mascara
2008-09-30, 10:14
تعريف السياسة النقدية وتطورها. - l
علاقة السياسة النقدية بالسياسة الاقتصادية والمالية. - ll
المعلومات اللازمة لوضع سياسة نقدية. - lll
خلاصة واستنتاجات.
تمهيد:
يتضمن هذا البحث التعريف بالسياسة عموما وبالسياسة النقدية بصفة خاصة, ومراحل تطورها، في العنصر
الأول، ثم نتعرض إلى علاقة السياسة النقدية بالسياسة الاقتصادية وبالسياسة المالية، وكيفية التمييز بينها وبين السياسة
المالية وطبيعة العلاقة بينهما، وما هي أوجه الالتقاء بينهما في العنصر الثاني, أما العنصر الثالث فنتعرض فيه إلى
المعلومات اللازمة لوضع سياسة نقدية، وأخيرا ختمنا الفصل بخلاصة واستنتاجات.
تعريف السياسة النقدية وتطورها :- l
لدراسة السياسة النقدية لابد من تعريفها والتعرف على المراحل التي مرت بها خلال تطورها عبر العصور
والأحداث الاقتصادية، وفي هذا المبحث سوف نتعرض لتعريف السياسة عموما والسياسة النقدية بصفة خاصة، ثم
مراحل تطور السياسة النقدية.
1 تعريف السياسة النقدية. .l
1 لأمر عام في جماعة ما تدبيرا يغلب فيه معنى ( -1.1 تعريف السياسة عموما : يقصد بها في اللغة التدبير( 1 .l
دولة » التحسين والإصلاح . أما اصطلاحا فيقصد بها منذ أن استعملها اليونان تدبير أمور الدولة، وكانت في البداية
ثم تطورت وصارت الدولة القومية الحديثة، ولهذا تبدأ السياسة من مجتمع المدينة، ويؤكد الأصل اليوناني « المدينة
أي (Polis) وهو ما يدل على أنها مشتقة من كلمة (Policy, politique) للمصطلحين المقابلين الإنجليزي والفرنسي
مدينة، ويرى البعض أن هذا المفهوم للسياسة لا ينطبق على كثير من الجماعات التي لا تتوفر فيها لا دولة ولا سلطة
عامة، كالمجتمعات القبلية لأن السلطة تكون فيها أبوية، في حين تخالف مدرسة العميد الفرنسي دوجى هنا التحديد لمعنى
السياسة ومجالها، فهي ترى أنه طالما وجد مجتمع فيه حكاما ومحكومين وهذا يتوفر في أي مجتمع بشري ولو كان
بدائيا أو أسرة، أو قبيلة أو هيئة دينية ( 2)، وهكذا تطور مفهوم السياسة عبر العصور وأنتج الفكر السياسي مجموعة
نظريات ومذاهب سياسية كثيرة وأصبحت السياسة اصطلاحا هي اسم للأحكام والسلوكيات التي تدبر بها شؤون الأمة
في حكومتها وتشريعها وقضائها وفي جميع سلطاتها التنفيذية والإدارية وفي علاقاتها الخارجية التي تربطها بغيرها من
الأمم, فلكل أمة في هذه النواحي سياسة وأحكام وإجراءات خاصة وكل واحدة من هذه السياسات تتمثل في مجموعة من
2( الأحكام تدبر بها شؤون الأمة في الجانب المتعلق بها، وبالتالي فالسياسة النقدية تتعلق بالجانب النقدي لهذه الأمة' ( 3
كما عرفت السياسة لدى الفرنسيين بتعريفات أخرى تصب في نفس المعنى حيث عرفت بأنها علم إدارة الدولة
وبالتالي طريقة الحكم ومنها مجموع المصالح العامة، مثل السياسة الداخلية والسياسة الخارجية ( 4) وعرفت أيضا بأنها
مبادئ وقواعد إدارة المجتمع مثل سياسة اقتصادية, سياسة نقدية، سياسية زراعية، سياسة تجارية، وبالتالي فإنه يمكن
القول بأن السياسة هي إتباع منهج أو طريقة لإدارة جوانب المجتمع المختلفة سواء تعلق الأمر بالجانب الاقتصادي أو
المالي أو النقدي أو الزراعي أو الصناعي أو التجاري ...إلخ.
2.1 تعريف السياسة النقدية .l
ما تقوم به الحكومة من » على أنها (G.L Bach) تعددت التعاريف للسياسة النقدية فقد عرفها الاقتصادي
عمل يؤثر بصورة فعالة في حجم وتركيب الموجودات السائلة التي يحتفظ بها القطاع غير المصرفي سواء كانت عملة
العمل الذي يستخدم لمراقبة عرض النقود من البنك » 5) كما عرفت السياسة النقدية بأنها ) « أو ودائع أو سندات حكومية
(6) .« المركزي وذلك كأداة لتحقيق أهداف السياسة الاقتص
تلك السياسة التي لها التأثير على الاقتصاد بواسطة النقود والتي تستعمل » وتعرف السياسة النقدية أيضا بأنها
(7) . « العلاقة: النقود – الدخل
أن السياسة النقدية تشمل جميع » وهو Einzig وهناك تعريف شامل للسياسة النقدية الذي قدمه الاقتصادي
القرارات والإجراءات النقدية بصرف النظر عما إذا كانت أهدافها نقدية أو غير نقدية، وكذلك جميع الإجراءات غير
(8). « النقدية التي تهدف إلى التأثير في النظام النقدي
ومن خلال التعاريف السابقة فإن أي تعريف شامل وكاف للسياسية النقدية لابد أن يضم مجموعة من العناصر
الهامة وهي:
-1 الإجراءات والأعمال التي تقوم بها السلطات النقدية.
-2 تستعمل الإجراءات للتأثير على المتغيرات النقدية وبالتأثير في سلوك الأعوان المصرفية وغير المصرفية.
-3 تهدف السياسة النقدية إلى تحقيق أهداف تحددها السلطات النقدية.
وسنقوم بتحليل هذه العناصر كما يلي:
-1 إن السياسة النقدية تختلف عن النظرية النقدية، فالأولى تعني مجموعة الإجراءات والتدابير العملية التي تقوم بها
السلطات النقدية المتمثلة عادة في البنك المركزي لحل مشاكل اقتصادية قائمة أو الحماية ضد وقوع مشاكل محتملة، في
حين أن النظرية النقدية تهتم بمحاولة تفسير تلك الظواهر الاقتصادية، وتبيان طرق معالجتها، فهي تنظر إلى المشكلة
3.( الاقتصادية نظرة علمية مجردة، وفي ظروف معينة، فتوصي مما ينبغي أن يكون عليه النظام الاقتصادي ( 9
-2 إن وسائل العمل للسلطات النقدية تستطيع أن تؤدي إما إلى رقابة مباشرة من طرف السلطات للمتغيرات النقدية (
القرض، الصرف، معدل الفائدة )، وإما إلى تدخلات في سوق الأموال بهدف التأثير في سلوك خلق النقود لمؤسسات
( القرض (عرض النقود ) وسلوك الأعوان غير الماليين من ناحية التمويل وحيازة السيولة ( 10
-3 إن السياسة النقدية تعمل على تحقيق أهداف ويجب التفرقة بين أهداف وسيطة للسياسة النقدية وأهداف نهائية،
فالأهداف الوسيطة هي المتغيرات النقدية المراقبة من السلطات النقدية والمرتبطة بشكل كاف مستقر ومقدر بالأهداف
النهائية مثل معيار النمو السنوي للكتلة النقدية، أما الأهداف النهائية التي تتأثر فعليا بالمتغيرات النقدية ونميز بين
أهداف نهائية للتوازن الداخلي مثل مكافحة التضخم، ومعدل نمو عال، وأهداف نهائية للتوازن الخارجي مثل: استقرار
سعر صرف العملة الوطنية.
2 تطور السياسة النقدية .l
يعتبر مصطلح السياسة النقدية حديثا نسبيا فقد ظهر في القرن التاسع عشر، إلا أن الذين كتبوا عن السياسة
النقدية كانوا كثيرين، وكان هذا التطور يعود إلى تطور الفكر الاقتصادي وأن الأحداث الاقتصادية هي المحرك في
ذلك، وقد كان التضخم الذي انتشر في إسبانيا وفرنسا في القرن السادس عشر سببا في ظهور أبحاث عن السياسة
النقدية، كما أن المشاكل المالية التي ظهرت في بريطانيا والتضارب بين النقود الورقية والمعدنية في الولايات المتحدة
الأمريكية في نهاية القرن السابع عشر من الدوافع الأخرى لبحث دور السياسة النقدية في تلك البلاد، أما في القرن
التاسع عشر فإن التضخم والمشاكل النقدية الأخرى من العوامل الهامة التي أدت إلى ظهور الدراسة المنتظمة لمسائل
السياسة النقدية، وفي القرن العشرين أصبحت دراسة السياسة النقدية جزءا لا يتجزأ من السياسة الاقتصادية للدولة
4، وبصورة عامة يمكن تلخيص مراحل تطور دراسة السياسة النقدية في ما يلي
المرحلة الأولى :تميزت النظرة للسياسة النقدية في بداية القرن العشرين بطابع النظرة الحيادية للنقود التي كان ينظر إليها على
أنها عنصر محايد لا أثر له في الحياة الاقتصادية وكان الشائع أن النقود هي مجرد أداة للمبادلات ولاشيء في الاقتصاد
وهو أحد أعمدة الفكر الكلاسيكي، ولكن مع تطور الفكر الاقتصادي (Say) أتفه من النقود كما قال جون باتيست ساي
وتطور الأحداث الاقتصادية ظهرت أهمية السياسة النقدية في رفع أو خفض قيمة النقود، والتي تعد بدورها وسيلة
( لتنشيط الإنتاج والتأثير في توزيع الدخول ( 12
وكانت السياسة النقدية قبل حدوث أزمة الكساد العظيم سنة 1929 الأداة الوحيدة المستخدمة لتحقيق الاستقرار
والتأثير على مستوى النشاط الاقتصادي ومكافحة التضخم والانكماش، إلا أن حدوث هذه الأزمة الاقتصادية الكبيرة
التي سادت في تلك الفترة وما خلفته من آثار وخيمة على اقتصاديات العالم اثبت عدم قدرة السياسة النقدية وحدها آنذاك
للخروج منها، واصبح ينظر إليها على أنها عاجزة عن تقديم الحلول في تلك الفترة.
المرحلة الثانية:
تميزت هذه المرحلة بظهور الفكر الكينزي على يد الاقتصادي البريطاني جون ماينرد كينز الذي كان ينظر إلى
النقود نظرة حركية وليست ستاتيكية، ولكن بسبب عجز السياسة النقدية عن الخروج من أزمة 1929 ، بدأ كينز يدعو
للاهتمام بالسياسة المالية للخروج من ذلك في الفترة ما بين الحربين، وهكذا بدا لكينز أن السياسة المالية تأتي في
المرتبة الأولى قبل السياسة النقدية، وتم إعطاء دورا اكبر للدولة للتدخل عن طريق السياسة المالية أولا ثم السياسة
النقدية، عن طريق الإنفاق بالعجز الذي يسنده الإصدار النقدي أو الدين العام، وقد بنى كينز نظريته على جمود
الأسعار والأجور في الأجل القصير وشكك في كفاءة تلاءم السوق مع الصدمات وعالج داء الاحتكار بداء التضخم مما
( أدى إلى عجز أدوات الكينزية عن علاج الاختلالات . ( 13
المرحلة الثالثة :
إن التطور الاقتصادي أظهر بعض النقائص في السياسة المالية مما أدى إلى تراجع أهميتها فهي تتميز بعدم
المرونة وبطئها وتأكد عدم جدواها في مكافحة التضخم، لذلك رأت بعض الدول المتقدمة سنة 1951 أن عليها الرجوع
5 وبالتالي بدأت تعود السياسة ( إلى تطبيق بعض أدوات السياسة النقدية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الوطني ( 14
النقدية لتأخذ مكانتها الأولى، ولكن هذه العودة لم تكن كلية بل مازالت السياسة المالية تحتل مكانة هامة إلى أن جاءت
موجة النقدويين التي تسمى مدرسة شيكاغو بزعامة ملتون فريد مان، التي حركت ساعة الفكر للوراء مرة أخرى إلى
فكر النظرية الكمية للنقد, والدعوة إلى أن التحكم في عرض النقود هو السبيل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وذلك
حتي يزداد عرض النقود بصورة عامة بمعدل مساو لمعدل النمو في الناتج القومي وتكون هذه الزيادة مستقلة عن
الدورة التجارية، ويزداد عرض النقود بنفس المعدل في سنوات الكساد كما في سنوات الرخاء .
عندما أنتخبت تاتشر رئيسة بريطانيا سنة 1979 وريغان لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1980 تنازلت
الكينزية عن عرش الفكر إلى الموجة النقدية الثالثة وكانت الفترة الممتدة من 1979 إلى 1982 قمة عصر النقدويين، ثم
تحدث بعدها الاقتصاديون عن نكسة النقدويين، حيث بدأت تتراكم مشكلات التطبيق من كساد بطالة، على الرغم أن
. ( التضخم قد انخفض كثيرا بعد تطبيق السياسة النقدية لنمو عرض النقود ( 15
المرحلة الرابعة :
احتدم الجدل بين أنصار كل من السياسة المالية والسياسة النقدية خاصة بعد ظهور نواقص كل منها، فاصبح كل
فريق يعتقد أن سياسته هي التي يمكنها أن تحقق الاستقرار الاقتصادي في المجتمع وهكذا عاد الفكر الاقتصادي مرة أخرى إلى الخلف، فهناك عودة في التسعينات خصوصا في أمريكا على يد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون لإعادة فكر
الثلاثينات الكينزي إلى السياسة الاقتصادية، ويبقى أنصار الفكر النقدوي يصرون على جدوى السياسة النقدية وفعاليتها
وعدم فعالية السياسة المالية وحاولوا تجريد السياسة المالية كلية من أية قدرة على التأثير على الناتج الوطني والخروج
( من الأزمات وتحقيق الاستقرار العام .( 16
ومن الطبيعي أن يظهر أنصار السياسة المالية دفاعا عما يدعي عليهم النقدويون ومازالوا يقدمون امتيازات
السياسة المالية عن النقدية وقدرتها على التأثير في النشاط الاقتصادي، فهم يعترفون بضرورة السياسة النقدية وأنها
مكملة للسياسة المالية، ولكن تبقى السياسة المالية هي الأولى من حيث الأهمية .
بينما النقدويون صبوا جم هجوهم على السياسة المالية نظرا لما تتميز به من بطئ زمني ولكونها تحتاج
إلى ترتيبات وإجراءات تشريعية وهذا يستغرق وقتا طويلا لمعالجة الاختلالات الاقتصادية، وقد أدى تعصب كل من
الفريقين لسياسته إلى بروز فريق ثالث بزعامة الاقتصادي الأمريكي والتر هيلر الذي يرى أن التعصب لسياسة مالية
أو نقدية ليس له مبرر لأن استخدام إحداها بمفردها لا يغني عن ضرورة استخدام الأخرى، فكلاهما أصل ولا تقل
6، ولكل منها ( أهمية أي منها عن الأخرى في العمل للخروج من الأزمات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي ( 17
فعاليتها في الظرف الاقتصادي السائد المناسب لها
علاقة السياسة النقدية بالسياسة الاقتصادية والمالية. - ll
المعلومات اللازمة لوضع سياسة نقدية. - lll
خلاصة واستنتاجات.
تمهيد:
يتضمن هذا البحث التعريف بالسياسة عموما وبالسياسة النقدية بصفة خاصة, ومراحل تطورها، في العنصر
الأول، ثم نتعرض إلى علاقة السياسة النقدية بالسياسة الاقتصادية وبالسياسة المالية، وكيفية التمييز بينها وبين السياسة
المالية وطبيعة العلاقة بينهما، وما هي أوجه الالتقاء بينهما في العنصر الثاني, أما العنصر الثالث فنتعرض فيه إلى
المعلومات اللازمة لوضع سياسة نقدية، وأخيرا ختمنا الفصل بخلاصة واستنتاجات.
تعريف السياسة النقدية وتطورها :- l
لدراسة السياسة النقدية لابد من تعريفها والتعرف على المراحل التي مرت بها خلال تطورها عبر العصور
والأحداث الاقتصادية، وفي هذا المبحث سوف نتعرض لتعريف السياسة عموما والسياسة النقدية بصفة خاصة، ثم
مراحل تطور السياسة النقدية.
1 تعريف السياسة النقدية. .l
1 لأمر عام في جماعة ما تدبيرا يغلب فيه معنى ( -1.1 تعريف السياسة عموما : يقصد بها في اللغة التدبير( 1 .l
دولة » التحسين والإصلاح . أما اصطلاحا فيقصد بها منذ أن استعملها اليونان تدبير أمور الدولة، وكانت في البداية
ثم تطورت وصارت الدولة القومية الحديثة، ولهذا تبدأ السياسة من مجتمع المدينة، ويؤكد الأصل اليوناني « المدينة
أي (Polis) وهو ما يدل على أنها مشتقة من كلمة (Policy, politique) للمصطلحين المقابلين الإنجليزي والفرنسي
مدينة، ويرى البعض أن هذا المفهوم للسياسة لا ينطبق على كثير من الجماعات التي لا تتوفر فيها لا دولة ولا سلطة
عامة، كالمجتمعات القبلية لأن السلطة تكون فيها أبوية، في حين تخالف مدرسة العميد الفرنسي دوجى هنا التحديد لمعنى
السياسة ومجالها، فهي ترى أنه طالما وجد مجتمع فيه حكاما ومحكومين وهذا يتوفر في أي مجتمع بشري ولو كان
بدائيا أو أسرة، أو قبيلة أو هيئة دينية ( 2)، وهكذا تطور مفهوم السياسة عبر العصور وأنتج الفكر السياسي مجموعة
نظريات ومذاهب سياسية كثيرة وأصبحت السياسة اصطلاحا هي اسم للأحكام والسلوكيات التي تدبر بها شؤون الأمة
في حكومتها وتشريعها وقضائها وفي جميع سلطاتها التنفيذية والإدارية وفي علاقاتها الخارجية التي تربطها بغيرها من
الأمم, فلكل أمة في هذه النواحي سياسة وأحكام وإجراءات خاصة وكل واحدة من هذه السياسات تتمثل في مجموعة من
2( الأحكام تدبر بها شؤون الأمة في الجانب المتعلق بها، وبالتالي فالسياسة النقدية تتعلق بالجانب النقدي لهذه الأمة' ( 3
كما عرفت السياسة لدى الفرنسيين بتعريفات أخرى تصب في نفس المعنى حيث عرفت بأنها علم إدارة الدولة
وبالتالي طريقة الحكم ومنها مجموع المصالح العامة، مثل السياسة الداخلية والسياسة الخارجية ( 4) وعرفت أيضا بأنها
مبادئ وقواعد إدارة المجتمع مثل سياسة اقتصادية, سياسة نقدية، سياسية زراعية، سياسة تجارية، وبالتالي فإنه يمكن
القول بأن السياسة هي إتباع منهج أو طريقة لإدارة جوانب المجتمع المختلفة سواء تعلق الأمر بالجانب الاقتصادي أو
المالي أو النقدي أو الزراعي أو الصناعي أو التجاري ...إلخ.
2.1 تعريف السياسة النقدية .l
ما تقوم به الحكومة من » على أنها (G.L Bach) تعددت التعاريف للسياسة النقدية فقد عرفها الاقتصادي
عمل يؤثر بصورة فعالة في حجم وتركيب الموجودات السائلة التي يحتفظ بها القطاع غير المصرفي سواء كانت عملة
العمل الذي يستخدم لمراقبة عرض النقود من البنك » 5) كما عرفت السياسة النقدية بأنها ) « أو ودائع أو سندات حكومية
(6) .« المركزي وذلك كأداة لتحقيق أهداف السياسة الاقتص
تلك السياسة التي لها التأثير على الاقتصاد بواسطة النقود والتي تستعمل » وتعرف السياسة النقدية أيضا بأنها
(7) . « العلاقة: النقود – الدخل
أن السياسة النقدية تشمل جميع » وهو Einzig وهناك تعريف شامل للسياسة النقدية الذي قدمه الاقتصادي
القرارات والإجراءات النقدية بصرف النظر عما إذا كانت أهدافها نقدية أو غير نقدية، وكذلك جميع الإجراءات غير
(8). « النقدية التي تهدف إلى التأثير في النظام النقدي
ومن خلال التعاريف السابقة فإن أي تعريف شامل وكاف للسياسية النقدية لابد أن يضم مجموعة من العناصر
الهامة وهي:
-1 الإجراءات والأعمال التي تقوم بها السلطات النقدية.
-2 تستعمل الإجراءات للتأثير على المتغيرات النقدية وبالتأثير في سلوك الأعوان المصرفية وغير المصرفية.
-3 تهدف السياسة النقدية إلى تحقيق أهداف تحددها السلطات النقدية.
وسنقوم بتحليل هذه العناصر كما يلي:
-1 إن السياسة النقدية تختلف عن النظرية النقدية، فالأولى تعني مجموعة الإجراءات والتدابير العملية التي تقوم بها
السلطات النقدية المتمثلة عادة في البنك المركزي لحل مشاكل اقتصادية قائمة أو الحماية ضد وقوع مشاكل محتملة، في
حين أن النظرية النقدية تهتم بمحاولة تفسير تلك الظواهر الاقتصادية، وتبيان طرق معالجتها، فهي تنظر إلى المشكلة
3.( الاقتصادية نظرة علمية مجردة، وفي ظروف معينة، فتوصي مما ينبغي أن يكون عليه النظام الاقتصادي ( 9
-2 إن وسائل العمل للسلطات النقدية تستطيع أن تؤدي إما إلى رقابة مباشرة من طرف السلطات للمتغيرات النقدية (
القرض، الصرف، معدل الفائدة )، وإما إلى تدخلات في سوق الأموال بهدف التأثير في سلوك خلق النقود لمؤسسات
( القرض (عرض النقود ) وسلوك الأعوان غير الماليين من ناحية التمويل وحيازة السيولة ( 10
-3 إن السياسة النقدية تعمل على تحقيق أهداف ويجب التفرقة بين أهداف وسيطة للسياسة النقدية وأهداف نهائية،
فالأهداف الوسيطة هي المتغيرات النقدية المراقبة من السلطات النقدية والمرتبطة بشكل كاف مستقر ومقدر بالأهداف
النهائية مثل معيار النمو السنوي للكتلة النقدية، أما الأهداف النهائية التي تتأثر فعليا بالمتغيرات النقدية ونميز بين
أهداف نهائية للتوازن الداخلي مثل مكافحة التضخم، ومعدل نمو عال، وأهداف نهائية للتوازن الخارجي مثل: استقرار
سعر صرف العملة الوطنية.
2 تطور السياسة النقدية .l
يعتبر مصطلح السياسة النقدية حديثا نسبيا فقد ظهر في القرن التاسع عشر، إلا أن الذين كتبوا عن السياسة
النقدية كانوا كثيرين، وكان هذا التطور يعود إلى تطور الفكر الاقتصادي وأن الأحداث الاقتصادية هي المحرك في
ذلك، وقد كان التضخم الذي انتشر في إسبانيا وفرنسا في القرن السادس عشر سببا في ظهور أبحاث عن السياسة
النقدية، كما أن المشاكل المالية التي ظهرت في بريطانيا والتضارب بين النقود الورقية والمعدنية في الولايات المتحدة
الأمريكية في نهاية القرن السابع عشر من الدوافع الأخرى لبحث دور السياسة النقدية في تلك البلاد، أما في القرن
التاسع عشر فإن التضخم والمشاكل النقدية الأخرى من العوامل الهامة التي أدت إلى ظهور الدراسة المنتظمة لمسائل
السياسة النقدية، وفي القرن العشرين أصبحت دراسة السياسة النقدية جزءا لا يتجزأ من السياسة الاقتصادية للدولة
4، وبصورة عامة يمكن تلخيص مراحل تطور دراسة السياسة النقدية في ما يلي
المرحلة الأولى :تميزت النظرة للسياسة النقدية في بداية القرن العشرين بطابع النظرة الحيادية للنقود التي كان ينظر إليها على
أنها عنصر محايد لا أثر له في الحياة الاقتصادية وكان الشائع أن النقود هي مجرد أداة للمبادلات ولاشيء في الاقتصاد
وهو أحد أعمدة الفكر الكلاسيكي، ولكن مع تطور الفكر الاقتصادي (Say) أتفه من النقود كما قال جون باتيست ساي
وتطور الأحداث الاقتصادية ظهرت أهمية السياسة النقدية في رفع أو خفض قيمة النقود، والتي تعد بدورها وسيلة
( لتنشيط الإنتاج والتأثير في توزيع الدخول ( 12
وكانت السياسة النقدية قبل حدوث أزمة الكساد العظيم سنة 1929 الأداة الوحيدة المستخدمة لتحقيق الاستقرار
والتأثير على مستوى النشاط الاقتصادي ومكافحة التضخم والانكماش، إلا أن حدوث هذه الأزمة الاقتصادية الكبيرة
التي سادت في تلك الفترة وما خلفته من آثار وخيمة على اقتصاديات العالم اثبت عدم قدرة السياسة النقدية وحدها آنذاك
للخروج منها، واصبح ينظر إليها على أنها عاجزة عن تقديم الحلول في تلك الفترة.
المرحلة الثانية:
تميزت هذه المرحلة بظهور الفكر الكينزي على يد الاقتصادي البريطاني جون ماينرد كينز الذي كان ينظر إلى
النقود نظرة حركية وليست ستاتيكية، ولكن بسبب عجز السياسة النقدية عن الخروج من أزمة 1929 ، بدأ كينز يدعو
للاهتمام بالسياسة المالية للخروج من ذلك في الفترة ما بين الحربين، وهكذا بدا لكينز أن السياسة المالية تأتي في
المرتبة الأولى قبل السياسة النقدية، وتم إعطاء دورا اكبر للدولة للتدخل عن طريق السياسة المالية أولا ثم السياسة
النقدية، عن طريق الإنفاق بالعجز الذي يسنده الإصدار النقدي أو الدين العام، وقد بنى كينز نظريته على جمود
الأسعار والأجور في الأجل القصير وشكك في كفاءة تلاءم السوق مع الصدمات وعالج داء الاحتكار بداء التضخم مما
( أدى إلى عجز أدوات الكينزية عن علاج الاختلالات . ( 13
المرحلة الثالثة :
إن التطور الاقتصادي أظهر بعض النقائص في السياسة المالية مما أدى إلى تراجع أهميتها فهي تتميز بعدم
المرونة وبطئها وتأكد عدم جدواها في مكافحة التضخم، لذلك رأت بعض الدول المتقدمة سنة 1951 أن عليها الرجوع
5 وبالتالي بدأت تعود السياسة ( إلى تطبيق بعض أدوات السياسة النقدية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الوطني ( 14
النقدية لتأخذ مكانتها الأولى، ولكن هذه العودة لم تكن كلية بل مازالت السياسة المالية تحتل مكانة هامة إلى أن جاءت
موجة النقدويين التي تسمى مدرسة شيكاغو بزعامة ملتون فريد مان، التي حركت ساعة الفكر للوراء مرة أخرى إلى
فكر النظرية الكمية للنقد, والدعوة إلى أن التحكم في عرض النقود هو السبيل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وذلك
حتي يزداد عرض النقود بصورة عامة بمعدل مساو لمعدل النمو في الناتج القومي وتكون هذه الزيادة مستقلة عن
الدورة التجارية، ويزداد عرض النقود بنفس المعدل في سنوات الكساد كما في سنوات الرخاء .
عندما أنتخبت تاتشر رئيسة بريطانيا سنة 1979 وريغان لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1980 تنازلت
الكينزية عن عرش الفكر إلى الموجة النقدية الثالثة وكانت الفترة الممتدة من 1979 إلى 1982 قمة عصر النقدويين، ثم
تحدث بعدها الاقتصاديون عن نكسة النقدويين، حيث بدأت تتراكم مشكلات التطبيق من كساد بطالة، على الرغم أن
. ( التضخم قد انخفض كثيرا بعد تطبيق السياسة النقدية لنمو عرض النقود ( 15
المرحلة الرابعة :
احتدم الجدل بين أنصار كل من السياسة المالية والسياسة النقدية خاصة بعد ظهور نواقص كل منها، فاصبح كل
فريق يعتقد أن سياسته هي التي يمكنها أن تحقق الاستقرار الاقتصادي في المجتمع وهكذا عاد الفكر الاقتصادي مرة أخرى إلى الخلف، فهناك عودة في التسعينات خصوصا في أمريكا على يد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون لإعادة فكر
الثلاثينات الكينزي إلى السياسة الاقتصادية، ويبقى أنصار الفكر النقدوي يصرون على جدوى السياسة النقدية وفعاليتها
وعدم فعالية السياسة المالية وحاولوا تجريد السياسة المالية كلية من أية قدرة على التأثير على الناتج الوطني والخروج
( من الأزمات وتحقيق الاستقرار العام .( 16
ومن الطبيعي أن يظهر أنصار السياسة المالية دفاعا عما يدعي عليهم النقدويون ومازالوا يقدمون امتيازات
السياسة المالية عن النقدية وقدرتها على التأثير في النشاط الاقتصادي، فهم يعترفون بضرورة السياسة النقدية وأنها
مكملة للسياسة المالية، ولكن تبقى السياسة المالية هي الأولى من حيث الأهمية .
بينما النقدويون صبوا جم هجوهم على السياسة المالية نظرا لما تتميز به من بطئ زمني ولكونها تحتاج
إلى ترتيبات وإجراءات تشريعية وهذا يستغرق وقتا طويلا لمعالجة الاختلالات الاقتصادية، وقد أدى تعصب كل من
الفريقين لسياسته إلى بروز فريق ثالث بزعامة الاقتصادي الأمريكي والتر هيلر الذي يرى أن التعصب لسياسة مالية
أو نقدية ليس له مبرر لأن استخدام إحداها بمفردها لا يغني عن ضرورة استخدام الأخرى، فكلاهما أصل ولا تقل
6، ولكل منها ( أهمية أي منها عن الأخرى في العمل للخروج من الأزمات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي ( 17
فعاليتها في الظرف الاقتصادي السائد المناسب لها