souad571
2011-07-20, 06:05
الدعوة راهي سايبة
حكتيتين نجيم
ماذا يجري في مؤسساتنا الدستورية، لماذا أصبحنا نسير بالأزمات، ولماذا لم نخرج من دائرة الأزمة تلو الأخرى، فباستثناء المؤسسة العسكرية التي لم تتعرّض لهزات، فكل الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية، أضحت ورشات مفتوحة قد لن تعرف نهايتها. الملايير من الدولارات تم تسخيرها للإقلاع، لكن حمار الشيخ توقّف في العقبة، لأن البحبوحة المالية التي من المفترض أن تجعل المواطنين سواسية اجتماعيا وسياسيا وثقافيا، في الحقوق والواجبات، ولّدت مواطنين من الدرجة الأولى وآخرين من الدرجة الثانية، وجعلت سنوات الاستثمار تنتج احتجاجات لامتناهية في الزمان والمكان، ولكل فئة شعارها ومطالبها. هذا الوضع لم تتعامل معه السلطات العمومية بعقلانية ونظرة استراتيجية، بل كانت الارتجالية سيدة القرارات، فزيادات الأجور مثلا، التي شملت كل القطاعات تقريبا، قد يأتي يوما ستعجز الحكومة عن دفع أجور الوظيف العمومي وحده، إن هوت أسعار البترول، لأننا لم ننتج من الريع إلا الريع، وهذا الأخير وسع من دائرة الكسب غير المشروع والزبائنية والرشوة وصولا إلى تقنين الرداءة، وما الفضائح التي هزّت سوناطراك، كمؤسسة استراتيجية، إلا خير دليل على ذلك، وما خفي أعظم. وهو ذات الحال بالنسبة للقطاعات الأخرى، حيث فرض تحالف البقارة وبارونات الاستيراد مع المسؤولين الفاسدين في مختلف القطاعات، سلطتهم وشرعنوا ممارساتهم، رغم أنهم مواطنون خارجون عن القانون، فتحولوا إلى سلطة موازية تفرض سلطتها على مؤسسات الدولة.
في الجزائر، أصبح كل شيء عادي، فكل الورشات التي تم فتحها لإصلاح هياكل الدولة، من إدارة وعدالة، ثم سنّ ترسانة من النصوص القانونية للاستثمار والإقلاع الاقتصادي، لم تأت بثمارها، بل كانت مجرد شعارات جوفاء، لم تجعل المواطن يشعر بوجود دولة قانون.
الجزائر تملك من الموارد الطبيعية والبشرية، ما يجعلها قادرة على بلوغ أعلى درجات الرقي والرفاهية في جميع المجالات، لكن تغييب معايير الكفاءة والنزاهة والشفافية فيمن يتولي المسؤولية وتنفيذ البرامج، جعلتها بلدا غنيا بملايير النفط ويعاني التفقير الممنهج في كل المجالات.
تشخيص الخلل ليس بالصعب أو المعجزة، والإقلاع ممكن، بشرط إلغاء كل أشكال التسيير الموازي والمسارات الخفية لصنع القرار، فإرساء معالم دولة القانون، ليس شعارا فقط وإنما ممارسة يومية، يكون فيها الجميع سواسية، ولا سلطة تعلو فوق سلطان القانون، وإلا ستبقى الدعوى سايبة.
منقول من جريدة وقت الجزائر
حكتيتين نجيم
ماذا يجري في مؤسساتنا الدستورية، لماذا أصبحنا نسير بالأزمات، ولماذا لم نخرج من دائرة الأزمة تلو الأخرى، فباستثناء المؤسسة العسكرية التي لم تتعرّض لهزات، فكل الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية، أضحت ورشات مفتوحة قد لن تعرف نهايتها. الملايير من الدولارات تم تسخيرها للإقلاع، لكن حمار الشيخ توقّف في العقبة، لأن البحبوحة المالية التي من المفترض أن تجعل المواطنين سواسية اجتماعيا وسياسيا وثقافيا، في الحقوق والواجبات، ولّدت مواطنين من الدرجة الأولى وآخرين من الدرجة الثانية، وجعلت سنوات الاستثمار تنتج احتجاجات لامتناهية في الزمان والمكان، ولكل فئة شعارها ومطالبها. هذا الوضع لم تتعامل معه السلطات العمومية بعقلانية ونظرة استراتيجية، بل كانت الارتجالية سيدة القرارات، فزيادات الأجور مثلا، التي شملت كل القطاعات تقريبا، قد يأتي يوما ستعجز الحكومة عن دفع أجور الوظيف العمومي وحده، إن هوت أسعار البترول، لأننا لم ننتج من الريع إلا الريع، وهذا الأخير وسع من دائرة الكسب غير المشروع والزبائنية والرشوة وصولا إلى تقنين الرداءة، وما الفضائح التي هزّت سوناطراك، كمؤسسة استراتيجية، إلا خير دليل على ذلك، وما خفي أعظم. وهو ذات الحال بالنسبة للقطاعات الأخرى، حيث فرض تحالف البقارة وبارونات الاستيراد مع المسؤولين الفاسدين في مختلف القطاعات، سلطتهم وشرعنوا ممارساتهم، رغم أنهم مواطنون خارجون عن القانون، فتحولوا إلى سلطة موازية تفرض سلطتها على مؤسسات الدولة.
في الجزائر، أصبح كل شيء عادي، فكل الورشات التي تم فتحها لإصلاح هياكل الدولة، من إدارة وعدالة، ثم سنّ ترسانة من النصوص القانونية للاستثمار والإقلاع الاقتصادي، لم تأت بثمارها، بل كانت مجرد شعارات جوفاء، لم تجعل المواطن يشعر بوجود دولة قانون.
الجزائر تملك من الموارد الطبيعية والبشرية، ما يجعلها قادرة على بلوغ أعلى درجات الرقي والرفاهية في جميع المجالات، لكن تغييب معايير الكفاءة والنزاهة والشفافية فيمن يتولي المسؤولية وتنفيذ البرامج، جعلتها بلدا غنيا بملايير النفط ويعاني التفقير الممنهج في كل المجالات.
تشخيص الخلل ليس بالصعب أو المعجزة، والإقلاع ممكن، بشرط إلغاء كل أشكال التسيير الموازي والمسارات الخفية لصنع القرار، فإرساء معالم دولة القانون، ليس شعارا فقط وإنما ممارسة يومية، يكون فيها الجميع سواسية، ولا سلطة تعلو فوق سلطان القانون، وإلا ستبقى الدعوى سايبة.
منقول من جريدة وقت الجزائر