تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصة مقام الشهيد الجزائري


قلم الرصاص
2011-07-12, 08:11
لا أحد يُصدّق أنّ جزائريا لا يعرف المعلم الشهير مقام الشهيد المطل من أعالي هضبة المدنية "صالومبي" على الجزائر العاصمة

فمنذ إنجازه سنة 1982 بمناسبة إحياء الذكرى العشرون لاستقلال الجزائر، وهو يمثّل رمزا للجزائر المستقلة، وصار جزءا من العملة الوطنية التي تمّ صكّها بعد هذا التاريخ، كما رافقت صورته الطوابع البريدية، وكذا مختلف التظاهرات الثقافية والفنية التي جاءت عقب إنجازه، إلى درجة أنّه أصبح أيقونة تعرُج بالجزائريين باتجاه تاريخهم المعاصر بثوراته الشعبية، وثورته المسلّحة العظيمة. لكن ّ الأكيد أنّ فئة من الجزائريين فقط تعرف مهندس هذا المعلم الخالد. قبل أن نتقرّب من صاحب هذا الإبداع الفريد، سألنا بعض المواطنين إن كانوا يعرفون أصحاب الفضل في إنجاز هذا المعلم، بعضهم أجاب بأنّ الكنديين هم أصحاب الفضل في ذلك، وهذا جزء من الحقيقة وليس كلّ الحقيقة، والبعض الآخر اعترف عندما كشفنا له اسم بشير يلس، بأنّه لا يعرف شيئا عن هذا الفنان، وهو المهندس الأول لمقام الشهيد، أليس غريبا أن يُصبح مقام الشهيد أشهر من نار على علم، ويصير مهندسه نكرة على المستوى الجماهيري، ذلك هو السؤال المحيّر حقا؟..
* ‬
ثري* ‬تلمسان*.. ‬البقرة* ‬وبورتريه* ‬الأمير* ‬عبد* ‬القادر
كنت أعتقد أن أجد نفسي، عندما عزمت على إجراء هذه المقابلة مع الفنان بشير يلس، أمام رجل متهالك بفعل عامل السن، فالرجل من مواليد تلمسان سنة 1921 ، وبحساب بسيط فعمره اليوم 90 سنة بالتمام والكمال، لكني فوجئت ببشير يلس يستقبلنا بكلّ حيوية في بيته بحيدرة بالعاصمة،* ‬وظلّ* ‬طيلة* ‬مدة* ‬المقابلة* ‬التي* ‬جاوزت* ‬الساعتين* ‬من* ‬الزمن* ‬يستجمع* ‬ذكرياته،* ‬ويقوم* ‬بسردها* ‬وكأنّها* ‬وقعت* ‬للتو*. ‬
في البداية حاولتُ أن أُوجّه لمهندس مقام الشهيد سؤالا صادما، لعلّي أعرف منه أسباب جهل كثير من الجزائريين لفضله، محتوى السؤال ما هي أسباب عدم معرفة هؤلاء لفضل بشير يلس في ترسيخ ذاكرتهم من خلال هذا المعلم، في الوقت الذي يعرف بعضهم أنّ الشركة الكندية لافالين هي* ‬من* ‬قامت* ‬بالإنجاز؟
هنا يُجيب بشير يلس من خلال قصة واقعية حدثت له عندما كان فنانا شابا أيام زمن الاستعمار الفرنسي، تقول القصة التي لا يذكر الفنان بشير تاريخها بالضبط، أنّ أحد أثرياء تلمسان طلب منه أن يرسم له بورتريه للأمير عبد القادر، فوافق الفنان واستغرق منه العمل أكثر من شهر ونصف، وعندما أنهى البورتريه جاء به حسب الاتفاق إلى صاحبه، وعند الحديث عن الأتعاب، طلب بشير يلس 10 آلاف بعملة ذلك الزمن طبعا، فما كان من هذا الثري التلمساني سوى أن ضحك ضحكة استغربها الفنان يلس، وعندما سأل عن سببها، أجابه هذا الثري بأنّ 10 آلاف يمكنه بواسطتها أن يشتري بقرة، والبقرة تلد له عجلا ناهيك عن كونها تزوّده يوميا بكمية من الحليب ينتفع بها، وهكذا راح هذا الثري يعدّد محاسن هذه البقرة.. وهنا أكّد لي بشير يلس أنّه اندهش من مستوى تفكير هذا الثري، ثم عاد أدراجه مصطحبا بورتريه الأمير عبد القادر الذي قضى في رسمه ما يقارب الشهرين. ويُعلّق بشير على هذه الحادثة بأنّها تمثّل تماما الجزائريين في اللحظة الراهنة، حيث عمل الاستعمار الفرنسي سابقا على إبقاء الجزائريين في دوامة البحث عن الخبزة، وهو الأمر الذي ينطبق على السياسة المنتهجة حاليا، فالجزائري رغم كلّ المراحل الزمنية التي قطعها، إلا أنّه ما يزال يبحث عن الخبزة التي تكاد تُقطّع أنفاسه، و يتساءل مهندس مقام الشهيد "كيف للمواطن أمام هذه الوضعية أن يهتمّ بالفن، أو أن يُخصّص جزءا من وقته لمعرفة من يكون بشير يلس".
وللدلالة على هذه القطيعة الحاصلة بين الجزائريين والفن، يُضيف يلس، أنّه كان الجزائري الوحيد من بين عشرات الأجانب الذين كانوا يدرسون الفن أيام الاستعمار، وهذا بسبب حالة الطلاق التي أحدثتها فرنسا الاستعمارية بين الجزائريين وكلّ ما هو جميل. ويرى يلس أنّ ترميم هذه العلاقة يحتاج إلى عمل كبير ووقت طويل، وإرادة سياسية صادقة. لكنّه يتأسف لما حدث بعد الاستقلال مباشرة بقوله "القط ما يطلڤ الشحمة" في إشارة منه إلى أنّ السياسيين الجزائريين لم يسمحوا بالتداول على السلطة، والحال مستمرة إلى اليوم، وكنتيجة لذلك يؤكد يلس "أنا لما كنت أذهب إلى كندا في 1981، كان من المشقة بمكان أن تجد جزائريا واحدا، أذكر أنّي بعد رحلة بحث شاقة تعرّفت في مونتريال على الجزائري الوحيد الذي كان يعيش بكندا، وهو من منطقة القبائل، أما اليوم فيعيش في كندا حسب علمي 80 ألف جزائري متحدّين المناخ الصعب في كندا،* ‬ومفضّلين* ‬العيش* ‬هناك* ‬على* ‬أن* ‬يعودوا* ‬إلى* ‬أرض* ‬الوطن*"‬*.‬
* ‬
قصة* ‬تحوُُّل* ‬مقام* ‬الشهيد* ‬من* ‬باتنة* ‬إلى* ‬الجزائر
يروي الأستاذ بشير يلس في لقائه بالشروق، أنّ حكاية مقام الشهيد لا تعود إلى مرحلة الرئيس السابق الشاذلي بن جديد مثلما يعتقد البعض، ولكنّها تضرب بجذورها إلى أبعد من ذلك، فهي ترجع إلى بداية سنوات الاستقلال، حيث أكّد أنّ موضوع إنجاز معلم يُخلّد تضحيات الجزائريين سواء من خلال ثورتهم المسلّحة أو انتفاضاتهم الشعبية، جاء في مرحلة مبكرة من الاستقلال، حيث تمّ الاتصال به على عهد الرئيس الأسبق أحمد بن بلة، وكان يومها يلس مديرا للمدرسة الوطنية للفنون الجميلة، وطُلب منه التفكير في إنجاز عمل يخلّد تلك التضحيات، لكنّ العملية لم يُكتب لها النجاح، ولم يتم تجسيدها، ربما للظروف التاريخية المعروفة التي أحاطت بمرحلة الرئيس بن بلة. غير أنّ إنجاز هذا المعلم لم يوضع في الأدراج، لكنّه بقي ضمن اهتمامات القيادة السياسية في الجزائر، ولما استلم الرئيس هواري بومدين مقاليد السلطة، أُعيد تحريك الموضوع، لكنّ بومدين، حسب بشير يلس، كان يُريد إنجاز مقبرة وطنية بولاية باتنة، وضمن هذه المقبرة يكون هناك معلم يُخلّد تاريخ الجزائر الحديث. ومع ذلك، يؤكد يلس "قمنا بالدراسات للمشروع، وأطلعنا الرئيس هواري بومدين على المخططات، لكنّ إنجاز المشروع لم يتم، وبالتالي تأجّل المشروع برمّته مرة ثانية إلى وقت غير معروف يومها..". واعتبر بشير يلس أنّ بومدين فكّر في باتنة لإقامة هذا المعلم، لأنّ الثورة انطلقت من الأوراس، وكذا لأنّه ينحدر من هذه الولاية الثورية، غير أنّ يلس سجّل على بومدين خطأه عندما فكّر في ولاية بعينها لإقامة هذا المعلم، ولم يُفكّر بمنطق أنّه رئيس كلّ الجزائريين، وينبغي له تحت هذه الصفة، أن يفكّر في إقامته بالعاصمة، وهذا هو المنطق الذي جسّده فعلا الرئيس الشاذلي بن جديد، وتعامل من خلاله، عندما أبى إلا أن تكون الجزائر العاصمة حاضنة لهذا المعلم الذي يعبّر عن ذاكرة كلّ الجزائريين دون استثناء. وكشف يلس للشروق أنّه في كلّ المراحل التي عرفها المشروع، كان المسؤولون السياسيون يؤكدون "عليكم ببشير يلس.. روحو شوفو يلس" على أساس أنّه الوحيد القادر على المضيّ في هذا المشروع وتجسيده.
في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، عاودت السلطات السياسية، بعد استلام الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد السلطة خلفا لبومدين، إحياء المشروع، وتمّت عملية الاتصال ببشير يلس من أجل الإشراف على الموضوع ثانية. وهنا يؤكد يلس للشروق "في بداية الثمانينيات جاء الكنديون إلى الجزائر من خلال شركة لافالين لإنجاز مشروع بابن عكنون، وانتهزت السلطات وجودهم لتعرض عليهم إنجاز مقام الشهيد، وكنت قد قُمت بإجراء بعض التعديلات على المخطط الذي عرضته على الرئيس هواري بومدين، كما قمت بمعيّة ممثلي الشركة الكندية، باختيار المكان الذي سيحتضن المشروع، فكان أن اتّفقنا على الأرضية التي يوجد عليها مقام الشهيد حاليا بالمدنية "صالومبي" سابقا، كما ناقشنا المخططات وكيفية تجسيدها على أرض الواقع، ولم يمرّ عام حتى أُنجز المشروع بالكيفية الموجود عليها اليوم، وطوال فترة الإنجاز وحتى قبلها، سافر يلس مرات* ‬عديدة* ‬إلى* ‬كندا،* ‬وكان* ‬يقيم* ‬في* ‬بعضها* ‬أشهرا* ‬لمتابعة* ‬مراحل* ‬سير* ‬المشروع* ‬مع* ‬الشركة* ‬الكندية*. ‬
يبلغ طول مقام الشهيد 92 مترا، تمثّل ثلاث سعفات نخيل تتعانق وترتقي باتجاه السماء، كما يضم المعلم متحف المجاهد بكلّ لواحقه. ويؤكد بشير يلس أنّه هو من قام بالإشراف على ترتيب محتويات المتحف، كما أنجز القاعة المخصّصة لقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، وللتأثير في من يدخل هذه القاعة، ويشعر بعظمة الثورة، أكّد يلس للشروق أنّه اعتمد على تزيين جدرانها بآيات من القرآن، قام بكتابتها الخطاط المعروف عبد الحميد اسكندر، كما عمل يلس على توزيع الإنارة حيث تُعطي عظمة للمكان. وفي هذا الشأن استغرب يلس أن يبقى دخول هذه القاعة حكرا على بعض الناس، وألا تُفتح أمام عموم الجزائريين لقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء. وعن الذين شاركوا في تجسيد هذا المعلم الذي أصبح جزءا من هوية الجزائر والجزائريين، أكد بشير يلس "كنّا ثلاثة فقط نحات بولوني، الخطاط عبد الحميد اسكندر، وأنا، وكان أغلب العمل يقع* ‬على* ‬عاتقي*"‬
الفنان* ‬في* ‬الجزائر* ‬ليست* ‬له* ‬أية* ‬قيمة
على الرغم من كلّ الإنجازات التي قام بها بشير يلس، فهو فنان تشكيلي تنتشر لوحاته عبر العديد من العواصم العالمية كباريس وواشنطن وغيرهما، وحتى مكتب رئيس الجمهورية تزيّنه إحدى لوحات يلس، كما أنّه إضافة إلى ذلك، الأب الروحي المؤسس للاتحاد الوطني للفنون التشكيلية سنة 1963، ناهيك عن كونه مهندسا معماريا يعود له الفضل في إنجاز مقام الشهيد، المحكمة العليا، المركز الوطني للأرشيف، مقر بنك الجزائر بالعاصمة وتيزي وزو، المدرسة العليا للبحرية، قصر الثقافة، ومسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة، وهنا أكد يلس أنّ مسجد الأمير عبد القادر كُلّف بإنجازه المصريون ولما تدهورت قيمة العملة الوطنية في الثمانينيات من القرن الماضي انسحبوا من المشروع، فاستنجدت السلطات ببشير يلس لإتمام المشروع. رغم كلّ هذا، عندما تسأل بشير يلس عن وضعية الفنان في الجزائر يُجيب "أولا يجب أن أؤكد أنّ الفن ضروري لأي بلد، وبلد بلا فن كالجسد بلا روح، لأنّ الفن موجود في كلّ شيء، وحتى إذا أردت صناعة ملعقة عليك برسمها أولا. ومع ذلك، فوضعية الفنان في الجزائر معقّدة جدا، ولو أنّني ألاحظ توجّه بعض الشباب إلى الاهتمام بالفنون التشكيلية في السنوات الأخيرة، وهو غير كاف، لأنّ أمام* ‬الجزائر* ‬أشواطا* ‬كبيرة* ‬عليها* ‬قطعها* ‬لتوعية* ‬الجمهور* ‬بضرورة* ‬الفن*"‬*.‬
من جهة أخرى أبدى بشير يلس، وهو يختم حديثه إلى الشروق استياءه من عدم الإشارة إلى اسمه، وهو صاحب الفضل الأول في إنجاز مقام الشهيد، واستغرب أن يجهل اسمه الجزائريون "أنا لست بحاجة إلى ماديات، والفنان مهما كان تخصّصه، ينتظر دائما كلمة شكر، حتى وإن كانت مجرد كلمة، وما أحلاها لو وُضعت لافتة في زاوية من زوايا مقام الشهيد مثلا، وعليها اسمي ليس من باب النرجسية، ولكن من باب التذكير بأصحاب الفضل، فغير معقول أن يجهل الجزائريون أسماء فنانيهم، في حين تتفاخر الأمم الأخرى بهؤلاء وتُقيم لهم التماثيل لتخليدهم والتعريف بهم..".*

قلم الرصاص
2011-07-12, 08:13
http://www.echoroukonline.com/ara/thumbnail.php?file=bachir_429603416.jpg&size=article_medium

هذه صورة عمي بشير يلس مهنس مقام الشهيد وهو يتحسر ويقول "وددت* ‬لو* ‬ذُكر* ‬اسمي* ‬على* ‬لافتة* ‬في* ‬زاوية* ‬من* ‬زوايا* ‬مقام* ‬الشهيد"

تواتي 17
2011-07-12, 11:05
معلومات جديدة

اول مرة اسمع بهذا الاسم عمي بشير مصمم مقام الشهيد

و الله فنان بحق و لكن التهميش و نكران الجميل من طرف السلطة سبب طمس العديد من المعالم

الف شكر لعمى البشير و ان شاء الشباب الواعي لن ينسى هذا الاسم اما السلطة الهرمة العاجزة فلا ينتطر منها شئ

ممكن سيكرمون من قام ببناء و شيد برج إيفل و ينسون من قام بهندسة مقام الشهيد

و الشكر موصول لناقل الموضوع

هامتارو
2011-07-12, 11:47
لكن ما الذي يفعل في مقام الشهيد اليوم؟؟؟

aurese
2011-07-12, 21:31
واعتبر بشير يلس أنّ بومدين فكّر في باتنة لإقامة هذا المعلم، لأنّ الثورة انطلقت من الأوراس، وكذا لأنّه ينحدر من هذه الولاية
كاتب المقال. نحن لسنا من كوكب المريخ.
كيف له ان يقول لنا ان بومدين من باتنة.
الكل يعرف انه من قالمة.
من فضلكم القليل من التمعن والتعقل في قراءة المواضيع.
قراءة المواضيع وفهم مضمونها والمقصود منها. وليس استهلاك الجرائد من اجل تضييع الوقت.

aurese
2011-07-13, 12:01
.................................................. ........................................

يارب رحمتك
2011-07-13, 13:19
ليت المقام لم يوضع يوما .....

solo128
2011-07-13, 18:41
بومدين اشمه الحقيقي بوخروبة وهو من قالمة وليس من باتنة.

قلم الرصاص
2011-07-14, 18:07
واعتبر بشير يلس أنّ بومدين فكّر في باتنة لإقامة هذا المعلم، لأنّ الثورة انطلقت من الأوراس، وكذا لأنّه ينحدر من هذه الولاية
كاتب المقال. نحن لسنا من كوكب المريخ.
كيف له ان يقول لنا ان بومدين من باتنة.
الكل يعرف انه من قالمة.
من فضلكم القليل من التمعن والتعقل في قراءة المواضيع.
قراءة المواضيع وفهم مضمونها والمقصود منها. وليس استهلاك الجرائد من اجل تضييع الوقت.




لكن متنساش بلي قالمة كانت تابعة لباتنة في وقت بومدين ...(ومن الطبيعي يذكر اسم الولاية وليس القرية)
أظن انك ماكش بعيد على المريخ كثييييييييييييير
شكرا لك

**منار**
2013-04-21, 19:09
شكراااااااااااااااا

**منار**
2013-04-21, 19:10
رااااااااااااااااااائع

mehdi179
2013-04-21, 22:10
ولو من باب انصاف الرجل حقه