة لخلق الله -تعالى-».

وكذلك العز والكبرياء والعظمة من أوصاف الله -تعالى- التي لا تنبغي لأحد سواه؛ ففي الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد وأبي هريرة- رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «العز إزاري، والكبرياء ردائي؛ من ينازعني عذبته».
ومع ذلك؛ فلا يكفّر أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح من يتكبَّر، ويحتقر غيره ويزدريه، ويستعظم نفسه بغير استحلال.
فكذلك الحكم والتشريع لا يكفّر من نازع الله فيها إلا من الجاحد المستحل -أو ما في معنى ذلك-، والله أعلم.
والخلاصة:

1. أن الذي يحكم بغير ما أنزل الله ويقول (هذا حكم الله) أو يعتقد لنفسهالجواز؛ يكون مشاركاً لله في حكمه سبحانه وتعالى الذي هو من خصائصه؛ فإنكان كذلك فقد سبق أن هذا كفرٌ لا شك فيه وأنه خارج محل البحث؛ لأنه إمامبدَّل أو مستحِلّ،
2. وإن لم يكن كذلك بأن كان يرى أنه مخطيء وأنه لايجوز له ذلك فلا يصح الاستدلال على كفره بالآية لأنه ليس مشاركاً للهتعالى في حكمه كسائر أهل المعاصي.

---------------

([1]) سورة الكهف(آية/26).

([2]) سورة يوسف(آية/40)

[3] (http://montada.echoroukonline.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=362969#_ftnref3)كتاب تيسير الكريم الرحمن .

جمال البليدي
2008-12-27, 22:51
الشبهة العشرون:إستدلالهم بقوله تعالى( وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى الله)
وقد إستدلوا بها على كفر من لم يحكم بما أنزل الله .
والجواب: لسنا مختلفين معكم ولو بقيد أنملة أن هؤلاء الحاكمين بغير ما أنزل الله آثمون وواقعون في ذنبٍ عظيمٍ وأنهم من أسباب هزيمة أمتنا وضعفها لكن ليس لي أن أحكم عليهم بكفرٍ إلا بدليلٍ ؛ لأن التكفير حقٌ لله سبحانه – كما هو متقرِّرٌ - وغاية ما في هذا الدليل أنه يجب عليهم الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فيه الحكم بكفرهم مطلقاً عند ترك ذلك .
فليس في الآية دلالة على مسألة البحث –في تكفير من حكم بغير ما أنزل الله على غير وجه الاستحلال.

جمال البليدي
2008-12-27, 22:58
الشبهة الواحدة و العشرون :إستدلالهم بقوله تعالى(أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون)

ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: إن من حكم بغير ما أنْزل اللهُ فقد ابتغى حكم الجاهلية ، والله يقول: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}([1]) والجاهليون كفار ، فمن فعل مثلهم فهو كافر.

والجواب على هذه الشبهة من:
إضافةُ الشيء إلى الجاهلية أو وصفه به لا يدل على الكفر فمن ثم لا يكون كفراً إلا بدليلٍ خارجي دالٍ على الكفر ويوضح ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لأبي ذر " إنك امرؤٌ فيك جاهلية " متفق عليه وقال في حديث أبي مالك الأشعري عند مسلم( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن ...)
قوله: ((ثلاثة من أمر الجاهلية الطعن في الأنساب والنياحة والأنواء))(104).
ومثله الحديث الذي يُرْوَى عن جرير وأبي البختري الطائي: ((ثلاثة من سنة الجاهلية النياحة وصنعة الطعام، وأن تبيت المرأة في أهل الميت من غيرهم))(105) وكذلك الحديث " آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا أوعد أخلف وإذا ائتمن خان " (106) وقول عبد الله " الغناء ينبت النفاق في القلب "(107)
ليس وجوه هذه الآثار كلها من الذنوب أن راكبها يكون جاهلاً، ولا كافراً، ولا منافقاً، وهو مؤمن بالله وما جاء من عنده، ومؤد لفرائضه، ولكن معناها أنها تتبين من أفعال الكفار، مُحَرَّمَةٌ مَنْهِيٌّ(108) عنها في الكتاب وفي السنة ليتحاماها المسلمون ويتجنبوها، فلا يتشبهوا بشيء من أخلاقهم ولا شرائعهم.
ولقد روي في بعض الحديث: ((إنَّ السواد خضاب الكفار))(109) فهل يكون لأحد أن يقول: إنَّه يكفر من أجل الخضاب ؟!
وكذلك حديثه في المرأة إذا استعطرت ثم مرت بقوم يوجد ريحها: ((أنها زانية))(110) فهل يكون هذا على الزنا الذي تجب فيه الحدود؟
ومثله قوله: ((المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان))(111). أفيتهم عليه أنه أراد الشيطانين الذين هم أولاد إبليس ؟!
إنما هذا كله على ما أعلمتك من الأفعال والأخلاق والسنن.
وكذلك كل ما كان فيه ذكر كفر أو شرك لأهل القبلة فهو عندنا على هذا، ولا يجب اسم الكفر والشرك الذي تزول به أحكام الإسلام ويلحق صاحبه للردة إلا بكلمة الكفر خاصة دون غيرها وبذلك جاءت الآثار مفسرة"([2]) .
قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام -رحمهُ اللهُ- : " فقد أخبرك أن في الذنوب أنواعاً كثيرة تسمى بهذا الاسم، وهي غير الإشراك التي يتخذ لها (100) مع الله إله غيره، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فليس لهذه الأبواب عندنا وجوه إلا أنها(101) أخلاق المشركين وتسميتهم وسننهم وألفاظهم وأحكامهم ونحو ذلك من أمورهم.
وأما الفرقان الشاهد عليه في التَّنْزيل فقول الله جل وعز: ]وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُون[ ( المائدة /44) وقال ابن عباس: " ليس بكفر ينقل عن الملة " (102) وقال عطاء بن أبي رباح: " كفر دون كفر "
فقد تبين لنا أنه (103) كان ليس بناقل عن ملة الإسلام أن الدين باق على حاله وإن خالطه ذنوب، فلا معنى له إلا خلاف الكفار وسنتهم، على ما أعلمتك من الشرك سواء، لأن من سنن الكفار الحكم بغير ما أنزل الله.
ألا تسمع قوله ] أفحكم الجاهية يبغون[ ( المائدة /50). تأويله عند أهل التفسير أن من حكم بغير ما أنزل الله وهو على ملة الإسلام كان بذلك الحكم كأهل الجاهلية إنما هو أن أهل الجاهلية كذلك كانوا يحكمون.)) الإيمان ص 45 .

--------------------------------------------------------------------------------
([1]) سورة المائدة(آية/50).
(104) حديث صحيح، رواه البخاري في " التاريخ " والطبراني في " الكبير " (1/105/2) عن جنادة بن مالك، والبزار عن عمرو بن عوف، وابن جرير عن أبي هريرة وعن أنس بن مالك، وعنه أبو يعلي أيضا باختصار بإسناد قوي كما في " الفتح " (37/12) وهو في البخاري عن ابن عباس موقوفا عليه.
(105) أما حديث جرير وهو ابن عبد الله البجلي، فقد أخرجه ابن ماجه (1612) عن إ سماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير قال: " كنا نرى الاجتماع الى أهل الميت، وصنعة الطعام من النياحة " وإسناده صحيح وأما حديث أبي البحتري واسمه سعيد بن فيروز تابعي ثقة – فلم أره.
(106) متفق عليه من حديث أبي هريرة.
(107) رواه أبو داود (4927) عن عبد الله وهو ابن مسعود مرفوعا، وإسناده ضعيف. يقول أبو عمر العتيبي: وصح موقوفاً على ابن مسعود -رضي الله عنه-. رواه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة(2/629) ، والبيهقي في السنن الكبرى(10/223) ، وفي شعب الإيمان(4/278) وسنده حسن.
(108) كذا الأصل، ولا يخلو من شيء
(109) حديث ضعيف أخرجه الطبراني والحاكم وقال الذهبي وغيره: " حديث منكر ".
(110) حديث صحيح، أخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في " صحاحهم " عن أبي موسى الأشعري مرفوعا بلفظ: " أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية، وكل عين زانية " وأخرجه بنحوه أبو داود والترمذي وصححه.

([2]) كتاب الإيمان ومعالمه وسننه واستكماله ودرجاته لأبي عبيد(ص/44-46) ، والتعليقات لمحققه الشيخ الألباني -رحمهُ اللهُ- .
(100) كذا الأصل ولعل الصواب (فيها )
(101) الأصل (أنا ) ولعل الصواب ما أثبتنا
(102) الأصل (ملة ) والتصويب من ( مستدرك الحاكم )، وقد أخرجه (2/313) من طريق طاوس عن ابن عباس وصححه هو والذهبي
(103) كذا الأصل، ولعل الصواب (إذ)

جمال البليدي
2008-12-27, 23:00
الشبهة الثانية والعشرون :إستدلالهم بسبب نزول قوله تعالى ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ (

ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: سبب نزول قوله تعالى ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ (
قال الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فقال اليهودي نتحاكم إلى محمد – صلى الله عليه وسلم – لأنه عرف أنه لا يأخذ الرشوة وقال المنافق نتحاكم إلى اليهود لعلَّمه أنهم يأخذون الرشوة ، فاتفقا أن يأتيا كاهناً في جهينة فيتحاكما إليه فنزلت الآية ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ… ([1].
والجواب على هذه الشبهة:
هذا الأثر منقطع لأن الشعبي من التابعين فهو ضعيف،
2. ثم الآية –لو صح الحديث- في منافقٍ ويهوديّ، وتحقق صفةٍ من صفات المنافقين في مسلمٍ لا يستلزم منه وصفه بالنفاق الأكبر،
3. ثم ليس هناك ما يدلّ –صراحةً- على أن وصف النفاق تحقق في الرجل بسبب هذا التحاكم وقد فصلت حول هذه المسألة في ردي على الشبهة رقم....

وقالو كذلك : هناك سبب نزول آخر وهو أن رجلين اختصما فقال أحدهما: نترافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر إلى كعب بن الأشرف ثم ترافعا إلى عمر فذكر له أحدهما القصة فقال للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه وسلَّم أكذلك قال نعم فضربه بالسيف فقتله "
قلنا : إن هذا الأثر لا يصح أيضاً بل هو أشد ضعفاً من الذي قبله إذ هو من طريق الكلبي عن أبي صالح باذام عن ابن عباس به[2] فقد جمع هذا السند بين كذاب ومتروك وانقطاع .
وقالوا كذلك: : هناك سبب نزول[3] عن ابن عباس قال كان أبو بردة الأسلمي كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون إليه فتنافر إليه أناسٌ من المسلمين فأنزل الله تعالى ) .. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ (الآية .
قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح[4].
وقال الحافظ : إسناده جيد[5].
وقال الشيخ مقبل الوادعي[6]: شيخ الطبراني ما وجدت ترجمته لكنه قد تابعه إبراهيم بن سعيد الجوهري عند الواحدي ا . هـ
فبهذا يتبين صحة إسناده فما قولك فيه ؟
قلنا: : قد سلمنا لكم بصحة هذا الأثر لكن لم نسلِّم بدلالته على ما نحن فيه وذلك لما يلي:
1/ أن هؤلاء الذين أتوا أبا بردة منافقون كما يدل عليه سياق الآيات فمن ثم تكون الآية ذاكرة صفة من صفاتهم وليس تحاكمهم هو السَّبب في كونهم يزعمون بل هم يزعمون الإيمان من قبل التحاكم فعليه من شابه المنافقين في صفةٍ لم يكن منافقاً إلا بإثبات أن هذه الصفة مكفرةٌ بنص خارجيٍّ آخر فأين هو ؟
2/ أن هؤلاء النفر يريدون التحاكم إلى غير ما أنزل الله وإرادتهم هذه ليست مطلقةً بل إرادةٌ تنافي الكفر بالطاغوت الذي يعد الكفر به ركناً من أركان الإيمان ، ولا شك أن من لم يَرَ وجوب الكفر بالطاغوت فهو كافر – كما سبق- .
3/ أن استدلالك بهذا الأثر يلزم منه لازمٌ لا تقول به أنت وهو أن تكفِّر من لم يحكم بما أنزل الله ولو في مسالةٍ واحدةٍ .


--------------------------------------------------------------------------------
[1] أخرجه الطبري ( 5/97 ) .
[2] كما علقه الواحدي في أسباب النزول ص 107 – 108 والبغوي في معالم التنـزيل ( 2/242 ) .
[3] رواه الطبراني في الكبير ( 124/5 ) والواحدي في أسباب النزول ص106- 107 .
[4] مجمع الزوائد ( 7/6 ) .
[5] الإصابة ( 7/18 ) .
[6] بعد أن أورده في الصحيح من أسباب النزول ص 69 .

جمال البليدي
2008-12-27, 23:11
الشبهة الثالثة والعشرون:استدلالهم بقوله تعالى(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الكافرون)


ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: أن الله حكم على الذي لم يحكم بما أنزل الله بأنه الكافر فرتَّب وصفه بالكافر على مجرد الحكم بغير ما أنزل الله دون نظرٍ لاعتقاد فدلَّ على أن علَّة هذا الحكم كونه لم يحكم بما أنزل فحسب ولا يصحُّ لكم أن تحملوا وصف الكافر هنا على الكفر الأصغر لأن الحافظ الإمام ابن تيمية حكى بعد الاستقراء لنصوص الشريعة أن الكفر المعرَّف لا ينصرف إلا إلى الأكبر[1]، ثم ذكر هو وغيره أن الأصل في الكفر إذا أطلق انصرف إلى الأكبر إلا بدليل إذ الأصل في اللفظ إذا أُطلق في الكتاب والسنة انصرف إلى مسماه المطلق وحقيقته المطلقة وكماله.

والجواب على الشبهة:

: لقد ذكرتم في ثنايا كلامكم حججاً ثلاثاً :

1- أن الشارع علَّق الحكم بمجرد التحكيم دون النظر للاعتقاد .

2- أن اللفظ إذا أُطلق في الشريعة انصرف إلى كماله إلا بدليل .

3- أن ابن تيمية استقرأ لفظ الكفر في الشريعة وتبين له أنها لا تنصرف إلا إلى الأكبر دون الأصغر .

والجواب على الحجة الأولى يكون بما يلي :
أ‌- لا نخالفكم في أن الشارع علّق الحكم بوصف( الكافر ) على مجرد التحكيم بغير ما أنزل الله لكنني أقول بأن الكفر هنا أصغر لا أكبر للأدلة التالية:

1- أن الأخذ بعموم الآية يلزم منه تكفير المسلمين في أي حادثةٍ لم يعدلوا فيها بين اثنين حتى الأب مع أبنائه بل والرجل في نفسه إذا عصى ربه ؛ لأن واقعه أنه لما عصى ربه لم يحكم بما أنزل الله في نفسه[2] ووجه هذا اللازم أن لفظة ( مَنْ ) عامةٌ تشمل كل عالم[3] ( وما ) عامة تشمل كل ما ليس بعالم ومن لم يعدل بين بنيه داخلٌ في عموم (من ) ومسألته التي لم يعدل فيها داخلةٌ في عموم ( ما) .

فالنصوص الدالة على عدم كفر مثل هذا وكل عاصٍ تكون صارفةً للآية من الأكبر إلى الأصغر لأجل هذا أجمع العلماء على عدم الأخذ بعموم هذه الآية، إذ الخوارج هم المتمسكون بعمومها في تكفير أهل المعاصي والذنوب ولم يلتفتوا إلى الصوارف من الأدلة الأخرى .

قال ابن عبد البر : وقد ضلَّت جماعة من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة في هذا الباب فاحتجوا بآيات من كتاب الله ليست على ظاهرها مثل قوله تعالى ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (. ا . هـ [4].

وقال :أجمع العلماء على أن الجور في الحكم من الكبائر لمن تعمَّد ذلك عالماً به … ا . هـ[5]

وقال محمد رشيد رضا :" أما ظاهر الآية لم يقل به أحدٌ من أئمة الفقه المشهورين . بل لم يقل به أحدٌ قط " ا . هـ[6] فلعلَّه لا يرى الخوارج أيضاً متمسكين بظاهر الآية لكونهم لا يكفِّرون بالصغائر وظاهر الآية تشمل حتى الصغائر .

وقال الآجري: ومما يتبع الحرورية من المتشابه قول الله عز وجل ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( ويقرءون معها ) ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ( فإذا رأوا الإمام الحاكم يحكم بغير الحق قالوا: قد كفر ، ومن كفر عدل بربه فقد أشرك، فهؤلاء الأئمة مشركون ، فيخرجون فيفعلون ما رأيت ؛ لأنهم يتأولون هذه الآية ا.هـ[7] .

وقال الجصاص :" وقد تأولت الخوارج هذه الآية على تكفير من ترك الحكم بما أنزل الله من غير جحود . ا هـ[8]

وقال أبو حيان :" واحتجت الخوارج بهذه الآية على أن كل من عصى الله تعالى فهو كافرٌ وقالوا هي نص في كل من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر ا.هـ[9]

انظروا – يا رعاكم الله – توارد كلمات علماء الأمة في ذم الأخذ بعموم الآية وأنه مذهب الخوارج ، فكنوا حذرين.

2-- أنه ثبت عن ترجمان القرآن تفسير الآية بالكفر الأصغر دون الأكبر وليس لنا أن نخالفه

فعن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-في قوله - عز وجل-:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44] قال: «ليس بالكفر الذي تذهبون إليه».

وفي رواية: « إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفراً ينقل عن الملة {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} كفر دون كفر».

أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (4/1482/749-تكملة) ، وأحمد في «الإيمان»([11]) (4/160/1419) -ومن طريقه ابن بطة في «الإبانة» (2/736/1010)-، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/521/569) ، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/1143/6434-ط الباز)، وابن عبد البر في «التمهيد» (4/237) ، والحاكم (2/313)- وعنه البيهقي (8/20)- عن سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس به.

قال الحاكم : «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.

قال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني- رحمه الله- في «الصحيحة» (6/113): «وحقِّهما أن يقولا : على شرط الشيخين؛ فإنَّ إسناده كذلك. ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في «تفسيره» (6/163) عن الحاكم أنه قال: «صحيح على شرط الشيخين» ، فالظاهر أن في نسخة «المستدرك» المطبوعة سقطاً ، وعزاه ابن كثير لابن أبي حاتم- أيضاً- ببعض اختصار».

قلت: وهو كذلك ؛ إلا أن هشام بن حجير راويه عن طاووس فيه كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.

قال ابن شبرمة: «ليس بمكة مثله» ، وقال العجلي :«ثقة صاحب سنة»، وقال ابن معين: «صالح» ، وقال أبو حاتم الرازي: «يكتب حديثه»، وقال ابن سعد: «ثقة له أحاديث» ، وقال ابن شاهين: «ثقة» ، ووثقه ابن حبان، وقال الساجي: «صدوق»، وقال الذهبي: «ثقة» ، ولخصه الحافظ بقوله: «صدوق له أوهام».

وضعفه يحيى القطان، والإمام أحمد، وابن معين - في رواية-([12]).

قلت : فرجل حاله هكذا ؛ لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن ما لم يخالف، وقد روى الشيخان له واحتجا به، ومع ذلك لم يتفرد به بل توبع.وإن أبيتم إلا تضعيف الأثر فقد صح عن اثنين من أصحاب ابن عباس وهما:
1. طاووس،
2. وعطاء؛
صرَّحا بأن المراد بالكفر في الآية الكفر الذي لا ينقل عن الملة، (انظر ما رواه المروزي 574، وابن جرير في تفسيره)،
كما لم يفهم أحدٌ من العلماء من كلام ابن عباس -رضي الله عنه- أنه يريد بهذه الرواية الكفر الأكبر.
فهذا يغلِّب إرادة الأصغر فإن أقوال أصحاب الرجل توضِّح قوله، ومذهب الصحابيِّ يؤخذ من مذهب أصحابه.

وثمَّ أمر آخر وهو:
أن ابن عباس -رضي الله عنه- أورد كلامه في مقابل قول الخوارج الذين يكفِّرون بالآية الكفر الأكبر؛ فلا وجه لكلام ابن عباس إلا أن يكون المراد عنده الكفر الأصغر.



أما الجواب على الحجة الثانية نقول: إنكم جعلتم الأصل في الكفر أنه للأكبر إلا بدليل يصرفه عن ذلك ، وقد ذكرتُ لكم الدليل الصارف من الأكبر إلى الأصغر وهو فهم الصحابي أولاً .

وثانياً كل دليل يدل على عدم كفر من ظلم بين اثنين ولم يعدل بل ومن ظلم مطلقاً غيره وأيضاً ما ذكر ابن عبد البر من الإجماع على أن الجور في الحكم ليس كفراً بل كبيرةٌ من كبائر الذنوب .

والجواب على الحجة الثالثة نقول:

أولاً: هذا لا يصح ، لورود أحاديث صحيحة جاء "الكفر" فيها معرفاً بأل ، ويراد به الكفر الأصغر إجماعاً.

عن مسروق -رحمهُ اللهُ- قال: سألت ابن مسعود -t- عن الرشا في الحكم؟ قال: ذلك الكفر([10]).

ومعلوم أن الرشوة في الحكم من الكبائر إجماعاً.

عن ابن عباس -رضي اللهُ عنهما-: أنَّ امرأة ثابت بن قيس أتت النبي -- فقالت: يا رسول الله ، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام.. الحديث ([11]).

وقد قال ابن عباس -t- عن الرجل الذي يأتي المرأة في دبرها : ((ذلك الكفر)) ([12]).

قال محمد بن إسحاق حدثني أبان بن صالح عن طاوس وسعيد ومجاهد وعطاء: أنهم كانوا ينكرون إتيان النساء في أدبارهن، ويقولون هو الكفر([13]) .

ثانياً: إن الآية ليس فيها كلمة (الكفر) فهذه مصدر، وإنما في الآية (الكافر) وهو اسم فاعل وفرق بين المصدر المعرف بأل ، وبين اسم الفاعل المعرف بأل ..

فكلام شيخ الإسلام -رحمهُ اللهُ- على المصدر لا على اسم الفاعل.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح بن عثيمين -رحمهُ اللهُ- : "من سوء الفهم أيضاً قول من نَسَبَ لشيخ الإسلام ابن تيميَّة أنَّه قال: "إذا أطْلِق الكفر فإنما يراد به كفر أكبر" مستدلاً بهذا القول على التَّكفير بآية : {فأولئك هم الكافرون} ، مع أنَّه ليس في الآية أن هذا هو (الكفر).

وأما القول الصحيح عن شيخ الإسلام فهو تفريقه -رحمهُ اللهُ- بين (الكفر) المعرف بـ(ال)، وبين (كفر) منَكَّراً([14]).

فأما الوصف؛ فيصلح أن نقول فيه : "هؤلاء كافرون" أو "هؤلاء الكافرون" ؛ بناء على ما اتصفوا به من الكفر الذي لا يخرج من الملة، فَفَرْقٌ بين أن يوصف الفعل وأن يوصف الفاعل.

وعليه؛ فإنه بتأويلنا لهذه الآية على ما ذكر: نحكم بأن الحكم بغير ما أنزل الله ليس بكفر مخرج من الملة، لكنه كفر عملي، لأن الحاكم بذلك خرج عن الطريق الصحيح"([15]) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ اللهُ- : "وإذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم: إنه يكون فيه إيمان وكفر، ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قالوا: كفروا كفراً لا ينقل عن الملة ، وقد اتبعهم على ذلك أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة"([16]) .





--------------------------------------------------------------------------------

[1] انظر الاقتضاء ( 1/211 ) وشرح العمدة قسم الصلاة (82) .

[2] قال ابن حزم في الفصل ( 3/ 234): فإن الله عز وجل قال : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، ومن لم يحكم بما أنز الله فأولئك هم الفاسقون ، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون . فليلزم المعتزلة أن يصرحوا بكفر كل عاص وظالم وفاسق لأن كل عامل بالمعصية فلم يحكم بما أنزل الله ا.هـ

[3] درج كثير من العلماء أن يعبر بكلمة (عاقل ) بدل (عالم)لكن عالم أدق لأن (مَنْ ) أطلقت على الله ، فالله يوصف بالعلم ولا يوصف بالعقل .قال الخطابي في كتاب شأن الدعاء ص113 :وفي أسمائه العليم ومن صفته العلم ، فلا يجوز قياساً عليه أن يسمى عارفاً لما تقتضيه المعرفة من تقديم الأسباب التي بها يتوصل إلى علم الشيء وكذلك لا يوصف بالعاقل ..ا.هـ .

[4] التمهيد (17/16) .

[5] التمهيد (5/74-75 ) .

[6] تفسير المنار (6/406) .

[7] الشريعة ص27.

[8] أحكام القرآن ( 2/534 ) .

[9] البحر المحيط ( 3/493 ) .

([10]) رواه مسدد في مسنده -كما في المطالب العالية(10/197)- ، وأبو يعلى(9/173-174) ، وابن جرير في تفسيره(6/240) والطبراني في المعجم الكبير(9/225-226) ، والبيهقي في السنن الكبرى(10/139) وهو صحيح.

([11]) رواه البخاري في صحيحه(6/505رقم5273) .

([12]) رواه معمر في جامعه(11/442رقم20953) ، والنسائي في السنن الكبرى(8/197رقم 8955-الرسالة) وسنده صحيح.

([13]) رواه الدارمي في سننه(1/277) وسنده حسن.

([14]) بينت عدم صحة هذا أيضاً فيما سبق.

([15]) التحذير من فتنة التكفير(ص/77-78).

([16]) مجموع الفتاوى(7/312).

shinypro
2008-12-28, 11:22
ربي يذل التكفيريين
بصح الحمد لله جاو التكفيريين ديالنا جاهلين مشي كيما نتع السعودية ولا اليمن ولا لو كان خلات

جمال البليدي
2008-12-29, 14:28
الشبهةالرابعة والعشرون :إستدلالهم بقوله تعالى({إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}




ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: إن الله -عزَّ وجلَّ- كفر اليهود في قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}([1]) لَمَّا غيروا حكم رجم الزاني المحصن إلى التحميم لأنهم عدلوا عن حكم الله وجعلوا حكمهم نظاماً يطبق على الجميع ، ولم يكن كفرهم لاستحلالهم الحكم بغير ما أنزل الله! ([2])

والجواب على هذه الشبهة:

أن هذا من أعجب العجب!

فالروايات الصحيحة صريحة بأن اليهود جعلوا حكمهم المبدَّل هو حكم الله وشريعته، حيث نسبوا تشريعهم إلى الله -عزَّ وجلَّ- وجل ، فهذا أمر يتضمن استحلالهم ما حرَّم الله وزيادة..

فسبب نزول الآية: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "أنَّ اليهودَ جاؤوا إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فذكروا له؛ أنَّ رجلاً منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟)) فقالوا: نفضحهم ويجلدون.

فقال عبد الله بن سلام: كذبتم، إنَّ فيها الرجم، فَأَتَوا بالتوراة، فنشروها، فَوَضَعَ أحدُهم يدَهُ على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم ، فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَرُجِمَا"([3])

فقد جاء في هذا الحديث التَّصريح بأن اليهود نسبوا حكمهم إلى التوراة ، والتوراة كتاب الله ووحيه وشريعته، فقد نسبوا حكمهم إلى الله حين سألهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟)) فقالوا: نفضحهم ويجلدون.

وفي حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه-: فدعاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((هكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟)) قالوا: نعم([4]).

قال ابن كثير -رحمهُ اللهُ- : "فهذه الأحاديث دالة على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حكم بموافقة حكم التوراة، وليس هذا من باب الإكرام لهم بما يعتقدون صحته، لأنهم مأمورون باتباع الشرع المحمدي لا محالة، ولكن هذا بوحي خاص من الله -عزَّ وجلَّ- إليه بذلك، وسؤاله إياهم عن ذلك ليقررهم على ما بأيديهم مما تواطؤا على كتمانه وجحده وعدم العمل به تلك الدهور الطويلة، فلما اعترفوا به مع [عملهم] على خلافه بَانَ زيغُهُم وعنادهم وتكذيبهم لما يعتقدون صحته من الكتاب الذي بأيديهم ، وعدولهم إلى تحكيم الرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما كان عن هوى منهم وشهوة لموافقة آرائهم، لا لاعتقادهم صحة ما يحكم به، ولهذا قالوا: {إن أوتيتم هذا} أي: الجلد والتحميم {فخذوه} أي : اقبلوه ، {وإن لم تؤتوه فاحذروا} أي: من قبوله واتباعه"([5]).

وقد بين ابن جرير أن الله كفرهم لأنهم جاحدون لحكم الله حيث قال -رحمهُ اللهُ- : "إن الله عمَّ بالخبر بذلك عن قومٍ كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين ، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون، وكذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به هو بالله كافر، كما قال ابن عباس، لأنَّهُ بِجُحُودِهِ حكمَ الله بعد علمه أنَّهُ أنزله في كتابه نظيرَ جُحودِهِ نبوَّةَ نبيه بعد علمه أنه نَبِيٌّ"([6]).

وقال الجصاص -رحمهُ اللهُ- : "من جحد حكم الله ، أو حكم بغير حكم الله ثم قال: إن هذا حكم الله فهو كافر ، كما كفرت بنو إسرائيل حين فعلوا ذلك"([7]).

وقال إسماعيل القاضي -رحمهُ اللهُ- : "ظاهر الآيات يدلُّ على أنَّ من فعل مثل ما فعلوا واخترع حكماً يخالف به حكم الله ، وجعله ديناً يعمل به فقد لزمه ما لزمهم من الوعيد المذكور حاكماً كان أو غيره"([8]).

فظهر أن اليهود لم يكونوا عادلين عن حكم الله دون جحد أو استحلال بل كانوا جاحدين لحكم الله ، مستحلين الحكم بما تواضعوا واصطلحوا عليه ، ونسبوا فعلهم هذا إلى شريعة الله .

وهذا معروف عن اليهود كما ذكر الله ذلك عنهم في كتابه حيث قال -عزَّ وجلَّ- : {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ}([9])، وقال -عزَّ وجلَّ- : {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}([10]).

وكما في حديث عدي بن حاتم -رضي الله عنه- حيث قال : ..فانتهيت إليه –يعني : إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقرأ في سورة براءة: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} فقلت: إنا لسنا نعبدهم.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((يحرمون ما أحل الله فتحرمون، ويحلون ما حرم الله فتستحلون)) قلت: بلى. قال: ((فتلك عبادتهم)) ([11]).


--------------------------------
([1]) سورة المائدة(آية/44).

([2]) ذكر هذه الشبهة المقدسي والمحمود وغيرهما .

([3])رواه البخاري في صحيحه(4/550رقم3635)، ومسلم في صحيحه(3/1326رقم1699).

([4])رواه مسلم في صحيحه(3/1327رقم1700).

([5]) تفسير ابن كثير(2/60).

([6]) تفسير الطبري(6/257).

([7]) أحكام القرآن (2/439).

([8]) نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري(13/129).

([9]) سورة البقرة(آية/79).

([10]) سورة آل عمران(آية/78).

([11]) رواه البخاري في التاريخ الكبير(7/106)، والترمذي في سننه(5/278رقم3095)، والطبراني في المعجم الكبير(17/92)، والطبري في تفسيره(10/114)، وابن أبي حاتم في تفسيره(6/1784) ، والبيهقي في السنن الكبرى(10/116) ، وفي المدخل(ص/210)، وابن حزم في الإحكام(6/283)، وعزاه الحافظ في تخريج الكشاف إلى : ابن سعد في الطبقات ، وأبي يعلى في مسنده، وابن أبي شيبة في مسنده، وابن مردويه في تفسيره. وحسنه شيخ اسلام ابن تيمية، وقال الترمذي: حسن غريب ، وحسنه الشيخ الألباني.

جمال البليدي
2008-12-29, 14:31
الشبهة الخامسة والعشرون:إستدلالهم بأثر ابن مسعود


ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: إن هناك أثراً ثابتاً عن علقمة ومسروق أنهما سألا عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – عن الرشوة ، فقال: من السحت . قال: فقالا: أفي الحكم؟ قال: ذاك الكفر . ثم تلا هذه الآية ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( أخرجه الطبري في تفسيره . فهذا يفيد التكفير بمجرد الحكم بغير ما أنزل الله .

والجواب على هذه الشبهة من أوجه:

الوجه الأول: لو تأملت أثر ابن مسعود ولو قليلاً لعلمنا أنه لا يدل على ما يريد به هؤلاء ولا ممسك لهم به ، وذلك لأمرين:

1- أن الأخذ بظاهره على ما تظن يقتضي الكفر الأكبر لمن أخذ الرشوة ليحكم بغير ما أنزل الله في مسألة واحدة . وهذا الظاهر لا تقول به ، وقطعاً غير مراد للإجماعات التي سبق نقلها عن ابن عبدالبر وغيره من أن هذا قول الخوارج دون غيرهم .

2- أن ابن مسعود لم يبين أي الكفر المراد : الأكبر أو الأصغر . أما أثر ابن عباس فصريح في إرادة الأصغر دون الأكبر فلا يصح جعل الخلاف بين الصحابة بما هو مظنون ، فإن الأصل عدم خلافهم لقلته بينهم .

الوجه الثاني : أن ابن مسعود يقول بالتفصيل الذي ذهب إليه ابن عباس وعامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كما نقله عنه القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (6/190): «وقال ابن مسعود والحسن هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله؛ أي: معتقداً ذلك مستحلاً له».

الوجه الثالث: الرشوة معصية بإجماع المسلمين، ولا يكفر مرتكب الكبيرة إلا بالاستحلال، بإجماع أهل السنة والجماعة.

الوجه الرابع: أن ابن مسعود وغيره من الصحابة- رضي الله عنهم- لم يقل أحد منهم برأي الخوارج؛ كما هو صريح قول ابن عباس للخوارج عندما ناظرهم: «جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فيكم منهم أحد، ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله».

والخوارج هم الذين يستدلون بهذه الآية على التكفير المطلق دون تفصيل؛ فلو كان ابن مسعود - رضي الله عنه- يرى رأيهم لكان معهم -وحاشاه-، وهو الذي أنكر على الخوارج ما هو أدنى من ذلك وأقل- التسبيح بالحصى- في مسجد الكوفة في القصة المشهورة.

الوجه الخامس: أن جميع أهل العلم الذين نقلوا تفسير عبد الله بن عباس وتلقوه بالقبول؛ نقلوا معه اتفاق الصحابة - رضي الله عنهم- ولم يذكروا له مخالفاً، فدعوى المخالفة لا دليل عليها، ولا أصل لها، ولكن القوم يتشبثون بخيوط القمر(!).

جمال البليدي
2008-12-29, 14:37
الشبهة السادسة والعشرون:إستدلالهم بقصة الرجل الذي نكح زوجة أبيه


وقد إستدل الخوارج بما رواه الخمسة وغيرهم عن البراء بن عازب ولفظه عند أبي داود والنسائي قال:" لقيت – وعند النسائي أصبت – عمي ومعه راية ، فقلت له أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله " وعند الترمذي وابن ماجه ورواية للنسائي أنه " خاله " . ، وأخرجه النسائي والطحاوي من حديث معاوية بن قرة عن أبيه وفيه " وأصفى ماله "
قالو(الخوارج) :ففي هذا الحديث ما يفيد صراحة بأن الرجل قتل كافراً لأنه أخذ ماله وهذا بمجرد عمل عمله ، فكيف بمن يحكم بغير ما أنزل الله ، ويضع له محاكم ، ويلزم الناس بالرجوع إليها ؟ أو بمن يضع الربا ويحميه ؟ وهكذا...

والجواب على هذه الشبهة:

على فرض ثبوت الحديث فإنه في حق من استحل محرماً، فإن هذا الرجل المتزوج بامرأة أبيه قد استحل فرجها وإلا فمن المعلوم أن مجرد الزواج بزوجة الأب ليس كفرا حتى يستحل صاحبها ذلك.

لذلك قال الطحاوي -رحمه الله- (المعاني3/149):
"...ذلك المتزوج فعل ما فعل، ذلك على الاستحلال كما كانوا يفعلون في الجاهلية؛ فصار بذلك مرتداً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل به ما يفعل بالمرتد" ا.هـ.
وقال الشوكاني -رحمه الله- (النيل7/131):
"والحديث فيه دليل على أنه يجوز للإمام أن يأمر بقتل من خالف قطعياً من قطعيات الشريعة –كهذه المسألة-، فإن الله تعالى يقول: (ولا تنكوا ما نكح آباؤكم من النساء) ولكنه لا بُدَّ من حمل الحديث على أن ذلك الرجل الذي أمر صلى الله عليه وآله وسلم بقتله عالمٌ بالتحريم وفعله مستحلاً؛ وذلك من موجبات الكفر"ا.هـ.

أقول:
وفي كلام الإمام الشوكاني -رحمه الله- ما يُشعِر بالأصل القائل:
(تُردُّ الأمور المتشابهة إلى المحكم من النصوص).

وقد يقول قائل: وكيف علم النبي صلى الله عليه وسلم إستحلاله وعلمه بالتحريم حتى كفره؟

فيقال: هذا السؤال خاطئ في حدا ذاته لأنه من المعلوم بداهة أن أوامر النبي صلى الله عليه وسلم وتشريعاته ناتجة عن وحي من الله تعالى الذي لا تخفى عنه خافية وهو علام الغيوب

قال تعالى(وما ينطق عن الهوى إن هوى إن هو إلا وحي يوحى)

وعن حسّان بن عطيّة أحد ثقات التابعين الشاميّين قال: "كان جبريل ينـزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم بالسنّة كما ينـزل عليه بالقرآن"([1]) وفي رواية إضافة قوله: "ويعلّمه إيّاها كما يعلّمه القرآن"([2]).

ومسألة الإستحلال أمر غيبي إلا أن يصرح العبد بإستحلاله إما بلسانه اوقلمه وهذا مالم يحصل في هذه الحادثة فقد جاء في الرواية الأخرى((بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ عَلَى إِبِلٍ لِي ضَلَّتْ إِذْ أَقْبَلَ رَكْبٌ أَوْ فَوَارِسُ مَعَهُمْ لِوَاءٌ - فَجَعَلَ الأَعْرَابُ يَطِيفُونَ بِي لِمَنْزِلَتِي مِنْ النَّبِيِّ ص- إِذْ أَتَوْا قُبَّةً فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهَا رَجُلاً [فَمَا سَأَلُوهُ وَلاَ كَلَّمُوهُ] [عَنْ َشْيءٍ] فَضَرَبُوا عُنُقَهُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَذَكَرُوا أَنَّهُ أَعْرَسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ [فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله ص فَقَتَلَه])

فأفاد قوله(فَمَا سَأَلُوهُ وَلاَ كَلَّمُوهُ) أن النبي عليه الصلاة والسلام علم أن الرجل (1)إستحل (2)وكان عالما بالتحريم لذلك كفره وأمر بقتله مرتدا –والله أعلم- .


----------------------------
([1]) فتح الباري 13/305 - سنن الدارميّ - المقدّمة - باب السنّة قاضية على كتاب الله 1/117 حديث 594.

([2]) تحفة الأشراف 13/ 161 الحديث 18490.

جمال البليدي
2008-12-29, 14:39
الشبهة السابعة والعشرون:إستدلالهم بمقاتلة الصحابة رضوان الله عليهم لمانعي الزكاة


قالو : ألا ترون أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كفروا العرب الذين امتنعوا عن الزكاة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلوهم مرتدين وذلك لكونهم جماعة امتنعوا عن شريعة من شرائع الدين ومثل هذا يقال في الجماعة التاركين للحكم بشريعة الله سبحانه .

والجوب على هذه الشبهة : قد اختلف العلماء في حكم هؤلاء هل هم كفار أم غير كفار على قولين هما روايتان عن أحمد –رحمه الله – ، وإن كنت أوافقك أنهم كفار ، وهذا ترجيح ابن تيمية لكن ليس كفرهم لأجل كونهم جماعة إذ القتال جماعة وقع من الخوارج ولم يكفروا باتفاق الصحابة، ووقع من خيار الأمة في الفتن ولم يكفروا والله يقول ' وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) فأثبت الإيمان مع وجود القتال جماعة . وليس الكفر أيضاً من أجل الترك المجرد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكفر أبا جميل الذي لم يدفعها بخلاً وإنما الكفر لأجل عدم التزام هذا الحكم الذي سببه عدم الإقرار بوجوبه، إذ من الممتنع أن يقر أحد بوجوب حكم ثم يتركه ويصر على تركه حتى تحت التهديد بالقتل فمثل هذا لا يكون إلا من غير مقر بوجوبها – كما سيأتي من كلام ابن تيمية – فبهذا يكون القتل دليلاً على عدم إقراره بهذا الحكم لا أنه السبب في تكفيره فتأمل .

وتنبه أن هذا مطرد في كل حكم شرعي .
قال ابن تيمية : ولا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمناً بقلبه ، مقراً بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزماً لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به ، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع ، حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمناً في الباطن قط لا يكون إلا كافراً، ولو قال أنا مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذباً منه ا.هـ [1]

وقال – رحمه الله - : فإن كان مقراً بالصلاة في الباطن، معتقداً لوجوبها يمتنع أن يصر على تركها حتى يقتل ولا يصلي، هذا لا يعرف من بني آدم وعادتهم ولهذا لم يقع هذا قط في الإسلام ، ولا يعرف أن أحداً يعتقد وجوبها ويقال له : إن لم تصل وإلا قتلناك وهو يصر على تركها مع إقراره بالوجوب ، فهذا لم يقع قط في الإسلام . ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل: إن لم يكن في الباطن مقراً بوجوبها ، ولا ملتزماً بفعلها، فهذا كافر باتفاق المسلمين ا.هـ [2].
فإذا تبين أن تهديد المصر على ترك الطاعة بالقتل وإصراره بعد ذلك على عدم فعل الطاعة دليل على عدم إقراره ، فمن ثم يقال: لو أن أحداً قوتل على فعل طاعة ولم يفعلها لا لأجل ذات الطاعة وإنما من أجل خوفه ممن هو أقوى منه فهذا لا يكفر لأن القتال هنا ليس دليلاً على عدم إقراره بوجوبها إذ هو مقر لكنه خائف من غيره الذي هو أقوى منه وهذا مغاير لمن ترك لذات الطاعة نفسها وليس هناك سبب آخر إذ هذا الصنف كافر لأنه دليل على عدم إقراره بوجوبها . ومثل هذا يقال فيمن ترك الحكم بما أنزل الله وقوتل على ذلك فهم صنفان:
الأول: تارك لذات الحكم وهو مصر على الترك مع مقاتلته على الحكم بما أنزل الله فهذا كافر –ولا كرامة – لأنه دليل على عدم إقراره بوجوبها .
الثاني : تارك الحكم بما أنزل الله خوفاً من غيره إذ هو وإن كان حاكماً إلا أنه محكوم من جهة من هو أقوى منه فمثل هذا لا يدل قتاله على أنه غير مقر بالوجوب . والله أعلم .


-------------------------------------
[1] مجموع الفتاوى (7/ 615) .

[2] مجموع الفتاوى (22/ 48) .وانظر كتاب الصلاة لابن القيم ص63 .

جمال البليدي
2008-12-29, 14:47
الشبهة الثامنة والعشرون:تفرقتهم بين الحكم في الواقعة(المسألة) وبين الحكم في التشريع العام.


ومما قالوه أنه هناك فرق بين الحكم بغير ما أنزل الله في مسالة أو مسألتين تحكيم قوانين جديدة بدلا من الشريعة فالأول ليس كفرا أكبر إنما أصغر وأما الثاني فهو أكبر مخرج من الملة .

والجواب على هذا:

أولا:إن كنتم تفرقون بين الواقعة وبين التشريع العام فأدلتكم قد رددنا عليها سابقا كما تبيب=ن اللهم إلا إذا كنتم ترون بتلك الأدلة أنها خاصة فقط بالواقعة(المسألة الواحدة) فتقعون في التناقض الصريح فمن جهة تدعون بأن الحكم بواقعة كفر أصغر ومن جهة أخرى تستدلون بآيات وأثار لكي تقرروا بأنه كفر أكبر!!.
ثانيا: هذا التفريق لا أصل له لأنه سيرجع إلى كلام أهل العلم الذي مضى، وهو: هل هذا الحاكم- الذي حكم في واقعة بغير ما أنزل الله، أو الذي حكم بغير ما أنزل الله جملة- مستحلٌّ لذلك جاحد لأحقية حكم الله، أو مستحسن لغيره عليه، أم هو مقر بحكم الله ولكنه عاص أو صاحب هوى؟
فإن كان مستحلاً جاحداً؛ فهو الكفر الاعتقادي المخرج من الملة، وإن كان عاصياً؛ فهو الكفر العملي الذي لا يخرج من الملة.
ولذلك عدنا من حيث بدأنا، وإنما هذا التفريق سفسطة خالصة (صنعت) لإلغاء هذا الأصل العقدي المستقر المستمر عند أهل السنة ألا وهو: أن الكفر يقسم إلى كفر اعتقادي وعملي(أكبر وأصغر)، وهو يشمل جميع ما وصف بذلك، فإن استحلّ أحد ما حرّم الله أو حرّم ما أحل الله -على وجه من الوجوه السابقة([134])-؛ فهو الكفر الاعتقادي ، وإلا فلا.
وثمت أمر أخر ، وهو : لا بد من تحرير مصطلح «التشريع العام» ومصطلح(التبديل):
أما مصطلح التشريع العام لا يخرج عن معنيين:
الأول: أن يكون تشريع الدولة كله مخالفاً لما أنزل الله.
الثاني: هو تغيير حكم الله ولو في حد من الحدود، فمتى تم ترك - أو تغيير- حكم واحد من الأحكام التي شرعها الله أو رسوله والاستعاضة عنه بالأحكام الوضعية.
أما المعنى الأول؛ فهو خيال محض بالنسبة للبلاد التي تنتسب إلى الإسلام -التي اختلف المختلفون (!) في تكفير حكامها؛ فما من حاكم من حكام المسلمين (أولئك) إلا وهو يطبق شيئاً من الشرع قلّ أو كثر: فهو ينشىء الوزرات والمؤسسات العلمية الدينية، ولجان الافتاء التي تعني بالدين من تعمير المساجد، وإقامة الصلوات، وتنظيم أمور الدعوة وشؤون الحج، والصيام، والأعياد، وتدريس العلوم الشرعية، و القضاء في النكاح والطلاق والميراث والأوقاف و...إلخ.
وهذا كلّه على تقصير ظاهر ومخالفة واضحة لا تُسَوَّغ بأي حال من الأحوال، ولا نقرِّها بأي شكل من الأشكال.
وأما المعنى الثاني ؛ فهو عود على بدء ، ولا يرى هذا الرأي بدون النظر إلى الاستحلال إلا الخوارج الحرورية.
قال الجصاص في «أحكام القرآن»(2/534): «وقد تأولت الخوارج هذه الآية على تكفير من ترك الحكم بما أنزل الله من غير جحود».
وقال مثله الآجري في «الشريعة» (1/342)، وابن عبد البر في«التمهيد» (17/16)، وأبو المطفر السمعاني في «تفسيره» (2/42)، وأبو يعلى في«مسائل الإيمان»( ص340-341)، وأبو حيان في «البحر المحيط» (3/493) وغيرهم كثير.

وبالجملة ؛ فكلمات السلف الصالح ومن تبعهم تصيح بهذا القول وترده على عقبيه مذموماً مدحوراً.
أما مصطلح التبديل فهو غير التغيير عند أهل العلم فكلمة بدَّل في كلام أهل العلم هو أن يضع حكماً غير حكم الله زاعماً انه حكم الله أما من وضع حكماً غير حكم الله ولم يزعم أنه حكم الله فليس مبدلاً .
قال ابن العربي :" وهذا يختلف: إن حكم بما عنده على أنه من عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر … ا .هـ
وبمثله قال القرطبي وإليه أشار الإمام ابن تيمية فقال: ولفظ الشرع يقال في عرف الناس على ثلاثة معان: " الشرع المنزل " وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا يجب اتباعه ، ومن خالفه وجبت عقوبته . والثاني " الشرع المؤول" وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه . فهذا يسوغ اتباعه ولا يجب ولا يحرم ، وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به ، ولا يمنع عموم الناس منه . والثالث " الشرع المبدل " وهو الكذب على الله ورسوله أو على الناس بشهادات الزور ونحوها ، والظلم البين فمن قال إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع . كمن قال : إن الدم والميتة حلال – ولو قال هذا مذهبي – ونحو ذلك ا.هـ
فلاحظ أنه جعل الشرع المبدل الكذب على الله بزعم أنه من شرع الله لا تغيير الحكم مطلقاً .
وما رواه مسلم سبباً لنزول هذه الآية من حديث البراء بن عازب هو تبديلٌ إذ زعم اليهود أنهم يجدون حد الزنى في كتابهم التحميم والواقع أن حد الزنى في كتابهم الرجم لكنهم غيروه إلى التحميم مدعين أن التحميم حكم الله المنزل فالآية إما أن تحمل على الأصغر كما سبق أو على الأكبر في حق المبدل قال ابن تيمية :" والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدّل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء ، وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين  وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ  أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله ا.هـ .

جمال البليدي
2008-12-29, 14:49
الشبهة التاسعة والعشرون: قولهم بكفر الإعراض


قد يقول قائل : سلَّمت لك بما ذكرتَ ولكن بحكم العقل هذا الرجل الذي ينحِّي الشرع ويحكم بأحكام الإفرنج ألا يكون كافراً لكونه وقع في كفر الإعراض وفعله هذا يدل على استحلاله؟ وإلا لماذا يترك أحكام رب الأرباب ؟

والجواب: : إنك تريد تكفير هذا المسلم لكونك تصف فعله بأنه كفرُ إعراض . وأرجو قبل وصفك فعله بأنه كفر إعراض أن تكون مستحضراً لضابط كفر الإعراض الذي هو الإعراض بالكلية عن أصل الدين أو ترك جنس العمل[1].

وعلى هذا من ترك الحكم بما أنزل الله لم يقع في كفر الإعراض لأنه لم يترك جنس العمل أما إلزامك لمن ترك الحكم بما أنزل الله بأنه مستحلٌ لذلك فهذا إلزامٌ غير صحيح وإن كان محتملاً ولا يدفع الدين اليقيني بالكفر المحتمل لأن من دخل الدين بيقين لم يخرج إلا بيقينٍ مثله فأين هو ؟ ثم هذا يفتح باباً في تكفير أهل المعاصي . فكل من يستعظم معصية يحكم على صاحبها بأنه كافر لأنه مستحل لهذه المعصية إذ فعل هذه المعصية عظيم لا تكون عند ه إلا من مستحل لها .

------------

[1] راجع التسعينية لابن تيمية (2/ 674 ) ومدارج السالكين (1/366) ومنهاج أهل الحق لابن سحمان ص64-65 . وكون ترك جنس العمل كفراً قد حكى الإجماع عليه خمسة من علماء الدين ، والكتاب والسنة دالان على ذلك ، وهؤلاء الخمسة هم : الآجري في كتاب الشريعة (2/611) والحميدي والشافعي كما نقله ابن تيمية عنهما في الفتاوى (7/209) وأبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الإيمان ص18-19 وابن تيمية نفسه في مجموع الفتاوى (14/ 120) وانظر كتابي الإمام الألباني وموقفه على الإرجاء .

جمال البليدي
2008-12-29, 14:51
الشبهة الثلاثون:تنابزهم بالألقاب ورميهم لأهل السنة بالإرجاء.


قالوا: قد سمعنا غير واحد ، بل وقرأنا لبعضهم يقول بأن من قال بأن الحكم بغير ما أنزل الله كفره أصغر لا أكبر إلا إذا استحل فهو مرجئ .

والجواب : إن التنابز بالألقاب ووصف الآخرين بأوصاف أهل البدع سهل يستطيعه كل أحد وإنما الأمر العسر وهو الذي عليه المعول إبانة البرهان على هذه الدعاوى إذ كيف يقال ذلك وقد فسر الآية بالكفر الأصغر ابن عباس وأصحابه والأئمة كأحمد وغيره ؟

ثم مما يزيدك يقيناً على وهاء هذا الوصف الخاطئ أن أكبر إمامين من أئمة أهل السنة في هذا العصر على هذا القول :

أما الأول : فالإمام العلامة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز .

والثاني : الإمام ناصر السنة وقامع البدعة محمد ناصر الدين الألباني.

فقد نشرت جريدة الشرق الأوسط في عددها (6156 ) بتاريخ (12/5/1416هـ ) لسماحة المفتي عبد العزيز بن باز مقالاً قال فيه :" اطلعت على الجواب المفيد القيم الذي تفضل به صاحب الفضيلة الإمام محمد ناصر الدين الألباني –وفقه الله- المنشور في جريدة الشرق الأوسط وصحيفة المسلمون الذي أجاب به فضيلته من سأله عن تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل ، فألفيتها كلمة قيمة قد أصاب فيها الحق ،وسلك فيها سبيل المؤمنين ، وأوضح –وفقه الله- أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يكفر من حكم بغير ما أنزل الله بمجرد الفعل من دون أن يعلم أنه استحل ذلك بقلبه ، واحتج بما جاء في ذلك عن ابن عباس –رضي الله عنهما – وغيره من سلف الأمة . ولا شك أن ما ذكره في جوابه في تفسير قوله تعالى ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (، ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (، ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ( هو الصواب ، وقد أوضح –وفقه الله – أن الكفر كفران أكبر وأصغر ،كما أن الظلم ظلمان ، وهكذا الفسق فسقان أكبر وأصغر ، فمن استحل الحكم بغير ما أنزل الله أو الزنا أو الربا أو غيرهما من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفراً أكبر ، ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفراً أصغر وظلمه ظلماً أصغر ، وهكذا فسقه ."

وأجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في فتوى رقم (5741) على سؤال أورد إليك نصه وجوابه :

س: من لم يحكم بما أنزل الله هل هو مسلم أم كافر كفراً أكبر وتقبل منه أعماله ؟

ج: قال تعالى ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( وقال تعالى)وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (وقال تعالى ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (لكن إن استحل ذلك واعتقده جائزاً فهو كفر أكبر ، وظلم أكبر ، وفسق أكبر يخرج من الملة ، أما إن فعل ذلك من أجل الرشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك ؛ فإنه آثم يعتبر كافراً كفراً أصغر ، وفاسقاً فسقاً أصغر لا يخرجه من الملّة ؛كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة .[1]

وقال سماحة شيخنا عبدالعزيز بن باز – رحمه الله -: من حكم بغير ما أنزل الله فلا يخرج عن أربعة أمور:

1- من قال: أنا أحكم بهذا – يعني القانون الوضعي – لأنه أفضل من الشريعة الإسلامية فهو كافر كفراً أكبر .

2- ومن قال: أنا أحكم بهذا؛ لأنه مثل الشريعة الإسلامية ، فالحكم بهذا جائز وبالشريعة جائز ، فهو كافر كفراً أكبر .

3- ومن قال: أنا أحكم بهذا ، والحكم بالشريعة الإسلامية أفضل ، لكن الحكم بغير ما أنزل الله جائز، فهو كافر كفراً أكبر .

4- ومن قال: أنا أحكم بهذا ، وهو يعتقد أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يجوز ، ويقول: الحكم بالشريعة أفضل ، ولا يجوز الحكم بغيرها ، ولكنه متساهل ، أو يفعل هذا لأمر صادر من حكامه فهو كافر كفراً أصغر لا يخرج من الملة ، ويعتبر من أكبر الكبائر . ا.هـ

------------------------------------------------

[1] اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو : عبد الله بن غديان نائب رئيس اللجنة :عبد الرزاق عفيفي الرئيس : عبد العزيز بن عبد الله بن باز وانظر للاستزادة مجموع فتاوى ومقالات ابن باز(3/990-992 ) وما نقلته مجلة الفرقان عن الشيخ ابن باز العدد (82، 94) وانظر الفتاوى لابن باز (2/325- 331) .

أمين إسلام
2009-03-21, 10:44
ماشاء الله تبارك الله جمع طيب أخي جمال

هشام البرايجي
2010-11-02, 21:40
للرفع والتحدير من الغلو في التكفير

الحسين بن فرج
2011-03-11, 20:13
سلسة الرد على شبهات دعاة التكفير

بسم الله الرحمان الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :

قال العلامة عبد الحميد بن باديس -مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين- رحمه الله-؛ كما في «آثار الإمام ابن باديس» (4/98):
« اتقوا الله! ارحموا عباد الله! اخدموا العلم بتعلمه ونشره، تحمّلوا كلّ بلاء ومشقة في سبيله، وَلْيَهُنْ عليكم كلّ عزيز، وَلْتَهُنْ عليكم أرواحكم من أجله.
أما الأمور الحكومية وما يتصل بها؛ فدعوها لأهلها ، وإياكم أن تتعرضوا لها بشيء».


كيف تنقل هذا الكلام المجتث من سياقه التاريخي للعلامة بن باديس لتدلل على عقيدتك في الحاكم؟ وهل تعلم من الحاكم في زمن بن باديس؟ انه الاستعمار الفرنسي؟ فهل كذلك يطاع الاستعمار عندكم معشر السلفية؟ انها بحق فضيحة من العيار الثقيل؟؟ أما بن باديس الذي استشهدت بكلامه المبتور عن سياقه التاريخي وحسبته منكم فهاهو يصرخ فيك وفي أمثالك قائلا:
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ

وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ

وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ

وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ

وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ

مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ

أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ

هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا بالـنُّـورِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ

حتَّى يَعودَ لـقَــومــنَـا من مَجِــدِهم مَــا قَدْ ذَهَبْ

هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ

فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ

لعربي عبدية
2011-03-12, 16:23
بارك الله فيكم و في جهدكم الطيب

محارب الفساد
2011-04-23, 22:13
تأصيل لمذهب المرجئة يهود القبلة

*ابو محمد الجزائري*
2011-04-28, 17:15
جزاك الله خيرا علي الموضوع الرائع

جمال البليدي
2011-04-28, 18:20
كيف تنقل هذا الكلام المجتث من سياقه التاريخي للعلامة بن باديس لتدلل على عقيدتك في الحاكم؟ وهل تعلم من الحاكم في زمن بن باديس؟ انه الاستعمار الفرنسي؟ فهل كذلك يطاع الاستعمار عندكم معشر السلفية؟ انها بحق فضيحة من العيار الثقيل؟؟ أما بن باديس الذي استشهدت بكلامه المبتور عن سياقه التاريخي وحسبته منكم فهاهو يصرخ فيك وفي أمثالك قائلا:
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ

وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ

وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ

وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ

وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ

مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ

أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ

هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا بالـنُّـورِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ

حتَّى يَعودَ لـقَــومــنَـا من مَجِــدِهم مَــا قَدْ ذَهَبْ

هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ

فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ



تمخض الجبل فولد فأرا
من قال أن الإمام ابن باديس كان مؤيدا للكفار الفرنسي من أين لك هذا الفهم؟!.
ابن باديس يؤصل منهج السلف رحمهم الله جميعا وهي أن الأمور الحكومية والسياسية مرجعها خواص أهل العلم وليس عوام الناس وينصح العوام وطلاب العلم بالإلتزام بالدين وتعلمه لقول النبي صلى الله عليه وسلم((حتى ترجعوا إلى دينكم)) وكلام ابن باديس عام وليس خاص بزمانه أو مكانه إنما هي نصيحة عامة وليست مخصوصة بزمان أو مكان أو تاريح إذ لا نصرة ولا غلبة على العدو الكافر إلا بالرجوع إلى الدين وهذا ما حققه المجاهدين أولا ثورة نوفمبر السلفيين-نعم كانوا سلفيين بشهادة ابن باديس والإبراهيمي بشهادة أهل العلم لا بالكذابين وجهلة الإعلاميين الذين يخفون هذه الحقائق-.
ولا يكون رفع الظلم إلا بالرجوع إلى الدين ونصرته والدفاع عن أهله.

السلفيين-منهم ابن باديس- يسلكون منهج التغيير القرآني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو قول اللَّه -تعالى-: {إن اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11]، فساحة التغيير هي النفس البشرية حتى تستقيم على منهج اللَّه؛ فَتُؤَهَل للاستخلاف.
والتمكين وعد، وتغيير ما في النفوس شرط، ولن يتم الوعد إلا بتحقيق الشرط: {إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبت أقدامكم} [محمد: 7].

جمال البليدي
2011-04-28, 18:23
تأصيل لمذهب المرجئة يهود القبلة

إنّ القول بالخروج على الحكام المسلمين هو مذهب المرجئة زليس العكس؛ فقد روى ابن شاهين عن الثوري أنه قال: " اتَّقوا هذه الأهواء المضِلَّة!"، قيل له: بَيِّن لنا رحمك الله! فقال سفيان: " أما المرجئة فيقولون ... "، وذكر شيئاً من أقوالهم، إلى أن قال: " وهُم يَرَوْن السيفَ على أهل القبلة! "( ).
وروى أيضاً أنه قيل لابن المبارك: ترى رأي الإرجاء؟ فقال: " كيف أكون مرجئاً؛ فأنا لا أرى السيف؟! .. "( ).
بل روى الصابوني بإسناده الصحيح إلى أحمد بن سعيد الرباطي أنه قال: قال لي عبد الله بن طاهر: " يا أحمد! إنكم تبغضون هؤلاء القوم (يعني المرجئة) جهلاً، وأنا أُبغضهم عن معرفة؛ أولاً: إنهم لا يَرَوْن للسلطان طاعة ..."( ).
قلت: ألا تدلّ هذه النصوص دلالةً واضحةً على أنكم على مذهب المرجئة على الحقيقة، وأن أئمتنا المذكورين آنفاً براءٌ من ذلك.
ولا عجب حينئذ أن ينشأ الإرجاء على أعقاب الخروج؛ قال قتادة: " إنما حدَثَ الإرجاء بعد فتنة ابن الأشعث

صدق القائل:ضربني وبكى سبقني واشتكى

جمال البليدي
2011-11-17, 16:33
للرفع.........

صقر محلق
2011-11-17, 18:44
كذاب أنت يا جمال تقول خوارج وهذا لا ينطبق إلا على ولاة أمورك وشيخك صالح آلشيخ يرد عليك إسمع في توقيعي

جمال البليدي
2011-11-18, 00:07
كذاب أنت يا جمال
غفر الله لك

تقول خوارج

وهل ضرتك هذه؟
لماذا كلما نذكر إسم الخوارج تنتفضون وأن الكلام موجه إليكم؟!!!
هل تشكون في أنفسكم أنكم خوارج أم ماذا؟
ما السبب الذي يجعلك تنتفض بمجرد ذكر فرقة الخوارج التي حذرنا منها نبينا عليه الصلاة والسلام!

يا أخي أنا ما قلت في العنوان(الخوارج)) بل قلت غلاة التكفير أي الذين يغلون في التكفير بغير حق.

وهذا لا ينطبق إلا على ولاة أمورك


1_ولي أمر واحد وليس عشرة وهو فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وفقه الله لكل خير ورزقه البطانة الصالحة فمن ولي أمرك أنت هل هو دوردكال؟
2_يا أخ"صقر" أنا لم أعين حاكما ولا محكوما بل تكلمت في مسألة علمية بحتة وهي الرد على من يرى تكفير الحاكم بالقوانين الوضعية وبينت تفصيل أهل السنة والجماعة في ذلك فلا تحمل بحثي مالا يحتمل بارك الله فيكز
وشيخك صالح آلشيخ يرد عليك إسمع في توقيعي
1_أنا ليس لي متبوع غير محمد صلى الله عليه وسلم ثم إجماع السلف رضوان الله عليه فالعبرة عندي بالدليل وليس بفلان أو علان.
2_ من المتقرر عند أهل السنة والجماعة عند حدوث الفتن والنوازل الرجوع إلى الراسخين في العلم وخواصهم وليس إلى كل العلماء فهناك فرق بين العلماء وبين خواص العلماء لهذا نرد على الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله بفتاوى العلماء الثلاث المجتهدين وهم ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهما الله فالأولى في حياتهما الرجوع إليهما بدل غيرهما لأنهم الخواص آنذاك بلا منازع,
وستجد فتاواهم في هذا الكتاب:

فتاوى العلماء الأكابر فيما أهدر من دماء في الجزائر ( الكتاب الثاني عن ملف الجزائر)
)

عناصر الكتاب

المقدمة

فتاوى العلامة ابن باز رحمه الله

فتاوى العلامة الالباني رحمه الله

فتاوى العلامة العثيمين رحمه الله

الخاتمة






صورة الكتاب
http://up.arabseyes.com/upfiles/eSf84660.jpg (http://up.arabseyes.com/upfiles/eSf84660.jpg)



للتحميل من هنــا (http://www.fatwa1.com/upfiles/files/13805/FatawaAkabir.rar)


3_ لو كنت متبعا للشيخ صالح آل الشيخ حقا كما تدعي فهل تأخذ بكلامه في ولي أمر ابن لادن؟

قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله - :

( ... حتى إنه في هذه الأزمة سمعتم :
أن بعض المعلمين يُمجِّد أسامة بن لادن (!) وهذا خلل في فهم الإسلام ) .

مجلة الدعوة العدد (1826 3) من ذي القعدة 1422هـ صفحة 20

azam
2011-11-18, 00:49
يا جمال ما اجبت الاخ عن سؤاله ما رأيك فى قول صالح ال الشيخ

لما الهروب

اجب عن هذه

هل هو خارجى بكلامه هذا


إسمع من هنا صالح آل الشيخ يقول الدولة الجزائرية غير مسلمة ويقول على من هم في الجبال ليسوا بي خوارج
http://www.youtube.com/watch?v=Fu0-QG1vn10

جمال البليدي
2011-11-18, 01:09
يا جمال ما اجبت الاخ عن سؤاله ما رأيك فى قول صالح ال الشيخ

لما الهروب

لقد أجبتك أخي صقر وهاهي إجابتي أكررها:



1_أنا ليس لي متبوع غير محمد صلى الله عليه وسلم ثم إجماع السلف رضوان الله عليه فالعبرة عندي بالدليل وليس بفلان أو علان.
2_ من المتقرر عند أهل السنة والجماعة عند حدوث الفتن والنوازل الرجوع إلى الراسخين في العلم وخواصهم وليس إلى كل العلماء فهناك فرق بين العلماء وبين خواص العلماء لهذا نرد على الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله بفتاوى العلماء الثلاث المجتهدين وهم ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهما الله فالأولى في حياتهما الرجوع إليهما بدل غيرهما لأنهم الخواص آنذاك بلا منازع,
وستجد فتاواهم في هذا الكتاب:

فتاوى العلماء الأكابر فيما أهدر من دماء في الجزائر ( الكتاب الثاني عن ملف الجزائر)
)

عناصر الكتاب

المقدمة

فتاوى العلامة ابن باز رحمه الله

فتاوى العلامة الالباني رحمه الله

فتاوى العلامة العثيمين رحمه الله

الخاتمة






صورة الكتاب
http://www.djelfa.info/vb/images/statusicon/wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.http://up.arabseyes.com/upfiles/eSf84660.jpg (http://up.arabseyes.com/upfiles/eSf84660.jpg)



للتحميل من هنــا (http://www.fatwa1.com/upfiles/files/13805/FatawaAkabir.rar)


3_ لو كنت متبعا للشيخ صالح آل الشيخ حقا كما تدعي فهل تأخذ بكلامه في ولي أمر ابن لادن؟

قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله - :

( ... حتى إنه في هذه الأزمة سمعتم :
أن بعض المعلمين يُمجِّد أسامة بن لادن (!) وهذا خلل في فهم الإسلام ) .

مجلة الدعوة العدد (1826 3) من ذي القعدة 1422هـ صفحة 20



اجب عن هذه

هل هو خارجى بكلامه هذا
لكنك لم تسألني عن هذا السؤال لو سألتني لكنت أجبتك

الجواب هو:
لا
التعليل هو:
السلفيون يفرقون بين الخطأ والمخطئ.
هناك فرق بين خطأ العالم الرباني الصادر عن إجتهاد وبين خطأ الرويبضات والحركيين الصادر عن الهوى والتعصب الأعمى.
إسمع من هنا صالح آل الشيخ يقول الدولة الجزائرية غير مسلمة ويقول على من هم في الجبال ليسوا بي خوارج
http://www.youtube.com/watch?v=Fu0-QG1vn10



http://www.echoroukonline.com/montada/showpost.php?p=596271&postcount=30

azam
2011-11-18, 01:23
لقد أجبتك أخي صقر وهاهي إجابتي أكررها:


انا عزام و ليست صقر ما بالك تخلط



إسمع من هنا صالح آل الشيخ يقول الدولة الجزائرية غير مسلمة ويقول على من هم في الجبال ليسوا بي خوارج
http://www.youtube.com/watch?v=Fu0-QG1vn10









انت تقول فى الرابط اعلاه ما نصه من كلامك


بل صالح آل السيخ(إن صدقت في نقلك) فإنه أخطأ وكلامه مردود بالكتاب والسنة وفهم سلف الأمة ولا كرامة


طيب يا جمال خطأ الشيخ صالح ال الشيخ تراجع عنه ام بقى عليه و هل رد عليه احد العلماء ام لا يوجد

و تخطئتك له جاء عن علم ام عن هوى ان كان عن علم فهاته لان الامر متعلق بالعقيدة و لا اظنك تساوى ذرة من علمه
هل صالح ال الشيخ اخطأ من ناحية العقيدة فقال بعدم اسلام الحكومة الجزائرية و عليه فهى كافرة كيف انزل صالح ال الشيخ الحكم و كيف توصلت الى تخطتئته يا بلد الورود

جمال البليدي
2011-11-18, 01:34
إسمع من هنا صالح آل الشيخ يقول الدولة الجزائرية غير مسلمة ويقول على من هم في الجبال ليسوا بي خوارج
http://www.youtube.com/watch?v=fu0-qg1vn10









انت تقول فى الرابط اعلاه ما نصه من كلامك




طيب يا جمال خطأ الشيخ صالح ال الشيخ تراجع عنه ام بقى عليه و هل رد عليه احد العلماء ام لا يوجد

و تخطئتك له جاء عن علم ام عن هوى ان كان عن علم فهاته لان الامر متعلق بالعقيدة و لا اظنك تساوى ذرة من علمه
هل صالح ال الشيخ اخطأ من ناحية العقيدة فقال بعدم اسلام الحكومة الجزائرية و عليه فهى كافرة كيف انزل صالح ال الشيخ الحكم و كيف توصلت الى تخطتئته يا بلد الورود



تراجع عنه أم لم يتراجع الله أعلم
رد عليه العلماء أم لم يردوا الله أعلم.
أما عن خطئه فقد بينت لك أنه ليس كل من وقع في الكفر يعتبر كافرا (هذا لو قلنا بمذهب من يرون تكفير من لم يحكم بما أنزل الله)) وهو_حسب ما سمعت في الرابط_ حكم على المعين بالكفر بمجرد وقوعه في الكفر(حسب مذهب من يقولون بتكفير من يحكم بالقوانين)) فقد أخطأ من هذه الناحية .
و أما قولك((و لا اظنك تساوى ذرة من علمه))) فلا شك في ذلك فمن أنا أصلا لكن من المتقرر عند أهل السنة والجماعة عند حدوث الفتن والنوازل الرجوع إلى الراسخين في العلم وخواصهم وليس إلى كل العلماء فهناك فرق بين العلماء وبين خواص العلماء لهذا نرد على الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله بفتاوى العلماء الثلاث المجتهدين وهم ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهما الله فالأولى في حياتهما الرجوع إليهما بدل غيرهما لأنهم الخواص آنذاك بلا منازع وهؤلاء الثلاثة خالفوا الشيخ صالح آل الشيخ.

والآن جاء دوري للسؤال:

قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله -:

( ... حتى إنه في هذه الأزمة سمعتم :
أن بعض المعلمين يُمجِّد أسامة بن لادن (!) وهذا خلل في فهم الإسلام ) .

مجلة الدعوة العدد (1826 3) من ذي القعدة 1422هـ صفحة 20

السؤال: مارأيك في هذه الفتوى؟ هل الشيخ مرجئ؟

azam
2011-11-18, 01:47
تراجع عنه أم لم يتراجع الله أعلم
رد عليه العلماء أم لم يردوا الله أعلم.
أما عن خطئه فقد بينت لك أنه ليس كل من وقع في الكفر يعتبر كافرا (هذا لو قلنا بمذهب من يرون تكفير من لم يحكم بما أنزل الله)) وهو_حسب ما سمعت في الرابط_ حكم على المعين بالكفر بمجرد وقوعه في الكفر(حسب مذهب من يقولون بتكفير من يحكم بالقوانين)) فقد أخطأ من هذه الناحية .
و أما قولك((و لا اظنك تساوى ذرة من علمه))) فلا شك في ذلك فمن أنا أصلا لكن من المتقرر عند أهل السنة والجماعة عند حدوث الفتن والنوازل الرجوع إلى الراسخين في العلم وخواصهم وليس إلى كل العلماء فهناك فرق بين العلماء وبين خواص العلماء لهذا نرد على الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله بفتاوى العلماء الثلاث المجتهدين وهم ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهما الله فالأولى في حياتهما الرجوع إليهما بدل غيرهما لأنهم الخواص آنذاك بلا منازع وهؤلاء الثلاثة خالفوا الشيخ صالح آل الشيخ.

والآن جاء دوري للسؤال:

قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله -:

( ... حتى إنه في هذه الأزمة سمعتم :
أن بعض المعلمين يُمجِّد أسامة بن لادن (!) وهذا خلل في فهم الإسلام ) .

مجلة الدعوة العدد (1826 3) من ذي القعدة 1422هـ صفحة 20

السؤال: مارأيك في هذه الفتوى؟ هل الشيخ مرجئ؟




تراجع عنه أم لم يتراجع الله أعلم




لا حول و لا قوة الا بالله يعنى لا عبرة لكلامه يبقى عليه او لا يبقى عليه سيان

ارأيت كيف انت شارب لهوى اسكر صاحبه فظن انه محمول على غيره فأذا به حامل لغيره فمات لشدة المشقة فشق فى قبر ضيق


و لم تجبنى الى ما ارده اجبنى بعلم و فهم منك و ليس نسخ و لصق

طيب يا جمال خطأ الشيخ صالح ال الشيخ تراجع عنه ام بقى عليه و هل رد عليه احد العلماء ام لا يوجد

و تخطئتك له جاء عن علم ام عن هوى ان كان عن علم فهاته لان الامر متعلق بالعقيدة و لا اظنك تساوى ذرة من علمه
هل صالح ال الشيخ اخطأ من ناحية العقيدة فقال بعدم اسلام الحكومة الجزائرية و عليه فهى كافرة كيف انزل صالح ال الشيخ الحكم و كيف توصلت الى تخطتئته يا بلد الورود

جمال البليدي
2011-11-18, 02:00
لا حول و لا قوة الا بالله يعنى لا عبرة لكلامه يبقى عليه او لا يبقى عليه سيان
لم أفهم كلامك وضح أكثر,
هل تقصد بكلامه ما قاله في ابن لادن؟

ارأيت كيف انت شارب لهوى اسكر صاحبه فظن انه محمول على غيره فأذا به حامل لغيره فمات لشدة المشقة فشق فى قبر ضيق
رمتني بدائها ثم انسلت


و لم تجبنى الى ما ارده اجبنى بعلم و فهم منك و ليس نسخ و لصق
أنا أجبتك أنت الذي لم تجبني
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله -:

( ... حتى إنه في هذه الأزمة سمعتم :
أن بعض المعلمين يُمجِّد أسامة بن لادن (!) وهذا خلل في فهم الإسلام ) .

مجلة الدعوة العدد (1826 3) من ذي القعدة 1422هـ صفحة 20

السؤال: مارأيك في هذه الفتوى؟ هل الشيخ مرجئ؟



طيب يا جمال خطأ الشيخ صالح ال الشيخ تراجع عنه ام بقى عليه و هل رد عليه احد العلماء ام لا يوجد

و تخطئتك له جاء عن علم ام عن هوى ان كان عن علم فهاته لان الامر متعلق بالعقيدة و لا اظنك تساوى ذرة من علمه
هل صالح ال الشيخ اخطأ من ناحية العقيدة فقال بعدم اسلام الحكومة الجزائرية و عليه فهى كافرة كيف انزل صالح ال الشيخ الحكم و كيف توصلت الى تخطتئته يا بلد الورود


كلام مكرر تم الإجابة عليه في المشاركة السابقة,
((ارأيت كيف انت شارب لهوى اسكر صاحبه فظن انه محمول على غيره فأذا به حامل لغيره فمات لشدة المشقة فشق فى قبر ضيق))

azam
2011-11-18, 02:20
لم أفهم كلامك وضح أكثر,هل تقصد بكلامه ما قاله في ابن لادن؟ اقصد هذا و لا تحد


تراجع عنه أم لم يتراجع الله أعلم




أنا أجبتك أنت الذي لم تجبني

لم تجبنى




قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله -:

( ... حتى إنه في هذه الأزمة سمعتم :
أن بعض المعلمين يُمجِّد أسامة بن لادن (!) وهذا خلل في فهم الإسلام ) .

مجلة الدعوة العدد (1826 3) من ذي القعدة 1422هـ صفحة 20

السؤال: مارأيك في هذه الفتوى؟ هل الشيخ مرجئ؟

ليس مرجئ يا فتى أسبغ شعره بملح قلاه على حطب غير يابس

و هذا قول فيه تنبيه ووعظ لان التمجيد قد يصل الى الغلو و الغلو يهلك صاحبه و يهدم المغلو فيه و لا يجب التفريط فى التمجيد بل يضبط بضابط الشرع و يمجد لفعل نصرته لدين الاسلام و يفتخر لذلك و يضرب به المثل و ما دخل الارجاء هما يا من اعياه شرب الدواء فكفى نفسه جرعة سم لعله يجد لسقمه فيه ذهاب

اجبنى عن اسئلتى بارك الله فيك لان النعاس ينادى على






كلام مكرر تم الإجابة عليه في المشاركة السابقة,
((ارأيت كيف انت شارب لهوى اسكر صاحبه فظن انه محمول على غيره فأذا به حامل لغيره فمات لشدة المشقة فشق فى قبر ضيق)) [/center]

[/QUOTE]


ليس مكررر لكن يحتاج العليل الى من يذهب العل عنه بجواب من فتى قال يوما انا لها مدركها فدونكم السيوف أغمدوها

أرسل جوابك عما سبق ولا تقل مكرر

جمال البليدي
2011-11-18, 02:34
اقصد هذا و لا تحد

تراجع عنه أم لم يتراجع الله أعلم

رمتني بدائها ثم انسلت

نعم لست أعلم إن كان تراجع أم لا فأين العيب إن كنت لا أعلم.







لم تجبنى
بل أجبتك



؟

ليس مرجئ يا فتى أسبغ شعره بملح قلاه على حطب غير يابس

و هذا قول فيه تنبيه ووعظ لان التمجيد قد يصل الى الغلو و الغلو يهلك صاحبه و يهدم المغلو فيه و لا يجب التفريط فى التمجيد بل يضبط بضابط الشرع و يمجد لفعل نصرته لدين الاسلام و يفتخر لذلك و يضرب به المثل و ما دخل الارجاء هما يا من اعياه شرب الدواء فكفى نفسه جرعة سم لعله يجد لسقمه فيه ذهاب



بل كلام الشيخ صالح آل الشيخ فيه استنكار على ابن لادن وسياق كلامه يدل على هذا حيث تكلم عن الغلو وعن المناهج التعليمية الدخلية على السعودية وبعدها تكلم عن وجوب الرجوع إلى العلماء إلى أن قال((هناك كتاب الفقه,كتاب التوحيد,كتاب التفسير,لكن أين الشرح ومن أين يأتي به يعطونك مدارس كثيرة جدا.حتى إنه في هذه الأزمة ربما سمعتم بعض المدرسين يمجد أسامة بن لادن وهذا خلل في فهم الإسلام)) انتهى,
فكلامه واضح لا غبار عليه فهل هو مرجئ الآن؟ نعم أم لا.


اجبنى عن اسئلتى بارك الله فيك لان النعاس ينادى على


هذا هو الجواب:

تراجع عنه أم لم يتراجع الله أعلم
رد عليه العلماء أم لم يردوا الله أعلم.
أما عن خطئه فقد بينت لك أنه ليس كل من وقع في الكفر يعتبر كافرا (هذا لو قلنا بمذهب من يرون تكفير من لم يحكم بما أنزل الله)) وهو_حسب ما سمعت في الرابط_ حكم على المعين بالكفر بمجرد وقوعه في الكفر(حسب مذهب من يقولون بتكفير من يحكم بالقوانين)) فقد أخطأ من هذه الناحية .
و أما قولك((و لا اظنك تساوى ذرة من علمه))) فلا شك في ذلك فمن أنا أصلا لكن من المتقرر عند أهل السنة والجماعة عند حدوث الفتن والنوازل الرجوع إلى الراسخين في العلم وخواصهم وليس إلى كل العلماء فهناك فرق بين العلماء وبين خواص العلماء لهذا نرد على الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله بفتاوى العلماء الثلاث المجتهدين وهم ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهما الله فالأولى في حياتهما الرجوع إليهما بدل غيرهما لأنهم الخواص آنذاك بلا منازع وهؤلاء الثلاثة خالفوا الشيخ صالح آل الشيخ.

azam
2011-11-18, 02:57
لى عودة اليك ان قدر الله لى و لك البقاء فى هذه الدنيا

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

صقر محلق
2011-11-18, 11:01
لى عودة اليك ان قدر الله لى و لك البقاء فى هذه الدنيا

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أخي عزام سوف تعاني من مراوغات وهروب جمال كثيرا الله إعينك

جمال البليدي
2011-11-18, 11:24
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أخي عزام سوف تعاني من مراوغات وهروب جمال كثيرا الله إعينك

غفر الله لكم إخوتي ألا ترى أنكم من تهربون وترواغون؟ أنا أتحاكم لمنهج السلف وأنتم تتحاكمون لفلان وعلان وإلى الشيخ صالح آل الشيخ؟
يا أخي أليس من منهج السلف الرجوع إلى خواص أهل العلم في الفتن فكيف تترك العلماء الكبار الثلاث(ابن باز والعثيمين والألباني)) الذين هم من خواص أهل العلم في زمانه وتذهب لصالح آل الشيخ حفظه الله.ألا ترى أنكم في خلل منهجي عظيم!!!!!
أين المنهج السلف في هذا؟

مثال رقم1:
فهذا يحي بن يعمر البصري وحميد بن عبد الرحمن الحميري لـمَّا ظهرت القدرية في عصريهما ، وصارت لهم مخالفات لأصول أهل السنَّة والجماعة تقتضي تكفيرهم ، أو تبديعهم أو إخراجهم عن دائرة أهل السنَّة والجماعة ، لم يسارعا في الحكم عليهم ، بل ذهبا إلى من لهم المرجعية العلمية من أهل العلم والفتوى وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- ولم يذهبا لغيره من العلماء رغم كثرتهم آنذاك فأخبراه بما حصل عندهم فأفتاهما بضلال القدرية وإنحرافهم .
( قال يحي بن يعمر : كان أول من في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجَّين أو معتمرين ، فقلنا : لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلَّم- فسألناه عمَّا يقول هؤلاء في القدر فَوُفِّقَ لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد فإكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يَمينه والآخر عن شماله فظننت أنا صاحبي سيكل الكلام إليَّ فقلت :
أبا عبد الرحمن ، إنه قد ظهر قبلنا أناسٌ يقرءون القرآن ويتقفرو ن العلم وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أُنف .
قال : فإذا لقيت أؤلئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء منِّي والذي يحلف به عبد لله بن عمر لوأن لأحدهم مثل أحدٍ ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ثم قال : حدثني أبي .. إلخ ) .

مثال رقم2:
وهذا زبيد الحارث اليامي لما ظهرت المرجئة في عصره ، ورأى أن لهم مخالفاتٍ في أصول أهل السنَّة والجماعة تقتضي إخراجهم من دائرة أهل السنَّة الجماعة ، لم يسارع في الحكم عليهم ، بل ذهب إلى من له المرجعية العلمية في عصره من أهل العلم والفتوى الذين أخذوا العلم عن كبار الصحابة وهو أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي ، فأخبره زبيد بما حصل فأفتاه أبو وائل بنص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على بطلان شبهة المرجئة ، وانحرافهم عن أهل السنَّة حيث قال زبيد : لـمَّا ظهرت المرجئة أتيت أبا وائل فذكرت ذلك له فقال : حدثني عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : (( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر )) ( ) .


تنبيه:

هذه الأصول السلفية اعترف بها حتى فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ


9 لا يُسأل عن الحكم على المعين إلا العلماء الراسخين (http://fatwa1.com/anti-erhab/Takfeer/sal_takfeeralmoayn.rm) بالصوت



(http://fatwa1.com/anti-erhab/Takfeer/sal_takfeeralmoayn.rm)
الشيح صالح آل الشيخ

ابو الحارث مهدي
2012-02-06, 17:13
كذاب أنت يا جمال


لو تركنا تكذيب بعضنا البعض لكان أجمل بنا و بما نحمل
فيمكن الرد و التخطئة، أما الرمي بالكذب فهو صنو التفسيق، و الكذب مذموم في الناس،
وهو أشد ذما فيمن يتكلم باسم العلم





تقول خوارج وهذا لا ينطبق إلا على ولاة أمورك ...

وأما هذا الوصف ( الخوارج ) فلا ينزعج من إطلاقه إلا من كان على رأسه ريشة

(يحسبون كل صيحة عليهم....)
نريد مقارعة الحجة بالحجة لنستفيد، بلا تكذيب ولا تسفيه

والله حسبنا ونعم الوكيل