تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصة رائعة


imane14
2008-09-29, 21:24
السلام عليكم اخوتي أعضاء الغابة
انا قرأت القصة هادي في احد المنتديات الله اعلم بمدي صحتها لاكنها قصة جميلة أعجبتني
وحبيت أنقلها لكم وأتمني انها تعجبكم



إنها قصة من أروع القصص الواقعية المؤثرة ، حصلت لطفلة صغيرة تقية صالحة رغم صغر سنها ، وهي
قصة من أعجب القصص ، سيرويها لكم أبوها وهو لبناني اشتغل في السعودية فترة من الزمن '
قال: عشت في الدمام عشر سنين ورزقت فيها بابنة واحدة أسميتها ياسمين، وكان قد ولد لي من قبلها ابن
واحد وأسميته احمد وكان يكبرها بثمان سنين وكنت اعمل هنا في مهنة هندسية.. فأنا مهندس وحائز على
درجة الدكتوراه.. كانت ياسمين آية من الجمال لها وجه نوراني زاهر.. ومع بلوغها التسع سنوات رأيتها من
تلقاء نفسها تلبس الحجاب وتصلي وتواظب على قراءة القرآن بصورة ملفتة للنظر.. فكانت ما إن تنتهي من أداء
واجباتها المدرسية حتى تقوم على الفور وتفترش سجادة صلاتها الصغيرة وتأخذ بقرآنها وهي ترتله ترتيلا طفوليًا
ساحرا.. كنت أقول لها قومي العبي مع صديقاتك فكانت تقول: صديقي هو قرآني وصديقي هو ربي ونعم الصديق..ثم
تواصل قراءة القرآن.. وذات يوم اشتكت من ألم في بطنها عند النوم..فأخذتها إلى المستوصف القريب فأعطاها بعض
المسكنات فنهدأ آلامها يومين.. ثم تعاودها.. وهكذا تكررت الحالة.. ولم أعط الأمر حينها أي جدية.. وشاء الله أن
تفتح الشركة التي أعمل بها فرعا في الولايات المتحدة الأمريكية.. وعرضوا علي منصب المدير العام هناك فوافقت..
ولم ينقض شهر واحد حتى كنا في أحضان أمريكا مع زوجتي واحمد وياسمين.. ولا أستطيع وصف سعادتنا بتلك
الفرصة الذهبية والسفر للعيش في أمريكا هذا البلد العملاق الذي يحلم بالسفر إليه كل إنسان.. بعد مضي قرابة
الشهرين على وصولنا إلى أمريكا عاودت الآلام ياسمين فأخذتها إلى دكتور باطني متخصص.. فقام بفحصها وقال:
ستظهر النتائج بعد أسبوع ولا داعي للقلق ادخل كلام الطبيب الاطمئنان إلى قلبي.. وسرعان ما حجزت لنا مقاعد على
أقرب رحلة إلى مدينة الألعاب (أورلاندو) وقضينا وقتا ممتعا مع ياسمين.. بين الألعاب والتنزه هنا وهناك .. وبينما
نحن في متعة المرح.. رن صوت هاتفي النقال.. فوقع قلبي.. لا أحد في أمريكا يعرف رقمي..عجبا أكيد الرقم خطأ.
فترددت في الإجابة.. وأخيرا ضغطت على زر الإجابة.. - الو..من المتحدث ؟ - أهلا يا حضرة المهندس.. معذرة على
الإزعاج فأنا الدكتور ستيفن.. طبيب ياسمين هل يمكنني لقاؤك في عيادتي غدا ؟ - وهل هناك ما يقلق في النتائج؟! -
في الواقع نعم.. لذا أود رؤية ياسمين.. وطرح عدد من الأسئلة قبل التشخيص النهائي.. - حسنا سنكون عصر غد عند
الخامسة في عيادتك إلى اللقاء.. اختلطت المخاوف والأفكار في رأسي.. ولم ادر كيف أتصرف فقد بقي في برنامج
الرحلة يومان وياسمين في قمة السعادة لأنها المرة الأولى التي تخرج فيها للتنزه منذ وصولنا إلى أمريكا.. وأخيرا
أخبرتهم بأن الشركة تريد حضوري غدا إلى العمل لطارئ ما.. وهي فرصة جيدة لمتابعة تحاليل ياسمين فوافقوا جميعا
على العودة بشرط أن نرجع إلى أور لأند في العطلة الصيفية.. وفي العيادة استهل الدكتور ستيفن حديثه لياسمين
بقوله: - مرحبًا ياسمين كيف حالك؟ - جيدة ولله الحمد.. ولكني أحس بآلام وضعف، لا أدري مما ؟ وبدأ الدكتور يطرح
الأسئلة الكثيرة.. وأخيرا طأطأ رأسه وقال لي: - تفضل في الغرفة الأخرى.. وفي الحجرة انزل الدكتور على رأسي
صاعقة.. تمنيت عندها لو أن الأرض انشقت وبلعتني.. قال الدكتور: - منذ متى وياسمين تعاني من المرض ؟ قلت: منذ
سنة تقريبا وكنا نستعمل المهدئات وتتعافى.. فقال الطبيب: ولكن مرضها لا يتعافى بالمهدئات.. أنها مصابة بسرطان
الدم في مراحله الأخيرة جدا.. ولم يبق لها من العمر إلا ستة أشهر.. وقبل مجيئكم تم عرض التحاليل على أعضاء
لجنة مرضى السرطان في المنطقة وقد أقروا جميعا بذلك من واقع التحاليل.. فلم أتمالك نفسي وانخرطت في البكاء
وقلت: مسكينة.. والله مسكينة ياسمين هذه الوردة الجميلة.. كيف ستموت وترحل عن الدنيا.. وسمعت زوجتي صوت
بكائي فدخلت ولما علمت أغمى عليها.. وهنا دخلت ياسمين و‏ابني أحمد وعندما علم أحمد بالخبر احتضن أخته وقال:
مستحيل أن تموت ياسمين.. فقالت ياسمين ببراءتها المعهودة: أموت.. يعني ماذا أموت ؟ فتلعثم الجميع من هذا
السؤال.. فقال الطبيب: يعني سترحلين إلى الله.. فقالت ياسمين: حقا سأرحل إلى الله؟!.. وهل هو سيئ الرحيل إلى الله
ألم تعلماني يا والدي بان الله أفضل من الوالدين والناس وكل الدنيا.. وهل رحيلي إلى الله يجعلك تبكي يا أبي ويجعل
أمي يغمى عليها..فوقع كلامها البريء الشفاف مثل صاعقة أخرى فياسمين ترى في الموت رحلة شيقة فيها لقاء مع
الحبيب.. - عليك الآن أن تبدأ العلاج.. فقالت: إذا كان لابد لي من الموت فلماذا العلاج والدواء والمصاريف.. - نعم يا
ياسمين.. نحن الأصحاء أيضا سنموت فهل يعني ذلك بان نمتنع عن الأكل والعلاج والسفر والنوم وبناء مستقبل.. فلو
فعلنا ذلك لتهدمت الحياة ولم يبق على وجه الأرض كائن حي.. الطبيب: تعلمين يا ياسمين بأن في جسد كل إنسان
أجهزة وآلات كثيرة هي كلها أمانات من الله أعطانا إياها لنعتني بها.. فأنت مثلا.. إذا أعطتك صديقتك لعبة..هل
ستقومين بت**يرها أم ستعتنين بها ؟ ياسمين - بل سأعتني بها وأحافظ عليها.. الطبيب : وكذلك هو الحال لجهازك
الهضمي والعصبي والقلب والمعدة والعينين والأذنين ، كلها أجهزة ينبغي عليك الاهتمام بها وصيانتها من التلف..
والأدوية والمواد الكيميائية التي سنقوم بإعطائك إياها إنما لها هدفان.. الأول تخفيف آلام المرض والثاني المحافظة
قدر المكان على أجهزتك الداخلية من التلف حتى عندما تلتقين بربك وخالفك تقولين له لقد حافظت على الأمانات التي
جعلتني مسئولة عنها.. هأنذه أعيدها لك إلا ما تلف من غير قصد مني.. ياسمين: إذا كان الأمر كذلك..فأنا مستعدة لأخذ
العلاج حتى لا أقف أمام الله كوقوفي أمام صديقتي إذا **رت لعبها وحاجياتها.. مضت الستة أشهر ثقيلة وحزينة
بالنسبة كأسرة ستفقد ابنتها المدللة والمحبوبة.. وع** ذلك كان بالنسبة لابنتي ياسمين فكان كل يوم يمر يزيد ها
إشراقا وجمالا وقربا من الله تعالى..قامت بحفظ سور من القرآن.. وسألناها لماذا تحفظين القرآن ؟ قالت: علمت بان
الله يحب القرآن.. فأردت أن أقول له يا رب حفظت بعض سور القرآن لأنك تحب من يحفظه.. وكانت كثيرة الصلاة
وقوفا.. وأحيانا كثيرة تصلي على سريرها.. فسألتها عن ذلك فقالت: سمعت إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
يقول: ( جعلت قرة عيني في الصلاة) فأحببت أن تكون لي الصلاة قرة عين.. وحان يوم رحيلها.. وأشرق بالأنوار
وجهها.. وامتلأت شفتاها بابتسامة واسعة.. وأخذت تقرأ سورة (يس) التي حفظتها وكانت تجد مشقة في قراءتها إلى
أن ختمت السورة ثم قرأت سورة الحمد وسورة (قل هو الله أحد) ثم آية الكرسي..ثم قالت: الحمد لله العظيم الذي
علمني القرآن وحفظني إياه وقوى جسمي للصلاة وساعدني وأنار حياتي بوالدين مؤمنين مسلمين صابرين ، حمدا
كثيرا أبدا.. واشكره بأنه لم يجعلني كافرة أو عاصية أو تاركة للصلاة.. ثم قالت: تنح يا والدي قليلا، فإن سقف الحجرة
قد انشق وأرى أناسا مبتسمين لابسين البياض وهم قادمون نحوي ويدعونني لمشاركتهم في التحليق معهم إلى الله
تعالى.. وما لبثت أن أغمضت عينيها وهي مبتسمة ورحلت إلى الله رب العالمين اللهم ارحم هذه الطفلة الصالحة
وارحمنا برحمتك وأحسن خاتمتنا....
اتمنى تعجبكم..
وتحياتي لكم




http://www.gmrup.com/up/gallery_files/sV398953.jpg (http://www.gmrup.com/up/)

Oxygene
2008-09-30, 02:16
http://akhawat.islamway.com/forum/uploads/post-20203-1165030662.gif

imane14
2008-09-30, 12:26
http://www.gmrup.com/up/gallery_files/r0l53791.gif (http://www.djelfa.info/vb/%5BURL=http://www.gmrup.com/up/%5D%5Bimg%5Dhttp://www.gmrup.com/up/gallery_files/r0l53791.gif%5B/img%5D%5B/URL%5D)

enahresof
2008-10-30, 23:06
أول قصة شاركت بها وفزت والحمد لله

لقد شاركت بهذه القصة في المهرجان الدولي للكتاب والكتاب الشباب في صيف 2008 وبالضبط في 29/08/2008
http://www.14october.com/files/issue...fc/8787kkk.jpg
و إليكم القصة ، أنا أنتظر في ردودكم والسلام عليكم .


" لا أريد أن أقول لكم أنه لم يكن لدينا كلاب ، كان
هناك الكثير، ولكنها كانت تتشابه جميعها ."
- جوستاف لكليزيو -



كلما تنفَس الصبح أهرع حافي القدمين إلى سوق المدينة الملعون مكرها غير مختار،
ينادي الباعة بلهجة جلفاوية على بضائعهم من الكمثرى والفراولة والكرز، خضار وفاكهة متراصة فوق الألواح والصناديق الخشبية.. "هاك الخوخ المسعدي .. هاك الحلو .. هاك الحلو ".. في الرواق المقابل سماكات متجاورة تفوح برائحة السردين والتونة والسلمون، يطغى صراخ أحدهم " ليك الخوخ .. ليك الخووووخ".. تتداخل الصيحات وتنفرج في نغم بلدي مستمر ، يجوب المتسوقون أروقة سوق المدينة المغطاة ويكتظ بهم ميدان الخضر والفواكه ، نساء ملتحفات يتفحصن ما يعرضه الباعة بعين واحدة تطل من فتحة الملاحف ، محجبات يقفن أمام طاولات "الدوارة" ورؤوس الماعز والضأن يسمن الجزارين في أثمان الكبد ورقاب الدجاج، رجل طويل بكرش منتفخ يشتري بطيخة حمراء ،أركض إليه بأقصى سرعة عارضا أكياس النيلون الزرقاء سرعان ما يصل إليه قبلي شاب يزأر " ساشي يا المعلماااا ؟ " ، يتناول الرجل البدين الكيس دون أن يرى وجه الفتى وينهمك في تذوق حبة البطيخ بعد أن شق البائع في وسطها مربعا صغيرا بمدية كبيرة وألقمه جزئها المنفصل ،أنعطف إلى ميدان الخبز فتلسعني رائحة "المطلوع" من قفف الصبيات وهن ينادين على خبزهن "هاك السخووون.. هاك السخووون" أرى امرأة كوبية تقلب في كومة "كمَأة" فأنطلق نحوها كالسهم ، يزاحمني فتية آخرون بزمجرة وتدافع ، لم تعبأ المرأة بعدد الأيدي التي امتدت نحوها بأكياس النيلون وانخرطت في عملية تفاوض شاقة مع البائع ولكنها انتبهت إلي ألوح بكيس فارغ قائلا **"a su servicio senora" ، تبتسم المرأة الأجنبية في وجهي وتتحول إلي ممتنة ، وقد شجعها صغر سني على الاطمئنان إلي، كنت أشعر بكهرباء الحسد تسري إلي من عيون باعة الأكياس المتجولين ، أنظار التجار تركزت على يد المرأة الكوبية تعبث بشعري ، ثم طلبت مني بإسبانية جميلة أن أترجم أقوالها للبائع عن وزن الكومة المعروضة والسعر وحساب الفكة المتبقية ، كانت تنعم بغنيمة التوفيق والسعادة كمن عثر على دليل في طريق متشعب المسالك، وكنت أفيض بالخيلاء والتباهي معها وأقوم على ابتياع حاجاتها ، تحلب ريقي لمنظر كبد الخروف يترجرج من وقع خطواتها داخل كيس اللحوم في يدها .. أتناوله عنها ، دلفنا إلى محل الحليب ومشتقاته ، زبادي ، لبن رائب، حليب بقر، أجبان معلبة ، زبدة ، سمن نباتي.. تناولت الكيس الثقيل مع كيس اللحوم و سرنا إلى الجهة الجنوبية من السوق حتى تشنجت ربلة ساقي كعادتها من التعب .. الشاب الذي سبقني إلى رجل البطيخ يعترض سبيلنا بكيس فارغ لكنها لم تعبأ بإلحاحه ، توعدني بنظرة ، تمتمت بشتمه ، يرمني مجهول بنواة تمرة في رأسي .. أسمع كلمات بذيئة عن أرداف المرأة وشعرها ، كانت مدركة للسوء الذي يشحذها الباعة به في نظراتهم وهمهماتهم الفاحشة وتغطي على ذلك بابتسام اللامبالاة والتجاهل أو بمحادثتي بصوت خفيض يصطنع الإشفاق و الأمان ، طريق طويل يفضي إلى محطة الحافلات ، ننتهجه مرورا بطاولات اللباس الصيني .. بذلات صيفية بكمين قصيرين لكل الأعمار .. جوارب علامة " بيل" ..قبعات صيفية لمختلف الماركات الرياضية العالمية، أقمصة ضيقة تحمل صور "شيقفارة " و" رونالدينو" ..سراويل " بارا" تتدلى من حبال موصولة بين أشجار الخروب.. طاولات زجاجية لعرض الأقمصة السلفية بعلامات متنوعة مثل "إكاف"،"الحرمين"، قوارير متفاوتة الأحجام لعطور "سلمى" الفواكه" عطر الجنة" ، حزم متراصة لأعواد السواك فوق عبوات المفتقة وخلطات تقوية علامة "غذاء العروسين " و "عقدة الفرس" .. كتب مبسوطة فوق رداء أبيض .. المجموعة الصحيحة للألباني.. تفسير الجلالين .. تحفة العروس .. متن الآجرومية.. أصوات صفير تطارد المرأة من خلف عربات الفول السوداني والسجائر ، وسوسات من باعة الأقراص المضغوطة ، تتوقف لحظة أمام طاولة لبيع النظارات الشمسية المقلدة ، يزداد ساقي انقباضا فأبتسم عزاء ، وصلنا إلى محطة الحافلات أخيرا ، كانت أعراض السرور تغلف وجه الكوبية وهي تقدم لي ورقة مالية من فئة المائتي دينار ،أشكرها باقتضاب وأنقلب على عقبي لكن المرأة نادتني فانقرصت لصوتها خشية أن تكون قد ندمت على كرمها الزائد ، تطبع قبلة على خدي فأميز رائحة " بالموليف " من الروائح التي اختلطت على جسدها من واقي الشمس ومراهم أخرى ، تسلمني علبة تونة كبيرة فأومأ لها إيماءة الشكر بملامح وجهي وأعجل بالعودة إلى السوق .. هاهو الشاب الذي توعدني مرة أخرى، أحاول أن أتجاهله باحثا عن مديتي ذات الثلاثة نجوم وألوح بها من بعيد محذرا ، أتحسس جيبي وربطة الأكياس المغلقة تحت قميصي ،أندس وسط الزحام صائحا كعادتي " صاشي كبير .. صاشي صغير ..صاااااااااشي ..صاااااااااشي " يتعقبني الشاب مع اثنين آخرين فأفتح نصل السكين من قبضته وأستعد للمواجهة ، ينادي علي بائع الكمأة فأهرول نحوه بكيس ، يشتريه ويستوقفني بكلمات شكر على مساعدتي إياه مع المرأة الكوبية ولكنه يلاحظ اضطرابي وتوتري ، يمسك بالمدية في يدي فأحررها منه بخفة وأنظر نحو الشاب المتربص .. ما إن رآني مع بائع الكمأة حتى طأطأ رأسه ورضي من الخصومة بالاستسلام المبكر، هدأ البائع من روعي و آمن خيفتي . . صاح تاجر على كيس فركضت نحوه ومضيت إلى غيره ، مطاعم الأكل الخفيف من النقانق والبيض المسلوق والبطاطا المقلية تصطف في رواق واحد ، قشور بطاطا وفضلات مرق تسد فتحة المجاري ، في الجهة المقابلة عربات الحمالين مركونة بتقارب .. طاولات لبيع الساعات وإصلاحها ، ساقي تؤلمني ، ركن بيع القشاشيب والبرانس يعج بالحركة ، عجائز يعرضن قوارير السمن الطبيعي والقطران وقلادات " السخاب" .. أنادي ملء صوتي "صااااشي .. صااااشي" .. أهرول .. أبيع .. أجوس .. أتوقف .. أنقل بضاعة أحدهم .. يزداد ساقي انقباضا فأمضي لأستريح قرب جدار القمامة الخلفي .. أقرأ ماكتب عليه "VOTE F.L.N" بالدهان الأحمر .. رسم فاحش ، صور باهتة لأفيشات الحملة الانتخابية.. أضغط على ساقي وأمسح حبات عرق تفصدت بها جبيني وأمشي حذو الجدار، براز متصلب في كل عشرة أمتار، أحتاط أن أدوس على نفاية لينة وأجلس منهكا متوجسا ، أفتح علبة التونة وأتناول قطعة كبيرة .. تتمسح قطة صغيرة بقدماي فأمنحها القطعة ، تركض بها بعيدا، يموء قطان أسودان فأرميهما بحجر ، بدأت القطة تعدو بأقصى سرعتها ولكن القطط السوداء جرت خلفها بشره وافتراس ، تملصت من اعتراض هر كبير ثالث ، منتفخة منكوشة الشعر واصلت عدوها ، أرمي بحجر آخر من بعيد فتنتفض القطط عنها ، القطعة مازالت بين أسنانها .. أتلذذ بأكل التونة ، نعست ، نمت ، وفي اللحظة التي انسحب فيها النوم عن جسدي وعيوني ارتعدت فرائسي من فكرة عودة الشاب الشرير فقبضت على مديتي .. تحسست نقودي وورقة المائتا دينار في جيبي وابتسمت .. رميت علبة التونة الفارغة فاجتمعت قطط حولها وتهارشت في لعقها ، مشيت قرب حائط القمامة ، رائحة بول قوية تنبعث كلما تحرك تيار خفيف للريح ، كتابات دهنية متداخلة غير مفهومة .. "نعم للعهدة الثا........." والبقية ممحية ، صورة قديمة للفريق الوطني ملصوقة بالغراء .. عبارات كثيرة متجاورة .. تحيا الجزائر .. بوسعادة F الكبدة .. رسم لقلب كبير يشقه سهم يقطر بالدم .. آلمتني ساقي فضغطت عليها .. مشيت قليلا بين برك الماء الآسن و كتل من طماطم متعفنة مبعثرة.. ضغطت على ساقي .. تجشأت ، ينبعث طعم الملوحة في لساني ، أهوي إلى الأرض من شدة الألم في ساقي ، ضغطت عليه حتى تصلب .. تحجر.. احمر .. تورم .. هجس هاجس الخوف في نفسي .. أشعر بالشاب الذي توعدني قادم نحوي .. رائحة البول الكريهة والعفن تملأ خياشيمي ، أرفع رأسي فيقع نظري في الجدار على كتابة كبيرة
" لالجيري مون آمور".. رسم لزورق متآكل كتب على جانبه "حراقة" باللون الأسود ، أقف على قدم واحدة .. تطالعني كتابة أخرى لم أتبين حروفها ثم أسير بين الأوساخ بصعوبة حتى ألتصق بالجدار ، أخرجت مديتي وجرحت جرحا في ربلة ساقي المتشنجة .. غمست أصابعي في الدم المنبجس وبدأت أكتب بخط كبير على الجدار " أعيدوا إلينا الوطن " ، كان الألم يقطعني وبدأت أدوخ من فرطه ، القطة الصغيرة تتوثب بحذر إلى الخلف وسط قطط القمامة المتكالبة عليها ببطء ودم بارد .. عطر الكوبية يمتزج برائحة التراب والدم ينساب بألم لذيذ .. يتراءى لي الشاب الشرير يركض نحوي وأنا قعيد لا أقوى على الدفاع والعراك .. شابان من خلفه ، ثلاثة ، أربعة ، رحت أبكي وأصيح على الأرض" صاااااااااااااااااشي .. صاااااااااااااااااشي" ..أنَت القطة أنينا صاخبا .. وقبل أن يغمى علي من الضرب رأيت رسم الزورق يتحرك في الجدار بعيدا.. بعيدا.. واختفى مثل عطر المرأة تحت نور الشمس.


* أكياس لحمل البضائع
** عبارة بالاسبانية تعني : في خدمتك سيدتي .
بقلم سرحان سفيان .