المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معاناتنا اليومية


ـ غزلان ـ
2008-10-09, 10:24
لكل إنسان عربي قصص لا تعد من المعاناة اليومية، ومعاناة أكثر من حوله لدى الأقرباء والأصدقاء والأشخاص الذين يلتقيهم كل يوم.

نحن نعاني لأننا متخلفون ولدينا مشكلات كثيرة، ونتاج هذه المشكلات هو قسوة الحياة على بعضنا، وعندما تنتهي المعاناة نكون قد خرجنا من إطار التخلف وعالجنا مشكلاتنا. هذا هو ببساطة الفرق بيننا وبين المجتمعات الغربية والآسيوية المتقدمة: لديهم حجم أقل من المعاناة اليومية.
لا أريد أن أعدد أشكال المعاناة التي نلاقيها، فلكل منا قصصه وظروفه، نعاني الضغط النفسي بسبب سوء التعامل والروتين وعدم العدالة، ونعاني لأن الآخرين قاسون ولا يجدون من يردعهم، ونعاني لأننا نعيش في حيرة أمام مستقبل أبنائنا وهم لا يجدون المدارس المناسبة أو الجامعات المتميزة، ونعاني لأن أطرنا الأخلاقية غير واضحة تماما، ولا نعرف متى نتصرف ومتى نتوقف، ونعاني لأننا لا نعرف كيف نشارك في تغيير مجتمعاتنا، ونعاني لأن حولنا كثيرا من الحمقى, الذين يفرضون آراءهم علينا، ونعاني لأننا نحلم ثم نصطدم بواقع مضاد تماما للحلم.

لدينا مشكلات اجتماعية كثيرة، المرأة تعاني عندما يكون نصيبها مع رجل غير مناسب، وتعاني حين لا تتزوج، وتعاني عندما تتخلص من زوجها، والأطفال يعانون في حالات كثيرة، ولأن معظم الدول العربية لا توجد لديها أنظمة ضمان اجتماعي ذات جدوى، فالفقير يعاني كل يوم، يعاني بلا حدود، في كل لحظة.

لأنه لا توجد لدينا جهود بناء اجتماعي ذات قيمة، يكون حظ الإنسان مرتبطا بمستوى والديه، فإذا كان الوالدان جاهلين، تكون قرارات الأسرة كلها خاطئة، دون أي جهد اجتماعي لتعويض ذلك، ويدفع الأبناء ثمن ذلك غاليا في معظم الأحيان. نعاني لأن لدينا طبقات اجتماعية ومادية ورؤى دينية ومجموعات عديدة جدا تحاول فرض آرائها وإقصاء الآخرين.

أساس الإصلاح والتطوير الاجتماعي هو علاج المعاناة اليومية. لقد جهل السوفيت هذا الدرس فطوروا دولهم ولكنهم أهملوا المعاناة، فثار الشعب يوما وكأنهم كانوا أبناء دول متخلفة، وكثير من الدول العربية تناقش القضايا الكبرى وتنسى المعاناة اليومية، وكثير من السياسيين والإداريين العرب يبذل الغالي والنفيس في إرضاء الناس عبر طروحات سياسية فضفاضة وينسى اتخاذ قرار أو اثنين يقلل بهما معاناة الناس.

ما أجمل مقولة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما جعل مسؤوليته الإدارية مربوطة بتعثر عنز في العراق، أو بمعنى آخر جعل هدفه الاستراتيجي هو إنهاء المعاناة في أي مكان في الدولة, التي يحكمها بما في ذلك العنز التي قد تتعثر في الطريق. لم يتحدث عمر حينها عن أنه يلوم ضميره إذا لم تصل حدود دولته للصين وروما، بل عن المعاناة اليومية.

ينسى الناس أن معاناتنا لها أسباب، الرجل الجاهل لم يتلق تعليمه بسبب أسرته، وبسبب فقره، والمرأة المخطئة لها أسبابها، والشاب والمراهق المخطئ له أسبابه، ونحن في كثير من الأحيان لا نتفهم هذه الأسباب، وأن الضعف الإنساني يجعلنا لا نعرف كيف نتجنبها حتى لو كان كل الحكماء يحكون لنا عن الطريقة.

أكتب هذا المقال لأطالب بحجم غير محدود من الرحمة في القلوب ولأطالب بالتقليل من الضغط الاجتماعي الذي نضعه على المخطئين، ولأطالب بأن نقلل من كون غضبنا ونقدنا وحكمنا على الآخرين يمثل جزءا من معاناتهم.

بدلا من أن نلعن الظلام نحتاج لأن نشعل الشموع، وبدلا من صب ألسنة نار الغضب على كل من لا يعجبنا سلوكه وفكره وحالته الاجتماعية والمادية والنفسية والعقلية، ينبغي أن نسعى لمساعدة الناس على معالجة معاناتهم وأن نقدم لهم مزيدا من التعاطف وقليلا جدا من الحكم السلبي عليهم.

إصلاح مجتمعاتنا والوصول لحياة بقدر معقول من المعاناة سيأخذ عقودا طويلة من الزمن، ولكن يمكننا حتى ذلك الوقت أن نقدم كثيرا كثيرا من الرحمة للآخرين.

ما أقسى البشر على البشر !

* نقلا عن صحيفة

imane14
2008-10-09, 11:19
http://hammssalmasha3er.jeeran.com/h2.gif

النيلية
2008-10-09, 11:42
نحتاج الي الرحمة في تعاملاتنا مع الآخرين وعلينا ان ننظر دائما الي الجوانب المضيئة فيمن نتعامل معهم ونتغافل عن الجوانب السلبية

تقبلي مروري ومشكورة علي النقل المميز

بوبكر28
2008-10-09, 12:07
شكرا كم انت رائع