bahi lakhdar
2011-06-22, 15:00
ثورة . نت
يبدو أن أسهم المصطلحات في هذه الأيام قد ارتفع إلى حده الأقصى خاصة إذا تعلق الأمر بمفردات بعينها ، مثلها مثل السلع الاستهلاكية خلال الثورات الشعبية التي مرت بها المنطقة العربية خلال القرن الماضي، فقد كانت الديمقراطية والجمهورية والحزب وغيرها ما يردده كثير من المحللين السياسيين وعلماء الاجتماع ورجال الإعلام داخل أروقة الفنادق والمكاتب والاستوديوهات والنوادي وهكذا ...
إلا أن دائرة التغيير حولت بوصلتها إلى الواقع الاجتماعي الملموس الذي يتعدى حدود الزمان والمكان دون ماكياج واكسسوارت وانتقل سوق المصطلحات إلى ساحة الشعب الذي يتناول بيده واقع التغيير العسير وطرح العديد من المفردات التي تجعل الكثير من الناس يعرضون بضاعتهم الجديدة والمتمثلة في مفردات يمكن تكريرها على الألسن و تلهج بها حناجر الأفراد مجتمعة ، ومن يتفوه بها أولا يكون له السبق في إعلان ثمنها فيما بعد حتى يتمكن من جمع فائدتها المعنوية ويقسمها إلى الجميع دون الأخذ بعين الاعتبار لقيمتها النقدية .
فهاهي كلمات الشعب يريد إسقاط النظام ( العربي) أكثر الشعارات تداولا وكلمة (إرحل) أغلى كلمة تباع مجانا ويمكن كتابتها على الأوراق واللافتات والأجساد وغيرها من المواضع المتنوعة .. وتلك المفردات توجه إلى هدف واحد ورمز واحد وشخص واحد يعرف حينا بالرئيس أو القائد وحينا آخر بالأمير أو الملك أو الزعيم ، المهم رأس النظام .
فالواجب التغيير ولا يهم إلى أين تصل الأمور .. فمن يكون له المبادرة بالخطوة الأولى وسيكمله الآخرون و سينتهي المطاف عاجلا أم آجلا ..
محمد البوعزيزي كان الكبريت الذي أشعل نار الثورة فامتد لهيبها إلى الشعوب العربية دون استثناء وأذهلت الامبراطورية الاستعمارية ... بتغيير الحكومة الفرنسية .. واضطراب الإدارة الأمريكية .. وتردد العرش الإنجليزي .. وهوس الدولة العبرية... وتناثرت المفردات فتناسى الجميع القضية الفلسطينة في خضم هذه الثورات الظرفية ....
لذا كان الأسلم للنظام العربي المتعري أصلا أن يستنجد ببقاياه المتعفنة فتارة يكلف شخص عمره سبعين سنة وآخر خمس وثمانون وربما يلجأ إلى المقابر لإخراج الموتى لنجدتهم ولكن هيهات ...
فالشباب ينتمي إلى العالم الافتراض أي عالم المثل والقيم الجديدة ، ولا يؤمن بالقبلية ولا الطائفية ولا العنصرية ولا الحدود الجغرافية فهو يعتمد على ثورة النت. التي انصهرت في بوتقتها كل الألوان والأعراق والطوائف والأحزاب والمذاهب ، فلا فتوى تحكمها ، ولا حزب يحركها ، ولا نظرية أيديولوجية تقودها ، فيكفي للفرد لمسة زر على صفحة التواصل الاجتماعي وأرقام المشاركين تتناغم في لوحة فسيفسائية لا مثيل لها مشكلة بذلك لوحة بشرية فريدة من نوعها حيرت الساسة والخبراء والمحللين وربما الكثير ما زال لا يصدق ما يرى بأم عينيه.
فثورة النت . قضت على أوهام وأحلام الملوك ، و أسقطت عروش الطغيان والفساد ، وفضحت طبيعة التوريث والتفريخ .
فهل تثبت هذه الثورة واقعيتها ؟ أم أنها ثورة الفراغ المثقوب الذي أشرت إليه سابقا ؟ وهل يصلح العطار ما أفسده الدهر ؟ ربما أكون مخطئا وأتمنى ذلك ... لعل الأمر يتعلق بحقيقة ملموسة هذه المرة ويترنح الفساد والعناد وتتغير أحوال البلاد والعباد .
باهي لخضر التبسي / الجزائر
خبير علم الاجتماع .
يبدو أن أسهم المصطلحات في هذه الأيام قد ارتفع إلى حده الأقصى خاصة إذا تعلق الأمر بمفردات بعينها ، مثلها مثل السلع الاستهلاكية خلال الثورات الشعبية التي مرت بها المنطقة العربية خلال القرن الماضي، فقد كانت الديمقراطية والجمهورية والحزب وغيرها ما يردده كثير من المحللين السياسيين وعلماء الاجتماع ورجال الإعلام داخل أروقة الفنادق والمكاتب والاستوديوهات والنوادي وهكذا ...
إلا أن دائرة التغيير حولت بوصلتها إلى الواقع الاجتماعي الملموس الذي يتعدى حدود الزمان والمكان دون ماكياج واكسسوارت وانتقل سوق المصطلحات إلى ساحة الشعب الذي يتناول بيده واقع التغيير العسير وطرح العديد من المفردات التي تجعل الكثير من الناس يعرضون بضاعتهم الجديدة والمتمثلة في مفردات يمكن تكريرها على الألسن و تلهج بها حناجر الأفراد مجتمعة ، ومن يتفوه بها أولا يكون له السبق في إعلان ثمنها فيما بعد حتى يتمكن من جمع فائدتها المعنوية ويقسمها إلى الجميع دون الأخذ بعين الاعتبار لقيمتها النقدية .
فهاهي كلمات الشعب يريد إسقاط النظام ( العربي) أكثر الشعارات تداولا وكلمة (إرحل) أغلى كلمة تباع مجانا ويمكن كتابتها على الأوراق واللافتات والأجساد وغيرها من المواضع المتنوعة .. وتلك المفردات توجه إلى هدف واحد ورمز واحد وشخص واحد يعرف حينا بالرئيس أو القائد وحينا آخر بالأمير أو الملك أو الزعيم ، المهم رأس النظام .
فالواجب التغيير ولا يهم إلى أين تصل الأمور .. فمن يكون له المبادرة بالخطوة الأولى وسيكمله الآخرون و سينتهي المطاف عاجلا أم آجلا ..
محمد البوعزيزي كان الكبريت الذي أشعل نار الثورة فامتد لهيبها إلى الشعوب العربية دون استثناء وأذهلت الامبراطورية الاستعمارية ... بتغيير الحكومة الفرنسية .. واضطراب الإدارة الأمريكية .. وتردد العرش الإنجليزي .. وهوس الدولة العبرية... وتناثرت المفردات فتناسى الجميع القضية الفلسطينة في خضم هذه الثورات الظرفية ....
لذا كان الأسلم للنظام العربي المتعري أصلا أن يستنجد ببقاياه المتعفنة فتارة يكلف شخص عمره سبعين سنة وآخر خمس وثمانون وربما يلجأ إلى المقابر لإخراج الموتى لنجدتهم ولكن هيهات ...
فالشباب ينتمي إلى العالم الافتراض أي عالم المثل والقيم الجديدة ، ولا يؤمن بالقبلية ولا الطائفية ولا العنصرية ولا الحدود الجغرافية فهو يعتمد على ثورة النت. التي انصهرت في بوتقتها كل الألوان والأعراق والطوائف والأحزاب والمذاهب ، فلا فتوى تحكمها ، ولا حزب يحركها ، ولا نظرية أيديولوجية تقودها ، فيكفي للفرد لمسة زر على صفحة التواصل الاجتماعي وأرقام المشاركين تتناغم في لوحة فسيفسائية لا مثيل لها مشكلة بذلك لوحة بشرية فريدة من نوعها حيرت الساسة والخبراء والمحللين وربما الكثير ما زال لا يصدق ما يرى بأم عينيه.
فثورة النت . قضت على أوهام وأحلام الملوك ، و أسقطت عروش الطغيان والفساد ، وفضحت طبيعة التوريث والتفريخ .
فهل تثبت هذه الثورة واقعيتها ؟ أم أنها ثورة الفراغ المثقوب الذي أشرت إليه سابقا ؟ وهل يصلح العطار ما أفسده الدهر ؟ ربما أكون مخطئا وأتمنى ذلك ... لعل الأمر يتعلق بحقيقة ملموسة هذه المرة ويترنح الفساد والعناد وتتغير أحوال البلاد والعباد .
باهي لخضر التبسي / الجزائر
خبير علم الاجتماع .