أبو مسلم
2008-09-22, 17:59
نبذة عن حياة ومناقب شيخ الإسلام ابن تيمية
مختصر من كلام الحافظ المحدث عمر البزار
نقله باختصار يسير : http://www.djelfa.info/vb/images/icons/b9.gif
موسى بن سليمان السويداء
في ذكر قوة قلبه وشجاعته :
كان - رحمه الله - من أشجع الناس وأقواهم قلباً ما رأيت أحداً أثبت جأشاً منه ولا أعظم عناء في جهاد العدو منه كان يجاهد في سبيل الله بقلبه ولسانه ويده ولا يخاف في الله لومة لائم .
وأخبر غير واحد أن الشيخ - رضي الله عنه - كان إذا حضر مع عسكر المسلمين في جهاد يكون بينهم واقيتهم وقطب ثباتهم إن رأى من بعضهم هلعاً أو رقة أو جبانة شجعه وثبته وبشره ووعده بالنصر والظفر والغنيمة وبين له فضل الجهاد والمجاهدين وإنزال الله عليهم السكينة .
وكان إذا ركب الخيل يتحنك ويجول في العدو كأعظم الشجعان ويقوم كأثبت الفرسان ويكبر تكبيراً أنكى في العدو من كثير من الفتك بهم ويخوض فيهم خوض رجل لا يخاف الموت .
وحدثوا أنهم رأوا منه في فتح عكة أموراً من الشجاعة يعجز الواصف عن وصفها قالوا : " ولقد كان السبب في تملك المسلمين إياها بفعله ومشورته وحسن نظره " .
ولما ظهر السلطان غازان على دمشق المحروسة جاءه ملك الكرج وبذل له أموالاً كثيرة جزيلة على أن يمكنه من الفتك بالمسلمين من أهل دمشق ووصل الخبر إلى الشيخ فقام من فوره وشجع المسلمين ورغبهم في الشهادة ووعدهم على قيامهم بالنصر والظفر والأمن وزوال الخوف فانتدب منهم رجال من وجوههم وكبرائهم وذوي الأحلام منهم فخرجوا معه إلى حضرة السلطان غازان فلما رآهم السلطان قال : " من هؤلاء ؟ " فقيل هم رؤساء دمشق فأذن لهم فحضروا بين يديه فتقدم الشيخ - رضي الله عنه – أولاً فلما أن رآه أوقع الله له في قلبه هيبة عظيمة حتى أدناه وأجلسه، وأخذ الشيخ في الكلام معه أولاً في عكس رأيه عن تسليط المخزول ملك الكرج على المسلمين وضمن له أموالاً واخبره بحرمه دماء المسلمين وذكره ووعظه فأجابه إلى ذلك طائعا وحقنت بسببه دماء المسلمين وحميت ذراريهم وصين حريمهم .
وحدثني من أثق به عن الشيخ وجيه الدين ابن المنجا قدس الله روحه قال : " كنت حاضرا مع الشيخ حينئذ فجعل - يعني الشيخ - يحدث السلطان بقول الله ورسوله في العدل وغيره ويرفع صوته على السلطان في أثناء حديثه حتى جثا على ركبتيه وجعل يقرب منه في أثناء حديثه حتى لقد قرب أن تلاصق ركبته ركبة السلطان والسلطان مع ذلك مقبل عليه بكليته مصغ لما يقول شاخص إليه لا يعرض عنه وأن السلطان من شدة ما أوقع الله ما في قلبه من المحبة والهيبة سأل من يخصه من أهل حضرته من هذا الشيخ وقال ما معناه إني لم أر مثله ولا أثبت قلبا منه ولا أوقع من حديثه في قلبي ولا رأيتني أعظم انقياداً مني لأحد منه فأخبر بحاله وما هو عليه من العلم والعمل، فقال الشيخ : للترجمان قل لغازان أنت تزعم انك مسلم ومعك قاضي وإمام وشيخ ومؤذنون على ما بلغنا فغزوتنا وأبوك وجدك كانا كافرين وما عملا الذي عملت عاهدا فوفيا وأنت عاهدت فغدرت وقلت فما وفيت وجرت . وسأله إن أحببت أن أعمر لك بلد آبائك حران وتنتقل إليه ويكون برسمك فقال : لا والله لا أرغب عن مهاجر إبراهيم استبدل به غيره . فخرج من بين يديه مكرماً معززاً قد صنع له الله بما طوى عليه نيته الصالحة من بذله نفسه في طلب حقن دماء المسلمين فبلغه ما أراده، وكان ذلك أيضاً سببا لتخليص غالب أسارى المسلمين من أيديهم وردهم على أهلهم وحفظ حريمهم " .
وهذا من أعظم الشجاعة والثبات وقوة الجأش .
وكان يقول لن يخاف الرجل غير الله إلا لمرض في قلبه فان رجلا ًشكى إلى أحمد بن حنبل خوفه من بعض الولاة فقال لو صححت لم تخف أحداً أي خوفك من أجل زوال الصحة من قلبك .
وأخبرني من لا أتهمه أن الشيخ - رضي الله عنه - حين وشي به إلى السلطان المعظم الملك الناصر محمد أحضره بين يديه قال فكان من جملة كلامه : " إنني أخبرت انك قد أطاعك الناس وأن في نفسك اخذ المُلك ؟ " فلم يكترث به بل قال له بنفس مطمئنة وقلب ثابت وصوت عال سمعه كثير ممن حضر : " أنا أفعل ذلك ؟ والله إن ملكك وملك المغل لا يساوي عندي فلسين " فتبسم السلطان لذلك وأجابه في مقابلته بما أوقع الله له في قلبه من الهيبة العظيمة إنك والله لصادق وإن الذي وشيء بك إلي كاذب واستقر له في قلبه من المحبة الدينية ما لولاه لكان قد فتك به منذ دهر طويل من كثرة ما يلقى إليه في حقه من الأقاويل الزور والبهتان .
ولم يزل المبتدعون أهل الأهواء وآكلو الدنيا بالدين متعاضدين متناصرين في عدوانه باذلين وسعهم بالسعي في الفتك به متخرصين عليه بالكذب الصراح مختلقين عليه وناسبين إليه ما لم يقله ولم ينقله ولم يوجد له به خط ولا وجد له في تصنيف ولا فتوى ولا سمع منه في مجلس . أتراهم ما علموا أن الله سائلهم عن ذلك ومحاسبهم عليه ؟ أو ما سمعوا قول الله تعالى : (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ؟
بلى والله ولكن غلب عليهم ما هم فيه من إيثار الدنيا على الآخرة والعمل للعاجلة دون الآجلة فلهذا حسدوه وابغضوه حتى أنه لم يحضر معه منهم أحد في عقد مجلس إلا وصنع الله له ونصره عليهم بما يظهره على لسانه من دحض حججهم الواهية وكشف مكيدتهم الداهية للخاصة والعامة .
في ذكر قوته في مرضاة الله وصبره على الشدائد واحتماله إياها وثبوته
على الحق إلى أن توفاه الله تعالى على ذلك صابراً محتسباً راضياً شاكراً :
كان - رحمه الله- من أعظم أهل عصره قوة ومقاماً وثبوتاً على الحق وتقريراً لتحقيق توحيد الحق لا يصده عن ذلك لوم لائم ولا قول قائل ولا يرجع عنه لحجة محتج بل كان إذا وضح له الحق يعض عليه بالنواجذ ولا يلتفت إلى مباين معاند فاتفق غالب الناس على معاداته وجعل من عاداه قد تستروا باسم العلماء وهم أبلغ الناس في الإقبال على الدنيا والإعراض عن الآخرة .
وسبب عدواتهم له أن مقصودهم الأكبر طلب الجاه والرئاسة وإقبال الخلق ورأوه قد رقاه الله إلى ذروة السنام من ذلك بما أوقع له في قلوب الخاصة والعامة من المواهب التي منحه بها وهم عنها بمعزل فنصبوا عداوته وامتلأت قلوبهم بمحاسدته وأرادوا ستر ذلك عن الناس حتى لا يفطن بهم فعمدوا إلى اختلاق الباطل والبهتان عليه والوقوع فيه خصوصاً عند الأمراء والحكام وإظهارهم الإنكار عليه ما يفتي به من الحلال والحرام فشققوا قلوب الطغام بما إجترحوه من زور الكلام ونسوا أن لكل قول مقاما أي مقام بين يدي أحكم الحكام يسأله هل قلته بحق أو بذام فيجازي المحق دار السلام والمبطل دار الانتقام . فبعضهم صبا إلى أقوالهم تقليداً وصار في حق هذا الإمام جباراً عنيداً أحس بذلك من العامة قوم قد أصبحوا للحكام عبيدا وتصوروا أن أخذهم بزمام حصول المال يكون شديدا فأصبحوا وهم لهم مصدقين وفي طاعتهم مستبقين .
فاجتمع من هذا التركيب العتديد بحيث عاداه أكثر السادات والعبيد كل بحسب غرضه الفاسد وهو مع ذلك كلما رأى تحاشدهم في مباينته وتعاضدهم في مناقضته لا يزداد إلا للحق انتصارا ولكثرة حججه وبراهينه إلا إظهارا.
ولقد سجن أزمانا وأعصارا وسنين وشهورا ولم يولهم دبره فرارا ولقد قصد أعداؤه الفتك به مرارا وأوسعوا حيلهم عليه إعلانا وإسرارا فجعل الله حفظه منهم له شعارا ودثارا ولقد ظنوا أن في حبسه مشينة فجعله الله له فضيلة وزينة وظهر له يوم موته ما لو رآه واده أقر به عينيه فإن الله تعالى لعلمه بقرب اجله ألبسه الفراغ عن الخلق للقدوم على الحق أجمل حلله كونه حبس على غير جريرة ولا جريمة بل على قوة في الحق وعزيمة .
هذا مع ما نشر الله له من علومه في الآفاق وبهر بفنونه البصائر والأحداق وملأ بمحاسن مؤلفاته الصحف والأوراق كبتاً ورغماً للأعداء أهل البدع المضلة والأهواء وصنعاً عظيمة من رب السماء لعوائده لخاصة الأولياء أهل المحبة والولاء .
__________________
مختصر من كلام الحافظ المحدث عمر البزار
نقله باختصار يسير : http://www.djelfa.info/vb/images/icons/b9.gif
موسى بن سليمان السويداء
في ذكر قوة قلبه وشجاعته :
كان - رحمه الله - من أشجع الناس وأقواهم قلباً ما رأيت أحداً أثبت جأشاً منه ولا أعظم عناء في جهاد العدو منه كان يجاهد في سبيل الله بقلبه ولسانه ويده ولا يخاف في الله لومة لائم .
وأخبر غير واحد أن الشيخ - رضي الله عنه - كان إذا حضر مع عسكر المسلمين في جهاد يكون بينهم واقيتهم وقطب ثباتهم إن رأى من بعضهم هلعاً أو رقة أو جبانة شجعه وثبته وبشره ووعده بالنصر والظفر والغنيمة وبين له فضل الجهاد والمجاهدين وإنزال الله عليهم السكينة .
وكان إذا ركب الخيل يتحنك ويجول في العدو كأعظم الشجعان ويقوم كأثبت الفرسان ويكبر تكبيراً أنكى في العدو من كثير من الفتك بهم ويخوض فيهم خوض رجل لا يخاف الموت .
وحدثوا أنهم رأوا منه في فتح عكة أموراً من الشجاعة يعجز الواصف عن وصفها قالوا : " ولقد كان السبب في تملك المسلمين إياها بفعله ومشورته وحسن نظره " .
ولما ظهر السلطان غازان على دمشق المحروسة جاءه ملك الكرج وبذل له أموالاً كثيرة جزيلة على أن يمكنه من الفتك بالمسلمين من أهل دمشق ووصل الخبر إلى الشيخ فقام من فوره وشجع المسلمين ورغبهم في الشهادة ووعدهم على قيامهم بالنصر والظفر والأمن وزوال الخوف فانتدب منهم رجال من وجوههم وكبرائهم وذوي الأحلام منهم فخرجوا معه إلى حضرة السلطان غازان فلما رآهم السلطان قال : " من هؤلاء ؟ " فقيل هم رؤساء دمشق فأذن لهم فحضروا بين يديه فتقدم الشيخ - رضي الله عنه – أولاً فلما أن رآه أوقع الله له في قلبه هيبة عظيمة حتى أدناه وأجلسه، وأخذ الشيخ في الكلام معه أولاً في عكس رأيه عن تسليط المخزول ملك الكرج على المسلمين وضمن له أموالاً واخبره بحرمه دماء المسلمين وذكره ووعظه فأجابه إلى ذلك طائعا وحقنت بسببه دماء المسلمين وحميت ذراريهم وصين حريمهم .
وحدثني من أثق به عن الشيخ وجيه الدين ابن المنجا قدس الله روحه قال : " كنت حاضرا مع الشيخ حينئذ فجعل - يعني الشيخ - يحدث السلطان بقول الله ورسوله في العدل وغيره ويرفع صوته على السلطان في أثناء حديثه حتى جثا على ركبتيه وجعل يقرب منه في أثناء حديثه حتى لقد قرب أن تلاصق ركبته ركبة السلطان والسلطان مع ذلك مقبل عليه بكليته مصغ لما يقول شاخص إليه لا يعرض عنه وأن السلطان من شدة ما أوقع الله ما في قلبه من المحبة والهيبة سأل من يخصه من أهل حضرته من هذا الشيخ وقال ما معناه إني لم أر مثله ولا أثبت قلبا منه ولا أوقع من حديثه في قلبي ولا رأيتني أعظم انقياداً مني لأحد منه فأخبر بحاله وما هو عليه من العلم والعمل، فقال الشيخ : للترجمان قل لغازان أنت تزعم انك مسلم ومعك قاضي وإمام وشيخ ومؤذنون على ما بلغنا فغزوتنا وأبوك وجدك كانا كافرين وما عملا الذي عملت عاهدا فوفيا وأنت عاهدت فغدرت وقلت فما وفيت وجرت . وسأله إن أحببت أن أعمر لك بلد آبائك حران وتنتقل إليه ويكون برسمك فقال : لا والله لا أرغب عن مهاجر إبراهيم استبدل به غيره . فخرج من بين يديه مكرماً معززاً قد صنع له الله بما طوى عليه نيته الصالحة من بذله نفسه في طلب حقن دماء المسلمين فبلغه ما أراده، وكان ذلك أيضاً سببا لتخليص غالب أسارى المسلمين من أيديهم وردهم على أهلهم وحفظ حريمهم " .
وهذا من أعظم الشجاعة والثبات وقوة الجأش .
وكان يقول لن يخاف الرجل غير الله إلا لمرض في قلبه فان رجلا ًشكى إلى أحمد بن حنبل خوفه من بعض الولاة فقال لو صححت لم تخف أحداً أي خوفك من أجل زوال الصحة من قلبك .
وأخبرني من لا أتهمه أن الشيخ - رضي الله عنه - حين وشي به إلى السلطان المعظم الملك الناصر محمد أحضره بين يديه قال فكان من جملة كلامه : " إنني أخبرت انك قد أطاعك الناس وأن في نفسك اخذ المُلك ؟ " فلم يكترث به بل قال له بنفس مطمئنة وقلب ثابت وصوت عال سمعه كثير ممن حضر : " أنا أفعل ذلك ؟ والله إن ملكك وملك المغل لا يساوي عندي فلسين " فتبسم السلطان لذلك وأجابه في مقابلته بما أوقع الله له في قلبه من الهيبة العظيمة إنك والله لصادق وإن الذي وشيء بك إلي كاذب واستقر له في قلبه من المحبة الدينية ما لولاه لكان قد فتك به منذ دهر طويل من كثرة ما يلقى إليه في حقه من الأقاويل الزور والبهتان .
ولم يزل المبتدعون أهل الأهواء وآكلو الدنيا بالدين متعاضدين متناصرين في عدوانه باذلين وسعهم بالسعي في الفتك به متخرصين عليه بالكذب الصراح مختلقين عليه وناسبين إليه ما لم يقله ولم ينقله ولم يوجد له به خط ولا وجد له في تصنيف ولا فتوى ولا سمع منه في مجلس . أتراهم ما علموا أن الله سائلهم عن ذلك ومحاسبهم عليه ؟ أو ما سمعوا قول الله تعالى : (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ؟
بلى والله ولكن غلب عليهم ما هم فيه من إيثار الدنيا على الآخرة والعمل للعاجلة دون الآجلة فلهذا حسدوه وابغضوه حتى أنه لم يحضر معه منهم أحد في عقد مجلس إلا وصنع الله له ونصره عليهم بما يظهره على لسانه من دحض حججهم الواهية وكشف مكيدتهم الداهية للخاصة والعامة .
في ذكر قوته في مرضاة الله وصبره على الشدائد واحتماله إياها وثبوته
على الحق إلى أن توفاه الله تعالى على ذلك صابراً محتسباً راضياً شاكراً :
كان - رحمه الله- من أعظم أهل عصره قوة ومقاماً وثبوتاً على الحق وتقريراً لتحقيق توحيد الحق لا يصده عن ذلك لوم لائم ولا قول قائل ولا يرجع عنه لحجة محتج بل كان إذا وضح له الحق يعض عليه بالنواجذ ولا يلتفت إلى مباين معاند فاتفق غالب الناس على معاداته وجعل من عاداه قد تستروا باسم العلماء وهم أبلغ الناس في الإقبال على الدنيا والإعراض عن الآخرة .
وسبب عدواتهم له أن مقصودهم الأكبر طلب الجاه والرئاسة وإقبال الخلق ورأوه قد رقاه الله إلى ذروة السنام من ذلك بما أوقع له في قلوب الخاصة والعامة من المواهب التي منحه بها وهم عنها بمعزل فنصبوا عداوته وامتلأت قلوبهم بمحاسدته وأرادوا ستر ذلك عن الناس حتى لا يفطن بهم فعمدوا إلى اختلاق الباطل والبهتان عليه والوقوع فيه خصوصاً عند الأمراء والحكام وإظهارهم الإنكار عليه ما يفتي به من الحلال والحرام فشققوا قلوب الطغام بما إجترحوه من زور الكلام ونسوا أن لكل قول مقاما أي مقام بين يدي أحكم الحكام يسأله هل قلته بحق أو بذام فيجازي المحق دار السلام والمبطل دار الانتقام . فبعضهم صبا إلى أقوالهم تقليداً وصار في حق هذا الإمام جباراً عنيداً أحس بذلك من العامة قوم قد أصبحوا للحكام عبيدا وتصوروا أن أخذهم بزمام حصول المال يكون شديدا فأصبحوا وهم لهم مصدقين وفي طاعتهم مستبقين .
فاجتمع من هذا التركيب العتديد بحيث عاداه أكثر السادات والعبيد كل بحسب غرضه الفاسد وهو مع ذلك كلما رأى تحاشدهم في مباينته وتعاضدهم في مناقضته لا يزداد إلا للحق انتصارا ولكثرة حججه وبراهينه إلا إظهارا.
ولقد سجن أزمانا وأعصارا وسنين وشهورا ولم يولهم دبره فرارا ولقد قصد أعداؤه الفتك به مرارا وأوسعوا حيلهم عليه إعلانا وإسرارا فجعل الله حفظه منهم له شعارا ودثارا ولقد ظنوا أن في حبسه مشينة فجعله الله له فضيلة وزينة وظهر له يوم موته ما لو رآه واده أقر به عينيه فإن الله تعالى لعلمه بقرب اجله ألبسه الفراغ عن الخلق للقدوم على الحق أجمل حلله كونه حبس على غير جريرة ولا جريمة بل على قوة في الحق وعزيمة .
هذا مع ما نشر الله له من علومه في الآفاق وبهر بفنونه البصائر والأحداق وملأ بمحاسن مؤلفاته الصحف والأوراق كبتاً ورغماً للأعداء أهل البدع المضلة والأهواء وصنعاً عظيمة من رب السماء لعوائده لخاصة الأولياء أهل المحبة والولاء .
__________________